#أحدث الأخبار مع #١٣٩بوابة الأهرام١١-٠٢-٢٠٢٥سياسةبوابة الأهرامالمادة ٢٨ المثيرة للجدلأعلن د. مصطفى مدبولي في مؤتمره الصحفي عقب اجتماع مجلس الوزراء مؤخرًا أنَّه من الوارد وجود فترة انتقالية عند تطبيق نظام البكالوريا الجديد، مع عدم إلزام الطالب باختيار هذا النظام، وقال إنَّ من يريد اختيار النظام الحالي فيمكن له ذلك، أو يمكنه اختيار النظام الجديد (البكالوريا) خلال فترة انتقالية لتقييم الأمر. وحَسَنًا فعل رئيس مجلس الوزراء بإعلانه عن وجود فترة تجريبية، فهذا هو الأسلوب العلمي القائم على التجريب المحدود قبل التعميم. ما ذكره رئيس الوزراء يُمثِّل خطوةً مهمة، وتعني أنه استمع للملاحظات خارج الإطار الذي صممته الوزارة لاستطلاع الآراء، وهو إطار يمكن وصفه بأنه "سابق التحديد"، كما يعكس ذلك التزام د. مصطفى مدبولي بالمنهج العلمي، خاصةً أن التغييرات في النظم التعليمية يجب أن تتم تدريجيًّا على هامش النظام القائم، ولا أن تكون مفاجئة. هذه الرسالة من مجلس الوزراء تُشكِّل موقفًا ايجابيًا مهمًا للحد من ظاهرة التغيير الفردي السريع والمفاجئ، وهي ظاهرة تتكرر في نظامنا التعليمي، لا سيما في مرحلة الثانوية العامة؛ لذا، ينبغي التعامل بإيجابية مع ما طرحه رئيس الوزراء، وبدء طرح الأسئلة المهمة مثل: متى سيتم عرض التعديلات المقترحة على النظامين (الحالي والجديد) على مجلس النواب؟ إذ إن تعديل نظم الدراسة في الثانوية العامة على وجه الخصوص يستلزم إجراءً تشريعيًّا لقانون التعليم. ويجب إن نشير بداية إلى أن فتح فرص متعددة لأداء الامتحان -كما في المشروع المقترح- أمرٌ محمودٌ، يفضله الرأي العلمي التربوي؛ حيث إن الفرصة الوحيدة والمطلقة لم تصبح من النظم التربوية المعمول بها، وتكاد تكون انتهت تعليميًا فى أغلب الشهادات لصالح تعدد فرص دخول الامتحان، وهو ما تطبقه معظم الأنظمة التعليمية عالميًّا، بما في ذلك الشهادات الأجنبية داخل مصر والمسموح لها أيضًا بالتقدم لمكتب التنسيق بالجامعات، وكان هذا هو جوهر المشروع الذي طرحته وزارة التعليم السابقة، وناقشه مجلس الوزراء في منتصف العام الماضي، وكان قد قُدِّم للجنة التعليم بالحوار الوطني قبلها، ويقضي باقتباس تجربة مدارس النيل التي تطبق نظام كمبردج الإنجليزي، إذن فكرة التقسيم والعامين، وتعدد مراتٍ أداء الامتحان بالمشروع نفسه خطوةٌ تقدميةٌ تربويّةٌ تساهم في الحد من رعب امتحان الفرصة الوحيدة، وتخفف من حدة الطوارئ المجتمعية والأسرية وقت الامتحانات.. ومن هنا، ولأهمية الموضوع نطرح عدة تساؤلات تختص بقانون (١٣٩) التعليمى لسنة ١٩٨١ وتحديدًا المادة ٢٨ منه؛ حيث تُختصّ المادة بالثانوية العامة، وهي مادة شهدت تعديلاتٍ عديدةً خلال الخمسين عامًا الماضية منذ إقرار القانون. ففي تسعينيات