أحدث الأخبار مع #واقعيةالخيال،

المدن
٢٥-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- المدن
الواقع الموازي.. يد الخيال تصنع الحياة
لم يعد الواقع الفعلي حالة مجردة أو وضعية كاملة، بمعنى وجود الأشياء والعلاقات والأفكار والمخططات والممارسات وغيرها كما هي في الحقيقة، لا مثلما يمكن أن تكون وفق البدائل المتنوعة والاحتمالات المتعددة. على الجانب الآخر، الذي لم يعد أيضًا جانبًا مقابلًا أو مضادًّا، يتحلل الخيال أو الوهم أو الافتراض يومًا بعد يوم من خصائصه النوعية الحادّة الفارقة. الآن، يصعب الحديث عن خيال صرف، بالمنظور الأدبي، بمعنى إيجاد وقائع غرائبية فانتازية، لا يقر بها العقل المنطقي المعرفي، ولا يصدقها القلب والوجدان، ولا تتصل بالحياة الجارية على الأرض، ولا تتقاطع مع تفاصيل اليوميات المعيشة. يتعذر أيضًا الحديث عن خيال خالص، بالمنظورين الفلسفي والسيكولوجي، كشطحات وتهويمات وهواجس غير قابلة للتحقق، معلقة في اللاوعي، وسيناريوهات حُلمية مستحيلة، لا تتجاوز أبدًا حيّز الرغبات الدفينة والغرائز المكبوتة، وصندوق الأمنيات التعويضية والدفاعية. هذه المنطقة التي يشتبك فيها الواقع والخيال الاعتياديان في تفاعلهما وصراعهما معًا، وفي تداخلهما وامتزاجهما على نطاق واسع في لحظتنا الراهنة، هي منطقة برزخية استثنائية، تتزاحم فيها عناوين كثيرة عريضة تدل على هذا الواقع التخييلي الموازي المؤثر في الفعل الإبداعي وفي حركة الحياة معًا، أو هذا الخيال المحلّق بعيدًا ولكنْ بأجنحة الواقع، والمشدود بالضرورة إلى أسفل بقوة الجاذبية وبخيوط الهندسة البشرية والقوانين الكونية. ومن هذه العناوين المتداولة لهذا الواقع التخييلي الموازي عنوان "واقعية الخيال"، الذي اتخذه "مهرجان القاهرة الأدبي" شعارًا لدورته الجديدة (إبريل/ نيسان 2025) في القاهرة الفاطمية العتيقة، بتنظيم دار صفصافة للثقافة والنشر، ومشاركة أدباء من مصر والجزائر وتونس وألمانيا والسودان وهولندا ومالطا والنمسا، وحضور الكاتبة الألمانية جيني إيربينبيك، الفائزة بجائزة البوكر الدولية للعام 2024. ولعل نظرة عابرة إلى الأحداث الدائرة في أرجاء الوطن العربي، والشرق الأوسط، والعالم عمومًا، توضح مدى أهمية إثارة النقاش بشأن واقعية الخيال أو الواقع الموازي، حيث تبدو يد الخيال وهي تصنع الحياة من حولنا بتجسيد حقيقي، وليس على مستوى التعبير المجازي. السياسات الأميركية مثلًا، ما بعد تنصيب ترامب رئيسًا في يناير/ كانون الثاني 2025 على وجه التحديد، والسياسات الصهيونية في الفترة نفسها، وسياسات الأطراف الشريكة والمتصالحة والمتواطئة، العربية وغير العربية، تنطلق في كثير من تحركاتها من منصة هذا الواقع الموازي الضبابي، من أجل كسب معارك أخرى فعلية، وإنجاز مصالح ملموسة يتم فرضها فرضًا. لقد باتت ألاعيب السياسة وخدع العمليات العسكرية غير بعيدة عن مضمار الخيال الأدبي ومجازاته وبلاغاته، وغير بعيدة أيضًا عن عناصر عالم الميتافيرس ما بعد الواقعي، ومفرداته التقنية. فالمستهدَف الفعلي الذي يجري تثبيته تدريجيًّا على الأرض شيء، وما يجري تصديره وتمريره واستهلاكه من تصريحات خيالية مثيرة ومضحكة شيء آخر تمامًا. هذا الخيالي الاستهلاكي ليس له تبرير سوى خلق ذلك الواقع الموازي المبالغ فيه، والذي سرعان ما ينتفض المعارضون والمحتجون لرفضه ومقاومته بعد تصديقه والإقرار بجديته، في حين يمارس الطغاة في الوقت نفسه صناعة مسارات الحياة وخرائطها، وإعادة تشكيل الواقع الذي يريدونه حرفيًّا، وسط غفلة المخدوعين والمنكفئين على ضعفهم وانكسارهم وقهرهم. يتقمص القادة وأعوانهم