#أحدث الأخبار مع #نايفالنوايسة،الغد١٢-٠٣-٢٠٢٥سياسةالغد"عريف الصف".. سلطة تنمي القيادة أم تغذي الخوف وتؤجج العداوات؟تغريد السعايدة عمان- ربما يمسك عصا ويهدد بها طلبة الصف إن لم يجلسوا بصمت، وأحيانا يسارع بالوشاية عن زملائه إلى المعلم. ليس لديه الكثير من الأصدقاء والمقربين، بل قد يكون هدفا للتنمر داخل الصف وحتى خارج أسوار المدرسة. اضافة اعلان هذه هي الصورة النمطية لعريف الصف، كما تظهرها المسلسلات والبرامج الكرتونية، حيث يقدم كشخص يستغل ثقة المعلم ليبسط سلطته على زملائه، يتصيد الأخطاء ويتحدث عنها، أو يسجل أسماء "المشاغبين" على اللوح بانتظار عودة المعلم ومعاقبتهم على الفوضى المعتادة. عبر العقود، وفي مختلف المجتمعات، كان المعلم بحاجة لمن يساعده في تنظيم وضبط الصف، تماما كما كان الحال قديما في ما يسمى بـ "الكتّاب". فرض القوة والسيطرة ومع مرور الوقت، تحولت هذه المهمة إلى دور يتنافس عليه بعض الطلبة، ليس من باب المسؤولية، بل لإثبات قوتهم وفرض السيطرة، مما جعل العريف شخصا "مكروها" احيانا في الصف. وتتفاقم سلبيات هذا الدور إذا بقي ثابتا طوال العام دون تغيير أو تبادل للمهام بين الطلبة. عريف الصف ليست بالأمر الجديد، بل هي عادة متبعة منذ القدم في الصفوف المدرسية وحتى في عهد "الكتّاب". وهنا يشير الخبير في التراث الأردني نايف النوايسة، الذي عمل طويلا في القطاع التربوي، إلى أن عريف الصف قد يكون مشكلة يتسبب بها المعلم أو المدير دون أن يدرك تبعاتها. فهو يرى أن هذا النظام قد يتحول إلى شكل من أشكال "وضع أحد الطلبة في موقع الزعامة على زملائه، ومنحه سلطة نقل الأخبار، بغض النظر عن صحتها". لكن من منظور الطلبة، كما يقول النوايسة، قد ينظر إلى العريف على أنه "عين المعلم" أو حتى "جاسوسه"، مما قد يعرضه لعقاب زملائه، خاصة إذا نقل أخبارهم بدافع الكيد أو الانتقام. فلا يترك الطلبة العريف دون رد فعل، وقد يواجه مضايقات بسبب دوره. لذلك، ومع التطورات التي شهدتها أساليب التربية والتغيرات في تفكير الطلبة وتعاملهم مع الحياة المدرسية، يبين النوايسة ضرورة البحث عن وسائل أخرى لحفظ النظام في الصف دون إقحام الطلبة في هذا الدور، مثلما تفعيل بعض المدارس التي تعتمد على كاميرات المراقبة لمتابعة الصف بإشراف المعلم المسؤول. الاختيار المبني على شخصية الطالب وإن لم يكن ذلك أمرا متاحا للمدرسة، فإن النوايسة يؤكد على أهمية الاختيار الدقيق لعريف الصف، بحيث لا يكون خجولا أو ضعيفا في مواجهة الآخرين داخل الصف أو خارجه، حتى لا يصبح عرضة للتنمر والأذى، كما يحدث في كثير من الحالات. ففي بعض المدارس، قد تتفاقم هذه المشكلة لتصل إلى حد القضايا الجنائية التي تؤثر على حياة الطلبة ومستقبلهم. عريف الصف مشكلة قائمة منذ سنوات طويلة، ولا بد من معالجتها بطريقة مناسبة، حتى لا تتحول البيئة التعليمية إلى ساحة للخلافات بين الطلبة، وربما تمتد لتصل إلى أولياء أمورهم. لذلك، يشدد