أحدث الأخبار مع #هيئةالتنميةالاقتصادية


البلاد البحرينية
منذ 5 أيام
- أعمال
- البلاد البحرينية
خريطة الاستثمار تبدأ من سنغافورة
بين اختلال سلاسل التوريد، وتصاعد التنافس على التكنولوجيا والموارد، تسعى الدول إلى إعادة رسم أولوياتها الاقتصادية بما يتلاءم مع المتغيرات العالمية. وفي هذا السياق، تُعد سنغافورة من أبرز النماذج التي استطاعت أن توائم بين الانفتاح التجاري والانضباط المؤسسي؛ ما جعلها موقعًا استثماريًّا فريدًا على خريطة التجارة العالمية. وبالنسبة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فإن هذه الدولة المدينة ليست مجرد شريك آسيوي، بل مركز محوري للربط بين أسواق الشرق والغرب. فمن خلال بيئة أعمال مستقرة، وأنظمة قانونية متقدمة، أصبحت سنغافورة منصة حقيقية يمكن أن تُبنى من خلالها شراكات طويلة الأمد، وفرص استثمارية نوعية تلبي أهداف التنويع الاقتصادي الخليجية. في 15 ديسمبر 2008، وُقّعت اتفاقية التجارة الحرة بين سنغافورة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودخلت حيز التنفيذ في 1 سبتمبر 2013. وتُعد هذه الاتفاقية الأولى من نوعها بين مجلس التعاون ودولة في جنوب شرق آسيا، وتهدف إلى تعزيز التبادل التجاري والاستثماري بين الجانبين. وتشمل الاتفاقية إلغاء 99 % من الرسوم الجمركية على السلع المتبادلة، وتسهيل النفاذ إلى الأسواق، وتعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية. لقد شهدت العلاقات الاقتصادية بين سنغافورة ودول مجلس التعاون نموًا ملحوظًا في العام 2024. فوفقًا لبيانات هيئة التنمية الاقتصادية في سنغافورة، بلغت التزامات الاستثمار في الأصول الثابتة حوالي 13.5 مليار دولار سنغافوري (ما يعادل 10 مليارات دولار أميركي). في المقابل، تتجه دول مجلس التعاون نحو تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن الاعتماد على النفط؛ ما يجعل سنغافورة شريكًا استراتيجيًّا في مجالات مثل التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والخدمات اللوجستية. كما تُعد سنغافورة بوابة مثالية لدخول أسواق رابطة دول جنوب شرق آسيا 'آسيان'، التي تُعتبر من أسرع الاقتصادات نموًّا في العالم. ومن خلال الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة، يمكن لدول مجلس التعاون توسيع نطاق صادراتها، والاستثمار في قطاعات جديدة، وتعزيز التعاون في مجالات مثل التعليم، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا المالية. ومع استمرار دول الخليج في تنفيذ رؤاها الاقتصادية - من رؤية البحرين الاقتصادية 2030 إلى رؤية السعودية 2030 ومبادرات التحول في الكويت وقطر والإمارات وعُمان - تبدو الحاجة ملحّة لبناء روابط استثمارية تتسم بالمرونة والجدوى. وهنا، تُثبت سنغافورة قدرتها على أن تكون شريكًا موثوقًا في مجالات تشمل التكنولوجيا، والخدمات اللوجستية، والطاقة المتجددة، وسلاسل الإمداد الذكية. فالانطلاق من سنغافورة لا يعني فقط دخول سوق جنوب شرق آسيا، بل الشراكة مع دولة تُجيد إدارة رأس المال والمعرفة والتقنية. من هذا المنطلق، فإن رسم خريطة استثمار خليجية أكثر ذكاءً يبدأ، وبكل وضوح، من حيث تتقاطع الرؤية مع الكفاءة: سنغافورة. * صحافي وكاتب إندونيسي، مهتم بشؤون منطقة جنوب شرق آسيا، مقيم في كوالالمبور

سودارس
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- سودارس
عثمان ميرغني يكتب: المايسترو..
