حين تتحول حياتنا الى سلعة رقمية من يضع الحدود
أصبحت حياة الأفراد مادة قابلة للتسويق على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تحوّل البعض من مشاهير الأردن إلى صناع محتوى يعتمدون على تفاصيلهم الشخصية لجذب المتابعين وتحقيق الانتشار تحت شعار «التريند». فلم تعد الخلافات الأسرية أو المشكلات الخاصة تدار في الخفاء، بل باتت تعرض على العلن وكأنها مشاهد درامية، في مزيج من الترفيه الزائف والاتجار بالمشاعر، حيث بات الحساب الشخصي لهؤلاء المؤثرين يتحول إلى ساحة مفتوحة للشتائم، وتلفيق الخلافات، والمبالغة في التوترات العائلية، سعياً وراء التفاعل والإعلانات.وتشير تقارير عربية ودولية إلى أن هذه الظاهرة لا تقتصر على الأردن، بل تنتشر على نطاق واسع بين مشاهير العالم العربي، حيث تلاشت الخطوط الفاصلة بين الحياة العامة والخاصة، وصارت المشاكل العائلية أقرب إلى عروض ترفيهية، يتابعها الجمهور بشغف لا يخلو من الفضول والتطفل.وتكمن الخطورة في أن كثيراً من هؤلاء المؤثرين يسعون إلى استدرار تعاطف الجمهور أو إثارة غضبه لتوسيع قاعدة شهرتهم وزيادة أرباحهم، مستغلين حساسية الناس تجاه القصص الأسرية والعواطف العميقة، وبذلك، تصبح الحياة الخاصة مادة استهلاكية، وتغدو الخلافات مادة تسويقية بامتياز، ولكن هذا النمط الجديد من «المحتوى» يصطدم بقيم المجتمع الأردني التقليدية التي تقدس الروابط العائلية وتحمي الخصوصية، إذ لا يزال الأردنيون، كما توثق العديد من المصادر الثقافية، يتمسكون بمفاهيم الشرف والحرص على سمعة العائلة، ويعتبرون أن العلاقات الأسرية يجب أن تُدار بحكمة بعيداً عن أنظار الغرباء.ومع تصاعد هذا النوع من «التريندات»، بدأ الخبراء في وصف الظاهرة بأنها انقلاب حقيقي في القيم الاجتماعية؛ فما كان يتم ستره داخل البيوت صار اليوم يُعرض بلقطات متتالية أمام آلاف المتابعين، دون اعتبار للعواقب النفسية والاجتماعية. هذه الممارسات لا تمر دون أثر، خاصة على فئة الشباب والمراهقين، الذين يتأثرون بالمحتوى المعروض ويتفاعلون معه بوصفه معياراً للحياة الواقعية، وتظهر الدراسات أن العلاقة الوهمية بين المتابع والمؤثر قد تخلق اضطرابات نفسية مثل القلق والغيرة والشعور بالنقص، بل تدفع بالبعض إلى استبطان أفكار مشوهة حول الحياة الزوجية والعائلية، باعتبارها صراعات لا تنتهي، ومشاهد متوترة لا مجال فيها للسكينة.وفيما يحاول البعض التماهي مع هذا الواقع الجديد، تتزايد التحذيرات من عواقبه طويلة الأمد، فاستسهال عرض الخصوصيات والسخرية من أقرب الناس لأجل «الانتشار»، يزعزع أسس الاحترام ويطبع سلوكيات التنمر والاستهزاء في وعي الجمهور، فيما تؤكد أصوات تربوية أن هذا النمط يؤدي إلى التطبيع مع السلوكيات السلبية، حيث يُصوّر السباب والشتم والتعدي اللفظي كوسائل عادية لجذب الانتباه، مما يشوه صورة الأخلاق العامة، ويقع ضحية ذلك التلاميذ والطلاب والمراهقون، الذين يبدؤون بتقليد هذا النموذج ظناً منهم أن هذه هي الطريقة المثلى للتواصل أو كسب الشعبية.
