
الجزائر تطلق شركة نقل بحرية بالشراكة مع عُمان لتعويض مشروع فرنسي
تتجه الجزائر نحو إطلاق استثمار في
النقل البحري
بالشراكة مع سلطنة عُمان، وإطلاق خطين تجاريين بحريين مع كل من السلطنة وسلوفينيا، وفقاً للتفاهمات السياسية الأخيرة التي تمت بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وقادة البلدين.
وأفاد بيان لمجلس الوزراء الجزائري صدر عقب اجتماع مساء الأحد، بأن الرئيس تبون أمر الحكومة "إيلاء العناية التامة لمشاريع الاستثمارات وتنفيذ توصيات وقرارات قيادتي البلدين في مختلف القطاعات، تلك التي تخص إنشاء واستحداث شركة نقل بحري جزائرية عُمانية،، وفي الزراعة، وصناعة السيارات". ويعتزم شريك عُماني إنشاء مصنع لسيارات من علامة
هيونداي
الكورية، على ضوء الاتفاقات التي وُقّعت خلال زيارة سلطان عُمان هيثم بن طارق إلى الجزائر، في الخامس مايو الجاري، تخص إنشاء صندوق استثماري مشترك بين وزارة المالية الجزائرية وجهاز الاستثمار العماني واتفاق تعاون وشراكة في مجال الصناعة والمناجم والزراعة والصحة الحيوانية.
وتبحث الجزائر منذ فترة عن مخارج لأزمة وعجز شركة النقل البحري التجارية الحكومية، والذي أثر على إمكانيات تصدير المنتجات الجزائرية إلى الخارج، وعدم القدرة على الوفاء بالتزامات كانت أعلنتها الحكومة بشأن فتح خطوط نقل تجارية إلى عدد من الموانىء في موريتانيا والسنغال وغيرها.
ويعتقد في هذا السياق وفقاً لمصدر في قطاع النقل البحري، أن يكون مشروع شركة النقل البحري المقترح إنشاؤها بين الجزائر وسلطنة عُمان، خطوة لتعويض مماطلة عملاق قطاع الشحن العالمي، شركة سي أم أيه الفرنسية (CMA)، في إطلاق مشروع استثماري ضخم بقطاع الشحن البحري في الجزائر، كان اُتفق عليه مع الحكومة الجزائرية، قبل أن يتراجع بسبب ما اعتبرته الجزائر، تدخلاً من السلطات الفرنسية وممارسة ضغوط لمنع الشركة الفرنسية من العمل في الموانىء الجزائرية والمساعدة في تشجيع الصادرات الجزائرية، في سياق أزمة سياسية بين الجزائر وباريس.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
الجزائر تقصي القمح الفرنسي... وتنوّع وارداتها
وأكد نفس المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن إطلاق خط بحري يربط الجزائر ومسقط، من شأنه أن يسهم في رفع مستوى المبادلات التجارية بين الجزائر وعُمان، إذ ما زال حجم التبادل التجاري بين البلدين في مستويات دنيا، اذ يبلغ في حدود 100 مليون دولار، وبلغ إجمالي صادرات عُمان إلى الجزائر حتى نهاية شهر يوليو/تموز 2024، في حدود 98 مليون دولار، فيما بلغت قيمة وارداتها من الجزائر نحو مليون دولار.
وأُعلن في نفس السياق أمس، عن قرار تحضير دراسة حول إمكانية إطلاق خط بحري يربط بين الجزائر وسلوفينيا، على ضوء الزيارة التي قام بها الرئيس الجزائري الأسبوع الماضي إلى سلوفينيا، والتي تمخضت عنها سلسلة اتفاقات تخص تطوير استخدامات تطوير أنظمة الفضاء لأغراض سلمية، وفي مجالات البصريات والاتصالات، وتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي لاستكشاف الموارد الطبيعية وإدارة الكوارث.
