logo
#

أحدث الأخبار مع #مهرجان_الفيلم_العربي

مهرجان الفيلم العربي في برلين.. أعلام فلسطينية وهوية تقاوم بحكاياتها
مهرجان الفيلم العربي في برلين.. أعلام فلسطينية وهوية تقاوم بحكاياتها

الجزيرة

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الجزيرة

مهرجان الفيلم العربي في برلين.. أعلام فلسطينية وهوية تقاوم بحكاياتها

طبقا للإحصائيات الألمانية الرسمية، يعيش في برلين ما يزيد عن 182 ألف مواطن عربي أو من أصل عربية، يرتكز أغلبهم في أحياء نويكولن وكرويزبيرغ، وتحتضن المدينة جالية فلسطينية كبيرة تتجاوز 35 ألف نسمة، وجالية لبنانية كبيرة أيضا تتجاوز 25 ألف نسمة، تضاف إليهما جالية سورية كبيرة أيضا. مع كل هذا يشعر العرب المقيمون في برلين بتهديد من نوع خاص لهويتهم في المدينة، منذ اندلاع الحرب في غزة، فعلى جانب تشهد المدينة عنفا شرطيا متزايدا تجاه المظاهرات والحركات المساندة لفلسطين، وعلى جانب آخر تمر ألمانيا بتحول سياسي غير مسبوق، منذ عصر الحرب العالمية الثانية. وذلك بسبب انتخاب ملايين الألمان حزبا يمينيا متطرفا هو 'حزب البديل من أجل ألمانيا'، الذي حصد ثاني أعلى نسبة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الماضية، التي أُجريت في فبراير/ شباط 2025. لا يرتكز هاجس الهوية العربية على زيادة شعبية حزب البديل فقط، بل يرتكز أيضا على التحول المعادي للأجانب في الحزب الديمقراطي المسيحي الفائز بالانتخابات، الذي سيشغل رئيسه 'فريدريش ميرتس' منصب المستشار في السنين القادمة. فبينما يرى حزب البديل أن حل مشاكل ألمانيا هو في ترحيل ملايين من اللاجئين والأجانب وذوي الأصول المهاجرة، يرى 'ميرتس' أيضا أن ألمانيا يجب أن تتوقف عن استقبال 'الذكور العرب'، كما قال في أحد خطاباته بالبرلمان الألماني خلال العام الماضي. هذه المقدمة السياسية للغاية ضرورية للتعرف على سياق الدورة السادسة عشر من مهرجان الفيلم العربي في برلين، التي جرت فعالياتها ما بين 23-30 أبريل/ نيسان 2025، وعُرض فيها عدد من الأفلام العربية الروائية والوثائقية والقصيرة. فكيف تَحضر السينما العربية ممثلة للهوية العربية، في مدينة تمنع الشرطة مواطنيها من الحديث أو الهتاف بالعربية في أي تجمع معارض بشوارعها؟ وكيف يحضر الخيال وربما حتى الأمل في حاضر حزين للغاية؟ حضور فلسطيني يتحدى السياسة الألمانية بدأت فعاليات مهرجان الفيلم العربي هذا العام بعرض الفيلم الفلسطيني 'إلى عالم مجهول' للمخرج مهدي فليفل، وتدور أحداثه عن المهاجرين الفلسطينيين والعرب في العاصمة اليونانية أثينا. سبقت عرض الفيلم كلمةٌ افتتاحية لرئيسة المهرجان 'باسكال فخري'، والمدير الفني للمهرجان 'إسكندر عبد الله'، عبرت فيها عن شعورها بأن الهوية العربية غير مرحب بها في الوقت الحالي، وبرغم ذلك فإن 'المقاومة' هي اختيارنا، وهي الطريقة التي سنرد بها على كل ما نعيشه. أما إسكندر عبد الله فتحدث عن إشكالية إقامة مهرجان سينمائي وسط التشكك حول إلغاء الدعم، بسبب علاقة ألمانيا وإسرائيل