القرن الماضي، جرى تعديلان: أحدهما لتحسين النظام، والآخر بعده لإلغاء التحسين والاكتفاء بالعامين الدراسيين! ثم جاء التعديل الساري حاليًّا، والذي تزامن مع فترة حكم برلمان وحكومة الإخوان؛ حيث طُرح تعديلٌ سياسيٌّ لتعديل المادة نفسها المتعلقة بالانتخابات وتحصينها، وذلك في إطار الإعلان الدستوري ٢٠١١، المعروفة بـ"غزوة الصناديق". ولاحقًا فى نفس التوقيت، قُدِّم تعديلٌ مماثلٌ للمادة ٢٨، جعل الثانوية العامة على عامٍ واحدٍ بدلًا من عامين، ليتناسب مع أجندةٍ سياسيةٍ لهم. وبعدما وافق وزير التعليم آنذاك عليها، لكنه عاد مرة أخرى وطلب إعادة المداولة، وهو ما لم يتم؟ وأُغلقت المادة للنقاش، واكتُشف أنَّه في التعديل وقتها تم إضافة أنَّ امتحان الثانوية العامة يُجرى على مرحلةٍ واحدةٍ في نهاية الصف الثالث، وإضافة أنها شهادة منتهية؛ بمعنى أنها تؤهل لسوق العمل مباشرة مثل؛ الدبلوم الفني مع أن الطلاب بالثانوية العامة لا يدرسون إلا مواد علمية نظرية أكاديمية! فهل يقصد باقتراح الحكومة الحالي تعديل المادة ٢٨؛ للسماح بتطبيق النظامين (القديم والجديد) معًا؟ أم سيقتصر التعديل على نظامٍ واحدٍ؟ وما مدة المرحلة الانتقالية المزمع تطبيقها؟ وكيف سيتم ضمان تكافؤ الفرص بين طلاب النظامين عند تحديد أعداد المقبولين بالجامعات؟ وبالتمعن في المادة ٢٨ تبرز ملاحظةٌ جديدةٌ تتعلق بجزئها الأخير، الذي ينص على أنَّ طلاب القسم العلمي يدرسون المواد العلمية، وطلاب القسم الأدبي يدرسون المواد الأدبية، لكن التعديل الأخير قبل شهور فقط -المتمثل في إعادة هيكلة المرحلة الثانوية- خفض موادّ دراسيةً أساسية في القسم الأدبي تحت ذريعة التخفيض والدمج، بينما أقرَّ تدريس مادة الرياضيات والإحصاء لطلاب القسم الأدبي، بينما ألغيت دراسة بعض مواد العلوم الإنسانية والاجتماعية أساس القسم الأدبى! كما يتضمنه الجزء الأخير من المادة ٢٨، وهنا أتساءل: أليست الرياضيات وفروعها مادة علمية؟ بدليل أن هذه المادة أساسية، وحكر على طلاب القسم العلمي بشعبتيه، وهي كثيرًا ما كانت السبب لهروب الطلاب للدراسة بالأدبي، وهم كثر -على رأي "الست أم كلثوم"، ونحن نحتفل بذكرى وفاتها الخمسين هذه الأيام؟ وقد يُفهم أيضًا من هذا أنَّ القسم الأدبي سيفتح أبوابًا جديدةً أمام طلابه، ربما لدخول تخصصاتٍ علميةٍ، وهو أمرٌ إيجابيٌ إن وُضعت ضوابطُ تضمن الجدية الأكاديمية. فقبل المضي في التعديلات المقترحة، ينبغي دراسة المادة ٢٨ بكاملها -الجزئين الأول والأخير- خاصةً في ظل الأحكام القضائية الأخيرة التي أوقفت قراراتٍ وزاريةً أخيرة، قد تعرقل استقرار العملية التعليمية. لذا، أتمنى أن يُعقَد حوارٌ وطنيٌّ تعليميٌّ برعاية رئيس الوزراء نفسه، وأن يُكلَّف الحوار الوطني بتنظيمه، ليكون أشمل وأكثر فاعلية.