وكلف تبون الحكومة في اجتماع أمس بـ"التحضير لاجتماع عمل لمتابعة تنفيذ كل ما اتفق عليه رئيسا البلدين في مختلف القطاعات، على رأسها صناعة الأدوية، البحث العلمي والذكاء الاصطناعي".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


منذ ساعة واحدة
الولايات المتحدة تُسيّر أول رحلة 'مغادرة طوعية' للمهاجرين بمكافأة ألف دولار
واشنطن- 'القدس العربي': أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، الإثنين، عن تنظيم أول رحلة طيران مستأجرة ضمن برنامج 'الترحيل الذاتي' الجديد، والذي يتيح للمهاجرين غير النظاميين مغادرة البلاد طواعية مقابل منحة مالية قدرها 1000 دولار. وأفادت الوزارة في بيان صحافي أن الرحلة شملت 64 مهاجرًا من كولومبيا وهندوراس، عادوا إلى بلدانهم بموجب البرنامج، مشيرة إلى أن 'الرحلة كانت طوعية بالكامل، وليست جزءًا من عمليات الترحيل القسري التي تنفذها هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك'. وحصل المشاركون في البرنامج على المزايا الكاملة، بما في ذلك مساعدة لوجستية في ترتيبات السفر، ومنحة مالية، بالإضافة إلى احتفاظهم بإمكانية العودة المستقبلية إلى الولايات المتحدة بصورة قانونية. وكانت إدارة الرئيس دونالد ترامب قد أعلنت مطلع مايو/ أيار الجاري إطلاق البرنامج عبر تطبيق إلكتروني جديد يُعرف باسم CBP Home، وهو نسخة مطورة من تطبيق CBP One الذي أطلقته إدارة بايدن، وكان يتيح حجز مواعيد لتقديم طلبات اللجوء. ويمنح البرنامج المهاجرين مهلة تقارب ثلاثة أسابيع لترتيب أوضاعهم قبل المغادرة، مع وعد بالمساعدة في تكاليف العودة، ومنحة مالية تُحوّل لهم بعد التأكد من مغادرتهم البلاد. ولكن في المقابل، حذّرت رابطة محامي الهجرة الأمريكية (AILA) من أن الإعلان الحكومي قد يكون مضلّلًا، مشيرة إلى أن بعض المشاركين قد يواجهون عواقب قانونية، من بينها منع دخول الولايات المتحدة لعدة سنوات، خاصة إذا كانوا قد أقاموا فيها بصورة غير قانونية لفترة طويلة. وقالت الرابطة في بيان سابق: 'من غير الأخلاقي أن توحي الحكومة بأن الترحيل الذاتي آمن وخالٍ من العواقب دون توضيح التبعات القانونية، خصوصًا لمن لا يملكون تمثيلًا قانونيًا ولا يدركون حقوقهم.' وأظهرت صور نشرتها وزارة الأمن الداخلي مهاجرين مبتسمين لدى وصولهم إلى بلدانهم، حيث كان في استقبالهم ممثلون عن حكوماتهم، وقدّموا للأطفال دمى محشوة. وأشارت الوزارة إلى أن العائدين إلى هندوراس، على وجه الخصوص، كانوا مؤهلين للحصول على مساعدات حكومية إضافية بقيمة 100 دولار وقسائم غذائية.


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
رجال تحت النار... تقويض إسرائيلي ممنهج للدفاع المدني في غزة
يتلقى رجال الدفاع المدني الفلسطيني تهديدات إسرائيلية لمنعهم من القيام بواجبهم في إنقاذ ضحايا الحرب على غزة، ومع ذلك يُصرون على العمل رغم استشهاد رفاقهم والتدمير الممنهج لمعداتهم، حتى أصبحوا يحفرون الركام بأياديهم. - مهرولاً لتلبية نداء الواجب، أسرع ضابط الدفاع المدني الفلسطيني رائد عاشور برفقة زملائه من عناصر الإنقاذ لدى توجّههم إلى حي الزهور بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، بعد ورود بلاغ من جيران منزل تعرض للقصف في نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم، وما إن