في أبواق الإعلام ومواقع الإنترنت والسوشيال ميديا وغيرها أدوار الروائيين المنفلتين، ومؤلفي كتب الخيال العلمي، ويتلبسون أزياء الشخصيات الافتراضية المصطنعة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وأبطال الألعاب الإلكترونية وغيرها من التفاعلات الثلاثية الأبعاد في عالم الميتافيرس، حيث يصير اللعب الكامل مفتوحًا على الاتجاهات كلها، بما يملأ الدنيا تمامًا ويشغل الناس كليًّا، عما يدار ويحدث بجدية، وبدون صخب. هكذا، على سبيل المثال، تتصدر الواقع الموازي انشغالات عبثية، من قبيل رغبة ترامب في السيطرة على قطاع غزة، وشراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك، وإعلانه فرض رسوم جمركية وتوسعته الإجراءات التصادمية ضد الصين وروسيا في الحرب الاقتصادية المشتعلة، وهجومه على منظمة الصحة العالمية ومحكمة العدل والمؤسسات الدولية، وغيرها. كما تتصاعد من الجانب الإسرائيلي، جيشًا وحكومة ووزراء، فقاقيع هستيرية مشابهة، تتضمن سيناريوهات فجة حول تهجير الفلسطينيين بشكل جماعي إلى الدول المجاورة، واستضافتهم في معسكرات ودول بديلة شرقية وغربية، ومد نطاق الاستيطان الإسرائيلي بدون حدود وبلا قيود، وغيرها. هذه الفوضى التي يتم ترويجها لخلق الواقع الموازي، واستفزاز الآلة الإعلامية لتغيير وجهة الاهتمام الجماهيري، تُستثمر فعليًّا لصالح بلوغ الأغراض الحقيقية، التي تكون بالطبع أقل ضررًا لدى الطرف الخاسر من الكوارث الفادحة المعلن عنها في هراء الواقع الزائف (اللامعقول تمامًا)، ما يجعل مقاومة الهدف الفعلي (المعقول بدرجة) أقل بكثير من مقاومة هذا الهدف في حالة الإعلان عنه صراحة في البدء. ويساعد ذلك في فرض الأمر الواقع بأقل جهد ممكن، وإقناع الجهات المحايدة على الأقل بتقبله أو عدم الاعتراض عليه. إنها، ببساطة، واقعية الخيال، التي استلهمت أدبيات الإبداع وأبجديات التكنولوجيا والعوالم الافتراضية لإتمام تشكيل الواقع الموازي المُغرض. ويأتي ذلك من أجل ممارسة التلاعب والتضليل، ونسج اللامعقول السياسي والعسكري كخيوط العنكبوت، خداعًا للشعوب الساذجة والمستضعفة، وإمعانًا في السيطرة عليها، والهيمنة على مقدراتها المتبقية.


الشرق السعودية
١٤-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- الشرق السعودية
القاهرة الفاطمية تستضيف ملتقى القاهرة الأدبي
تستضيف قبّة الغوري، في منطقة القاهرة الفاطمية، الدورة السابعة من "ملتقى القاهرة الأدبي" الذي تُنظمه "صفصافة للثقافة والنشر"، بعنوان "واقعية الخيال"، بمشاركة أدباء وشعراء ومترجمين من ثماني دول، يناقشون التأثير المتبادل بين الأدب والواقع المعاش، وخصوصاً في اللحظات التاريخية المعقّدة، وأهمية الذاكرة الثقافية ودور الكُتّاب في حفظها. شارك في الجلسة الافتتاحية الكاتبة الألمانية جيني إربينبيك، الحاصلة على جائزة "بوكر" العالمية عام 2024، والكاتب المصري خالد الخميسي، رئيس مجلس إدارة مكتبة القاهرة الكبرى. وأكد الناشر محمد البعلي مدير الملتقى لـ"الشرق"، "أن الفعاليات تؤكد على تفاعل الفنون والآداب مع الواقع الذي يشهد تحولات كثيرة، وتأثيرها على الإنسان، وتناقش قضايا ملحّة بمشاركة كُتّاب وشعراء ومؤثري وسائل التواصل، التي أصبحت من موجهات القارئ عربياً وعالمياً، ومن الضروري الالتفات إليها لفهم واقع الثقافة الحالي". الجلسة الافتتاحية حملت عنوان "الخيال حين يحلّق بأجنحة الواقع"، أدارها الدكتور صلاح هلال؛ أستاذ الأدب الألماني في جامعة عين شمس، وتحدث فيها الكاتب خالد الخميسي عن أهمية الملتقى، مشيراً إلى أن "مكان إقامة الفعاليات وهو قبة الغوري