logo
كيف تبدو الخرطوم بعد أشهر من سيطرة الجيش عليها؟

كيف تبدو الخرطوم بعد أشهر من سيطرة الجيش عليها؟

BBC عربية١٨-٠٧-٢٠٢٥
ها أنا أعود مرة أخرى إلى مدينة أم درمان، حيث وُلدت ونشأت، وذلك بعد أشهر من الغياب بسبب حالة عدم الاستقرار، في ظل استمرار القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في بعض مناطق العاصمة.
كنت قد زرت المدينة في مارس/آذار الماضي.
ثمة تغيّرات كثيرة حدثت في المدينة وفي جميع مناطق العاصمة خلال أشهر الغياب.
" تغييرات كثيرة"
كانت المعارك العنيفة تدور بين الجيش وقوات الدعم السريع في عدة جبهات للقتال في مدينتي أم درمان والخرطوم. الآن، تمكّن الجيش من السيطرة الكاملة على العاصمة.
في الزيارة السابقة، لم أتمكن من الذهاب إلى بعض المناطق بسبب استمرار القتال. أما هذه المرة، فقد تمكنت من الوصول إلى مناطق واسعة في مدن العاصمة الثلاث.
عبرت الجسور التي تربط بين المدن الثلاث، وذلك بعد عامين من الإغلاق. وقد استُبدلت نقاط التفتيش العسكرية، التي كان يُديرها الجيش، بعناصر من الشرطة، وتم تقليل عددها.
تجوّلت في منطقة الصالحة جنوب أم درمان، وهي آخر المناطق التي استعادها الجيش في مايو/أيار الماضي.
تظهر آثار المعارك مدى شراسة القتال بين الطرفين. ثمة دبابة وسيارات محترقة على جانبي الطريق، وبعض المباني احترقت وتدمّرت بعد إصابتها بالقذائف.
المدينة شبه خالية من السكان، على غرار معظم مناطق العاصمة التي تجولت فيها. قلة من الناس يمكن ملاحظتهم وهم يتجوّلون ويحملون أوعية بحثًا عن مياه الشرب.
لطالما كانت الأحياء السكنية، والشوارع، والأسواق مزدحمة ومليئة بالحركة، حيث كان يعيش في العاصمة أكثر من 10 ملايين شخص قبل اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023.
"خيارات العودة"
بعد سيطرة الجيش على العاصمة بأكملها، قررت بعض العائلات النازحة واللاجئة خارج البلاد العودة إلى ديارها مرة أخرى.
كانت منطقة اللاماب جنوب الخرطوم، والتي تضررت بشكل كبير من الحرب، مسرحًا لاشتباكات مباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، في مسعى من الأخيرة للسيطرة على سلاح المدرعات، أحد أقوى وحدات الجيش السوداني.
استخدم الطرفان معظم أنواع الأسلحة الثقيلة، بما فيها المدافع الكبيرة والطيران الحربي.
المباني السكنية والمرافق الحيوية تعرضت لدمار هائل.
لم تتوقع آمنة، وهي ربة منزل، حجم الضرر الذي لحق بمنزلها، بعدما عادت مع زوجها وطفليها بعد عامين من النزوح داخل السودان بسبب المعارك التي شهدتها المنطقة.
هالها منظر المنزل الذي تدمر بشكل كبير، وقالت بأسى إن عزاءها الوحيد أنهم ما زالوا أحياء.
وقالت وهي تغالب دموعها "كما ترى، الصورة تحكي كل شيء... هنالك صعوبات في محاولة السكن مرة أخرى بسبب الدمار، ولا نقول إلا الحمد لله".
وأضافت "المواطن مضطر للذهاب بعيدًا للبحث عن الأكل، حيث لا توجد بقالات أو متاجر في منطقتنا حاليًا. العلاج غير متوفر، وإذا هطلت الأمطار ونحن على هذه الحالة، فالوضع سيزداد سواء".