وصل الفريق إلى الموقع، حتى فوجئوا بعاشور يخرُّ مغشياً عليه، فقد كان البيت المستهدَف يخصُّ شقيقه موسى، وتحولت طوابقه الثلاثة إلى ركام . "كانت الصدمة أكبر من أن أتحملها"، يروي عاشور النازح وعائلته من رفح ما جرى يومها، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، بثبات يحسد عليه: "انتشل زملائي سبعة شهداء من تحت الركام، من بينهم موسى وأبناؤه وأحفاده". وبالرغم من الفاجعة، لم يتوقف عاشور عن أداء واجبه الإنساني والمهني، إذ يواصل عمله في الدفاع المدني جنوب القطاع منذ 19 شهراً دون انقطاع، وإن كان تقريباً بلا راتب مثل بقية رفاقه، إذ لا يُصرف له سوى أقل من نصف المبلغ كل شهرَين. ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فبعد شهر فحسب من الكارثة الأولى، خرج عاشور في مهمة جديدة، وعقب الوصول تبيّن أن القصف طاول منزل شقيقه الثاني إسماعيل، إلّا أن رد فعله اختلف هذه المرة، وبدلاً من الانهيار، اندفع نحو أنقاض المبنى، بكل قوة وانتابته حالة غريبة، يصفها قائلاً: "كنت أحفر بيدي، حتى إنّني أصبت بثلاثة جروح كبيرة بسبب الخرسانة، إلّا أنني لم أشعر بالألم، وكلّما انتشل زملائي جثماناً، كنت أتقدم للتعرف عليه، أبكي بصمت ثم أواصل الحفر، لربما أعثر على ناجين". وبالفعل بعد ساعات طويلة أنقذ اثنين من أبناء شقيقه كانا لا يزالان على قيد الحياة تحت الأنقاض ، وتمكن بمفرده من انتشال ثمانية شهداء. تحقيق مذبحة جباليا... جريمة حرب في سوق المخيم تحدي المستحيل منذ بداية الحرب قبل عشرين شهراً، ينام عاشور وزملاؤه داخل المركبات أو بجانبها، وتمرّ أيام طويلة لا يرون أفراد عائلاتهم، إذ يعملون بين 10 و18 ساعة يومياً، وكلّها مليئة بالدم والدموع، حتّى غدا إخراج الأشلاء والشهداء مشهداً اعتيادياً، ليس على مستوى عائلاتهم ورفاقهم فحسب، بل كثيراً ما كان أحدُهم هو الضّحية، إذ وضع الاحتلال طواقم الإنقاذ والإسعاف ضمن بنك أهدافه، لشلّ قدرة القطاع على مواجهة الكوارث الإنسانية الناجمة عن القصف المستمر، كما يقول إسماعيل الثوابتة، المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة. لذا؛ يحصي الدكتور محمد المغير، مدير الإمداد والتجهيز في الدفاع المدني، حصيلة ثقيلة لشهداء الجهاز، فقد قتلت إسرائيل 111 عنصراً وضابط إنقاذ وإسعاف، من كوادر الدفاع المدني، وأصابت 329 آخرين، واعتقلت 30 عنصراً، ودمرت 54 مركبة إسعاف وتدخل سريع، واستهدفت 14 مقراً ومركزاً من أصل 17 تتبع المديرية العامة للدفاع المدني بالقطاع، وذلك حتى نهاية إبريل/نيسان الماضي، كما دُمّرت مبانٍ ومعدات تُقدّر قيمتها بـ 30 مليون دولار، بعد أن طاولت الضربات الجرافات التابعة للبلديات، ولم تسلم حتى تلك المملوكة للقطاع الخاص، بعد ما اعتمد عليها الدفاع المدني في مهام الإنقاذ، يؤكد الثوابتة. و"قطعاً لن ولم يتوقف عمل الجهاز بعد كل ما سبق سرده، إذ تبنى استراتيجية العمل بالمتاح، في كل مناطق القطاع عبر 13 نقطة ميدانية، هي في حقيقتها أراضٍ خالية أو شوارع يتمركز فيها ما تبقى من طواقم ومعدات، لا تتجاوز ثلث ما كان متاحاً قبل الحرب"، يقول المغير وأربعة من عناصر الدفاع المدني تحدثوا لـ"العربي الجديد"، من أبرزهم الشهيد زهير الفرا، الذي التقاه مُعِدّ التحقيق قبل أن يقتله الاحتلال برفقة 14 من زملائه في جريمة إعدام جماعي تعرض لها طاقم الدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني أثناء تأديتهم مهامّهم الإنسانية عبر استهدافهم مباشرةً في حي تل السلطان برفح بتاريخ 23 مارس/آذار الماضي. /* ><!