
المهرجانات.. لحن الأصالة والهوية
علي عبد الرحمن
تعتبر المهرجانات التراثية والفنية في دول الخليج العربية، نافذة حضارية، تجمع بين الإرث الثقافي العميق وروح الحداثة المتسارعة. ولطالما كانت الموسيقى في الخليج العربي أكثر من مجرد وسيلة ترفيهية، إنها نبض التاريخ وشريان الهوية الثقافية، تروي عبر أنغامها قصص المكان وسير الأجيال، وترسم مشاهد من الحياة البدوية والبحرية التي شكّلت ملامح المنطقة.
في دولة الإمارات، نجد «العيّالة»، أكثر من مجرد رقصة شعبية، إنها رمز يتجلى فيه معنى الكرامة واللحمة الاجتماعية التي كانت ولا تزال تعبّر عن وحدة القبيلة، بينما ينبثق «الصوت» الكويتي من عمق البساطة، حاملاً في طياته رهافة المشاعر التي تنبض في وجدان الأجيال. أما فنون البحرين الشعبية، فتمتزج فيها إيقاعات البحر بنبض الإنسان، فيما يتغنى «فن الطارق» السعودي بصدى الصحراء الواسعة، وأصواتها الحية التي تعكس عراقة المنطقة وروحها الأصيلة.
لكن الإرث الموسيقي لا يعيش في الماضي وحده، بل يجد مكانه في الحاضر عبر إعادة إحياء مبتكرة توازن بين التراث وروح العصر، وهنا تتجلى العبقرية في قدرة المهرجانات الخليجية على تقديم تجربة موسيقية تمزج بين العود والقانون كأوتار تحكي الأصالة، وبين الكمان والبيانو كأصوات تستدعي الحداثة، إنها تجربة تحاكي التناغم بين القديم والجديد، حيث تتلاقى الألحان التقليدية مع التوزيعات الموسيقية العصرية، ما يخلق جسراً حياً يربط بين جيل الأجداد وجيل الشباب دون أن يفقد التراث هويته أو جوهره العريق.
تتصدر دولة الإمارات المشهد الخليجي في الحفاظ على الهوية الموسيقية، فالموسيقى ليست مجرد نغمات وأصوات، بل لحن متواصل يعزف على أوتار الزمان والمكان، مستحضرة الماضي في قلب الحاضر. وبإيقاع متقن، تعزف الإمارات لحنها الفريد الذي يجسّد إرثها الثقافي ويعبّر عن هويتها المتميزة، ففي مهرجاناتها ومبادراتها، تتناغم الأنغام التقليدية مع الابتكار العصري، لتخلق سيمفونية متكاملة. وتتألق الإمارات من خلال مهرجاناتها الموسيقية والتراثية التي تُعدُّ بمثابة منصة مفتوحة للتجسيد الموسيقي للذاكرة الجماعية، مثل «مهرجان الحصن» في أبوظبي، حيث تبرز الألوان الصوتية للدفوف والطبول التقليدية، مختلطةً بالألحان الحديثة التي تستدعي الزمان والمكان في سيمفونية متجدّدة.
ويجسّد «مهرجان الشيخ زايد التراثي» مزيجاً فنياً يعكس تفاعل الجماهير مع إيقاعات الهوية، وتنساب أنغام الصوت والآلات التقليدية في توازن فني مدهش. وتشبه «أيام الشارقة التراثية»، آلة العود التي تردد أنغامها في فضاء زمني يتنقل بين الماضي والحاضر، في هذا المهرجان، تتشابك أغاني الصحراء وطبول البادية مع الرقصات التقليدية، لتصبح كأنها نوتات من تاريخ طويل، ترسم لوحة فنية تخلّد ذكرى الأجداد وتستقطب الأجيال الجديدة. ويمثل «رأس الخيمة التراثي»، سيمفونية كبيرة تجمع الأصوات التقليدية من عود وقانون وأصوات البحر والصحراء، لتخلق مزيجاً متناغماً من الأصالة والابتكار. وتتواصل الأنغام الإماراتية عبر هذه المهرجانات، حيث يُعيد التراث الموسيقي تشكيل نفسه في قوالب مبتكرة تواكب العصر دون أن تفقد هويتها، ولا تعبّر الموسيقى عن الماضي فحسب، بل تكتب ألحان الحاضر وتبني نغمات المستقبل، لتظل أداة محورية في الحفاظ على الهوية الثقافية والتراث الموسيقي.
