logo
#

أحدث الأخبار مع #و«سايكوانتم»

الصبر مفتاح النجاح في الحوسبة الكمية
الصبر مفتاح النجاح في الحوسبة الكمية

البيان

time٢٢-٠٢-٢٠٢٥

  • علوم
  • البيان

الصبر مفتاح النجاح في الحوسبة الكمية

جون ثورن هيل ذات مرة، قال الفنان مايكل أنجلو إن «العبقرية هي الصبر الأبدي». تبدو هذه المقولة اليوم بعيدة عن واقع الشركات المعاصرة، فمعظمها يركز على الأرباح الفصلية قصيرة المدى، خاصة في مجال المشاريع البحثية التي قد تستغرق عقوداً من الزمن دون ضمانات مؤكدة. في الماضي، كانت الجامعات هي الجهة التي تضطلع بمثل هذه المهام البحثية المعقدة. لذا، عندما تنجح شركة في تقديم دليل أولي على تحقيق إنجاز علمي كبير، فإن ذلك يثير اهتماماً واسعاً. هذا ما يميز المسيرة البحثية التي خاضتها شركة «مايكروسوفت» على مدار سنوات، واجهت خلالها تحديات كبيرة في سعيها لتطوير نهجها الفريد في الحوسبة الكمية. وأخيرا، آتت هذه الجهود ثمارها هذا الأسبوع، حيث أعلنت عن «ماجورانا 1»، أول رقاقة كمية في العالم تعتمد على هندسة معمارية طوبولوجية متقدمة. واستطاعت الشركة استغلال نوع جديد من المادة لتطوير كيوبتات مبتكرة، ما يفتح آفاقا جديدة نحو تطوير أجهزة حوسبة كمية موثوقة وعالية الكفاءة. وترى الشركة في هذا التطور نقطة تحول من مرحلة البحث العلمي النظري إلى التطبيق التكنولوجي العملي. ووصف جيسون زاندر، نائب الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت والمسؤول عن المشاريع الاستراتيجية طويلة الأجل، هذا التطور بأنه نقلة تاريخية في عالم التكنولوجيا، مماثلة للانتقال من عصر الصمامات المفرغة إلى عصر أشباه الموصلات. وتتميز الكيوبت الطوبولوجية بجمعها بين السرعة العالية والقدرة على التحكم الرقمي، ما يفتح المجال لتطوير حواسيب كمية قادرة على معالجة مليون كيوبت، وهو المستوى الذي يراه العلماء ضرورياً لتحقيق حوسبة كمية متقدمة. ورغم هذا التقدم المهم، فإن دمج وحدات المعالجة الكمومية في مراكز البيانات بجانب وحدات معالجة الرسومات التقليدية، التي تدعم حالياً تطبيقات الذكاء الاصطناعي، سيتطلب سنوات من التطوير والاختبار. وتطمح «مايكروسوفت» لتطوير حاسوب كمي قوي بحلول نهاية العقد، قادر على حل مشكلات تتجاوز إمكانيات الحواسيب التقليدية. ويوضح زاندر أن الخصائص الاستثنائية للحوسبة الكمية ستفتح آفاقاً جديدة للباحثين، مثل تطوير مواد محفزة قادرة على تفكيك الملوثات البلاستيكية الدقيقة التي تهدد البيئة، وابتكار تقنيات لتحسين خصوبة التربة الزراعية، أو حتى تطوير أنواع متقدمة من الخرسانة القادرة على إصلاح تشققاتها تلقائياً. وأشاد البروفيسور ستيفن سايمون، الخبير في الفيزياء النظرية بجامعة أكسفورد وأحد المتابعين لمسيرة «مايكروسوفت» البحثية، بالمثابرة التي أظهرتها الشركة في تطوير وحدات معالجة المعلومات الكمية الطوبولوجية، واستمرار الشركة، رغم العقبات والتحديات المتكررة، في الاستثمار بهذا المجال الواعد. وقال: إنه لإنجاز استثنائي أن تمتلك الشركة هذه الرؤية بعيدة المدى والإرادة لمواصلة