
السديس في خطبة عيد الفطر بالمسجد الحرام: انشروا ال...
أدى المسلمون صلاة عيد الفطر في المسجد الحرام وسط أجواء روحانية وإيمانية.
وأمّ المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، الذي أوصى المسلمين بتقوى الله عزّ وجلّ.
وقال فضيلته: 'إن الله تعالى امْتَنَّ عليكم بِبُلُوغِ هذا اليوم السعيد، فافرحوا بعيدكم وابتهجوا، فالفرح بالعيد سُنَّةُ المسلمين، وشعيرةٌ من شعائر الدين، شُرِع في العيد إظهار السرور والأفراح، لا إشهار الأحزان والأتراح، فانشروا السعادة ، وأظهروا الابتسامات، وأشيعوا الحبور والبهجات ، وأجبروا الخواطر، وراعوا المشاعر، ولترفرف رايات الابتهاج على الأُسَرِ والبيوتات، والأسواق والطُّرُقَات، وبَدِّدُوا غَيْمَة الأحْزَان، ورَوِّحُوا الأبدان، ومن تَوَسَّمَ بحُسْنِ زَكَنِهِ سعادةً حقيقية وأمَلَا، واستبشارًا وفَرَحَا أبديا قولاً وعملاً ، تَرَأْرَأَ له مَنْهَلٌ أعذب من ماء البَارِقْ، وأصْفَى من جَنَى النحلِ الوَادِقْ، وما هذا المنهل إلا تلك الجُمَانات النَّيِّرات، من سيرة حَسَنِ الشمائل والصِّفَات، عَاطِرِ النَّفَحات خيرِ البَرِيَّات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عليه أفضل الصلوات وأزكى التحيات، الذي جاءنا بالهُدَي المتلألئ الوضَّاءِ، ففي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان تُغَنِّيَانِ وَتُدَفِّفَانِ ورسول الله ( مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ فَانْتَهَرَهُمَا أبو بكر، فكشف رسول الله ( عَنْ وَجْهِهِ وقال:' دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد'، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:' والله لقد رأيتُ رسول الله ( يقوم على باب حُجْرَتي والحبشة يلعبون بِحِرَابِهِم في مسجد رسول الله ( يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف '.
وخاطب فضيلته المصلين بقوله' وَسِّعُوا على أنفسكم وأولادكم، وأدخلوا السرور على أهلكم وجيرانكم وأقاربكم، وطهروا قلوبكم من الغِلِّ والحِقْدِ والحَسَدِ والكراهية والشَّحْناءِ والبغضاء، وإقبلوا المعذرة، وأقيلوا العثرة، ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا ، وعيد أهل الإسلام عيدُ فَرَحٍ وسرورٍ وصِلَة، وليس عيد قطيعة وضغينة، صِلُوا أرحامكم، وتزاوروا، وتواصلوا مع مَنْ بَعُدَ عنكم بوسائل التواصل الحديثة، فهذا يوم التواصل والتزاور والتراحم، والتصالح والتغافل، اصفحوا عن من زلَّ وأخطأ، واعفوا عن من ظلم وأساء، وهذا يوم الأخوة والترابط والتلاحم، والتعاضد والتراحم، وتِلكم هي الشعيرة التي احْتَفَى بِها الإسلام أيَّمَا احْتِفاءٍ فوَطدَها، وعَزَّزَهَا ووتَّدَها، ألَيْسَت هي عِمَادُ القُوَّةِ والمُنَّة، ونِعْمَتِ النِّعمَةُ والمِنَّة، بعد التوحيد الذي من أجله أُرْسِلَت الرُّسُل وأنزلت الكتب ، وذلك لِمَا يَتَرَتَّبُ عَنِ الاتحادِ، مِن المَحَبَّة والوِدَاد، واستئصال السخائم والأحقاد.
وأشار الشيخ السديس إلى أن العيد شرعه الله لنا بعد عبادة الصوم لنفرح به بعد تمام الصيام وطول القيام، وقد أديتم زكاة الفِطْرِ طَيِّبة بها نفوسكم، وهي طُهرةٌ للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين، قال تعالى: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، وكان من هديه لبس أنه أفضل الثياب، وكان يخرج في العيدين رافعًا صوته بالتهليل والتكبير ، وهذه شريعتنا الغراء، شريعة السماحة والرحمة، والوسطية والاعتدال ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾، إنها النور المتلألئ المشرق.
وأوضح فضيلته أن التهنئة بالعيد تَزِيدُ المودة، وتُوَثِّق المحبة، ويُشرع التهنئة في العيد بقول: تقبل الله مِنَّا ومنكم ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ ( يَوْمَ عِيدٍ فَقُلْتُ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ، فَقَالَ : 'نَعَمْ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ'، مبينًا أن الإسلام دين السَّعَةِ والسَّمَاحة واليُّسْرِ والسهولة، والتسامح والتعايش والحوار والإنسانية، لذا سَطَعَ بُرْهَانُه، ونَجَمَ في العالمين سُلْطَانُه، لأنه حوى غاية السماحة والتيسير ، والبُعد عن التَّعَنُّتِ والتعسير، فأظهروا ذلك بالأقوال والأعمال، كونوا دُعاة صدق بحسن الكلام، وجميل الفِعال، ونشر الأمل والتفاؤل، اقتداءً بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي كان ( يعجبه الفأل الحسن، فعن أنس ( قال: قال رسول الله( : ' ويعجبني الفأل'، قالوا: وما الفأل يا رسول الله، قال: 'الكلمة الطيبة'.
