أحدث الأخبار مع #نظريةاللعبة


أفريقيا الإخبارية
٠٤-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- أفريقيا الإخبارية
قراءات دولية وانعكاساتها على الشرق الأوسط.. الجزء الثامن
يتجه العالم إلى تنافسات لغزو الفضاءات، وتغيير أنماط الحياة التي طالما كانت تحديًا للكثير من المجتمعات والبشر بشكل عام. كما تلوح في الأفق تغييرات قادمة، حيث يسعى العالم الأول بشكل حثيث لتنفيذ برامج عميقة دون أن يكون لدينا أي فهم لتفاصيلها، ولا قدرة على رفضها. فمنذ أن تعرفت مجتمعاتنا على عبور الإنترنت، وإطلاق الأقمار الصناعية، لم يعد هناك غطاء حقيقي لصون السيادة، وحجب ما استطعنا لسنوات طويلة أن نمنع وجوده في طرق العيش أو استخدامات الحياة. كما يجدر بنا أن ننوه بأن الحروب القادمة من النواحي الاقتصادية، ستلزم وتفرض قواعد تشريعية وقانونية غير تلك التي نعرفها أو تلك المفترض العمل عليها من خلال المنظومة القانونية للقانون الدولي. فأهداف دول الريادة لا تلتزم بالقواعد والإجراءات بل تغيرها وتمحو أثرها، وتعاقب وقد تؤذي من يخالفها. وأذهب إلى أن القوة المسيرة والمسيطرة قد منحت الإذن للبدء في تنفيذ الإطار المستحدث للعالم الجديد، بما في ذلك الشرق الأوسط الجديد، والقنوات البحرية والمنافذ البحرية الاستراتيجية، وهو أمر يضع جغرافيا العالم كلها تحت مجهر التحديث، كما يشكل تحديات في كافة المجالات الاقتصادية والجيوسياسية والاجتماعية والثقافية. أما الآليات فستكون بين يدي الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية وشريكه، فلم تعد تقسيمات الأمم المتحدة ومواثيقها المركز الأصيل، هذا في حال استمرار دورها، حيث إن الإنفاق الأمريكي قد توقف للكثير من مظلاتها وأطرافها وأذرعها ما تسبب بتقليص الوظائف وإغلاق أبواب بعض منظماتها، وهو ما أكده الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش) بإنهاء آلاف الوظائف لموظفي الأمم المتحدة. في الوقت الذي لا نشكك بوجود ضرورات مؤثرة ضدية، كتلك التي تعني مقاومة التغيير، والظروف السياسية غير الملائمة، والمناخ العام لأوضاع مختلفة، وغليان المنافسة الاقتصادية، والأطماع والطموح بصفة عامة للكثير من الدول الرائدة والتي قد تستغل بل توظف ما وصلت إليه الأحوال لتنفيذ مهامها ومخططاتها، والذي أعنيه، هو الصين وما يدور في فلكها، أما الاتحاد الأوروبي، باستثناء بريطانيا، فلن يكون له دور أساسي قيادي بل تابع، ما يفرض عودة إلى ما قبل الاتحاد، وما قبل اليورو. علينا أن نحدد بعض ملامح القادم، وسنبدأ بالجانب الاقتصادي، وهو الجانب الذي تمارس به الولايات المتحدة الأمريكية اليوم سياساتها الداخلية والخارجية، حيث سيقود الاقتصاد كل القرارات السياسية، وليس العكس، ومن ضمن التحديات الأساسية، برامج الفضاء، والطاقات البديلة ومن ضمنها التحول الكهربائي للسيارات، والتقنيات الرقمية بما فيها الذكاء الاصطناعي. والأهم والأكثر إزعاجًا ورعبًا هو أداء الأسواق الأمريكية، ودور الدولار الأمريكي والعجز في الميزانيات والذي يصل إلى ما يقرب من 32 تريليون (دين)، وفي حالة عدم رفع سقف الديون مجددًا، كما ذكرت وزيرة المالية الأمريكية، فإن أمريكا لن تقدر على سداد ديونها بل سداد فوائد تلك المديونيات. كما أن المعالجات بفرض التعريفات الجمركية على بعض الدول (كندا - المكسيك - الصين - تايوان - أوروبا) تحت ما يعرف بـ(نظرية اللعبة) والذي يرى الخبراء بأنه قد يحقق مكاسب آنية أي على المدى القريب، ولكنه سيدفع الدول الأخرى لتقليل حجم التعاملات مع الأسواق الأمريكية وسيؤدي إلى تفكك الاقتصاد العالمي، مما يؤدي بخسارة الهيمنة الأمريكية الاقتصادية، إضافة إلى منافسات واقعية وقديرة وجديرة تضعها الصين بشكل ثابت وواعد. فلنذهب في هذا الجزء لعينة، وسنأتي لعينات أخرى، (مجال الطاقة) لتلك المنافسات الشرسة التي يشهدها عالمنا بين أوروبا والصين والولايات المتحدة الأمريكية، فالصين تغير العالم دون ضجيج، تحولات من كونها المستهلك الثاني العالمي للنفط باستهلاك سنوي يصل إلى 16 مليون برميل يوميًا، والذي سيتراجع وفق ما تذكره المصادر إلى 11 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2060، حيث يعني التراجع في الاستهلاك النفطي هو التحول الإيجابي لصالح الطاقات البديلة النظيفة، والذي استثمرت به الصين حوالي 940 مليار دولار، أي إجمالي ما أنفقته أمريكا وأوروبا وكندا والهند جميعًا، فالطاقة الشمسية تضاعفت مشروعاتها في الصين، وتشكل ضعف ما يملكه العالم، كما تستحوذ الصين على 80% من صناعة ألواح الطاقة الشمسية بالعالم. نجد بأن قطاع السيارات الكهربائية الصيني والذي وصل عام 2024 إلى (10) ملايين سيارة، أي ما يبلغ ما نسبته 58% من الإنتاج العالمي، حيث تعتبر الصين أكبر منتج ومصدر للسيارات بصفة عامة، وفق ما ذكره مصدر (فاينانشيال تايمز)، والجدير بالذكر بأن الصين تملك 60% من إجمالي المعادن المستخدمة في إنتاج البطاريات، وهو ما تسبب بإخفاق المنافسة الأوروبية والأمريكية. في الوقت الذي نرى بأن أهم مصنعي البطاريات للسيارات الكهربائية الأوروبية السويدية، (نورثفولت) قد أعلن الإفلاس، وهو أمر نرى تأثيراته الواضحة للتفوق الصيني، ويجدر بنا أن نعرج على المنافسة الصينية بنفس الصناعة في مواجهة العملاق "تسلا" قد حد بل قلص مبيعاتها عالميًا ما سبب خسائر فادحة للشركة تصل لخسارة 40% من سعر أسهمها.


