
الشعر بين نداء العاشق وهتاف الحياة
تسيطر هموم العشق وما يثيره من مكابدات عاطفية على أجواء ديوان «عاشقة ولا أنظر في النهر» الصادر عن دار «سراس» للشاعرة التونسية آمال موسى، ويتحول كينونةَ وجودٍ وحياة؛ فلا تستحضر الشاعرة العشق برموزه ودلالاته كقيمة مطلقة مجردة، لا علاقة لها بالواقع المعيش، إنما هو ابن هذا الواقع، من نبعه يستفي فيضه وتوهجه، وانطفاءه وذبوله أيضاً. يحيل إلى ذلك على نحو لافت، عنوان الديوان، الذي يكرس برمزيته لنهر الذات الخاص، ويعلي من شأنه، في مقابل غض النظر عن النهر بمفهومه المادي المباشر الماثل للعيان، يعزز كل هذا شعرية تعتمد على المكاشفة والبوح، تغلف نصوص الديون، وتتقلب ما بين الوضوح والجرأة والحدة، والهدوء المفاجئ، الذي يبدو بمثابة استراحة مؤقتة للذات من مكابدات هذا العشق؛ تتأمل تحت مظلتها الواقع والأشياء من نقطة الصفر، وتلملم ما قد تناثر في قلب النص «المتن»، وعلى الخواف من فتات، يشكل خليطاً من الأفكار والرؤى البسيطة والمعقدة التي تحكم الوجود، وتنتهك دورانه الطبيعي بتعقيدات الفلسفة التي تحبس الحياة في طوفان من الأسئلة العقلية ذات المنطق المراوغ.
وسط كل هذا تبحث الشاعرة عن نقطة تلمّ شتات المتناقضات، ربما تستقيم العلاقة، وتصبح أكثر وضوحاً بخاصة بين العلة والمعلول، أو بين الدال والمدلول. اللافت أيضاً أن البحث عن هذه النقطة، يظل مفتوحاً بحيوية على شتى العناصر والأشياء التي تشكل حركة الحياة والوجود، فلا بأس أن تستدعى هذه النقطة من عوالم الطفولة تداعب من خلالها الأم، حيث تتصدر صورتها المشهد، وتتذكر ابنتها الشاعرة كيف أنها لم تعجن الخبز يوماً، وأنها كانت تتمنى أن تتعلم منها خبيزه وتشم رائحته الشهية، وهو ما يطالعنا في النص الذي تستهل به الديوان «أَعلَّمُني عجينَ الخبزِ بكلِّ شيء»، حيث اللعب على وتر الزمن، وفي لحظة عبثية تبدو فيها الذات وكأنها تدور على نفسها تحت رحاه الثقيلة الوطأة، فتقول في مقاطع من النص:
«ها أنّيِ في اللحظة الصفرِ من العشقِ
في اللحظة الصفرِ من الكتابةِ
في اللحظة الصفرِ من المعنى
في اللحظة الصفر من المتعةِ
في اللحظة القصوى من الملّلِ
أُجالسُ عاشقاً مُنهكاً وجان بودريار ورولان بارت
وجسداً يحملُ حلُماً تجاوز الشهرَ التّاسعَ بعشرةِ أيامٍ.
قلتُ لبودريار:
الدّالُ والمدلولُ عادا إلى الصفر أخيراً
عادا قُبَيلَ موسمِ الحصادِ بقليلٍ، يُلملمانِ شتاتَ
معنىً جديدٍ
أخضرَ لم يبلغِ السعادةَ بعدُ
لم يأخذْ من السّماءِ كفايتَه من الماءِ
بينَ الصِّفرِ وإكسيرِ الحياةِ سرٌ لم يهتكْهُ بودريار.
الصِّفرُ ليس موتاً
ليس وحدةً
الصِّفرُ بدايةُ حبٍّ جديدٍ
تحرُّشُ الفكرةِ بِجسدي
واستسلامي لها
زفافٌ بينَ دال ومدلولٍ في ذروةِ الانحرافِ بالكلماتِ
هما أنا وأنت يا عاشقي المنهك».
