logo
#

أحدث الأخبار مع #نوفلهاشيتأنطوان،

دليلُ المغربي حسن أوريد لفهم الهويّة ومعضلاتها
دليلُ المغربي حسن أوريد لفهم الهويّة ومعضلاتها

النهار

timeمنذ 12 ساعات

  • سياسة
  • النهار

دليلُ المغربي حسن أوريد لفهم الهويّة ومعضلاتها

للوهلة الأولى، سيبدو عنوان هذه المقالة مُفارِقاً لمن يعلم أن "فخّ الهويّات" كتابٌ للكاتب المفكر المغربي حسن أوريد (صادرٌ أخيراً عن نوفل هاشيت أنطوان، بيروت) يعرض ويشرح ويحلل فيه قضيّة أقل ما تُنعتُ به أنها إشكالية، تحوّلت إلى ظاهرة تنامت واتسعت في إطار نزعة، بل نزعات في العالم أجمع تقريباً، كسّرت بنية الكيانات الواحدة المهيمنة باسم قومية واحدة ومنمّطة. وجه المفارقة، ربما المفارقات، لن نقترب منه قبل الاطلاع على العناوين والمضامين العامة لكتاب يبدأ بسيطاً، غايته التعريف البيداغوجي بقضية تيمة، ثم ما يلبث أن يتشعّب في كل اتجاه، ينصرف إلى شرح أوضاع الجاليات العربية (المسلمة) في أوروبا، في فرنسا خاصة، بكثير من التفصيل، يقول المؤلف إنه متمرِّسٌ بها، وبوصفها "الساحة المحتدمة لصراع الهويات". يشتغل كتاب حسن أوريد في موضوعه موزّعاً في الوصف والتحليل بين قطبين: العربي، والغربي، مغلِّباً الأخير الذي منه يستمدّ مرجعياته وأمثلته الكبرى، الفكرية والحدَثيّة، ليقابلها مع أوضاع المهاجرين على رغم اختلاف السياقات والأسباب، بما يعدّد معاني الهويات وأزماتها، آخذاً الحيطة بإعلان أنه يستخدم في عمله (المبضع الموضوعي) فيستعين بعلماء اجتماع درسوا ظواهر معقدة يعدّدها: الإسلاموفوبيا (كراهية الإسلام أو بغضه)؛ عودة العرقية؛ المجتمع الأرخبيلي؛ الانقباض الهويّاتي (نظرية الاستبدال) وأخيراً، نقض حركة الاستعمار. هي المحاور الكبرى التي يقاربها كتاب يحدّد موضوعه في "مسألة الهوية التي لم تعد موضوعاً عرَضيّاً في العالم كلِّه، وهي النقطة العرَضانية للأبحاث المتضمنة فيه" (9). وإذ نقرأ اتهامه قاطنة الضفة الغربية بعيشهم (تلوّثاً فكريّاً) من خلال سكبِ مفاهيم مجتثةٍ عن سياقها، وفرْضِها على واقعنا، وقلب سُلّم القيم، يقرر مباشرة أن بحثه يستمد شرعيته من وعيه "تداخل القضايا الاجتماعية والثقافية للضفة الأخرى تلحّ علينا (...) من خلال الدفع بمفاهيم، وتصورات، وخيارات، وتقنيات..."(10). سنعثر في هذا الكتاب على تحذيرات من مزالق الهوية وأخطارها أكثر من تعريف يحدّدها، من قبيل أن مجالها: "لا ينبغي أن يسيء للعيش المشترك، أو يرهَن المواطنة"؛ و"إن أطلق لها العنان جمحت بلا كابح"(12). خطاب الهوية عَكِرٌ، إذا استند في ماضيه إلى دواعي الاعتراف، والكرامة، والتنوّع الثقافي، فقد أضحى: "أدواتٍ للاختراق والتوظيف الأجنبي" تضعُف الدولة وقد تختطفها، وتحدث توترات في المجتمعات الهشّة. وبما أن أيّ إشهار للهوية يؤدّي إلى الاصطدام بأخرى، النصيحة هي "تصوّر الهوية كحرف عطف، لا كأداة نفي، كجمع لا كطرح، كإضافة لا كاختزال، في إطار عقد اجتماعي، تصاغ بنودُه باستمرار، لأن الهوية ليست قارة، ومن أجل مصير مشترك (...) وثقافة حوار، وعمق دراسة تضطلع بها الجامعة" (13). هذا برنامجُ ومجملُ تصوّرٍ وفهرست عمل لمحتوى كيفية دراسة تيمة الهوية مرفق بحكم جازم أن خطابها "لا يغيّر من وضع قائم، لأنه يفتُّ من جبهة محتملة أو قيد التشكّل" (15). يبتغي مؤلَّف حسن أوريد الشمول، أولاً، والاستقصاء، ثانياً، ثم المنعطفات الفرعية أخيراً، فتشعّب واستطرد ليُشبع البحث درساً كما يقال، وقد فعل وأغنى حتى زاغ عنه أو كاد. نتبيّن هذا من عناوين فصوله العشرة: 1- مأزق الهوية. 