#أحدث الأخبار مع #موديز،وفيتش،ساحة التحريرمنذ 4 أيامأعمالساحة التحريرالتصنيف الائتماني وأثره على اقتصادات الدول: قراءة في الحالة العراقية!وليد الحياليالتصنيف الائتماني وأثره على اقتصادات الدول: قراءة في الحالة العراقية! بقلم: البروفيسور وليد الحيالي مقدمة: يمثل التصنيف الائتماني أداة أساسية في النظام المالي العالمي، حيث يوفر مؤشرًا لقياس قدرة الدول والمؤسسات على الوفاء بالتزاماتها المالية. وهو ليس مجرد حكم تقني تصدره وكالات دولية متخصصة، بل هو انعكاس مباشر للسياسات الاقتصادية والمالية والنقدية، ومدى الاستقرار السياسي والمؤسسي للدولة المعنية. مفهوم التصنيف الائتماني وأهميته التصنيف الائتماني هو تقييم يُمنح من قبل وكالات مستقلة، مثل ستاندرد آند بورز، موديز، وفيتش، لتحديد الجدارة الائتمانية للمُقترض. وتتمثل أهمية هذا التقييم في كونه مرشدًا للمستثمرين حول مستوى المخاطرة المرتبطة بإقراض الأموال لدولة أو شركة. فكلما كان التصنيف أعلى، انخفضت تكلفة الاقتراض، وزادت الثقة بالسوق المالية المحلية، وارتفعت احتمالات جذب الاستثمارات الأجنبية. والعكس صحيح، إذ يؤدي التصنيف المتدني إلى عزوف المستثمرين وارتفاع تكاليف التمويل، وربما صعوبة الوصول إلى الأسواق المالية العالمية. التصنيف الائتماني للعراق: تحديات الهيكل وضعف الثقة رغم الإمكانات الاقتصادية الكبيرة التي يمتلكها العراق، لا سيما في مجال الطاقة، إلا أن تصنيفه الائتماني ظل متدنيًا خلال العقود الأخيرة. فقد منحت وكالة ستاندرد آند بورز العراق في السنوات الأخيرة تصنيفًا بلغ B-، ما يشير إلى وجود مخاطر ائتمانية مرتفعة، بينما وضعت موديز تصنيفه عند Caa1، وهي درجة تعكس هشاشة القدرة على سداد الالتزامات في ظل غياب إصلاحات هيكلية. ويرتبط هذا التصنيف المنخفض بجملة من العوامل، أبرزها: • الاعتماد شبه الكامل على النفط كمصدر رئيس للإيرادات. • غياب تنويع الاقتصاد الوطني. • تفشي الفساد الإداري والمالي. • ضعف البنية القانونية والمؤسسية. • استمرار التوترات السياسية والأمنية. • ارتفاع مستويات الدين العام دون إصلاح موازٍ في الأداء المالي. تجارب مقارنة: دول تتجاوز محدودية الموارد على النقيض من حالة العراق، نجد دولًا مثل الأردن والمغرب استطاعت أن تحافظ على تصنيفات مستقرة نسبيًا، رغم محدودية مواردهما الطبيعية. ويُعزى ذلك إلى اعتماد سياسات مالية منضبطة، وشراكات استراتيجية مع المؤسسات الدولية، وتحديث تشريعات الاستثمار، فضلاً عن تعزيز الثقة بالقطاع المصرفي. نحو تحسين التصنيف الائتماني للعراق إذا أراد العراق أن يتحسن في ترتيب الجدارة الائتمانية، فلا بد من الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد إنتاجي وتنموي، عبر تبني رؤية إصلاحية شاملة تستند إلى المحاور الآتية: 1. تنويع مصادر الدخل: تنمية القطاعات غير النفطية كالزراعة، الصناعة، والخدمات. 2. الانضباط المالي: تقليص العجز، إصلاح نظام الدعم، وتطوير النظام الضريبي. 3. الشفافية ومحاربة الفساد: تفعيل مؤسسات الرقابة، وحماية المال العام. 4. تحديث القطاع المصرفي: دعم التكنولوجيا المصرفية وتعزيز السيولة والثقة. 5. استقلالية البنك المركزي: ضمان دور نقدي فاعل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي. 6. تحسين بيئة الاستثمار: إصلاح القوانين، وتبسيط الإجراءات، وتوفير الضمانات. خاتمة إن التصنيف الائتماني لا يُمنح بناءً على ما تمتلكه الدولة من موارد، بل يُبنى على كيفية إدارتها لهذه الموارد. ويجب أن يدرك صانع القرار العراقي أن استعادة ثقة المجتمع الدولي تبدأ من الداخل: من إصلاح السياسة، وتحديث الاقتصاد، وتعزيز القانون. فالتنمية ليست فائضًا في الإيرادات، بل كفاءة في التوظيف، والكرامة الاقتصادية لا تُشترى بالنفط، بل تُبنى بالسياسات. ولعلّ الطريق، رغم صعوبته، لا بد أن يُسلك، من أجل عراقٍ قوي، منتج، ومؤثر في محيطه الإقليمي والدولي. 2025-05-28
