أحدث الأخبار مع #والجيو


حدث كم
٢٢-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- حدث كم
في لقاء مع منتدى تاونات : المفكر حسن أوريد يقاربُ التغيّرات الجيوسياسية وتأثيراتها على المَغرب
احتضن مؤخرا أحد مطاعم مدينة سلا محاضرة ألقاها المفكر والأكاديمي حسن أوريد في سمر رمضاني، كانت تحت عنوان:'التغيّرات الجيوسياسية وتأثيرها على المغرب'؛ سيّرها الوزير الأسبق البروفسور نجيب زروالي وارثي. الدكتور حسن أوريد قال في هذا اللقاء الذي كان من تنظيم 'منتدى كفاءات إقليم تاونات'، بأن 'الناس تتماهى عادة بالفطرة مع السياسة، وتكاد تكون معها في علاقة انصهار'؛ مُذكرًا في ذات السياق أن 'العالم الذي نعرفه قد انتهى مع سقوط جدار برلين'، ومع سقوطه 'انتهت المنظومة القديمة بتطورات الحرب الروسية الأوكرانية' على المستويين الإقليمي والعالمي. وأضاف أوريد في سياق مختلف أن 'العالم تخلص من الالتزامات والمعاهدات الدولية'، وأصبحنا أمام واقع جديد' لا يعترف إلا بالقوة'. وأشار أنه في الوقت الذي اعتقدت أوربا أنها 'حصّنت نفسها وتعافت من داء الحروب، وجدت نفسها تنغمس مُكرهَة في أتونها'، وأن الحرب تعنيها، عكس ما كانت تعتقد سابقا من أن 'الأمر لا يهم سوى جنوب الكرة الارضية'، واعتقدت أوروبا واهمة أن وضع يوغسلافيا 'لا يعدو أن يكون نشازا، ليس إلا…!!' واعتبر أوريد من جهة أخرى أن 'حدود الدول لم تعد مُحصنة كما كانت'، حتى أنه في حرب الخليج الثانية 'تم تأديب الرئيس صدام حسين، لأنه خرج عن المألوف، وتهجّم على الحدود بالقوة'، وهو 'ما لم نلمسه في الحرب الرّوسية الاوكرانية' يقول المحاضر. في هذه الحرب، ولأول مرة في التاريخ الحديث 'تم التلويح والتهديد باستعمال السلاح النووي، ولو بشكل جزئي وإن تكتيكي'، بعدما كان هذا النوع من السلاح مُجرّد سلاح للتهديد بالرّدع في إطار توازن الرُّعب بين القطبين التقليديين. كما عرَّج المُحاضر على الحدث الأبرز الثاني، متمثلا في حرب غزة الأخيرة أو ما عُرف بطوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، وهذه الحالة 'اكتست صفة حرب دون مراعاة لضوابط القانون الدولي'، كما أوضح المحاضر في كلمته. وأضاف حسن أوريد بأن 'هذا الحدث في حدّ ذاته عبّر عن وحشية في استعمال القوة'. وكل ما سلف، يقول المحاضر، أفرز لنا واقعا عالميا جديدا، متجاوزا بذلك 'النطاق الجغرافي الشرق أوسطي، مشكلا حديقة خلفية للحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما أعطى لروسيا فرصة لإتمام ترتيباتها العسكرية في المنطقة'. بعد ذلك، انتقل المحاضر إلى الحديث عن الظاهرة الثالثة، متمثلة في رجوع دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، واعتبر المحاضر ذلك بأنه ظهور 'ترامبية جديدة'. هذه الترامبية، يقول أوريد، تتبنى رؤى جديدة، مما يعتبر مدا للشعبوية اليمينية الأكثر تعقيدا في العصر الحالي. وأن الأمر قد تجاوز الاستحواذ على ما تحت الأرض من خيرات، إلى المطالبة بالأرض نفسها. واستحضر المحاضر في هذا