
واشنطن وحلفاؤها بالمنطقة يدعون لـ"هدن إنسانية" في السودان
وبينما طالبت المجموعة، في بيان مشترك، باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين، أكدت ضرورة الاحترام الكامل للقانون الإنساني، بما في ذلك الالتزامات بحماية المدنيين، ومنهم العاملون في مجال المساعدات ومبانيهم وأصولهم.
كما شدد البيان الذي انضمت إليه سويسرا والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ، على السماح بوصول المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عوائق إلى جميع المحتاجين وتسهيلها.
وتضم المجموعة إلى جانب الولايات المتحدة، مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة ودولا أخرى تحت ما يُعرَف باسم "متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان".
وفي السياق، أعلنت "شبكة أطباء السودان"، اليوم الأربعاء، مقتل 7 مواطنين بينهم طفلان، وإصابة 13 آخرين جراء هجوم شنته قوات "الدعم السريع" على قرية "الغبشان المرامرة" بولاية شمال كردفان (جنوب).
وقالت الشبكة المستقلة، في بيان، إن قوات الدعم السريع نفذت هجوما "وحشيا" على القرية الثلاثاء، و"نهبت ممتلكات الأهالي وأموالهم، وأحرقت عددا من المنازل والمركز الصحي الوحيد في القرية، وسرقت الأدوية الطبية الموجودة فيه".
وأكدت الشبكة أن "هذه الجريمة تمثل امتدادا لسلسلة القتل الممنهج"، الذي تمارسه قوات الدعم السريع بحق المدنيين في مناطق سيطرتها، مطالبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن بالضغط على قيادة هذه القوات لوقف الانتهاكات ضد المدنيين العزل.
وفي الآونة الأخيرة تشهد ولايات "شمال وغرب وجنوب" كردفان، معارك عنيفة بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع"، بغرض السيطرة على الولايات الثلاث.
ويخوض الجيش و"قوات الدعم السريع" التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، منذ أبريل/نيسان 2023 حربا دموية ومدمرة، لم تتمكن وساطات إقليمية ودولية حتى الآن من إنهائها.
وخلّفت الحرب أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 21 دقائق
- الجزيرة
خير الدين بربروس.. القائد البحري الذي أعاد قوة المسلمين إلى البحر المتوسط
أدّى الإخوة أبناء بربروس في تاريخ الدولة العثمانية وشمال أفريقيا في القرن السادس عشر دورا عظيما في حماية مسلمي الجزائر وتونس بل ومسلمي الأندلس المضطهدين. كما أدّى خير الدين دورا كبيرا في تنمية وتطوير البحرية العثمانية وزيادة نفوذها في غرب البحر المتوسط في وقت كان الإسبان والبرتغاليون والإيطاليون فيه يحتلون مدن تونس والمغرب والجزائر فضلا عن اضطهادهم للموريسكيين في الأندلس، لذا كان ظهور الإخوة أبناء بربروس بمثابة طوق النجاة للمسلمين في تلك المرحلة الحرجة. ولد خير الدين، تقديريا، في جزيرة ميديللي عام 1478م، ونشأ في أسرة بحرية كان والدها من فرسان الدولة العثمانية، وله ثلاثة إخوة هم إسحاق وعروج وإلياس، وتلقى تعليما دينيا في صغره، ورافق أخاه عروج في التجارة بين الجزر العثمانية، ثم في أعمال البحر والتنقل بسفن صغيرة لجلب البضائع، وقد ظهرت ميولهما البحرية في سن مبكرة، وكانت ميديللي في بحر إيجة قاعدة انطلاقهما نحو عالم البحر والسياسة. الانطلاق صوب تونس تعرض الأخوان لتجارب قاسية في بداية حياتهما البحرية، إذ قُتل إلياس أثناء اشتباك مع فرسان رودس، وأُسر عروج واقتيد إلى الجزيرة نفسها وبعد فترة من العذاب استطاع