أحدث الأخبار مع #يوسفعوضالعازمي


جريدة الرؤية
١٢-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- جريدة الرؤية
لكننا.. كما كُنَّا!
يوسف عوض العازمي @alzmi1969 "لطالما حسدُتُ الكُتَّاب الذين يعرفون أفضل الساعات للكتابة" كي ميلر. ***** بصَّرتُ ونجَّمتُ كثيرًا لكني لم أقرأ أبدًا فنجانًا يُشبه فنجانك بصَّرتُ.. ونجَّمتُ كثيرًا لكني لم أعرف أبدًا أحزانًا تشبه أحزانك ما سبق هي من كلمات الراحل نزار قباني، الذي يتحدث عن الحزن بطريقة غريبة، تشعر بأوجاعه وخلجاته والاكتئاب، ويربط هذا الحزن بالحب، ولا أعلم ما الذي أتى بالحب إلى الحزن، والاكتئاب. وبعيدًا عن نظرية الحزن "النِزاريَّة"، لا أفهم كيف أتى بقارئة فنجان تُنجِّم وتبصر له أحوالًا لا يعلمها، وأحزانًا كما ذكرت له القارئة بأنها لا تعرف أحزانًا تشبه أحزانه، هل هي فلسفة قراءة الفنجان، وهل لقراءة الفنجان فلسفة، الفلسفة هي محبة الحكمة، وأي حكمة وأية محبة التي تكون في عهدة قارئة فنجان قد لا تقبل بثمن عادي عن القراءة. على ذكر القراءة، والكتابة أيضًا، هل يعتقد القارئ المحترم بأنَّ القصة تساوي تعبها وإشغال الذهن بها، هنا أحدثك أيها القارئ، وأسألك وأرجو الإجابة التي أظنها ستكون بينك وبين نفسك، أي أنها جواب سري، وليكن سريا، وأعيد لك على طريقة التكرار يعلم الشطار (انتبه.. أقصد الشطار ولا شيء غير ذلك) هل تساوي الكتابة تعبها، هل وأنت تقرأ هذه الكلمات تشعر بأن وراءها تعب ذهني، أم أنك تعتبرها كأنها كتابة رسالة في الواتساب؟ بصراحة أكثر، هل تعتقد لو أن الكاتب استخدم الذكاء الاصطناعي لكتابة هذا المقال، أليس بأفضل من إشغال الذهن لكتابة مقال ربما لن يقرأه إلا القليل من القراء، وممكن جدا ولم لا، أحد القراء وقع نظره على المقال بالصدفة وتورط في قراءته، لا تستغرب، تحصل مع أحسن القراء! وعلى ذكر القراءة، ما أخبار الرسوم الجمركية الأمريكية التي تصدرت نشرات الأخبار، وهل تعتقد (حديثي لك قارئي العزيز) أن مصدر ومقرر القرارات لا يفهم، أم أنَّه حقق الهدف؟ في القرارات ذات النزعة الاقتصادية الممتزجة باللمسات السياسية، لا تظن أبدًا أنها متخبطة أو عشوائية، بالعكس مدروسة تمامًا وما ماهياتها وما نتائجها، لا يمكن لهكذا قرارات أن تتسم بالصدفة، فتش عن المستفيد، تصور أنه خلال أيام قصيرة جدا (أقل من أسبوع) هبطت أسعار الأسهم هبوطاً حاداً، ثم ارتدت باخضرار لامع، هنا فتش من المستفيد. لنرجع لنزار وأحزانه وقارئة الفنجان، وبلا سياسة وبلا اقتصاد، ونتحدث ونرجع إلى وعن الكتابة وهل نحن الآن في زمن يستوعب وجود صحف، والصحف التي بها صفحات كتاب رأي؟ لن أجيب، فالجواب لك، لكني أظنُ وقلتُها أكثر من مرة، إننا في زمن التغريدة، تصور تغريدة من 140 حرفًا تُغني عن مقال كامل، طبعًا أحدثك عن مقالات عادية كالتي يكتبها العبد لله، ولا أحدثك عن مقالات متخصصة أو تقارير أو أبحاث. على طارئ الأبحاث سمعتُ- ولست متأكدًا تمامًا- أن الذكاء الاصطناعي يمارس ألعابه البهلوانية على صفحات بعض طلبة دور الدراسة العليا، الآن أي طالب ذكي (ولا أقول نزيه وأمين) باستطاعته إنجاز تقرير أو دراسة أو حتى بحث عبر الذكاء الاصطناعي، لا تستغرب، كل شيء ممكن حدوثه. على فكرة، والحديث ما يزال باتجاهك قارئي العزيز ما رأيك في عنوان المقال: لكننا.. كما كُنَّا؟ هنا أقصد بأن العبد لله كما كان، ما يزال يكتب عبر العصف الذهني بعقله البسيط، وتأكد لو أن للعبد لله علاقة مع الذكاء الاصطناعي، لأراح ذهنه، وتوكل على الله، وأحالك لمقال مرتب من إنتاج الذكاء الاصطناعي، وفي نهايته أكتبُ أسمي ومعه حسابي في وسائل التواصل، وبدقيقتين، و"يا أرض احفظي ما عليكِ"! لا تنتقد، ولا تنزعج، صدقني كل شيء تغير في هذا العالم، حتى البصل الأخضر والبقدونس مع صندوق طماطم بإمكانك طلبها عبر تطبيق من هاتفك، لا حاجة للذهاب للسوق والبحث عن مكان لإيقاف سيارتك، فقط أضغط أزرار الهاتف وأنت جالس تحتسي القهوة وأمامك طبق من التمر الإحساوي، الدنيا تسهلت يا عزيزي، فهل تريد الكاتب يستمر في كتابة مقال ممكن لن يقرأه إلا أنت، وأيضًا ممكن قرأته بالصدفة. ومن تسهيلات الدنيا ما يزال الصهاينة يعيثون فسادًا في الأرض، ويقتلون ويخربون ويدمرون في غزة الغالية، وكلنا لا نملك إلا إرسال بطانيات أو أغذية وبإذن المحتل الغاصب، ولا حسيب ولا رقيب، ولا قانون دولي و لا محكمة عدل، وفعلا السياسة أساسها القوة، فإن كنت لا تملك قوة لا تحدثني إلا عن إرسال أغطية نوم أو أغذية، ولا حول ولا قوة إلا بالله. يقول القائد الفرنسي التاريخي نابليون بونابرت: لا توجد كلمة مستحيل إلا في قاموس الضعفاء. قال تعالى: " وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ " (الأنفال: 60). ما سبق كانت خواطر كتبتها في هذا المقال، الذي لا أعلم هل سيكون آخر مقال يُنشر للعبد الفقير أم مجرد استراحة، وقد توقفتُ أمام رأي أحد الكرام فيما أكتب؛ حيث تعدى حدود المجاملة اللطيفة لحسن أخلاقه: "مقالاتك جدًا رائعة.. سهلة.. وفكرتها مُركَّزة وأسلوبها ماتع جدًا، ليست طويلة لتُمَل منها ولا موجزة تفقد فكرتها، في كل الاحوال أثرك وتأثيرك من خلال مقالاتك لا غبار عليه". وأعتقدُ أن الكريم اللبق أراد المواساة لحال كاتب في زمان الذكاء الاصطناعي، ويا أيها الكريم الطيب تأكد أن الكتابة تبقى مع الكاتب وإن لم ينشر، كالقصيدة التي لا تفارق شاعرها، لكن أحيانًا عندما تكون دعوى البقاء غير مجدية؛ فالأفضل الابتعاد، وترك الساحة الشاسعة لمن أراد.. وشكرًا له ألف شكر، وجزاه الله عني خيرًا. وكذلك أسعدني أحد الكرام أيضًا؛ إذ قال: "إضاءاتك من زاوية مختلفة لم يتطرق إليها أحد، وهذا بحد ذاته تفرُّد وتميُّز، والكتابة فعلًا مُرهِقة وضاغطة على الذهن والأعصاب". شكرًا وألف شكر له ولرأيه الكريم، والله يجعلنا خيرًا مما يظنون. أتقدم بوافر الاحترام والتقدير لكل من شرفني بقراءة ما أكتب؛ سواء هذا المقال المتواضع، أو المقالات السابقة، وأرجو السماح عن أي تقصير، وألف شكر للزملاء الكرام في صحيفة الرؤية العزيزة، وعلى رأسهم الأستاذ رئيس التحرير حاتم الطائي، والأستاذ مدير التحرير أحمد عمر، على بالغ الحفاوة وحسن الاهتمام للعبد الفقير لله، أدام الله على الجميع نعمة الأمن والأمان والصحة والعافية. أستودعكم الرحمن الذي لا تضيع ودائعه. يقول تعالى: " فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ " (الرعد: 17).


