logo
عندما يحكم العالم غبي …

عندما يحكم العالم غبي …

الشاهين٢١-٠٤-٢٠٢٥

إبراهيم أبو حويله…
يقف الغرب اليوم على مفترق طرق بما يتعلق بالإنسان…
هو حائر لا يعرف ما هو الصواب ، ولكنه يريد أن يفرض حياته وحيرته على ما فيها ، على هذا العالم …
هو يرى نفسه وصيا على هذه البشرية التي لا تعرف طريقها…
وكيف لا.. وهو من أفنى أجناسا من البشر أو كاد يفنيها ، هنود حمر ، شعب استراليا الأصلي وكذا نيوزلاندا، ومن قبل ذلك شعوب أمريكا الجنوبية فقدت تسعين بالمائة من سكانها حين غزاها الرجل الأبيض بأمراضه وجراثيمه وفيروساته، بل حتى هو دفع ثمنا بالغا لهذه الأعراض التي يعاني منها ، وتلك الرؤى التي يريد فرضها على هذا العالم ، فقد خسرت أوروبا عشرة ملايين في الحرب العالمية الأولى وقرابة ستين مليونا قي الحرب العالمية الثانية …
يقول الكواكبي إن الثورات تحدث بسبب عموم الإحساس بالظلم ، وفي قصيدة رائعة لإيليا أبو ماضي يصيب الضيق حجر في السد وينزعج من مكانه ويشعر بالملل ويقرر ترك هذا المكان والرحيل وتحدث الكارثة .
ويبدو أن الكارثة تحدث بين الغباء والملل !!!
جورج الثالث كان غبيا بإمتياز فبعد خسارة أموال خزينته في الحرب مع فرنسا، قرر فرض ضرائب على المستعمرات البريطانية ومنها امريكا، لأنه لا يستطيع فرض ضرائب على الشعب البريطاني بدون موافقة البرلمان وذلك بسبب الحرب التي حدثت بين البرلمان والملك وخسر فيها تشارلز الاول واعدم ، طبعا هذه الضرائب بصورة طوابع على الوثائق الصادرة من لندن وعلى الشاي وعلى الأخشاب وعلي الكثيرمن الأمور الأخرى .
تشارلز الأول هذا هو الذي أوقع بريطانيا في الحرب الأهلية والتي استمرت قرابة ٤٦ عاما ودفع الثمن رأسه في بدايتها ، وحكم البرلمان حتى استطاع فيليب ذا اورانج عقد المصالحة وإعادة الملكية بعد هذه الفوضى وهذه النتيجة.
ولكن ما الذي حدث مع جورج ؟
حاولت الولايات الأمريكية الموجودة على الشريط الساحلي وعددها ثلاثة عشر ولاية رفض الضرائب فرفض ، ثم حاولت التفاوض على وجود تمثيل في البرلمان في لندن فرفض ، وبعدها ظهر شعار لا ضرائب بدون تمثيل، بعدها أعلنوا استقلالهم وحدثت الحرب ثلاثة عشر عاما خسر فيها جورج الثالث واستقلت أمريكا .
للمصادفة كانت المغرب أو دولة تعترف بأمريكا ، حفظت أمريكا لها ذلك طبعا، ودعمت فرنسا الثورة الأمريكية بكل ما تستطيع، فهي عدوة بريطانيا اللدودة، وخسرت بريطانيا بعدها أغنى مستعمراتها وهي أمريكا.