الباب أحداثا بذاتها، من قبيل: «وضع اليد على جرينلاند' مرورا بمسألة 'الترحيل القسري للفلسطينيين من قطاع غزّة'، وكذلك 'التخلي على الحليف الأوكراني، ومعه حتى بعض الحلفاء الأوروبيين'، وهذه السلوكيات تبدو تجاوزا للقانون والاعراف الدولية. ويمكن اعتبار السياق الدولي الحالي بمثابة «تهليل لصالح قومية جديدة'، كما أوضح أوريد في محاضرته. وتابع أوريد قائلا بأن «جدية الموضوع تستدعي استحضار مفاتيح أخرى جديدة لكي نفهم بتأني ما يجري من حولنا، معتبرا في ذات الوقت بأن «الأمر ليس علما، وأنه علينا أن نحافظ على discipline'،لأن 'الجيوسياسية والجيو بوليتيك تختلط عادة عند العامة بالجيو- استراتيجية، علما بأن الأمران مختلفان تماما'. وتفاديا لأي لبس في المفهوم والمفاهيم، يقول أوريد أن 'الجيوستراتيجية هي تأثير الجغرافية في المجال، أما الجيوبوليتيك فهي تأثير السياسة في الجغرافيا، وذلك انطلاقا من تصور يفرزه السياسي'. واسترسل أوريد قائلا بأننا 'أمام عالم قديم- جديد مع دخول الصين بصفتها فاعلا جديدا، وهي صاحبة التحدي الوجودي، كما ينظر إليه ترامب'. واستحضر جملة شهيرة تقول: 'إذا كانت روسيا عاصفة، فإن الصين هي تغيير مناخي، وبالتالي هناك تغييرات حتمية قادمة، ستغيّر من ملامح خريطة العالم مستقبلا'. أما المغرب من جهته، كما يقول أوريد دائما، فقد 'ساير بكل حنكة ظروف الحرب الباردة، ومع سقوط برلين أصبح أكثر انفتاحا. وبعد هجمات11سبتمبر، أصبح للمقاربة الأمنية دورا كبيرا'. كما استحضر حسن أوريد قضية المغرب الوجودية الأولى، متمثلة في صحرائه ووحدته الترابية، مُستحضرًا في ذات الوقت ما أفرزته حرب غزة المدعومة من إيران، وما خلفه سقوط بشار الأسد في سوريا من تداعيات في البلقان والشرق أوسط، وهو ما انعكس سلبا على دولة الجزائر. وأكد في ذات السياق أن 'خيار الحرب كان واردا، ولكنه لم يكن أبدا في صالح الجزائر'، واستحضر في المحاضرة التي ألقاها أمام جمهور نوعي الهزائم التي مُنيت بها الدبلوماسية الجزائرية في المحافل الدولية، ممّا حتم عليها العمل على 'إعادة انتشار دبلوماسيتها، خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي بدأت في الخروج تدريجيا عن عروبيتها، ومغازلة هذه القوة العالمية، وهو ما عبّر عنه السفير بوقادوم باستعداد الجزائر بيع معادنها النفيسة للولايات المتحدة الامريكية'. بعد ذلك، انتقل المحاضر إلى طرح إشكالية سياسية تهم الطريقة المثلى للتعامل اليوم مع ثلاثة فاعلين أساسيين في العالم، ويتعلق الأمر بالولايات المتحدة الأمريكية، أوربا والصين. ورأى أوريد أن الحل قد يكون كما فعلت بعض الدول الآسيوية، ولكنها 'وجدت نفسها بين فكّي كمّاشة، وبالتالي كان عليها أن تتعامل مع النقيضين، مثل حالة سنغافورة مع الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ودول أخرى التي اختارت الملاءمة، وخلقت نوعا من التوازن'. كما شدّد المحاضر على أن 'الخيار الأطلسي الذي أطلقه الملك محمد السادس، يبقى هو الخيار الاستراتيجي، ويمكن