التاريخية مرتبط بالخيال"، لافتاً إلى أن "هذا المكان هو نتاج خيال المعماري الذي عاش منذ قرون بعيدة، وأصبح واقعاً نعيش فيه الآن، ويراه كل شخص بشكل مختلف، وفقاً لخبراته وقدرته على فهم ما يراه". وحول طبيعة الشخصيات الأدبية قال: "على الرغم من أنها شخصيات متخيّلة، لكنها تفرض استقلاليتها على الكاتب، وبعض الناس يتصوّرون أن الكاتب يحدّد مسار شخصياته، لكن في حقيقة الأمر أن الكاتب كخطوة أولى يحدّد الملامح الأساسية الاجتماعية والعمرية والنفسية، ومن خلال ذلك تفرض الشخصية نفسها ومسارها وتُملي على الكاتب ما تريده". وتحدث رئيس مجلس إدارة مكتبة القاهرة الكبرى عن الإصدارات المختلفة للكتب، التي تتنوّع في جودتها، وذكر أن الكاتب الفرنسي الشهير بلزاك، "كتب خطاباً في نهاية العشرينيات من القرن 19 إلى ناشر كُتبه، وذلك رداً على طلبه، الذي أشار فيه على بلزاك بمتابعة أحد الكُتّاب الذي تحظي أعماله بمبيعات كبيرة، لمعرفة أسلوبه ومحاولة تقليده، مشيراً إلى أنه لولا خطاب بلزاك الذي ذكر فيه اسم هذا الكاتب، لما سمع أحد عنه، لأنه اختفى ورواياته غير موجودة، لكن بلزاك بقي، وهو ما يؤكد أن الغثّ هو الغالب والسمين هو القليل، ودائماً هناك كتب لا قيمة لها تلقى رواجاً، لكن في النهاية تنتصر الأعمال ذات القيمة". وأوضحت جيني إربينبيك، وهي أول كاتبة ألمانية تفوز بـ"بوكر"، أن علاقتها بالشخصيات تبادلية، ولفتت إلى أنها تعطي إشارة البدء وتمنح الشخصية استقلاليتها، ثم تحاول أن تفكر إذا كانت مكان تلك الشخصيات كيف ستتصرف وبماذا ستشعر". وتجد الكاتبة أنها تنطلق دائما في كتاباتها من الواقع والقضايا الهامة، ولديها شغف بالبحث عن الحقيقة التي تنطلق منها إلى السرد الخيالي، مشيرة إلى روايتها "وطن محمول" التي أثارت ضجة في ألمانيا وقت صدورها، "لأنها تناولت قضية المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين في ألمانيا، وأنها قبل كتابتها كانت منشغلة بفكرة الهوية والوطن وارتباطهما بالإحساس بالفقد الدائم". كما رأت التحولات في المجتمع الألماني مع تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين إليها، "وعدم إدراك الشعب الألماني لطبيعة حياة ومصائر هؤلاء وأنهم ليسوا أرقاماً؛ لذلك أردت لفت الانتباه إلى قضيتهم وحقوقهم". وأكدت الكاتبة أن والدتها ترجمت من العربية مباشرة أعمال الكاتب المصري الحاصل على جائزة نوبل نجيب محفوظ، وأنها حالياً تتتبع رحلة والدتها في مصر وتعلمها للغة العربية، وتعرّفها على كوكبة من الأدباء المصريين، مشيرة إلى أنها كانت طفلة حينها، وكانت السلطات في ألمانيا الشرقية تحتفظ بها لضمان عودة الأم إلى ألمانيا مرة ثانية. وقال الكاتب المصري إبراهيم عبد المجيد، "إن ملتقى القاهرة من الفعاليات الهامة خاصة أنه مبادرة أهلية؛ وتاريخياً شاركت المبادرات الأهلية بأكبر مساهمة في تاريخ الثقافة، ولعبت دوراً كبيراً في التنمية الثقافية، وفكرة الجلسة الافتتاحية هامة لأن الناس كثيراً ما يتعاملون مع الأدب، باعتباره واقعاً، ويحاسبون الروائيين على تصرفات الشخصيات الخيالية، باعتبارها شخصيات حقيقية وليست من خيال المؤلف". يضم برنامج الملتقى مجموعة متنوّعة من الجلسات، من بينها "الأدب والسوشيال ميديا: تسويق أم توجيه ذوق القراء"، و "كيف تنظر كتب التاريخ الثقافي إلى أدوار النساء"، و"خمسون عاماً على وفاة أم كلثوم"، و"التعافي بالكتابة"، و"الأدب العربي في شمال أفريقيا.. مجالات التأثير والتأثر"، ويختتم الملتقى أعماله الخميس المقبل، بأمسية شعرية تضم عدداً من الشعراء والشاعرات من مصر ومالطا وألمانيا.