إمام المسجد النبوي : الأعمال الصالحة لا تنقطع بانقضاء المواسم
تحدّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم عن أهمية المداومة على فعل الأعمال الصالحة من صلاة، وذكر، وصيام، وتلاوة القرآن الكريم، وصدقة، ودعاء، مبينًا أن العبد المؤمن لا ينقطع عن أداء الطاعات والعبادات على مرّ الأزمان.
وأوضح فضيلته في خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي أن صفحاتُ اللَّيالي تُطْوَى، وساعات العُمُرِ تنقضي، مشيرًا إلى مُضي أيَّامٌ مباركات من شهر رمضان المبارك، قَطَعَتْ بنا مرحلةً من مراحل العُمُرِ لن تعود، مَنْ أحسن فيها فَلْيَحمدِ اللَّه وَلْيُواصلِ الإحسان، وأن الطَّاعة ليس لها زمنٌ محدود، بل هي حَقٌّ للَّه على العباد، إذ قال الله تعالى: 'وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِين'.
وبيّن الشيخ القاسم أن مَن قَصَد الهدايةَ يَهْدِهِ الله إليها، ويثبِّته عليها، ويزدْه منها، فقال سبحانه: 'وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ'، مضيفًا، أن مَن عمل صالحًا، فَلْيَسألِ اللَّهَ قَبولَه، وإذا صاحَبَ العملَ الصالحَ الدَّعاءُ والخوفُ من اللَّه رغَبًا ورهبًا، كان مَحَلَّ ثناءٍ من اللَّه، والمؤمن يجمع بين إحسانٍ ومخافة، فإذا أتمَّ عملًا صالحًا فَلْيَخْشَ من عَدَمِ قَبولِه، حَالُه كما قال سبحانه: 'وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ'.
وأفاد أن الأعمالُ الصَّالحةُ إذا لم تكن خالصةً عن الشَّوائب لم تكن عند اللَّه نافعة، فَلْيَحْذَرِ العبدُ بعد رجاءِ قَبولِ عَمَلِه من إحباطِه وإفسادِه، إذ أنَّ السَّيِّئاتِ قد يُحْبِطْنَ الأعمالَ الصَّالحاتِ، كما أن من مفسدات العمل الصَّالح العُجْبُ به، لما يورثه من التقصير في العَمَل، والاستهانةِ بالذُّنوب، والأَمنِ مِنْ مَكْرِ اللَّه.
وقال إمام وخطيب المسجد النبوي: 'إن العبدُ مأمور بالتَّقوى في السِّرِّ والعلن، ولا بُدَّ أن يقع منه أحيانًا تفريطٌ في التَّقوى، فأُمِر أن يفعل ما يمحو به هذه السَّيِّئة وهو إتباعها بالحسنة، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: 'اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ'. (رواه أحمد).
وتابع بقوله: 'إذا تقبل الله عملَ عبدٍ وفقه لعمل صالح بعده، والاستقامةُ على طاعة اللَّه في كلِّ حين من صفات الموعودين بالجَنَّة، فأَرُوا اللَّهَ مِنْ أنفسِكم خيرًا بعد كلِّ موسمٍ من مواسم العبادة، واسألوه مع الهداية الثَّباتَ عليها، وسَلُوه سبحانه الإعانةَ على دوام العَمَلِ الصَّالح، فقد أَوْصَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم معاذًا أن يقول في دُبُرِ كلِّ صلاة: 'اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ' (رواه أحمد).
وحذّر الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم من الانقطاعَ والإعراضَ عن الطاعات، موضحًا أن خير العمل وأحبّه إلى اللَّه ما داوم عليه العبدُ ولو كان قليلًا، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:' أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: أَدْوَمُهَا، وَإِنْ قَلَّ' (متفق عليه).
وزاد مذكرًا، أن كلُّ وقتٍ يُخْلِيه العبدُ من طاعةِ مولاه فقد خَسِرَه، وكلُّ ساعةٍ يَغْفَلُ فيها عن ذِكْرِ اللَّه تكونُ عليه يوم القيامة ندامةً وحسرة، ومَنْ كان مُقَصِّرًا أو مُفَرِّطًا فلا شيءَ يَحُولُ بينه وبين التَّوبة ما لم يُعايِنِ الموت، فاللَّيالي والأيَّام خزائنُ للأعمال يجدها العِباد يومَ القيامة. مبينًا أن الأزمنةُ والأمكنةُ الفاضلةُ لا تُقَدِّسُ أحدًا ما لم يعمل العبدُ صالحًا، ويَسْتَقِمْ ظاهرًا وباطنًا.