الهروب واستأنف نشاطه من الإسكندرية حيث التحق بخدمة السلطان المملوكي قانصوه الغوري، ثم بالأمير العثماني قورقود الذي أهداه سفينتين ودعمه في مهمته لمساعدة مسلمي الأندلس. ولكن مع صعود السلطان سليم الأول إلى حكم الدولة العثمانية اضطر عروج إلى مغادرة الأناضول متجها إلى شمال أفريقيا، حيث بدأت المرحلة الجديدة من مسيرته هو وشقيقه خير الدين، في مواجهة الإسبان والإيطاليين الذين كانوا يحتلون المدن الإسلامية في شمال أفريقيا، ويعملون في القرصنة والهجوم على سفن المسلمين المختلفة. ولهذا قرر الأخَوان الانتقال إلى العاصمة التونسية للتوسع في العمل البحري، فدخلا على السلطان الحفصي أبي عبد الله محمد المتوكل، وطلبا منه الإذن في استخدام ميناء حلق الوادي قاعدة لانطلاقهما مقابل نسبة من الغنائم، وقد وافق السلطان على العرض ومنحهما تسهيلات في الميناء، مما مكّنهما من تثبيت نفوذهما في نقطة إستراتيجية على الحوض الغربي للبحر المتوسط، قريبة من السواحل الأوروبية الكبرى. أمضى الأخوان ومن رافقهم من البحارة شتاء 1513-1514 في حلق الوادي، ثم بدؤوا غزوات جديدة في الربيع شملت جزيرة سردانيا، حيث استولوا على سفينة تحمل مئة وخمسين أسيرا، ثم سفينة أخرى محملة بالقمح، وسفينتين إضافيتين تحملان موادّ غذائية ومعدنية، وعادوا إلى قاعدتهم، وتشير بعض المصادر إلى أنهم استولوا كذلك على سفينتين كبيرتين تابعتين للبابا يوليوس الثاني، مما ساهم في تعزيز سمعة عروج في الأوساط الأوروبية. هذه النجاحات العسكرية والبحرية رفعت من شأن الأخوين، ورسّخت حضورهما بوصفهما قوة بحرية ناشئة في غرب المتوسط، وقد ساعد موقع تونس الإستراتيجي ومرونة الدولة الحفصية في توفير بيئة مواتية لانطلاق مشروعهما البحري، الذي سيشكل لاحقا بداية النفوذ العثماني في شمال أفريقيا، ومواجهة النفوذ الإسباني والبابوي في تلك المرحلة الحاسمة من تاريخ المتوسط. بعد أن أمضى الأخوان شتاء عام 1513 في تونس، انطلقا في ربيع العام التالي نحو نابولي في جنوب إيطاليا حيث خاضا مواجهة بحرية كبيرة ضد سفينة إسبانية ضخمة كانت تقل مئات الجنود، وأسفرت عن نصر بحري كبير رغم الخسائر البشرية في صفوفهم، وقد غنم الأخوان السفينة وعادا بها إلى تونس. لكن هذا الانتصار أثار حنق الإسبان، الذين أرسلوا أسطولا من عشر سفن لاعتراضهما، فاندلعت مناوشات بحرية عنيفة قبالة سواحل بجاية انتهت بسيطرة الأخوين على أربع سفن وفرار الباقي، غير أن الخلاف دبّ بين عروج وخير الدين بشأن مهاجمة المدينة، حيث فضّل الأول التوسع البري، بينما آثر الآخر الاكتفاء بما تحقق. في ربيع عام 1515 انطلق ابنا بربروس ومن معهم من تونس في حملة بحرية واسعة شملت سواحل صقلية، حيث نفذوا عدة عمليات بحرية واستولوا على سفن إسبانية محمّلة بالبضائع والعتاد الحربي، ولم تكن هذه التحركات مجرد أعمال بحرية منعزلة، بل جاءت ضمن إستراتيجية أوسع لإضعاف النفوذ الإسباني وحماية مسلمي الأندلس الذين كانوا يتعرضون لاضطهاد وحشي بعد سقوط غرناطة ، وهو ما عبّر عنه خير الدين بربروس في مذكراته، مشيرا إلى مآسي المساجد السرية تحت الأرض، ومعاناة المسلمين تحت نير محاكم التفتيش. وبعدما اشتدت شوكتهم واستقلّوا بقوتهم في تونس، سعوا إلى التقرب من الدولة العثمانية وقد أرسل خير الدين بربروس إلى إسطنبول رسالة وهدايا إلى السلطان العثماني، فاستقبلها بحفاوة وأرسل بدوره دعمًا عسكريا وسفنا للإخوة البحارة، ولا شك أن هذا اللقاء