للمغرب أن يستثمر فيه. وعلينا أن نبقى مستمرين في علاقتنا مع الدول التي تربطنا بها علاقات اقتصادية، وأن نكون حاضرين بقوة في الساحة العربية، وخاصة مع دول الخليج التي أصبحت طرفا مُهمّا في المُعادلة الدولية. كما يجب علينا كمغاربة أن نكون حاضرين بقوة مع الولايات المتحدة الامريكية'. وركّز أوريد في محاضرته على ضرورة 'استعمال مفاتيح جديدة لأقفال تغيّرت، حتى نتمكن من فهم العالم الجديد'. وفي الختام فتح باب المناقشة، وانهارت الأسئلة من جامعيّين وعمداء كليات ووزراء سابقين واطر عليا ومثقفين، تلتها أجوبة شافية من المُحاضر. بعدها سلم رئيس المنتدى الأستاذ إدريس الوالي درعا وشهادة تقديرية للأكاديمي حسن أوريد. تجدر الإشارة أن رئيس 'منتدى كفاءات إقليم تاونات' إدريس الوالي عبّر من خلال كلمته في بداية اللقاء عن شكر المفكر حسن أوريد على تلبية الدّعوة، مُعرّجًا في ذات الوقت على التعريف بالمُنتدى وأهدافه وسبب اختيار الموضوع، كما قدم نُبذة من سيرة المُحاضر. د.و


المشهد اليمني الأول
١٩-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- المشهد اليمني الأول
العدوان الأميركي على اليمن: بين الأهداف والنتائج
نجاح الهجمات الأميركية على اليمن سيكون مرتبطاً بشكل رئيسي بمواصلتها، ولأجل ذلك فإن فشل العدوان على اليمن بات بحكم المؤكّد على اعتبار أنّ استمراره غير ممكن. شكّل اليمن واحداً من أهم المحاور الرئيسية في الاستراتيجيات التي اعتمدتها الإدارات الأميركية الأخيرة، وإذا كانت الحرب على اليمن التي انطلقت في العام 2015 قد حظيت بدعم مطلق من إدارة ترامب خلال ولايته الأولى وبمشاركة مباشرة لسلاح الجو الأميركي، فإن إدارة الرئيس السابق جو بايدن عملت على إيقاف تلك الحرب وفرضت هدنة طويلة على حلفائها في التحالف الذي قادته السعودية بعد أن وصف بايدن تلك الحرب بالكارثة الاستراتيجية، ليعاود لاحقاً منذ أكتوبر 2023 وفي ظلّ معركة طوفان الأقصى إعطاء أوامره لتنفيذ ضربات جوية وبحرية على اليمن الذي تحوّل إلى إحدى أهم جبهات الإسناد لغزة وأكثرها فاعلية، والتي أدّت دوراً محورياً في صمود مقاومتها على الصعيدين العسكري والسياسي .. واليوم مجدّداً وبعد أقلّ من شهرين على عودته إلى البيت الأبيض أعطى الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم السبت أوامره للبنتاغون لبدء الهجوم على اليمن بعد أسابيع قليلة من إعادة تصنيفه لحركة أنصار الله/الحوثيين كمنظّمة إرهابية، وهدّد ترامب باستخدام ما أسماه 'القوة المميتة الساحقة' لتحقيق أهداف واشنطن، وقال مسؤول أميركي إن الضربات التي انطلقت يوم السبت لم تكن ضربة منفردة بل بداية لسلسلة من الضربات الأميركية المتواصلة ضدّ الحوثيين والتي من المتوقّع أن تستمر لأيام أو ربما حتى أسابيع.. بكلّ تأكيد فإنّ قرار ترامب بالهجوم على اليمن كما ذكرنا يأتي في سياق استراتيجيته في الشرق الأوسط وعلى الصعيد العالمي، ولا ينفصل عن المحاور الأخرى لتلك الاستراتيجية التي تشمل مخططات إدارته ذات