أحدث الأخبار مع #وبروست


الإمارات اليوم
٠٤-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- الإمارات اليوم
جبنة التشيدر وأنا
بينما كنت أتجول في متجر للأجبان، كانت روائح الأجبان المعتّقة وخبز الفرن الطازج تمتزجان في الهواء، ناولني البائع شريحة صغيرة من جبنة التشيدر cheddar. ما إن رفعتها إلى شفتيّ حتى جعلتني الرائحة والطعم أتذكر طفولتي. لم يكن الأمر مجرد طعم أو رائحة، بل كان سحراً أعادني إلى الماضي تلميذاً صغيراً، جالساً على طاولة في مدرستي الابتدائية القديمة بقريتنا في مصر.. جدران أمامي تحمل آثار الزمن، يتخللها ضحك ووشوشات تلاميذ صغار، أرى وجوه رفاق الطفولة بوضوح مؤلم، تلمع أعينهم بمكر الطفولة، وترتفع ضحكاتهم عالياً في فناء المدرسة، والحبر الأزرق يلطخ أناملهم وهم يخطّون حروفهم على صفحات الدفاتر العتيقة. يا لها من رحلة مباغتة في دروب الذاكرة! أتعجب: كيف تأتي دون سابق إنذار وأسعد بها؟ الذاكرة التي تعيد الطعم والرائحة والملمس. وهنا، في هذه اللحظة تحديداً، ألفيتني ألتقي بمارسيل بروست مجدداً، ذاك الذي أدرك سرّ هذا التلاعب الخفي للحواس، ذاك الذي ألّف رائعته (بحثاً عن الزمن المفقود، 1905-1910) والتي أوضح فيها أن الذكرى لا تُستدعى بإرادة الإنسان، بل تُبعث إلى الحياة حين تغافلنا لحظة عابرة. وبروست يعلمنا كيف نلتقط جوهر هذه اللحظة العابرة، كيف يمكن لفنجان من الشاي أن يحمل نكهة ماضٍ غابر، وكيف لقطعة حلوى «المادلين» أن تفتح أبواب الذكرى المغلقة.. نقرأ في روايته أنّ طعم «المادلين» مغموسة في الشاي ذكّر الصغير مارسيل بالبيت الرمادي القديم الواقع على جانب الشارع، حيث كانت حجرته تنتصب كأنها خشبة مسرح وتشرف على الحديقة.. ومع البيت تذكَّر البلدة من الصباح حتى الليل وفي جميع أحوال الطقس. وهكذا، وفي تلك اللحظة، بدت له جميع الأزهار في حديقته وفي حديقة مسيو سوان، وأوراق اللبلاب، وجميع القرويين الطيبين، وأكواخهم الصغيرة، والكنيسة، وكل ما في بلدة كومبري وما حولها، كلها بدت في حلوى «المادلين» وقدح الشاي الذي كان يحتسيه. إن قراءة بروست ليست مجرد رحلة في الأدب، بل هي طقس روحي، دعوة إلى تأمل الذات، نداءٌ إلى الإنصات للحنين الذي يهمس في دواخلنا. فهو يحثنا عبر سردياته الرائعة على الإصغاء للزمن الذي يكتب نفسه في تفاصيل حياتنا من دون أن نشعر. * باحث زائر في جامعة هارفارد لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه


يورو نيوز
٠٩-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- يورو نيوز
حرب المعلومات في بولندا.. من المستفيد من نشر الدعاية المعادية لأوكرانيا؟
رغم دعم بولندا الرسمي لأوكرانيا، فإن الخطاب المعادي لها يزداد انتشارًا في البلاد، خصوصًا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تنتشر المعلومات المضللة بشكل ملحوظ قبل الاستحقاق الانتخابي، ما قد يؤثر على نتائجها. اعلان ووفقًا لتقرير صادر عن أكاديمية "ديماغوج" المتخصصة في تدقيق الحقائق، فإن الدعاية التي تستهدف تشويه صورة الأوكرانيين في بولندا شهدت تصاعدًا كبيرًا، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2025. وتشير البيانات إلى أنه في العام 2024، نُشر ما يقرب من 327,000 منشور وتعليق معادٍ للأوكرانيين في بولندا، معظمها على منصة "إكس"، وبلغت نسبتها 85% من إجمالي المحتوى المعادي لأوكرانيا. الأحزاب اليمينية وتأجيج الخطاب المعادي لأوكرانيا يُعد حزب "الاتحاد" اليميني المتطرف أحد