جريدة الرؤية
٠٥-٠٤-٢٠٢٥
- منوعات
- جريدة الرؤية
ملك.. والساعة!
يوسف عوض العازمي @alzmi1969 "ليس مطلوبًا منك أن تُنظِّم العالم، ولا أن تُنظِّم المجتمع، وحتى أسرتك، فقط «نظِّم عقلك»، وستجدهم جميعًا ينتظمون معك". سعود الفيصل. ***** يُحكى أنه في أحد العصور الغابرة ثمة ملك يعتمد اعتمادًا كبيرًا على الساعة وحركة عقاربها، ويتحين مع فارق التوقيت تحريك قراراته وفرماناته، في كل قرار يأمر مستشاره ليتفقد الساعة، وبناءً على لحظة الساعة كان يُصدر القرار المنوي إقراره، وكان بحسب الروايات يستبشر بمواعيد الساعة ويعتقدها أمر خيرًا، وكلما أراد إصدار أمر أو قرار سأل المستشار أن ينظر للساعة، وكم الساعة الآن، وهل وصلت الساعة للحظة التي يرجوها هذا الملك المعتقد بأهمية الساعة. لنترك هذا الملك والمستشار والساعة، ولنذهب بعيدًا عن مدى صحة الرواية أو إسرائيليتها، بالنهاية هي قصة عابرة كآلاف القصص العابرة منذ آلاف السنين منها ما تم تصديقه واعتباره مُسلَّمًا به، ومنها ما بقي من الهراء أو القصص الممتعة التي لا أساس حقيقي لصحتها، أو ما وصمت به بعض الحكايا بأنها من الإسرائيليات. وعلى ذكر الإسرائيليات، وهنا لنركز على لفظ الإسرائيليات؛ فهو يرمز إلى الاشتباه بعدم صحة رواية ما، أما لماذا تم تسميتها بإسرائيليات، لا أعلم في الحقيقة بشكل جازم. هنا لن أحدثك عن تفسيرات قد تكون صحيحة أو مجانبه لها، قرأت أنه جاء في شرح صحيح البخاري لابن بطال: يعني: فيما ادعوا من الكتاب ومن أخبارهم، مما يمكن أن يكون صدقا أو كذبا، لإخبار الله تعالى عنهم أنهم بدلوا الكتاب ليشتروا به ثمنا قليلًا، ومن كذب على الله فهو أحرى بالكذب في سائر حديثه. انتهى. وقال ابن حجر في فتح الباري: ولا تكذبوهم، أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملا، لئلَّا يكون في نفس الأمر صدقا فتكذبوه، أو كذبا فتصدقوه فتقعوا في الحرج. انتهى (1) نرى هذه الأيام ونسمع عبر الأخبار عمَّا يجري من كوارث إنسانية و إجرام صهيوني في غزة الجريحة، وبعيدا عن تفسيرات السياسة وتحليلاتها، وفي الواقع لم يعد هناك سياسة بمعنى السياسة؛ بل قتل وتشريد وإمعان في القوة، وإفراط في الإجرام من مجموعة عصابات صهيونية تسيطر اغتصابًا على قطعة أرض تقع في خاصرة الوطن العربي، وتمارس الإجرام والقتل بحق أهل هذه الأرض، وسط صمت شبه تام من الغالبية، وفي زمان لم يعد الشجب والاستنكار وإصدار البيانات، وعناوين البنط