بوابة الأهرام١١-٠٢-٢٠٢٥سياسةبوابة الأهرامالمادة ٢٨ المثيرة للجدلأعلن د. مصطفى مدبولي في مؤتمره الصحفي عقب اجتماع مجلس الوزراء مؤخرًا أنَّه من الوارد وجود فترة انتقالية عند تطبيق نظام البكالوريا الجديد، مع عدم إلزام الطالب باختيار هذا النظام، وقال إنَّ من يريد اختيار النظام الحالي فيمكن له ذلك، أو يمكنه اختيار النظام الجديد (البكالوريا) خلال فترة انتقالية لتقييم الأمر. وحَسَنًا فعل رئيس مجلس الوزراء بإعلانه عن وجود فترة تجريبية، فهذا هو الأسلوب العلمي القائم على التجريب المحدود قبل التعميم. ما ذكره رئيس الوزراء يُمثِّل خطوةً مهمة، وتعني أنه استمع للملاحظات خارج الإطار الذي صممته الوزارة لاستطلاع الآراء، وهو إطار يمكن وصفه بأنه "سابق التحديد"، كما يعكس ذلك التزام د. مصطفى مدبولي بالمنهج العلمي، خاصةً أن التغييرات في النظم التعليمية يجب أن تتم تدريجيًّا على هامش النظام القائم، ولا أن تكون مفاجئة. هذه الرسالة من مجلس الوزراء تُشكِّل موقفًا ايجابيًا مهمًا للحد من ظاهرة التغيير الفردي السريع والمفاجئ، وهي ظاهرة تتكرر في نظامنا التعليمي، لا سيما في مرحلة الثانوية العامة؛ لذا، ينبغي التعامل بإيجابية مع ما طرحه رئيس الوزراء، وبدء طرح الأسئلة المهمة مثل: متى سيتم عرض التعديلات المقترحة على النظامين (الحالي والجديد) على مجلس النواب؟ إذ إن تعديل نظم الدراسة في الثانوية العامة على وجه الخصوص يستلزم إجراءً تشريعيًّا لقانون التعليم. ويجب إن نشير بداية إلى أن فتح فرص متعددة لأداء الامتحان -كما في المشروع المقترح- أمرٌ محمودٌ، يفضله الرأي العلمي التربوي؛ حيث إن الفرصة الوحيدة والمطلقة لم تصبح من النظم التربوية المعمول بها، وتكاد تكون انتهت تعليميًا فى أغلب الشهادات لصالح تعدد فرص دخول الامتحان، وهو ما تطبقه معظم الأنظمة التعليمية عالميًّا، بما في ذلك الشهادات الأجنبية داخل مصر والمسموح لها أيضًا بالتقدم لمكتب التنسيق بالجامعات، وكان هذا هو جوهر المشروع الذي طرحته وزارة التعليم السابقة، وناقشه مجلس الوزراء في منتصف العام الماضي، وكان قد قُدِّم للجنة التعليم بالحوار الوطني قبلها، ويقضي باقتباس تجربة مدارس النيل التي تطبق نظام كمبردج الإنجليزي، إذن فكرة التقسيم والعامين، وتعدد مراتٍ أداء الامتحان بالمشروع نفسه خطوةٌ تقدميةٌ تربويّةٌ تساهم في الحد من رعب امتحان الفرصة الوحيدة، وتخفف من حدة الطوارئ المجتمعية والأسرية وقت الامتحانات.. ومن هنا، ولأهمية الموضوع نطرح عدة تساؤلات تختص بقانون (١٣٩) التعليمى لسنة ١٩٨١ وتحديدًا المادة ٢٨ منه؛ حيث تُختصّ المادة بالثانوية العامة، وهي مادة شهدت تعديلاتٍ عديدةً خلال الخمسين عامًا الماضية منذ إقرار القانون. ففي تسعينيات القرن