
عظمة فك غامضة تكشف عن سلالة بشرية عمرها 190 ألف سنة
كشفت تحاليل جزيئية حديثة أن عظمة فك سُفلي عُثر عليها قبالة سواحل تايوان تعود لما يُعرف بـ"إنسان الدينيسوفا"، وهو فرع غامض من سلالة البشر الأوائل، ولا يُعرف سوى القليل عن سماتهم التشريحية من ضمن مجموعة قليلة من المستحاثات النادرة التي عادة ما تظهر في الصقيع البارد من صحاري سيبيريا في قلب روسيا.
ويُعد هذا الكشف دليلا حاسما على وجود هؤلاء البشر في شرق آسيا، ورغم تعذّر استخراج الحمض النووي من العينة، فإن العلماء تمكنوا من تحديد نوعين من البروتينات داخل ميناء الأسنان (الطبقة الخارجية الصلبة التي تُغلف تاج السن)، وهي بروتينات سبق ربطها حصريا بالدينيسوفيين فحسب.
وأظهرت التحاليل أيضا أن العينة تعود لذكر، وذلك من خلال بروتينات مرتبطة بالكروموسوم "واي". وقد واجه الباحثون صعوبة في تحديد عمر العظمة بدقة نظرا لعدم إمكانية استخدام وسائل التأريخ التقليدية، إلا أن تحليل الأحافير الحيوانية المصاحبة يشير إلى أن عمرها قد يصل إلى 190 ألف سنة، مما يفتح المجال لاحتمال كونها أصغر أحفورة معروفة لإنسان دينيسوفا حتى اليوم.
وقد عاش الجنس الإنساني على الأرض قبل نحو مليونين و400 ألف سنة، ويعتقد العلماء أنه انتشر بشكل أساسي في جوانب قارة أفريقيا، ويضم عائلات مثل النياندرتال والدينيسوفان. وقبل نحو 500 إلى 600 ألف سنة ظهر البشر الحاليون، أو ما يسميه العلماء في هذا النطاق "الإنسان العاقل".
سلالة غامضة واسعة الانتشار
وتأتي أهمية هذا الكشف في كونه يوسّع النطاق الجغرافي المعروف لإنسان دينيسوفا، إذ تُعد هذه العينة رابع دليل أحفوري معروف حتى الآن، إلى جانب عينات من كهف دينيسوفا في سيبيريا، وكهف "بايشيا كيرست" في هضبة التبت، وربما كهف كوبرا في لاوس.
ويمتد الفارق الجغرافي بين أقدم وأحدث هذه المواقع إلى نحو 4500 كيلومتر، مما يعكس قدرة هذه السلالة البشرية القديمة على التكيف مع بيئات متباينة تتراوح بين البرودة الجبلية في التبت والرطوبة الاستوائية في جنوب شرق آسيا.
ورغم تزايد الأدلة على انتشارهم، لا يزال إنسان دينيسوفا واحدا من أكثر فروع البشر القدماء غموضا، فقد عُثر على أول دليل لوجودهم مصادفة عام 2010 من خلال حمض نووي عُثر عليه في كهف بسيبيريا، وكانوا قد تزاوجوا مع الإنسان الحديث قبل أن يختفوا لاحقا لأسباب لا تزال غير مفهومة.
وتبقى البقايا الأحفورية المرتبطة بهذه السلالة محدودة للغاية، ومُقتصرة على شظايا من العظام والأسنان، دون أي هيكل عظمي مكتمل حتى اليوم، مما يعيق فهم شكلهم الجسدي أو أسلوب حياتهم بدقة. غير أن الدراسة الحديثة تُشير إلى أن فك الذكور لديهم كان عريضا، وأسنانهم كانت أكبر حجما من تلك الموجودة لدى الإنسان اليوم.
أما آخر أحفورة مؤرخة بالدقة العلمية فهي قطعة ضلع من كهف "بايشيا"، تعود إلى نحو 40 ألف عام، ورغم انقراضهم، فإن إرثهم الجيني لا يزال قائما وفقا لتحاليل الحمض النووي. فقد أثبتت الدراسات الوراثية أن بعض الشعوب في شرق وجنوب شرق آسيا تحمل آثارا من الحمض النووي لهم، وهو ما يُعد دليلا على تداخل الماضي السحيق في تشكيل الحاضر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
٢٢-٠٤-٢٠٢٥
- الجزيرة
كيف عاش البشر حينما انقلبت أقطاب الأرض قبل 41 ألف سنة؟
خلال تاريخها الطويل، شهدت الأرض ضعفًا ملحوظًا في مجالها المغناطيسي أكثر من مرة، بل ورصد العلماء انقلابات كاملة لمغناطيسية الأرض. ولا يعني ذلك انقلاب الأرض نفسها، لكن انقلاب أقطابها المغناطيسية فقط، ويعني ذلك أن البوصلة لو كانت موجودة وقتها، فإنها ستتجه للجنوب بدلا من الشمال. انحراف لاشامب أقرب هذه الأحداث لنا زمنيا يسمى "انحراف لاشامب"، حيث ضعف المجال المغناطيسي وانقلب بشكل غير مستقر (لكنه غير كامل) ثم عاد إلى وضعه الطبيعي. استمر الأمر لحوالي ألف سنة فقط، وكان أقصى ضعف للمجال المغناطيسي خلاله لمدة 250 سنة تقريبًا، وخلال الذروة، انخفضت شدة الحقل المغناطيسي بنسبة حوالي 90% عن مستواها الطبيعي. بمعنى أوضح، كانت الأرض تقريبا دون درع يحميها. جعل ذلك الأرض أكثر عرضة للإشعاعات الكونية والشمسية، بما في ذلك الأشعة فوق البنفسجية الضارة، مما شكل تحديات للحياة على الكوكب، حيث يمكن أن يؤدي هذا الإشعاع إلى مشاكل صحية، بما في ذلك تلف الجلد وزيادة معدلات الطفرات. كيف تكيف البشر؟ تشير دراسة حديثة من جامعة ميشيغان، نُشرت في مجلة ساينس أدفانسز، إلى أن البشر طور إستراتيجيات تكيفية للتخفيف من هذه التحديات، والتي ربما ساهمت في بقائهم، وتراجع أعداد إنسان النياندرتال. وبحسب الدراسة، وضع البشر المغرة على بشراتهم، وهي صبغة طينية طبيعية غنية بأكسيد الحديد، وتشير الدراسات التجريبية إلى أن المغرة قادرة على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية، وتعمل كواقٍ شمسي بدائي، وبالتالي فقد وفرت هذه الممارسة الحماية من التعرض المتزايد للأشعة فوق البنفسجية. إلى جانب ذلك، تشير الأدلة إلى أن الإنسان العاقل أنتج ملابس مُفصّلة باستخدام أدوات مثل الإبر والمخرز، وقد وفرت هذه الملابس حماية أفضل من العوامل البيئية، بما في ذلك الأشعة فوق البنفسجية. وفي تلك الفترة، شهد استخدام الكهوف كمأوى ارتفاعًا ملحوظًا، إذ وفرت الحماية من الإشعاع وظروف الطقس القاسية. في هذا السياق، افتقر إنسان نياندرتال، الذي تعايش مع الإنسان العاقل خلال هذه الفترة، إلى أدلة على سلوكيات تكيفية مماثلة، ويعقد الباحثون أن ذلك جعلهم أكثر عرضة للتحديات البيئية في ذلك الوقت، وربما تسبب ذلك في تراجع أعداد إنسان النياندرتال. هل يمكن أن نشهد انحراف لاشامب جديدا؟ انعكس المجال المغناطيسي للأرض مرات عديدة عبر تاريخه بمعدل وصل إلى مرة كل 200 ألف إلى 300 ألف عام تقريبًا، لكن رغم ذلك كانت هناك انقلابات أبعد زمنيا، وحدث آخر انقلاب كامل ومستقر منذ حوالي 780 ألف عام. يقترح فريق من العلماء أننا قد نكون على موعد مع انقلاب آخر قريب نسبيا، حيث ضعف المجال المغناطيسي للأرض تدريجيًا على مدار الـ150 عامًا الماضية، خاصةً فوق منطقة تُسمى شذوذ جنوب الأطلسي، حيث تتعرض الأقمار الصناعية لمزيد من الإشعاع، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الانقلاب وشيك. وفي كل الأحوال، فإن الانقلابات المغناطيسية عمليات بطيئة تستغرق عادةً آلاف السنين، حيث لا ينقلب المجال المغناطيسي بين عشية وضحاها، بل يضعف، ويتحرك، ثم يُعيد توجيهه. إذا حدث ذلك فقد يؤدي ضعف المجال المغناطيسي إلى وصول المزيد من الإشعاع الشمسي والكوني إلى السطح، وخاصة في المناطق القطبية والاستوائية، وقد يؤثر هذا على الأجهزة الإلكترونية والأقمار الصناعية، وقد تتعطل شبكات الكهرباء، ونظام تحديد المواقع العالمي. لكن في هذا السياق لا يُتوقع حدوث انقراضات جماعية، حيث لا يوجد دليل على أن الانعكاسات المغناطيسية تسببت في انقراضات جماعية في الماضي. ومثلما فعلت في الماضي، فمن المرجح أن تتكيف الحياة على الأرض، بما في ذلك البشر، مع هذا الوضع، خاصة مع التكنولوجيا الحديثة.


الجزيرة
١٧-٠٤-٢٠٢٥
- الجزيرة
عظمة فك غامضة تكشف عن سلالة بشرية عمرها 190 ألف سنة
كشفت تحاليل جزيئية حديثة أن عظمة فك سُفلي عُثر عليها قبالة سواحل تايوان تعود لما يُعرف بـ"إنسان الدينيسوفا"، وهو فرع غامض من سلالة البشر الأوائل، ولا يُعرف سوى القليل عن سماتهم التشريحية من ضمن مجموعة قليلة من المستحاثات النادرة التي عادة ما تظهر في الصقيع البارد من صحاري سيبيريا في قلب روسيا. ويُعد هذا الكشف دليلا حاسما على وجود هؤلاء البشر في شرق آسيا، ورغم تعذّر استخراج الحمض النووي من العينة، فإن العلماء تمكنوا من تحديد نوعين من البروتينات داخل ميناء الأسنان (الطبقة الخارجية الصلبة التي تُغلف تاج السن)، وهي بروتينات سبق ربطها حصريا بالدينيسوفيين فحسب. وأظهرت التحاليل أيضا أن العينة تعود لذكر، وذلك من خلال بروتينات مرتبطة بالكروموسوم "واي". وقد واجه الباحثون صعوبة في تحديد عمر العظمة بدقة نظرا لعدم إمكانية استخدام وسائل التأريخ التقليدية، إلا أن تحليل الأحافير الحيوانية المصاحبة يشير إلى أن عمرها قد يصل إلى 190 ألف سنة، مما يفتح المجال لاحتمال كونها أصغر أحفورة معروفة لإنسان دينيسوفا حتى اليوم. وقد عاش الجنس الإنساني على الأرض قبل نحو مليونين و400 ألف سنة، ويعتقد العلماء أنه انتشر بشكل أساسي في جوانب قارة أفريقيا، ويضم عائلات مثل النياندرتال والدينيسوفان. وقبل نحو 500 إلى 600 ألف سنة ظهر البشر الحاليون، أو ما يسميه العلماء في هذا النطاق "الإنسان العاقل". سلالة غامضة واسعة الانتشار وتأتي أهمية هذا الكشف في كونه يوسّع النطاق الجغرافي المعروف لإنسان دينيسوفا، إذ تُعد هذه العينة رابع دليل أحفوري معروف حتى الآن، إلى جانب عينات من كهف دينيسوفا في سيبيريا، وكهف "بايشيا كيرست" في هضبة التبت، وربما كهف كوبرا في لاوس. ويمتد الفارق الجغرافي بين أقدم وأحدث هذه المواقع إلى نحو 4500 كيلومتر، مما يعكس قدرة هذه السلالة البشرية القديمة على التكيف مع بيئات متباينة تتراوح بين البرودة الجبلية في التبت والرطوبة الاستوائية في جنوب شرق آسيا. ورغم تزايد الأدلة على انتشارهم، لا يزال إنسان دينيسوفا واحدا من أكثر فروع البشر القدماء غموضا، فقد عُثر على أول دليل لوجودهم مصادفة عام 2010 من خلال حمض نووي عُثر عليه في كهف بسيبيريا، وكانوا قد تزاوجوا مع الإنسان الحديث قبل أن يختفوا لاحقا لأسباب لا تزال غير مفهومة. وتبقى البقايا الأحفورية المرتبطة بهذه السلالة محدودة للغاية، ومُقتصرة على شظايا من العظام والأسنان، دون أي هيكل عظمي مكتمل حتى اليوم، مما يعيق فهم شكلهم الجسدي أو أسلوب حياتهم بدقة. غير أن الدراسة الحديثة تُشير إلى أن فك الذكور لديهم كان عريضا، وأسنانهم كانت أكبر حجما من تلك الموجودة لدى الإنسان اليوم. أما آخر أحفورة مؤرخة بالدقة العلمية فهي قطعة ضلع من كهف "بايشيا"، تعود إلى نحو 40 ألف عام، ورغم انقراضهم، فإن إرثهم الجيني لا يزال قائما وفقا لتحاليل الحمض النووي. فقد أثبتت الدراسات الوراثية أن بعض الشعوب في شرق وجنوب شرق آسيا تحمل آثارا من الحمض النووي لهم، وهو ما يُعد دليلا على تداخل الماضي السحيق في تشكيل الحاضر.


الجزيرة
٢٣-٠٣-٢٠٢٥
- الجزيرة
ما سر المرونة الاستثنائية لخيوط العنكبوت؟
تختلف شباك العناكب في صلابتها ومرونتها حسب الغرض منها. فحرير السحب، على سبيل المثال هو الأكثر صلابة ويستخدمه العنكبوت عند التنقل أو الهروب من الخطر. أما حرير الالتقاط، فهو أكثر مرونة ويستخدم في الأجزاء اللزجة من الشبكة التي تساعد على الإمساك بالفريسة دون أن تنكسر الألياف أو تنقطع الشبكة. هناك أيضًا حرير البيوض الذي يتميز بصلابته الشديدة لحماية البيوض، وحرير التغليف وهو أكثر ليونة ويستخدم لشل حركة الفريسة. وتنتج بعض العناكب أيضًا حريرًا مخصصًا للجسور، وهو مزيج من القوة والمرونة يسمح ببناء جسور بين الأسطح المختلفة قبل إنشاء الشبكة الكاملة. ألياف بديعة ولكن كيف يتحكم العنكبوت في درجات مرونة وصلابة شباكه؟ هذا ما أجاب عنه باحثون من جامعة نورث وسترن الأميركية حينما نجحوا في التوصل إلى السبب العلمي وراء اختلاف صلابة ومرونة تلك خيوط العنكبوت. وعندما تنسج العناكب شباكها، لا يقتصر الأمر على إفراز الخيوط وهندستها في شكل شبكة فحسب، بل هناك عملية شد مُعقدة -لهذه الخيوط بأرجلها الخلفية- تعتبر عاملا رئيسيا في تقوية الألياف الحريرية وجعلها أكثر صلابة ومتانة بحسب دراسة جديدة نشرت بدورية "ساينس أدفانسيز". ويقول جاكوب غراهام، طالب الدكتوراه في قسم الهندسة الميكانيكية جامعة نورث وسترن، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تصريحات حصرية للجزيرة نت "من خلال نمذجة الحرير على المستوى الجزيئي، تمكنا من إظهار أن الشد المسبق للبروتينات الفردية يحسن محاذاتها على طول محور الألياف مما يعزز عدد الروابط الهيدروجينية بين البروتينات المجاورة". ويضيف "وبينما يزيد هذا من القوة النهائية المطلوبة لكسر الألياف، فإن البروتينات الفردية تكون قد فقدت جزءًا من مرونتها، مما يقلل من قدرة الألياف على التمدد قبل الانكسار. وبالتالي، فإن درجة الشد أثناء معالجة الألياف تحدد التوازن بين القوة والمرونة في الألياف الحريرية المُهندَسة". قوة كامنة في الشد يمكن تخيل خيوط العنكبوت وكأنها مجموعة من السلاسل الدقيقة المتشابكة، تمامًا مثل خيوط الحبال التي نستخدمها يوميًا. وعند شد هذه الخيوط، تصبح أكثر ترتيبًا وتتماسك بشكل أقوى مما يزيد من متانتها. وعلى المستوى الجزيئي، تحتوي ألياف العنكبوت على سلاسل بروتينية صغيرة ترتبط مع بعضها البعض بروابط تسمى الروابط الهيدروجينية. وعندما تُشد الألياف، تصطف هذه السلاسل في اتجاه واحد وتزداد الروابط بينها، مما يجعل المادة أكثر صلابة ولكن أقل قدرة على التمدد. وهذا يعني أن قوة الألياف تعتمد على مقدار الشد الذي تعرضت له أثناء نسجها. ولم يكن من الممكن رؤية هذه التفاصيل الدقيقة بالتجارب المخبرية وحدها. لذا، استخدم فريق البحث نماذج حوسبة متقدمة لمحاكاة كيفية ترتيب البروتينات أثناء عملية الشد مما كشف عن تغيّر في حجم البُنى البلورية الهيدروجينية المسماة بلورات البيتا، وهي هياكل بلورية تتشكل داخل ألياف العنكبوت عندما تصطف سلاسل البروتين في نمط منظم، مما يعزز من قوة المادة. وتعتبر هذه البُنى البلورية مسؤولة عن منح الألياف صلابتها العالية، حيث تعمل كمناطق داعمة تمنع تمزق الألياف بسهولة. وأثناء عملية الشد، يزداد ترتيب هذه الهياكل البلورية مما يؤدي إلى تقوية الألياف أكثر. وتتشكل الروابط الهيدروجينية الداخلية داخل الجزيء الواحد، مما يساعد على الحفاظ على استقرار بنيته. أما الروابط الخارجية، فتتكون بين سلاسل بروتين مختلفة، مما يساهم في تعزيز تماسك الألياف ككل. وعند شد ألياف العنكبوت، تتكسر بعض الروابط الداخلية لتحل محلها روابط خارجية أقوى مما يحسن من صلابة الألياف ولكن يقلل من مرونتها إلى حد ما، وهو ما يجعل عملية الشد آلية ضابطة لمرونة وصلابة الألياف وفقًا للوظيفة المنوطة بها. مستقبل ألياف العنكبوت الاصطناعية من الناحية الصناعية، يمكن أن تحل ألياف العنكبوت المُهندَسة محل مواد صناعية قوية مثل الكيفلار والنايلون، مما يوفر بديلًا أكثر استدامة وصديقًا للبيئة. غير أن التحدي الأكبر يتمثل في تطوير طرق تصنيع واسعة النطاق لهذه الألياف ومستدامة بيئيًا. ويمثل فهم تحسين المواد التطورية تحديًا كبيرًا، إذ أن تاريخ الطفرات البروتينية ليس محفوظًا بشكل مثالي في السجل التطوري. ومع ذلك، فإن التنوع البيولوجي الواسع للحشرات الموجودة اليوم يسمح للعلماء بمقارنة تسلسلات البروتين والسلوك عبر الأنواع. ورغم أن أي عنكبوت يمكنه إنتاج الحرير من عدد محدود فقط من البروتينات فإنه من الممكن تحقيق مجموعة واسعة من الخصائص من نفس المكونات عندما يقوم العنكبوت بتعديل القوة التي يستخدمها لنسج وشد الخيوط. وهذا يوضح بالفعل كيفية تحسين خصائص المواد من خلال الجمع بين تطور البروتين والتكيف السلوكي. يقول غراهام "يجب على أي باحث يقوم بتصنيع مواد محاكاة حيوية أن يدرس بعناية السياق الذي تطورت فيه المادة لتجنب إغفال الخطوات الحاسمة في عملية الإنتاج". ويقول الباحث الرئيسي بالدراسة "الحرير يتميز بكثافة منخفضة، مما يجعله أخف وزنًا بكثير مقارنة بالمواد القوية الأخرى مثل الفولاذ والكيفلار. وهذا يحسن بشكل كبير من إمكانية نقله، وهو أمر مرغوب فيه في مجالات مثل التكنولوجيا الفضائية والمعدات الواقية. ويضيف أنه "يمكن تحسين عملية الشد لإنشاء شباك شحن صلبة لتأمين الحمولات الثقيلة أو أقمشة مرنة ومتينة لإبطاء الأجسام المتحركة بسرعات هائلة".