العريض في الصحف كافية لرأب الصدع، ولا لوقف آلة القتل الصهيونية القاتلة. ماذا عساي أن أتحدث أو أكتب، هل أضعف الإيمان هو كتابة مقال بسيط يتحدث عن الملك والساعة؛ سواءً كان موقعة في مالطا أو إسبانيا أو حتى في طرابزون بتركيا. أعلم أن أحوال الأمة صعبة، وبالتأكيد هناك اجتهادات على قدر الإمكان، وثمة توجيهات معينة لكن من يسمع ذلك، من يرى الحل؟ من يقتنع بميزان القوة؟ السياسة أحبانا تكون في يد من لا يفقهها، ولا يفهمها، ولا يستوعبها، ليس عيبًا الضعف، وقلة الحيلة، كلنا ضعفاء، وكلنا فقراء إلى الله، لكن العيب هو تسليم أمرك لمن لا يخاف الله ولا يخافه بك. اِلعب سياسة كما تشاء، إنما وفق مقتضيات محددة؛ إذ إن من أهم قواعد السياسة أن تعرف ما تملك من أوراق وتعرف ما يملك خصمك من أوراق، وبناءً عليه تحدد مستوى وطريقة اللعبة السياسية. أمَّا أن تسلم أمرك لغيرك، لدواع غير مقنعة، وتخاطر بمغامرات معروفة نتائجها سلفا ثم تتباكى، فهنا ممكن أصفك بأي وصف إلا السياسي. الكلام كثير، وتجار السياسة لا يهمهم دمار شعب أو نهضته، سلامته أم قتله، الأهم استخدام هذا الشعب كورقة مساومة، وليقتل منه ما يقتل، ليس مهما مادامت الأمور تبعد آلاف المسافات. توجد دول عربية وإسلامية لها علاقات سياسية مع الكيان الصهيوني، وكثير من هذه الدول موثوق، من المهم التحرك سياسيًا على الأقل لردع آلة القتل الصهيونية وإيقافها، ولو مقابل صفقات أيًّا كان نوعها، الوضع أصبح لا يُطاق في غزة، القتل يومي بشكل مُروِّع، ومن المهم إيقاف هذه الآلة؛ إذ لا توجد حرب بمعنى حرب؛ فالتكافؤ غير واقع، والصهاينة عاثوا في الأرض قتلًا، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله. هل نطمع بمن يعتمد على ساعة لعله يستطيع وقف وردع القتل، وبالطبع ليس بالقوة فلا تحدثني عن القوة؛ بل بالسياسة، فهل تستطيع السياسة فعل ما لم تفعله القوة؟ في هذا المقال لن يكون الحديث ومعناه إلّا عن أهلنا في غزة، رحم الله الشهداء، وشفى الجرحى، وحفظ من بقي حيًا سالمًا، وسامحينا يا غزَّة، فلا نملك إلا أضعف الإيمان، ولا حول ولا قوة إلّا بالله. قال تعالى: " وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ " (الأنفال: 60). وقال تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ " (الرعد: 11).


جريدة الرؤية
١٧-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- جريدة الرؤية
وألوانها بيضاء ورمادية!