نلاحظ هنا أن الشاعرة استخدمت دال الصفر، ليس بمعنى النهاية أو العدم، إنما بمعنى المقدرة على التشبث بإرادة الحياة، وكأنها في هذه النقطة الصفرية تحديداً تولد بشكل جديد. وسط الانهاك تستدعي صورة الأم والخبز، ولا يتسم هذا الاستدعاء بالحنين إلى الماضي فقط، إنما باللعب معه أيضاً، كأنه حلم يتراءى في المنام:
«قال لي رجلٌ رأيتُه يمسكُ بِيَدي في المنامِ:
الحياة ترتشفُ قهوتَها باردةً.
يا أيتّهُا الحياةُ:
أمي من نساءِ المدينةِ
لم تعجنِ الخبزَ يوماً
لم أتعلَّمْ صُنعَ الخُبزِ
ما جدوى القراءةِ والكتابةِ والأناقةِ والانتباهِ للتفاصيل
والقبضِ على الشياطينِ من وراءِ الملائكةِ؟
لم أتعلَّمْ عجْنَ الخُبزِ
وعندما جرَّبتُ
هالني ما يتطلَّبهُ الخُبزُ من عِنادٍ
لستُ عنيدةً بِما يكفي
هكذا اعترفَ لي عجينُ الخبزِ الذي لم أُفلحْ في مزيدِ
من استفزازِ بياضِهِ».
في المطبخ يرافقها هذا المشهد، كظل لها بخاصة في نص «أنا والبيضة شقيقتان» فتحاور كائناته «الملاعق والشوك والسكاكين والأطباق» وغيرها، وكأنها عناصر حية، تتمتع بعلائق سرية لوحدة وجود، تملك القدرة على تفكيكه وصياغته من جديد، وتوهم بأن ثمة حواراً متقطعاً ومتخفياً بينها وبين هذه الكائنات يتسرب في نسيج بعض النصوص ويبلغ ذروته من التهكم والسخرية حين يستحضر رموزاً من أبرز صانعي الفلسفة والفكر والحكمة في العالم.، مثل جان بودريار، رولان بارت، كارل ماركس، ميشيل فوكو، أرسطو، أفلاطون، كما تقول في هذا النص:
«أشياءُ كثيرةٌ في مطبخي تُشبهني
أتماهى معَ هذه الأشياءِ ونُؤنسُ بعضَنا.
الماءُ والنّارُ والكهرباءُ
الخضارُ والفواكهُ الممتلئةُ بالماءِ والفواكهِ الجافَّةِ
الصحونُ والكؤوسُ
وأواني الطبخ النّحاسية تروي سيرةَ امرأة من
القيروان
ملاعقُ صغيرةٌ وكبيرةٌ في مقاساتِ أحلامي
النّحيفةِ والمُكتنزةِ قليلاً
وسكينٌ واحدة.
لا أحبُّ السّكاكين.
في السَّكاكين يختبئُ خوفُ هابيلَ».
.........
«المطبخ غرفةٌ تستيقظُ فيها الشهواتُ
حسابُنا البنكيُّ المبعثرُ داخلَ الثلاجةِ وبينَ الطاولةِ
وسلة المُهملاتِ.
البعضُ يكتبُ
البعضُ يُعدُّ طعامَه
وأنا أكتبُ وأطبخُ
بعضي يُعِدُّ طبقاً عاشقاً لقطبٍ قد يطرقُ بابَ مطبخي
وكلي يكتبُ الشّعر لبطلٍ صنعتُه يدايَ بالماءِ
والخيالِ ورطلٍ من شهد الملكات.».