الماضي، جرى تعديلان: أحدهما لتحسين النظام، والآخر بعده لإلغاء التحسين والاكتفاء بالعامين الدراسيين! ثم جاء التعديل الساري حاليًّا، والذي تزامن مع فترة حكم برلمان وحكومة الإخوان؛ حيث طُرح تعديلٌ سياسيٌّ لتعديل المادة نفسها المتعلقة بالانتخابات وتحصينها، وذلك في إطار الإعلان الدستوري ٢٠١١، المعروفة بـ"غزوة الصناديق". ولاحقًا فى نفس التوقيت، قُدِّم تعديلٌ مماثلٌ للمادة ٢٨، جعل الثانوية العامة على عامٍ واحدٍ بدلًا من عامين، ليتناسب مع أجندةٍ سياسيةٍ لهم. وبعدما وافق وزير التعليم آنذاك عليها، لكنه عاد مرة أخرى وطلب إعادة المداولة، وهو ما لم يتم؟ وأُغلقت المادة للنقاش، واكتُشف أنَّه في التعديل وقتها تم إضافة أنَّ امتحان الثانوية العامة يُجرى على مرحلةٍ واحدةٍ في نهاية الصف الثالث، وإضافة أنها شهادة منتهية؛ بمعنى أنها تؤهل لسوق العمل مباشرة مثل؛ الدبلوم الفني مع أن الطلاب بالثانوية العامة لا يدرسون إلا مواد علمية نظرية أكاديمية! فهل يقصد باقتراح الحكومة الحالي تعديل المادة ٢٨؛ للسماح بتطبيق النظامين (القديم والجديد) معًا؟ أم سيقتصر التعديل على نظامٍ واحدٍ؟ وما مدة المرحلة الانتقالية المزمع تطبيقها؟ وكيف سيتم ضمان تكافؤ الفرص بين طلاب النظامين عند تحديد أعداد المقبولين بالجامعات؟ وبالتمعن في المادة ٢٨ تبرز ملاحظةٌ جديدةٌ تتعلق بجزئها الأخير، الذي ينص على أنَّ طلاب القسم العلمي يدرسون المواد العلمية، وطلاب القسم الأدبي يدرسون المواد الأدبية، لكن التعديل الأخير قبل شهور فقط -المتمثل في إعادة هيكلة المرحلة الثانوية- خفض موادّ دراسيةً أساسية في القسم الأدبي تحت ذريعة التخفيض والدمج، بينما أقرَّ تدريس مادة الرياضيات والإحصاء لطلاب القسم الأدبي، بينما ألغيت دراسة بعض مواد العلوم الإنسانية والاجتماعية أساس القسم الأدبى! كما يتضمنه الجزء الأخير من المادة ٢٨، وهنا أتساءل: أليست الرياضيات وفروعها مادة علمية؟ بدليل أن هذه المادة أساسية، وحكر على طلاب القسم العلمي بشعبتيه، وهي كثيرًا ما كانت السبب لهروب الطلاب للدراسة بالأدبي، وهم كثر -على رأي "الست أم كلثوم"، ونحن نحتفل بذكرى وفاتها الخمسين هذه الأيام؟ وقد يُفهم أيضًا من هذا أنَّ القسم الأدبي سيفتح أبوابًا جديدةً أمام طلابه، ربما لدخول تخصصاتٍ علميةٍ، وهو أمرٌ إيجابيٌ إن وُضعت ضوابطُ تضمن الجدية الأكاديمية. فقبل المضي في التعديلات المقترحة، ينبغي دراسة المادة ٢٨ بكاملها -الجزئين الأول والأخير- خاصةً في ظل الأحكام القضائية الأخيرة التي أوقفت قراراتٍ وزاريةً أخيرة، قد تعرقل استقرار العملية التعليمية. لذا، أتمنى أن يُعقَد حوارٌ وطنيٌّ تعليميٌّ برعاية رئيس الوزراء نفسه، وأن يُكلَّف الحوار الوطني بتنظيمه، ليكون أشمل وأكثر فاعلية.