لويس السادس عشر كما قلنا كان أكبر داعم للثورة الأمريكية وافرغ خزائنه فعليا في سبيل دعمها، ثم أراد فرض ضرائب جديدة على الشعب الفرنسي الذي يراقب ما حدث في انجلترا مع الملك منذ مائة عام، بعد خسارة تشارلز ورضوخ الملكية البريطانية لأمر الملكية الدستورية .
على الجهة الأخرى من المانش الفرنسيون يراقبون وكان وضع الملك لويس السادس عشر شبيه بوضع جورج الثالث، ولكنه لم يستوعب الدرس الذي حدث مع جورج ولم يدرك الفرصة الضائعة، فدعا إلى عقد البرلمان ليفرض ضرائب جديدة، وكان البرلمان الفرنسي ثلثه من النبلاء يعينهم الملك والثلث الأخر لرجال الدين يعينهم الملك وثلث يتم انتخابه من قبل الشعب فالملك يملك الثلثين فعليا .
الثورة الفرنسية كانت بخلاف الثورة الإنجليزية والامريكية ليست صراع طبقات ومصالح، ولكن كانت ثورة اجتماعية ، ثورة جياع بين قوسين ضد الطبقات الغنية ، حتى أن النساء الفقيرات والفلاحات سرن عشرات الكيلومترات لاقتحام قصر فرساي بأدوات زراعية من أجل الخبز .
كان الطلب واحدا ملكية دستورية، ولكن لويس كان يضمر شرا ، وتداعت جيوش الملكيات الاوروبية للدفاع عن الملكية الفرنسية ضد ثورة الشعب ولا أدري بما يذكرني هذا، ولكن تم القبض على لويس السادس عشر وهو في طريقه هو وماري انطوانيت إلى النمسا، لتستنجد باخيها الملك ويرسل معهما جيش لقمع الثوار ، وتم اعدامهما كما نعلم جميعا.
ودخلت فرنسا في نفق مظلم من صراع المصالح والأشخاص والطبقات، حتى جاء نابليون بعد عشر سنين وفي احتفال مهيب حضره البابا عين نفسه امبراطورا ،كالمستجير من الرمضاء بالنار ايها الشعب الفرنسي ، وبعدها شن نابليون حربا على كل ملوك أوروبا ودفع الملوك ثمن وقوفهم مع لويس ، ودخلت أوروبا كلها في الحرب وفرص ضائعة .
وبعدها خسر نابليون وأصبح سجينا في سانت هلينا كما هو معلوم، وتم تعيين أخو الملك وغيره، واحتاجت الثورة الفرنسية إلى ٨١ عاما لتدخل في الإستقرار وفرص ضائعة .
في روسيا كان نيكلوس الثاني اخر ملوك روسيا يفرط في الفرصة الضائعة حيث أن الشعب كان يريد فقط ملكية دستورية ضمن طموحات كلينسكي ولكنه رفض ، فجاءت الثورة البلشفية وجاء لينين وخسر كل شيء وعائلته أيضا في يوم واحد كما هو معلوم .
