أحدث الأخبار مع #وكالةالتنميةالأميركية


تيار اورغ
١٥-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- تيار اورغ
قرار أميركي بوقف برامج «الغذاء العالمي» بشكل كامل في لبنان في أيار
تستمر الأوضاع الإنسانية للأشخاص الأكثر فقراً في لبنان بالتدهور. هذه خلاصة تقارير عدد من المنظمات الأممية العاملة في لبنان. فبسبب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوقف تمويل وكالة التنمية الأميركية «USAID»، تراجع باستمرار عدد السوريين واللبنانيين الذين حصلوا على مساعدات غذائية من برنامج الغذاء العالمي، وبلغت أعداد السوريين الخارجين من لوائح المساعدات 330 ألف شخص في شباط من عام 2025، ما نسبته 40% من المستحقين، إذ وصلت أعداد المستحقين من السوريين فقط إلى 830 ألفاً بداية عام 2025. كما علّقت المساعدات النقدية لـ162 ألف لبناني، ما يمثل نسبة 25% من اللبنانيين الذين يتقاضون مساعدات نقدية مباشرة من برنامج الغذاء العالمي. ومن المتوقع أن يتوقف عمل البرنامج بشكل كامل في لبنان في أيار من عام 2025، بحسب التقرير الأخير الصادر عن برنامج الغذاء العالمي في لبنان الأسبوع الماضي. وفي سياق مرتبط، وبسبب غياب التمويل الخارجي، اتسعت الهوّة المالية اللازمة لتأمين المساعدات الغذائية أو النقدية المخصصة لشراء الطعام في لبنان، وبلغت 83%، إذ لم يؤمن سوى 39 مليون دولار من أصل 231 مليون دولار مطلوبة للأشهر الستة المقبلة، أي 17% فقط. ويترافق تقليص المساعدات مع ارتفاع مستمر في أسعار الغذاء في لبنان، إذ بلغ سعر السلّة الغذائية الأساسية للبقاء على قيد الحياة، المعروفة بـ«SMEB»، لعائلة من 5 أشخاص 40 مليوناً و400 ألف ليرة، أي 450 دولاراً. ووصلت تكلفة الحدّ الأدنى من الإنفاق على السلّة الغذائية، «MEB»، إلى 51 مليوناً و300 ألف ليرة، ما يوازي 571 دولاراً تشمل تفاصيل أسعار الحبوب على أنواعها، ولحوم المواشي والأسماك. أما لجهة الحاجات غير الغذائية للعائلات، فبلغ سعر السلّة الأساسية منها لعائلة من 5 أفراد 23 مليوناً و400 ألف ليرة، ما يوازي 261 دولاراً. ما يجعل من مصاريف الأسرة الشهرية تصل إلى 711 دولاراً، بينما لا يتخطى الحدّ الأدنى الرسمي للأجور سقف الـ200 دولار شهرياً. ويذكر هنا أنّ العائلات المقيمة في لبنان التي تتلقى مساعدات، سواء من برنامج الغذاء العالمي أو من الحكومة اللبنانية لا تتمكن من تغطية كلّ حاجاتها الغذائية وغير الغذائية بالاعتماد على المساعدات فقط. فالمبلغ الشهري الذي تدفعه وزارة الشؤون الاجتماعية للعائلات الأكثر فقراً مثلاً يغطي 53% من الحاجات الغذائية و10% من الحاجات غير الغذائية. والمبلغ الذي تتقاضاه العائلات السورية من برنامج الغذاء العالمي يغطي 53% من حاجاتها الغذائية و17% من حاجاتها غير الغذائية. وفي ظل التراجع الحاد لحجم المساعدات الإنسانية في لبنان، لم يتوقف النزوح السوري باتجاه الأراضي اللبنانية. «منذ مطلع نيسان، دخل 30 ألف سوري إلى محافظتي عكار والشمال»، بحسب تقرير برنامج الغذاء العالمي الأخير. ويقيم معظم النازحين الجدد في مراكز إيواء جماعية مثل المساجد، القاعات الاجتماعية في القرى، وفي منازل خاصة على شكل إعارة أو بالمشاركة مع عائلات أخرى. وأدى النزوح الجديد لفتح 25 مركز إيواء جديد، ومن المتوقع أن تقفل كلّها في الشهرين المقبلين إثر إيقاف التمويل الخارجي. وأدّى هذا الضغط المالي والسكاني على المجتمع في لبنان لتدهور إضافي أصاب 1.6 مليون شخص، أي 30% من مجموع سكان لبنان، والذي من المتوقع أن يواجهوا «انعداماً حاداً في الأمن الغذائي». وهذه النسبة في ازدياد مستمر منذ تشرين الثاني من عام 2024، إذ بلغت في حينها 23% من مجموع السكان.