تخلص الشاعرة في هذا النص الطويل الشيق إلى إحساس ما، يتدفق بشكل تلقائي أن «في هذا المطبخ/ ما يشبه وحدة الوجود/ أو كوكتيل من عصيرِ الحكمةِ والحشائشِ البريّةِ/ تسكبه كل صباح.». إنها إذن حالة وجود، لا تنفصل فيها الأشياء عن ظلالها، ولا يمكن النظر لأحدهما بمعزل عن الآخر، تماماً كما في العشق، حيث لا ينفصل العاشق عن المعشوق، بل يبتعدان أحياناً لتضيق المسافة بينهما، ويصبحان أقرب، بل أكثر انسجاماً مع مشاغل الروح والجسد. فليس ثمة قطيعة عدمية بين البشر والأشياء، بقدر ما هي مجرد وجهات نظر متباينة، لا تلغي وجود الآخر، بل تحرص عليه في أقصى لحظات الحب والعشق؛ أقصى لحظات الحزن والبكاء... ربما لذلك تهدي الشاعرة الديوان إلى العشق في صورته المطلقة قائلة: «إلى من رفعه العشق إلى درجات اللهب وتداوى به شهدا ومرارة. إلى من تدثر بالعشق في شتاء الحياة وخريفها... إليه هذه القصائد المضمخة بعناصر الوجود الأربعة».
يقع الديوان في (117) صفحة ويضم 14 قصيدة، تنهل من براح قصيدة النثر، بل إنه يسمي المرأة باسمها «قصيدة نثر»، في ظلالها تقلب الشاعرة دفتر أيامها، محاولة الإمساك بالبئر الأولى للحنين، وعلى سبيل السخرية من الزمن تقول:
«حتى الخيبات أشتاقُ إلى بداياتها.
أحنُ إلى حربٍ شرسة عاشها أجدادي
أصوبُ فيها البندقية نحو هذا الحاضر
فيسقطُ قتيلاً،
وينزفُ طحيناً أبيضَ ورقائق بطاطا معلبة وبيبسي كولا.
أحنُ،
إلى من ألقى بي في كل هذا الحنين.» في القصائد الأخيرة بالديوان تتكثف معاني الغربة إلى حد الشعور بالعزلة والاستلاب أحياناً، وتنجح الذات الشاعرة في مواجهتها وترويضها وتضفيرها في بنية الصورة الشعرية التي تنفتح بشكل أكثر اتساعاً على روح الحكاية والتفاصيل بما تضمره من روائح حسية ومعنوية توثق للحالة في مجريات الحياة، كما يذهب الشعر إلى الأشياء البسيطة ونزقها المباغت، مثل «شوق الإبرة للخيط»، «القط البري» «رجل البلدية (حارق الأمل)» وتتناص القصائد مع معطيات من التراث الديني، لكنها مع ذلك تتحاشى السرد كفعل قص، وتتعامل معه كوميض يضيء فضاء المشهد وينميه درامياً وجمالياً. هكذا ترسم الشاعرة صورة العاشق الذي تتمنى في نص بعنوان » فراغ الوردة من الاستروجين» تقول فيه:
«الشفاه فهمتْ كم يهابُ الموتُ القبلةَ
شفاهُك تثأر من صورة العاشق السخيف
عاشقٌ تاب عن المرآة
لا يذهب إلى النهر
عاشقٌ تعلَّمَ الزهو بوجه من يُحب
لا بوجهه
أن ينحني بشهامةٍ للماء
ويركب أعلى موجةٍ في الشعور حتى يصبحَ وجههُ مرآةً للنهر.
