logo
الذكرى السنوية الثانية لرحيل رئيس الوزراء الأسبق مضر بدران

الذكرى السنوية الثانية لرحيل رئيس الوزراء الأسبق مضر بدران

وطنا نيوز٢٢-٠٤-٢٠٢٥

وطنا اليوم:في مثل هذا اليوم، تمر الذكرى الثانية على رحيل دولة مضر بدران، أحد أبرز رجالات الدولة الأردنية، الذي شكّل وجوده السياسي والأمني علامة فارقة في مسيرة الوطن، وترك إرثًا من الحكمة والصلابة والإخلاص لا يزال حيًّا في الذاكرة الوطنية.
سيرة وطنية مميّزة
وُلد مضر بدران في مدينة جرش عام 1934، وبدأ حياته العسكرية قبل أن يُنتدب إلى العمل في دائرة المخابرات العامة، حيث صعد سلم القيادة حتى تولّى إدارتها في مرحلة حسّاسة من تاريخ الأردن، عُرفت بكثرة التحديات الأمنية والسياسية داخليًا وإقليميًا.
عرف عنه في جهاز المخابرات الحزم والانضباط، لكنه أيضًا كان قائدًا يتمتع ببُعد نظر وذكاء استراتيجي مكّنه من التعامل مع الملفات المعقدة بحكمة، ما أسهم في تعزيز الأمن الوطني وتثبيت أركان الدولة.
رئيس وزراء في أصعب المراحل
شكّل مضر بدران حكومته الأولى عام 1976، وعاود ترؤس الحكومة مرات عدة حتى عام 1991. خلال هذه السنوات، واجه تحديات إقليمية منها الحرب العراقية الإيرانية، والغزو الإسرائيلي للبنان، والضغوطات الاقتصادية، إلا أن حكوماته تميزت بالثبات على المواقف الوطنية، والعمل الهادئ المنتج.
من أبرز محطات إنجازاته:
إعادة هيكلة الإدارة العامة لتكون أكثر كفاءة.
دعم الصناعة الوطنية وتشجيع المشاريع الإنتاجية.
تحسين علاقات الأردن مع دول الجوار دون التفريط بالثوابت الوطنية.
ترسيخ مبدأ سيادة القانون، والاهتمام بالكفاءات داخل مؤسسات الدولة.
شيد مشاريع استراتيجية هامة مثل مصانع البوتاس و توسيع الفوسفات و الميناء البحري و مطار الملكه علياء و طريق المطار و في زمنة أسس جامعات اليرموك و العلوم التكنولوجيا و الهاشمية و مشاريع المياه و الكهرباء و الطرق في أنحاء المملكة و مشروع فلس الريف و غيرها من المشاريع الهامة.
رجل دولة بامتياز
لم يكن بدران مجرد سياسي أو رجل مخابرات، بل كان رجل دولة مؤمن بأن 'الكرامة الوطنية لا تُساوَم'، كما كان يردد دائمًا. وقد شهد له الخصوم قبل الأصدقاء بالنزاهة والهدوء والحكمة.
قال عنه الملك الحسين بن طلال، رحمه الله، في إحدى المناسبات: 'كان مضر من الرجال الذين نطمئن لوجودهم حين تعصف الريح بالمنطقة.'
كما وصفه رئيس الديوان الملكي الأسبق عدنان أبو عودة بأنه: 'صاحب قرار وطني لا يهتز، وقارئ جيّد لمعادلات السياسة الدولية.'
الجانب الإنساني
رغم مناصبه الكبيرة، عُرف مضر بدران بتواضعه الجم، وبقربه من الناس. لم يسعَ إلى الأضواء، وكان يفضل العمل بصمت. في بيته، كان أبًا حنونًا، وفي علاقاته، كان رجلًا وفيًا وصادقًا. لم تُغيّره السلطة، وبقي وفيًا لمبادئه حتى لحظة رحيله.
رحيله وذكراه
في 22 نيسان 2023، رحل مضر بدران عن عمر ناهز 89 عامًا، بعد حياة حافلة بالعطاء. وودّعه الأردنيون بكثير من التقدير، واستذكروا محطاته، ومواقفه، ومسيرته التي شكلت جزءًا من الذاكرة السياسية الأردنية.
وفي ذكراه الثانية، نستذكره اليوم لا فقط كمسؤول رفيع، بل كأحد أولئك الذين أسهموا في صناعة استقرار الأردن، وكتبوا اسمهم بحروف من صدق في سجل رجالات الوطن.
رحم الله دولة مضر بدران، وأسكنه فسيح جناته.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جامعة الحسين بن طلال تحتفل بعيد الاستقلال التاسع والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية
جامعة الحسين بن طلال تحتفل بعيد الاستقلال التاسع والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية

الدستور

timeمنذ يوم واحد

  • الدستور

جامعة الحسين بن طلال تحتفل بعيد الاستقلال التاسع والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية

معان - الدستور- قاسم الخطيب تحت رعاية عطوفة محافظ معان السيد حسن الجبور وبحضور رئيس جامعة الحسين بن طلال الدكتور عاطف الخرابشة أقامت مدرسة جامعة الحسين بن طلال النموذجية، اليوم الثلاثاء، احتفالاً على مسرح عمادة شؤون الطلبة بمناسبة عيد الاستقلال التاسع والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية وبحضور نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية الدكتور محمد الرصاعي والفعاليات الرسمية في محافظة معان. وقال محافظ معان حسن الجبور أن هذه الاحتفالات تغرس في نفوس أبنائنا الحس والشعور الوطني والولاء والانتماء له، وأن يوم الاستقلال هو يوم تحقيق الآمال وبزوغ فجر الدولة الأردنية إذ انتزع الملك المؤسس عبد الله الأول حق شعبه في الحياة الحرة المقرونة بديمومته وهوية الدولة المستقلة. وأضاف الجبور أن الدولة الأردنية منذ نشأتها وهي تسير بنهج الهاشميين الأحرار استنادا الى شرعية دينية لا نزاع ولا خلاف عليها، وفي هذا اليوم نقف أبناء وبنات الأردن بتفاؤل نحو مستقبل مشرق، ونظرة اعتزاز وفخر بما صنعوا وانجزوا الأجداد والاباء في ظل القيادة الهاشمية رغم محدودية الموارد وقلة الإمكانيات، وفي يوم الاستقلال يستذكر الاردنيون السنوات الصعبة التي واجهت الدولة الأردنية اثناء تأسيسها وما قدموه الأردنيون من تضحيات وبطولات لينال الأردن استقلاله وحريته، وأن الأردنيون يقفون خلف قيادتهم الهاشمية في مختلف القضايا العربية والإسلامية ولعل أبرزها القضية الفلسطينية وحماية المقدسات الاسلامية هناك. وقال رئيس جامعة الحسين بن طلال الدكتور عاطف الخرابشة أن جامعة الحسين بن طلال تحتفل بذكرى عيد الاستقلال المجيد يوم تحرر القرار الوطني من قيد الانتداب، وتحقق للأردنيين حُلم الدولة الحرة المستقلة التي تنطلق إلى آفاق المجد بقيادة حكيمةٍ ملهمة هي القيادة الهاشمية، وعلى رأسها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه. وأضاف الدكتور الخرابشة ان الاستقلال الذي نحتفل به اليوم، لم يكن منحة، بل كان ثمرة نضال ووعي، وتكاتف قيادة وشعب، وواجبنا اليوم أن نحافظ عليه ونصونه بتعزيز وحدتنا، وخدمة وطننا، كلٌ في موقعه، كلٌ بحسب قدرته. كما أكد الدكتور الخرابشة ان مدرسة جامعة الحسين بن طلال النموذجية تحرص على غرس القيم الوطنية الراسخة في نفوس أبنائنا الطلبة وتُعزز فيهم الانتماء لهذا الوطن الغالي والولاء لقيادته الهاشمية، وأننا نؤمن بأن بناء الأوطان لا يكتمل إلا ببناء الإنسان وإننا في هذا الإطار نضع التعليم والتربية في صميم رؤيتنا ورسالتنا، فمدرسة الجامعة ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل هي بيئة متكاملة لصناعة الجيل القادر على المواجهة. من جهته قال عميد كلية العلوم التربوية الأستاذ الدكتور عبدالله الدراوشة أننا نحتفل اليوم بمناسبة عظيمة وهي مناسبة عيد استقلال الأردن الغالي وهي مناسبة سطر فيها تاريخ جديد لوطننا الغالي واستعاد فيه الأردنيون سيادتهم على أرضهم وبدأت مسيرة العمل والعطاء بقيادة الهاشميين الذين حملوا الأمانة بكل شرف واخلاص. كما أضاف الدكتور عبدالله اننا اليوم نعاهد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه بأن نكون جنوده الأوفياء ونبني ونحمي وطننا الغالي ونرتقي بالعلم ونساهم في نهضة هذا الوطن وأمنه واستقراره بجهود قواتنا المسلحة الاردنية واجهزتنا الأمنية في وطننا الغالي. واشتمل الحفل على معرض للمأكولات والملابس الشعبية، وقصائد شعرية تغنت بالوطن والقائد، وفقرات فنية قدمها طلبة مدرسة جامعة الحسين بن طلال وفرقة معان للفنون الشعبية، كما تم تكريم وتوزيع الدروع على العديد من الجهات الرسمية في محافظة معان والمشاركين في الحفل.