ساحة التحريرمنذ 4 أيامأعمالساحة التحريرالتصنيف الائتماني وأثره على اقتصادات الدول: قراءة في الحالة العراقية!وليد الحياليالتصنيف الائتماني وأثره على اقتصادات الدول: قراءة في الحالة العراقية! بقلم: البروفيسور وليد الحيالي مقدمة: يمثل التصنيف الائتماني أداة أساسية في النظام المالي العالمي، حيث يوفر مؤشرًا لقياس قدرة الدول والمؤسسات على الوفاء بالتزاماتها المالية. وهو ليس مجرد حكم تقني تصدره وكالات دولية متخصصة، بل هو انعكاس مباشر للسياسات الاقتصادية والمالية والنقدية، ومدى الاستقرار السياسي والمؤسسي للدولة المعنية. مفهوم التصنيف الائتماني وأهميته التصنيف الائتماني هو تقييم يُمنح من قبل وكالات مستقلة، مثل ستاندرد آند بورز، موديز، وفيتش، لتحديد الجدارة الائتمانية للمُقترض. وتتمثل أهمية هذا التقييم في كونه مرشدًا للمستثمرين حول مستوى المخاطرة المرتبطة بإقراض الأموال لدولة أو شركة. فكلما كان التصنيف أعلى، انخفضت تكلفة الاقتراض، وزادت الثقة بالسوق المالية المحلية، وارتفعت احتمالات جذب الاستثمارات الأجنبية. والعكس صحيح، إذ يؤدي التصنيف المتدني إلى عزوف المستثمرين وارتفاع تكاليف التمويل، وربما صعوبة الوصول إلى الأسواق المالية العالمية. التصنيف الائتماني للعراق: تحديات الهيكل وضعف الثقة رغم الإمكانات الاقتصادية الكبيرة التي يمتلكها العراق، لا سيما في مجال الطاقة، إلا أن تصنيفه الائتماني ظل متدنيًا خلال العقود الأخيرة. فقد منحت وكالة ستاندرد آند بورز العراق في السنوات الأخيرة تصنيفًا بلغ B-، ما يشير إلى وجود مخاطر ائتمانية مرتفعة، بينما وضعت موديز تصنيفه عند Caa1، وهي درجة تعكس هشاشة القدرة على سداد الالتزامات في ظل غياب إصلاحات هيكلية. ويرتبط هذا التصنيف المنخفض بجملة من العوامل، أبرزها: • الاعتماد شبه الكامل على النفط كمصدر رئيس للإيرادات. • غياب تنويع الاقتصاد الوطني. • تفشي الفساد الإداري والمالي. • ضعف البنية القانونية والمؤسسية. • استمرار التوترات السياسية والأمنية. • ارتفاع مستويات الدين العام دون إصلاح موازٍ في الأداء المالي. تجارب مقارنة: دول تتجاوز محدودية الموارد على النقيض من حالة العراق، نجد دولًا مثل الأردن والمغرب استطاعت أن تحافظ على تصنيفات مستقرة نسبيًا، رغم محدودية مواردهما الطبيعية. ويُعزى ذلك إلى اعتماد سياسات مالية منضبطة، وشراكات استراتيجية مع المؤسسات الدولية، وتحديث تشريعات الاستثمار، فضلاً عن تعزيز الثقة بالقطاع المصرفي. نحو تحسين التصنيف الائتماني للعراق إذا أراد العراق أن يتحسن في ترتيب الجدارة الائتمانية، فلا بد من الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد إنتاجي وتنموي، عبر تبني رؤية إصلاحية شاملة تستند إلى المحاور الآتية: 1. تنويع مصادر الدخل: تنمية القطاعات غير النفطية كالزراعة، الصناعة، والخدمات. 2. الانضباط المالي: تقليص العجز، إصلاح نظام الدعم، وتطوير النظام الضريبي. 3. الشفافية ومحاربة الفساد: تفعيل مؤسسات الرقابة، وحماية المال العام. 4. تحديث القطاع المصرفي: دعم التكنولوجيا المصرفية وتعزيز السيولة والثقة. 5. استقلالية البنك المركزي: ضمان دور نقدي فاعل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي. 6. تحسين بيئة الاستثمار: إصلاح القوانين، وتبسيط الإجراءات، وتوفير الضمانات. خاتمة إن التصنيف الائتماني لا يُمنح بناءً على ما تمتلكه الدولة من موارد، بل يُبنى على كيفية إدارتها لهذه الموارد. ويجب أن يدرك صانع القرار العراقي أن استعادة ثقة المجتمع الدولي تبدأ من الداخل: من إصلاح السياسة، وتحديث الاقتصاد، وتعزيز القانون. فالتنمية ليست فائضًا في الإيرادات، بل كفاءة في التوظيف، والكرامة الاقتصادية لا تُشترى بالنفط، بل تُبنى بالسياسات. ولعلّ الطريق، رغم صعوبته، لا بد أن يُسلك، من أجل عراقٍ قوي، منتج، ومؤثر في محيطه الإقليمي والدولي. 2025-05-28