
الجيش الإسرائيلي يعلن قصف "مركز قيادة لحماس داخل مستشفى" في غزة، وتقرير أممي يحذر من مجاعة بالقطاع
أعلن الجيش الإسرائيلي، فجر الثلاثاء، أنه قصف "مركز قيادة وسيطرة" لحماس داخل مستشفى في غزة كانت الحركة تستخدمه للقيام بـ"أنشطة إرهابية".
وقال الجيش في منشور عبر تطبيق تلغرام إنه "قصف بدقة مركز قيادة وسيطرة يقع داخل مستشفى ناصر في خان يونس" جنوبي القطاع.
وأضاف أن "كبار مسؤولي حماس يواصلون استخدام المستشفى للقيام بأنشطة إرهابية، ويستغلّون السكان المدنيين داخل المستشفى وحوله بشكل سافر ووحشي".
بدورها، لم تُعلق حركة حماس حول تواجدها في المستشفى من عدمه حتى الآن.
واستأنف الجيش الاسرائيلي القصف الجوي والمدفعي على مناطق شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، بعد انتهاء تسلمه الرهينة الإسرائيلي الأمريكي عيدان الكسندر.
وأدانت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة ما وصفته بالـ "الجريمة النكراء التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي فجر الثلاثاء بحق المرضى والجرحى وذلك باستهدافه المباشر لمبنى الجراحات بمجمع ناصر الطبي".
وقالت في بيان لها، إن "القصف أدى الى استشهاد اثنين وإصابة آخرين من المرضى والجرحى أثناء تلقيهم العلاج بالإضافة إلى الطواقم الطبية العاملة".
"الاستهداف المتكرر للمستشفيات وملاحقة الجرحى وقتلهم داخل غرف العلاج، يؤكد تعمد الاحتلال إلحاق الضرر الأكبر بمنظومة الخدمات الصحية وتهديد فرص علاج الجرحى والمرضى حتى على أسرة المستشفيات"، وفق الوزارة.
خطر مجاعة عامة
من ناحية أخرى، أفاد تقرير أممي جديد بأن جميع سكان غزة مُعرّضون لخطر المجاعة، بالتزامن مع بيان لحماس يؤكد اشتداد المجاعة "بشكل كارثي"، بعد تسعة عشر شهراً من الحرب والنزوح الجماعي وحصار المساعدات الإنسانية الضرورية.
ووفقاً لمقياس الجوع العالمي، الذي تستخدمه الأمم المتحدة والعديد من هيئات الإغاثة، يواجه نصف مليون فلسطيني في القطاع خطر المجاعة.
وأفاد التقرير الصادر عن النظام المتكامل لتصنيف مراحل الأمن الغذائي (IPC)، المدعوم من الأمم المتحدة ومنظمات غير الحكومية، أن 22 في المئة من سكان غزة، البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، يواجهون "كارثة إنسانية"، بينما سيواجه جميع السكان خطر أزمة غذائية "أو أسوأ" بحلول سبتمبر/أيلول المقبل.
وأضاف التقرير أن "جميع السكان يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، حيث يواجه نصف مليون المجاعة، بمعدل واحد من كل خمسة".
ويعتمد نظام تصنيف الأمن الغذائي على خمسة مستويات. وقد أوضحت المقاييس أنه في الفترة من 1 أبريل/نيسان إلى 10 مايو/أيار، كان 244 ألف فلسطيني في غزة يعانون من أشد حالات الأمن الغذائي خطورة، بما يصل إلى المستوى الخامس، بمعنى أنهم يواجهون كارثة المجاعة.
كما جرى تصنيف 925 ألفاً آخرين على أنهم في المستوى الرابع، أو يواجهون "حالة طوارئ".
وحذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) من أن الزراعة في غزة "على شفا الانهيار التام"، داعية إلى رفع الحصار "فورًا".
وقالت المنظمة إن مساعدات كأعلاف الحيوانات والمستلزمات البيطرية، ضرورية بشكل عاجل للحفاظ على إنتاج سلع ثمينة كالحليب والبيض، والتي غالباً ما تكون آخر ما تبقى من الغذاء.
وأكدت بيث بيكدول، نائبة مدير منظمة الفاو استمرار تصاعد عدد من يواجهون المجاعة حالياً، مضيفة أن "مستويات سوء التغذية مرتفعة"، وموضحة أن هذا المقياس مؤشر على اتجاه "أي بلد في نهاية المطاف إلى حالة المجاعة".
من جهتها، حذرت حماس من أن "المجاعة في غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء".