وحث فضيلته المسلمين على عدم هجر الطاعات بعد رمضان، والبعد عن الكسل، والأخذ بأسباب الفلاح والنجاح، من التوكل والجد والاجتهاد، فغوالي الأماني لا تُدْرَك بالتواني، وأنَّى يُدْرِك العوالي الفَدْم العاني، وإن الثبات على الطاعة والتقوى لَمِن علامات قَبُول العمل، وقد روى الإمام مسلم في صحيحه أن النبي ( قال :' من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر'، والحرص على صيامها، والتواصي بذلك، وإيصال الطاعة بالطاعة.
ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام الأخوات الكريمات: بالتخلق بالحجاب بالحياءِ ما استطعْتُنَّ، والتمسك بالعِفَّة والحجاب والاحتشام، وغض البصر ، والتصدق، وأكْثِرْن الاستغفار، ولا تَكْفُرْنَ العَشِير، وكُنَّ خير أعوان لأزواجكن على الطاعة، واجتهدوا في تربية الأولاد وفلذات الأكباد وحَصِّنُوهم من الفتن ، ليواجهوا التحديات والمتغيرات بإيمان راسخ وعزم أكيد، فأنْتُنَّ في الإسلام دُرَرٌ مصونة، وجواهرُ مكنونة، وأنفسُ من اللآلئ.
وذكر الدكتور السديس إن مِنْ منارات الاهتداء، لزوم الثوابت الشرعية، والقيم المرعية، والاعتصام بالوحدة والجماعة، ومَا تقتضِيه مِن السَّمْع والطَّاعَة، وإنَّ الجمَاعة حَبل الله فاعتصِموا مِنه بِعُرْوَتِهِ الوثْقى لِمَن دَانَا، بالجماعة والإمامة يتحقق الأمن والأمان، وهما نعمة ما أعظمها من نعمة، وأكرمها من منحة ومِنَّة.
وأبان أن الله تعالى امتن على بلاد الحرمين الشريفين بنعمة الأمن والأمان، فاستحكام الأمن في البلد الحرام عقيدة راسخة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، وتحقق ذلك، وتأكد منذ عهد التأسيس إلى عهد الإمام الموحِّد، والملك الصالح الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – ، في ظلٍ وارفٍ من راية الاجتماع والائتلاف، ومنأى عن غائلة الفُرقة والخلاف، وفي عصر التطوير والرؤية والحوكمة، والاستدامة والبناء والإعمار والتنمية، وأنسنة الحياة وجودتها، وتحقيق مستهدفاتها على يد شبابها وفتياتها، وتحقيق ولائها وانتمائها؛ تزداد وتزدان مملكتنا الشَّمَّاء بالوحدة والرخاء، والأصالة والمعاصرة، والتقدم والازدهار، وهي التي تتمتع –بفضل الله- بالثِّقَل الإسلامي والعربي والعالمي، والعمق الإستراتيجي والتاريخي، والمكانة الدولية المرموقة، ولله الحمد والمنة ، زادها الله وحدةً وتمسكًا ورخاءً، وحفظ عليها عقيدتها وقيادتها وأمنها واستقرارها، إنه جواد كريم.
وأضاف: 'عباد الله، فَبُشْرَاكم يا من صُمْتُم وقُمْتُم، بُشراكم يا من تهجَّدْتُم وتَصَدَّقْتُم ، فقد زال التَّعَبُ والنَّصَبُ وثبتَ الأجر إن شاء الله، فهذا يوم الجوائز، ومن فضل الله على بلادنا ما شرفها الله به من خدمة الحرمين الشريفين، وما نَعِمَ به المعتمرون والقاصدون من أجواءٍ إيمانية عظيمة، وخدمات مميزة جليلة، فلله الحمد والشكر، وجزى الله خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين خير الجزاء وأوفاه على جهودهم العظيمة في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، ومناصرة قضايا الإسلام والمسلمين؛ وعلى رأسها قضية فلسطين والأقصى، والسعي في إحلال الأمن الدولي والسلام العالمي'.