يوسف عوض العازمي @ alzmi1969 "عندما يأمن الموظف العقاب سيقع في الفساد ويسوم الفقراء سوء العذاب" نجيب محفوظ. ***** القاعدة التي يتداولها الناس هي أنه مع تطور مكافحة الجريمة تجد الجريمة نفسها تتطور بشكل أعلى من تطور المكافحة، النفس الضعيفة التي لا يردعها وازع ديني ولا أخلاق حسنة ولا أمانة صعب إيقافها وردعها إلّا بغلاظة القانون، والمثل يقول "من لا يُربيه بيته يُربيه القانون". قبل أكثر من 35 عامًا، عُرضت على شاشات تلفزيون دولة الكويت آنذاك، حلقات مسلسل ساخر عرض في رمضان في ذاك الوقت، ويتحدث عن طاغية حكم بلدة ما اسمه "كامل الأوصاف"، وكانت حلقات المسلسل وتصرفات الطاغية الذي قام بدوره الفنان القدير غانم الصالح- رحمه الله- وكأنها تستشرف المستقبل؛ حيث العبقرية في كتابة النص، ودقة التوصيف للحدث، والرؤية الثاقبة لمستقبل الأيام، وحقق المسلسل نجاحا منقطع النظير يستحقه ولا شك. من المشاهد المعبرة التي تضمنها المسلسل الشهير مشهد يظهر به الطاغية كامل الأوصاف وهو يصدر قرارا بصبغ ألوان البيوت باللونين الأبيض والرمادي، ليس لأن هناك لجنة متخصصة أقرت ذلك وليس لأنَّ المصلحة العامة تتطلب ذلك، إنما لأن حليف الطاغية التاجر شاهبندر التجار وقع في ورطة بسبب تكدس الأصباغ باللونين الأبيض والرمادي في مخازنه بسبب صفقة خاسرة، ولذلك تعاطفاً مع الشاهبندر وليس تعاطفا مع المصلحة العامة، قرر الحاكم الطاغية أن يتحمل الشعب المغلوب على أمره تبعات خسارة التاجر، ويصبغ البيوت بالأبيض والرمادي، وألف مبروك الربح للشاهبندر، وتعيش وتأكل غيرها أيها الشعب المسكين. المقال تقريبًا انتهى، وسأترك لك تفسير أشياء كثيرة تدور حولك، وهنا أركز على دور الفن الهادف في توعية المجتمع، فالفن الحقيقي هو برلمان حقيقي وسلطة فاعلة للمجتمع. الفن، والصحافة الحرة، وحرية الرأي المسؤولة، هي أعمدة للمجتمع وليست على المجتمع، متى ما أصبح قادتها أناس ثقات ووطنيين سيكونون هم الصوت المعبر للشعب، ومن يقرأ التاريخ يعلم أن النهضة الأوروبية انطلقت بأساس من الآداب والفنون والثقافة التي كانت قاعدة انطلقت منها بقية العلوم التي بدأت من الآلة البخارية حتى وصلنا لعصر الذكاء الاصطناعي. يا ترى هل مشهد الأصباغ البيضاء والرمادية سيتكرر في عصورنا الحالية، أم سيبقى مشهدا مسليا، للضحك وللفكاهة! يقول تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ " (الرعد:11). وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه"؛ متفق عليه.


جريدة الرؤية
١٥-٠٣-٢٠٢٥
- منوعات
- جريدة الرؤية
قرأ كتابين.. وأفتى!
يوسف عوض العازمي @ alzmi1969 "الوصية لطلبة العلم أن يتفقَّهوا في الدين، وأن يتعاونوا على البِرِّ والتقوى، وأن يتواصوا بالحق والصبر عليه، وأن ينشروا العلم بين الناس، أينما كانوا" الشيخ ابن باز. ***** لا شك أن طلب العلم أمر مفيد للإنسان، والتفكر بالتعلم والدراية والمعرفة، ولعل أهم العلوم التي يحسن البدء بها والتفكر بها ودراستها هي العلوم الشرعية، من خلال الدراسة والقراءة لطلبة العلم ومشايخه الثقات، وفي ذلك خير كثير للمسلم، إذ قال تعالى: " وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ " (الأنعام: 155)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (مُتفق عليه). وطالب العلم الشرعي من ذوي الثقة يرجع إليه العديد من الناس للسؤال عما يجهلون من أمور دينهم، وفي هذا فضل عظيم ففيه تيسير للناس ونشر للعلم بطريقة عملية، وبالطبع لن يأتي الناس إلا الموثوق به أخلاقيا و علميا ولا نزكي على الله أحدا، وهنا أركز على المكانة العالية التي يفترض أن يتبوأها طالب العلم الشرعي اجتماعيًا