أحدث الأخبار مع #نجوانأبواليزيدموسى


وضوح
١١-٠٥-٢٠٢٥
- وضوح
الوجه المظلم للفضاء الرقمي: كيف تحمي نفسك من التحرش الإلكتروني؟
كتب: د. نجوان أبو اليزيد موسى خبير تكنولوجي وذكاء اصطناعي وأمن سيبراتي في زمن أصبحت فيه التكنولوجيا نافذتنا اليومية على العالم، باتت التهديدات الرقمية أكثر تعقيدًا وخطورة، وعلى رأسها 'التحرش الإلكتروني'. لم يعد هذا النوع من الإيذاء حكرًا على الغرب أو المجتمعات المنفتحة، بل تسلل إلى جميع المجتمعات، بما في ذلك الدول العربية، مستغلًا الانتشار الواسع للهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي. ما هو التحرش الإلكتروني؟ التحرش الإلكتروني هو سلوك عدائي أو مسيء يتم من خلال الإنترنت أو الأجهزة الذكية، ويتضمن إرسال رسائل غير مرغوب فيها، تهديدات، ابتزاز، أو نشر معلومات خاصة أو حساسة دون إذن. الخطر هنا يكمن في أن المعتدي لا يحتاج إلى التواجد فعليًا، بل يكفيه اتصال بالإنترنت ليحدث ضررًا نفسيًا واجتماعيًا بالغًا. أرقام عربية صادمة: واقع يحتاج إلى وقفة تشير الإحصائيات الصادرة عن وحدة الجرائم الإلكترونية في بعض الدول العربية إلى أن حالات التحرش الإلكتروني تزداد بنسبة 20% سنويًا. في مصر، كشف تقرير لمؤسسة أمان لمكافحة التحرش الرقمي أن أكثر من 60% من الفتيات بين سن 15 و25 عامًا تعرضن لنوع من أنواع التحرش عبر الإنترنت. وفي السعودية، أظهرت دراسة صادرة عن هيئة حقوق الإنسان عام 2023 أن نحو 47% من مستخدمي الإنترنت الشباب واجهوا تنمرًا إلكترونيًا أو رسائل ذات طابع تهديدي. أما في الإمارات، فأطلقت الحكومة مبادرة 'أمنك الرقمي'، بعد أن أظهرت بيانات وزارة الداخلية أن واحدًا من كل خمسة طلاب في المرحلة الثانوية تعرض لمضايقات إلكترونية. أنواع التحرش الإلكتروني: خلف الشاشات يتغير القناع 1. التنمر الإلكتروني (Cyberbullying): غالبًا ما يستهدف المراهقين والأطفال، ويشمل تعليقات سلبية متكررة، صور معدلة بهدف السخرية، أو ترويج شائعات. 2. الابتزاز (Sextortion أو الابتزاز العاطفي): أحد أخطر الأنواع وأكثرها انتشارًا. يقوم المعتدي بتهديد الضحية بصور أو محادثات خاصة، وغالبًا ما يطلب مبالغ مالية أو خدمات معينة. 3. الملاحقة الرقمية (Cyberstalking): وهي مراقبة تحركات الضحية على الإنترنت، والتعليق المتكرر المزعج، أو إرسال رسائل غير مرغوبة بشكل يومي. 4. التحرش الجنسي اللفظي عبر الإنترنت: من أكثر السلوكيات شيوعًا في المجتمعات العربية، وغالبًا ما يتم من خلال الرسائل الخاصة أو التعليقات على الصور. لماذا تتصاعد المشكلة في المجتمعات العربية؟ نقص التوعية الرقمية: كثير من المستخدمين لا يملكون المهارات الأساسية لحماية حساباتهم أو التفاعل الآمن عبر الإنترنت. الوصمة الاجتماعية: خصوصًا للفتيات، ما يدفع العديد إلى عدم التبليغ خوفًا من الفضيحة أو التورط الأسري. عدم وجود قوانين صارمة أو ضعف تطبيقها: على الرغم من وجود قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية في معظم الدول، إلا أن التطبيق أحيانًا لا يكون بنفس القوة. التحول المفاجئ للتعلم والعمل عن بعد بعد كورونا: ما أدى لزيادة الوقت الذي يقضيه الأفراد – وخاصة المراهقين – على الإنترنت. كيف نحمي أنفسنا؟