وشددت في بيان لها، الاثنين، على أن الجهات الوحيدة المخوّلة بإدارة وتوزيع المساعدات هي المؤسسات الأممية والحكومية المختصة، "وليس الاحتلال أو وكلاؤه".
ودعا البيان الفلسطيني إلى كسر الحصار، وفتح المعابر أمام تدفق المساعدات، تحت إشراف الأمم المتحدة وبعيداً عن أي تدخلات من السلطات الإسرائيلية.
وقد منعت إسرائيل دخول أي مساعدات إلى غزة منذ أوائل مارس/أذار، قائلة إنها تضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن المتبقين.
وارتفعت حصيلة حرب غزة المستمرة إلى 52.862 قتيلاً فلسطينياً، و119.648 مصاباً، بحسب وزارة الصحة في غزة، بعد مقتل نحو 1200 من الجانب الإسرائيلي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 3 أيام
- BBC عربية
عندما تقهرنا أفكارنا: ما الذي لا نفهمه عن الوسواس القهري؟
ربما سمعت أحدهم يقول، وغالباً بالإنجليزية: "أنا أو سي دي جداً" (أنا مصاب بالوسواس القهري)، بعدما عدّل لوحةً مائلة على الحائط مثلاً، أو ليُظهر مدى حرصه على التفاصيل أو التناظر أو ترتيب المنزل وتنظيمه. قد يبدو الأمر للوهلة الأولى غير مؤذٍ، وربما طريفاً حتى. لكنّه ليس كذلك بالنسبة للأشخاص المصابين فعلاً باضطراب الوسواس القهري. فمن اختبر الألم الذي يسبّبه هذا الاضطراب، تبدو له هذه التصريحات أشبه بصفعةٍ مؤلمة. الوسواس القهري ليس صفةً ولا سلوكاً غريباً. لا يُعدّ سِمةً شخصية تجعل شخصاً ما غريب الأطوار أو تعكس ميله إلى النظام والنظافة. إنّه اضطراب نفسي خطير يصيب ملايين الأشخاص حول العالم، غالباً بصمتٍ يرافقه ألمٌ نفسي كبير. وفي عالمنا، لا يزال يُساء فهم اضطراب الوسواس القهري بشكلٍ واسع. فعلى الرغم من دخوله الثقافة الشعبية كتعبيرٍ مختزل عن الهوس بالنظافة أو الحاجة إلى السيطرة، إلا أنّ الواقع أكثر تعقيداً وإنهاكاً. يشمل هذا الاضطراب أفكاراً دخيلة وغير مرغوب فيها (وساوس)، وسلوكيات متكرّرة أو طقوساً ذهنية (قهرية) تهدف إلى التخفيف من القلق الناتج عن تلك الأفكار. وأحياناً تكون هذه الأفعال القهرية مرئية، كغسل اليدين، أو التحقّق المتكرر، أو ترتيب الأشياء. وأحياناً تكون داخلية بالكامل، كالتعداد الذهني، أو مراجعة الأفكار، أو طمأنة الذات. وهذا النمط الأخير يُعرف غالباً باسم "الوسواس المحض" أو "الوسواس القهري الصامت" Pure O. ماذا يحصل مع المصاب؟ قد تمرّ امرأة وضعت مولودها الأول للتوّ بنوبات من الوسواس القهري لم يسبق أن اختبرتها من قبل. تتجسّد هذه الوساوس في شكل أفكار وصور ذهنية متكرّرة، لا تفارق عقلها، عن احتمال أن تؤذي طفلها جسدياً. وغالباً ما يُستَشهد بهذه الحالة (الشائعة لدى الأمهات الجدد) كمثالٍ دقيق لتوضيح طبيعة الوسواس القهري لمن لم يختبره. فهو حالة متطرّفة من القلق، تتجلّى في أفكار غير مرغوب فيها تلتصق بالذهن وتستهدف نقاطاً حسّاسة جداً لدى المصاب. فالأم الجديدة تشعر بخوفٍ عميق على مولودها، وترغب في السيطرة على كل ما يحيط به لحمايته من أي أذى. وقد يبلغ هذا الخوف في بعض الأحيان مستويات عالية جداً، تتحوّل معها إلى نوبات وسواسية تجعلها تخاف على طفلها حتى من نفسها. وقد تلجأ إلى تكرار عباراتٍ دينية أو جملٍ تطمئن بها نفسها، تؤكّد من خلالها أنها لن تُقدم على فعلٍ مؤذٍ. هذا هو السلوك القهري. فإلى جانب الوساوس – أي الأفكار المجرّدة – يعاني معظم المصابين بالوسواس القهري من سلوكيات قهرية وطقوس محدّدة تهدف إلى "إسكات" العقل/ القلق ولو للحظات. لكنها دائرة مفرغة، تُحوّل حياة المصاب إلى كابوسٍ حقيقي. ما هو الوسواس القهري حقاً؟ يُدرج اضطراب الوسواس القهري اليوم ضمن فئة "اضطرابات الوسواس القهري وما يرتبط بها"، بحسب التصنيف الحديث في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، بعدما كان يُعدّ سابقاً من اضطرابات القلق. ويقول الطبيب اللبناني والأستاذ المشارك في الطب النفسي وعلوم الأعصاب في جامعة روتشستر الأمريكية، بول جحا، في حديث إلى بي بي سي عربي، إن اضطراب الوسواس القهري يتألّف من عنصرين رئيسيين: الوساوس والأفعال القهرية. الوساوس قد تكون أفكاراً أو صوراً ذهنية، والأفعال القهرية تتجلّى في سلوكيات وطقوس عملية. عادةً ما تكون الوساوس أفكاراً أو صوراً دخيلة (Intrusive)، غير إرادية، يصفها المرضى بأنها غريبة عنهم ولا تعبّر عن شخصيتهم أو قناعاتهم. مثلاً، قد يشعر المريض برغبة في إيذاء شخصٍ يحبّه، أو تداهمه صورة ذهنية تُظهره وهو يُسيء إلى أحد، أو يتخيّل نفسه داخل الكنيسة أو المسجد وهو يجدّف على الله. آخرون يشعرون بخوفٍ شديد من العدوى، فيقلقون بمجرد لمسهم لسطحٍ معيّن، ويعتقدون أنهم قد يُصابون ببكتيريا خطيرة. ويضيف جحا: "من أكثر الأشكال شيوعاً أيضاً: وسواس التحقّق، كإقفال باب السيارة أو إطفاء الغاز، حيث يشعر المريض بأنه مضطر للعودة مراراً للتأكد، برغم معرفته العقلانية بأنه سبق أن فعل ذلك". هذه الأفكار مزعجة جداً، وتولّد قلقاً شديداً، وتدفع المصاب إلى تكرار أفعال قهرية لا منطقية. فقد يتحقّق من الشيء نفسه عشرين مرة مثلاً. هذا النمط يولّد توتراً مزمناً ونوبات هلع، وقد يقود مع الوقت إلى الاكتئاب. "وفي بعض الحالات التي نراها سريرياً، يصل الأمر إلى حدّ الشلل التام. مثلاً، مريض يدخل إلى الحمّام ليغتسل ويبقى فيه لساعات غير قادر على الخروج، أو يغسل يديه باستمرار دون توقّف. يصبح أسيراً للوسواس والطقوس المرتبطة به، وتسيطر هذه الدورة على حياته"، يوضح جحا. غالباً ما تقسّم ثيمات الوسواس القهري إلى أربعة أنواع: -الخوف من الأمراض/ التلوّث. -الخوف من إيذاء الآخرين (قتل أو اعتداء جنسي...). -أفكار تجديفية وغالباً ما تظهر لدى الأشخاص الملتزمين دينياً. -الحاجة المستمرّة إلى التحقّق. متى يظهر الاضطراب وما هي أسبابه؟ يقول جحا إن الإحصاءات في الولايات المتحدة تشير إلى أن ما بين 1 إلى 2 بالمئة من السكان مصابون باضطراب الوسواس القهري، وأن الدراسات تُظهر تأثراً أعلى قليلاً لدى النساء مقارنةً بالرجال. كما أن نحو 25 بالمئة من الحالات تبدأ في سنّ المراهقة المبكرة، وأحياناً حتى قبلها، في الطفولة. ويُعدّ العامل الوراثي حاسماً، لا سيما في الحالات التي تظهر في وقتٍ مبكر. ويوضح جحا: "إذا كان أحد الأشقاء في العائلة مصاباً باضطراب الوسواس القهري، فإن احتمال إصابة أخٍ آخر يتضاعف. وإذا ظهر المرض في سنّ المراهقة، فإن خطر تكراره بين الأشقاء يزيد بعشرة أضعاف". ومع أن العامل الوراثي يُعدّ السبب الأبرز، إلا أن جينات هذا الاضطراب قد تبقى "نائمة" في الجسد، ولا تنشط إلا بعد التعرّض لضغطٍ نفسي شديد أو تغيّر جذري في حياة الشخص." وبحسب جحا، فإن الاضطراب يظهر عادةً في سنّ المراهقة أو العشرينيات، ومن النادر أن يُشخّص للمرة الأولى بعد سن الخامسة والثلاثين. طبيعة "متنافرة مع الذات" من أكثر الجوانب التي يُساء فهمها في اضطراب الوسواس القهري هي طبيعته المتنافرة مع هوية المصاب. أي أن الأفكار أو الصور الوسواسية تكون متعارضة مع نظرة الشخص إلى ذاته أو مع قيمه الأساسية، ما يجعلها غريبة عنه، دخيلة، ومزعجة إلى حدٍ بالغ. وهنا يشير