مثّل لحظة مفصلية إذ أعاد تثبيت العلاقة بين القادة البحريين في شمال أفريقيا والباب العالي الأمر الذي أثار مخاوف السلطان الحفصي في تونس. سنوات النشاط في الجزائر في تلك الأثناء تحرك الأخوان نحو مدينة جيجل بالجزائر بعدما فشلا في السيطرة على بجاية، لا سيما في ظل الدعم الإسباني المتواصل للمدينة، ورأيا في جيجل موقعا إستراتيجيا لتحركاتهما المستقبلية بعيدا عن تبعية السلطان الحفصي في تونس الذي بدأ التضييق عليهما والتقرب من الإسبان. وكانت جيجل خاضعة للاحتلال من قبل جمهورية جنوة الإيطالية، مما جعلها هدفا مناسبا لحملة عسكرية خاطفة بعد تنسيق محكم مع القبائل المحلية، وبنجاح تلك الحملة في السيطرة عليها تحوّلت جيجل إلى أول قاعدة مستقلة لهم في الجزائر، ومثّلت نواة التوسع البحري والسياسي الذي سيقود لاحقا إلى إدماج الجزائر في الدولة العثمانية. في أعقاب الدعوة الملحّة التي وجّهها وفد من سكان بجاية إلى عروج وخير الدين بربروس، والتي حملت نداء استغاثة من ظلم الإسبان وتضييقهم على الشعائر الإسلامية، انطلقت حملة بحرية ضخمة قادها الأخوان نحو المدينة، وفي طريقهما تمكّنا من تحرير أربعين موريسكيا كانوا على متن سفينة تجارية، قبل أن يصلا إلى بجاية مزودين بعشرة سفن وأكثر من ألفي بحّار، ومئة وخمسين مدفعًا بحريا. وقد استمرت المعركة لثلاث ساعات ونصف، وأسفرت عن مقتل أعداد كبيرة من الجنود الإسبان، والتحق بالحملة عشرون ألفا من رجال القبائل، إلا أن افتقار المجاهدين إلى المدافع الثقيلة حال دون اختراق أسوار القلعة التي تحصنت فيها بقايا الحامية الإسبانية. كانت المحاولة الثانية لفتح بجاية في ربيع عام 1515، حين تقدّم عروج بجيش بري قوامه عشرون ألفا، بالتوازي مع حملة بحرية انطلقت من جيجل، وقد واجهت القواتُ صعوبات كبيرة، ورغم نجاحها في فرض حصار شامل على المدينة، فإنّ نقص البارود أضعف قدرتها على الاستمرار، خاصة بعد أن تلكّأ السلطان الحفصي في تونس في إرسال الدعم، وأجبر جفاف مياه وادي الصومام عروج على حرق السفن التي دخل بها الوادي، واضطر إلى الانسحاب بخسائر كبيرة، وقد قُدّر عدد القتلى والمصابين في صفوف الإسبان بنحو ألفي رجل. لاحقا وفي أثناء تحصّن الإسبان في القلعة، وصلت تعزيزات بحرية، لكن خير الدين الذي كان قد رصد تحركاتهم، باغتهم بهجوم بحري ناجح أدى إلى الاستيلاء على كلّ الأسطول الإسباني، حيث استخدم السفن خدعةً عسكرية للتقدم نحو بجاية، وأوهم الحامية بوصول المدد، فانخدعوا وفتحوا الأبواب، ليقعوا في كمين انتهى بسيطرة المجاهدين على القلعة، وقد شكلت هذه المعركة منعطفا حاسما إذ توافدت القبائل المجاورة تبايع ابنَي بربروس، ورغم ذلك انتقلت بجاية لاحقا إلى السيطرة الإسبانية لعدة عقود قبل أن يتم تحريرها على يد العثمانيين عام 1555. بالتزامن مع هذه التطورات بدأت وفود من مدن جزائرية متعددة تصل إلى ابنَي بربروس في جيجل تطلب مساعدتهما في التخلص من الاحتلال الإسباني وحلفائه من الأمراء المحليين، وكان أبرز هذه الوفود ذلك الذي قدِم من مدينة الجزائر، والذي طالب بطرد الإسبان من "حصن البنيون"، وهو موقع إستراتيجي مكّن العدو من التحكم في الميناء والمدينة. وقد استجاب عروج لهذه الدعوة وتوجه نحو الجزائر العاصمة في حملة مشتركة برية وبحرية، وبقي خير الدين في جيجل، ومع نجاح دخول عروج المدينة استقبله السكان استقبالا حافلا، وأعلن نفسه حاكما للجزائر في خطوة مهّدت لتحول المدينة إلى