تيار اورغ
٠٥-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- تيار اورغ
الـ NGO's خسرت موسم الانتخابات البلدية
ندى أيوب - قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقف تمويل وكالة التنمية الأميركية USAID قلّص عمل المنظّمات غير الحكومية في موسم الانتخابات البلدية إلى حدوده الدنيا. وللمرة الأولى منذ سنواتٍ طويلة، غابت ورش العمل التدريبية في موسم الانتخابات الذي كان يشكّل، تحت عنوان «التوعية»، فرصةً لـ«الاسترزاق»، من جهة، ولإحداث تغيير فكري في النظرة إلى البلديات، وفصلها عن الدولة المركزية وربطها أكثر بالمانحين ومشاريعهم جرت العادة أن تشكّل الانتخابات البلدية موسماً لجذب التمويل لبرامج ومشاريع تحمل عناوين مثل «تعزيز الديمقراطية» و«بناء القدرات». وعلى مدى أكثر من 20 عاماً، كانت الأشهر الستة السابقة للانتخابات البلدية تشهد فورةً في جلسات التدريب والنشاطات المرتبطة بالاستحقاق، في كل المناطق من دون استثناء، مثل التدريب على آليات الانتخاب، وتفسير القانون، وأهمية المشاركة في العملية الانتخابية ترشّحاً واقتراعاً، ودعم تشكيل لوائح من خارج الأحزاب التقليدية، والتوعية على أهمية دور المجالس البلدية كسلطاتٍ تؤثّر مباشرة في حياة المقيمين. وفيما تستوعب كل ورشة عمل بين 30 و40 متدرّباً، «ترسمل» المنظمات على أنّ هؤلاء سيؤثّرون في حوالي مئتي مواطن في مجتمعهم. بعض المنظّمات كانت تذهب بعيداً في مضامين الورش التدريبية، وتركّز أكثر على فكرة «نسيان» السلطة المركزية والاعتماد الكلي على تمويل الجهات المانحة كشرطٍ لنجاح المجلس البلدي إذا أراد الخروج من دائرة تأثير الانهيار المالي ضمن نطاقه المحلّي، وذلك بهدف إحداث تغييرٍ فكري حيال النظرة إلى البلديات عبر طرح توسيع صلاحياتها وكيفية تمويلها. وحاولت المنظّمات في السنوات الماضية، قدر الإمكان، فصل البلديات عن سلطة القرار المركزية، فركّزت في ورشها على أنّ المجلس البلدي الناجح هو الذي لا يعتمد على المال العام، ولا يعوّل على الجباية أو على عائدات الصندوق البلدي التي فقدت قيمتها بعد الانهيار، بل القادر على جذب التمويل الخارجي لمشاريعه الإنمائية، والمُكتفي حصراً بهبات الجهات المانِحة التي تؤمّن له الاستمرارية والفعّالية. وهذا يستلزم المرور حكماً بالمنظّمات نفسها عبر تمتين العلاقة معها، لتكون بمثابة جسر عبورٍ يَصِل البلديات بالجهات المُموّلة، ويؤسّس لفكرة البحث عن الخلاص الفردي لا الحلول الوطنية الشاملة، كما يؤسّس لوجود طبقة تشعر بأن مصالحها السياسية ونجاحها مرتبطان بمؤسسات دولية قد تشكّل على المدى الطويل «لوبي» يبني شبكة مصالحه على رؤية