وفي إيران كان الشعب يبحث عن فرصة ، والفرصة الضائعة كانت هنا للأسرة القاجارية من أصول افغانية هي الحاكمة ، وتأثر فقيه إيراني الطبطبائي بكتاب الكواكبي طبائع الاستبداد وترجمه احد طلابه إلى الفارسية ، وبدأت ملامح الثورة ، فقام الملك رضا شاه في نهاية الأمر بعقد إتفاق مع الثوار الايرانيين بحكم ملكي دستوري واصلاحات دستورية ، ولكن حدث أن توفى الملك واستلم الإبن الذي ألغى كل الإصلاحات ودفع عرشه بعد ذلك الثمن، على يد الثائر الذي سيصبح ملكا وينجب ابن ولا يتعلم ابنه من الدرس، رضا البهلوي استلم السلطة بما يشبه الانقلاب العسكري .
ودخلت إيران بعدها بعشرين عاما تحت حكم العائلة البهلوية واستمرت في الحكم الى سبعينيات القرن الماضي وسقطت على يد الخمينئي كما نعلم .
الفرصة التي اضاعتها الأسرة القاجارية والبهلوية بعدها في التحول السلمي أضاعت حكم فيه إعتدال، واضاعت فقه كان يصوغ مذهب شيعي فيه إعتدال، ويعطي الولاية للشعب بدل الفقيه.
ودفع الملوك والشعوب ثمن هذه الفرص الضائعة.
كلينسكي وتدرجه ولينين وعنفه، ومن رفض إصلاحات لافييت الفرنسي حصل على دموية روبسبير .
يبدو أن التاريخ كما قال هيجل دورة ولكن من يتعض .
ومع ذلك يريد هذا الإنسان أن يحمل الإنسانية على ما يرى أنه صواب …
فقد أغرق العالم اليوم بالصور لما يتخيل أنه المستقبل أو الحل ، ولكنه في الحقيقة لم يكن يملك في يوم حلا ، بل حتى أفكاره ومعتقداته يدين بها للإنسان الشرقي …
عفوا أيها الغربي ، ربما تعجبني طريقتك وإختراعاتك وعلمك ، ولكنك لا تملك أن تكون قائدا في هذه الحياة لأنك لا ترى إلا نفسك …
وتبقى الصورة المقابلة لهذه الصورة هي ما نراه اليوم من أشباه البشر ، ذلك الذي يتبع شهوة هنا وإنحراف هناك ، وفكرة صبيانية او شعورا بالتفوق او عنصرية بصورة حضارية …
وللأسف غرق الشرق أيضا في كثير من هذه الأمراض ،وابتعد عما يصلح شأنه وهي الأخلاق وتطبيقها ، وإن كان يدعي أنه بريء من هذه الامراض ولكنه عمليا غارق فيها …
نعم لقد إستطاع الغرب ان ينجح في بعض المساقات بل تميز فيها ، فهو نجح في نظام الحكم وأن يكون الرئيس تابعا وأمره بيد شعبه حتى لا يستبد بهم بل هم من يتولى أمره….
ونجح في العلوم والصناعة والزراعة أيضا ، ولكنه فشل فشلا ذريعا في قيادة الإنسانية إلى برّ الأمان..
وهذا هو الفرق بين من يتولى أمر الناس ليقوم بخدمتهم ويحرص على منفعتهم ويرفع شأنهم …
وبين من يتولى أمرهم ليقوم الناس بخدمته هو وبقائه هو !!!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محمد يونس العبادي : البيعة الذهبية ولحظة الاستقلال
محمد يونس العبادي : البيعة الذهبية ولحظة الاستقلال

