أحدث الأخبار مع #والعلومالطبيعية


شبكة النبأ
١٣-٠٤-٢٠٢٥
- علوم
- شبكة النبأ
التقاطع والتداخل في التخصصات العلمية المختلفة
إن الفصل بين الذات والموضوع لا يوجد تقريبا في العلوم الإنسانية والاجتماعية وغالبا ما يجري الانتصار للذات في هذه العلوم بناء على وجود وجهات نظر إنسانية مختلفة، في حين أن فصلا كهذا معدومٌ تقريبا في العلوم المادية؛ فالحديد يتمدد بالحرارة عند المؤمن والملحد على السواء وهو بهذا المعنى لا يقبل بأكثر من وجهة نظر واحدة... هناك متشددون يستكثرون إطلاق كلمة "علم" على العلوم الإنسانية، والعلوم الاجتماعية، ومن هؤلاء لاسيما بعض الأطباء من لا يطاوعه لسانه على مخاطبة حامل شهادة الدكتوراه في العلوم آنفة الذكر بعبارة: "يا دكتور" وغالبا ما يستعيض عنها بـ "يا أستاذ"، وفي هذا السياق ثمة "يوتيوبر" نال شهرة أو " طشة" واسعة جدًا بين العراقيين بسبب تبنيه لفكرة: أن العلوم الإنسانية وكذا العلوم الاجتماعية إنما هي مؤامرة استعمارية يجب مقاومتها! والكشف عن ظلاميتها! لا شك في أنّ التعامل مع العلوم الإنسانية وحاملي شهاداتها العليا بالطريقة التي نقلنا شطرًا من مواصفاتها يدخل ضمن الأعمال شديدة التعسف التي تُمارس للأسف الشديد من طرف بعض المحسوبين على العلم والعلماء خاصّة في مجال العلوم التطبيقية أو العلوم الصرفة؛ ونظرة الاستعلاء بين أصحاب التخصصات العلمية بعضهم ضد بعضهم الآخر يتوجب أن تنتهي إلى الأبد إذا ما كان الغرض هو بلوغ عتبة متقدمة أكاديميًا. أمّا النظر إلى العلوم الإنسانية بوصفها مؤامرة غربية ضد العالم العربي أو الإسلامي كما يتبنى ذلك " اليوتيوبر" العجيب الذي أشرنا لها سابقًا ولا نودّ التصريح باسمه "احترامًا" لجمهوره فهذه سفسطة بدائية لا ترقى " شبهتها" إلى أي سند منطقي؛ ذلك أن العلوم الإنسانية تضم طيفا واسعا من التخصصات اللازمة للوجود البشري. وفي مقدمة تلك العلوم كما هو معلوم: التاريخ، والفلسفة، وعلما النفس والاجتماع، والانثروبولوجيا، واللغويات والآداب، والفنون، والجغرافيا البشرية، وكذلك العلوم السياسية والقانونية. ومكمن الفرق بين العلوم الإنسانية والاجتماعية من جهة، والعلوم الطبيعية من جهة أخرى يتمثل في أن العلوم الإنسانية والاجتماعية تركز على الإنسان كـ (كائن ثقافي وروحي وأخلاقي) في حين تركز العلوم الطبيعية على قوانين الطبيعة، والمادة، على أن العلوم الطبيعية في جملتها ذات أثر تواصلي محدود في حين أن العلوم الإنسانية والاجتماعية تمتد على رقعة تواصلية هائلة للغاية، لاسيما في سياق فهم الثقافات والهويات للأمم والمجتمعات، ومعرفة كيفية تطورها عبر الزمان والمكان، وهي بذلك تعزز التفاهم الإنساني من ناحيتي التعاون والتفاعل ومن ثم تحقيق مآرب التعايش السلمي العالمي، وتحفيز الإبداع والفنون بنحو عام تجاه تشكيل الحياة الثقافية، فضلا عن صيانتها للتراث البشري وإثراء الوعي الجمعي الخاص بفهم الماضي وتفهمه... وفي الدول المتقدمة ثمة تقاليد راسخة هناك تُبقي على العلاقة الحميمة بين التخصصات العلمية المختلفة؛ إذ يثابرون باستمرار على بناء فرق بحثية من خلفيات علمية مختلفة للعمل معًا في مشروعات كبرى، من ذلك دراسة تغير المناخ، وتصميم السياسات العامة المتعلقة بالصحة أو التعليم أو الطاقة حيث اجتماع علماء الفيزياء والطب مع مختصين في علم الاجتماع أو الاقتصاد أو الفلسفة الأخلاقية...