أحدث الأخبار مع #نانجنج


الجزيرة
٢٥-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
الرأسمالية وتجار الحشيش (2)
بعد قرابة عقد وعامين من معاهدة (نان جنج) التي تلت حرب الأفيون الأولى، والتي تمتع الجانب البريطاني بموجبها بحق بيع الأفيون في الصين دون أي معوقات من الحكومة الصينية، فإن أرباح بيع الأفيون -وعلى عكس التوقعات- لم تكن مرضية بالشكل الكافي، فقرروا تعديل الاتفاقية، حيث أقامت الحكومة البريطانية عريضة جديدة طالبت فيها بالمزيد من التسهيلات، على اعتبار أن التسهيلات السابقة لا تكفي، لذا أرادوا مثلا إلغاء رسوم النقل الداخلية للشركات الأجنبية التي تنقل الأفيون، وفتح المزيد من الموانئ لتسهيل دخول الأفيون، وأشياء أخرى. رفضت الصين الاعتذار، واستمرت في احتجاز السفينة مع ثلاثة من أفراد الطاقم، ما جعل بريطانيا تقرر الرد على طريقتها، حيثُ دمَّر الأسطول الإنجليزي أربعة حصون صينية، وأطلق على المدينة وابلًا من القنابل ما كان للصين أن ترفض شيئًا من تلك التعديلات، فكما لم تكن موافقتهم على المعاهدة الأولى خيارًا، لم تكن موافقتهم على تلك التعديلات خيارًا أيضًا! أصبح هذا الوضع كارثيًّا، والضغوطات تتزايد على رؤوس الصينيين مع مرور الوقت. ومع استمرار الضغط انفجر الصينيون أخيرًا، ففي عام 1856م أسرت قوات المارينز الصينية في مدينة (كانتون) إحدى سُفن الأسطول البريطاني، التي كانت تُبحر داخل المياة الصينية، مُعتبرين ما حدث مُخالفًا للاتفاقيات، فقاموا باعتقال طاقم السفينة البريطانية واحتجاز السفينة. هذا الأمر لم يعجب الإنجليز، فأرسل القنصل البريطاني في مدينة كانتون خطابًا إلى الإمبراطور الصيني يُطالب فيه بالإفراج الفوري عن السفينة، وتقديم اعتذار رسمي للملكة عن إهانة العلم (حيث تمَّ القبض على السفينة وعليها علم بريطانيا)، لكن هيهات، فلم تكن تلك السفينة إلا القشة التي قصمت ظهر البعير، فقد رفضت الصين الاعتذار، واستمرت في احتجاز السفينة مع ثلاثة من أفراد الطاقم، ما جعل بريطانيا تقرر الرد على طريقتها، حيثُ دمَّر الأسطول الإنجليزي أربعة حصون صينية، وأطلق على المدينة وابلًا من القنابل، لتبدأ ما ستُعرف فيما بعد بـ"حرب الأفيون الثَّانية". لم يكن ردّ الصينيين مُسالمًا هذه المرة، حيث واجهوا تلك الحملة بما لديهم، فحاصرت سفنهم المدينة، وافتعلوا حرب شوارع لتخفيف الضغط عن السُّفن الصينية المحاصِرة للإنجليز، ووضعوا على كل رأس بريطانية مكافأة مالية، ما اضطرَّ البريطانيين إلى الخروج من المدينة خوفًا على أرواحهم. أدت الهزيمة في تلك الحرب إلى تقويض سيادة الصين على أراضيها، وفرض المزيد من النفوذ الأجنبي عليها، وأصبح البريطانيون يمرحون مع أفيونهم داخل المدن الصينية كما يشاؤون بعد الاتفاقية الأولى، التي دخلت بريطانيا على إثرها الصينَ عبر أفيونها، كانت قد انضمَّت لها بعض القوات الأميركية والروسية، لكن هذه القوات انسحبت من المواجهة بعد نشوب الحرب في (كانتون)، فلم يكن دخولها الصين من البداية إلا للاستفادة من تجارة الأفيون، وبدا أن ثورة الصينيين ستُفسد كل شيء! لكن بعد انسحاب الأخيرتين، أعلنت فرنسا الانضمام للتحالف البريطاني في مواجهة الصين، لتعاود قوات الحلفاء قصف مدينة (كانتون) ذات المليون نسمة من جديد، وتنجح في السيطرة على المدينة بشكل كامل، وتم إطلاق سراح باقي الطاقم المحتجَز، وعُرفت تلك المعركة فيما بعد باسم "معركة كانتون". أدت الهزيمة في تلك