د: ابراهيم النقرش يكتب: ((الولاء وحب الوطن عقد شرف .. لا وسيلة للإرتزاق))
د: ابراهيم النقرش يكتب: ((الولاء وحب الوطن عقد شرف .. لا وسيلة للإرتزاق))

سرايا الإخبارية

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • سرايا الإخبارية

د: ابراهيم النقرش يكتب: ((الولاء وحب الوطن عقد شرف .. لا وسيلة للإرتزاق))

بقلم : في ظل ما نشهده من تنامي أصوات المديح الزائف والتملّق الرخيص لبعض الشخصيات التي تحاول أن تحتكر الوطنية وتختزل الولاء للملك والوطن في عبارات جوفاء، علينا أن نقف وقفة ضمير ومراجعة حقيقية لمفهوم الولاء والانتماء في وطن بحجم الأردن وتاريخه وقيادته الهاشمية . الولاء لا يُقاس بالصراخ... ومحبة الملك لا تحتاج إلى نِفاق وتملّق ودعوية مُبتدعه تُخرجها من عفويتها وصِدقها، وليس كل من صاح "عاش الملك" مُخلصًا... الولاء يُقاس بالصدق لا بالضجيج. فلم يعد مقبولًا – بل ولم يكن يومًا مقبولًا – أن يُستخدم مفهوم الولاء والإنتماء للوطن والملك كوسيلة للإبتزاز السياسي أو كجسر عبور نحو المناصب. نسمع اليوم عبارات سوقية ممجوجه مثل: "من لا يحب الملك لا يحب الله" أو "الله يلعن أبو اللي ما بحب الملك"، وغيرها من الأقوال المُخجل لفظها ، وهي أقوال لا تصدر عن عقل راشد، ولا تُمثّل فكر سياسي، ولاثقافي أو إجتماعي وليست تعبيرًا عن إنتماء، بل خروج عن الأدب السياسي والديني والأخلاقي. لا أحد يحتكر الحب للوطن أو للملك. نحن الشعب نحب الملك بوعي، وننتمي للأردن بعقيدة فكرية راسخة، لا بِجُمل مسجوعه تُقال على منصات المصالح. هؤلاء لا يخدمون الدوله، بل يُسيئون إليها دون أن يشعروا، ويختزلون الانتماء في التهليل والتطبيل، وكأن الوطن لا يعرف إلا صوتًا واحدًا، ونغمة واحدة. الهاشميون في قلب الشعب... لا يحتاجون تملقًا ولاتزلف. منذ عقود، أثبت الهاشميون أنهم ليسوا بحاجة إلى من "يُرضع الشعب محبتهم"، فمحبتهم مغروسة في قلوب الناس بفعلهم وتاريخهم. الملك الراحل الحسين بن طلال – رحمه الله – لم يكن ملكًا فحسب، بل كان رمزًا للإنسانية والاعتدال، وقد ودّعه الأردنيون بدموع صادقة في لحظات لم تُنسَ. لا أحد أجبرهم على البكاء، ولا على المحبة، بل كانت العاطفة نابعة من الوجدان. واليوم، يسير الملك عبد الله الثاني على ذات النهج. إحترامه بين الناس لم يصنعه إعلام ولا مهرجانات مديح، بل صنعته مواقفه وإنسانيته وقربه من شعبه. هو لا يحتاج إلى من يصرخ ليقنعنا بحبه، ولا يرضى بهذا الخطاب المُبتذل الذي يُستخدم على ألسنة البعض ممن يلهثون وراء المناصب . وقد عبّر ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله عن فهم عميق لطبيعة العلاقة بين الشعب والقيادة، ورؤية التعددية (أن لا خوف من الإختلاف) حين قال إن "التعددية مطلوبة وصحية"، وأن "الإختلاف في الرأي لا يعني الخيانة أو الإقصاء" وأن حرية الرأي ليست ضد الدولة بل صمّام امان لها، هذا هو المفهوم