من جهة أخرى، يُنتقد غياب الرقابة الفعّالة على هذا النوع من المحتوى، فعلى الرغم من جهود الحكومة الأردنية في مواجهة خطاب الكراهية والأخبار الكاذبة على الإنترنت، إلا أن المحتوى الذي يسيء إلى العلاقات الخاصة لا يزال بلا ضوابط واضحة، فعلى سبيل المثال، ورغم حظر تطبيق «تيك توك» مؤقتًا في الأردن ومطالبة الشركة بحذف مئات الآلاف من الفيديوهات المسيئة، إلا أن ظاهرة استغلال الخلافات العائلية للحصول على «مشاهدات» لم تخضع بعد لأي تشريعات صريحة، وحتى حين اقترحت الحكومة الأردنية قوانين جديدة للتعامل مع المحتوى المؤذي، فإن تركيزها اقتصر على خطاب الكراهية، دون أن تمتد لتشمل الإساءة إلى الخصوصية أو التلاعب بالعلاقات الأسرية لأغراض تجارية. ويبرز سؤال مهم هنا: ما الذي يدفع البعض للانخراط في هذا النوع من المحتوى رغم مخاطره؟ الجواب يكمن في الجانب الاقتصادي، فمع تصاعد معدلات البطالة، يرى البعض في «صناعة المحتوى» فرصة حقيقية لكسب المال وتحقيق الاستقلال المالي. بل إن المؤثرين الرقميين أصبحوا شريحة مؤثرة اقتصادياً، وبلغ حجم سوق التسويق عبر الإنترنت عشرات المليارات، ومن هنا بات من الضروري تنظيم المهنة، كما يطالب بذلك عدد من الخبراء، عبر فرض تسجيل رسمي على المؤثرين، وتحديد معايير أخلاقية تضمن احترام القيم العامة، وعدم استغلال الأطفال أو الخصوصيات، إلى جانب فرض الشفافية على المحتوى الإعلاني.
في السياق نفسه، تبرز أهمية التوعية المجتمعية بوصفها أحد أبرز أدوات المواجهة. فبدلاً من فرض رقابة صارمة على التكنولوجيا، يمكن تعزيز ثقافة نقدية لدى الجمهور، تساعدهم على التمييز بين المحتوى المفيد والمسيء، وتدفعهم لمقاطعة الحسابات التي تبني شهرتها على الفضائح، كما يمكن إدماج مفاهيم التربية الإعلامية في المناهج التعليمية، بما يرسخ لدى الناشئة قدرة على التعامل مع الإعلام الرقمي بوعي ومسؤولية. فالحل يبدأ من المدرسة والبيت، ولا ينتهي إلا بتكاتف الجهود المجتمعية لتكريس مفهوم أن الشهرة لا تأتي من بيع الخصوصيات، وأن القيم لا تُفرط على حساب «لايك» أو «ترند «.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوكيل
منذ يوم واحد
- الوكيل
القصة الكاملة لجدل انفصال مسلم ويارا تامر بعد ساعات من...
الوكيل الإخباري- انتشرت خلال الساعات الماضية أخبار على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بانفصال مغني المهرجانات "مسلم" عن زوجته يارا تامر بعد يوم واحد فقط من زفافهما، إثر منشور مزعوم على حساب يارا يتضمن صورة لهما وعبارة "تم الانفصال بيني وبين مسلم... اشبعي بيه يا أروى". اضافة اعلان لكن تحقيقات نشطاء أكدت أن الصورة غير موجودة على الحساب الرسمي ليارا، وأن المنشور مفبرك ويهدف لإثارة الجدل، خاصة مع غياب أي تصريح رسمي من الطرفين. وتفاقم الجدل بعد بث مباشر ليارا عبر "تيك توك" تحدثت فيه عن تفاصيل الزفاف، معبرة عن انزعاجها من تصرف غير لائق لإحدى البلوغرز التي اقتربت كثيراً من زوجها خلال الحفل، ما زاد التكهنات حول وجود توتر مبكر بين العروسين. لها


الوكيل
منذ يوم واحد
- الوكيل
القصة الكاملة لجدل انفصال مسلم ويارا تامر بعد ساعات من...