الخ. وأبرز الأمثلة على هذا التوجه التعاون الجاري حاليا بين لغويين وعلماء حاسوب لتحسين التواصل اللغوي بين الإنسان والآلة، وبخلاف الحال لدينا فعادة ما يجري التعاون على أوسع نطاق في جامعات الغرب المتقدم بين التخصصات العلمية المختلفة كما في جامعتي ستانفورد، وأكسفورد؛ إذ بإمكان طالب في علم النفس مثلا أن يعمل مع فيزيائي أو مبرمج على مشروع واحد! وعلى نحو الإجمال يتميّز التعاون بين اللغويين وسائر المتخصصين في علم النفس، والاجتماع، والسياسة، وطب الأعصاب في الدول المتقدمة بالطابع التداخلي التخصصي (Interdisciplinary) قصد تحقيق فهم أعمق وشامل للغة بوصفها ظاهرة معقّدة، وانعكاس هذه الظاهرة على أبعاد الإنسان الأخرى اجتماعيةً وسياسيةً ونفسيةً وعصبية، وبقدر ما يتعلق الأمر بعلم اللغة السياسي فإنه معني في المقام الأول بتحليل الخطاب السياسي، وآليات الإقناع الإعلامي بما يكشف عن أثر اللغة في نطاق السلطة والإطار الآيدلوجي. أمّا علم اللغة العصبي فيبحث في العلاقة بين اللغة والدماغ مشخصًّا الاضطرابات اللغوية العصبية كالحبسة مثلا مما يفيد في إيجاد وسائل مبتكرة غير تقليدية لعلاج المرضى وإعادة تأهيلهم... على أن القواسم المشتركة التي تجمع التخصصات العلمية كافة لا تعني نفي خصوصية كل علم من تلك العلوم المختلفة، ولتوضيح هذه النقطة فإن الفصل بين الذات والموضوع لا يوجد تقريبا في العلوم الإنسانية والاجتماعية وغالبا ما يجري الانتصار للذات في هذه العلوم بناء على وجود وجهات نظر إنسانية مختلفة، في حين أن فصلا كهذا معدومٌ تقريبا في العلوم المادية؛ فالحديد يتمدد بالحرارة عند المؤمن والملحد على السواء وهو بهذا المعنى لا يقبل بأكثر من وجهة نظر واحدة!


بوابة الفجر
٠٨-٠٤-٢٠٢٥
- علوم
- بوابة الفجر
ماكرون من جامعة القاهرة: شراكة مصرية فرنسية راسخة تقود مستقبل التعليم والابتكار
شهدت جامعة القاهرة فعاليات الملتقى المصري الفرنسي للتعليم العالي والبحث العلمي، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي ألقى كلمة رسمية تناولت آفاق التعاون المشترك بين البلدين في هذا المجال الحيوي. الملتقى، الذي حضره أيضًا الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري، ووزير التعليم الفرنسي، بالإضافة إلى كبار الشخصيات الأكاديمية والإدارية من كلا البلدين، شهد الإعلان عن عدة مبادرات تهدف إلى تعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي بين الجامعات والمؤسسات العلمية في مصر وفرنسا. في كلمته، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أهمية التعاون الثنائي بين مصر وفرنسا في مجال التعليم العالي، مشيرًا إلى أن هذا التعاون يعكس العلاقات العميقة والمتجذرة بين البلدين في مختلف المجالات. وقال ماكرون: "مصر بلد شاب وحيوي، حيث أن نصف سكانها تحت سن الـ25 عامًا، مما يجعلها من أهم الشركاء في بناء مستقبل مشترك قائم على المعرفة والابتكار. هذا التوجه هو ما يسهم في تعزيز الشراكة بين بلدينا في مجالات التعليم والبحث العلمي". وأضاف الرئيس الفرنسي أن فرنسا تعتبر مصر شريكًا استراتيجيًا في المنطقة، حيث تمثل مركزًا حيويًا للتعاون الأكاديمي والبحثي في المنطقة العربية وإفريقيا. وأشار إلى أن التعاون الفرنسي المصري في هذا المجال يعود إلى سنوات طويلة، حيث بدأ في البداية في مجال علم المصريات، لكنه اليوم يمتد ليشمل العديد من المجالات المتطورة مثل الهندسة، والطب، والعلوم الطبيعية. تطرق ماكرون في كلمته إلى الإنجازات التي تحققت على