قاعدة إستراتيجية للمجاهدين في مواجهة الإسبان. خير الدين من القيادة إلى التقاعد وبعد استشهاد عروج عام 1518، وجد خير الدين نفسه في مواجهة واقع قاسٍ يتطلب الصبر والمضي في مسار المقاومة، ولم يكن هناك مجال للحزن أو التردد، بل رأى أن مهمته تستوجب الاستعداد والتخطيط لاجتياز المرحلة الحرجة، حيث أمضى شتاءه في إصلاح أسطوله وتجهيز مدافعه دون أن يترك لنفسه فرصة للتفكير في فقد أخيه، خاصة أن التهديدات الأوروبية وعلى رأسها تهديد الإمبراطور شارلكان لم تتوقف، حيث أرسل إليه مبعوثا يحمل رسالة مليئة بالتحدي والاستعلاء، يدعوه فيها إلى مغادرة الجزائر، ويهدده بأسطول ضخم سيدمّره. لم يرضخ خير الدين لهذا الإنذار، بل اعتبره إهانة تستوجب الرد، وكتب لشارلكان رسالة شديدة اللهجة، سرعان ما تبعتها تحركات عسكرية، حيث أرسل الإمبراطور أسطولا ضخما بمشاركة أمراء من نابولي وصقلية وألمانيا، بلغ عدده أربعين سفينة وأكثر من خمسة آلاف مقاتل ورست السفن قبالة الجزائر، وبدأ الإسبان إنزال قواتهم على الساحل. إلا أن خير الدين الذي كان قد توقّع الهجوم أعد خطة حربية دقيقة سمحت له بمحاصرة القوات المهاجمة بعد إنهاكها، ثم باغتهم بهجوم خاطف من جهتَي البحر والبر، وانتهت المعركة بانتصار ساحق؛ غرق فيه الآلاف من الجنود الإسبان، واستسلم آلاف آخرون. بعد أن استقرت الأمور في الجزائر، ركّز خير الدين على استعادة سيطرته على المناطق الداخلية والغربية، وكان من أبرزها منطقة تلمسان، وفيها واجه الأمير عبد الله الزياني حيث التقى الطرفان في مازونة، ونجح خير الدين في تشتيت قوات عبد الله وقتله، وسلّم محمد بن الأمير عبد الله الضرائب للبحارة، وعقب ذلك وجّه خير الدين أسطوله البحري تحت قيادة سنان ريس في حملات بحرية ناجحة، عاد منها بغنائم متنوعة شملت بارودا وأسلحة وموادَّ غذائية دون أن تفقد أي سفينة من الأسطول. شهدت مرحلة ما بعد تصاعد الهجمات الإسبانية على سواحل شمال أفريقيا تحولا إستراتيجيا في السياسة البحرية العثمانية، إذ تنبّه السلطان سليمان القانوني إلى الخطر المتزايد الذي تمثله البحرية الإسبانية بقيادة الأميرال الإيطالي أندريا دوريا، خاصة مع تنامي أطماع الإسبان في تونس والجزائر والمغرب، وقد رأى السلطان أن الوقت قد حان لتأمين وجود بحري فاعل في البحر المتوسط يوازي نفوذ العثمانيين البري في أوروبا وآسيا. وعندما اطّلع على النجاحات الكبيرة التي حققها خير الدين باشا بربروس ضد الإسبان وحلفائهم في غرب المتوسط، قرّر استدعاءه إلى إسطنبول عام 940هـ/1533م، ليمنحه قيادة الأسطول العثماني كاملا. وفي أولى مهامه، انطلق خير الدين بأسطول الدولة إلى السواحل الإيطالية لمواجهة الإسبان، لكن تغيّر مسار الأحداث دفعه إلى التوجه نحو تونس التي ضمّها إلى الدولة العثمانية بعد مواجهة قصيرة، مما أثار حاكمها مولاي حسن الحفصي فاستنجد بالإمبراطور شارلكان الذي أرسل قوة ضخمة بقيادة دوريا تمكنت من احتلال تونس مجددًا. ولهذا السبب وبهدف إضعاف القوة العسكرية الإسبانية في البحر المتوسط، قرر السلطان سليمان القانوني الدخول في تحالف مع فرنسا التي كانت على عداوة مع إسبانيا في ذلك الحين، وكان ملكها قد وقع أسيرا عند شارلكان في مدريد ، وقرر السلطان سليمان القانوني إرسال حملة بحرية ضخمة لتأديب الإسبان وطردهم من مناطق مختلفة من إيطاليا وفرنسا. وفي ربيع عام 950هـ/1543م أبحر الأسطول العثماني بقيادة خير الدين بربروس من إسطنبول بـ154 