*/ "هنا بالفعل لا نبالغ إذا قلنا إنّنا اضطررنا للعمل بأدوات بدائية مثل المطرقة والفأس للوصول إلى العالقين، وكثير من عناصرنا أصيبوا بجروح وكسور، وهم يرفعون الركام بأياديهم العارية، دون حماية أو دعم لوجيستي" يقول المغير. ومن بين هؤلاء، ضابط الإنقاذ معتصم خريس، الذي شارك في مهمة انتشال ناجين من تحت أنقاض منزل تعرض للقصف في محافظة خانيونس خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويروي مشهداً مؤثراً واجهه، إذ عثر على سيدة تحاصِرُ قدميها كتلةٌ خرسانية ضخمة، ما أعاق حركتها بالكامل، فقد "كان الركام بمثابة حزام يطوّق قدميها"، مشيراً إلى أنه استخدم مطرقة يدوية لتحطيم الكتلة الكبيرة وحمل القطع المتفتتة بيديه، ولم يتوقف عن العمل لأكثر من ساعتين، حتى بعد إصابته بجرح عميق في يده، تطلب تدخلاً طبياً فورياً، لكنه اكتفى بلفها بقطعة شاش لإيقاف النزيف، رافضاً المغادرة إلى أن تمكّن من إنقاذ السيدة، وهو ما تكرر مع خمسة من زملائه أكّدوا لـ"العربي الجديد" أن طبيعة القصف وفقدان المعدات فرضت عليهم العمل بأياديهم في محاولة للحفاظ على أرواح تتشبث بالأمل في الحياة. تحقيق متعدّد الوسائط تدمير بيئة غزة... من ينجُ من قنابل الاحتلال تصبه الأوبئة إرهاب طواقم الدفاع المدني يتعمد الاحتلال خلق بيئة من الرعب والضغط على طواقم الدفاع المدني بأساليب ترهيب ممنهجة، في محاولة لمنعهم من القيام بواجبهم في اللحظات الحرجة، وتعطيل مهام الإنقاذ، وعلى رأس تلك الممارسات، اتصالات هاتفية يتلقاها قادة فرق الإنقاذ الفلسطينية من جيش الاحتلال عقب تنفيذ القصف مباشرة، ليحذرهم الاحتلال من التوجّه إلى الموقع المستهدَف، ويُطلَب منهم صراحة وقف أي تحرك لإنقاذ الضحايا، بزعم أن "القصف سيُستأنف خلال لحظات"، بحسب المغير. تتصل قوات الاحتلال بالعاملين في الدفاع المدني لترهيبهم "هذا غيض من فيض"، يقول خريس، فقد سبق وأن نجا من قصف مباشر خلال تنفيذ مهمة في منطقة المواصي بخانيونس في نوفمبر الماضي، بعد استهداف منزل يعود لعائلة أبو شمّالة عبر قصف جوي نفذته طائرات الاحتلال، فانطلق فريق الدفاع المدني إلى الموقع، وفوجئ خريس بورود مكالمة من رقم خاص، لم تتعدّ 15 ثانية، أنذرهم فيها ضابط من الاحتلال صراحةً بأن فريق الإنقاذ سيكون الهدف، لكنّهم أصروا على تأدية واجبهم وبمجرد وصولهم، تكرر القصف إلّا أنهم نجوا بأعجوبة. يقول خريس لـ"العربي الجديد": "لم نفكر لحظة في العودة، ورغم القصف الذي كاد أن يودي بحياتنا، واصلنا التقدم ونحن نردد الأذكار ونتلو القرآن وهذا ما يُقوّينا ويمنحنا الثبات". قصص كهذه تكشف عمق الخطر الذي يواجهه الطاقم الطبي والإنساني في غزة، ودرجة الاستهداف المنهجي الذي يتعرضون له، رغم الحصانة المفترضة بموجب القانون الدولي، إذ يخالف استهداف طواقم الدفاع المدني، وتقييد عملها، المواد 61، 62، 63، 64، و65 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات "جنيف الرابعة" لعام 1977، بحسب المغير، وتنص المادة الـ 62 من البروتوكول على أنه: "يجب احترام وحماية تشكيلات ووحدات الدفاع المدني، وأفرادها، والمباني