الأبعاد الجيوسياسية والجيو ـــــ اقتصادية التي ترسم حدود العلاقات من جنوب شرق آسيا إلى الشرق الأوسط وصولاً لأوروبا، حيث تتشابك وتتضارب المصالح مع حلفاء وخصوم الولايات المتحدة على امتداد تلك الجغرافيا المترامية التي يحتل اليمن فيها موقع القلب ويتحكّم بأهمّ عقدة للممرات وسلاسل التوريد البحرية 'الطاقوية والتجارية'، وبالتالي فإنه من البديهي أن يكون اليمن محطاً لقرارات العنجهية الترامبية التي تعتمد سياسة 'صدمة القوة المفرطة' تلويحاً وتصريحاً لتحقيق مكاسبها أو تحقيق أهدافها .. وانطلاقاً من التشابك والتضارب في المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة مع حلفائها وخصومها في ظلّ النهج الجديد التي تتّبعه إدارة الرئيس دونالد ترامب يمكن لنا قراءة الخلفيّات والأهداف التكتيكية والاستراتيجية للحرب الجديدة المعلنة على اليمن وفقاً للمحاور الآتية: أولاً؛ المحور الإسرائيلي: تنطلق إدارة ترامب التي تعتبر الأكثر التزاماً على الإطلاق في التاريخ الأميركي بأمن 'إسرائيل' من مبدأ الانتقام من صنعاء التي كانت الأكثر جرأة وقدرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي على الاستمرار في المواجهة العسكرية مع هذا الكيان والتأثير عليه وتغيير معادلات الردع معه، ومن زاوية أخرى فقد تمكّنت صنعاء من فرض الحصار البحري عليه من الجنوب عبر البحر الأحمر، كما أنها تمتلك القدرة على تهديد ملاحته عبر المتوسط. ثانياً؛ المحور الفلسطيني: تعتقد واشنطن أن صنعاء ومن خلال القوة التي تمتلكها والتي أعطتها هامش المناورة لفرض الحصار على الكيان الإسرائيلي ستشكّل عائقاً في وجه المحاولات الأميركية للضغط على الفلسطينيين ومقاومتهم، وستؤدّي إلى تقوية الموقف التفاوضي الفلسطيني والتمنّع عن تقديم التنازلات أو القبول بالشروط الأميركية الإسرائيلية. ثالثاً؛ محور غزة: لا تزال خطط ترامب لتهجير سكان غزة قائمة ويجري العمل عليها من خلال تشديد الحصار ومنع دخول المساعدات، ولا تزال خطط ترامب لتحويل قطاع غزة إلى منطقة استثمارات أميركية بعد تهجير سكانها قائمة، وترى واشنطن بأنّ صنعاء تشكّل خطراً على هذا المخطط من خلال مطالبتها برفع الحصار عن غزة كشرط لازم للسماح بمرور السفن الإسرائيلية عبر باب المندب والبحر الأحمر، وبالتالي فإنّ واشنطن ترى في رفع الحصار عن غزة خطراً على مشروع ترامب في القطاع وخطته لتهجير سكانه . رابعاً؛ محور الممر الهندي ـــــ الأوروبي: ما زالت واشنطن وشركاؤها في هذا المشروع ينظرون إليه كواحد من أهم المشاريع الجيو ـــــ استراتيجية القادرة على تغيير المعادلات الدولية، وتعتقد واشنطن بأنّ الظروف الحالية أكثر ملاءمة لإعادة تعويمه، ومن غير المستبعد أنّ واشنطن تسعى لخلق حالة من التوترات الأمنية طويلة الأجل عبر البحر الأحمر من خلال الحرب على اليمن بهدف طرح المسوّغات اللازمة لأهمية المشروع كممر بديل لا بدّ من التسريع في إنجازه لتأمين سلاسل التوريد بين جنوب شرق آسيا وأوروبا مروراً بالشرق الأوسط من خلال البوابة الإسرائيلية، وهو ما ألمح إليه ترامب بقوله مخاطباً صنعاء 'لا تهدّدوا الشعب الأميركي أو رئيسه أو ممرات الشحن العالمية..'