غير محلّية، ويستدعي تحويل البلديات من هيئات مُنتخبة إلى «Ngos» تركّز مهامّها على تأمينِ تمويلِ المشاريع على حسابِ دورِها كهيئاتٍ مُنتخبة، بشكلِ تُصبح فيه شرعيتها مستمدّة من مدى قُدرتِها على جذبِ المانحين. أما الشريحة المُستهدفة بشكلٍ أساسي فـ«هي الفئة الشابّة القاطنة في المناطق الريفية، حيث تستهدف المنظّمات إحداث خرقٍ مجتمعي عبر تشكيل ما يُسمى المجتمع المدني المعارض للأحزاب التقليدية الحاكمة ودفعه إلى الاقتراع بعيداً عن الانتماءات الحزبية وحتى الانتماءات البدائية كالخضوع للحسابات العائلية التي تطبع الانتخابات البلدية عادةً»، على حدّ قول ربيع دندشلي مدير شركة Redco للدراسات والاستشارات. ويرى دندشلي أنّ المنظّمات بشكل أساسي تنقسم إلى فئتين: الأولى «يعنيها حصراً جذب التمويل وتحقيق ربح مادي وبالتالي لا يكون عملها ذا تأثير كبير»، والثانية «تحضّر مضامين برامجها وتنشط كواحدة من الأذرع التنفيذية لسياسات القوة الناعمة الأميركية». لافتاً إلى «بروز عددٍ قليل من المنظمات في السنوات الخمس الماضية التي هدفت حقيقةً إلى تطوير المجتمع اللبناني وإحداث تغيير جيّد». لذلك كلّه، أولت الجهات والمنظّمات الدولية وشركاؤها المحليون أهمية للاستحقاق الانتخابي بما يجسّد من فرصة للمشاركة في اختيار السلطات المحلية، حيث يكون الاحتكاك مباشراً ويومياً مع «ممثّل الدولة». إلا أنّ نتائج الانتخابات البلدية كانت في كلّ مرة مخيّبة لآمال المموّلين، حيث بقيت الكلمة الفصل للحسابات العائلية والحزبية. وبالتالي، هي واحدة من «المعارك التي فشل فيها التغيير عبر القوة الناعمة وأدّى في نهاية المطاف إلى تعديل الولايات المتحدة استراتيجيتها وقطع التمويل»، بحسب دندشلي، مشيراً إلى أنّ الغالبية العظمى من برامج التدريب تلك، «كانت تُموّل من وكالة التنمية الأميركية أو الصناديق التابعة لها». ورغم الحذر الذي تستوجبه طروحات المنظّمات غير الحكومية، إلا أن غياب ورش العمل أحدث فراغاً ضمن مساحةٍ توعوية مطلوبة كان يستفيد منها أهالي الأرياف، لجهة توعيتهم على دور البلديات في حياتهم، وعلى أن تكون في كل بلدة مجموعة ضغطٍ ناشطة تتابع قضايا البلدة مع المجلس البلدي، وتراقب عمله وتحاول دفعه باتجاه تحقيق مصالح البلدة، سيّما أنّ آخر انتخابات بلدية في لبنان كانت عام 2016، أي قبل 9 أعوامٍ، ما يعني أن الناخبين الذين تراوِح أعمارهم اليوم بين 21 و29 عاماً سيقترعون للمرة الأولى، إضافة إلى أنّهم لم يشهدوا في السنوات الست الماضية (ما بعد الانهيار المالي) إلا نموذجاً بلدياً عاجزاً، غير قادر على أداء أدواره الطبيعية، نتيجة انعدام القدرات والموارد المالية.