أخبارنا

timeمنذ يوم واحد

  • أخبارنا

محمد يونس العبادي : البيعة الذهبية ولحظة الاستقلال

أخبارنا : في الخامس والعشرين من عام ألف وتسعمائة وستة وأربعين؛ أعلن الاستقلال الكامل والناجز للبلاد الأردنية، في لحظة فارقة جاءت بعد نحو ربع قرن من التأسيس، وفي وقت كانت فيه دول الجوار تسعى لتكريس وجودها، وكان العالم يتغير مغادرا مرحلة الحرب العالمية الثانية. كانت اللحظة أردنية بامتياز، ووضع الأردن ذاته الجديدة المتمتعة بحرية قراره وسيادته، كعنوان كبير، وظل مستمسكا بما تأسس عليه من عناوين عروبية. يومها استهلّ الاحتفال بالقرار بدعوة المجلس التشريعي، وتقرر أن ترفع الأعلام على المؤسسات الرسمية، وتعطيل الدوائر الرسمية والمدارس ثلاثة أيام مدة فعاليات الاحتفال بهذه المناسبة التاريخية. وتضمن اليوم الأول، مراسم هامة، بينها مراسم قاعة العرش، والتي بدأت أعمالها عقب الانتهاء من إعلان قرار المجلس على الجمهور، حيث "تتوجه هيئة الوزارة وكامل أعضاء المجلس التشريعي إلى القصر الملكي، ويحملون وثيقة البيعة، في سجلها الذهبي لتقدم إلى جلالة الملك حسب مراسم". وجرت هذه المراسم، باستلام الملك المؤسس، لوثيقة البيعة، إذ تذكر الوثائق أنه "في الساعة العاشرة والدقيقة الخامسة والأربعين، يتشرف جلالة الملك من داخل القصر (قاعة العرش) يحف به أصحاب السمو الأمراء وكبار رجال القصر فيقف الحاضرون في الحال تعزف الموسيقى العسكرية السلام الملكي، ثم يهتف فخامة رئيس المجلس التشريعي (يعيش جلالة الملك) ثلاثاً". ويتبع هذه المراسم، بأنه "يجلس جلالة الملك على الأريكة الملكية، ويقف فخامة رئيس المجلس التشريعي حاملاً "سجل البيعة الذهبي" متوجهاً بعد التحية الرسمية إلى حضرة صاحب الجلالة الملك، بكلمة المجلس، مهنئاً ومعلناً غبطة البلاد الأردنية والأمة العربية بهذا اليوم التاريخي. كما تضمنت المراسم، استلام الملك المؤسس، وثيقة البيعة الذهبية، "ثم يتناوله من يده الكريمة سماحة رئيس الديوان الملكي". لقد ربط الملك المؤسس، عبر هذا الإعلان بذات تاريخ الاستقلال الأول، الماضي بالحاضر، وتطلع بعد هذا الاستقلال إلى إكمال رسالته برفع شعار مشروع سوريا الكبرى، والهلال الخصيب، وكانت وحدة الضفتين مقدمة لمشروعه الواسع. لذا، فقد تطلعت إليه المنطقة العربية وشعوبها كرمزٍ للقيادة العربية القادرة على حمل عبء الوحدة، وتحقيق آمال الوحدة، وتحرير الإنسان العربي. وفي ذلك الزمان، كانت المنطقة العربية تعاني من غياب القيادات القومية القوية، والفاعلة، والتي تملك مشروعاً، إذ طغت سمة الزعامات المحلية وشيوخ العشائر، وكان الملك المؤسس يعبر عن نموذجٍ مختلف صاحب مشروع كبير، وهذا ما يمكن قراءته في برقيات التهنئة بالاستقلال من مختلف الأقطار العربية. أوجد الأردن حضوره كدولة عظيمة في إقليمه لها وزنها ودورها ورسالتها، وكانت مراسم الاحتفال تعبيرا عن هذا السعي، الذي استمرّت أدواره على مدار عقود وحتى اليوم. ــ الراي