ودعا فضيلته بأن يتقبل الله مِنَّا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنتم تنعمون بالخيرات والمسرات في أمن وأمان وسكينة واطمئنان.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الحدث
منذ 17 دقائق
- الحدث
الشؤون الإسلامية تقيم صلاة الجمعة في 849 جامعًا ومسجدًا داخل حدود الحرم
أقامت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، ممثلة بفرعها في منطقة مكة المكرمة، صلاة الجمعة اليوم، في (849) جامعًا ومسجدًا داخل حدود الحرم، وذلك ضمن خطة الوزارة لموسم حج 1446هـ، حيث تجاوز عدد المصلين حاجز مليون مصلٍ في مشهد إيماني مهيب، يعكس الجهود المبذولة في تهيئة بيوت الله لأداء هذه الشعيرة المباركة.ونفذت الوزارة خطة متكاملة شملت أعمال النظافة، والفرش، والصيانة، والتكييف، وأنظمة الصوتيات والإنارة، حيث شهدت المساجد انسيابية في الدخول والخروج، وتنظيمًا ميدانيًا محكمًا، بمشاركة فرق إشرافية ومراقبين ميدانيين، تابعوا على مدار اليوم أداء الخدمات ورفع الملاحظات التشغيلية، لضمان تقديم أفضل مستوى من العناية والجاهزية. كما شارك عدد من المتطوعين في أعمال الترتيب والتنسيق داخل المساجد، وتطيبيها، وتنظيم الصفوف، في صورة تعكس روح التعاون المجتمعي وتعظيم شعائر الله. وتزامنت هذه الشعيرة مع توافد جموع الحجاج إلى مكة المكرمة لأداء مناسكهم، ما يبرز أهمية هذه الجهود التنظيمية، ويجسد التزام الوزارة في مواكبة متطلبات الموسم، وتأكيد دورها الفاعل في خدمة ضيوف الرحمن، وفق توجيهات القيادة الرشيدة -أيدها الله- التي تضع راحة الحجاج في مقدمة أولوياتها.


حضرموت نت
منذ ساعة واحدة
- حضرموت نت
اخبار السعودية : "سبق" ترصد صورة مُشرفة لبراعم كشافة "تعليم الطائف" في خدمة الحجاج
استقبلت براعم كشافة الإدارة العامة للتعليم في الطائف الحجاج بالورود والهدايا، وبابتسامات مليئة بالحب والعطاء في ميقات وادي محرم، بالإضافة إلى تطوع 60 كشافاً من الإدارة العامة للتعليم بالطائف لخدمة الحجاج في المشاعر المقدسة خلال موسم حج 1446هـ، وكذلك الترحيب بهم بالورود وتقديم الخدمة التطوعية باستقبال كبار السن الحجاج وإرشادهم، وذلك في إطار تأصيل روح العمل التطوعي لخدمة ضيوف الرحمن في نفوس الكشافين وفق رؤية 2030. ومن جهته، نوّه المدير العام للتعليم بالطائف، الدكتور سعيد بن عبدالله الغامدي بالجهود الكبيرة التي تُقدّمها كشافة تعليم الطائف في خدمة ضيوف الرحمن، والأعمال التطوعية الكبيرة التي يقدمونها؛ وذلك تنفيذاً لتوجهات وزارة التعليم، في تعزيز المشاركة بالمناسبات التي تعكس قِيَم المجتمع؛ مشيراً إلى أن خدمة ضيوف الرحمن شَرَفٌ لكل مواطن، في تقديم الأعمال التطوعية. وأكد الدكتور 'الغامدي' على الدور الفاعل للكشافة في تأصيل العمل التطوعي، وإظهار الصورة المشرقة لأبناء الوطن في خدمة الحجاج، مُقدماً شكره وتقديره لجميع المشاركين من البنين والبنات الذين نذروا وقتهم وبذلوا جهدهم لخدمة الحجيج، وداعياً الله لهم بالتوفيق والسداد. ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.


صحيفة عاجل
منذ ساعة واحدة
- صحيفة عاجل
"الإخبارية": جميع الطرق المؤدية إلى مشعر عرفات مجهزة بالإنارة والتشجير
قال مراسل قناة "الإخبارية" خالد الربعي، إن جميع الطرق المؤدية إلى مشعر عرفات مجهزة بالإنارة والتشجير، وفي كل 500 متر توجد محطة خدمات. وأضاف مراسل قناة "الإخبارية"، أن أطول طريق مشاة الذي ينطلق من مشعر عرفات إلى منى مجهز أيضًا بجميع التجهيزات. مراسل #الإخبارية خالد الربعي : جميع الطرق المؤدية إلى مشعر عرفات مجهزة بالإنارة والتشجير وفي كل 500 متر توجد محطة #نشرة_النهار | #الحج_عبر_الإخبارية — قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) May 23, 2025 وأشار مراسل "الإخبارية" طارق المزهود، إلى وجود أكثر من 12 محطة وقود بين الدمام والرياض تقدم خدمات متكاملة وجاهزية تامة لخدمة واستقبال حجاج بيت الله الحرام، مع انطلاق رحلتهم برا إلى مكة ومرورهم بالمحطات. مراسل #الإخبارية طارق المزهود: أكثر من 12 محطة وقود بين الدمام والرياض تقدم خدمات متكاملة وجاهزية تامة لخدمة واستقبال حجاج بيت الله الحرام، مع انطلاق رحلتهم برا إلى مكة ومرورهم بالمحطات #برنامج_120 | #الحج_عبر_الإخبارية — قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) May 23, 2025