. خامساً؛ المحور الإيراني: وهذا المحور ظهر جلياً في التصريحات الواضحة للمسؤولين الأميركيين مع انطلاق الهجوم على اليمن، وعلى رأسهم ترامب الذي قال بأن الضربات ضدّ الحوثيين هي أيضاً رسالة إلى إيران، وطالبها بوقف دعم الحوثيين فوراً، فيما ذهب مستشار الأمن القومي للتلويح بخيار ضرب إيران. وفي هذا الإطار فإنه من المهم الإشارة إلى أنّ الهجوم على اليمن جاء بعد إعلان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان رفض بلاده للتفاوض مع واشنطن تحت التهديد على الرغم من العقوبات التي فرضتها واشنطن على تجارة النفط الإيرانية، وهو ما أثار غضب واشنطن التي تعتقد أنّ الحرب على اليمن ستزيد من الضغوط على طهران. سادساً؛ المحور السعودي ـــــ الخليجي: حيث يسعى ترامب الذي يتحضّر لزيارة السعودية لحمل ورقة رابحة بيده إلى الرياض التي وافقت على استثمارات في الداخل الأميركي بقيمة 600 مليار دولار، فيما يسعى ترامب لرفع المبلغ إلى تريليون دولار، ومن جانب آخر فإنّ واشنطن تعتقد بأن إشعال حرب اليمن مجدداً سيعيد الاصطفافات الحادة في الشرق الأوسط ويسهم في توتير العلاقات السعودية الإيرانية، والخليجية الإيرانية مجدّداً، ويدفع بدول الخليج وعلى الأخصّ الرياض إلى المضي قدماً في السلام مع الكيان الإسرائيلي . سابعاً؛ المحور الصيني: على عكس إدارة بايدن فإن إدارة ترامب تعتقد أنه من الضروري اللجوء إلى إجراءات شديدة مع الصين، وبدا ذلك واضحاً من خلال العقوبات التجارية والرسوم الجمركية التي فرضتها على الشركات والبضائع الصينية، وبالتالي فإنها ترى بأنّ التوتر في منطقة باب المندب والبحر الأحمر سيؤثّر سلباً على حركة الملاحة الصينية باتجاه دول حوض المتوسط ودول الاتحاد الأوروبي، ويمنح واشنطن ثلاثة مكاسب على الأقل 'أوّلها الضغط على الصين في أية مفاوضات مقبلة، وخاصة أنّ ترامب أعلن أنه من الممكن أن يقوم بزيارة لبكين في الشهر المقبل، وثانيها متعلّق بدفع دول الخليج لتخفيف اعتمادها على الصين في إطار انفتاحها وتنويع شراكاتها، وثالثها متعلّق بالتحكّم بالقرار الأوروبي وإعادة ضبطه لصالح واشنطن من خلال تهديد تجارته مع الصين'. لقد بات معلوماً بأنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتبع سياسة الصدمة في قراراته ومواقفه، وتشتمل التهديد باستخدام القوة القصوى بالتوازي مع طرح الحد الأعلى من المطالب والمكاسب، لكنه لا يلبث أن يتراجع عن مواقفه بمجرّد الحصول على نسبة معقولة من تلك المطالب أو المكاسب، أو لمجرّد تمريره لمرحلة آنية كان يحتاج معها لإظهار تلك السياسة لغايات قد لا تكون ذات صلة مباشرة، وفيما يخصّ إعلانه الحرب على اليمن فإنّ مواقف ترامب لا تخلو من التكتيك ذاته، وهو ما ألمح إليه عندما اختتم تهديده بعبارة 'إذا لم تتوقّف هجمات الحوثيين فستمطر عليكم جهنم كما لم تروا من قبل'، كما