بوابة الثقافة
تُشَكّل المهرجانات الكبرى في الخليج العربي بوابةً رئيسة للتعريف بالهوية الثقافية والموسيقية التي تتميز بها المنطقة، فهي ليست مجرد فعاليات ترفيهية، بل نوافذ للروح الخليجية تُفتح على العالم، وفي قلب المهرجانات، يتعانق الماضي مع الحاضر، والألحان التقليدية مع الأنغام الحديثة، لتُقدم تناغماً موسيقياً ينبض بالحياة والتاريخ.
في السعودية، يظل «مهرجان الجنادرية» واحداً من أبرز هذه الفعاليات التي تحتفل بالتراث الوطني، وأصبح أكثر من مجرد مهرجان شعبي، فهو سيمفونية متكاملة تدمج بين الألوان الموسيقية المختلفة، حيث تمتزج إيقاعات «الليوة» و«العرضة» مع الرقصات الشعبية التي تحاكي الحياة اليومية في البادية والمدن، ليشهد الحضور على لحن من الماضي والحاضر، يعكس تنوع المناطق السعودية.
ويُعد «مهرجان البحرين للموسيقى» من الفعاليات التي تتماهى مع النبض الثقافي العالمي، حيث يُحتفى بالموسيقى كوسيلة للحوار والتواصل بين الثقافات، وتلتقي الأنغام الخليجية مع الموسيقى العالمية، لتُجسد تفاعل الشرق بالغرب من خلال عروض موسيقية مبتكرة.
وتصدح آلات بحرينية تقليدية مثل «العود» و«الربابة» جنباً إلى جنب مع الآلات الحديثة مثل البيانو والكمان، لخلق تناغم فني يعكس الروح البحرينية المتجددة.
يتبوأ الشباب المكانة الأهم كمحرك رئيس لاستدامة التراث الموسيقي، وهناك العديد من المبادرات الرائدة، التي تساهم في ربط الأجيال الشابة بالتراث، مثل «الأوركسترا الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة»، التي تُعد واحدة من أبرز المنصات التي تعكس التزام الدولة بتطوير الفنون والموسيقى من جميع الأشكال والأنماط، وتُعد جسراً ثقافياً يربط بين الماضي والحاضر، حيث تُسلط الأضواء على التراث الموسيقي الإماراتي، بدءاً من الألحان التقليدية التي نشأت في الصحراء، وصولاً إلى التوليفات المعاصرة التي تعتمد على التقنيات الحديثة.