مدار السنوات الماضية في مجال التعاون الأكاديمي بين مصر وفرنسا، مشيرًا إلى أن هذا التعاون قد شهد تطورًا ملحوظًا، حيث تم إطلاق أكثر من 50 برنامجًا للحصول على شهادات مزدوجة (Double Diplômes) بين الجامعات المصرية والفرنسية. كما أشار إلى أن هناك 42 بروتوكول تعاون بين الجانبين، سمحت بإطلاق نحو 70 برنامجًا أكاديميًا مشتركًا. هذه البرامج تمثل مثالًا واضحًا على النجاح الذي تحقق في تبادل الخبرات والمعرفة بين البلدين. وذكر ماكرون أن فرنسا استقبلت ما يقرب من 3000 طالب مصري في مختلف التخصصات الأكاديمية، مؤكدًا على أن هناك زيادة كبيرة في عدد الطلاب المصريين الذين يختارون فرنسا كوجهة تعليمية، حيث شهدت أعداد الطلاب المصريين في الجامعات الفرنسية زيادة بنسبة 22% في السنوات الأخيرة. ويعتبر هذا التطور مؤشرًا قويًا على النجاح المتواصل للشراكة بين البلدين في هذا المجال. أحد المواضيع الرئيسية التي ركز عليها الرئيس ماكرون في كلمته كان مستقبل الجامعة الفرنسية في مصر، التي تمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون الأكاديمي بين البلدين. وأشار إلى أن الجامعة الفرنسية في مصر كانت منذ إنشائها منذ 20 عامًا، رمزًا للتعاون المثمر بين مصر وفرنسا في مجال التعليم العالي. وتحدث ماكرون عن التوسع الكبير الذي تشهده الجامعة الفرنسية، حيث من المقرر أن تدخل مرحلة جديدة في المستقبل القريب، حيث سيتم افتتاح حرم جامعي جديد وفقًا لأحدث المعايير العالمية في الاستدامة البيئية. وقال ماكرون: "الجامعة الفرنسية في مصر تمثل قصة نجاح مستمرة على مدار السنوات العشرين الماضية، ونحن نعمل الآن على تطوير هذا المشروع الطموح. الحرم الجامعي الجديد سيستقبل نحو 7000 طالب، وسيكون بمثابة معلم معماري مميز يتوافق مع أعلى معايير الاستدامة البيئية. هذا المشروع لا يقتصر فقط على خدمة الطلاب المصريين، بل يهدف إلى جذب طلاب من مختلف أنحاء إفريقيا، ليكون بمثابة جسر معرفي وثقافي بين القارة الأوروبية والقارة الإفريقية". ركز ماكرون أيضًا على أهمية التعاون في مجالات البحث العلمي والابتكار بين مصر وفرنسا. وأكد أن التعاون بين البلدين في هذا المجال يتيح للجانبين تبادل المعرفة والخبرات العلمية، ويعزز من قدرتهما على مواجهة التحديات العالمية المعقدة، مثل قضايا الطاقة والتغير المناخي. وذكر أن فرنسا تمتلك مجموعة من المبادرات والمراكز البحثية التي تشجع على التعاون مع مصر، مثل "كامبوس فرانس" (Campus France) التي تهدف إلى دعم حركة الطلاب والباحثين بين البلدين. وأوضح الرئيس الفرنسي أن فرنسا تتطلع إلى تطوير مزيد من البرامج البحثية المشتركة بين الجامعات والمعاهد الفرنسية والمصرية، بهدف تعزيز الابتكار في العديد من المجالات العلمية والتقنية، مؤكدًا على أن مصر تلعب دورًا محوريًا في بناء المستقبل العلمي والتكنولوجي للمنطقة. أشار الرئيس الفرنسي أيضًا إلى الشبكة التعليمية الفرنسية الواسعة في مصر، التي تشمل العديد من المدارس الفرنسية المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد. هذه المدارس تمثل جزءًا مهمًا من العلاقات الثقافية بين البلدين، حيث تساهم في نشر الثقافة الفرنسية وتعليم اللغة الفرنسية لأجيال جديدة من المصريين. كما أشار إلى أن هذه المدارس تعد بمثابة مدخل حيوي لتعريف المصريين بالقيم الفرنسية والتقاليد الثقافية، وهو ما يساهم في بناء علاقات ثقافية وتعليمية قوية بين