أبرز الفاعلين في نشر الروايات المناهضة لأوكرانيا، إذ عارض سياسيون من الحزب تقديم المساعدات للاجئين الأوكرانيين منذ الأيام الأولى للحرب الروسية الأوكرانية. ويبني الحزب حملته على منشورات إلكترونية تستند إلى قضايا تاريخية واقتصادية مثيرة للجدل، مثل مذبحة فولين عام 1943، التي ارتكبتها ميليشيات أوكرانية ضد البولنديين، والتي يجري استغلالها لتعزيز المشاعر المعادية للأوكرانيين الذين لجأوا إلى بولندا. وتؤثر الحملات ضد الأوكرانيين بشكل مباشر على المشهد السياسي البولندي، حيث أظهرت استطلاعات رأي حديثة، أجرتها صحيفة "وبروست" البولندية، أن سلاومير منتزن، المرشح الرئاسي عن حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي والمعروف بخطابه المعادي لأوكرانيا، يحتل المركز الثاني في الترتيب الانتخابي. ومع تنامي الدعم الشعبي للأحزاب اليمينية المتطرفة، أصبح التضليل الإعلامي أحد أقوى أدواتها لتعزيز الحضور السياسي. التضليل الإعلامي وتأثيره على الرأي العام أثبت تقرير "ديماغوج" أن جزءًا من الحملات المعادية لأوكرانيا يتم إطلاقه عبر شبكات آلية (روبوتات) بهدف خلق توجهات محددة على وسائل التواصل الاجتماعي خلال فترة زمنية قصيرة. كما أشار التقرير إلى أن بعض هذه الروبوتات تتبع شبكات دعائية روسية. وتعتمد المعلومات المضللة على استغلال المشاعر القومية والقلق الاجتماعي، عبر نشر مزاعم مثل "الأمهات الأوكرانيات يستغلن الرعاية الاجتماعية البولندية"، أو "انتشار الأمراض المعدية القادمة من الشرق"، في إشارة إلى اللاجئين الأوكرانيين. كما جرى تداول ادعاءات غير صحيحة حول تسمية أحد شوارع وارسو باسم ستيبان بانديرا، وهو زعيم أوكراني مثير للجدل، رغم أن هذه المعلومات غير صحيحة. دور روسيا في توجيه التضليل الإعلامي يؤكد مختبر EUvsDisinfo Lab والمنتدى الاقتصادي العالمي أن بولندا من بين الدول الست التي صنّفت التضليل الإعلامي كأحد أخطر التهديدات خلال العقد المقبل. وغالبًا ما تأخذ هذه الحملات شكل عمليات منظمة تهدف إلى زعزعة الثقة بالمؤسسات وتقسيم المجتمع. وأحد أبرز الأمثلة على هذه العمليات كان مشروع Doppelgänger، وهو حملة تضليل روسية استهدفت دولًا أوروبية مثل فرنسا وألمانيا وبولندا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، بهدف التأثير على نتائج الانتخابات وتقويض الدعم الموجه لأوكرانيا. واعتمدت العملية على إنشاء مواقع إلكترونية زائفة تنتحل هوية وسائل إعلام مرموقة مثل "لوموند" و"دير شبيغل" و"فوكس نيوز" لنشر أخبار مفبركة تهدف إلى ضرب مصداقية الاتحاد الأوروبي والحد من دعم كييف. من يقف وراء حملات التضليل؟ تتعدد الأطراف المسؤولة عن نشر المعلومات المضللة، فقد تكون جهات سياسية تسعى إلى استغلال الانقسامات المجتمعية لتحقيق مكاسب انتخابية، أو قوى معادية تحاول التأثير على نتائج الانتخابات. ومع ذلك، فإن تتبع المسؤولين عن هذه الحملات يظل أمرًا بالغ الصعوبة. يقول أليكسي شيمكيفيتش من أكاديمية "ديماغوج": "طالما لا نملك دليلًا قاطعًا، لا يمكننا تصنيف كل عملية على أنها تضليل إعلامي أو حملة منسقة. لكن في حالة Doppelgänger، تمكنّا من إثبات ذلك بوضوح، حيث أظهرنا في تقريرنا روابط مباشرة مع روسيا. ويُضيف: "مثال آخر هو انتشار نظريات المؤامرة حول برنامج HAARP وتأثيره المزعوم على تغير المناخ. في هذه الحالة، كشف تقرير لحلف الناتو عن صلات بين هذه الحملة والصين، كما أشار إلى كيفية استغلال روسيا لهذا المحتوى".