التي يشغلونها، والمعدات ووسائل النقل التي يستخدمونها، أثناء قيامهم بمهام الدفاع المدني، ما دامت لا تقوم في نفس الوقت بأعمال تُخل بطبيعتها المدنية". أما المادة الـ 63، نصت على ضرورة تلقي الأجهزة المدنية للدفاع المدني في الأراضي المحتلة التسهيلات اللازمة من السلطات لأداء مهامها، ولا يعيق الاحتلال التنفيذ السليم لمهامهم. وبسبب سياسة الاحتلال أصبحت كل مهمة مجازفةً مميتة، خاصة لدى وقوع الغارات الإسرائيلية داخل مناطق تُصنَّف عسكرياً باعتبارها "عازلة" أو "حمراء" يُمنع على الطواقم الاقتراب منها ميدانياً، ما يعيق الوصول إلى الضحايا ليُتركوا لمصيرهم المحتوم، خاصة أن سلطات الاحتلال ترفض التنسيق مع الجهات الإنسانية الدولية كالصليب الأحمر، وبلغ مستوى الخطر أنها تدمر الطرق المؤدية إلى المواقع المستهدفة، فضلاً عن نقص حاد في الوقود، وأعطال متكرّرة تضرب المركبات الميدانية المهترئة، التي يتعذر إصلاحها أو استبدالها بسبب الحصار، كما تقول مصادر التحقيق ومن بينهم المغير، مضيفاً: "بالرغم من كل هذا، لا نملُّ من استجداء وساطات مؤسسات دولية في سبيل تأمين ممرات آمنة للوصول إلى المناطق عالية الخطورة، غير أن معظم هذه المحاولات تُقابل برفض إسرائيلي قاطع". وبحسب المغير، فإنه قبل تجدد العدوان، كان هناك 10 آلاف جثمان تحت الأنقاض، أضيف إليها 3 آلاف أخرى، ليصبح هناك 13 ألف جثمان لم تتمكن فرقهم من انتشالها، بسبب وجودها تحت ركام كثيف، تتطلب إزالته معدات ثقيلة، وما زال الاحتلال يمنع وصولها، ولأن طواقم الإنقاذ تولي الأحياء أهمية أكبر في عمليات الإنقاذ، لذلك ينصبّ الاهتمام على المنازل التي تُقصف حديثاً. الصورة ترفض سلطات الاحتلال التنسيق مع الجهات الإنسانية الدولية لتسهيل مهام الإنقاذ (Getty) معجزات في قلب النار في الثالث من إبريل الماضي، تحوّلت مدرسة دار الأرقم شرقي مدينة غزة إلى هدف مباشر للقصف، وعندما وصل ضابط الإنقاذ نوح الشغنوبي إلى الموقع لتفقد الأضرار، فوجئ بشاب محاصر تحت الركام، وقد علقت قدمه بين كتلتين خرسانيتين ضخمتين، كان المشهد يوحي بأن الإنقاذ مستحيل، لكن التهديد الأكبر جاء بعد لحظات، حين أبلغت قوات الاحتلال بوجود قصف جديد وشيك يستهدف الموقع نفسه، وانسحب الجميع حفاظًا على أرواحهم، إلا الشغنوبي، قائلًا: "طلب مني الشاب أن أغادر، وقلت له: لن أتركك"، وحاول إقناعه ببتر قدمه لتسهيل الخروج، لكن الشاب رفض، وبينما كان الوقت يمضي، واصل الشغنوبي محاولاته إلى أن نجح في تحرير المصاب وحمله بعيدًا، مستذكرًا بقوله: "بعد لحظات فقط من ابتعادنا، سقط صاروخ ودمر المكان بالكامل، كنت مستعدًا للموت، لكني اخترت أن أنقذه ونعيش معًا". هذه المشاهد، على قسوتها، ليست استثناءات، بل تُمثل نماذج يومية من مئات عمليات الإنقاذ التي تنفَّذ وسط غيابٍ شبه كامل للمقومات الأساسية للعمل الإنساني، ويحيى سالم، أحد الناجين الذين التقاهم معد التحقيق بفضل تلك المهمات البطولية، يروي ما عاشه تحت أنقاض منزل عائلته، الذي استُهدف في قصفٍ جوي أدى إلى استشهاد ستة من أقاربه، بينما نجا هو وشقيقته بأعجوبة، كما يقول: "كانت لحظات ضبابية، رأيت وميضًا أحمر، شعرت بدوار، ثم فقدت الوعي واستيقظت لاحقًا على صوت رجل ينادي: "في حدا عايش؟"