بين عامة الناس، وبما يكلفه ذلك من مسئولية جسيمة؛ حيث العديد من الناس يربط بعض أمورهم الهامة من أحوال خاصة وما يتعلق بالعبادات و كذلك في مسائل المواريث ومصالحهم الدنيوية كأعمال التجارة والتعاملات وفقا لأجوبة الشيخ طالب العلم حول الحلال والحرام في هذه الأمور، وحتى مع تطور وسائل الاتصالات ما تزال مكانة طالب العلم الشرعي راسخة. إنما وبناءً على ما سبق ونظرًا لأهمية الفتوى أو المشورة الشرعية، فهنا يفترض وجود شيخ أو طالب علم على كفاءة في تقدير الموقف ذو الصلة ببعض الأمور، حتى تكون الفكرة لديه واضحة ومن خلال هذا الوضوح بإمكانه تحديد الصح والخطأ والحلال والحرام، أي يتحرى الصحة فيما يقول، ويقوم بقياس الوضع بشكل دقيق، حتى يتيقن من الإجابة عن أي سؤال أو طلب فتوى، أو يلجأ للاعتذار على طريقة كفى الله المؤمنين القتال، ويقول المثل الشائع: من قال لا أدري فقد أفتى! طالب العلم الشرعي الموثوق والذي يجتهد لخدمة دينه وخدمة الناس من خلال إبداء المشورة الشرعية، تجده ينفتح على طل جديد من متطورات العلم والتكنولوجيا ووسائل العصر المعاصر، حتى تكون لديه نبذة و فكرة تامة عما يجري من تطورات وذلك من خلال تواصله مع المختصين حتى يستطيع ربط ما يحصل مع مسائل الشرع ويتتبع مُستحداث العلم أيضا من خلال المختصين الثقات، وهذا ديدن طالب العلم الشرعي، حتى تكون الأمور في محلها ومتثبتة وواضحة للجميع وحتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود عبر البحث العلمي البحث. يتذكر المتابعون ما حصل عندما تم تحريم "الستالايت" في بداية ظهوره؛ بل ووصم من يضع الستالايت بمنزله بأبشع الصفات، وكذلك الهاتف النقال الذي به الكاميرا، وما حصل بشأنه، وأيضا ما حدث حول قيادة المرأة للسيارة وتبعات ذلك، لك أن تتصور طالب علم يحرم كل ما سبق ثم تجده يحللها بعد ذلك، ليس بسبب فتوى علمية شرعية، إنما بسبب قرارات حكومية أتاحت هذه الأمور للناس وأهمها قيادة المرأة للسيارة! القصة ليست هكذا فقط؛ بل عندنا في الكويت هناك من يُحرِّم "القرقيعان" وهي عادة تتجدد في رمضان تتعلق بالأطفال؛ حيث يقوم الأطفال بالتجول عبر البيوت القريبة بأهازيج يغنونها حاملين أكياسا حيث يأخذون القرقيعان من أهل البيوت والقرقيعان عبارة عن حلويات ومكسرات متنوعة، وتوقيت هذه العادة في منتصف الشهر الكريم بعد صلاة التراويح. وحدث أنه في السنوات الماضية وحتى الآن على ما اظن أن بعض طلبة العلم الشرعي حرَّموا هذه العادة لأسباب عديدة، وأيضا العديد من طلبة العلم الشرعي اعتبروا الموضوع لا يخرج عن اللهو المباح، وما تزال الاختلافات حول ذلك! طالب العلم الشرعي يفترض فيه سعة الأفق، وفهم الأمر الواقع وتطورات الحياة، و التيقن من أي مسألة بسؤال المختصين بها علميا حتى تتكون الصورة أمامه كاملة، لأن هناك الكثير من المسائل المعقدة التي تحتاج البحث من خلال مختصيها وعلمائها الثقات الذين يعينون طالب العلم الشرعي بإعطاء نبذة وفكرة واضحة لا لبس فيها، حتى يتمكن من خدمة دينه و تنوير الناس السائلين، ليس معقولا أن يأتي حديث عهد بالعلم الشرعي ويجيب عن المسائل الشرعية ذات الجدل، وبدون أساس علمي فقط بناء على قاعدة سد الذرائع ودرء المفاسد! لا أن شك بلادنا تفتخر بطلبة العلم الشرعي الثقات، الذين كانوا وما يزالون هم شمعة الأمة ونبراسها، وهم القدوة للذين يقومون بخدمة الناس بمسائل دينهم، ويتعبون على التعامل مع المسائل المعاصرة لخدمة الدين والناس، نفع الله بهم وزادهم علما. قال العلامة السعدي رحمه الله: "من تعلم علمًا، فعليه نشره وبثه في العباد، ونصيحتهم فيه، فإن انتشار العلم عن العالم من بركته، وأجره الذي ينمى".