٢٤-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
الدكتور بنطلحة يكتب: أدوار 'نظرية اللعبة' في تحليل الصراعات الدولية وتصرفات صناع القرار
د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للابحاث والدراسات حول الصحراء تُستخدم نظرية اللعبة (Game Theory) في العلاقات الدولية لاتخاذ القرارات في حالة الصراع بين الوحدات المتنافسة، حيث يسعى كل طرف إلى تحقيق مصلحته على حساب الآخر. وتهدف النظرية إلى الوصول إلى استراتيجية تُرضي جميع الأطراف، إلا أن صعوبتها تكمن في رغبة كل متنافس في تحقيق أكبر عائد ممكن. يُعد المفكر الفرنسي إميل بوريل (Émile Borel) أول من طرح نظرية الألعاب عام 1921، بينما قدّمها جون فون نيومان (John von Neumann) وأوسكار مورغنسترن (Oskar Morgenstern) كأداة لتحليل المواقف التنافسية المتعارضة. ارتبطت نظرية الألعاب أساسًا بالرياضيات والاقتصاد، لكنها طُبِّقت أيضًا في علم السياسة والعلاقات الدولية، حيث استُخدمت في تحليل الصراعات السياسية على يد هنري كاهن، وبرنارد برودي، وهنري كيسنجر. تعنى نظرية اللعبة بدراسة وتحليل تصرفات صناع القرار، وكيفية انتهاجهم للخيارات الرشيدة التي تحقق لهم أكبر قدر ممكن من المكاسب. ولتطبيقها، لا بد من وجود استراتيجية، وهي مجموعة السياسات والأساليب والخطط والمناهج المتبعة لتحقيق الأهداف المنشودة. وبذلك، تركز الاستراتيجية على الأدوات والوسائل اللازمة للوصول إلى الغايات المحددة. ويمكن تعريفها بأنها: 'علم وفن استخدام الوسائل والقدرات المتاحة في إطار عملية متكاملة يتم إعدادها والتخطيط لها مسبقًا'. لكل طرف في نظرية اللعبة أهدافه وإمكانياته واستراتيجيته، وفقًا للخيارات والبدائل المتاحة، والتي يحددها صانع القرار للوصول إلى أهدافه. وسلوك صانع القرار تحكمه العقلانية والمنفعة، فضلًا عن ضرورة امتلاكه معلومات دقيقة تُمكّنه من وضع استراتيجيته بوضوح، وتحديد موقفه من خصمه ومن مسار اللعبة. تعتمد نظرية الاختيار العقلاني (Rational Choice Theory) على اتخاذ القرارات بطريقة منظمة وعقلانية، بهدف تعظيم المنافع وتقليل التكاليف. وتعتمد هذه النظرية على تقييم الخيارات المتاحة، واختيار الخيار الأمثل لتحقيق المصلحة الذاتية، وذلك في إطار معرفة واضحة بالتكاليف والمزايا المرتبطة بكل خيار. ويتم اتخاذ القرار وفق نهج عقلاني، بعيدًا عن العشوائية أو الانفعال. يرتبط مفهوم المنفعة في هذه النظرية بالنهج البراغماتي الذي يحكم العلاقات الدولية، حيث تسعى كل دولة إلى تعظيم قوتها ومصالحها عبر توظيف مواردها السياسية والاقتصادية، من أجل تحقيق المنفعة وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية. يمكن تصنيف نظرية اللعبة إلى شكلين رئيسيين: اللعبة الصفرية (Zero-Sum Game): حيث يكون انتصار أحد الأطراف مرهونًا بخسارة الطرف الآخر، ويفرض المنتصر إرادته وشروطه على الطرف الخاسر دون قيد أو شرط. اللعبة غير الصفرية (Non-Zero-Sum Game): حيث تُدار الأزمة أو الصراع بين الطرفين على أساس الأخذ والعطاء، مما يفتح المجال لحلول وسط تحقق مكاسب متبادلة. وأخيرًا، تتطلب نظرية اللعبة عاملًا رئيسيًا وحاسمًا، وهو اليقين، الذي يشير إلى الإيمان الراسخ بالقضية التي يدافع عنها كل طرف، باعتبارها حقائق غير قابلة للتفاوض. وعلى النقيض، فإن اللايقين يرتبط بالشك والتردد، وهو ما أثبتت أهميته عبر تاريخ الشعوب.