النوايسة على ضرورة إيجاد بدائل مختلفة تماما لعريف الصف، بحيث تعزز لدى الطلبة الجوانب الإيجابية في التعلم، دون أن يكون ذلك على حساب علاقتهم ببعضهم البعض. في هذا السياق، لا يتذكر مهند علوان أنه كان عريفا للصف في أي مرحلة من حياته، وهو اليوم أب لأربعة أطفال، ولا يتمنى لهم تولي هذه المهمة. ويرجع ذلك إلى ما كان يراه من معاناة يتعرض لها العريف، خاصة إذا كان مهذبا وخجولا، حيث يصبح هدفا للطلبة المشاغبين والأقوى نفوذا. وهذا الضغط قد يترك اثرا على شخصية العريف لسنوات طويلة من حياته. يقول مهند إن عريف الصف كان أشبه بـ"الضحية"، إذ يطلب منه ضبط الصف والإبلاغ عن المشاغبين، لكنه قد يتردد في الإفصاح عن أسمائهم خوفا من انتقامهم خارج أسوار المدرسة، ولا تزال ذاكرته مليئة بالقصص عن معاناة عريفين الصف، كما يصفها. وعبر متابعة ما يتداوله مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي حول تجاربهم مع عريف الصف، يظهر بوضوح أن العريف لم يكن يوما محبوبا بين زملائه، مهما كانت شخصيته قوية. لكن الأكثر "ايلاما"، كما يعلق البعض، أن غالبيتهم كانوا من أبناء المعلمات أو أقربائهن، مما منحهم سلطة أكبر، وتسبب في مشكلات نفسية لكثير من الطلبة، إذ زرع لديهم الخوف والقلق من العقوبات التي قد تكون ظالمة أو ناتجة عن دوافع شخصية. من جهته، يرى اختصاصي الصحة النفسية والعلاج النفسي، الدكتور أحمد عيد الشخانبة، أن منح عريف الصف صلاحيات واسعة قد يؤدي إلى نتائج سلبية، خاصة أنه في النهاية "طفل"، وقد يستخدم هذه السلطة بطريقة خاطئة للإضرار بزملائه أو التحكم بهم، مستغلا الثقة التي منحها له المعلم. ووفق الشخانبة فإن دور عريف الصف بشكل سلبي قد يؤدي إلى مشاعر الكره المتبادل بين الطلبة، بل وقد يدفع بعضهم إلى الانتقام من العريف، مما قد يتسبب في مشكلات أكبر تمتد خارج نطاق الصف. لذا، من الضروري أن يحدد المعلم أو مدير المدرسة دور العريف بوضوح، بحيث لا يمنح صلاحيات واسعة تتيح له التحكم بزملائه أو إيذائهم عمدا. تحديد مهام عريف الصف على سبيل المثال، يشير الشخانبة إلى أن دور عريف الصف يمكن أن يقتصر على تسجيل أسماء الطلبة المشاغبين، مثل الذين يخرجون من مقاعدهم دون إذن أو يغادرون الحصص الصفية دون استئذان. وهي مهام محدودة تساهم في ضبط الصف وتقليل الإزعاج، دون أن تتجاوز هذا الحد. ولضمان المصداقية، هنالك ضرورة لإشراف مباشر من المعلم على ما يجري داخل الصف. ويشدد الشخانبة على أن العريف يجب ألا يكون مسؤولا عن متابعة أداء الواجبات أو مراقبة زملائه ونقل تلك المعلومات للمعلم، كما يحدث أحيانا. كذلك، لا ينبغي أن يتم منحه سلطة تقييم الطلبة أو نقل ما يدور داخل الصف من أحاديث بينهم، إذ يعد ذلك نوعا من التجسس، وقد يكون سببا في المشاجرات وانتشار ثقافة الأذى والانتقام بين الطلبة. في السياق ذاته، تروي ثروت صبيح قصة ابنتها التي كانت في الصف السادس عندما تعرضت لأذى نفسي بسبب