الشرق الجزائرية
١٢-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- الشرق الجزائرية
ترامب يلعب بإعدادات الاقتصاد العالميّ.. والدّولار
«اساس ميديا» يخوض الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكبر مغامرة اقتصادية لبلاده منذ عام 1971. ضرب بسيف التعريفات الجمركية ليزعزع قواعد نظام التجارة الحرّة الذي تشكّل في التسعينيّات، وقال إنّ الهدف 'جعل أميركا عظيمة مجدّداً' (MAGA). لكنّه بدأ سريعاً بمواجهة الرياح المعاكسة من الانخفاض الحادّ للدولار وأسواق الأسهم. ليست هذه المرّة الأولى التي تضع فيها الولايات المتحدة الثقة العالمية بقيادتها الاقتصادية موضع المساومة. ففي عام 1971، أقدم الرئيس ريتشارد نيكسون على تفكيك اتفاقية 'بريتون وودز' التي وُقّعت عام 1944 بمشاركة 44 دولة. ألغى نيكسون من جانب واحد معيار الذهب، الذي كان بمنزلة التزام أميركي بتحويل كلّ 35 دولاراً إلى أونصة من الذهب. قلبت 'صدمة نيكسون' موازين الاقتصاد العالمي، وتركت آثاراً كبيرة على النظام النقدي العالمي، وأطلقت مرحلة من تقلّبات العملات، والتضخّم، والتحوّل إلى نظام العملات العائمة. لكنّ العبرة في خواتيم تلك المرحلة أنّ هيمنة الدولار ظلّت قائمة، إن لم يكن لقوّة فيه فلضعفٍ في ما سواه. أميركا أوّلاً تمثّل اليوم سياسات ترامب الاقتصادية 'صدمة' من نوع جديد، لكن هذه المرّة من خلال زعزعة النظام التجاري العالمي القائم منذ الحرب العالمية الثانية. فهو يتبنّى نهجاً قوميّاً في الاقتصاد عنوانه 'أميركا أوّلاً'، يركّز من خلاله على خفض العجز التجاري الأميركي من خلال فرض تعريفات جمركية عقابية على الواردات، والضغط على الشركاء التجاريين لشراء مزيد من السلع والخدمات الأميركية. ويتضمّن أيضاً الانسحاب من الاتّفاقيات التجارية المتعدّدة الأطراف، وإعادة التفاوض على الاتّفاقيات الثنائية بما يحقّق أفضلية للولايات المتحدة. وأحد الأمثلة هو اتّفاق التجارة الحرّة لأميركا الشمالية (نافتا)، الذي أعاد ترامب التفاوض بشأنه ليخرج باتفاقية جديدة (USMCA) مع المكسيك وكندا عام 2020. وعلى الرغم من أنّه هو نفسه من فاوض ووقّع هذه الاتفاقية خلال ولايته السابقة، عاد لاحقاً ليفرض رسوماً جمركية على واردات من هذين البلدين، قبل أن يتراجع جزئياً عنها، في خطوة أربكت الأسواق وأثارت علامات استفهام عن استقرار السياسة الاقتصادية الأميركية. يأتي ذلك في إطار سياسات 'أميركا أوّلاً' الأوسع نطاقاً في المجال العسكري والسياسة الخارجية. فترامب يضغط على حلفاء بلاده في 'الناتو'، ويقول بوضوح إنّ حماية الأمن الأوروبي لم يعد أولويّة للولايات المتحدة، وإنّ سياسة الصفقات هي التي ستحكم العلاقات مع الحلفاء والخصوم على حدّ سواء. تمثّل هذه السياسات تحوّلاً من صورة 'الدولة القائدة' التي تدفع لقيادتها ثمناً ماليّاً وعسكريّاً، إلى 'الدولة القويّة' التي تبحث عن مصالحها أوّلاً. وما من تعبير رمزي أوضح من إلغاء معظم مشاريع وكالة التنمية الأميركية (USAID)، بكلّ ما كانت تمثّله من قوّة أميركية ناعمة في العالم. لا شكّ أنّ شعارات ترامب لقيت صدى قويّاً لدى الناخب الأميركي خلال حملته الانتخابية. فقد عزف على وتر العجوزات التجارية الكبيرة، وتراجع الصناعة المحلّية، والوضع المعيشي لدافعي الضرائب الذين تذهب أموالهم للجهد العسكري أو المساعدات في ما وراء البحار. إلّا أنّه، بعد أقلّ من ثلاثة أشهر على تنصيبه، بدأت سياساته تثير قلقاً واسعاً من أثرها السلبي على الأسواق الماليّة والدولار، أو بسبب الشكوك التي أثارتها في صفوف الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة. ما يجعل سياسات ترامب مغامرة حقيقية أنّها تتحدّى مبادئ العولمة والانفتاح التجاري التي بنت عليها أميركا زعامتها الاقتصادية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وبخلاف 'صدمة نيكسون' التي كانت موجّهة لمعالجة خلل نقدي محدّد، فإنّ سياسات ترامب هي بمنزلة إعادة هيكلة كاملة للعلاقات التجارية الدولية، من