تمويل هذا المشروع الطموح، خاصة في الفترات التي بدا فيها هذا المسار غير واعد وغير قابل للتحقيق. ويمثل تطوير حاسوب كمومي قوي وموثوق تحولاً في موازين القوى الجيوستراتيجية، لقدرته المحتملة على اختراق وتحطيم أنظمة التشفير التي تعتمد عليها شبكة الإنترنت حالياً في حماية البيانات والمعلومات الحساسة. ويطلق الخبراء على اللحظة التي يتحقق فيها هذا الاختراق مصطلح «اليوم كيو». ونظراً لهذه الأهمية الاستراتيجية، نشهد سباقاً محموماً بين الولايات المتحدة والصين للوصول إلى هذه التقنية المتقدمة. وفي هذا الإطار، قامت وكالة مشروعات الأبحاث الدفاعية المتقدمة الأمريكية، المسؤولة عن تطوير التقنيات العسكرية المتقدمة، باختيار شركتين رائدتين هما «مايكروسوفت» و«سايكوانتم» لدراسة إمكانية تسريع عملية تطوير حواسيب كمومية عملية قابلة للاستخدام الصناعي قبل المواعيد المتوقعة حالياً. وكما هو الحال دائماً، يتطلب التعامل مع الإعلانات في مجال الحوسبة الكمية قدراً كبيراً من الحذر والتأني، نظراً للتعقيد الشديد لهذا المجال العلمي الذي يتحدى قدرة العقل. وبالفعل يوجد بعض الحذر، فيما أبدى مراجعون علميون بعض التحفظات على نتائج البحث الذي نشرته «مايكروسوفت» في مجلة «نيتشر». كما اضطرت الشركة في عام 2018 إلى سحب ورقة بحثية مشتركة بعد اكتشاف تناقضات في بياناتها. وقال ستيف برايرلي، الرئيس التنفيذي لشركة «ريفرلين» المختصة في الحوسبة الكمية: رغم أن النتائج لم تصل بعد إلى مرحلة اليقين العلمي القاطع، إلا أنها تمثل خطوة مهمة في السباق نحو تطوير أول حاسوب كمومي قادر على تصحيح أخطائه ذاتياً. في الوقت نفسه، تحقق شركات كبرى أخرى مثل «جوجل» و«آي بي إم» و«كوانتينيوم» تقدماً ملموساً في تطوير وتشغيل وحدات معالجة المعلومات الكمية (الكيوبتات) وتنفيذ العمليات الحسابية الكمية الأساسية. غير أن قطاع الحوسبة الكمية تلقى ضربة موجعة مؤخراً على صعيد ثقة المستثمرين، عندما صرح جنسن هوانج، الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا»، بأن تطوير حواسيب كمية عملية وقابلة للاستخدام التجاري قد يستغرق عشرين عاماً إضافية. ويأتي التقدم الذي أحرزته «مايكروسوفت» كبارقة أمل للصناعة بأكملها، حتى مع وجود أصوات متشككة في واقعية الجدول الزمني الطموح الذي وضعته الشركة. وعلق أحد أبرز علماء الفيزياء على هذا التطور قائلاً: من الناحية التقنية، أرى أن المشروع قابل للتحقيق، لكن تحديد مدة خمس سنوات يعد نظرة متفائلة للغاية. وإلى أن يتحقق هذا الهدف، يمكن الاستفادة من الحواسيب الكمية البسيطة المتوفرة حالياً في تطبيقات محددة. وأضاف العالم: يمكن للتقنية الكمية أن تصبح عنصراً مكملاً ضمن مجموعة الأدوات الحاسوبية المختصة. لكن يجب علينا التحلي بالصبر لبضع سنوات إضافية قبل أن تحقق الإمكانات الهائلة التي تعد بها تقنية الحوسبة الكمية. غير أن «مايكروسوفت» قد برهنت، إن دل مسارها على شيء، أنها تمتلك هذه الفضيلة - فضيلة الصبر - بشكل استثنائي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store