: 8 قواعد ذهبية لحماية أطفالنا وأنفسنا 1. اضبط إعدادات الخصوصية: لا تجعل معلوماتك مرئية للجميع. استخدم الخيارات التي تتيح عرض المحتوى للأصدقاء فقط. 2. لا تثق بأي شخص عبر الإنترنت بسهولة: العديد من الحسابات مزيفة أو تخفي هوية مشبوهة. 3. كلمة المرور ليست تفصيلًا بسيطًا: أنشئ كلمة مرور قوية، مكونة من حروف وأرقام ورموز، وغيرّها كل 3 أشهر. 4. فعّل المصادقة الثنائية (2FA): تضيف طبقة حماية إضافية لحساباتك. 5. احذر من روابط التصيّد: لا تضغط على روابط غير معروفة تصلك في البريد أو الرسائل الخاصة. 6. احفظ الأدلة: التقط صورًا أو احتفظ بنسخ من الرسائل أو التهديدات. 7. احظر ولا ترد: لا تدخل في مشادة مع المعتدي. استخدم خاصية الحظر فورًا. 8. أبلغ عن كل محاولة تحرش: سواء عبر المنصة أو من خلال الجهات المختصة مثل الشرطة الإلكترونية. دور الأسرة والمدرسة في المواجهة يبدأ التصدي للتحرش الإلكتروني من البيت والمدرسة. يجب تعليم الأبناء ثقافة 'الخصوصية الرقمية' منذ الصغر، وكيفية التعامل مع المواقف المزعجة بثقة ووعي. كما ينبغي أن تتضمن المناهج الدراسية موضوعات عن الأمان الرقمي والمواطنة الرقمية. التشريعات العربية: بين التطوير والتفعيل رغم أن أغلب الدول العربية لديها قوانين لمكافحة الجرائم الإلكترونية، إلا أن التطبيق يحتاج إلى آليات أسرع وأكثر شفافية. على سبيل المثال، في الإمارات هناك قانون يفرض غرامات تصل إلى 500,000 درهم على من ينشر معلومات خاصة دون إذن. وفي السعودية، تُعتبر جريمة الابتزاز الإلكتروني جناية يعاقب مرتكبها بالسجن والغرامة. لكن تظل الحاجة ملحة لخطوط دعم نفسية، ومراكز إبلاغ إلكترونية تتيح التبليغ بسهولة وخصوصية، خاصة للنساء والمراهقين. كلمة أخيرة: لأن سلامتك الرقمية… مسؤوليتك كل خطوة نخطوها في الفضاء الرقمي يجب أن تكون واعية ومدروسة. التحرش الإلكتروني ليس حالة فردية عابرة، بل ظاهرة عالمية تحتاج إلى ثقافة رقمية، دعم مجتمعي، وقانون قوي. فلا تتردد في طلب الدعم أو الدفاع عن نفسك. ومهما اختلفت المنصات، تذكّر: خلف كل شاشة هناك إنسان… ومسؤولية.


وضوح
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- صحة
- وضوح
كيف نربّي أبناءنا في عصر يسيطر عليه الضوء الأزرق؟
بقلم: د. نجوان أبو اليزيد موسى – خبيرة تكنولوجيا تعليم الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في زمنٍ تحوّلت فيه الشاشات من أدوات مساعدة إلى محور يومي لحياة أبنائنا، أصبحت التربية الرقمية من أكبر تحديات العصر الحديث. اليوم، بات الطفل يلمس الجهاز الذكي قبل أن يتعلم ربط حذائه، ويشاهد الفيديوهات قبل أن يتقن نطق الكلمات. فكيف يمكننا كآباء ومربين أن نوجّه أبناءنا وسط هذا الطوفان الرقمي دون أن نحرمهم من مزاياه أو نتركهم فريسة لمخاطره؟ التكنولوجيا: فرصة عظيمة أم خطر خفي؟ ليست التكنولوجيا عدوًا كما يظن البعض، بل على العكس، يمكن أن تكون حليفًا رائعًا إذا تم استخدامها بوعي. فقد تمكن الطفل من تعلّم لغة جديدة، أو اكتساب مهارات برمجية، أو استكشاف العالم من حوله من خلال الشاشات. ولكن بالمقابل، هناك جانب مظلم لا يمكن تجاهله. مثال واقعي: مريم، طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات، بدأت باستخدام 'يوتيوب كيدز' لأغراض تعليمية. لكن دون رقابة، تطوّر استخدامها إلى 6 ساعات يوميًا، ما أثّر سلبًا على نومها، ومستواها الدراسي، ومزاجها العام. أبرز التحديات الرقمية في حياة الطفل 1. الإدمان على الشاشات الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية يمكن أن يتحول إلى إدمان حقيقي، ويؤثر على التركيز والقدرة على التفاعل الواقعي. الطفل الذي يتصفح 'تيك توك' لساعات يفقد تدريجيًا رغبته في التفاعل الحقيقي. 