زميلتها العريفة، التي وشت بها للمعلمة. وبسبب ذلك، تعرضت الطفلة لعقوبة قاسية نفسيا وإحراج شديد أمام زميلاتها، مما دفعها للغياب يومين عن المدرسة، رافضة العودة، حتى أنها أصرت على الانتقال إلى مدرسة أخرى بعد شعورها بالعجز عن مواجهة زميلاتها مجددا. تقول ثروت إنها حاولت بداية التحدث مع والدة الطالبة "العريفة" لمعرفة سبب الخلاف بينهما، في محاولة لتخفيف الضغط النفسي عن ابنتها، إلا أنها لم تتمكن من حل المشكلة، مما جعل آثارها تستمر لفترة طويلة. هذا الأمر أدى إلى تراجع العلاقات الاجتماعية لابنتها، وخلق لديها خوفا من عريفة الصف، سواء كان هناك سبب أم لا، فقط لتجنب الإحراج أو التعرض للعقوبة مجددًا. أبعاد تربوية ونفسية لعريف الصف يتحدث الخبير النوايسة، عن مفهوم "عريف الصف"، باعتباره ظاهرة تربوية مدرسية ما تزال قائمة منذ عقود، لكنها لم تكتسب طابعا رسميا، أي أنها ليست منظمة ضمن قوانين وزارة التربية والتعليم، بخلاف مجالس وبرلمانات الطلبة، التي تتم وفق أنظمة محددة وبإشراف الوزارة. ويشير النوايسة إلى أن مهام أعضاء مجالس الطلبة تختلف تماما عن مهام عريف الصف، الذي يتم اختياره عادة من قبل المعلم. ففي كثير من الأحيان، يكون الشرط الأساسي لاختياره، وفق الطلبة، أن يكون قوي البنية وذي شخصية مسيطرة، حتى لو كان ضعيف التحصيل الدراسي، وذلك ليستطيع فرض سطوته على زملائه والمساعدة في ضبط الصف أثناء فترات الاستراحة بين الحصص. وبحسب النوايسة فإن شخصية عريف الصف غالبا ما يتم تعزيزها بشكل سلبي من خلال المعلمين، مما قد يجعله مصدرا للتنمر، سواء كان لفظيا أو جسديا. وهذا يخلق بيئة غير صحية تؤثر على شخصية الطلبة داخل الصف، وتمتد انعكاساتها إلى المجتمع لاحقا، حيث قد يستمر الطالب في تبني هذا السلوك حتى بعد خروجه إلى الحياة العامة، مما يعزز ثقافة السيطرة والتسلط بشكل سلبي. توظيف إيجابي لعريف الصف يؤكد النوايسة أن عريف الصف غالبا ما يضفى عليه طابع السلطة بطريقة سلبية، بينما الأصل أن يتم توظيف هذا الدور بشكل تربوي إيجابي. ولتحقيق ذلك، يقترح إشراك جميع الطلبة في هذه المهمة بشكل دوري، بحيث يتم تغيير العريف يوميا أو شهريا، مما يعزز مشاركة الجميع ويمنع تحول الدور إلى أداة للسيطرة. ومن الناحية التربوية، يرى النوايسة أن هذا النهج يساعد المعلم في اكتشاف الصفات القيادية لدى الطلبة، وتعزيز السلوكيات الإيجابية لديهم بطريقة أكثر فاعلية، ما يساهم في بناء شخصية متوازنة بعيدة عن العدوانية. ومع ذلك، يلفت النوايسة إلى وجود تحديات في تطبيق هذا النظام، نظرا لاختلاف شخصيات الطلبة من حيث القوة والقدرة على القيادة، خاصة مع تفشي ظاهرة التنمر داخل المدارس. لذا، يوصي بضرورة ربط وظيفة عريف الصف ببرلمان الطلبة المدرسي، بحيث يكون هناك اختيار أكثر دقة للطلبة، مع تدوير المهمة بشكل أسبوعي وعدم تثبيتها لطالب واحد، مما يحد من سلبيات الدور ويحوله إلى تجربة تربوية ذات مردود جيد على الجميع.