جحا إلى ضرورة التمييز بين اضطراب الوسواس القهري (OCD) واضطراب الشخصية الوسواسية القهرية (OCPD)، بالرغم من تشابه الاسمين واحتواء كليهما على عنصر "الوسواس". الفرق الجوهري يكمن في أن الوساوس في اضطراب الوسواس القهري تُعدّ متنافرة مع الذات (Ego-dystonic)، أي أنها تتصادم مع قِيَم المصاب وهويته وتسبّب له ضيقاً نفسياً شديداً. أما في اضطراب الشخصية الوسواسية، فالأفكار تكون منسجمة مع الذات (Ego-syntonic)، أي أنها تتماشى مع قناعات الشخص، مثل حبّ الترتيب والدقة والسعي إلى الكمال. في هذه الحالة، لا يشعر الشخص بالانزعاج منها، بل بالرضا. ويقول جحا إن وساوس الأذى أو الاعتداء على الآخرين غالباً ما تصيب أكثر الناس مسالمةً، ولذلك تكون مؤلمة جداً. فالشخص الذي يُكرّس حياته لتفادي الأذى، سيتألم بشدة من مجرّد تخيّل هذه الأفكار، لا سيما عندما تتعلّق بأشخاص مقرّبين إلى قلبه. كذلك الأمر بالنسبة للوساوس الدينية، إذ غالباً ما تصيب المؤمنين وتسبب لهم ضيقاً بالغاً، لأنها تستهدف نقطة حسّاسة في منظومة معتقداتهم. وهذا ينطبق خصوصاً على الحالات التي تشمل ما يعرف بـ"المواضيع المحرّمة" أو "التابوهات"، مثل أفكار مؤذية تجاه الأحبّة، أو صور جنسية غير لائقة، أو أفكار تجديفية تتعارض مع القيم الدينية. وبعيداً عن تبنّي هذه الأفكار أو الاستمتاع بها، فإن المصابين بالوسواس القهري يشعرون في العادة برعبٍ شديد منها. وكلّما كانت الفكرة أكثر إزعاجاً، ازداد التصاقها بالذهن. ولهذا السبب تحديداً، كثيراً ما يتجنّب المصابون الحديث عن هذه الوساوس، خوفاً من الحكم عليهم أو إساءة فهمهم أو حتى اعتبارهم خطراً على من حولهم. فهم خاصية "التنافر مع الذات" أمرٌ أساسي لفهم مدى إنهاك هذا الاضطراب، ولماذا يساء تشخيصه في كثيرٍ من الأحيان. إذ أن غياب الوعي بهذه الخاصية قد يدفع حتى بعض الأطباء إلى الخلط بينه وبين اضطرابات أخرى، مثل القلق العام أو الاكتئاب، أو في بعض الحالات القصوى، الذُهان أو اضطرابات الشخصية. هل هناك علاج؟ رغم عدم وجود علاج "نهائي" لاضطراب الوسواس القهري بالمعنى التقليدي، إلا أنّه قابل للعلاج بدرجةٍ عالية. ويستطيع عدد كبير من المصابين أن يحققوا تحسّناً ملحوظاً في أعراضهم، وأن يستعيدوا جودة حياتهم بفضل تدخلات علاجية متكاملة. الخطوة الأولى، كما يؤكد جحا، هي التثقيف النفسي. أي أن يدرك المريض أن دماغه لديه قابلية لتوليد أفكار متكرّرة على هذا النحو، وأن هناك سبيلاً للخروج من هذه الدوامة عبر كسر الحلقة الوسواسية. ثانياً، يمكن للأدوية، لا سيّما مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، أن تكون فعّالة، خصوصاً في الحالات المتوسطة إلى الشديدة. ويوضح جحا أن هذه الأدوية تُستخدم لتخفيف القلق وردّات الفعل الانفعالية. لكن ما يُميّز الوسواس القهري عن الاكتئاب أو القلق العام هو أن جرعة الدواء غالباً ما تحتاج إلى أن تكون أعلى بكثير حتى تُحدث الأثر المطلوب في القضاء على الوساوس. كذلك يعدّ العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، وتحديداً تقنية التعرّض ومنع الاستجابة (ERP)، من أكثر الوسائل العلاجية نجاعة. وتقوم هذه التقنية على تعريض المريض للمثيرات التي تقلقه من دون السماح له باللجوء إلى الطقوس المعتادة. مثلاً: إذا كان المريض يخشى التلوّث أو العدوى، يطلب منه أن يلمس الأرض ويبقي نظره موجّهاً إلى يده لفترة طويلة، من دون أن يسمح له بغسلها. ويوضح جحا أنه مع الوقت، يضعف هذا الدافع الداخلي، ويتعلّم الدماغ أن