سفينة حربية بين كبيرة ومتوسطة، وعلى متنها نحو ثلاثين ألف جندي، وتوجه الأسطول نحو السواحل الإيطالية، وهنالك تمكن من السيطرة على مدينتي مسّينا في صقلية وريجيو قرب نابولي دون أن يُلحق أذى بالسكان، مكتفيا بتحطيم التحصينات العسكرية. وعقب ذلك رسا الأسطول في ميناء أوسيتا لتلبية الاحتياجات اللوجستية، ثم واصل مسيره إلى السواحل الفرنسية، حيث بلغ مدينة مرسيليا في يونيو/حزيران من العام نفسه، وهناك استقبل الفرنسيون بربروس بحفاوة بالغة، وأمر الملك هنري بن الملك فرنسوا الأول الذي أسره الإسبان من قبل بدمج الأسطول الفرنسي المؤلف من 44 سفينة مع القوة البحرية العثمانية، تحت القيادة العليا لبربروس. وبعد وضع خطة العمليات، توجه بربروس باشا نحو مدينة نيس الواقعة تحت سيطرة دوق صاوا، التابع للإمبراطور الإسباني شارلكان، وخضعت المدينة لحصار مشترك من القوات الفرنسية والعثمانية استمر عدة أسابيع، انتهى باستسلامها يوم 20 أغسطس/آب من ذلك العام، ولم تنتهِ مهام بربروس عند هذا الحد، بل مكث في ميناء طولون طوال شتاء ذلك العام، بموجب اتفاق رسمي أتاح للعثمانيين إدارة المدينة مؤقتا، مع انسحاب الموظفين الفرنسيين ورفع الأذان فيها بشكل منتظم، كما جُمعَت الضرائب من السكان لصالح نفقات الأسطول. ومع حلول الربيع التالي انطلقت الحملة المشتركة نحو السواحل الإسبانية وجزيرة سردينيا التابعة لشارلكان، وقد استفادت فرنسا من وجود العثمانيين لتحقيق مكاسب إستراتيجية على الأرض. وفي عام 951هـ/1544م، عاد بربروس إلى إسطنبول بعد أن بثّ الذعر في قلوب الإسبان والإيطاليين، واستعاد العديد من المدن الفرنسية لصالح الحليف الأوروبي. في ربيع عام 1544م، عاد خير الدين بربروس ليشن هجمات جديدة على السواحل الإيطالية، فاستهل حملته بغزو مدينة سان ريمو للمرة الثانية، وتمكن من هزيمة أسطول إسباني إيطالي مشترك، قبل أن يتجه نحو مملكة نابولي ويشن عليها غارات عنيفة، ثم أبحر شمالا باتجاه جنوة، مهددا باجتياحها ما لم يتم الإفراج عن القائد البحري طرغود ريس، الذي كان قد أُسر في كورسيكا عام 1540. وأمام هذا الضغط انتهت المفاوضات بالإفراج عن طرغود مقابل فدية قدرها 3500 قطعة ذهبية من نوع الدوقة، ولم تتوقف أدوار خير الدين باشا عند هذا الحد، فقد شارك لاحقا في صد هجمات إسبانية على السواحل الجنوبية لفرنسا، قبل أن ينهي مهمته العسكرية إثر توقيع الملك فرانسوا الأول معاهدة صلح مع شارلكان في سبتمبر/أيلول من نفس العام. وفي طريق عودته شن بربروس غارة جديدة على سان ريمو في مايو/أيار 1544، قبل أن تبرم معه جمهورية جنوة اتفاقا تدفع بموجبه مبلغا كبيرا لوقف غاراته، ثم ظهر في يونيو/حزيران بأسطوله قرب جزيرة إلبا واحتل مدينة بيومبينو الواقعة على الساحل الإيطالي، وقصف حصنها مطالبا بإطلاق سراح ابن سنان ريس، الذي كان قد أُسر قبل سنوات وتعرض للتنصير، وتم الإفراج عنه بالفعل. ولم يكتفِ بذلك، بل واصل بربروس غاراته على مدن مختلفة في إيطاليا، ثم هاجم سواحل سردينيا وخليج نابولي، وأجبر جيانتينو نجل أندريا دوريا على الفرار من أمامه بثلاثين سفينة لجأ بها إلى مسّينا، واختتم حملته بقصف استمر خمسة عشر يوما لقلعة مدينة قرب مسّينا أسفر عن تدميرها واحتلالها، قبل أن يعود إلى إسطنبول. وقد أكدت هذه الحملة دور الأسطول العثماني بوصفه ذراعًا ضاربة للدولة في المتوسط، وكرّست هيمنتها البحرية في مواجهة القوى الأوروبية. وبعد هذا الفصل الأخير من