هو معلوم بأن اليمن لم يكن قد بدأ بالهجمات بالأساس، وعليه فإن ترامب الذي يدرك جيداً مدى قدرة الحوثيين على المواجهة والصمود وتغيير المعادلات في الإقليم قد ترك الباب مفتوحاً للسياسة من أجل التراجع والانسحاب .. ومن جانب آخر فإن إدارة ترامب تدرك جيداً مدى المرونة والقدرة على المناورة التي تتمتع بها صنعاء من الناحية العسكرية، وهو ما أثبتته سنوات المواجهة العشر الفائتة، وأكّده البيان الأول للمتحدّث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع حيث أعلن مهاجمة مجموعة حاملة الطائرات الأميركية 'يو أس أس ترومان' في شمال البحر الأحمر، كما أن واشنطن وضعت قواعدها في المنطقة في حالة تأهّب قصوى تحسّباً لهجمات محتملة بالصواريخ والمسيّرات اليمنية المتطورة والتي أثبتت قدرتها على الوصول لأهدافها .. وفي جانب ثالث فإنّ على واشنطن أن تدرك جيداً بأن المواجهة لا تقتصر على صنعاء أو على حليفها الإيراني الداعم لها، بل إن واشنطن لطالما تحدّثت في تقارير استخباراتية عن شبكات توريد من الصين وروسيا لصنعاء، وهو ما يعني حكماً بأن إدارة ترامب ستكون بحاجة لتوظيف موارد أكبر لهذه الحرب في الوقت الذي تقدّم نفسها أمام الشعب الأميركي كإدارة ساعية لتقليص النفقات والحفاظ على أموال دافعي الضرائب، هذا بالإضافة إلى أنّ خصومها الثلاثة 'الصين وروسيا وإيران' سيجدون أنفسهم أمام فرصة لتوريط واشنطن على الصعيد الجيوسياسي.. وعلى الصعيد اللوجستي فإن الولايات المتحدة ستكون أمام مهمة إغلاق طرق الإمداد البحرية بوجه صنعاء، وخاصة من جهة بحر العرب ما يعني الحاجة لإشراك دول خليجية في ذلك، وهو أمر غير مضمون نظراً لما يمكن أن يتسبّب به لجهة توسيع نطاق الحرب لتطال دول المنطقة وحتى القواعد الأميركية فيها، ويسهم في تعقيد المواجهة لصالح خصوم واشنطن وإفشال أهدافها .. في الختام؛ واستناداً لرأي العديد من الخبراء العسكريين، فإنّ نجاح الهجمات الأميركية على اليمن سيكون مرتبطاً بشكل رئيسي بمواصلتها، ولأجل ذلك فإن فشل العدوان على اليمن بات بحكم المؤكّد على اعتبار أنّ استمراره غير ممكن لما سيخلقه من نتائج جيوسياسية واستراتيجية لا يمكن التنبؤ بحجمها وامتداداتها وتأثيرها، بل إنه قد يعيد خلط الأوراق انطلاقاً من الإقليم وامتداداً لساحات أخرى من الصراع العالمي، وينتهي بالإطاحة بالمكاسب التي حقّقتها واشنطن مؤخراً، وعليه فإنّ أقصى ما يمكن أن تحقّقه واشنطن من تلك الهجمات سيندرج في إطار التكتيك المرحلي، ومن غير المرجّح أن يأخذ بعداً استراتيجياً دائماً. ــــــــــــــــــــــــــــ محمود الأسعد


الخبر
١٧-٠٣-٢٠٢٥
- علوم
- الخبر
هزة أرضية تضرب الشلف
أعلن مركز البحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية والجيو فيزياء، مساء الأحد، عن تسجيل هزة أرضية بلغت شدتها ثلاث درجات على سلم ريشتر، ضربت ولاية الشلف. وسُجّلت الهزة –وفق المركز- في حدود السابعة والدقيقة الخامسة والخمسين. وحُدّد مركز الهزة بكيلومتر واحد جنوب غرب الشلف.