2- الانفلات الهوياتي-حالة العالم العربي. 3- صناعة العدُوّ أو "نظرية الكراهية". 4- الإسلاموفوبيا أو الانكفاء الهوياتي. 5- العلمانية من قيمة إلى إيديولوجيا. 6- عالم الضواحي في فرنسا والهويات المتناثرة. 7- من صراع الطبقات إلى صراع الأعراق. 8- المجتمع الأرخبيلي-الحالة الفرنسية. 9- الانقباض الهوياتي أو الاستبدال الكبير. 10- نقض الاستعمار. يتعذر في مساحة المقال تفصيل القول فيها جميعها، نكتفي بالإلماع لأوْكدها صلةً بقضيّة الهوية وإشكالياتها وعرضِ أهم المقولات والمفاهيم القرينة بها تستوفيها تقريباً، منها: - لا مطلق لخطاب الهوية، إنه قابلٌ للتطور، ويتأثر بسياقات متعددة. - ليس هناك خطابُ هوية من دون استعداء آخرَ يصبح الغير. - كلّ خطابٍ هوياتي ينتهي إلى مأزق وفخّ، ما يستوجب صوغ هوية مشتركة لبلد على أسس المواطنة والعيش المشترك؛ أو الانطلاق من واقع الاختلاف ووضع قوانين تدبيره. - يكمن مأزق خطاب الهوية أيضاً في "شيطنة الآخر ورميه بكل المثالب" (37). كذلك في أخطار التعددية الثقافية من قبيل الإجهاز على الحرية الفردية والقولبة الجماعية (39). - الحلّ المقترح لتخطّي المثالب، بحسب الدراسات المنجزة، هو الاندماج في ظلّ قيم كونية (44). - بالنسبة إلى العالم العربي، نُظر إلى خصوصية الهوية من زاوية وحدة الصف في ظلّ الدولة الوطنية، بما أفضى في نظر أوريد إلى واقع مجحفٍ لثقافات [أخرى] وتهميش دُعاتها وتخوينهم، يعني بهم الأمازيغيين في عموم المغرب العربي، والشيعة في العراق، والأكراد في العراق. - خضع خطاب الهوية في العالم العربي للحيطة والتوجّس، ولم يُطبّع معه إلا ببطء وفي حدود. - بعد إسهاب ومناقشة لأطروحات المفكرين الغربيين وأمثلة من واقعهم وتاريخهم، وفي ما يشبه التركيب للمسألة الهوياتية والهوية الوطنية، يرى الباحث أوريد خلاصها من خلال قيم المواطنة، والتنشئة المدرسية الفعالة، والعدالة الاجتماعية والتنوع بأشكاله وتدبيره. (67). ننتهي إلى ما سمّيناه التشعّب في هذا الكتاب الذي ابتغى الشمول، فجاءت فصوله الأخيرة مخصصةً لظواهر ومعضلات الهجرة والمهاجرين العرب في فرنسا تحديداً، وأساليب تعامل السلطات الفرنسية معها، كجزء من الصراع حول إثبات الهويات ونقائضها وعوائقها، وهو تحليلٌ نظريٌّ معتمدٌ على الكتب والمستندات أكثر من المعاش، فإثبات حق الهوية صراعٌ يومي، عِلماً بأن المؤلف أعلن في بداية تأليفه المتعدد أنه ينطلق من تجربة شخصية ضاعت ملامحها في اكتظاظ المرجعيات والإحالات الفكرية الغربية، حتى ليبدو الكتاب مترجماً من الفرنسية. أما المفارقة الأم، فتكمن في أن المنبّه لإشكالية الهوية ومحاذيرها، والمأزق من أوصافها، لا ينجو منها حين نقرأه ينافح عن هوية مقابل أخرى [ظالمة ومتعدية] لإثبات شرعيتها، ويصطفّ إلى جانبها. وإن كان من حقه الانتماء الهويّاتي، فلا بأس لو نحن تساءلنا عن "سبب النزول".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store