القلق لا يساوي الخطر الحقيقي، وهو ما يعرف في علم النفس باسم "التكيّف البافلوفي العكسي" (Pavlovian extinction). كثيرٌ من المرضى، بمجرّد أن يفهموا طبيعة ما يمرّون به، ويبدأوا العلاج السلوكي ويأخذوا الدواء المناسب، يشعرون بتحسّن تدريجي. ويبقى أن المفتاح الأساسي في العلاج هو فهم أن الإصابة بالوسواس القهري ليست "عيباً" في الشخصية، ولا تعني بأي حال أن الأمل مفقود. فمع العلاج الملائم، يستطيع العديد من الأشخاص أن يعيشوا حياة طبيعية، حتى وإن بقي الاضطراب موجوداً بشكلٍ ما. والتعرف إلى حقيقة الوسواس القهري كما هو فعلاً، ومواجهة الخرافات الثقافية التي تشوّهه، هما خطوة ضرورية لمساندة من يعانون منه. ويبدأ ذلك بأنسنة هذا الاضطراب، وإخراجه من خانه التنميط أو الكاريكاتور.


BBC عربية
منذ 3 أيام
- BBC عربية
كيف تزيد أعداد المتعايشين مع الإيدز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتنخفض في باقي العالم؟
كانت ليلى -اسم مستعار- حاملا في شهرها الثاني عندما علمت أنها مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز"، في أغسطس/ آب العام الماضي. بعد أسابيع، أنكر زوجها نسب الجنين إليه، عندما أظهرت الفحوصات أنه لا يحمل الفيروس، واتهمها أنها على علاقة بشخص آخر نقل العدوى إليها، وهو ما تنفيه ليلى. تقول ليلى "لم يترك زوجي إنسانا إلا أخبره أنني متعايشة مع الإيدز. لم يبق إلا أن يحكي للقطط والكلاب في الشارع". فيروس نقص المناعة البشرية، هو عدوى تهاجم الجهاز المناعي في الجسم، مما يضعف قدرته على الدفاع عن نفسه ضد الأمراض، وينتقل عبر ممارسة الجنس بطريقة غير آمنة، والدم، والولادة. فجأة وجدت الشابة البالغة من العمر 24 عاما نفسها وجنينها معا في مواجهة الفيروس، والنظرة السلبية تجاه المتعايشين مع الإيدز، فضلا عن معارك قانونية لإثبات نسب الطفل. يظهر تقرير جديد نشرته منظمة فرونت لاين إيدز، "ارتفاعا مثيرا للقلق" في حالات الإصابة بالفيروس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبشكل خاص في مصر، في وقت يتباطأ فيه انتشاره في باقي العالم. التقرير يضيف أن نحو 20% من الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية، تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما، وهو رقم غير مسبوق بحسب المنظمة. "نواجه المرض وغياب الوعي" عندما تأكدت ليلى من نتيجة فحوصاتها أصيبت بالصدمة. تقول لبي بي سي "شعرت أن نهايتي وشيكة، وأنني سأموت خلال أسبوع أو أسبوعين بسبب الخوف مما سمعت، رغم أن حالتي الصحية لم تكن خطيرة في ذلك الوقت. لكن هذا ليس أصعب ما واجهته". كان عليها أن تواجه غياب الوعي بالفيروس في كل مكان، حتى في بعض العيادات الطبية. تقول إن طبية أمراض النساء طلبت منها مغادرة العيادة قبل إتمام الفحص، فور علمها بأنها متعايشة مع الفيروس، وطلبت من المساعدين تعقيم المكان. "التوعية ينبغي أن تكون لكل الناس وليس للمتعايشين مع الفيروس فقط"، هذا ما تعتقده ليلى. بعدما وضعت جنينها، أقامت ليلى في منزل أهلها بعض الوقت. لم تصدق عائلها ادعاءات الزوج بأنها على علاقة برجل آخر، ودعمت مسارها القانوني لإثبات نسب ابنها. بعد فترة عادت ليلى مع طفلها إلى منزلها في حي راق في القاهرة، حيث غادره الزوج بعد ضغط من أهلها. لكن نظرات الجيران كانت تحمل إدانة بفعل تقول إنها لم ترتكبه، كما تحكى لبي بي سي. تقول "عشت أياما صعبة عندما اتصل بعضهم بالحجر الصحي ليحتجزني في المستشفى، خوفا من العدوى". ثم تدخلت أسرتها لوضع حد