مسيرته العسكرية والبحرية الحافلة قرر خير الدين باشا أن يتقاعد عام 1545م وهو في منتصف السبعينيات من عمره، وقرر الاستقرار في بيته الفسيح الواقع على ساحل بيوكديري شمال غرب البوسفور في إسطنبول، وبطلب من السلطان سليمان القانوني أملى مذكراته على البحار سنان مرادي ريس، فجاءت في خمسة أجزاء محفوظة في متحف طوب قابي ومكتبة جامعة إسطنبول، وقد نشرها لاحقا الباحثُ أحمد شيمشيرجيل، كما استُلهمت قصته في العديد من الروايات والأعمال الدرامية. وفي 4 يوليو/تموز 1546م، توفي خير الدين باشا ودُفن في الضريح الذي بناه له المعمار الشهير سنان عام 1541م في منطقة بشيكتاش على الضفة الأوروبية من إسطنبول بعد خمسة عقود قضاها كلها في الدفاع عن المسلمين في غرب البحر المتوسط.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
مُنع من المرور فوق سوريا.. ماذا جرى في رحلة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني؟
تعطي أول جولة لعلي لاريجاني في المنطقة، بوصفه رئيسا للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، صورة عن المكانة الإقليمية المتراجعة لطهران بعد حرب السنتين في غزة ولبنان، وبعد الإطاحة بنظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. الرجل في أولى مهامه من موقعه الجديد، أدى زيارة لدولتين عربيتين: العراق، ولبنان- اعتادت إيران أن يكون لها فيهما نفوذ مؤثر، إن لم نقل حاسما- سعيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من نفوذ لبلاده، بعد أن باتت مسألة "حصرية السلاح" وامتلاك الدولة "قرار الحرب والسلم"، لازمة تتكرر على ألسنة كبار المسؤولين الحكوميين في كلا البلدين، وبعد أن ضاقت هوامش المناورة أمام حلفاء إيران فيهما، إثر انفضاض جمع كبير من الحلفاء، وفي ضوء المتاعب التي تواجه "السلاح" وحامليه، لتبرير احتفاظهم به والإبقاء عليه. في العراق، لم تنظر واشنطن، ولا بعض المكونات الاجتماعية والكيانات السياسية، بكثير من الارتياح لزيارة لاريجاني، حتى إن حكومة الدكتور محمد شياع السوداني حرصت على التقليل من أهمية "الاتفاق الأمني" الذي جرى إبرامه بين البلدين أثناء الزيارة رفيعة المستوى، وحصرته في بيان توضيحي بأمن الحدود ومكافحة التهريب. وهو أمر شائع ومألوف بين دول متجاورة، لها حدود طويلة ونشطة مع بعضها البعض، كما هو حال الحدود العراقية- الإيرانية. لسنا هنا نتحدث عن معاهدة أمنية- دفاعية، ولا شأن بما تم التوقيع عليه بخيارات العراق الإستراتيجية الكبرى، يقول خبراء، استكمالا لنهج اتبعته الحكومة العراقية منذ "الطوفان"، بالتزام الحياد، وعدم تحويل العراق إلى ساحة أو "صندوق بريد" لتبادل الرسائل بين الأطراف المتصارعة، والكلام دائما منسوب للسيد السوداني ووزير خارجيته وأركان في حكومته. في لبنان، بدا الوضع أكثر حرجا للزائر الضيف، بدا أن كبار المسؤولين اللبنانيين كانوا "مكرهين" على استقباله. لغة الجسد، والبيانات، والتسريبات التي أعقبت لقاءاته برئيس الجمهورية والحكومة، وضعت الزائر الكبير في خانة "الضيف الثقيل". حتى إن وزير خارجية لبنان، المحسوب على "القوات اللبنانية"، امتنع عن استقباله، وعبّر عن ذلك بعبارات تخلو من "الكياسة الدبلوماسية"، بينما وسائل إعلام محسوبة على الفريق المناوئ لحزب الله والثنائي الشيعي، لم تتردد في المطالبة بإعلانه شخصا غير "مرغوب فيه – Persona Non Grata" في لبنان. ولولا لقاء اتسم بالحميمية المستندة