البلدين. وأضاف ماكرون: "المدارس الفرنسية في مصر لا تقتصر على تعليم اللغة الفرنسية فقط، بل هي أيضًا جسر تواصل بين الثقافات، حيث تقدم للطلاب المصريين فرصة للاطلاع على الثقافة الفرنسية والانفتاح على العالم بشكل أوسع". أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التزام بلاده بتعميق التعاون الأكاديمي والبحثي مع مصر في المستقبل. وقال: "الاتفاقيات التي تم توقيعها اليوم، ودعمنا المستمر للطلاب والباحثين من خلال هيئات مثل كامبوس فرانس، إضافة إلى التطور الكبير الذي تشهده الجامعة الفرنسية في مصر، كلها خطوات تؤكد عزمنا على بناء مستقبل مشترك قائم على المعرفة والابتكار بين بلدينا". كما أشار إلى أن هذه الشراكة ستستمر في النمو والازدهار، وأن فرنسا ستظل ملتزمة بتوفير الدعم اللازم لتطوير التعليم العالي في مصر، من خلال برامج تبادل الطلاب، وتنظيم الندوات الأكاديمية، وتعزيز التعاون بين الجامعات الفرنسية والمصرية. أكد ماكرون على أن التعاون الأكاديمي بين مصر وفرنسا ليس مجرد علاقة تعليمية فحسب، بل هو أساس لبناء مستقبل مشترك يتسم بالابتكار والتقدم العلمي، وأن هذه الشراكة ستظل محورية في تعزيز الروابط بين البلدين على كافة الأصعدة.

سعورس
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- علوم
- سعورس
ينابيع النفس
(قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُل لِّلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) هذا هو البيان الذي يتمخض في إنباء النفس أن تكون حاضرة وفاعلة شأنها شأن العقل؛ في الحفاظ على ذاتها من أي شائبةٍ تصيبها أو تخرجها من منظار الحياة. وكذلك من منطلق النفوس أيضًا أن تُبين صفاءها الذاتي في صدقها المعنوي من لحظتها الأثيرية الهادئة الساكنة لا من عاصفتها الهوجاء (وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ). ولعل يذهب بنا هذا الموضوع إلى مذهب "كروتشه" الذي يصور أن الواقع هو الروح، وأن العلم لديه هو علم روحاني أي علم له وجود واقع، والعلوم الطبيعية لديه هي علوم ناقصة. نفهم من رأيه أنها منطلقة من الروح والحدوس، والحدوس بدورها نابعةً من النفس وأحاسيسها النورانية الناطقة الصامتة؛ لها جملتها الواحدة ككلمةٍ واحدة. وهنا يأخذنا الشنآن أن جميع النظريات المادية في الحياة مُتغيرة بالضرورة خاصة عندما تتقادم في زمنها الوجودي فهي خاضعة للتغير الكوني، وإن أجزمنا على رؤيتها فقط؛ فربما خداع بصري من حواسنا الخارجية. ومن هنا نفك الارتباط بين النظرية العلمية والنظرية الروحية المتأملة الواقعة في وجدان النفس؛ والمكتملة في وجداني العقل والروح معًا. فالروح والعقل سيان في ميدان إعمال الحكمة من محاكاة الواقع الساكن في ينابيع الموجودات المتأملة بوجوب الواجب. والتأمل هذا هو الحركة الفاعلة الحقيقية، كتأملنا لنجمةٍ متجلية في أفق المدار نحسبها ساكنة ولكنها تتوارى بين لحظةٍ ولحظة وبين وجودٍ ووجود، لأن أصل السكون التأمل والتأمل حكمة تجعل من الموجودات كلمة ناطقة مستجيبة في فعلها وهدوئها، أي كأن الأشياء في دائرة من الصمت والصوت. وما الاستنارة إلا خروجًا من الظلام، كصوتِ صارخٍ في صحراءٍ مقفرة موحشة، أو كمقولة "المعري" (نوحُ باكٍ ولا ترنمُ شادِ). فحقيقة المعرفة هي المعرفة بذاتها، فلا تنبأنا ولادة الأشياء إلا بظاهرة ظهورها الكامل؛ حينها نشعر بكيانها، كما يشعرنا الطفل بصرخته لحظة خروجه من أحشاء والدته؛ أنه كائن موجود حيّ.