، بالكاد همست: "أنا هان"، واقترب المنقذ ومعه زملاؤه، كانوا يحفرون بأيديهم، أذكر أنني شعرت بعرقهم يتساقط على وجهي، وبعد دقائق من الجهد الخارق، أزالوا عني الركام وأنقذوني". الصورة يعمل عناصر الدفاع المدني بأدوات بدائية مثل المطرقة والفأس بعد تدمير الاحتلال لآلياتهم (Getty) صراع يومي مع الموت يتذكر كل من ضابطي الإنقاذ معاذ المصري ومعتصم خريس، طبيعة عملهما قبل اندلاع العدوان، حين كانت المهمات نادرة ومقرات العمل مجهزة، ويتبعان جداول دوام منتظمة تتيح لهما فترات راحة طويلة، ووقتًا عائليًا طبيعيًا، وكانت الحوادث عبارة عن حريق هنا أو حادث سير هناك وتلبية النداء كانت تحصل بهدوء وعلى فترات متباعدة، لكن كل شيء تغيّر منذ بدء العدوان، إذ باتا ينفذان ما يصل إلى عشر مهمات إنقاذ في اليوم الواحد، دون توقف، وفي ظل فقدان عدد كبير من زملائهما الذين قضوا خلال عمليات الإنقاذ، فتحولت حياتهما إلى مزيج من الخطر المستمر، والإنهاك النفسي. وحتى المصاب من ضباط الإنقاذ لا يتأخر عن واجبه الإنساني، إذ استأنف صالح معمر عمله عقب إصابته في كتفه وصدره في فبراير/شباط الماضي خلال مهمة لإنقاذ الجرحى في منطقة تل السلطان، بعد أن فتحت قوات الاحتلال النار عليه وعلى طاقمه، رغم تنسيق مسبق بوجودهم في الموقع، وخضع لعملية جراحية دقيقة، ومع ذلك لم ينتظر طويلا ليعود إلى عمله، مؤمنًا كما يقول شقيقه حسين بأن ما يفعله أعظم من أن يتوقف لأجل سلامته الشخصية، وفعلاً، ظل في الميدان حتى اللحظة الأخيرة، حين استُشهد بينما كان يحاول إنقاذ آخرين في مجزرة تل السلطان. أما من نجا منها فلا يزال يعاني من آثار نفسية عميقة بعد أن شاهد رفاقه يُقضى عليهم أمام عينيه، وهذا هو حال ضابط الإنقاذ منذر عابد، الذي يصف ما جرى بقوله: "وردنا بلاغ عن إصابات غربي رفح، تحركنا فورًا، وكانت سيارات الإسعاف مضاءة بالكامل كما يقتضي التنسيق، لكن فور وصولنا، انهال علينا وابل من الرصاص فاختبأت في الجزء الخلفي من السيارة، لم أسمع صوتًا من زملائي، فقط أنفاسهم الأخيرة، بعدها وصلت وحدة إسرائيلية خاصة، فتحت باب السيارة، واعتقلوني ونكلوا بي، وحققوا معي خمس عشرة ساعة ثم أطلقوا سراحي، لقد قتلوهم بدمٍ بارد".


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
ماما نوال... صاحبة الملايين المخفية والإمبراطورية التعليمية
"ماما نوال"، هكذا تحب أن يناديها الأساتذة والطلاب في مدارسها وجامعتها الخاصة؛ فهي نوال الدجوي، رائدة التعليم الأهلي في مصر والعالم العربي، التي تصدرت محركات البحث و مواقع التواصل الاجتماعي في الساعات الماضية، بعد تعرضها اليوم الاثنين، لسرقة أموال ومشغولات ذهبية من فيلتها بمدينة السادس من أكتوبر في محافظة الجيزة، بقيمة إجمالية تتجاوز 300 مليون جنيه (نحو ستة ملايين دولار). دولار وإسترليني وذهب تقيم الدجوي في شقة فاخرة تطل على نيل القاهرة في الزمالك، وتتردد على فيلتها الخاصة بمدينة السادس من أكتوبر على أوقات متفاوتة، والتي تقع في تجمع سكني شهير يتبع رجل الأعمال ياسين منصور؛ وهي الفيلا التي تحتوي على ثلاث خزائن: واحدة للأموال بالعملة المحلية، والثانية للعملات الأجنبية، والثالثة للسبائك والمشغولات الذهبية. وكانت الأجهزة الأمنية قد تلقت بلاغاً من "ماما نوال" يفيد بتعرض فيلتها للسرقة، موضحةً أن جملة المسروقات التقريبية بلغت نحو 50 مليون جنيه مصري، وثلاثة ملايين دولار