2. العزلة الاجتماعية كريم، طفل في التاسعة، يفضّل الجلوس وحيدًا مع جهازه في كل المناسبات العائلية. هذه السلوكيات قد تكون مؤشراً مبكراً على ضعف المهارات الاجتماعية وانطواء الطفل على ذاته. 3. الاضطرابات النفسية المقارنة المستمرة التي يراها الطفل على السوشيال ميديا قد تؤدي إلى قلق أو اكتئاب. ليلى، 13 عامًا، بدأت تشعر بالنقص بعد متابعتها لمؤثرات جمال على 'إنستغرام'، وأصبحت ترفض شكلها الطبيعي. 4. المخاطر الأمنية يواجه الأطفال أخطاراً حقيقية على الإنترنت، مثل التنمّر الإلكتروني، أو الابتزاز، أو التواصل مع غرباء. أحد الأطفال تلقى رسائل غير لائقة من شخص مجهول أثناء لعبه على تطبيق شهير، وبقي خائفًا لعدة أيام دون أن يخبر أحدًا. كيف نربّي أبناءنا رقميًا؟ خطوات عملية وواقعية 1. وضع حدود صحية ينبغي تحديد أوقات لاستخدام الأجهزة، وربطها بالإنجازات اليومية. أسرة أحمد خصصت ساعة واحدة فقط بعد أداء الواجبات للمشاهدة أو اللعب الإلكتروني، ما أعاد التوازن إلى يوم الطفل. 2. التعليم لا المنع بدلاً من منع التكنولوجيا، علّم طفلك كيفية استخدامها. والد سلمى جلس معها ليشرح كيف تفرّق بين المحتوى المفيد والمسيء، حتى أصبحت تنتقي بنفسها ما يناسبها من تطبيقات تعليمية. 3. تشجيع البدائل الواقعية نظّم أنشطة منزلية وخارجية تحفّز الطفل على التفاعل مع العالم الحقيقي. أم أحمد أدرجت رياضة أسبوعية، ورش فنون وزيارات ترفيهية ضمن جدول الأسرة، فلاحظت انخفاض وقت الشاشة تلقائيًا. 4. الرقابة الذكية والواعية استخدم أدوات المراقبة الرقمية الحديثة التي تمنحك تحكمًا دون التطفل. أحد الآباء كان يتلقى تقارير أسبوعية من تطبيق 'فاميلي لينك' لمعرفة التطبيقات التي يستخدمها ابنه، ويتحدث معه عنها بهدوء. 5. التواصل اليومي الفعّال الطفل بحاجة لمن يسمعه بصدق. حوار بسيط قبل النوم مثل 'شو أكثر شيء شفته اليوم عجبك؟' قد يفتح بابًا للنقاش، ويكشف ما يخفيه. أدوات تقنية تساعد الأهل في الرقابة والتوجيه التكنولوجيا تقدم للأهل حلولاً فعالة لمتابعة استخدام الأطفال للأجهزة، دون الحاجة إلى منعهم تمامًا: Google Family Link: يسمح بتحديد وقت استخدام التطبيقات، وتتبع المواقع الجغرافية، والموافقة على التنزيلات. Qustodio: يقدّم تقارير مفصّلة عن أنشطة الطفل الرقمية، ويتيح حظر المحتوى غير المناسب. Bark: يراقب المحادثات والمنشورات على تطبيقات التواصل الاجتماعي، ويُنبه في حال وجود محتوى غير لائق. YouTube Kids: منصة آمنة ومخصّصة للأطفال، مع إمكانية تحديد الفئة العمرية والمحتوى المعروض. Microsoft Family Safety: يوفّر أدوات تحكم ومتابعة لأجهزة ويندوز وإكس بوكس، مع إمكانية تحديد وقت الاستخدام والمحتوى. الخلاصة: كن حاضرًا، لا مراقبًا فقط التربية في العصر الرقمي تتطلب منا التوازن بين الرعاية والحرية، بين الرقابة والحوار. أطفالنا لا يحتاجون لمن يمنعهم من التكنولوجيا، بل لمن يرافقهم فيها، ويوجّههم بحب ووعي. فلنكن الجسر الذي يعبر بهم نحو استخدام آمن، مسؤول، وهادف للتكنولوجيا.. لا الحاجز الذي يفصلهم عنها أو يدفعهم للغرق فيها سرًا.