من خلال هذه الأوركسترا، تُتاح الفرصة للشباب للمشاركة في تقديم أعمال موسيقية تدمج بين الأصالة والابتكار، والموسيقى التي تُعزف ليست مجرد ألحان معاصرة، بل مزيج من الأشكال القديمة التي تتلاقى مع الأصوات الجديدة التي تعتمد على التقنيات الصوتية الحديثة، وبذلك تصبح الأوركسترا فضاءً مميزاً، يحث الشباب على الانفتاح على تجارب جديدة، بينما يحافظون في الوقت ذاته على ارتباطهم بجذورهم الثقافية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ 9 ساعات
- الاتحاد
اصنع في الإمارات
اصنع في الإمارات في هذا الزخم، في هذا الدلال الذي تشهده الصناعة في الإمارات، وهذا التوافد الاستثماري الصناعي الذي يهطل مطراً سخياً على الإمارات، تشعر بالفخر، ويسودك الحلم الزاهي، وتمتلئ روحك بأزاهير الأبهة، ونعيم المشاعر، حيث الإمارات اليوم أضحت فلذة العالم وموطن الطموحات لدى صناع القرار العالمي، والمستثمرين، والصناعيين، والخبراء، وعلماء الفكرة المبدعة في الصناعة. اليوم ونحن نتابع المشهد البديع، ونستمر في قراءة الواقع الإماراتي وهو يتزلج على صفحات أيام مبهرة، وتاريخ يتخلق نشأً، متألقاً، ببريق النجوم، وعذب العطاء والمساحة تفترش لها سجادة مخملية على أرض الواقع، وتبدو المسيرة المظفرة، تخط كلمات المجد المجيد على جبين الوطن، وتسرد قصة وطن اتخذ قراره بأن يكون بين العالمين مركز الدائرة، وخط الاستواء في المحيط الإنساني، وهذا ما يفتح ملفات عدة أهمها الملف الصناعي، ونستطيع أن نقول إن الثورة الصناعية الرحيبة، أخذت ناصيتها على أرض الإمارات، بما تلقاه من رعاية سامية من لدن قيادة أحكمت قبضتها على المستقبل، وأدارت عجلة الزمن صوب الوطن، وطن النجباء الذين يقودون المرحلة، سياسياً، واقتصادياً، وثقافياً، الأمر الذي يجعل كل متابع، وكل قارئ، وكل مهتم، بهذا الصعيد المتدفق، خيالاً واسعاً، وقدرات فائقة، وإمكانيات شاسعة، وملكات مبدعة، وأحلاماً تتوارى في معطفها أخلاق الناس النبلاء، والذين جعلوا من الوطن محطة إنزال لكل ما هو جميل، وكل ما هو نبيل، وكل ما هو أصيل، لأن ما زرعه زايد الخير، طيب الله ثراه، نحصد اليوم ثماره، ونتذوق نعمته، ونسعد بازدهاره، وترتع غزلان مشاعرنا بعشبه القشيب، وترتاح الزهور في بساتين رونقه. في أرض المعارض، هناك مسعى ومرتع للفيف من جمهور الصناعة، ومن كل حدب وصوب، جاءوا ليحطوا رحالهم على أرض الإمارات، بعناية رجال أشداء، شيمتهم الحلم البهي، والتطلع المنير، إلى غدٍ تكون فيه الراية مرفوعة هنا، على هذه الأرض الكريمة، أرض زايد، الباني المؤسس، هنا بين أيادٍ أمينة، وعند قلوب كبياض الموجة، واخضرار النخلة، ونصوع الشمس، هنا على أرض الحب والتسامح، والإجماع الإنساني، تتطور رؤية، وتكبر آراء، وتتسع حدقات الأفكار حتى أصبحت في العالم نجماً تدور في فلكه الكواكب والأقمار، وهذا لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة جهود وسهر، وتعب، وعكوف على مهمات نمت، وترعرعت حتى أصبحت الرؤية، شعشعة الفجر في عيون الطير، وصارت الأفكار، مفردات لملاحم إبداعية مدهشة، ونهضة صناعية مدت للمدى مداد العلم، وأدب التداخل مع الآخر، بندية شريفة، وتنافس يوسع دائرة الحب، ويمنح التواصل ملح العطاء، وسكر البذل، وهذه هي الإمارات، دوماً في التميز منخلاً يصفي ذاته بذاته، ومن جهود المنهمكين في الاستثنائية، تنمو زهرة اللوتس، لتضفي على الوجود عطر الزمن الذهبي لدولة الذهب، بلد عشاق الجمال في كل شيء. تضافر الجهود الوطنية، وتكاتف العالم مع طموحات الإمارات، هما الترياق الذي يمنح بلادنا مناعة وقوة، وسطوة، وقدرة علم الاستدامة، وهذه البنى التحتية، هي الحاضنة الأمينة لكل من يبادر، ويقدم إمكاناته، ويفكر في مشاريع تكون الغيمة التي تنسج خيوط الحرير على أرض الحرير، أرض القوة الناعمة. عندما تكون السياسة، سفينة الأحمال الثقيلة، والأنامل التي تكتب على صفحات التاريخ، نجاح دولة في صناعة الأمل، فلا بد أن يكون الاقتصاد هو ذلك الديدن الذي منه تبرز، ماكينة الصناعة، الراسخة، والثابتة على أرض خصبة، وطيعة. كان في البدء حلم، واليوم أصبح علماً وخبراً، عنوانه العريض، أن الإمارات دولة صناعية بامتياز، يشهد لها البعيد والقريب، وآس الشهادة هو هذا التدفق اللافت من قبل كل من له علاقة بهذا الصوت الرخيم، المنبثق من آلة الإبداع الرخي.