الغد١٢-٠٣-٢٠٢٥سياسةالغد"عريف الصف".. سلطة تنمي القيادة أم تغذي الخوف وتؤجج العداوات؟تغريد السعايدة عمان- ربما يمسك عصا ويهدد بها طلبة الصف إن لم يجلسوا بصمت، وأحيانا يسارع بالوشاية عن زملائه إلى المعلم. ليس لديه الكثير من الأصدقاء والمقربين، بل قد يكون هدفا للتنمر داخل الصف وحتى خارج أسوار المدرسة. اضافة اعلان هذه هي الصورة النمطية لعريف الصف، كما تظهرها المسلسلات والبرامج الكرتونية، حيث يقدم كشخص يستغل ثقة المعلم ليبسط سلطته على زملائه، يتصيد الأخطاء ويتحدث عنها، أو يسجل أسماء "المشاغبين" على اللوح بانتظار عودة المعلم ومعاقبتهم على الفوضى المعتادة. عبر العقود، وفي مختلف المجتمعات، كان المعلم بحاجة لمن يساعده في تنظيم وضبط الصف، تماما كما كان الحال قديما في ما يسمى بـ "الكتّاب". فرض القوة والسيطرة ومع مرور الوقت، تحولت هذه المهمة إلى دور يتنافس عليه بعض الطلبة، ليس من باب المسؤولية، بل لإثبات قوتهم وفرض السيطرة، مما جعل العريف شخصا "مكروها" احيانا في الصف. وتتفاقم سلبيات هذا الدور إذا بقي ثابتا طوال العام دون تغيير أو تبادل للمهام بين الطلبة. عريف الصف ليست بالأمر الجديد، بل هي عادة متبعة منذ القدم في الصفوف المدرسية وحتى في عهد "الكتّاب". وهنا يشير الخبير في التراث الأردني نايف النوايسة، الذي عمل طويلا في القطاع التربوي، إلى أن عريف الصف قد يكون مشكلة يتسبب بها المعلم أو المدير دون أن يدرك تبعاتها. فهو يرى أن هذا النظام قد يتحول إلى شكل من أشكال "وضع أحد الطلبة في موقع الزعامة على زملائه، ومنحه سلطة نقل الأخبار، بغض النظر عن صحتها". لكن من منظور الطلبة، كما يقول النوايسة، قد ينظر إلى العريف على أنه "عين المعلم" أو حتى "جاسوسه"، مما قد يعرضه لعقاب زملائه، خاصة إذا نقل أخبارهم بدافع الكيد أو الانتقام. فلا يترك الطلبة العريف دون رد فعل، وقد يواجه مضايقات بسبب دوره. لذلك، ومع التطورات التي شهدتها أساليب التربية والتغيرات في تفكير الطلبة وتعاملهم مع الحياة المدرسية، يبين النوايسة ضرورة البحث عن وسائل أخرى لحفظ النظام في الصف دون إقحام الطلبة في هذا الدور، مثلما تفعيل بعض المدارس التي تعتمد على كاميرات المراقبة لمتابعة الصف بإشراف المعلم المسؤول. الاختيار المبني على شخصية الطالب وإن لم يكن ذلك أمرا متاحا للمدرسة، فإن النوايسة يؤكد على أهمية الاختيار الدقيق لعريف الصف، بحيث لا يكون خجولا أو ضعيفا في مواجهة الآخرين داخل الصف أو خارجه، حتى لا يصبح عرضة للتنمر والأذى، كما يحدث في كثير من الحالات. ففي بعض المدارس، قد تتفاقم هذه المشكلة لتصل إلى حد القضايا الجنائية التي تؤثر على حياة الطلبة ومستقبلهم. عريف الصف مشكلة قائمة منذ سنوات طويلة، ولا بد من معالجتها بطريقة مناسبة، حتى لا تتحول البيئة التعليمية إلى ساحة للخلافات بين الطلبة، وربما تمتد لتصل إلى أولياء أمورهم. لذلك، يشدد النوايسة على ضرورة إيجاد بدائل مختلفة تماما لعريف الصف، بحيث تعزز لدى الطلبة الجوانب الإيجابية في التعلم، دون أن يكون ذلك على حساب علاقتهم ببعضهم البعض. في هذا السياق، لا يتذكر مهند علوان أنه كان عريفا للصف في أي مرحلة من حياته، وهو اليوم أب لأربعة أطفال، ولا يتمنى لهم تولي هذه المهمة. ويرجع ذلك إلى ما كان يراه من معاناة يتعرض لها العريف، خاصة إذا كان مهذبا وخجولا، حيث يصبح هدفا للطلبة المشاغبين والأقوى نفوذا. وهذا الضغط قد يترك اثرا على شخصية العريف لسنوات طويلة من حياته. يقول مهند إن عريف الصف كان أشبه بـ"الضحية"، إذ يطلب منه ضبط الصف والإبلاغ عن المشاغبين، لكنه قد يتردد في الإفصاح عن أسمائهم خوفا من انتقامهم خارج أسوار المدرسة، ولا تزال ذاكرته مليئة بالقصص عن معاناة عريفين الصف، كما يصفها. وعبر متابعة ما يتداوله مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي حول تجاربهم مع عريف الصف، يظهر بوضوح أن العريف لم يكن يوما محبوبا بين زملائه، مهما كانت شخصيته قوية. لكن الأكثر "ايلاما"، كما يعلق البعض، أن غالبيتهم كانوا من أبناء المعلمات أو أقربائهن، مما منحهم سلطة أكبر، وتسبب في مشكلات نفسية لكثير من الطلبة، إذ زرع لديهم الخوف والقلق من العقوبات التي قد تكون ظالمة أو ناتجة عن دوافع شخصية. من جهته، يرى اختصاصي الصحة النفسية والعلاج النفسي، الدكتور أحمد عيد الشخانبة، أن منح عريف الصف صلاحيات واسعة قد يؤدي إلى نتائج سلبية، خاصة أنه في النهاية "طفل"، وقد يستخدم هذه السلطة بطريقة خاطئة للإضرار بزملائه أو التحكم بهم، مستغلا الثقة التي منحها له المعلم. ووفق الشخانبة فإن دور عريف الصف بشكل سلبي قد يؤدي إلى مشاعر الكره المتبادل بين الطلبة، بل وقد يدفع بعضهم إلى الانتقام من العريف، مما قد يتسبب في مشكلات أكبر تمتد خارج نطاق الصف. لذا، من الضروري أن يحدد المعلم أو مدير المدرسة دور العريف بوضوح، بحيث لا يمنح صلاحيات واسعة تتيح له التحكم بزملائه أو إيذائهم عمدا. تحديد مهام عريف الصف على سبيل المثال، يشير الشخانبة إلى أن دور عريف الصف يمكن أن يقتصر على تسجيل أسماء الطلبة المشاغبين، مثل الذين يخرجون من مقاعدهم دون إذن أو يغادرون الحصص الصفية دون استئذان. وهي مهام محدودة تساهم في ضبط الصف وتقليل الإزعاج، دون أن تتجاوز هذا الحد. ولضمان المصداقية، هنالك ضرورة لإشراف مباشر من المعلم على ما يجري داخل الصف. ويشدد الشخانبة على أن العريف يجب ألا يكون مسؤولا عن متابعة أداء الواجبات أو مراقبة زملائه ونقل تلك المعلومات للمعلم، كما يحدث أحيانا. كذلك، لا ينبغي أن يتم منحه سلطة تقييم الطلبة أو نقل ما يدور داخل الصف من أحاديث بينهم، إذ يعد ذلك نوعا من التجسس، وقد يكون سببا في المشاجرات وانتشار ثقافة الأذى والانتقام بين الطلبة. في السياق ذاته، تروي ثروت صبيح قصة ابنتها التي كانت في الصف السادس عندما تعرضت لأذى نفسي بسبب زميلتها