#أحدث الأخبار مع #وليدناجيالحياليساحة التحرير١١-٠٥-٢٠٢٥أعمالساحة التحريرتحسين النظام المصرفي العراقي وتحقيق الشمول المالي!وليد ناجي الحياليتحسين النظام المصرفي العراقي وتحقيق الشمول المالي: رؤية إصلاحية في ضوء التجارب الدولية! بقلم: الأستاذ الدكتور وليد ناجي الحيالي مقدمة: يُعدّ النظام المصرفي ركيزة أساسية من ركائز النمو الاقتصادي، ومحرّكًا فعّالًا للتنمية المستدامة. ومع ازدياد الحديث عالميًا عن 'الشمول المالي' كأداة للعدالة الاقتصادية، تزداد الحاجة في العراق إلى مراجعة جذرية وشاملة لمنظومة المصارف، خصوصًا في ظل الواقع المليء بالتحديات المالية، والإدارية، والتكنولوجية، والاجتماعية. لقد بات من الضروري أن نتجاوز الإطار التقليدي للخدمات المصرفية، نحو نموذج أكثر شمولًا وابتكارًا يحقق إدماجًا حقيقيًا للفئات غير المتعاملة مع النظام المصرفي، ويدفع بعجلة الاقتصاد نحو الاستقرار والنمو. واقع النظام المصرفي العراقي ورث العراق نظامًا مصرفيًا عريقًا، لكنه تعرض لأضرار كبيرة بسبب العقوبات الاقتصادية، الحروب، ضعف الحوكمة، وغياب الشفافية. ويضم القطاع المصرفي اليوم مصارف حكومية (مثل الرافدين والرشيد)، ومصارف أهلية وخاصة، إلى جانب فروع لمصارف أجنبية. إلا أن التحديات الكبرى التي يواجهها هذا النظام تتلخص في: • انخفاض الثقة الجماهيرية في المصارف. • اعتماد واسع على التعاملات النقدية (الكاش). • ضعف استخدام الخدمات الرقمية. • ضعف الثقافة المالية في المجتمع. • البيروقراطية في الإجراءات البنكية. تشير بيانات البنك المركزي العراقي إلى أن أقل من 30% من السكان البالغين يمتلكون حسابات مصرفية، وهي نسبة متدنية مقارنة بالمعدل الإقليمي، وتضع العراق خارج نطاق الشمول المالي المقبول دوليًا. مفهوم الشمول المالي وأهميته الشمول المالي يعني توفير الخدمات المالية الرسمية (حسابات بنكية، ادخار، قروض، تأمين، تحويلات) لكل فئات المجتمع، وبخاصة الفئات منخفضة الدخل، وسكان المناطق الريفية، والنساء، والشباب، ورواد الأعمال. تكمن أهمية الشمول المالي في كونه: • يعزز من الادخار والاستثمار. • يرفع من مستوى معيشة الأفراد. • يقلل من الاعتماد على السوق غير الرسمي (الصيرفة غير القانونية). • يسهم في تقوية النظام المالي ومكافحة غسيل الأموال. التحديات التي تعيق الشمول المالي في العراق 1. ضعف البنية التحتية التكنولوجية. 2. غياب التشريعات المواكبة للخدمات المالية الرقمية. 3. ضعف الثقة بين المواطن والمصارف. 4. قلة فروع المصارف في المناطق الريفية والنائية. 5. غياب الثقافة المالية في المنظومة التعليمية والمجتمع. رؤية إصلاحية مقترحة لتحقيق تحوّل حقيقي في النظام المصرفي، يجب تبني رؤية استراتيجية وطنية ترتكز على المحاور الآتية: أولًا: التحول الرقمي • إطلاق منصة دفع إلكتروني وطنية شاملة، مرتبطة بالحكومة الإلكترونية. • تمكين المصارف من تقديم خدمات الهاتف المحمول والمحافظ الرقمية. • تطبيق الهوية الرقمية الوطنية (Digital ID) المرتبطة بالحساب المصرفي. ثانيًا: الإصلاح القانوني • سنّ تشريعات تحفّز الابتكار المالي (FinTech) وتنظم التمويل الصغير. • تحديث قوانين البنك المركزي والمصارف