خلال فرض القوّة الأميركية على الشركاء التجاريّين وإعادة رسم قواعد اللعبة. ربّما المشكلة الكبرى في سياسة ترامب أنّ سياسة 'الضربة الصادمة' دخلت في مرحلة من عدم اليقين بعدما استنفدت قدرتها على استدراج التنازلات السريعة من الدول الأخرى. فقد فرض رسوماً جمركية بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك مطلع شباط الفائت، ثمّ علّق تطبيقها لثلاثين يوماً قبل ساعات من سريانها. بعد ذلك، أكّد سريانها في الرابع من آذار الجاري، ثمّ تراجع عن تطبيقها على كلّ السلع التي تدخل الولايات المتحدة وفق اتفاقية التجارة الحرّة USMCA ، وهي تشكّل نحو 40% من مجمل الواردات من البلدين. أعطى هذا التردّد إشارة سلبية إلى مدى الحسم في سياسات ترامب، وهو ما زاد القلق والتوتّر في الأسواق. إنذار الأسواق اشتعلت شرارة التراجع في الأسواق هذا الأسبوع حين تحوّل ترامب من خطاب الثقة المطلقة بالاقتصاد الأميركي إلى الحديث عن 'فترة انتقالية' لم يستبعد فيها حدوث ركود اقتصادي. زاد من قلق الأسواق تصريح وزير الخزانة سكوت بسنت الذي تحدّث عن مرحلة ' Detox ' (إزالة سموم) سيمرّ بها الاقتصاد الأميركي، في إشارة إلى تحمّل آثار خفض الإنفاق وتقلّبات المرحلة. كانت النتيجة تراجعاً حادّاً للدولار بنسبة 5% خلال ثلاثة أيّام، وهبوط مؤشّر 'ناسداك' المجمع بنسبة 4% في يوم واحد، في أسوأ أداء له منذ عام 2022. المفارقة أنّ الأسواق لم تتفاعل إيجاباً حتى مع تراجع ترامب عن بعض الرسوم الجمركية، وهو ما يشير إلى تآكل الثقة العامّة بسياساته. مشكلة ترامب الراهنة أنّه يعطي إشارات غامضة، إذ ليس واضحاً هل سياسته أسلوب تفاوضيّ يستهدف الحصول على صفقات أفضل وحسب، أم تعكس تحوّلاً جوهرياً في الرؤية الأميركية للنظام الاقتصادي العالمي؟ من جهة يريد عقد الصفقات في كلّ اتّجاه، ومع الصين على وجه التحديد. وله تجربة في ذلك عام 2018، حين فرض سلسلة من حزم التعريفات، ثمّ اجتمع بالرئيس الصيني في نهاية ذلك العام وتوصّل معه إلى اتّفاق تجاري يضمن زيادة الصادرات الزراعية الأميركية إلى الصين. وعلى المنوال نفسه، بدأ الحديث في الأيام الماضية عن قمّة مرتقبة بين ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ، إلّا أنّ الترتيبات تبدو أكثر صعوبة هذه المرّة. لكن من جهة أخرى يتحدّث ترامب عن التعريفات، لا من باب تكتيك تفاوضي يفضي إلى صفقات فحسب، بل لتكون جزءاً من نظام اقتصادي عالمي جديد يقوم على أنقاض نظام التجارة الحرة الذي قامت عليه اتفاقية منظّمة التجارة العالمية عام 1994. ذلك النظام قام على أساس رفع القيود التجارية لإتاحة المجال أمام السلع الأميركية للتدفّق إلى الأسواق العالمية. لكنّ تطبيقه الفعليّ نقل الصناعات إلى الدول ذات التكاليف الأدنى، فكانت الصين أكبر المستفيدين، ومعها دول ناشئة أخرى مثل المكسيك وفيتنام وتايوان وسواها. لذلك النموذج الاقتصادي الذي يطرحه ترامب يقوم على فكرة إعادة سلاسل التوريد إلى داخل الولايات المتحدة. من يصنّع في الخارج يدفع تعريفات، ومن يصنّع في الداخل ينجو منها. وهو بذلك يسعى إلى استخدام حجم السوق الاستهلاكية الأميركية رافعةً لإجبار الشركات العالمية على تغيير مواقع الإنتاج. كانت لهذا النهج أثمان استراتيجية. فالنموذج الانعزالي الذي يسعى إلى تقليص التبعية الخارجية قد يؤدّي إلى تراجع في الكفاءة الاقتصادية، وارتفاع الكلفة على المستهلك الأميركي نفسه. والأهمّ أنّه يهدّد بفقدان الولايات المتحدة موقعها القيادي في النظام العالمي إذا ما أصرّت على التخلّي عن قواعد العولمة التي أسّستها بنفسها. يقول الدرس التاريخي إنّ من يريد أن يقود فعليه أن يدفع الكلفة. وإذا قرّرت الولايات المتّحدة الانكفاء خلف حدودها، فإنّ قوى أخرى مستعدّة لتوسيع نفوذها في الفراغ الذي قد تتركه واشنطن خلفها. وبذلك قد يتحوّل ما بدأه ترامب على أنّه 'مغامرة اقتصادية وطنية' إلى لحظة فارقة في التاريخ الاقتصادي العالمي، ترسم ملامح نظام جديد، أو تفتح الباب أمام صعود قوى بديلة.