عاشقٌ،
يُلاعب الأزمنة
يُبارزها
لا يخشاها
يُربكُ عقارب السّاعة
يمنحنا ساعةً في اليوم يغلبُ فيها الضوءُ الظلمة
ليطمئنَ فينا الأملُ ويكبرَ.«
في الختام، هذا ديوان مهم ومتميز في تجربة الشاعرة آمال موسى، أرجو أن أكون في هذه الإطلالة أمسكت بشيء من خيوط هذا التميز، أو العشق الذي يوحد نداء العاشق بهتاف الحياة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة سيدتي
منذ 3 ساعات
- مجلة سيدتي
الفيلم التونسي وين ياخذنا الريح يفوز بجائزة النحلة الذهبية
فاز الفيلم التونسي "وين ياخذنا الريح" للمخرجة آمال القلاتي بجائزة النحلة الذهبية لأفضل فيلم طويل في مهرجان مالطا السينمائي لأفلام البحر المتوسط، الذي أُقيم في الفترة من 21 إلى 29 من يونيه 2025. فيلم "وين ياخذنا الريح" يروي الفيلم قصة "عليسة"، الفتاة المتمردة ذات التسعة عشر عاماً، و"مهدي"، الشاب الخجول البالغ من العمر 23 عاماً، اللذين يلجأان إلى الخيال للهروب من واقعهما القاسي. وعندما يكتشفان مسابقة تتيح لهما فرصة للهروب من محيطهما، يقرران الانطلاق في رحلة عبر الجنوب التونسي، حيث يواجهان سلسلة من العقبات والمفاجآت في طريقهما. كان العرض العالمي الأول للفيلم ضمن فعاليات مهرجان صندانس السينمائي الدولي، كما شارك في مهرجانات بارزة مثل روتردام السينمائي الدولي وإسطنبول السينمائي الدولي. يمكنك قراءة: المخرجة آمال القلاتي: "يصوِّر وين ياخذنا الريح واقع شخصين من الشباب المهمَّشين" وفي تعليقها على الفيلم، قالت المخرجة آمال القلاتي: «يصوِّر وين ياخذنا الريح واقع شخصين من الشباب المهمَّشين في تونس: عليسة ومهدي. صديقان حميمان ينطلقان في رحلة تتخللها لقاءات وعقبات ودهشة وخيبات أمل. انبثق الفيلم من الحاجة لمنح هؤلاء الشباب صوتاً، بفيلمٍ يتحدث عنهم، لكن بلغتهم ونظرتهم وطاقتهم». الفيلم من تأليف وإخراج آمال القلاتي، وإنتاج أسما شيبوب، وبطولة سليم بكار، آية بالأغا، سندس بالحسن، لبنى نعمان.


عكاظ
منذ 5 ساعات
- عكاظ
سامر المصري: التهديدات دفعتني لمغادرة سورية 14 عاماً
أكد الفنان السوري سامر المصري، مغادرته سورية 14 عاماً بعد تعرضه لتهديدات من النظام السوري السابق الذي أراد زج الفنانين في صراعات سياسية. وتحدّث المصري عن اللحظات الأولى له في سورية بعد غياب دام 14 عاماً، وقال: «بكيت بحرقة شديدة بمجرد هبوط الطائرة في مطار دمشق»، ورغم محاولاتي في التماسك، فإن اللحظة كانت مليئة بالعاطفة والشجون. وأضاف رغم الدمار الكبير الذي شهدته البلاد، إلا أن هناك طاقة مميزة تنبعث من الناس، فضلاً عن مشاعر السكينة والود التي يشعر بها أثناء السير في شوارع الشام، مع استنشاق رائحة الحرية التي غابت عن البلاد سنوات طويلة. وأعرب المصري عن «أمنياته في تعمير سورية وعودتها إلى سابق عهدها دولةً مُلتزمةً ذات قيم فكرية وثقافية ودينية». أخبار ذات صلة

مجلة هي
منذ 12 ساعات
- مجلة هي
جوزيف عطية لـ "هي": حرصت على التجديد بألبومي "في كل مكان".. و"أحلى رسمة" لفضل شاكر الأفضل هذا الصيف