لمضايقات الجيران. لعنة الوصم يرجح أطباء ليلى إصابتها بالفيروس أثناء عملية جراحية أجرتها قبل زواجها عام 2019. ولا تظهر أعراض الإصابة الفيروس بالضرورة بشكل فوري، بل يستغرق الأمر مدة قد تصل في بعض الحالات ل 10 سنوات، وفقا لوزارة الصحة البريطانية. لكن زوجها لم يصدق أنها حملت الفيروس طوال هذه المدة دون أن ينتقل إليه. لا تؤدي ممارسة الجنس مع شخص يحمل الفيروس إلى الإصابة بالإيدز بشكل حتمي. وفقا لموقع ستانفورد هيلث كير، التابع لجامعة ستانفورد الأمريكية، فمن الصعب حساب نسبة احتمال انتقال العدوى عند التعرض لأحد أسبابه. "قد يصاب الشخص بالعدوى من خلال ممارسة الجنس غير الآمن مرة واحدة أو قد يمارس الشخص الجنس غير الآمن عدة مرات دون أن يصاب بالعدوى". بدأت ليلى بتوعية الجيران، لكن الوصم ظل يلاحقها. تقول "ظلوا يفترضون أنني أقيم علاقات جنسية مع أي شخص، وعرض أحدهم أن يُقبّلني طالما أن الفيروس لا ينتقل عبر اللعاب. وقال آخر، لماذا لا نمارس الجنس طالما أن هناك طرق آمنة". أعداد متزايدة بعد تشخيص ليلى بالفيروس، وقفت في طابور أحد المستشفيات في القاهرة لاستلام العلاج مع 8 نساء اكتشفن إصابتهن في نفس اليوم. تقول إنها تتعرف كل يوم على مصابين جدد. وفقا لتقرير منظمة "فرونت لاين إيدز" ارتفعت الحالات الجديدة في المنطقة بنسبة 116% منذ عام 2010. بينما ارتفعت ب 609% في مصر خلال الفترة نفسها، في المقابل شهدت الإصابات الجديدة بالفيروس انخفاضًا في العالم بنسبة 39% خلال الفترة نفسها. وتحذر المنظمة من أن المنطقة قد تواجه وباءً إقليميًا ربما يخرج عن نطاق السيطرة، إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة. ويتفاقم هذا الخطر بعد إغلاق مكتب برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2023، بسبب نقص التمويل، وهو البرنامج المعني بتنسيق الاستجابة بين بين الوكالات الأممية والحكومات، وفقا للتقرير. تعتقد جولدا عيد مسؤولة البرامج في منظمة فرونت لاين إيدز التي أصدرت التقرير، أنه "لا بد من الاستثمار بشكل مستدام لمواجهة الفيروس. كما أن هناك حاجة ماسة لتنسيق سياسي أقوى لمواجهة الفيروس". لكن هذا يعتبر تحديا في ظل العقبات الاقتصادية وأزمات النزوح التي تواجهها عدة دول في المنطقة. لذا تطالب عيد بدمج مواجهة فيروس نقص المناعة البشرية في برامج الاستجابة الإنسانية والرعاية الصحية الشاملة. وتشكو عيد من نقص بيانات المحدثة والدقيقة، وهو ما يصعب الاستجابة بشكل صحيح. كما أن تجريم بعض الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس يلعب دورا إضافيا في ضعف الاستجابة، كما تؤكد عيد. "الآن بعض الجمعيات تواجه خطرا قانونيا عندما تقدم دعمها لمثليي الجنس ومتعاطي المخدرات والأشخاص العابرين جندريًا، المعرضين أكثر من غيرهم للإصابة بالإيدز". دعم خاص للنساء تشعر ليلى بالارتياح لأن حالتها باتت مستقرة، وبأن لديها الوعي بكيفية التعامل مع الفيروس، بفضل الأطباء الذين يتابعون حالتها، بالإضافة لمجموعة مغلقة انضمت إليها على فيس بوك. تدير روزا- 45 عاما- هذه المجموعة، وهي إحدى شريكات منظمة فرونت لاين إيدز في مصر، وتحمل الفيروس أيضا منذ أكثر من عشرين عاما. خاضت روزا، رحلة العلاج مع زوجها السابق بعدما فقدت جنينها بسبب مضاعفات الإصابة. بعد التعافي من أعراض الفيروس، بدأت روزا رحلة في دعم المتعايشين مع الإيدز. دعم النساء أولوية بالنسبة لها. تقول "عندما كنت ألقي أحد التدريبات في اليمن قبل نحو 15 عاما، وقالت لي إحدى المشاركات: أريد أن أقتل زوجي الذي نقل إلى الفيروس. منذ ذلك اليوم قررت أن أركز مجهودي على دعم المتعايشات مع الإيدز". الدعم النفسي مرتبط بالتمويل "قبل أن أتعرف على متعايشين آخرين مع الإيدز، شعرت أنني الوحيدة في العالم التي تحمل الفيروس"، تحكي روزا لبي بي سي. لكنها كانت محظوظة، لأنها كانت من بين أول 20 شخصا اكتشفوا إصابتهم وانضموا لبرنامج الحملة القومية لمكافحة الإيدز في مصر، وهي حملة حكومية، كانت في أوج نشاطها في ذلك الوقت كما تحكى لبي بي سي. تقول إن البرنامج كان يقدم العلاج الطبي، والدعم النفسي لتخطي هذه الفترة. الآن يبلغ عدد حاملي الفيروس نحو 30 ألفا في مصر، وفقا لوزارة الصحة المصرية، وبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز . تركز الخدمة الطبية الحكومية في مصر حاليا على تقديم الدواء بشكل مجاني، كما هو الحال في لبنان ودول أخرى في المنطقة، لكن الدعم النفسي والاجتماعي يتراجع بسبب صعوبات التمويل في هذه البلدان. يظل الدعم الذي تقدمه روزا عبر مجموعتها محدودا، مقارنة بما تلقته بعد إصابتها قبل 21 عاما. فهي تقدم التوعية، وتنظم أنشطة ترفيهية، ورش أعمال يدوية لتساعد أعضاء المجموعة على ممارسة حياتهن بشكل طبيعي. يشير تقرير منظمة" فرونت لاين إيدز" إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "تعاني من نقص في تمويل مشاريع مكافحة نقص فيروس نقص المناعة البشرية تصل نسبته إلى 85%، وأنها تتلقى أقل من 1% من إجمالي استثمار التمويل العالمي للفيروس". الحصول على تمويل مخصص لمواجهة الفيروس صار أصعب خلال السنوات الأخيرة، حيث يركز المانحون على تقديم الدعم الإنساني لفئات أخرى مثل النازحين، كما تقول الدكتورة نادية بدران مديرة جمعية العناية الصحية للتنمية الشاملة، التي تعمل في لبنان منذ نحو 35 عاما. تضيف: لا نستطيع التوسع في برامج التوعية أو الدعم النفسي والمجتمعي للمتعايشين مع الفيروس بسبب نقص التمويل، وصرنا نقدم هذه الخدمة ضمن مجموعة خدمات أخرى لضمان استمرارها. الأدوية التي توفرها الحكومة للمصابين بالفيروس أيضا تنفق عليها المنح الدولية، كما تقول بدران، وتتخوف من نتائج كارثية إذا تقلص هذا الدعم في المستقبل. ماذا يخفي المستقبل لحاملي الفيروس؟ الإجابة تتوقف على مدى الدعم النفسي والمجتمعي الذي يحظى به حامل الفيروس، ومدى تقبله لحالته، كما تقول الدكتور نادية بدران. وتشرح قائلة "المصاب بالإيدز مرفوض اجتماعيا، على عكس الشخص المصاب بالسرطان مثلا يحظى بدعم العائلة. يجب أن يحصل المتعايش مع الفيروس على الدعم، وأن يتقبل وضعه ليكون قادرا على الالتزام بالعلاج، وإلا تتدهور حالته". وتضيف: هناك شاب لجأ إلينا قبل سنوات، اكتشف إصابته بالإيدز عندما كان عمره 17 عاما. كان مكتوم القيد- لا يملك أوراق هوية رسمية- وكان لديه عدد من الأزمات النفسية. لم يكن قادرا على تقبل وضعه، فلم يلتزم بالعلاج، وظل يعاني حتى توفي بعد إصابته بالسرطان. في حالة روزا وليلى، كان دعم المقربين منهما عاملا أساسيا لتعافيهما من الأعراض، بجانب العلاج الدوائي. الآن، مر شهران منذ ولدت ليلى طفلها، وقد أثبتت الفحوصات تراجع نسبة الفيروس في دمها. أما الطفل، الذي فكرت في إجهاضه، خوفا انتقال الفيروس إليه أثناء الولادة، فبشرها الأطباء قبل أيام بخلوه من الفيروس، بعد أن خضعا معا لبرنامج علاجي مخصص. تقول "عندما عرفنا أننا سنواصل حياتنا بشكل طبيعي، شعرنا أن متنا، وبعثنا من جديد. الآن ننتظر حكم القضاء لإثبات نسب ابني، لنطوي هذه الصفحة من حياتنا".