الشرق الأوسط
٠٩-٠٢-٢٠٢٥
- صحة
- الشرق الأوسط
اليمن أكبر المتضررين من وقف المساعدات الأميركية
مع إبلاغ الحكومة الأميركية برنامج الأغذية العالمي بوقف تمويل عشرات المشاريع الممولة من وكالة التنمية الأميركية، يبرز اليمن كإحدى أكبر الدول المتضررة من القرار، خاصة أن المساعدات السنوية الأميركية التي كان يحصل عليها تزيد على 700 مليون دولار تقريباً، وفق مصادر حكومية وإغاثية. ووفق ما ذكره عاملون في قطاع الإغاثة ومصادر حكومية يمنية، فإن الولايات المتحدة تأتي في طليعة المانحين لليمن بعد السعودية، حيث تُستخدم الأموال التي تُقدم عبر وكالة التنمية الأميركية لتغطية الاحتياجات الغذائية لملايين السكان الذين يحتاجون إلى المساعدات أو في تمويل إعادة بناء المدارس والمنشآت الصحية التي تضررت من الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي. وأكدت المصادر أنه مع حلول السنة الميلادية الجديدة، زاد الحرمان الشديد من الغذاء في اليمن إلى 42 في المائة، وانتشر الاستهلاك العالي للغذاء السيئ بنسبة 49 في المائة في أوساط النازحين داخلياً، في حين أن وضع انعدام الأمن الغذائي في البلاد لا يزال عند مستويات مقلقة باستمرار، حيث إن 64 في المائة من الأسر لم تتمكن من الحصول على الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية مع نهاية 2024. وفي وسط أزمة تمويل خانقة تواجهها الأمم المتحدة، كانت دفعتها لإيقاف العديد من البرامج واستبعاد أكثر من أربعة ملايين يمني من قوائم المستفيدين من المساعدات الغذائية، لا تعرف المنظمات الإغاثية الكيفية التي سيتم من خلالها تغطية النقص الذي سببه وقف الولايات المتحدة مساعداتها. الاستهلاك غير الكافي للغذاء في اليمن انتشر بنسبة 62% (إعلام محلي) وتظهر أحدث البيانات الأممية أن الأسر في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية الشرعية عاشت انتشاراً أعلى نسبياً لاستهلاك الغذاء غير الكافي (67 في المائة) مقارنة بمناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، التي كانت النسبة لديها 63 في المائة. في حين انضم مليون يمني إلى قائمة المحتاجين للمساعدات الطارئة هذا العام، أعاد برنامج الأغذية العالمي أسباب تراجع مستوى انعدام الأمن الغذائي إلى الاضطرابات الاقتصادية، وفجوات المساعدات الإنسانية، وخاصة توقف توزيع المساعدات الغذائية في معظم مناطق سيطرة الحوثيين، ومحدودية فرص كسب العيش. إلى جانب ذلك، يرى البرنامج أن تزايد الخروق للتهدئة العسكرية خلال الربع الأخير من عام 2024 ساهم في زيادة التدهور في وضع الأمن الغذائي في اليمن، خاصة في الخطوط الأمامية في محافظات تعز والضالع وأبين. إلى جانب خفض التمويل أعاقت ممارسات الحوثيين العمل الإنساني (إعلام محلي) ومع هذه الخروق ارتفع مستوى الحرمان الغذائي الشديد (استهلاك الغذاء الرديء) إلى 38 في المائة بحلول نهاية العام الماضي (40 في المائة في مناطق الحكومة و37 في المائة في مناطق سيطرة الحوثيين). وتجاوزت جميع المحافظات اليمنية العتبة «المرتفعة جداً»، التي تبلغ 20 في المائة لاستهلاك الغذاء الرديء في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستثناء محافظة صنعاء. وبحسب البيانات الأممية، تبنت 52 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الحوثيين و44 في المائة في مناطق