لمشتركات سياسية وعقدية، وعلاقة شخصية ممتدة إلى الزمن الذي كان فيه لاريجاني نظيرا لنبيه بري، ويشغل منصب رئيس مجلس الشورى في بلاده، لما كانت اللقاءات الرسمية التي أجراها الرجل في بيروت سوى تكريس للحظة "افتراق" مع لبنان الرسمي، وليس تدشينا لمرحلة بناء توافقات وتفاهمات بين الطرفين. حزب الله من جهته، أدرك حجم الحرج، المعبر عن انتقال لبنان إلى موقع آخر بعد الحرب، وفي ضوء ذيولها ونتائجها المريرة عليه وعلى لبنان، حاول أن يمنح الضيف الزائر جرعة دعم ترفع من معنوياته، فقام بتنظيم استقبالات شعبية ظلت محدودة على أية حال، ورتب لقاءات مع أمين عام الحزب، بدا الطرفان بأمسّ الحاجة إليها لتبادل الرأي والمشورة من كثب، وجها لوجه، في ضوء تعذر اللقاءات رفيعة المستوى بينهما للأسباب الأمنية المعروفة، كما جهد الحزب في حشد أحزاب وشخصيات موالية للقاء المسؤول الإيراني في منزل السفير. والحقيقة أن منشأ الحرج لم يكمن في الزيارة والزائر وحدهما فحسب، فقبيل إتمامها كان لاريجاني، ومن قبله عباس عراقجي، يدليان بتصريحات اعتبرها لبنانيون كثر، في الدولة وخارجها، "استفزازية"، تناولا خلالها بالنقد محاولات البعض نزع سلاح المقاومة، وإقدام الحكومة اللبنانية على إقرار ورقة أميركية تتمحور حول "حصرية السلاح". إيران، كما هو متوقع، ترفض الأمرين معا، وهي لم تُبقِ موقفها داخل صدرها، بل أخرجته للعلن، ما عدّه لبنانيون تحريضا للحزب على إدارة الظهر لقرارات الحكومة وتوجه الرئاسة، وفسروه على أنه جرعة دعم للحزب في مواقفه التي وُصفت بالتصعيدية، والتي عبّر عنها بلغة غير مسبوقة مؤخرا، الشيخ نعيم قاسم، ملوحا بمعركة "كربلائية"، ومحذرا من أن محاولات إنفاذ قرارات الحكومة بالقوة لا تعني شيئا سوى تجديد "الحرب الأهلية" في لبنان. في رحلته من بغداد إلى بيروت، اعتاد المسؤول الإيراني الرفيع سلوك طريق مختصر يحلّق فوق الأجواء السورية. هذه المرة، بدت الرحلة أطول بكثير، بعد أن منعت إدارة سوريا الجديدة طائرة لاريجاني من عبور أجوائها، ما اضطره لتغيير مساره والتحليق فوق الأجواء التركية، ومن ثم البحر المتوسط، وصولا إلى بيروت. لكأن دمشق أرادت أن تبعث برسالة لطهران مفادها أن الزمن الذي كانت فيه سوريا "همزة وصل" بين أطراف المحور الممتد من قزوين إلى شرق المتوسط قد انتهى، وأنها اليوم "حاجز قطع" بين هذه الأطراف. وسواء أتمّ ذلك بمبادرة ذاتية من دمشق، أم بفعل ضغط أميركي-خارجي كما يشير خصومها، فإن الأمور سارت على هذا النحو، وبصورة تعكس "الطبيعة النوعية" للتحولات التي جرت في غضون أقل من عام انقضى. طهران وبعض من حلفائها في بغداد وبيروت ينسبون "التعقيدات" التي واجهت الزيارة، والانتقادات التي أحاطت بها، إلى "إملاءات خارجية"، أميركية على نحو خاص. لكن، ومن دون أن ننفي وجود مثل هذه الضغوط، أو أن نقلل من شأنها، فإن الأمر الذي لا تريد أن تعترف به طهران والحلفاء، هو أن الزمن تغير، وتغيرت معه معادلات القوة وتوازناتها، وأن "إنكار" وجود غالبية وازنة من العراقيين أو اللبنانيين الذين لا يريدون لطهران ترميم نفوذها وإنقاذ حلفائها، لن يفيد أحدا، ولن يساعد، طهران أو أيا من حلفائها العراقيين واللبنانيين، على تطوير بدائل وبناء سياسات وإستراتيجيات تراعي ما استجد من حقائق جديدة في البلدين، أو على مستوى الإقليم. لاريجاني في الإقليم مجددا، في مهمة استنقاذية، لترميم ما تبقى من عناصر القوة والنفوذ، وليس في مهمة هجومية، تسعى