جريدة الرؤية
٠١-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- جريدة الرؤية
للتاريخ وللسياسة وللممكن!
يوسف عوض العازمي @alzmi1969 "نحن في حاجة إلى رؤية للقوة، تكون أشمل من الرؤية التقليدية التي تركز على القدرة على كسب الحرب" يورغ سورنسن. *** عندما تتفكر فيما يحدث من تطورات في تمكن والتزام ومسببات ومقتضيات ومتحركات السياسة الدولية تجد التطور هو الثابت الأكثر تحركا بها، تطورت حوادث الحياة السياسية المعاصرة بحسب وجود السيد الأقوى على سدة القرار، وهنا القصد بالسيد الأقوى من يملك إمكانات تخطيط وتنظيم وصنع وتنفيذ القرار السياسي، وعلى أثر ذلك ستلاحظ بما يتدثر به من مبادئ وقيم، وأخلاق ووفاء، ومعاهدات واتفاقيات، وهل تصب في صالح النظام العام أم متسقة فقط مع نظامه الأحادي، وهل يتغير رئيس وتبدل نظام تذهب مبادئ وتأتي أخرى؟ التاريخ وبصفحاته وضح كل شيء، ومن لا يقرأ التاريخ ليس تكون خطواته على ورود، بل سيكون الشوك عنوانها، القوة إن لم تقودها العقلانية والمصلحية العامة وسط إطار يضع المصالح بجانب القيم التي تعبئ مصالحها بمبادئ القوة المتمكنة من تحقيق الأهداف بإمكانات فعالة قد تفضي إلى تحقيق هدف وأكثر لكنها لن تستطيع الصمود لفترات طويلة، ولن تتحمل الضغط العالي لإن الأساس أصبح هشا، فهل هناك من يستطيع بناء الدور الثالث من مبنى دون بناء أساسات ودور أرضي؟ لنرجع قليلا إلى ماض قريب عندما كف ميخائيل غورباتشيف عن مساندة الديكتاتوريات الشيوعية في أوروبا الشرقية، فتساقطت واحدة بعد الأخرى، وفي بلده هو انتهت سياستا غلاسنوست glasnost وبيريسترويكا perestroika إلى انهيار الاتحاد السوفييتي (1)، هنا يتبين دور القوة المساندة في تحديد مسارات الإطار العام للسياسات المنظمة بين الدول؛ فالدول التي تضع اعتماديتها الكاملة أو الشبه كاملة في يد دول أخرى فدرب ابتزازها وطريق طلب فواتير سياسية واقتصادية باهظة كونها لا تتحكم في كل خيوط اللعبة، الأقوى هومن يملك تحريك الخيوط وقيادتها وإيقافها كذلك، تصور لولم تجمع الأقوى مصالح مع طالبي المساندة، فكيف سيكون الوضع ؟ في العلاقات الدولية قواعد أخلاقية لعملية اتخاذ القرارات الخاصة بالسياسة الخارجية للدول أهمها قاعدتين: على الدول الوفاء بالتزاماتها وعهودها + للدول الحق في الدفاع عن نفسها ضد الاعتداء الخارجي (2)، ومن الصعب على أية وحدة سياسية الصمود وسط تيارات المتغيرات السياسية الدولية دونما وجود أساس متين تتكأ عليه من استقرار سياسي وقوة عسكرية، ونهضة اقتصادية، زائد تحالفات مع دول موثوقة تملك قيما ومبادئ مشتركة، وربط هذه التحالفات بشبكة مصالح طويلة المدى كمصالح اقتصادية مثلا. في دول الديمقراطيات العريقة قد يتبدل فكر إدارة الدولة بمن توصله صناديق الاقتراع، وهنا على الحلفاء مراقبة أوضاع المتنافسين وخلفياتهم