الحكومة استراتيجيات تكيف شديدة قائمة على خفض الوجبات الغذائية، وشملت الممارسات الشائعة تقليل أحجام الوجبات. كانت الأمم المتحدة قد وصفت عام 2024 بأنه كان مليئاً بالتحديات العميقة بالنسبة لليمن، حيث اتسم بالتصعيد الإقليمي، وتفاقم الأزمة الاقتصادية، وزيادة التهديدات لسلامة وأمن الموظفين الأمميين والإنسانيين. وأكدت المنظمة الدولية أن الهجمات من وعلى اليمن قد هددت بإلحاق الضرر بالبنية التحتية الحيوية للموانئ البحرية، «وعرّضت تدفق الغذاء الأساسي والوقود والواردات الأخرى التي يعتمد عليها ملايين اليمنيين للخطر، وهددت بتسرب نفطي غير مسبوق». الحوثيون يواصلون تجنيد الطلاب وتوجيه الأموال لخدمة مشروعهم الطائفي (إعلام حوثي) كما نبهت الأمم المتحدة إلى أن الأزمة الاقتصادية في اليمن تدفع بشكل متزايد الأسر إلى اللجوء إلى «طرق بديلة للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك زواج الأطفال». كما انتشر وباء الكوليرا في جميع أنحاء البلاد، حيث يؤثر على أكثر من مائتي ألف شخص، وشردت الفيضانات أكثر من نصف مليون شخص خلال موسم الأمطار الشديد نتيجة أزمة المناخ. ووفق كبير المسؤولين الإنسانيين في الأمم المتحدة، فإن نقص التمويل لعمليات الإغاثة أجبر برامج حيوية على الإغلاق، حتى مع ارتفاع العدد الإجمالي للأشخاص المحتاجين في اليمن منذ بداية العام من 18.2 إلى 19.5 مليون شخص. وعلى الرغم من التحديات، قال المسؤول الأممي إن العاملين في المجال الإنساني، الذين يعملون من كثب مع المجتمعات المحلية، بقوا وقدموا استجابة واسعة النطاق قائمة على المبادئ لنحو 7.8 مليون شخص في عام 2024، وأضاف: «سنبقى ونقدم الدعم لمعالجة المعاناة الإنسانية أينما وجدت، بناءً على الحاجة وحدها».


اليمن الآن
٠٩-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- اليمن الآن
اليمن أكبر المتضررين من وقف المساعدات الأميركية
مع إبلاغ الحكومة الأميركية برنامج الأغذية العالمي بوقف تمويل عشرات المشاريع الممولة من وكالة التنمية الأميركية، يبرز اليمن كإحدى أكبر الدول المتضررة من القرار، خاصة أن المساعدات السنوية الأميركية التي كان يحصل عليها تزيد على 700 مليون دولار تقريباً، وفق مصادر حكومية وإغاثية. ووفق ما ذكره عاملون في قطاع الإغاثة ومصادر حكومية يمنية، فإن الولايات المتحدة تأتي في طليعة المانحين لليمن بعد السعودية، حيث تُستخدم الأموال التي تُقدم عبر وكالة التنمية الأميركية لتغطية الاحتياجات الغذائية لملايين السكان الذين يحتاجون إلى المساعدات أو في تمويل إعادة بناء المدارس والمنشآت الصحية التي تضررت من الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي. وأكدت المصادر أنه مع حلول السنة الميلادية الجديدة، زاد الحرمان الشديد من الغذاء في اليمن إلى 42 في المائة، وانتشر الاستهلاك العالي للغذاء السيئ بنسبة 49 في المائة في أوساط النازحين داخلياً، في حين أن وضع انعدام الأمن الغذائي في البلاد لا يزال عند مستويات مقلقة باستمرار، حيث إن 64 في المائة من الأسر لم تتمكن من الحصول على الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية مع نهاية 2024. وفي وسط أزمة تمويل خانقة تواجهها الأمم المتحدة، كانت دفعتها لإيقاف العديد من البرامج واستبعاد أكثر من أربعة ملايين يمني من قوائم المستفيدين من