الوكيل الإخباري- انتشرت خلال الساعات الماضية أخبار على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بانفصال مغني المهرجانات "مسلم" عن زوجته يارا تامر بعد يوم واحد فقط من زفافهما، إثر منشور مزعوم على حساب يارا يتضمن صورة لهما وعبارة "تم الانفصال بيني وبين مسلم... اشبعي بيه يا أروى". اضافة اعلان لكن تحقيقات نشطاء أكدت أن الصورة غير موجودة على الحساب الرسمي ليارا، وأن المنشور مفبرك ويهدف لإثارة الجدل، خاصة مع غياب أي تصريح رسمي من الطرفين. وتفاقم الجدل بعد بث مباشر ليارا عبر "تيك توك" تحدثت فيه عن تفاصيل الزفاف، معبرة عن انزعاجها من تصرف غير لائق لإحدى البلوغرز التي اقتربت كثيراً من زوجها خلال الحفل، ما زاد التكهنات حول وجود توتر مبكر بين العروسين. لها


جو 24
منذ يوم واحد
- جو 24
مصر.. جدل واسع إثر أنباء طلاق مطرب مشهور زوجته بعد 24 ساعة من زفافهما
جو 24 : ردّ مطرب المهرجانات المصري مسلم بطريقة غير مباشرة على الجدل حول علاقته بزوجته يارا تامر، إثر أنباء انفصالهما بعد أقل من 24 ساعة على زفافهما. ونشر مسلم عبر خاصية "الاستوري" على حسابه الرسمي بموقع "إنستغرام"، صورة له من حفل الزفاف، ودمجها مع مقطع من أغنية "ولعة معايا" للنجم ويجز، في ما اعتبره البعض رسالة مبطنة تحمل أكثر من معنى، وتُلمّح إلى تمسكه بالحياة والاستمرار رغم الشائعات، أو ربما رده على الجدل دون الدخول في تفاصيل. ورغم أن مسلم لم يُدلِ بأي تعليق مباشر حتى الآن، إلا أن هذه الخطوة زادت من فضول المتابعين، عبر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة بعد أن كانت زوجته قد ظهرت في بث مباشر انتقدت فيه تصرفات إحدى الحاضرات في حفل الزفاف. ونشرت يارا تامر، زوجة الفنان مسلم، عبر حسابها الرسمي على إنستجرام، صورة من حفل زفافهما، وعلقت عليها بكلمات مؤثرة قالت فيها: ربنا ما يحرمني منك يا نور عيني.. أنت كل حاجة ليا في الدنيا، أبويا وضهري وسندي، معنديش أغلى منك أبدًا، ربنا يسعدنا ويبعد عننا العين والناس الحاقدة. تعود تفاصيل الأزمة إلى ظهور أروى قاسم في فيديو من حفل زفاف مسلم ويارا، ظهرت فيه وهي تلتقط الصور وتضحك معه، قبل أن يقوم بتقبيل يدها، ما اعتبرته يارا تصرفًا غير لائق في هذا التوقيت. ولاحقا، خرجت يارا تامر في فيديو عبر تيك توك، عبرت فيه عن استيائها قائلة: أنا عارفة زوجي كويس، بس هو لما بيكون فرحان مش بيشوف، الشخصية اللي فضلت ماسكة إيده، أنتي بالنسبالي طفلة. وأضافت يارا: أنتي لو صاحبته وخايفة تخربي بيته وشخصية محترمة عمرك ماهتنزلي حاجة كده وأنتي اللي هيطلع عليكي واحدة مش محترمة، اللي أنتي بتعمليه ده غلط، وأنا وضحتلها بينا في الشات وعملت ليها بلوك.. استفدتي إيه حبه ريتش. وزادت حدة الأزمة عندما أعادت أروى نشر صورة قديمة لمسلم برفقة يارا من عيد ميلاده الماضي، وظهرت فيها يارا وهي تضع كانيولا طبية بيدها، وأشارت أروى إلى احتمال وجود تعاط للمواد المخدرة. في تطور مفاجئ، نشرت البلوجر أروى قاسم محادثة جمعتها مع الفنان مسلم، عبر فيها الأخير عن اعتذاره لما بدر في حقها بعد نشر فيديو زوجته، مما ظهر أن مطرب المهرجانات لم يحظرها كما نوهت زوجته، حيث قال مسلم: حقك عليا، وأنا مسكتش، وربنا العالم أنا قولت إيه في حقك، أنا آسف، وعلقت أروى على اعتذاره قائلة: يكفيني احترامك ليا واعتذارك ومكالمتك، فوق دماغي يا غالي، وأنا بقدرك وبحترمك.. أخويا الكبير، شكرا. المصدر: القاهرة 24 تابعو الأردن 24 على