العريفة، التي وشت بها للمعلمة. وبسبب ذلك، تعرضت الطفلة لعقوبة قاسية نفسيا وإحراج شديد أمام زميلاتها، مما دفعها للغياب يومين عن المدرسة، رافضة العودة، حتى أنها أصرت على الانتقال إلى مدرسة أخرى بعد شعورها بالعجز عن مواجهة زميلاتها مجددا. تقول ثروت إنها حاولت بداية التحدث مع والدة الطالبة "العريفة" لمعرفة سبب الخلاف بينهما، في محاولة لتخفيف الضغط النفسي عن ابنتها، إلا أنها لم تتمكن من حل المشكلة، مما جعل آثارها تستمر لفترة طويلة. هذا الأمر أدى إلى تراجع العلاقات الاجتماعية لابنتها، وخلق لديها خوفا من عريفة الصف، سواء كان هناك سبب أم لا، فقط لتجنب الإحراج أو التعرض للعقوبة مجددًا. أبعاد تربوية ونفسية لعريف الصف يتحدث الخبير النوايسة، عن مفهوم "عريف الصف"، باعتباره ظاهرة تربوية مدرسية ما تزال قائمة منذ عقود، لكنها لم تكتسب طابعا رسميا، أي أنها ليست منظمة ضمن قوانين وزارة التربية والتعليم، بخلاف مجالس وبرلمانات الطلبة، التي تتم وفق أنظمة محددة وبإشراف الوزارة. ويشير النوايسة إلى أن مهام أعضاء مجالس الطلبة تختلف تماما عن مهام عريف الصف، الذي يتم اختياره عادة من قبل المعلم. ففي كثير من الأحيان، يكون الشرط الأساسي لاختياره، وفق الطلبة، أن يكون قوي البنية وذي شخصية مسيطرة، حتى لو كان ضعيف التحصيل الدراسي، وذلك ليستطيع فرض سطوته على زملائه والمساعدة في ضبط الصف أثناء فترات الاستراحة بين الحصص. وبحسب النوايسة فإن شخصية عريف الصف غالبا ما يتم تعزيزها بشكل سلبي من خلال المعلمين، مما قد يجعله مصدرا للتنمر، سواء كان لفظيا أو جسديا. وهذا يخلق بيئة غير صحية تؤثر على شخصية الطلبة داخل الصف، وتمتد انعكاساتها إلى المجتمع لاحقا، حيث قد يستمر الطالب في تبني هذا السلوك حتى بعد خروجه إلى الحياة العامة، مما يعزز ثقافة السيطرة والتسلط بشكل سلبي. توظيف إيجابي لعريف الصف يؤكد النوايسة أن عريف الصف غالبا ما يضفى عليه طابع السلطة بطريقة سلبية، بينما الأصل أن يتم توظيف هذا الدور بشكل تربوي إيجابي. ولتحقيق ذلك، يقترح إشراك جميع الطلبة في هذه المهمة بشكل دوري، بحيث يتم تغيير العريف يوميا أو شهريا، مما يعزز مشاركة الجميع ويمنع تحول الدور إلى أداة للسيطرة. ومن الناحية التربوية، يرى النوايسة أن هذا النهج يساعد المعلم في اكتشاف الصفات القيادية لدى الطلبة، وتعزيز السلوكيات الإيجابية لديهم بطريقة أكثر فاعلية، ما يساهم في بناء شخصية متوازنة بعيدة عن العدوانية. ومع ذلك، يلفت النوايسة إلى وجود تحديات في تطبيق هذا النظام، نظرا لاختلاف شخصيات الطلبة من حيث القوة والقدرة على القيادة، خاصة مع تفشي ظاهرة التنمر داخل المدارس. لذا، يوصي بضرورة ربط وظيفة عريف الصف ببرلمان الطلبة المدرسي، بحيث يكون هناك اختيار أكثر دقة للطلبة، مع تدوير المهمة بشكل أسبوعي وعدم تثبيتها لطالب واحد، مما يحد من سلبيات الدور ويحوله إلى تجربة تربوية ذات مردود جيد على الجميع.