المساعدات الغذائية، لا تعرف المنظمات الإغاثية الكيفية التي سيتم من خلالها تغطية النقص الذي سببه وقف الولايات المتحدة مساعداتها. وتظهر أحدث البيانات الأممية أن الأسر في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية الشرعية عاشت انتشاراً أعلى نسبياً لاستهلاك الغذاء غير الكافي (67 في المائة) مقارنة بمناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، التي كانت النسبة لديها 63 في المائة. تصاعد أعداد المحتاجين في حين انضم مليون يمني إلى قائمة المحتاجين للمساعدات الطارئة هذا العام، أعاد برنامج الأغذية العالمي أسباب تراجع مستوى انعدام الأمن الغذائي إلى الاضطرابات الاقتصادية، وفجوات المساعدات الإنسانية، وخاصة توقف توزيع المساعدات الغذائية في معظم مناطق سيطرة الحوثيين، ومحدودية فرص كسب العيش. إلى جانب ذلك، يرى البرنامج أن تزايد الخروق للتهدئة العسكرية خلال الربع الأخير من عام 2024 ساهم في زيادة التدهور في وضع الأمن الغذائي في اليمن، خاصة في الخطوط الأمامية في محافظات تعز والضالع وأبين. ومع هذه الخروق ارتفع مستوى الحرمان الغذائي الشديد (استهلاك الغذاء الرديء) إلى 38 في المائة بحلول نهاية العام الماضي (40 في المائة في مناطق الحكومة و37 في المائة في مناطق سيطرة الحوثيين). وتجاوزت جميع المحافظات اليمنية العتبة «المرتفعة جداً»، التي تبلغ 20 في المائة لاستهلاك الغذاء الرديء في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستثناء محافظة صنعاء. وبحسب البيانات الأممية، تبنت 52 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الحوثيين و44 في المائة في مناطق الحكومة استراتيجيات تكيف شديدة قائمة على خفض الوجبات الغذائية، وشملت الممارسات الشائعة تقليل أحجام الوجبات. تحديات عميقة كانت الأمم المتحدة قد وصفت عام 2024 بأنه كان مليئاً بالتحديات العميقة بالنسبة لليمن، حيث اتسم بالتصعيد الإقليمي، وتفاقم الأزمة الاقتصادية، وزيادة التهديدات لسلامة وأمن الموظفين الأمميين والإنسانيين. وأكدت المنظمة الدولية أن الهجمات من وعلى اليمن قد هددت بإلحاق الضرر بالبنية التحتية الحيوية للموانئ البحرية، «وعرّضت تدفق الغذاء الأساسي والوقود والواردات الأخرى التي يعتمد عليها ملايين اليمنيين للخطر، وهددت بتسرب نفطي غير مسبوق». كما نبهت الأمم المتحدة إلى أن الأزمة الاقتصادية في اليمن تدفع بشكل متزايد الأسر إلى اللجوء إلى «طرق بديلة للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك زواج الأطفال». كما انتشر وباء الكوليرا في جميع أنحاء البلاد، حيث يؤثر على أكثر من مائتي ألف شخص، وشردت الفيضانات أكثر من نصف مليون شخص خلال موسم الأمطار الشديد نتيجة أزمة المناخ. ووفق كبير المسؤولين الإنسانيين في الأمم المتحدة، فإن نقص التمويل لعمليات الإغاثة أجبر برامج حيوية على الإغلاق، حتى مع ارتفاع العدد الإجمالي للأشخاص المحتاجين في اليمن منذ بداية العام من 18.2 إلى 19.5 مليون شخص. وعلى الرغم من التحديات، قال المسؤول الأممي إن العاملين في المجال الإنساني، الذين يعملون من كثب مع المجتمعات المحلية، بقوا وقدموا استجابة واسعة النطاق قائمة على المبادئ لنحو 7.8 مليون شخص في عام 2024، وأضاف: «سنبقى ونقدم الدعم لمعالجة المعاناة الإنسانية أينما وجدت، بناءً على الحاجة وحدها».