لإحياء أو تفعيل ما كان يُعرف بـ"محور المقاومة والممانعة". وهو يفعل ذلك في ظل تقديرات متزايدة بأن طهران قد تكون عرضة لهجمات متجددة من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة، أو كلتيهما معا. حرب الـ12 يوما لم تنتهِ بغالب أو مغلوب، انتهت بالنقاط وليس بالضربة القاضية الفنية، كما يقال في لغة الملاكمة والمصارعة الحرة. لا الحليفتان الإستراتيجيتان نجحتا في تركيع إيران أو تدمير برنامجها النووي، ولا الأخيرة تمكنت من بناء "ميزان ردع" مع تل أبيب. هذه وضعية ليست مثالية لإبرام اتفاق نووي جديد، والاتفاق، كما يقول الخبراء والعارفون، لم تنضج شروطه بعد، وربما يكون بحاجة لجولة جديدة من "النار"، ليستوي لصالح هذا الفريق أو ذاك، أو ليُعيد إنتاج معادلة "رابح-رابح" التي نهض عليها اتفاق فيينا 2015. وبالعودة إلى جولة لاريجاني الأخيرة، وما شهدته وأثارته من نقاشات ساخنة وغير مألوفة، وما أعقبها من تصريحات حاول فيها المسؤول الأمني الأول "تصحيح الانطباعات" التي تسببت بها مواقف سابقة أدلى بها وزميله في الخارجية، يمكن استنتاج أن السياسة الخارجية والأمنية الإيرانية ما زالت تغرف من قاموس ما قبل حرب السنتين، وأنها تعتمد الأدوات ذاتها، برغم اختلاف المرحلة وموازينها وتغير قواعد اللعبة وأوزان اللاعبين. صحيح أن لاريجاني شدد في ختام الجولة على أن بلاده لا تنوي التدخل في الشؤون الداخلية للبنان والعراق، وأن إبداء طهران ملاحظات هنا أو هناك، لا يعني أنها تتدخل فعليا في شؤونهما الداخلية، لكن الصحيح أيضا، أن المسؤول الإيراني ما كان ليتجشم عناء التوضيح والتصحيح، لولا تلمّسه أن مياها كثيرة قد جرت في أنهار البلدين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
أميركا تفرض عقوبات جديدة متعلقة بإيران
أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، اليوم الخميس، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب فرضت عقوبات إضافية مرتبطة بإيران، استهدفت 13 كيانا مقره في هونغ كونغ والصين والإمارات وجزر مارشال، إلى جانب 8 سفن. وقالت الوزارة إن العقوبات تشمل المواطن اليوناني أنطونيوس مارغاريتيس وشبكته من الشركات والسفن المتورطة في نقل صادرات النفط الإيراني في انتهاك للعقوبات المفروضة. وطالت الإجراءات شركة آريس شيبنغ للشحن في هونغ كونغ، وشركة كومفورد مانغمنت في جزر مارشال، وشركة هونغ كونغ هانغشون للشحن المحدودة. أما السفن المستهدفة فهي ناقلات نفط خام بينها أديلاين جي وكونغم، اللتان ترفعان علم بنما، ولافيت التي ترفع علم ساو تومي وبرنسيب. وبشكل منفصل، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية فرض عقوبات على شركتين صينيتين تُشغّلان محطات تخزين للنفط، متهمة إياهما بالتعامل مع واردات من النفط الإيراني على متن ناقلات خضعت سابقا لعقوبات أميركية. وتأتي هذه الخطوة في ظل توتر متصاعد بين واشنطن وطهران، بعد أن علّقت إيران المحادثات مع الولايات المتحدة حول برنامجها النووي عقب ضربات أميركية وإسرائيلية استهدفت مواقع نووية إيرانية في يونيو/حزيران الماضي. وتؤكد طهران أنها لا تسعى لتطوير أسلحة نووية. وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ، قد صرح أمس الأربعاء بأن "الوقت لم يحن بعد" لإجراء محادثات نووية فعّالة مع واشنطن، مشددا على أن بلاده لن توقف تعاونها بشكل كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.