Reuters عربية
منذ 4 أيام
- Reuters عربية
الأمم المتحدة: مستويات قياسية للجوع في 2024 بسبب الصراعات والمناخ
روما 16 مايو أيار (رويترز) - أظهر تقرير للأمم المتحدة اليوم الجمعة أن انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية لدى الأطفال ارتفعا للعام السادس على التوالي في 2024، مما أثر على أكثر من 295 مليون شخص في 53 دولة ومنطقة. ويمثل ذلك زيادة خمسة بالمئة مقارنة مع مستويات عام 2023، ويعاني 22.6 بالمئة من السكان في المناطق الأكثر تضررا من جوع يصل إلى حد الأزمة أو ما هو أسوأ من ذلك. وقال رين بولسن مدير مكتب حالات الطوارئ والقدرة على الصمود في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) "التقرير العالمي بشأن الأزمات الغذائية يرسم صورة صادمة". وأضاف أن "تقف الصراعات والظروف الجوية المتطرفة والصدمات الاقتصادية وراء هذه الأزمة، وكثيرا ما تتداخل هذه العوامل". وحذرت الأمم المتحدة من تدهور الأوضاع هذا العام وعزت ذلك إلى أكبر انخفاض متوقع في تمويل الإمدادات الغذائية الإنسانية منذ بدء إعداد التقرير، ويتراوح الانخفاض بين 10 بالمئة إلى أكثر من 45 بالمئة. وساهمت قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل كبير في ذلك مع إنهاء أكثر من 80 بالمئة من برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية التي تقدم المساعدات للمحتاجين حول العالم. وحذرت سيندي ماكين، رئيسة برنامج الأغذية العالمي ومقره روما، قائلة "لقد فقد ملايين الجياع، أو سيفقدون قريبا، شريان الحياة الأساسي الذي نقدمه". والصراعات هي السبب الرئيسي في الجوع مما أثر على 140 مليونا تقريبا في 20 دولة عام 2024، منها مناطق تواجه مستويات "كارثية" من انعدام الأمن الغذائي مثل غزة وجنوب السودان وهايتي ومالي. وأكد السودان انتشار ظروف المجاعة. ودفعت الصدمات الاقتصادية، مثل التضخم وانخفاض قيمة العملة، نحو 59.4 مليون إلى براثن أزمات غذائية في 15 دولة بما في ذلك سوريا واليمن. وتسببت الظروف الجوية المتطرفة، خاصة الجفاف والسيول الناجمة عن ظاهرة النينيو، في أزمات في 18 دولة مما أثر على ما يربو على 96 مليون شخص، وبالأخص في جنوب أفريقيا وجنوب آسيا والقرن الأفريقي. وارتفع عدد الذين يواجهون ظروفا تشبه المجاعة إلى أكثر من الضعف ليصل إلى 1.9 مليون، وهو أعلى رقم منذ بدء التقرير العالمي لعملية الرصد في عام 2016. وأفاد التقرير ببلوغ سوء التغذية بين الأطفال مستويات مثيرة للقلق. ويعاني ما يقرب من 38 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد في 26 أزمة غذائية، بما في ذلك في السودان واليمن ومالي وغزة. ولكسر حلقة الجوع، دعا التقرير إلى الاستثمار في أنظمة الغذاء المحلية. وقال بولسن "تشير الأدلة إلى أن دعم الزراعة المحلية يمكن أن يساعد معظم الناس، بكرامة، وبتكلفة أقل".