الغرب وتجويع غزة
الغرب وتجويع غزة

السوسنة

timeمنذ 2 أيام

  • السوسنة

الغرب وتجويع غزة

مع استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية والتي أطلق الجيش الإسرائيلي عليها اسم عربات جدعون على قطاع غزة، واستمرار منع دخول المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية للشهر الثالث على التوالي وإنقاذ الأهالي هناك، تتعالى أصوات المنظمات والهيئات الدولية الإغاثية والأممية ضرورة ادخال ما يحتاجه القطاع من طعام ودواء، و مع بدء ارتفاع وتيرة الاحتجاج الأوروبي على سياسة التجويع التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي على السكان في القطاع، والخوف من كارثة إنسانية وشيكة تودي بحياة الآلاف، اتخذت خطوة غير متوقعة حيث عقد نتنياهو اجتماعا أمنيا للكابينت الحكومي، أقر بموجبه ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة عاجلاً وبشكل فوري رغم عدم تصويت العديد من الوزراء على المقترح، كانت حجة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بأن قطع الغذاء عن غزة قد يضر بمساعدة الحلفاء الغربيين للكيان المحتل لتحقيق "النصر" في الحرب التي يشنها على غزة. ازدياد وتيرة استهجان بعض نواب البرلمانات الأوروبية و الاحتجاجات الشعبية في أوروبا من وحي الأوضاع المأساوية في قطاع غزة، و اشتداد ضغطها على حكوماتها للعمل بشكل جدي وحثيث لرفع الحصار عن غزة، ووقف الحرب والدفع نحو إدخال المساعدات الإنسانية، بدأ تحرك خجول من بعض المسؤولين الغربيين، وهذا ما شاهدناه من انتقاد لاذع وقوي من قبل رئيس وزراء إسبانيا في اجتماع القمة العربية في بغداد، ورفض وزيرة الخارجية الألمانية موقف نتنياهو في منع دخول المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية للقطاع، وتصريح رئيس وزراء بريطانيا كيم ستارمر "بأن الوضع في غزة غير مقبول ولا يطاق"، بالرغم من كل تلك التصريحات، و إلغاء زيارة نائب ترمب فانس للكيان المحتل، بسبب إصرار حكومة نتنياهو على توسعة العملية العسكرية (عربات جدعون). في وقت سابق أحجم الرئيس الأمريكي ترمب عن زيارته "لإسرائيل" أثناء جولته الخليجية، لكن لا تزال مواقف الحكومات الغربية لا ترقى إلى مستوى لجم نتنياهو وحكومته المتطرفة عن الممارسات الوحشية واللإنسانية التي يمارسها بحق أهالي قطاع غزة، فالتاريخ لا يمحى من ذاكرته كيف ستقوم أوروبا في تحدي "إسرائيل" وهي من أنشأت دولتها، وتسببت في عقود من المعاناة والعذاب والتهجير للشعب العربي الفلسطيني، وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة و في المعسكر الشرقي الاتحاد السوفيتي السابق، وإلى هذه اللحظة لا يزال الدعم الأوروبي والأمريكي لم ينقطع، ويستمر هذا التحالف في إمداد الكيان المحتل بالأسلحة والعتاد العسكري، من طائرات وصواريخ و قنابل تزن أطنانا والمسيرات، ناهيك عن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والأوروبية القابعة في غلاف غزة، للحصول على أي معلومات قد تحدث اختراقا وتستعيد الأسرى الإسرائيليين من أيدي المقاومة و القضاء عليها. أوروبا تدعي الحرية والعدالة والمساواة، و في الواقع هي أول من يلقي بها إذا ما تعلق الأمر "بإسرائيل"، ونسيت أو تناست أوروبا أنها تعرضت لمعاناة الاجتياح الألماني لأراضيها في الحرب العالمية الأولى والثانية، واحتل هتلر نصف أوروبا وزحفت جحافله إلى عواصمهم نصرا يعقبه نصر، و في مفارقة مخزية تماطل أوروبا في الضغط على الكيان الصهيوني لإنهاء الحرب على غزة، وأهالي غزة صابرون محتسبون منذ أكثر من عام ونصف ولم يعرفوا الاستسلام، و للعلم أن الدنمارك استسلمت للجيش الألماني بعد ٦ ساعات، يوغوسلافيا بعد ١١ يوماً وهولندا استسلمت بعد ٥ أيام واليونان بعد ٦٠ يوماً وفرنسا بعد مضي ٤٢ يوماً أعلنت استسلامها للجيش الألماني ونحن نتحدث عن أكبر وأقوى الدول الأوروبية، فهذا جدير بأن يتوقف المرء ويفكر بعظمة صمود أهل غزة والتي تخفي خلفها معاناة لا يحتملها بشر... لكنهم بشر ويجب إنقاذهم. لك الله يا غزة...فانقذ يا الله شعب غزة.