المُتقدم للدولة الحديثة: أن يكون هناك مساحة للإختلاف، للنقد، للنقاش، دون تخوين أو تصنيف. فسموّه لا يُريد دولة الصوت الواحد، بل يُريد دولة تتسع لآراء الجميع، دولة يشعر فيها المواطن بأنه شريك لا تابع، مُخلص لا مُتملّق. التملّق ليس تعبيرًا عن حُب وإنتماء، بل هو شكل من أشكال العبودية السياسية، نَتَاجه بُعد النظام عن الناس بدل أن يُقرّبه. وفيه جبر الناس محبته قسرًا وهذا ليس من طبع الهاشميين ولم نعهده. فالمحبة التي تُفرض لا تُثمر، والولاء الذي يُشترى لا يصمد. من يعتقد أن محبة الملك تمر عبر حفلات المديح والسجود الرمزي هو لا يعرف شيئًا عن المعنى العميق للقيادة الهاشمية، القائمة على الخُلق والدين و التواضع والعمل والأحترام، لا على الفرض والتخويف. نحن الشعب العفوي البسيط الطيب نُحب الملك، ونحترم النظام، لكن من مُنطلق كرامتنا، لا من باب الذل. نحب الوطن، لا لأن أحدًا أجبرنا على حبه، بل لأنه جزء منّا. حُب الملك الحقيقي هو أن نحترمه بعقل، وأن نَصدُقه وننصحه، ولا يُمنع الآخرين من قول الحقيقة، (فالكرامة أساس الولاء) الولاء الحقيقي يبدأ من إحترام النفس، وإحترام الشعب، والإيمان أن الوطن والملك ليس شعارًا بل عقدًا أخلاقيًا بين الدولة والمواطن. نظامنا أقرب إلى الشعب من أن يحتاج لتلك الأقنعة. والملك، بكل ما عرفناه عنه، لا يرضى أن تُمارس باسمه هذه السلوكيات، ولا أن تتحول المناده بمحبته إلى سلعة في يد المنافقين والمُنتفعين. الملك عبد الله، بوعيه السياسي وحكمته، يُدرك من الصادق ومن المُتسلق وأن التملّق لا يبني وطنًا، وأن من يهتف اليوم قد يَخذُل غدًا. ومن يعرف تاريخ هذا الملك، يعلم أنه يُقدّر الصدق، ويقرأ وجوه الناس قبل كلماتهم. أما المؤسسات الأمنية، فهي أدرى الناس بنوعيات البشر ومسالكهم، وتعرف من يردح نِفاقًا، ومن يتكلم حُبًا. ولا يُمكن أن نختم دون أن نذكر أن من أبرز تجلّيات الموقف الهاشمي الصادق هو موقفهم الثابت تجاه فلسطين. لقد كان الملك الحسين سندًا حقيقيًا للقضية الفلسطينية، وظل مدافعًا عنها حتى آخر لحظة. أمّا الملك عبد الله، فقد حمل راية القدس، وظل صوته عاليًا في كل المحافل الدولية، مدافعًا عن الحق الفلسطيني رغم كل الضغوط فكانت فلسطين في قلب الهاشميين دائمًا. هذه مواقف لا تحتاج لمن "يُزمّر ويُطبّل" لها، بل تحتاج من يواصل السير على درب الكرامة والوعي. نعم، نُحب الملك، ونفخر بالوطن بوعي وكرامة دون طمعٍ أو مصلحه، لكننا نرفض أن يحتكر أحد هذا الحب، أو أن يُقاس الولاء بعدد كلمات المديح. نُحب الملك لأننا نُؤمن برسالته، ونحترمه لأننا نحترم أنفسنا. ونرفض أن تُستخدم هذه المحبة لفرض الخوف أو توزيع المناصب ولا نقبل أن يتحول الوطن إلى مسرح للمنافقين والمتنفّعين. محبة الملك نابعة من عُمق الضمير، لا من فوضى الكلمات. والولاء الحقيقي هو ما يحفظ كرامة الوطن، لا ما يبيعها على أبواب الجاه.. طمعاً بمنافعه الشخصيه.