لمواكبة المعايير الدولية. ثالثًا: دعم الثقافة المالية • إدخال مفاهيم التثقيف المالي في المناهج الدراسية. • تنظيم حملات توعية عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي. رابعًا: توسيع الخدمات والوصول الجغرافي • دعم المصارف المتنقلة والخدمات البنكية في القرى. • تبسيط إجراءات فتح الحسابات، خاصة للفئات الفقيرة والنساء. خامسًا: الشراكة مع القطاع الخاص والمؤسسات الدولية • تشجيع الابتكار في شركات التكنولوجيا المالية (FinTech). • الاستفادة من برامج البنك الدولي، وGIZ الألمانية، وUNDP لتطوير البنية التحتية والتدريب. • التعاون مع دول رائدة (مثل الهند، كينيا، المغرب) لتطبيق التجارب الناجحة. نماذج دولية ملهمة • الهند: أطلقت مبادرة 'Jan Dhan Yojana' التي مكّنت أكثر من 400 مليون شخص من فتح حسابات مصرفية مجانية. • كينيا: استخدام تطبيق 'M-PESA' أدى إلى رفع الشمول المالي من 27% إلى أكثر من 80% خلال عقد واحد. • مصر: أطلقت استراتيجية وطنية للشمول المالي بالشراكة مع البنك المركزي، ما أدى إلى توسع خدمات التمويل الصغير. خاتمة إن إصلاح النظام المصرفي في العراق وتحقيق الشمول المالي ليس خيارًا بل ضرورة وطنية واقتصادية. ولا يمكن لهذا الإصلاح أن يتحقق دون إرادة سياسية واضحة، وتعاون مؤسسي بين البنك المركزي، الحكومة، القطاع الخاص، والمجتمع الدولي. وإذ أقدم هذه المقالة المتواضعة، فإنني أدعو جميع المختصين والباحثين وصنّاع القرار إلى توحيد الجهود في بناء نظام مصرفي عصري، عادل، وشامل، يضع المواطن في قلب اهتمامه، ويواكب متطلبات ال 2025-05-11
ساحة التحرير١١-٠٥-٢٠٢٥أعمالساحة التحريرتحسين النظام المصرفي العراقي وتحقيق الشمول المالي!وليد ناجي الحياليتحسين النظام المصرفي العراقي وتحقيق الشمول المالي: رؤية إصلاحية في ضوء التجارب الدولية! بقلم: الأستاذ الدكتور وليد ناجي الحيالي مقدمة: يُعدّ النظام المصرفي ركيزة أساسية من ركائز النمو الاقتصادي، ومحرّكًا فعّالًا للتنمية المستدامة. ومع ازدياد الحديث عالميًا عن 'الشمول المالي' كأداة للعدالة الاقتصادية، تزداد الحاجة في العراق إلى مراجعة جذرية وشاملة لمنظومة المصارف، خصوصًا في ظل الواقع المليء بالتحديات المالية، والإدارية، والتكنولوجية، والاجتماعية. لقد بات من الضروري أن نتجاوز الإطار التقليدي للخدمات المصرفية، نحو نموذج أكثر شمولًا وابتكارًا يحقق إدماجًا حقيقيًا للفئات غير المتعاملة مع النظام المصرفي، ويدفع بعجلة الاقتصاد نحو الاستقرار والنمو. واقع النظام المصرفي العراقي ورث العراق نظامًا مصرفيًا عريقًا، لكنه تعرض لأضرار كبيرة بسبب العقوبات الاقتصادية، الحروب، ضعف الحوكمة، وغياب الشفافية. ويضم القطاع المصرفي اليوم مصارف حكومية (مثل الرافدين والرشيد)، ومصارف أهلية وخاصة، إلى جانب فروع لمصارف أجنبية. إلا أن التحديات الكبرى التي يواجهها هذا النظام تتلخص في: • انخفاض الثقة الجماهيرية في المصارف. • اعتماد واسع على التعاملات النقدية (الكاش). • ضعف استخدام الخدمات الرقمية. • ضعف الثقافة المالية في المجتمع. • البيروقراطية في الإجراءات البنكية. تشير بيانات البنك المركزي العراقي إلى أن أقل من 30% من