وختم فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة موضحًا أنه إذا انقضى موسمُ رمضان؛ فإنَّ الصِّيامَ لا يَزالُ مشروعًا في غيرِه من الشُّهور، ومن ضمن الأعمال الصالحة والطاعات أن يُتبع صيامَ رمضان بصيامِ سِتٍّ من شوَّال، وإن انقضى قيامُ رمضان، فإنَّ قيامَ اللَّيلِ مشروعٌ في كلِّ ليلةٍ من ليالِ السَّنَة، كما أن القرآن الكريم كثير الخير، دائم النفع، وكذلك الدُّعاءُ لا غِنَى عنه في كلِّ حين، والذِّكْرُ لا حياةَ للقلوبِ إلَّا به، والصَّدَقةُ تزكّي الأموالَ والنفوسَ في جميع الأزمان، داعيًا إلى المبادرة إلى الخيرات إذا فتحت أبوابها، فالمَغْبُونُ مَنِ انصرفَ عن طاعة اللَّه، والمَحْرُومُ مَنْ حُرِمَ رحمة اللَّه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة عاجل
منذ 3 ساعات
- صحيفة عاجل
اللواء المربع يتفقد جوازات جسر الملك فهد
تفقد مدير عام الجوازات المكلّف اللواء الدكتور صالح بن سعد المربع جوازات جسر الملك فهد بالمنطقة الشرقية، للوقوف ميدانيًا على الخدمات التي تقدمها الجوازات لحجاج بيت الله الحرام، وتسهيل إجراءات دخولهم بيسر وسهولة.


رواتب السعودية
منذ 3 ساعات
- رواتب السعودية
اللواء المربع يتفقد جوازات جسر الملك فهد
نشر في: 22 مايو، 2025 - بواسطة: خالد العلي تفقد مدير عام الجوازات المكلّف اللواء الدكتور صالح بن سعد المربع جوازات جسر الملك فهد بالمنطقة الشرقية، للوقوف ميدانيًا على الخدمات التي تقدمها الجوازات لحجاج بيت الله الحرام، وتسهيل إجراءات دخولهم بيسر وسهولة. وحثّ اللواء المربع منسوبي الجوازات في المنفذ على تقديم أفضل الخدمات، وبذل أقصى الجهود لخدمة الحجاج بما يعكس الصورة المشرفة للجهات العاملة في خدمة ضيوف الرحمن. وتأتي هذه الجولة ضمن سلسلة الجولات التفقدية التي ينفذها مدير عام الجوازات على مختلف المنافذ البرية والبحرية والجوية، بهدف التأكد من جاهزيتها لاستقبال حجاج بيت الله الحرام. الجوازات السعودية (@AljawazatKSA) May 22, 2025 المصدر: عاجل


الحدث
منذ 4 ساعات
- الحدث
في خطبة لسماحة مفتي عام المملكة عن بعد 'وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون' دعوة ربانية للتوحيد الخالص
متابعات - احمد آل عثمان ألقى سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، درسًا علميًا عن بعد بعنوان: (وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون)، تناول فيه أهمية التوحيد والإخلاص لله تعالى في العبادة، مؤكدًا أن الغاية من خلق الجن والإنس هي عبادة الله وحده لا شريك له. واستهل سماحته درسه بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم استدل بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ليؤكد أن العبادة لا تصرف إلا لله، مشددًا على أن الله وحده هو المستحق للعبادة دون غيره، وأن صرف أي نوع من العبادة كالدعاء أو الذبح أو النذر لغير الله يعد شركًا. كما بيّن سماحته أن الله سبحانه هو الخالق الرازق المدبر، وأن المخلوق لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، مستشهدًا بقوله تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ…)، مضيفًا أن الله أرسل الرسل لهداية الناس إلى عبادته، وأن من أشرك بالله لم تُقبل منه عبادته. وشدد المفتي العام على أن التوحيد هو طريق الأمن والهداية، مستدلًا بقوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ…)، مؤكدًا في الوقت ذاته أن الله لا يحتاج إلى وسطاء أو شفعاء في العبادة، مستشهدًا بقول الله عز وجل: (قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا). وفي ختام الدرس، أوصى سماحته بالإخلاص لله، واجتناب الشرك ووسائله، كما دعا بالثبات والهداية للمسلمين، وبالتوفيق والسداد لولاة أمر هذه البلاد، وختم بالصلاة والسلام على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين. وكان سماحة المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ قد افتتح الدورة العلمية الكبرى «إتحاف الناسك بأحكام المناسك» في المسجد الحرام، التي أطلقتها رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي بالتعاون مع الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء خلال الفترة من 19 ذي القعدة إلى 5 ذي الحجة 1446هـ.