اسماعيل الشريف يكتب : خبر سخيف
اسماعيل الشريف يكتب : خبر سخيف

أخبارنا

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • أخبارنا

اسماعيل الشريف يكتب : خبر سخيف

أخبارنا : المتآمرون الذين أرادوا تدمير الأردن نسوا عاملاً واحداً: الشعب الأردني- الحسين بن طلال. في خضمّ المأساة الإنسانية غير المسبوقة في التاريخ الحديث، التي تعصف بقطاع غزة وتفطر القلوب، تابعنا بكثير من الاشمئزاز ما نشره موقع Middle East Eye من ادعاء بأنّ الأردن يتكسّب من إيصال المساعدات إلى أهلنا في غزة. وقد جاء ردّ الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية حاسمًا وفاصلًا، اتّسم بالوضوح والشفافية، ليدحض هذا الادعاء الكاذب بما لا يدع مجالًا للشك. فقد افتقر التقرير إلى أبسط مقومات العمل الصحفي؛ إذ لم يستند إلى شهادة موثقة، ولا إلى دليل أو وثيقة واحدة تثبت صحة ما ورد فيه، وهو ما يناقض أبجديات الصحافة. بل على العكس تمامًا، فقد أكدت منظمتان دوليتان «إمداد الجنوب الإفريقية» و»كوم الماليزية» أن الأردن لم يطلب منهما أي مبالغ مالية مقابل مشاركتهما في العمليات التي نُفّذت. وإلى جانب هاتين المنظمتين، هناك عشرات المنظمات والدول العربية الشقيقة والأجنبية الصديقة التي شاركت في عمليات الإنزال، ولو أن الأردن تقاضى أي مبالغ منها، لتسرّب ذلك إلى وسائل الإعلام خلال الأشهر التسعة عشر الماضية. بل لكان الصهاينة أول من سعى إلى كشفه، إذ لا شكّ أن موقف الأردن من المجزرة وتحركاته السياسية والإنسانية يغيظهم بشدة. وقد سردت جملة من الأسباب المنطقية التي تثبت كذب هذا الخبر، وقد تناولت معظمها وسائل الإعلام الأردنية بالتفنيد، إضافة إلى الرد الرسمي الواضح من الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية. أول هذه الأسباب أن توقيت نشر التقرير يتزامن مع الحديث عن خطة أمريكية لإيصال المساعدات إلى غزة، وهو ما يثير الشكوك حول وجود أطراف إقليمية ودولية على رأسها الكيان الصهيوني تسعى لسحب ملف الإغاثة من يد الأردن، والترويج لمسارات بديلة، عبر التشكيك في نزاهته، خاصة وأن الاحتلال يستخدم الغذاء والدواء كسلاح في هذه الحرب. وقد يكون الهدف من ذلك توفير غطاء أخلاقي لتدخل أمريكي مباشر يُسوَّق على أنه إنقاذ، في مقابل تصوير الأردن كمستغِلّ للمأساة. وثانيًا، تأتي هذه الادعاءات في سياق محاولة لتحييد الأردن عن الملف الفلسطيني، رغم كونه طرفًا محوريًا ووصيًا تاريخيًا على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ما يجعل من إضعاف مكانته وسيلة لتمرير أجندات لا يرضى بها الأردن. وثالثًا، قد تكون هذه الحملة بمثابة تصفية حسابات سياسية مع الموقف الصلب لجلالة الملك في إيصال المساعدات، وحشده للرأي العام الدولي ضد المجزرة، ورفضه الواضح لتهجير أهل غزة إلى الأردن، وإصراره على دعم صمودهم في وطنهم لا في المنافي. كما تأتي هذه الشائعات في سياق محاولة لإرباك التعاون الأردني الأوروبي المتنامي، خاصة بعد أن قرر الاتحاد الأوروبي تعويض المساعدات التي جمدتها الولايات المتحدة، والتي عادت لاحقًا لاستئنافها. فمثل هذه التقارير قد تخدم توجهًا أمريكيًا للانفراد بالمشهد الإنساني والإغاثي. ومن جهة أخرى، تهدف هذه الادعاءات إلى تقويض ثقة الأردنيين بمؤسسات دولتهم، وعلى رأسها الجيش العربي، الذي يُعد رمزًا للنزاهة والكرامة الوطنية، وواحدًا من آخر القلاع الصامدة في وجه الأطماع الصهيونية. ومن دوافع نشر هذا التقرير أيضًا التغطية على فشل أطراف كثيرة في دعم الشعب الفلسطيني، أو صرف الأنظار عن تعاونها المريب مع الاحتلال في ارتكاب هذه المجازر. أما من الناحية العملية، فالأردن لا يملك السيادة على أجواء غزة، وكل عملية إنزال تتم بالتنسيق مع الاحتلال والأمم المتحدة ومصر الشقيقة، فكيف يُتّهم بالاستفادة من أمر لا يملكه أصلًا؟ ولو كانت هناك مكاسب مادية، لنُشرت التقارير منذ أول عملية، ولتوقفت المساعدات بانتظار الدفع، وهذا لم يحدث إطلاقًا. تاريخيًا، لم يستغل الأردن أي أزمة إنسانية، بل كان دومًا ملاذًا آمنًا للاجئين والمضطهدين من مختلف الدول، وقاسمهم موارده المحدودة، ولم يتاجر بمعاناتهم. ويكفي أن نتأمل المستشفيات الميدانية التي أقامها الأردن في غزة والضفة الغربية، والتي تُدار تحت القصف بجهود كوادر جيشه الباسل، وقد تعرّض بعضهم للإصابة أثناء أداء الواجب، ومع ذلك تموّل المملكة هذه المستشفيات بالكامل، دون خجل من الإعلان عن قبول أي دعم إضافي من الأشقاء أو الأصدقاء. هذا هو زمن الشقلبة، حيث يُصبح الضحية جلاّدًا، والمجرم بريئًا، ويُصوّر الأردن الذي فتح جسوره البرية والجوية منذ اللحظة الأولى لبدء المجزرة كمتَّهمٍ يُراد تشويه صورته عمدًا. لكنّ رد الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية جاء شفافًا، موثقًا، قاطعًا، وداحضًا لهذه الحملة المغرضة. فالأردن لم يعتبر غزة يومًا فرصة، بل مسؤولية. وما يقدّمه لها ليس تجارة، بل التزامًا أخلاقيًا وقوميًا راسخًا. ومهما سعت الجهات المشبوهة إلى تشويه هذا الدور، فإن ثقة الأردنيين بقيادتهم ومؤسساتهم وعلى رأسها جيشهم المصطفوي الباسل هي ثقة مطلقة، تُورّث من جيل إلى جيل، وقد بُنيت عبر السنين على والمواقف الصادقة المشرفة والتضحيات المشهودة. ــ الدستور

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store