السياسية والقيم التي بسببها قد يصلون لسدة القرار، ودراسة هذه القيم ومدى مناسبتها للقيم المطلوبة، وكيف التعامل معها ومواجهتها بما يحقق الصالح العام، وهذا يتطلب وجود مستشارين على درجة عالية من التبصر في مراقبة ما يحدث، ويملكون بصيرة معرفة التاريخ، ومكر أهل السياسة، وتبدل أحوال الدول . من أهم أسباب جودة السياسة لأي وحدة سياسية (دولة) هي وجود حدود ثابتة لا غبار حولها، وقيادة سياسية مستقرة، وأمن داخلي وخارجي راسخ، واقتصاد لدبه مرونة القدرة للتطور، وانخفاض نسبة البطالة، وأنظمة صحية وتعليمية تحقق حد جيد من الإطار العام المطلوب، وتعزيز ذلك بشبكة تحالفات إقليمية ودولية موثوقة قائمة على مصالح مشتركة طويلة المدى، هنا سيكون الوضع معقولا إلى حد ما، في عالم تتقاذفه العواصف من كل جانب، ولا بقاء به إلا للأقوى والأدهى! للتحليلات السياسية مناهج ومخرجات وأنواع منها: تقييم حالة، وتقدير موقف، وتنبيه سياسي، واستشراف سياسي (3)، ولكل منهج نظرية وتفاعل وأسلوب، والجدل حول التحليل السياسي لأي لم ولن يتوقف وهذه طبيعة الأمر، في العلوم الإنسانية يعتبر الجدل عاملا مهما للوصول لقناعة ما، وهذا فارق العلوم العقلية عن النقلية، العلوم التي يلعب بها الفكر دورا مهما قد تتبدل أفكارها من حين لآخر مع بقاء ثوابتها. في السياسة- التي هي جزء من العلوم الإنسانية- قد تتبدل قيم وتتغير مبادئ بحسب المصلحة، والمصلحة هي تعبر عن طبيعة الإنسان الناظرة للأعلى وللأكثر وللأقوى، وطبيعة النفس البشرية قد تحدد أحيانا ماهي السياسة القادمة للدولة "س" عندما يأتي الرئيس فلان، وكيف تواجه سياستها الدولة "ص"؟ السياسة بحر غبه عميق جدا لا يجيد السباحة فيه سوى الماهر ومن يلبس على ظهره أوكسجين يكفي في حال الغوص إلى غب المحيط! قال تعالى: " وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُو اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ " (الأنفال: 60). ************** بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، أتقدم لكم بخالص التهنئة، ومبارك عليكم الشهر، وعساكم من عواده. وأسأل الله أن يعيننا على صيامه وقيامه وأن يجعلنا فيه من المقبولين. مراجع: كتاب: "إعادة النظر في النظام الدولي الجديد"، تأليف يورغ سورنسن، ترجمة أسامة الغزولي، الفصل الخامس، ص 147 و148، سلسلة عالم المعرفة 480 يناير 2020م. المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، دولة الكويت. كتاب: "قواعد اللعبة". الكتاب الرائد في العلاقات الدولية، تأليف مارك أمستيوز. الفصل الثامن، ص 296 و297، الطبعة الثانية، دار الفاروق للاستثمارات الثقافية، جمهورية مصر العربية. كتاب: "أصول التحليل السياسي" تأليف د. فوزي حسن الزبيدي. المبحث الثالث ص 31، طبعة أولى 2018م. دار ثقافة للنشر والتوزيع. أبوظبي، بيروت.