جولة ترامب .. الرابحون والخاسرون
جولة ترامب .. الرابحون والخاسرون

عمون

timeمنذ 3 أيام

  • عمون

جولة ترامب .. الرابحون والخاسرون

اسُتقبل الرئيس الاميركي بحرارة وحفاوة اكثر من تلك التي استقبل فيها في ولايته الاولى عندما زار السعودية ودول الخليج عام 2017، وهذه الحفاوة هي نتيجة طبيعية (لتحالف النفط والقوة) الذي ابتدأ بين واشنطن والسعودية واستكمل لاحقا بين واشنطن وبقية دول الخليج العربي، فلقد وضعت البذور الاولى لهذا التحالف عام 1945 في اللقاء التاريخي بين الملك عبدالعزيز آل سعود مع الرئيس الاميركي فرانكلين روزفلت المنتصر وقتذاك في الحرب العالمية الثانية في البحيرات المُرة في قناة السويس على ظهر المدمرة الاميركية «كوينسي»، في ذلك الوقت ل? تكن «اسرائيل» موجودة على الخارطة لا السياسية ولا الجغرافية. اعتقد ان ترامب في ولايته الاولى واليوم في ولايته الثانية يعيد من حيث يدري او لا يدري هذا التحالف التاريخي ولكن في ظروف مختلفة اصبحت فيها «اسرائيل» لاعبا رئيسيا في الشرق الاوسط، لاعباً تضخم حجمه وتحديدا في العقد الاخير وبعدما احكم اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو سيطرته على دولة الاحتلال، ففي هذا العقد كبل اليمين الاسرائيلي وهو «الابن الضال» كبل «الاب الاميركي» العجوز العاجز والضعيف امامه على الرغم من ان «دولة الاحتلال» تعد وبالحسابات سواء المالية او العسكرية او الامنية او حتى الاخلاقية عبئا كبيرا على واشنطن. وبالعودة لجولة ترامب في المنطقة نجد ان اسرائيل ليست من بين الرابحين في هذه الجولة الترامبية ولكنها وبحكم العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن لم تكن من الخاسرين مثلما هو حال الشعب الفلسطيني الذي وبمجرد دخول طائرة ترامب اجواء المنطقة اوعز نتنياهو لقادة جيشه النازي بزيادة القصف والتدمير في غزة بوتيرة غير مسبوقة وذلك لايصال رسالة لترامب مفادها انا لست (طوع يمينك) والدم الفلسطيني ليس محرما لدي ولن تستطيع ان تحرمه عليّ، والمقال كتب وترامب ومبعوثه للشرق الاوسط ستيف ويتكوف كانا قد غادرا المنطقة دون ادنى جهد باتجاه وقف?المجازر بحق الغزيين ولا حتى لساعة واحدة باستثناء تلك الساعة التى تمت خلالها عملية الافراج عن الرهينة الاميركي عيدان الكسندر. الاشقاء في الخليج كانوا هم هدف ترامب من هذه الجولة وبالتأكيد هم اكبر الرابحين وعقدوا صفقات ترليونية مع واشنطن في قطاعات استثمارية مهمة كالطاقة والذكاء الصناعي والتسليح العسكري وغيرها من القطاعات وهي لا تشكل خسارة لهم باي حال من الاحوال لانها ستعود عليهم بعوائد مالية مربحة بالاضافة الى نفوذ سياسي في العاصمة واشنطن ويمكن ان تم من اليوم التفكير الجدي لهذه الدول بتنظيم هذا النفوذ المالي ببنائه على اسس سياسية «لخدمة العرب ومصالحهم في ظل عالم يتصارع بصورة وحشية، يمكن له ان يكون اكثر قوة وباضعاف من اللوبي الصهيون? الذي مازال يهيمن على الجالس في المكتب البيضاوي. بكل تأكيد ان اكبر الرابحين هي تركيا وبالمعية معها هو احمد الشرع والنظام الجديد الذي يتأسس في سوريا، وهنا من المهم ان ننتبه الى التحول الكبير في شكل الشرق الاوسط الذي اخذ يشكله طرفان اقليميان رئيسيان وهما السعودية وتركيا في ظل وجود الرئيس ترامب الداعم لهما (ليس الشرق الاوسط الذي تحدث عنه نتنياهو بتبجح ولم ير النور)، ومن المهم التوقف هنا عند التحول الكبير في العلاقة بين الرياض وانقرة بعد سبع سنوات، ومن المهم ان ننتبه الى المفارقة الكبري في موضوع احمد الشرع شخصياً وتنظيمه السياسي وكيف كان احمد الشرع وبتسميته ?ابو محمد الجولاني» وزعيم جبهة النصرة ثم رئيس هيئة تحرير الشام والذي كان مطلوبا لواشنطن وبمكافأة مالية قدرها 10 ملايين دولار من قبل واشنطن الى شخص مهم يجلس مع دونالد ترامب لمدة عشرين دقيقة على هامش القمة الخليجية – الاميركية ويصفه ترامب بانه شخص لطيف ورجل قوي ووعده برفع العقوبات عن سوريا. بالنسبة لنا في الاردن لم نربح من هذه الجولة هذا صحيح ولكننا لم نخسر، غير ان الاهم لنا الآن هو «تحسس» واقعنا الجيوسياسي بعد هذه الجولة الترامبية والتى تستدعي منا استنهاض مصالحنا الوطنية العليا وعزيز وحدتنا الوطنية باتجاه ان تكون وحدتنا الوطنية هي القلعة المنيعة في وجه التهجير والوطن البديل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store