العين الإخبارية
منذ 12 ساعات
- العين الإخبارية
شيرين عبدالوهاب مُتهمة بالإساءة وتهديد «مدير حساباتها» على السوشيال
تقدّم محام موكَّل عن مدير صفحات الفنانة شيرين عبدالوهاب الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، ببلاغ رسمي إلى قسم شرطة في مدينة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة المصرية. في البلاغ، يتهم مدير الصفحات، شيرين عبدالوهاب بالإساءة والتهديد بالإيذاء، نتيجة خلاف نشب بين الطرفين حول إدارة حساباتها الإلكترونية، مطالبًا باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة. ووفقًا لما جاء في المحضر، فقد تعرّض مدير الصفحات لتهديد مباشر من جانب شيرين عبدالوهاب، تضمن ألفاظًا مسيئة، ما دفعه لتوثيق الواقعة قانونيًا. وتم تحرير محضر رسمي بالبلاغ، وأخطرت النيابة العامة المختصة التي بدأت بدورها التحقيق، في حين يواصل رجال المباحث جمع المعلومات والتحريات لكشف ملابسات الحادث. آخر أعمال شيرين عبدالوهاب على الجانب الفني، كانت شيرين عبدالوهاب قد طرحت خلال شهر رمضان الماضي أغنية جديدة بعنوان "أكتر وأكتر"، لصالح إحدى شركات الاتصالات. الأغنية من كلمات أيمن بهجت قمر، وألحان عزيز الشافعي، ولاقت تفاعلًا كبيرًا عبر مختلف المنصات. كما شاركت شيرين عبد الوهاب في الموسم الرمضاني 2025 من خلال أغنياتها التي استُخدمت ضمن أحداث مسلسل "إخواتي"، من إخراج محمد شاكر خضير وتأليف مهاب طارق. وضم العمل نخبة من النجوم من بينهم نيللي كريم، روبي، كندة علوش، جيهان الشماشرجي. aXA6IDgyLjI1LjI1NS4xMDgg جزيرة ام اند امز FR


البوابة
منذ 14 ساعات
- البوابة
مدير صفحات الفنانة شيرين عبدالوهاب يتهمها بالسب والتهديد
حرر مدير صفحة الفنانة والمطربة شيرين عبدالوهاب، محضرا بديوان قسم شرطة ثان الشيخ زايد بمديرية أمن الجيزة، يتهم فيه شيرين عبدالوهاب بسبه وتهديده، على خلفية مشكلات تتعلق بكلمات السر الخاصة بحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي. بلاغ ضد شيرين عبدالوهاب تلقى رئيس مباحث قسم شرطة ثان الشيخ زايد بمديرية أمن الجيزة، بلاغا من محامي وكيلا عن محمود محمد، مدير الحسابات الرسمية الخاصة بالفنانة والمطربة شيرين عبدالوهاب على منصات "فيسبوك، يوتيوب، تيك توك، وإنستجرام"، يفيد بتعرض موكله للسب والقذف والتهديد بالإيذاء. وأكد مقدم البلاغ أن الفنانة والمطربة شيرين عبدالوهاب وجهت عبارات السب والقذف والتهديد لموكله عبر مكالمة هاتفية بسبب خلاف بين الطرفين حول كلمات السر الخاصة بالحسابات الإلكترونية. وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال البلاغ، وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات.