
جورج أورويل: نصف أديب عظيم! (1)
قد تكون شهرة كتابٍ ما حين تطغَى؛ سببًا لاختفاء أعمال أخرى للكاتب نفسه، ربما تكون أشدَّ أهمية، أو على الأقل ذات أهمية في موضوعها وبابها..
لا شك أن قراء الأدب، خاصة بعد تفشي العناية بأدب الاستشراف والأدب السياسي في العقد الأخير، مُصاحِبًا للتغيرات السياسية الكبرى، سواء التي عرفها العالم العربي أو عرفتْها عموم أقاليم الدنيا، أقول: لا شك أنهم قد قرؤوا وتناقشوا في رواية "1984" للروائي الإنجليزي الشهير جورج أورويل، وربما بدرجة أقلَّ روايته القصيرة "مزرعة الحيوان"، وكلاهما تُدرَجان ضمن الأدب السياسي، لكن الأولى تندرج كذلك في أدب التنبؤات أو الاستشراف، الذي كان أورويل متشبها فيه بأستاذه وأستاذ التنبؤات والاستشرافات: هربرت ويلزHerbert G.Wells ، صاحب الروايات الشعبية مثل "آلة الزمن" و"الحرب الخفية" وغيرهما.
غير أن إنتاج أورويل الكتابي لم ينحصر فيما هو شائع بين القراء والشباب في عصرنا، بل كان كاتبا صحفيا في عدة مجلات وجرائد من بينها مجلة: أدلفي Adelphi ، والكتابة الجديدة "New Writing ، وFortnightly Review"، والأفق "Horizon و Tribune" ، وغيرها. ولعله كان حَذِرًا في كتابة النصوص الطويلة، ومسترسلا في الكتابات اليومية الموجهة للصحافة، ما يعني أنها للقارئ العام والمثقف الشعبي، الذي لا يرغب أن يفوته شيءٌ من الثقافة العمومية التي تأتي بها وسائل الإعلام آنذاك.
وربما لأجل هذا كانت كتابات أورويل الصحفية تتراوح بين أن تكون عالية القيمة في موضوعها وبين أن تكون شديدة التفاهة (يجب أن نقول هذا بصراحة وسأضرب مثالا على ذلك) أو غاية في البساطة، حتى إننا يمكن أن نطرح سؤالًا على شاكلة: لماذا كتب أورويل هذا أصلا؟ أكتبه فعلا ليُنشر في الصحافة أم ليُرمَى في سلة المهلات؟ أكان واعيًا حين أرسل المسودة لمحرر الصحيفة أم كان ثَمِلًا؟
لماذا أكتب؟ هذا العنوان بالضبط كان عنوان مجموع مقالاته، الكتاب الذي يحتوي على 300 صفحة، في ترجمة عربية أراها غاية في السوء، من مترجم بحريني اسمه علي مدن، منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر سنة 2013، وبدعم من وزارة الثقافة بمملكة البحرين. لا أدري: أكان المترجم يمتلك بجدارة مستوى يؤهله لاستخدام الإنجليزية والتحدث والكتابة بها، حتى نفكر في الخطوة اللاحقة، الترجمة منها، أم لا؟ لأنه حين قراءتي لمجموع المقالات، وبحكم اختصاصي وعنايتي بالعربية، وجدت أن المترجم كان يقدم لنا عباراتٍ مفككةً، وأخطاءً لغويةً بكمية كافية لإثارة الاشمئزاز. على أي حال؛ فإنه مع ذلك يمكن العثور على المعنى المقصود من خلال عمليات ذهنية، باستخدام الحد الأدنى من الجُمَل والكلمات الصحيحة. هذه وظيفة العقل، ويجب عليه أن يتحمل المسؤولية في مواقف كهذه.
"لماذا أكتب؟" كان عنوانا خادعًا للقارئ المعاصر، ولكنه معروف في الأدبيات القديمة جدا، والمقصود استعمال عنوان فصل ما داخل الكتاب ليكون عنوانًا الكتاب بأكمله، دون أن تكون له أي علاقة أو ارتباط واضح أو غير واضح ببقية الفصول وموضوعاتها. وهذا يثير الريبة، خاصة في كتب المقالات والمجموعات القصصية مثل "كليلة ودمنة"، الذي هو عنوان لإحدى قصص الكتاب الشهير.
أما عن كتاب أورويل، هذا فإنه مقالات متناثرة (عددها 19 مقالةً) أرسل بها إلى محرري الصحف والجرائد في مناسبات أو في غير مناسبات، بعض المقالات جاءت في شكل قصص شخصية للكاتب، مثل "واقعة شنق" و"قتل فيل" و"مراكش"، وبعضها مقالات نقدية مثل "مارك توين" و"السياسة في مواجهة الأدب: فحص في أسفار غوليفر"، والمقالة الأكثر أهمية مطلقًا وهي "داخل الحوت"، وكذلك "لماذا أكتب؟"، التي سمى بها الكتاب كاملا، وغيرها، وهناك مقالات أخرى تافهة بكل صدق، مثل مقالته عن كيفية تحضير كوب شاي، سماها "كوب لطيف من الشاي"، يصف فيها عشر خطوات لإعداد كوب شاي بأسلوب فيه بعض السخرية، وأخرى بعنوان "بعض الأفكار حول العلجوم الشائع"، يتحدث فيها عن ذلك الحيوان الذي يعيش في برك الماء وقريبا من المستنقعات، وقد كان على ما يبدو يثير فيه تأمُّلًا رومانسيا نحو الطبيعة!
كانت مقالته الأكبر حجمًا والأغزر فائدة هي "داخل الحوت"، وهي تقع في قرابة 60 صفحة، يمكن في رأيي أن تُقتَطَعَ وتُنشرَ وحدها، مع تقديم بقلم ناقد متمرس، وتوزع على طلاب الأدب الإنجليزي والأدب الحديث عموما، لأنها تجربة فريدة تظهر إحاطة أورويل بالمصنفات الأدبية الإنجليزية في وقته، سواء تلك التي كان يكتبها الأدباء الشباب، أو من هم أقدم منهم تجربةً من الأدباء الذي يُطلق عليهم: الأدباء المُكرَّسون.
فأورويل حين يبدأ الكلام في هذه المقالة عن رواية "مدار السرطان"، للكاتب والرسام الأمريكي هنري ميللر، التي أثارت ضجة عند نشرها في باريس أول مرة، بسبب إباحيتها وفُحشها؛ فإنه يتنقل رويدا رويدا بين النصوص الشائعة وغير الشائعة، ويُجرِي مقارنات دقيقة بينها، ويتنقل في الحديث عن موضوعات الرواية وشعبيتها وانحسارها، وشهرة مؤلفيها وخفوت بعضهم، ويسرد خلال ذلك عشرات الأسماء الأدبية في بريطانيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
حين نطالع هذه المقالة التي تستحق أن تُقرأ عدة مرات وتُشرح وتُعرَض للحوار؛ نتلمس بكل سهولة روح الناقد في كتابة أورويل، وتختفي ذاتيَّتُهُ إلى أبعد حد، تلك الذاتية المرتبطة غالبًا بكونه هو الآخر كاتبًا وأديبًا، فالكاتب الذي ينتج النصوص ويرغب في أن تنال نصوصه شهرة ورضا بين عموم القراء والنقاد يصعب أن يكون متوازنا عند الحديث عن نصوص أدباء آخرين، خاصة أولئك الذين يعاصرهم، وأولئك الذين يشاركونه البلد نفسه (في اصطلاح التراث الإسلامي يطلق على الأول: المُعاصر والعصريّ وعلى الثاني: البلدي، أي الذي يشاركك البلد ذاته)، لكننا نجد أن أورويل قد وصل إلى درجة من النجاح في تجاوز تلك العقبة، وتحقيق التوازن..
فإلى أي مدى كان ذلك النجاح؟. بيان ذلك في مقالة تالية متممة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
٣٠-٠٣-٢٠٢٥
- الجزيرة
رواية "نجوم ورفاقها" لصالح أبو أصبع.. الذاكرة المستعادة والبحث عن الخلاص
يستأنف الأديب الدكتور صالح أبو أصبع (مواليد سلمة، يافا، 1946) في روايته الجديدة (نجوم ورفاقها) تجربته القصصية والسردية التي بدأها منذ منتصف ستينيات القرن العشرين أثناء دراسته في القاهرة، واجتهد طوال السنين في توسيعها وتعميقها من خلال مجموعاته القصصية التي حرص على نشرها خلال العقود الخمسة السابقة، وهي المجموعات الآتية: عراة على ضفة النهر، القاهرة، مطبعة المعرفة، 1972. محاكمة مديد القامة، بيروت، دار القدس، 1975. أميرة الماء، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1978. وجوه تعرف الحب، قبرص، دار الملتقى، 1992. قصص بلون الحب: أربع مجموعات قصصية (الأعمال القصصية)، عمان، 2001. دعوة عشاء وقصص أخرى، كتاب (دبي الثقافية)، 2016. وتأتي الرواية القصيرة التي تحمل عنوان (نجوم ورفاقها) المنشورة حديثا عن (دار أزمنة) في عمّان، في سياق هذه التجربة السردية المتميزة، وتبدو -لمن يعرف عالم القصة القصيرة عند صالح أبو أصبع- استئنافا وتوسيعا لكثير من الخيوط والفجوات التي تضمنها عالمه القصصي في مجموعاته القصصية التي أشرنا إليها، فهو ابتداء لم يبتعد عن تلك المنطقة الأثيرة التي اهتمت بها معظم قصصه. وأعني الكتابة في ظلال القضية الفلسطينية وتجربة المقاومة بوصفها السبيل المتاح أمام الإنسان الفلسطيني لاستعادة وطنه، والمحافظة على هويته في طريق الصراع الطويل، ومعنى ذلك أن الكتابة الأدبية عند صالح أبو أصبع تكافئ التعبير عن فقدان الوطن، والاحتفاظ بفلسطين هوية ووجودا من خلال الذاكرة واللغة. ذلك أن الكتابة في مثل هذا الحال ضرب من التثبيت والأرشفة في مواجهة محاولات المحو والإزاحة، كما أنها تتخذ وظيفة المرآة التي يرى المرء فيها جانبا من ذاته، أو مما فقده، إلى جانب السعي إلى استعادته أو الاحتفاظ به ولو من خلال اللغة الأدبية التي تسمح بتمثيل الفردوس المفقود، مثلما تسمح للضحايا أن يُسمِعوا صوتهم للآخرين، ويرووا حكايتهم أمام محاولات الإسكات والتغييب. جماليات "النوفيلا" تثير هذه الرواية مسألة أجناسيّة مما يتمثل في تحديد الجنس الأدبي الذي تنتمي إليه، وبالرغم من تجنيسها (وفق الغلاف) ضمن جنس (الرواية) فإننا نراها أقرب إلى جنس مجاوِر هو "النوفيلا" أو "الرواية القصيرة". وهو جنس يقع في المنطقة التي تتوسط "القصة القصيرة" و"الرواية" ويختلف عن الجنسين المجاورين في عدة أمور، مثلما يرتبط معهما في الوقت نفسه، ذلك أن طول الشريط اللغوي مقارنة بالقصة القصيرة يخلّف آثارا على طريقة البناء واللغة السردية والتعامل مع مختلف العناصر المكوّنة للعمل السردي. وكذلك فإن كثافة التعبير وقِصَر الشريط اللغوي مقارنة بالشكل المألوف للرواية يخلّف من جهة أخرى تأثيرات تؤدّي إلى التخلص من سمات الرواية التي تتيح الاستطراد والتوسّع والتفصيل، لصالح الكثافة والاجتزاء والاختصار مما يبدو أقرب إلى سمات القصة القصيرة. رواية "نجوم ورفاقها" يحسُن أن تُقرأ بوصفها "رواية قصيرة" تقارب عالمها بتقنيات قصصية مكثفة ومختزلة كأنها قادمة من عالم القصة القصيرة، وهذه ظاهرة وجدناها في كثير من الروايات التي كتبها مبدعون لهم خبرة طويلة بفن القصة القصيرة، فتجد أنهم يميلون إلى الكثافة لا إلى الاستطراد والتوسع، وإلى التركيز والمعنى المختزل لا إلى الإطالة والتشتيت. ويمكن ملاحظة بعض ما نشير إليه في تصميم الفصول القصيرة وفي تجزئة مادة الرواية باقتضاب بين هذه الفصول، فالوحدة المكثفة من هذا النوع هي وحدة قصصية لا تسمح بالإطالة والتفصيل، وهو بناء معروف من أبنية الرواية القصيرة ذات الفصول والوحدات المترابطة. رواية الشخصية الإنسانية يمكن وصف هذه النوفيلا بأنها ضرب من رواية الشخصية، ذلك أنها تركّز على الشخصيات وتتخذ منها مفاتيح أساسية للقول السردي، بدءا من الراوي (أحمد السلماوي) الذي يمثل شخصية كاتب وصحفي، وهو أيضا المؤلّف الضمني للرواية، إذ يتولى مهمة السرد عن نفسه وعن بقية الشخصيات في معظم الأحيان. فهو إلى حدّ كبير قناع المؤلف الحقيقي أو الوسيط والصوت الفني الذي يَعهَد إليه بالسرد نيابة عنه، وتتيح له طبيعته الفنية وقربه من الشخصيات والأحداث المروية أن يقدمها من منظوره ويختار منها ما يلائم الأسلوب المكثف الذي مالت إليه الرواية، أي أنه لا يروي كل ما يعرف وإنما يختار ما يراه كافيا لإقامة بناء الرواية وإيصال الرسالة التي يعبر عنها. وإذا انطلقنا من كشاف المحتويات فسنجد أن الرواية تميل إلى النظام الإطاري، من خلال وجود "مدخل: توضيح لا بد منه" و"خاتمة: كلمة الراوي الأخيرة" وهذان الإطاران (إطار الافتتاح وإطار الختام) من حصة "أحمد السلماوي" يضاف إليهما 3 فصول من الفصول الخمسة عشر (الأول، التاسع، الخامس عشر) وإلى جانب هذا الحضور المكثف فإن السلماوي لا يغيب عن بقية الفصول حتى لو سميت بأسماء شخصيات أخرى. فهو يحضر فيها جميعا، بصفته شخصية مشاركة وبصفته راويا ومؤلفا ضمنيا من مهمته تنسيق الأحداث واختيار ما يلائم منها وفق المنظور الذي اختاره لبناء الرواية وتوجيهها. فهو إذن أبرز الشخصيات من ناحية الحضور الكمي والنوعي ومن ناحية الدور الفني أيضا، حتى لو لم يكن له ذلك الدور الموسع من ناحية السيطرة على الأحداث. تحمل بقية الفصول أسماء شخصيات الرواية التي يقدم الراوي/الكاتب أحمد السلماوي أطرافا من حكاياتها، وهي شخصيات متنوعة تمثل كل واحدة منها نمطا من الأنماط، ويمكننا عبر تحليلها معرفة بعض مرامي الرواية ومنظور مؤلفها الحقيقي المتخفّي وراء شخصية أحمد السلماوي. وقد حضرت شخصية امرأة تحمل اسم "نجوم" على نحو كثيف نسبيا، وقد منحها حضورها في عنوان الرواية تمييزا وتفريدا عن بقية الشخصيات، ذلك أن عتبة العنوان أهم العتبات وأكثرها لفتا للانتباه. كما حضرت في فصلين داخل الرواية سُمّيا باسمها، هما الفصل الأول والفصل الحادي عشر، وظل لها حضورها في بقية الفصول من خلال قوة ارتباطها بأحمد السلماوي، الراوي والمؤلف الضمني واتصالها بمعظم الشخصيات الأخرى. وهناك شخصيتان هما "أسامة" "وعبد الغافر عمران" لهما حضور مكثّف من خلال دلالة الفصول، فقد جاء اسم كل واحد منهما عنوانا لفصلين من الفصول الخمسة عشر، وأما بقية الشخصيات فكان نصيبها فصلا واحدا (ريما، ليزا، أم محمد، زهراء، هاني، جورج الراعي). وهناك شخصيات أخرى في الرواية لم يجر تسمية فصول باسمها ولكنها حاضرة في ثنايا السرد منها: شخصية الشهيد خالد الرماد، الذي ورد محكيا عنه في أكثر من موقف، وتبيّنت صلته تدريجيا ببقية الشخصيات. وكذلك شخصية الصحفيين الأجنبيين اللذين تعرّف إليهما أحمد السلماوي عندما دعته "نجوم" لمقابلتهما في إطار التواصل مع الكتاب والصحفيين الأجانب الذين كانوا يتصلون بالثورة الفلسطينية وقياداتها ومؤسساتها. الرواية والأنواع المتخللة من طبيعة الرواية انفتاحها على الأنواع الأخرى وإمكانية أن تستوعب في نسيجها أنواعا متخللة، وقد لجأ المؤلف إلى تضمين الرواية رسالة طويلة نسبية من صديق الراوي (علي عشري) من مصر، لتمثل هذه الرسالة نموذجا مهما على تداخل الرواية مع الرسالة، وكيفية إدماجها في النسيج الروائي. وإلى جانب الرسالة وظف المؤلف قصيدة شعرية في موقع آخر، أيضا جاءت على قدر من الطول بحيث احتلت مساحة واضحة وأدت دورا ضمن بناء الرواية. وهناك أيضا ما يمكن تسميته بالحكايات الفرعية التي ترد فيما يقرب من استطراد بعض الشخصيات في الانتقال من تجربتها إلى تجارب أخرى أثّرت فيها، فتندفع لتحكيها أو تسردها، مما يكشف عن بعض الإمكانات السردية التي تقتضي أن تنشَدّ هذه الأنواع وتلك الحكايات إلى البنية العامة ولا تبعد عنها بل تمضي في خدمة الصورة العامة للرواية. دور المرأة برز الاهتمام بدور المرأة من خلال عدة شخصيات، في مقدمتها شخصية "نجوم" مديرة مدرسة الأشبال وأبناء الشهداء، تلك التي جدد الراوي التواصل معها بعدما تبين أنها رفيقة طفولته منذ زمن بعيد، وانتهى الأمر بزواجه منها في نهاية الرواية. وهناك أيضا "ريما" التي ظهرت أول الأمر مدرّسة في مدرسة الأشبال، ولكنها غيرت طريقها فشاركت في عملية داخل الوطن المحتل، واستشهدت بعد أسرها، تاركة ذكريات حاضرة في قلوب من عرفوها. وهناك أيضا زهراء وأم محمد، وكلهن يمثلن نساء فلسطين في نضالهن وفي مشاركتهن. وتقترب شخصية "أم محمد" من شخصية "أم سعد" في رواية غسان كنفاني المعروفة، فهي مثلها سيدة بسيطة في ظاهرها ولكنها شخصية غير هينة كما ترسمها الكتابة، إذ تضحّي دون حساب، وتقدم أبناءها بصبر وثبات في طريق التحرر. كما أنها تتردد على الراوي وتساعده في أعمال بيته ويدير معها حوارات تتظاهر بالعفوية ولكنها تكشف عن عمق الأم الفلسطينية وعطائها اللامحدود، تشقى في سبيل لقمة العيش، وتصر على الإقامة في المخيم، تخرج منه لشؤون العمل ولكنها تؤوب إليه لأنه يجمع معارفها وجيرانها وأهلها، ويذكّرها بفلسطين وبعموم شعبها المشرد. ولعل هذه الرواية بتركيزها على هذه الشخصيات النسوية تؤكد حضور المرأة في السياق الثوري والواقعي الفلسطيني، وتسمح للقارئ بأن يتساءل معها عن إسهام الثورة في تحرير المرأة من سياقها الاجتماعي المستبد. وهناك عدة مقاربات بحثية وأدبية لهذه المسألة، يمكن أن نعد مساهمة هذه الرواية واحدة منها. قضية الهوية وفي تفصيل من تفاصيلها تقدم الرواية مقاربة لمسألة الهوية والجنسية، ذلك أن إحدى شخصياتها وهو "جورج الراعي" يمثل شخصية شاب فلسطيني مسيحي من الناصرة أصلا، ولكنه تجنس بالجنسية اللبنانية، ضمن ما أتيح للمسيحيين الفلسطينيين، في سياق صراع المكونات اللبنانية. قاربت الرواية مسألة الهوية والجنسية من خلال هذه الشخصية، عبر انخراط الشاب في العمل من خلال التنظيم الفلسطيني الذي يقوده، ومع تقدير الفلسطيني لجنسيات الدول التي اضطر إلى حملها في طريق الهجرة ولواحقها فإن تلك الجنسية لا تسقط حقه الوطني وحقه في النضال والعودة. الجنسية يمكنك التخلي عنها وهي تتعلق بأوراق وإثباتات مفيدة في الحياة العملية المعاصرة، ولكنها ليست مساوية أو بديلا عن الهوية حتى لو كانت مفقودة أو مهددة مثل الهوية الفلسطينية. تجارب أجيال تعرض الرواية تجربة أكثر من جيل، جيل الآباء والأمهات قبل النكبة، وجيل ثان يمثل أبناء النكبة الذين شهدوا أحداثها أطفالا أو فتيانا، ثم جيل ما بعد النكبة الذي ولد في مخيمات اللجوء. هذه الأجيال تتوارث تجاربها، وترى في احتلال وطنها وتهجيرها أساس مشكلتها وتحديها، وهي في كل ما تفعله مهما يكن عملها وتجربتها ومهنتها تعمل لتغيير واقع الاحتلال، بل إن "ريما" مثلًا (وهي أنموذج معبّر) تختار أن تترك التعليم في مدرسة الأشبال وأبناء الشهداء وتشارك مشاركة مباشرة في إحدى العمليات داخل الوطن المحتل، وتستشهد برضا مفضلة هذه النهاية وهي في شبابها وأمامها خيارات متعددة للنضال والمواجهة. اختار المؤلف مجموعة من الشخصيات المتنوعة التي تمثل حلقة من حلقات تلك التجربة الفلسطينية التي احتكمت إلى الظروف التاريخية والجغرافية المحيطة بها آنذاك، وروى جانبا حيويا من تجاربهم وتطلعاتهم من خلال صوت الراوي (أحمد السلماوي) الذي يحدد في بدء الرواية منظوره وما سيرويه ويختاره: "أنا أحمد السلماوي، أروي لكم حكاية بعض الذين التقوا في مخيمات اللجوء الفلسطينية في لبنان في سبعينيات القرن الماضي وتنتهي أول الثمانينيات عند الاجتياح الإسرائيلي للبنان". يحكي الراوي هذه الحكاية بعد عقود من انتهائها وشتات أبطالها وشخصياتها لتكون الكتابة شاهدا على عطاء هذه الشخصيات وعلى ما قدمته في مسيرتها النضالية، وعلى تطلعاتها التي انكسرت ولم تتحقق تماما كما أرادت وحلمت، فقد انتهى ذلك بشتات جديد عاشته تلك الشخصيات بعد الخروج من بيروت. هموم فلسطينية قدمت الرواية إضاءات مركزة على عدد من الهواجس المهمة التي صاحبت الأدب المرتبط بفلسطين، وفي مقدمتها مسألة جدل الحياة والموت، وحضور الاستشهاد والتضحية في سبيل تحقيق حياة أفضل للأجيال القادمة، فمعظم الشخصيات تحتفظ بتجارب قاسية تتصل بما شهدته أثناء احتلال فلسطين في نكبة عام 1948، منها فقد الآباء والأمهات والأهل بصورة مؤلمة، ومنها فقد الأبناء في مسيرة المقاومة والقصف الإسرائيلي على المخيمات. مما جعل الموت قريبا متداخلا مع الحياة، وإحدى شخصيات الرواية (نجوم الفاروقي) مثلت شخصية مديرة لمدرسة الأشبال من الأيتام وأبناء الشهداء، إلى جانب ما عاشته وعاشه معها الراوي أحمد السلماوي إبان احتلال قريتهما قبل راهن الرواية بسنوات. ما من شخصية من شخصيات الرواية إلا ولها مأساتها الخاصة، وفقدها الخاص، حتى غدا هذا الفقد عاما يشمل الجماعة الفلسطينية بأسرها، نتج عنه هذا الوعي بمبدأ الموت من أجل الحياة، وأنك إذا لم تذهب إلى الموت/الاستشهاد فإنه سوف يأتي إليك، وكما تقول أم محمد، العاملة في مدرسة الشهداء التي فقدت زوجها وأبناءها شهداء وظلت متماسكة صامدة: "إذا لم نضحّ نحن فمن يضحي؟ نحن مثل الشجرة كلما قلّمتها ازدادت نموا وقوة". تبدو معظم هذه الشخصيات مسكونة بالذاكرة المتألمة المرتبطة بالنكبة، فكأن حياة الفلسطيني بأسرها وبكل أجيالها هي ردّ على ذلك الحدث القاسي، وفي حوارات الشخصيات وأحاديثها يحضر الماضي دوما إلى جانب الحاضر ويرسمان معا آفاق مستقبل غائم يشبه الحلم أكثر مما يبدو واقعيا أو ممكنا. وليس من حلم لدى مثل هذه الشخصيات أكثر من التحرر وتحقيق أمل العودة إلى الوطن الذي انتزعت منه، أو انتزع جيل آبائها. وكل ما تقوم به هو الاستجابة الطبيعية للتهجير والشتات وما صاحبه من الترويع والقتل والإبادة. تمثل الرواية بمجملها حلقة من حلقات تجربة الجماعة الفلسطينية في شتاتها وصمودها ومقاومتها للذوبان والضياع، ولذلك تطرح مشكلة الهوية وما تعرضت له من محاولات المحو والتغييب، وتدعو إلى الحفاظ عليها بكل صورها الموروثة وبضرورة نقلها إلى الأجيال الجديدة. مما يبدو في مناهج التعليم التي طبقتها مدرسة الأشبال وأبناء الشهداء، ومما يبدو في حوارات الشخصيات وأحاديثها وتبادلها للخبرات والذكريات التي لا تبعد عن مكونات هذه الهوية وكيفية الحفاظ عليها وتناقلها بالقول والفعل، بالسلم أو الحرب. وبالرغم من شتات الشخصيات في نهاية الرواية فقد أبقى الراوي في خاتمته النهاية مفتوحة على الاحتمالات، فلقد انطوت مرحلة من المراحل، وجولة من الجولات. ولكن الصراع سيظل مفتوحا باقيا حتى يحقق الشعب الفلسطيني حريته وحقه في الوجود العادل على أرضه التي انتزع منها في واحدة من أقسى تجارب الشتات الجماعي في التاريخ الإنساني بأسره.


الجزيرة
١٥-٠٢-٢٠٢٥
- الجزيرة
أيامي وطموحاتي (3)
لم تكن قراءة الكتب بالشيء العسير بالنسبة لي؛ فقد نشأت – ومنذ سنوات دراستي الإعدادية- على حب المطالعة، وقراءة الأشعار التي كانت تجذبني إليها جمالية القافية وحضور المعنى، خاصة في أبيات المعلقات التي تعود للعصر الجاهلي، أعني بذلك عصر ما قبل بزوغ فجر الإسلام. وكنت أحفظ عن ظهر قلب أبيات عمرو بن كلثوم وامرئ القيس، وكذلك أشعار حاتم الطائي، هذا الرجل الذي كتب له التاريخ أن يشتهر بالكرم. وأذكر هذه الأبيات المليئة بالحكمة وعمق المعنى: فلا الجود يفني المال قبـل فنائـه ولا البخل في مال الشحيح يزيد فلا تلـتـمـس رزقًا بعـيـش مقـتـر لكـل غــد رزق يـعـود جــديـــد ألـم تـر أن الـرزق غاد ورائــح وأن الــذي أعــطـاك سوف يعيد ومن أشعاره أيضًًا: فن عالم الرواية العربية، ظهر متأخرًا عند العرب، على عكس الأوروبيين عمومًا، والفرنسيين على وجه الخصوص؛ فشتان بين أدب الرواية التي ذاع صيتها منذ العصور الوسطى في فرنسا وإنجلترا، وأدب لم يظهر إلا أوائل القرن العشرين في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا كما كنت أحفظ أشعار المتيمين بالحب، كقيس وليلى، وأشعار عنترة بن شداد المتيم بحب عبلة، بل وكنت أقرأ أيضًا أشعار الرثاء، كرثاء الخنساء لأخيها صخر. كانت سنوات الدراسة الإعدادية بمثابة فرصة للتعرف على فن الهجاء، خاصة بين جرير والفرزدق، وفتح الباب أمام فن المقامة، مقامات بديع الزمان الهمذاني الشهيرة، التي لعظمها تدرَّس في جامعة ميشيغان الأميركية، وفي العديد من الجامعات العربية. ومن جمالية الكلام والتلقي في فن المقامة، قرأت أيضًا كتاب "كليلة ودمنة"، الذي يزاوج في المعنى بين عالم الحيوان (هذا العالم المفترس، والذي تميل فيه الكفة للقوي والذكي) وعالم الإنسان، الذي يميل إلى حب الهيمنة والاستحواذ إلى حدِّ الجشع. هذا الكتاب الذي اقتبس منه الكاتب الفرنسي لافونتين (Lafontaine) أقصوصاته عن الحيوانات تحت عنوان: "Les Fables de Lafontaine". جاء هذا الإنجاز الأدبي متأخرًا بقرون عن العرب والفرس والهند، الذين كانوا السباقين إليه. وتأتي حكايات "ألف ليلة وليلة" لتشهد على هذا النبوغ العربي، من خلال إظهار ذكاء المرأة وحنكتها في تجاوز التهديدات بالقتل. قيل إنها ليست عربية الأصل، وإنما تعود لغربي وجنوبي آسيا، ثم تمت ترجمتها فيما بعد إلى العربية، وقيل إنها مزيج من الحكايات ذات الأصول الهندية، والفارسية، والعربية، ومن الحضارة المصرية القديمة. وسبق لي أن قلت إنني خلال مرحلتي الجامعية درست رواية "شودرلو دو لاكلو" التي عنوانها "العلاقات الخطيرة"؛ وفكرة هذا الكتاب، الذي ظهر في فرنسا في القرن الثامن عشر، قد تعود إلى المفكر والفيلسوف العربي أبي العلاء المعري في كتابه "رسائل المعري"، حيث إن هذه الرواية الفرنسية هي عبارة عن رسائل متبادلة بين الفيكونت دو فالمون (De Valmont)، والمركيز دو ميرتوي (La Marquise de Merteuil). ومن الدواوين الشعرية التي كانت بحوزة والدي أتذكر ديوان الشاعر الصوفي المغربي عبدالرحمن المجدوب. ولا أزال أتذكر بيتًا شعريًا له: سوق النسا سوق مطيار… يا الداخل رد بالك وهذا البيت الشعري يبين خطورة الوقوع في فتن النساء، ويذكّر الرجال بأهمية الحرص. ومن أبياته أيضًا هذا البيت الذي ينصح فيه الناس، ذاكرًا عدم جدوى الحرص على الحياة، وأنه على الرغم من تكالب الأقدار على المرء، فإن الفرج قريب: إعلان لا تخمم، لا تدبر، لا تحمل الهم ديمة الفلك ما هو مسمر، ولا الدنيا مقيمة ومن أشعاره التي تنم عن عمق الحكمة هذا البيت الذي يبين عدم اكتراث الأغنياء بهموم الفقراء: المكسي ما دري بالحافي والزاهي يضحك على الهموم اللي نايم على الفرش دافئ والعريان كيف يجيـه الـنوم ربما كانت هذه الأشعار بمثابة نقطة البداية بالنسبة لي، للتعرف على الأدب العربي، بجمالية لغته، ودقة تعابيره. في المرحلة الثانوية من مشواري الدراسي، بدأت أغوص في عالم الرواية العربية، هذا الفن الذي ظهر متأخرًا عند العرب، على عكس الأوروبيين عمومًا، والفرنسيين على وجه الخصوص؛ فشتان بين أدب الرواية التي ذاع صيتها منذ العصور الوسطى في فرنسا وإنجلترا، وأدب لم يظهر إلا أوائل القرن العشرين في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا. وهذا يطرح تساؤلات كثيرة عن سبب تأخرنا، وغياب علو الهمة عندنا على خلاف الغرب، الذي خرج من تخلفه في العصور الوسطى (حيث الجهل واستفحال الأمراض وغياب الأمن وسيادة النظام الإقطاعي، وهيمنة الكنيسة، واندلاع الحروب كحرب المائة سنة بين فرنسا وإنجلترا، والحرب الدينية بين البروتستانت والكاثوليك أواخر القرن السادس عشر، والحروب الصليبية على الشرق، وحروب نابليون التي وصلت حتى روسيا) إلى أمة شبه موحدة، يجمعها حب المصلحة، والرغبة في التفوق. وليس هذا استعظامًا للغرب على حساب الشرق؛ إذ كان العرب والفرس هم السباقين إلى علوم كثيرة، كالجبر والهندسة والأدب والبصريات والفلك والكيمياء، عبر أسماء نُقشت على الكتب، على شاكلة عباس بن فرناس، والخوارزمي، وابن سينا، والفارابي، وجابر بن حيان. لكننا بعد الاستقلال عن الهيمنة الإمبريالية صار كل همنا الانضمام إلى المعسكر الشرقي أو الغربي، والوصول إلى السلطة عبر الانقلابات العسكرية، وتجويع الشعوب عبر اعتماد سياسات تقشفية، تستثنى منها الطبقة السياسية التي تسيِّر دواليب السلطة، ولم نتعلم من دروس الماضي وجراحه، بل بقينا كقطعان تسيِّرها حفنة من عديمي الشعور بالمسؤولية. والدليل على هذا التأخر هو أنه ظهرت في سنوات السبعينيات من القرن الماضي حركة ووك (Wook) أو (Wookisme) في الولايات المتحدة الأميركية لتستنهض الهمم لدى الطوائف المنبوذة في المجتمع الأميركي، خاصة الأقليات من السود الذين يتعرضون للعنصرية والإقصاء من جوانب مهمة في الدولة. ظهر الووكيزم على يد صحفي أميركي ذي أصول أفريقية (ويليام ميلفين كيلي) من خلال مقال له في جريدة نيويورك تايمز سنة 1962. وفي سنة 1971، تحولت هذه الفكرة إلى قطعة مسرحية (كارفي ليفز) لباري بيكهام، ثم تطورت هذه الفكرة لتصبح شعارًا للنضال السياسي، خاصة بعد اغتيال مالكوم إكس ومارتن لوثر كينغ، وبلغت أوجها سنة 2016 بعد ظهور حركة "حياة السود مهمة" (Black lives matter). وإذا قارنا فترة ظهور الووكيزم بالولايات المتحدة الأميركية (1962) بالفترة نفسها لدى العرب، فسنجد سباتًا طويلًا لدى المثقفين العرب. هذا السبات ترجمته هذه الأبيات الشعرية للشاعر العراقي معروف الرصافي، الذي وافته المنية قبل بروز هذا التيار سالف الذكر بثلاثة عقود: يا قــوم لا تتكـلـمـوا إن الـكـلام مـحـــرم ناموا ولا تستيقـظوا ما فــاز إلا الــنُّـــوَّم وتأخروا عن كل ما يقضي بأن تتـقـدموا ودعوا التـفـهم جانبًا فالخير أن لا تفهموا وتثـبـتوا في جهـلكم فالــشر أن تـتـعلموا


الجزيرة
٠٤-١٢-٢٠٢٤
- الجزيرة
أحد أبطال "لوكي" بلا مأوى بسبب خلاف مع والديه والخدمات الاجتماعية تتدخل
أعلن الممثل البريطاني جاك فيل -الذي لعب دور "لوكي الطفل" في الموسم الأول من مسلسل "لوكي" (Loki)- أنه يعيش بلا مأوى ويبحث عن مساعدة لإيجاد مكان للإقامة. الممثل البالغ من العمر 17 عاما، نشر عدة مقاطع فيديو على "تيك توك"، كشف فيها عن وضعه الصعب قائلا، "مرحبا، أنا ممثل معروف، أبلغ من العمر 17 عاما، وأنا بلا مأوى. قد تعرفونني من مسلسل "لوكي"… لم أشارك الكثير عن حياتي الشخصية من قبل، لكن أعتقد أن الوقت قد حان للكشف عن الحقيقة. من دون الخوض في الكثير من التفاصيل، تعرضت للإساءة في المنزل. كان هناك عنف جسدي وإيذاء عاطفي وغير ذلك". وبحسب موقع "فاراييتي" الأميركي، فقد أوضح فيل أنه لم ينشأ في بيئة مستقرة قائلا، "لم أحظَ بتربية جيدة. كنت أعاني من مشاكل نفسية. لدي التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وحاليا يتم فحصي للتأكد مما إذا كنت أعاني من اضطراب ثنائي القطب أو الذهان". إلى جانب ظهوره في مسلسل "لوكي"، شارك فيل في مجموعة واسعة من الأعمال، منها أفلام مثل "المفضل" (The Favourite) و"الفاسد" (The Corrupted) و"تعال بعيدا" (Come Away) و"اسمي ليني" (My Name Is Lenny)، بالإضافة إلى مسلسلات تلفزيونية مثل "المحيطي" (The Peripheral) و"اتصل بالقابلة" (Call the Midwife) و"نجم معدني" (Tin Star). كما ذكر فيل أنه لا يستطيع الإقامة مع أجداده بسبب مرض جده الذي يعاني من حالة صحية خطيرة. وأضاف: "ليس لدي مكان آخر أذهب إليه، وأحتاج إلى المساعدة. لقد رفضت الخدمات الاجتماعية مساعدتي، رغم كل ما أخبرتهم به. أنا في حالة يأس. كنت أنام في الشوارع، وحاليا أقيم في مقطورة مكسورة النوافذ وغير آمنة تبعد ساعتين عن مكان عملي. هذا يجعل الذهاب إلى العمل يوميا تحديا كبيرا. الحياة صعبة جدا. في الوقت الحالي، ليس لدي شيء آخر. أنا أستغيث بكم أن تنشروا رسالتي وأن تسلطوا الضوء على كيفية تعامل الحكومة مع الأطفال في مثل هذه الحالات". "فاراييتي" لفت إلى أن فيل أعلن عن تطور إيجابي في قضيته، بعد أن لاقت مقاطع الفيديو التي نشرها انتشارا واسعا أمس الثلاثاء. وأوضح أن الخدمات الاجتماعية تواصلت معه وبدأت بمناقشة إمكانية وضعه في نظام الرعاية البديلة. ووجه الممثل البريطاني الشكر لمتابعيه الذين ساهموا في نشر قصته قائلا: "لا أعرف ما الذي فعلتموه، لكن الرسالة وصلت، وهذا ساعدني كثيرا. لقد بدؤوا الآن في اتخاذ الإجراءات اللازمة. إنهم يفعلون شيئا بالفعل. بارك الرب فيكم جميعا. شكرا جزيلا".