الاستثنائية، التي يصفها الساسة الألمان بأنها 'أساس للدولة' (Staatsräson)، فقد ذكر المتحدثان أيضا أنهما ودّا أن يجدا سببا آخر لافتتاح المهرجان، لكنه يفتتح للعام الثاني على التوالي بفيلم فلسطيني، لأن 'الإبادة الجماعية' ما زالت مستمرة. يذكر بيان المهرجان الصحفي أيضا أن السرديات الفلسطينية تحتل مكانة في برنامج هذه الدورة، فبجانب فيلم الافتتاح 'إلى عالم مجهول'، عُرض عدة أفلام فلسطينية أخرى، منها: 'أعياد سعيدة' للمخرج الفلسطيني إسكندر قبطي. 'الفيلم عمل فدائي' للمخرج الفلسطيني كمال الجعفري. 'حكايات غزاوية' لمحمود نبيل أحمد، الذي يحيي ذكرى حياة غزاوية عادية اندثرت. هكذا يلقي برنامج هذه الدورة الضوء على نضال الفلسطينيين اليومي والتاريخي في مواجهة قمع لا يطاق. تميز فيلم الافتتاح 'إلى عالم مجهول' للمخرج مهدي فليفل بتقديم صورة غير معتادة عن الفلسطيني، فركز على حياة من هاجروا إلى أوروبا بحثا عن حياة أفضل، لكنهم وجدوا أنفسهم في ظروف سيئة. وهكذا يصبح أبطال الفيلم في مأزق يدفعهم إلى اقتراف أفعال غير أخلاقية، للبقاء أحياء. يتحدث الفيلم أساسا عن مأساة مكتملة، تدفع بشرا للتصرف بعدوانية. والسؤال، كيف تحول هؤلاء البشر لهذا الحال؟ أليس النظام العالمي هو الذي سمح بكل هذا؟ سينما مصرية مغايرة للصورة النمطية شهد المهرجان احتفاء بإنتاجات مصرية جديدة، تقدم صورة مغايرة عن السينما المصرية، التي هي كبرى الصناعات السينمائية في المنطقة العربية، لكنها ركزت في السنوات الماضية على السينما التجارية، والأفلام السياسية الدعائية. ففي هذا العام من مهرجان الفيلم، تظهر مصر ظهورا مغايرا بثلاثة أفلام، أولها 'البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو' للمخرج خالد منصور، وفيه نرى حكاية تحتمل تأويلات كثيرة عن علاقة صداقة بين شاب مصري يعمل فرد أمن في جمعية خاصة، وبين كلبه رامبو. يحمل المستوى الأول من الحكاية خطا سرديا واضحا، يدافع فيه رامبو عن صاحبه حين يهاجمه رجل عنيف يريد أن يطرده ويطرد والدته من منزلهما. ويمكن تأويل الحكاية في عدة مستويات أخرى، عن كل صاحب حق وحلم يهاجم وتهدد حياته، لمجرد أنه تجرأ وحاول أن يقاوم. أما الفيلم الثاني، فهو الوثائقي 'أبو زعبل 89' للمخرج بسام مرتضى. وقد تُوج بجائزتي أفضل فيلم في مسابقة النقاد، وأفضل فيلم وثائقي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الماضية، ويعرض فيه المخرج حكاية شخصية، عن علاقته بوالده بعد خروجه من معتقل أبو زعبل، الذي عُذب فيه بسبب نشاطه السياسي في الثمانينيات. تبدو مشاهدة فيلم مصري عن التعذيب في السجون فعلا ثوريا بحد ذاته، يُضاف لذلك البعد الإعجازي الذي يحمله الفيلم، لكونه عُرض داخل مصر، وفي فعاليات المهرجان السينمائي المصري الأهم، لكن الفيلم يتجاوز هذه المشاعر الأولية، فيصبح أقرب لفعل تأملي، ليس فقط فيما عاشته أجيال سابقة من المعارضين السياسيين في مصر، بل ما يعيشه الجيل الحالي أيضا. الفيلم المصري الثالث هو 'معطر بالنعناع' للمخرج محمد