أميركي، و350 ألف جنيه إسترليني، فضلاً عن ما يناهز 15 كيلوغراماً من الذهب ، بقيمة تزيد إجمالاً على 300 مليون جنيه. وذكرت الدجوي، في تحقيقات النيابة العامة، أن الأموال تعود إلى "إرث عائلي" جُرِد عام 2023 بحضور عدد من أفراد الأسرة، متهمةً أحد أقربائها بالوقوف خلف واقعة السرقة. وأثارت المبالغ الكبيرة التي أبلغت الدجوي عن سرقتها تساؤلات مواقع التواصل الاجتماعي حول ظاهرة تخزين الأموال بالعملة الصعبة في المنازل بعيداً عن النظام المصرفي، في بلد يعاني منذ سنوات من أزمة نقص عملة، وفشل مؤسسات الدولة في اجتذاب أصحاب الفوائض المالية من المستثمرين المحليين. أصول إمبراطورية "ماما نوال" أسّست "ماما نوال" (88 عاماً) إمبراطورية تعليمية ضخمة على مدى 67 عاماً، منذ أن أنشأت أول مدرسة لغات مصرية خاصة في عام 1958، في وقت كانت فيه المدارس الأجنبية تهيمن على المشهد التعليمي في البلاد. وتنتمي الدجوي إلى أسرة ثرية، وهو ما ساعدها في تأسيس سلسلة من المدارس بدأت بـ"دار التربية" بحي الزمالك الراقي بقلب القاهرة، مروراً بمجموعة من المدارس الخاصة والدولية في مناطق الدقي والعجوزة والسادس من أكتوبر بالجيزة، أهّلتها لامتلاك أول جامعة خاصة هي جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب المعروفة أكاديمياً على نطاق واسع في مصر وبين أبناء الخليج والدبلوماسيين العرب بالقاهرة. تضم الجامعة كليات طب الأسنان، والعلاج الطبيعي، والصيدلة، والتكنولوجيا الحيوية، والهندسة، وعلوم الحاسب الآلي، والعلوم الإدارية، والإعلام، واللغات، والفنون والتصميم. بعيدا عن الملاعب التحديثات الحية لحظة تاريخية تنقلب إلى كابوس.. سرقة منزل لاكازيت في ليلة وداع ليون وأهلت المؤسسات التعليمية "ماما نوال" إلى التواصل مع أصحاب السلطة والنفوذ ممن يبحثون عن تعليم اقتصادي والتقارب مع الدبلوماسيين الذين يضطرون إلى ترك أولادهم في مدرسة داخلية تحت إشرافها، بما جعلها تشكّل شبكة واسعة من العلاقات مع مجموعة من الوزراء والمسؤولين في الدولة، لا سيما في عهد الرئيس المخلوع الراحل، حسني مبارك. ونالت نوال "ماما نوال" درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة غرينتش البريطانية، وكرّمها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في 2019 ضمن النماذج النسائية المشرفة في المجتمع، بدعوى إسهاماتها الممتدة في تطوير قطاع التعليم. عائلة "ماما نوال" النافذة توفيت ابنة "ماما نوال"، منى وجيه، التي كانت ساعدها الأيمن في إدارة مؤسستها التعليمية، عن عمر ناهز 60 عاماً قبل نحو شهرين، إثر إصابتها بمرض السرطان، ولديها ابن يدير "البزنس" الخاص بها. قبل نحو سبع سنوات، توفي زوجها اللواء السابق وجيه الدجوي، وكيل هيئة الرقابة الإدارية سابقاً، بعد صراع مع المرض. ووالدها هو عثمان الدجوي، وكيل وزارة المعارف سابقاً (التربية والتعليم حالياً)؛ أما عمها الأكبر فهو اللواء البارز في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فؤاد الدجوي، الحاكم الإداري لقطاع غزة أثناء العدوان الثلاثي عام 1956، والذي استسلم بـ"طريقة مهينة لجيش الاحتلال الإسرائيلي"، ثم عاد إلى القاهرة ليعمل قاضياً في المحكمة العسكرية، ويحكم بالإعدام على سيد قطب وآخرين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في 1965.