الحرب إلى تقويض سيادة الصين على أراضيها، وفرض المزيد من النفوذ الأجنبي عليها، وأصبح البريطانيون يمرحون مع أفيونهم داخل المدن الصينية كما يشاؤون. كانت هذه الهزيمة بمثابة المسمار الأخير في نعش الدولة الإمبراطورية في الصين، فبسبب حربي الأفيون الأولى والثانية زاد الاستياء الشعبي من الحكومة، وهو ما أدى إلى ظهور حركات تمرد أضعفت بشكل كبير نفوذ الإمبراطور، ما أدى فيما بعد إلى حرب أهلية أسقطت الإمبراطور، واستمرت بعد ذلك لعدة سنوات. على الجانب الآخر من المعركة، حيث ماكينات الثورة الصناعية في أوروبا، لم تكن عواقب زيادة نفوذ النظام الرأسمالي على تجارة الأفيون فقط، فكما كان هناك ضغط ممارَس على الصين بسبب الأفيون، كانت الماكينات الجديدة تمارس ضغطًا مشابهًا على العمال، ما أدى إلى ظهور أصوات كثيرة تنادي بحقوق العمال، سعيًا منها لتحقيق توازن بين جهود العمال ومدخولاتهم السنوية، لكن تلك الأصوات لم تلقَ آذانًا، فقد كان أصحاب النفوذ هم أنفسهم أصحاب رؤوس الأموال، ما جعل الأمر يتطلب أكثر من مجرد دعوات! في فرنسا عام 1844م، الفيلسوف الروسي كارل ماركس يقابل الاشتراكي الفرنسي فريدريك إنجلز، فيتبادلان الأفكار حول الاقتصاد السياسي، ويلاحظ ماركس تشابه أفكارهما، لتبدأ بينهما صداقة طويلة الأمد دامت حتى وفاة ماركس، يسافر الصديقان إلى بروكسل عام 1847م، وينضم ماركس لحزب العدالة السرِّي هناك، في خطوة تمهيدية للإعلان عن نظامه الجديد. وبالفعل، في عام 1848م يعلن ماركس عن البيان الشيوعي الأول، الذي عقَبته بيانات عدة، في إعلان لميلاد نظام جديد. دوَّن ماركس الكثير من الملاحظات على الأنظمة الرأسمالية، أوردها لاحقًا في كتاباته وبيانات حركته الجديدة، أراد ماركس أن يحقق العدل في تقسيم الثروات الهائلة التي يمتلكها الأغنياء، وكان يأمل أن تكون تلك البيانات محرّكًا لثورة على الرأسماليين، وهو ما لم يتحقق إلا بعد وفاته؛ فبعد اندلاع الحرب الأهلية الروسية عام 1917، كان الحزب البلشفي المحرك للثورة يتبنى أفكار ماركس، ولا يخفى عليكم ما حدث، فقد سيطر الحزب بقيادة "لينن" ومساعدة العمال والفلاحين على حكم روسيا، وتأسيس الاتحاد السوفييتي سنة 1922. كان للصين من هذا التغيير نصيب أيضًا، فبعد انتهاء الحرب الأهلية استطاع الحزب الشيوعي الصيني السيطرة على الحكم عام 1949، وأعلن عن تأسيس جمهورية الصين الشعبية. ظن الجميع أن انتصار الشيوعية سيجلب النعيم للشعوب الكادحة، لكنه -على العكس- لم يجلب لهم إلا المزيد من الشقاء. كان السبيل لتحقيق الأفكار الماركسية يتطلب أن يكون هناك وصيّ على الشعب، لتنظيم أعمال الصناعة والزراعة، ولجمع المداخيل وإعادة تقسيم العائدات على ما يراه صائبًا للشعب، سواء في بناء مرافق عامة أو لدعم السلع الأساسية، أو حتى إعادة ما يتبقى على شكل علاوات للشعب، ما يعني أن للرئيس والرفاق أعضاء الحزب حق التصرف في كل موارد البلاد (مع افتراض حسن النية في هؤلاء الرفاق). لكن تلك الطريقة -وكما هو متوقع- جعلت الحاكم طاغيةً لا يمكن المساس به، ومصير كل من يعارضه الموت أو السجن، حتى إنهم سجنوا وقتلوا أغلب الأطباء البارزين في روسيا في تلك الفترة، ويقال إنه عندما مرض ستالين لم يجدوا طبيبًا جيدًا يداويه حتى مات. أدى تفرد الحاكم بالقرار إلى ظهور الكثير من الكوارث الإنسانية.. مجاعات وأوبئة أودت بحياة الملايين، وربما كان أكثرها تأثيرًا ما حدث في تشيرنوبل. ففي عام 1986م، في مقاطعة "بريبيات" شمالي أوكرانيا التابعة للاتحاد السوفيتي، وفي صباحٍ لا يختلفُ كثيرًا عن الصباحات التي نعيشها هذه الأيام، كان العالم على موعد مع أول وأكبر الكوارث النووية على الإطلاق، انفجار في المفاعل الرابع من مفاعلات تشيرنوبل، يؤدي إلى خسائر كثيرة في الأرواح، وإصابة جميع المُتواجدين في المنطقة بأمراض مميتة، حتى صُنفت المنطقة التي حدث فيها الانفجار باعتبارها أخطر الأماكن على وجه الأرض، بالإضافة إلى التلوث الشديد الذي نقلته السحب إلى جميع أوروبا والعالم. كشفت هذه الكارثة عن هشاشة جدران الاتحاد السوفيتي، ما أدى إلى سقوطه عام 1991م، لتسقط معه أقوى معاقل الشيوعية في أوروبا. في النهاية لم تتحقق الأفكار الماركسية، لكن الرأسمالية كذلك لا تستقيم دون تنظيم، فهل هناك طريقة لضمان الحفاظ على حقوق الشعب؟ ربما نعرف في المرة القادمة.

مصرس
٠٣-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- مصرس
زي النهاردة.. اندلاع حرب الأفيون الثانية بين فرنسا والصين
في مثل هذا اليوم 3 مارس 1857 اندلعت حرب الأفيون الثانية، وهي حرب غريبة الطابع وأطلق عليها آخرون اسم الحرب الأنجلو صينية الثانية، أو الأنجلو فرنسية على الصين، وهى حرب بين الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية الفرنسية ضد حكومة تشينج الصينية، فى الفترة من 1856 حتى 1860، واستمرت الحرب بين عامى من عام 1840 إلى عام 1842 واستطاعت بريطانيا بعد مقاومة عنيفة من الصينيين احتلال مدينة "دينج هاى" فى مقاطعة شين جيانج واقترب الأسطول البريطانى من البوابة البحرية لبكين،. ودفع ذلك الإمبراطور الصينى للتفاوض مع بريطانيا وتوقيع اتفاقية "نان جنج" فى أغسطس 1842، ولم تحقق معاهدة "نان جنج" ماكانت تصبوا إليه بريطانيا والقوى الغربية، فلم يرتفع حجم التجارة مع الصين كما كانوا يتوقعون، والحظر على استيراد الأفيون ما زال ساريا، كما أن البلاط الأمبراطورى يرفض التعامل مباشرة معهم لذلك قدموا مذكرة بمراجعة الاتفاقات القائمة التى رفضها الأمبراطور.لذلك قررت بريطانيا وفرنسا استخدام القوة مرة أخرى ضد الصين وواتتهم الفرصة عند قيام السلطات الصينية فى "جوانج شو" بتفتيش سفينة تحمل العلم البريطانى واعتقال بحاريها وإنزال العلم ومقتل مبشر فرنسى، لشن حرب جديدة على الصين، استطاعت فيها القوات البريطانية والفرنسية دخول ميناء "جوانج شو"، والاتجاه نحو ميناء تيان القريب من بكين، مما جعل الامبراطور يقبل مراجعة الاتفاقات وتوقيع اتفاقية (تيان جين) فى عام1858 بين الصين وكل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا.وهذه الاتفاقية تعطى لهم مزيدا من الامتيازات من أهمها:فتح خمسة موانى جديدة للتجارة الدولية وتحديد الأفيون بصفة خاصة من بين البضائع المسموح باستيرادها، حرية الملاحة على نهر اليانج تسى كيانج، السماح بدخول المسيحية فى أرجاء الصين، ونصت اتفاقية تيان جن على التصديق عليها خلال عام من توقيعها.وحين تأخرت الصين فى التصديق استخدمت بريطانيا وفرنسا القوة مرة أخرى لتحقيق ذلك واستطاعت قواتهما دخول "تيان جن" فى ربيع عام1860 ثم تقدمت نحو بكين ودخلوها فى أكتوبر 1860 وتوجهوا إلى القصر الصيفى للأمبراطور الذى يبعد بضعة آميال عن بكين. وكان هذا القصر يعتبر من أعظم وأفخم قصور العالم ويحتوى على آثار تاريخية هامة وقام الضباط البريطانيون والفرنسيون بنهب محتوياته لمدة أربعة أيام، وأضرموا فيه النار بعد ذلك.


البوابة
٠٣-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- البوابة
زي النهاردة.. اندلاع حرب الأفيون الثانية بين فرنسا والصين
في مثل هذا اليوم ٣ مارس ١٨٥٧ اندلعت حرب الأفيون الثانية، وهي حرب غريبة الطابع وأطلق عليها آخرون اسم الحرب الأنجلو صينية الثانية، أو الأنجلو فرنسية على الصين، وهى حرب بين الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية الفرنسية ضد حكومة تشينج الصينية، فى الفترة من 1856 حتى 1860، واستمرت الحرب بين عامى من عام 1840 إلى عام 1842 واستطاعت بريطانيا بعد مقاومة عنيفة من الصينيين احتلال مدينة "دينج هاى" فى مقاطعة شين جيانج واقترب الأسطول البريطانى من البوابة البحرية لبكين،. ودفع ذلك الإمبراطور الصينى للتفاوض مع بريطانيا وتوقيع اتفاقية "نان جنج" فى أغسطس 1842، ولم تحقق معاهدة "نان جنج" ماكانت تصبوا إليه بريطانيا والقوى الغربية، فلم يرتفع حجم التجارة مع الصين كما كانوا يتوقعون، والحظر على استيراد الأفيون ما زال ساريا، كما أن البلاط الأمبراطورى يرفض التعامل مباشرة معهم لذلك قدموا مذكرة بمراجعة الاتفاقات القائمة التى رفضها الأمبراطور. لذلك قررت بريطانيا وفرنسا استخدام القوة مرة أخرى ضد الصين وواتتهم الفرصة عند قيام السلطات الصينية فى "جوانج شو" بتفتيش سفينة تحمل العلم البريطانى واعتقال بحاريها وإنزال العلم ومقتل مبشر فرنسى، لشن حرب جديدة على الصين، استطاعت فيها القوات البريطانية والفرنسية دخول ميناء "جوانج شو"، والاتجاه نحو ميناء تيان القريب من بكين، مما جعل الامبراطور يقبل مراجعة الاتفاقات وتوقيع اتفاقية (تيان جين) فى عام1858 بين الصين وكل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا. وهذه الاتفاقية تعطى لهم مزيدا من الامتيازات من أهمها: فتح خمسة موانى جديدة للتجارة الدولية وتحديد الأفيون بصفة خاصة من بين البضائع المسموح باستيرادها، حرية الملاحة على نهر اليانج تسى كيانج، السماح بدخول المسيحية فى أرجاء الصين، ونصت اتفاقية تيان جن على التصديق عليها خلال عام من توقيعها. وحين تأخرت الصين فى التصديق استخدمت بريطانيا وفرنسا القوة مرة أخرى لتحقيق ذلك واستطاعت قواتهما دخول "تيان جن" فى ربيع عام1860 ثم تقدمت نحو بكين ودخلوها فى أكتوبر 1860 وتوجهوا إلى القصر الصيفى للأمبراطور الذى يبعد بضعة آميال عن بكين. وكان هذا القصر يعتبر من أعظم وأفخم قصور العالم ويحتوى على آثار تاريخية هامة وقام الضباط البريطانيون والفرنسيون بنهب محتوياته لمدة أربعة أيام، وأضرموا فيه النار بعد ذلك.