حمدي، ويصفه منظمو المهرجان في نشرتهم الرسمية بأنه يصور القاهرة بعد نهاية العالم، مدينة تسكنها الظلال والأشباح. تتكشف لنا رويدا رويدا ملامح عالم غرائبي، فتنبت أوراق النعناع من الرؤوس والندوب المفتوحة لرجال تطاردهم ذكرى ماضيهم المضطرب، ويصبح تدخين الحشيش وتلاوة الشعر الوسيلة الوحيدة للحياة في عالم مسحور، يلتهمه الخوف. بين السجون السورية والتأمل في الغربة مع سقوط نظام الأسد، وانتشار صور السجون السورية في نشرات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي، احتلت سوريا أيضا موضع اهتمام خاص في دورة مهرجان الفيلم العربي هذا العام، فعُرض الفيلم الوثائقي 'ذاكرتي مليئة بالأشباح' للمخرج السوري أنس الزواهري، مع حكايات العائدين من أهل حمص إلى مدينتهم، التي اندلعت فيها الثورة، ثم دمرتها الحرب. فهل وجد العائدون ما تركوه، أم أن المدينة تحولت لمدينة أشباح؟ حصد الفيلم جائزة أفضل فيلم وثائقي عربي من مهرجان الجونة السينمائي في دورته الماضية. وعرض المهرجان أيضا الفيلم السوري الوثائقي 'تدمر'، الذي أخرجه اللبناني لقمان سليم، والألمانية 'مونيكا بورغمان'، وتدور أحداثه عن شهادات معتقلين سياسيين في سجن تدمر السوري، الذي كان يجمع معتقلين سوريين ولبنانيين أيضا. ولم يقتصر الحضور السينمائي السوري على حكايات السجون، بل في حكايات الغربة أيضا، فقد اختتمت فعاليات المهرجان بفيلم 'يونان' للمخرج السوري أمير فخر الدين، وكان قد عُرض من قبل في أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي بدورته الماضية. في فيلم 'يونان'، يقدم أمير فخر الدين حكاية تأملية عن كاتب عربي في المهجر، يمر بأزمة وجودية ويعاني نفسيا، ثم يجد معنى جديدا للحياة في صداقة غير متوقعة. وقد قدم أمير فخر الدين من خلال الفيلم الممثل اللبناني جورج خباز في دور البطولة، بشكل يجمع بين كثير من المأساة، وأقل القليل من السخرية. أفلام عربية وأعلام فلسطينية في برلين.. مقاومة السينما حين تشاهد فيلما عربيا بقاعة سينما في برلين، ولا سيما في هذا التوقيت، يتجاوز فعل المشاهدة حيز الاستمتاع أو حتى التأثير الثقافي، ويصبح الأمر جزءا من مقاومة كبرى، هي وجودك في مكان آمن، تتحدث فيه بلغتك الأم، وتسمعها في مكبرات الصوت، وتشاهد حكايات تشبهك وتلمس أحلامك ومخاوفك، والأهم أنها تصورك إنسانا، في دولة تمتلئ وسائل إعلامها بخطاب يصورك في مكانة أقل من البشر. فحينما تذهب لمشاهدة فيلم بمهرجان الفيلم العربي في برلين، تجد كرسيا في قاعة سينما ذات إدارة شُجاعة، قررت أن تمنح حيزا آمنا للمهرجان وزواره، كما تجد مجموعة من الشباب العربي الذي يحاول أن يواصل المقاومة بالفن. ثم تدخل مكانا تنتشر على أبوابه أثناء المهرجان أعلام فلسطينية، وملابس تحمل شعارات 'الحرية لفلسطين'، ولا يعرضك ذلك لتحرش ولا ملاحقة من الشرطة، وربما لا تجد مكانا آخر في برلين بتلك الخصائص. نتمنى أن تكون الإجابة 'نعم' في السنين القادمة أيضا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store