قال البرهان إن الوزير، بعد توليه المنصب، يفرط في توزيع الوظائف على أقاربه أو أصدقائه، دون ارتباط بين حاجة العمل أو الكفاءة ومؤهلات الشخص الذي يشغل الوظيفة أو قدراته. وللدلالة على استشراء هذه الظاهرة، أشار البرهان إلى أن مدراء المكاتب يفعلون الشيء ذاته، لدرجة أن بعض الوحدات الرسمية تحولت إلى مؤسسات عائلية، رغم أنف قواعد الخدمة المدنية وقوانينها. لا أحد ينكر أن ما قاله البرهان صحيح وشائع في مختلف مستويات الدولة، بل ربما أصبح مسلكًا طبيعيًا لا يرفع حاجب الدهشة لفرط انتشاره. لكن، بالضرورة، يطرح ذلك سؤالًا مهمًا: إذا كان أعلى هرم السلطة يدرك هذه الظاهرة، وتحت سمعه وبصره، ومع ذلك لا يجد من يمارسها خوفًا ولا حتى حرجًا في تفضيل أقربائه وعشيرته بالوظائف، فهل الخطورة على الدولة تكمن في شغل هذه الوظائف بغير المستحقين، أم في أن يمارس الوزراء والمدراء ذلك بعلم الرئيس؟ لكل دولة في عالم اليوم "عقل مركزي" يديرها من قمة رأسها إلى أخمص قدميها. لا أقصد ب"العقل المركزي" سيطرة شخص أو هيئة أو حزب بالمعنى الذي قد يُفسَّر ضرباً من الدكتاتورية، بل أعني خلاصة الرؤية والغايات العليا وقوة الدفع المعنوية التي تشكل قوام الحركة والسكون في الدولة. الدولة جسم له عقل يفكر به، وقلب نابض يضخ الحياة والعافية فيه. غياب "العقل المركزي" يجعل الدولة جسماً بلا عقل ولا قلب ينبض، فيتحول إلى مجرد كتلة صماء بلا وعي حقيقي بما يجب أن يكون أو لا يكون. "العقل المركزي" هو المايسترو الذي يحافظ على إيقاع ونبضات قلب الدولة، أقرب إلى مفهوم "وحدة المعالجة المركزية" في الحاسوب. لا تسيطر على كل الوظائف والأعمال، لكنها تفرض حالة منظمة لمختلف النشاطات لتحقيق أهداف محددة. تتشارك وحدات الحاسوب في العمل حسب وظائفها، وتشرف البرمجيات على تحديد هذه الوظائف وطريقة عملها، وتلتزم الجميع بإيقاع ساعة موحدة للتوافق في خطوات العمل، فيتحقق الناتج النهائي حسب الأهداف المخطط لها وبمنتهى الدقة. ولضمان أعلى كفاءة ل"العقل المركزي"، فإنه ملزم بمقاييس محددة تضبط عمله وتمنح القدرة على قياس التقدم أو التأخر أو حتى العطب. إذا غاب "العقل المركزي" عن الدولة، فكأنما تحول الحاسوب إلى قطعة حديد باردة، مهما دارت فلن تحقق غاية. الدولة السودانية تعاني من غياب "العقل المركزي"، وتتعايش مع حالة موات فعلي لا تلتزم بأهداف ولا مقاييس.. تأكيد ذلك من مقارنة مع بعض النماذج في عالم اليوم. مثلا: سنغافورة.. وهي نموذج بارز لدولة لديها "عقل مركزي" يتمثل في رؤية حكومية واضحة تركز على التنمية الاقتصادية، التعليم، ومكافحة الفساد. منذ استقلالها في 1965، وضعت خططًا طويلة الأمد (مثل خطط التنمية الخمسية) مع التركيز على الكفاءة والشفافية. و يظهر "العقل المركزي" في مقاييس واضحة.. مثل نظام اختيار الموظفين العموميين الذي يعتمد على الكفاءة والجدارة، مع رواتب تنافسية للحد من الفساد. و تخطيط اقتصادي دقيق، حول سنغافورة إلى مركز مالي عالمي..و قوانين صارمة وشفافة تُطبق على الجميع، مما يمنع المحسوبية. فمثلا هيئة التنمية الاقتصادية (EDB) تعمل كوحدة تنسيق مركزية تجذب الاستثمارات وتدير المشاريع الوطنية. و مثال آخر باهر: دولة كوريا الجنوبية..التي تحولت من دولة فقيرة بعد الحرب الكورية (1950-1953) إلى واحدة من أقوى الاقتصادات العالمية في فترة قصيرة بفضل رؤية إدارية مركزية تركزت على التعليم، الصناعة، والتكنولوجيا. يظهر "العقل المركزي" لدولة كوريا الجنوبية في خطط تنمية اقتصادية طويلة الأمد (الخطط الخمسية في الستينيات والسبعينيات).. ودعم الشركات الكبرى (مثل سامسونغ وهيونداي) مع توجيه مركزي لتطوير الصناعات الاستراتيجية.. و نظام تعليمي صارم ينتج كفاءات عالية تلبي احتياجات السوق. و مكافحة المحسوبية -التي تحدث عنها الرئيس البرهان-بأنظمة اختيار الموظفين تعتمد على الكفاءة، مع رقابة صارمة تمنع توزيع الوظائف على أساس القرابة أو الصداقة.