السكان البالغين يمتلكون حسابات مصرفية، وهي نسبة متدنية مقارنة بالمعدل الإقليمي، وتضع العراق خارج نطاق الشمول المالي المقبول دوليًا. مفهوم الشمول المالي وأهميته الشمول المالي يعني توفير الخدمات المالية الرسمية (حسابات بنكية، ادخار، قروض، تأمين، تحويلات) لكل فئات المجتمع، وبخاصة الفئات منخفضة الدخل، وسكان المناطق الريفية، والنساء، والشباب، ورواد الأعمال. تكمن أهمية الشمول المالي في كونه: • يعزز من الادخار والاستثمار. • يرفع من مستوى معيشة الأفراد. • يقلل من الاعتماد على السوق غير الرسمي (الصيرفة غير القانونية). • يسهم في تقوية النظام المالي ومكافحة غسيل الأموال. التحديات التي تعيق الشمول المالي في العراق 1. ضعف البنية التحتية التكنولوجية. 2. غياب التشريعات المواكبة للخدمات المالية الرقمية. 3. ضعف الثقة بين المواطن والمصارف. 4. قلة فروع المصارف في المناطق الريفية والنائية. 5. غياب الثقافة المالية في المنظومة التعليمية والمجتمع. رؤية إصلاحية مقترحة لتحقيق تحوّل حقيقي في النظام المصرفي، يجب تبني رؤية استراتيجية وطنية ترتكز على المحاور الآتية: أولًا: التحول الرقمي • إطلاق منصة دفع إلكتروني وطنية شاملة، مرتبطة بالحكومة الإلكترونية. • تمكين المصارف من تقديم خدمات الهاتف المحمول والمحافظ الرقمية. • تطبيق الهوية الرقمية الوطنية (Digital ID) المرتبطة بالحساب المصرفي. ثانيًا: الإصلاح القانوني • سنّ تشريعات تحفّز الابتكار المالي (FinTech) وتنظم التمويل الصغير. • تحديث قوانين البنك المركزي والمصارف لمواكبة المعايير الدولية. ثالثًا: دعم الثقافة المالية • إدخال مفاهيم التثقيف المالي في المناهج الدراسية. • تنظيم حملات توعية عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي. رابعًا: توسيع الخدمات والوصول الجغرافي • دعم المصارف المتنقلة والخدمات البنكية في القرى. • تبسيط إجراءات فتح الحسابات، خاصة للفئات الفقيرة والنساء. خامسًا: الشراكة مع القطاع الخاص والمؤسسات الدولية • تشجيع الابتكار في شركات التكنولوجيا المالية (FinTech). • الاستفادة من برامج البنك الدولي، وGIZ الألمانية، وUNDP لتطوير البنية التحتية والتدريب. • التعاون مع دول رائدة (مثل الهند، كينيا، المغرب) لتطبيق التجارب الناجحة. نماذج دولية ملهمة • الهند: أطلقت مبادرة 'Jan Dhan Yojana' التي مكّنت أكثر من 400 مليون شخص من فتح حسابات مصرفية مجانية. • كينيا: استخدام تطبيق 'M-PESA' أدى إلى رفع الشمول المالي من 27% إلى أكثر من 80% خلال عقد واحد. • مصر: أطلقت استراتيجية وطنية للشمول المالي بالشراكة مع البنك المركزي، ما أدى إلى توسع خدمات التمويل الصغير. خاتمة إن إصلاح النظام المصرفي في العراق وتحقيق الشمول المالي ليس خيارًا بل ضرورة وطنية واقتصادية. ولا يمكن لهذا الإصلاح أن يتحقق دون إرادة سياسية واضحة، وتعاون مؤسسي بين البنك المركزي، الحكومة، القطاع الخاص، والمجتمع الدولي. وإذ أقدم هذه المقالة المتواضعة، فإنني أدعو جميع المختصين والباحثين وصنّاع القرار إلى توحيد الجهود في بناء نظام مصرفي عصري، عادل، وشامل، يضع المواطن في قلب اهتمامه، ويواكب متطلبات ال 2025-05-11