بين صوتٍ طربي يحمل الدفء واختيارات حيوية تنبض بالشغف، يعود نجم ستار أكاديمي جوزيف عطية ليخطف القلوب مجددًا، مع إصدار أغنيتين متتاليتين؛ على طريقة الفيديو كليب والمنصات الرقمية الموسيقية؛ هما: "سلام" و"ألف شخص"، لتكونا باكورة أعمال الجديد المعنون بـ "في كل مكان". هذا الصوت العذب للنجم اللبناني جوزيف عطية يعد جمهوره بمفاجآت غنائية جديدة هذا العام؛ بعدما اعتاد أن يشدو بثقافة شعوب الوطن العربي قرابة العشرين عامًا؛ تاركًا بصمة لا مثيل لها لدى محبيه؛ عاشقًا أو مجروحًا أو مشتاقًا كان، حتمًا سيجد ضالته بين نغماته، راسمًا لغة تواصل طربية إيقاعية خاصة بين مستمعيه، متنقلاً بسلاسة موسيقية بين عدة لهجات؛ من بينها: اللبنانية، والخليجية، والمصرية، والمغربية. "هي" التقت بالنجم اللبناني جوزيف عطية، للحديث عن ردود الأفعال حول أغنيتيه الجديدتين "سلام" و"ألف شخص"، كما يكشف لنا تفاصيل بقية أغاني ألبومه الجديد المنتظر "في كل مكان"، واستعداداته للمشاركة بمهرجان "جرش" للثقافة والفنون في دورته الـ 39، والكثير من التفاصيل الفنية حول رؤيته في التغيرات التي تطرأ على صناعة الموسيقى المُجددة والمعاصرة. بداية.. مبروك نجاح أحدث أغانيك "ألف شخص"، الغنوة درامية فكرتها مختلفة؛ فيها اعتزاز بالذات وثقة بالنفس في حضرة الحب أعلى من التمسك بالمحبوب؛ مشاكسة غير المباشرة لمعاني الفقد.. ما حمسك لتقديمها؟ تجذبني المواضيع الجديدة للأغنيات؛ ليس بالضرورة أكون مررت بتجربة مماثلة لها، لكن لابد أن تلمسني وأشعر أننا نراها في الحياة حتى أقدر أعطيها هذا الإحساس؛ صحيح "ألف شخص" بها مشاكسة ونرجسية بالحب إن جاز التعبير، لكنها حالات منتشرة بالفعل ولفتني هذه التوليفة والطريقة الجديدة لتوصيل المعنى. النجم اللبناني جوزيف عطية نالت "ألف شخص" تفاعلاً كبيرًا من رواد منصة "يوتيوب" والسوشيال ميديا، وبعض من مستمعين يعلقون بأن الأغنية تعيد لأذهانهم أداءك القوي على المسرح لأغنية "تعب الشوق" رغم اختلاف معانيهما.. كيف ترى هذه المقارنات وردود الأفعال؟ ردود الأفعال أسعدتني للغاية. صحيح لاحظت هذه التعليقات التي تربط بينها و"تعب الشوق"؛ أي يعلقون بأن "اشتقنا لك بهذه الأجواء"، يمكن لأنني قدمت أغاني متنوعة ومختلفة على مستوى الموسيقى والإيقاع؛ مثل أغاني "جمالا" و"ولا غلطة"، لكن مع "ألف شخص" عدت إلى النوع الموسيقي الذي يتطلب صوتًا عاليًا؛ هذه الحالة الفنية التي أتغنى بها بطبقات صوتية معينة، مثل "تعب الشوق" وأغاني أخرى قدمتها في نفس المساحة الموسيقية. هذه المقارنة جيدة وتشير للون غنائي محدد ينتظره مني الجمهور دومًا، وأحرص للعودة له بالفعل وسط طرح عدة ألوان غنائية أخرى متنوعة. جوزيف عطية يحقق نجاحا كبير من خلال أغنية "ألف شخص" كذلك أغنية "تعب الشوق" لا تزال الأكثر تصدرًا واستماعًا على منصات "تيك توك" و"إنستجرام".. في رأيك، ما أسباب نجاح وتعلق الجمهور بها؟ أرى أن هناك بعض الأغاني Timeless؛ أي وكأنها تُخلد بالموسيقى، و"تعب الشوق" واحدة منهن؛ ولدى عدة أغنيات مماثلة لها؛ منهن "لبنان راح يرجع"، و"ويلك"، و"يا كل الدني" ثابتة بحفلات الزفاف. هذه الحالة تسعدني للغاية وأحرص أن أعمل عليها باستمرار؛ أن أقدم أغاني تعيش للمدى البعيد. قبل فيديو كليب "ألف شخص"، طرحت أغنية "سلام" من ألبومك الجديد على طريقة الفيديو كليب أيضًا.. إلى أي مدى ترى أنه ذلك يخدم رؤيتك الفنية؟ "سلام" تلقت أصداء إيجابية أيضًا، تشبهني الغنوة كثيرًا؛ أي اللون الغنائي الذي أحب أن أقدمه، وانتهيت من تصوير بقية أغاني ألبوم "في كل مكان" وستُطرح على طريقة الفيديو كليب قريبًا؛ أرى أنه طرحها على طريقة السينجل والفيديو كليب هي الأنسب تسويقيًا؛ يخدم كل عمل فني بمفرده ويساعده للوصول وحالته للجمهور. جوزيف عطية طرح أغنية "سلام" أي إنك تفضله أكثر عن طريقة الألبوم المتكامل؟ ربما نفكر لاحقًا في آلية طرح أغاني الألبوم كلها دفعة واحدة؛ إذا رغبنا في ذلك آنذاك، لكنني أرى أن هذه الاستراتيجية التسويقية الأفضل خلال زمن الإيقاع السريع والسوشيال ميديا الحالي. هل تحرص على اختيار تيمة محددة في ألبومك الجديد؟ لا.. قصدت التنوع والتجديد في ألبوم "في كل مكان"؛ يشمل عدة ألوان غنائية وموسيقية؛ ما بين الأغاني الدرامية والإيقاع الراقص وغيره. جوزيف عطية متى تصدر بقية أغاني ألبوم "في كل مكان"؟ الألبوم يضم 7 أغاني؛ "في كل مكان" عنوان الألبوم، وطرحنا "سلام"، و"ألف شخص"، وقريبًا "ولا ممكن"، و"ارحمني"، ستصدر الأغنية الثالثة خلال أسبوعين أو أسبوع، ومن المقرر طرحهم تباعًا؛ على أن تصدر أغنية كل شهر تقريبًا. وماذا عن الشعراء والملحنين والموزعين الذين تتعاون معهم؟ كلهم أصدقائي خاصة وإنني دومًا ما أفضل تأسيس علاقات قوية ومباشرة مع هؤلاء الفنانين الذين أحب العمل معهم؛ منهم المشاركين في ألبوم "في كل مكان"؛ نبيل خوري، ورامي شلهوب، وحسام صعبة، والموزع جورج قسيس، وتيم، ولأول مرة محمد حيدر، وعمر خير، وطوني أبو خليل. جوزيف عطية يحقق نجاحات كبيرة بأكثر من أغنية جديدة ألن تكرر تجربة الغناء بالخليجي؟ وارد جدًا.. أرغب دومًا في التجديد والغناء بألوان ولهجات مختلفة، لكن أحرص على أن يكون ملائمًا للعمل نفسه وبأفضل مستوياته الفنية بطريقة صحيحة. ما أكثر أغنية أرهقتك ضمن كواليس تحضير ألبوم "في كل مكان"؟ أغنية "ارحمني" لأنني أعمل عليها منذ فترة طويلة؛ وأعادنا توزيعها عدة مرات؛ بسبب تأخر صدورها فغيرنا توزيعها عدة مرات. أغنيتك "هوس" حققت نجاحًا كبيرًا مع طرحها مطلع هذا العام، والجمهور يعلق بأنها كمحاكاة لتجربة شخصية لك.. فما تعليقك؟ "هوس" تلقت أصداء حلوة كثيرة، يمكن أن يكون في فترة ما بحياتي عيشت هذه الحالة التي تتحدث عنها الأغنية لكنني لا أمتلك تجربة شخصية مباشرة مع أغنية "هوس." النجم جوزيف عطية أجواء ديو "ولا غلطة" مع إليانا لايت وتختلف عن أعمالك الغنائية.. كيف جاءت فكرته؟ "ولا غلطة" ديو مميز؛ إيقاعها الموسيقي مختلف وطريقتها جديدة، وبدأت الفكرة من عندها واقترحت هذا الدمج الموسيقي الجديد، وصارت نتيجته مختلفة بالفعل وتلقت ردود أفعال إيجابية. وفي رأيك، ما يميز إليانا كمغنية؟ إليانا فنانة رائعة، ومؤدية عظيمة Great Performer، أحب أعمالها كفنانة وتنوعها. أحيا الرابر مروان بابلو حفلاً مؤخرًا، بالتعاون مع أوركسترا القاهرة السيمفوني بقيادة المايسترو ناير ناجي بمصر.. فما رأيك في التجربة؟ وكيف ترى الدمج الموسيقي بين الراب والأوركسترا؟ سأشاهد الحفلة أونلاين قريبًا لكنني أرى أن التوليفة حلوة وفكرة Fusion بين الأغاني المختلفة وخلط الثقافات الموسيقية أمر إيجابي للغاية، طالما وظفت بصورة صحيحة وجيدة. جوزيف عطية وإليانا أغنية ولا غلطة هل من الممكن أن تشارك الغناء على المسرح لايف في حفلة موسيقية مماثلة لها؟ أكيد.. وأتحمس كثيرًا لخوض تجارب موسيقية جديدة ومختلفة؛ وبالمناسبة انشغل خلال الفترة الحالية بالتحضير لفكرة موسيقية جديدة؛ تساهم في تقديم الأغاني بطريقة مختلفة. ما الأغنية التي أعجبتك من أعمال مطربين/مطربات آخرين ضمن موسم غناء صيف 2025؟ أغنية "أحلى رسمة" لفضل شاكر.. أكرر الاستماع إليها في السيارة وكثيرًا جدًا في أي مكان طوال الوقت. في رأيك، أيهما الأكثر صعوبة غناء الأغاني الاجتماعية أم الأغاني الرومانسية؟ كل عمل غنائي له رونقه وصعوبته وسهولته الخاصة، بعض الأغاني تكون راقصة وفيها تحدي وصعبة، يمكن لأنها تحتاج طبقات صوتية محددة، كذلك الأمر مع الأغاني الرومانسية؛ لكن الرومانسي لو تحدثنا عن الإيقاع والتحدي نوعًا ما أسهل؛ لأن الموسيقى تخدم أكثر الأغنية؛ لكن لا يستطيع كل الفنانين توصيل هذا اللون الرومانسي صحيحًا؛ لأنه يتطلب إحساسًا محددًا، وخامة صوت معينة، وطريقة أداء متوافقة لنوعه. جوزيف عطية في أغنية "هوس" هل ترى أن الذكاء الاصطناعي وتداخله في صناعة الموسيقى والأصوات مؤخرًا يمكن أن يؤثر على صناعة الموسيقى بشكل عام و"الغنوة الطربية" وشعبيتها بشكل خاص؟ مع كل التغيرات التكنولوجية التي تطرأ على صناعة الموسيقى مؤخرًا، أرى نفسي في المنتصف؛ أي إنني مع استخدام الذكاء الاصطناعي أو غيره بصورة قد تحسن من الجودة أو المنتج الأخير، لكنني لست مع فرضية استبدالها للعناصر الحية أو الحقيقية، ولا أتخيل إنه سيحدث خاصة وإن المسرح اللايف يكشف باستمرار القدرات الغنائية الصحيحة ومَن يقدر على توصيل الأغنية بطريقة مباشرة وحقيقية. إن وَثق جوزيف عطية سيرته الذاتية في برنامج بودكاست أو فيلم وثائقي على المنصات الرقمية، بما تسميه لو على اسم أغنية من أعمالك؟ أغنية "حب ومكتر"؛ لأنني أجد مسيرتي تليق كثيرًا بهذا العنوان؛ فهي عبارة عن رحلة حب؛ حب لما أعمله وأقدمه؛ حب للفن والموسيقى والناس، وحب من الجمهور لي؛ إذًا كله حب ومكتر. ماذا تمثل لك مشاركتك في مهرجان "جرش" للثقافة والفنون بالدورة الـ 39 في الأردن؟ وما مفاجآت برنامجك الغنائي بالحفل هذه العام؟ "جرش" يعد من أعرق المسارح وأهمها تاريخيًا؛ كذلك فنيًا فهو حمل العديد من الأسماء الكبيرة المهمة على خشبته عَبر التاريخ، يشرفني المشاركة للمرة الثانية على هذا المسرح. أتحمس كثيرًا لها؛ كل حفلة دومًا لها رونق وتحضير خاص، ونحرص على إعطائها الطابع الذي يشبهها. جوزيف عطية يحيي إحدى الحفلات الغنائية نختتم بسؤالك عن خطة جولات حفلاتك الغنائية المقبلة؟ هذا الصيف حافلاً بالحفلات المميزة؛ أستعد للقاء جمهور "جرش" كما ذكرنا، ولبنان بين أعياد بيروت، ودول عربية أخرى بجانب حفلات الزفاف يسعدني طلبهم مشاركتي في هذه اللحظات الاستثنائية.