في منطقة شرق النيل الواقعة شرق العاصمة، يبدو حجم الدمار أقل مقارنة ببقية المناطق. لكن هناك معاناة من نوع آخر، كما يقول السكان المحليون.
قال لنا محمد الفاتح، وهو أستاذ في إحدى المدارس الحكومية، إنه يشعر الآن بالأمان داخل بيته بعد أن عاد إليه مع أسرته بعد أشهر من النزوح، لكنه يفتقر إلى المقومات الأساسية للحياة.
ويرى أن مشكلته الأساسية تكمن في عدم قدرته على إعالة أسرته، لعدم تمكنه من صرف راتبه طوال العامين الماضيين.
""المشكلة الأساسية أنه ليس لدينا أموال، ونعتمد بشكل كبير على التحويلات المالية التي يرسلها أهلنا من خارج السودان. الأسعار غير ثابتة وتزداد يوما بعد يوم".
لم تسلم البنى التحتية، من محطات مياه وكهرباء ومرافق صحية، من ويلات الحرب.
وتضررت منطقة وسط الخرطوم التجارية، حيث تقع مقار المؤسسات الحكومية، بشكل كبير.
المباني الشاهقة، من فنادق شهيرة وشركات تجارية معروفة، تحوّلت إلى هياكل سوداء قاتمة.
بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية، مثل وزارتي الصحة والداخلية، عادت لاستئناف عملها من داخل الخرطوم.
وقال والي ولاية الخرطوم، أحمد عثمان حمزة، للبي بي سي إنهم أعادوا تأهيل بعض المرافق الحيوية.
وأوضح، خلال حديثي معه أثناء إشرافه على حملة نظافة في منطقة شمبات ببحري، أنهم يبذلون جهودًا كبيرة لإعادة الحياة إلى العاصمة واستقبال العائدين.
وأضاف "معدلات العودة كبيرة جدًا، ونحن نلاحظها في الحركة في الطرقات، وفي وسائل النقل والمرافق العامة. ووفق تقارير شرطة المرور، قُدّر عدد العائدين في أحد الأيام بـ9 آلاف عائد يوميًا. يواجه العائدون إشكالات أساسية تتعلق بالمياه والكهرباء والخدمات العلاجية، وهذه هي المحاور التي تعمل عليها ولاية الخرطوم بصورة أساسية".
وقال والي الخرطوم إنهم تمكنوا من إعادة بعض محطات الكهرباء والمياه للعمل في الخرطوم وبحري وأمدرمان " لا يمكننا إعادة إعمار الخرطوم لوحدنا ولابد للمواطنين أن يسهموا معنا في هذا الأمر، المسؤولية مشتركة بيننا".
"سطو مسلح"
خلال زيارتي السابقة، كان أكبر ما يخشاه السكان هو القصف المدفعي من قبل قوات الدعم السريع على مناطق متفرقة من العاصمة، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين.
وكانت المرة الأخيرة التي تم فيها هجوم العاصمة بالمسيرات في مايو /أيار الماضي، وذلك عندما استهدفت قوات الدعم السريع منطقة ود نوباي الواقعة وسط أمدرمان.
الآن توقّف القصف، لكن الشكاوى تحولت إلى عمليات السطو المسلح، التي ينفذها أفراد يرتدون زيّ الجيش أو القوات النظامية الأخرى.
اهتزت مدينة أم درمان على وقع جريمة قتل، راح ضحيتها شاب في منطقة الحتانة شمال المدينة، حين تم اغتياله على يد أفراد يرتدون زي القوات النظامية، وذلك عندما حاول مقاومتهم أثناء محاولتهم سرقة هاتفه المحمول.
تكررت حوادث السطو المسلح في عدة مناطق من العاصمة، كما أن ظاهرة سرقة الأثاث المنزلي من قبل عناصر من الجيش والتي تعرف شعبيا " بالشفشفة" ما تزال مستمرة، بحسب سكان تحدثوا لبي بي سي ورفضوا ذكر أسمائهم خوفًا من الانتقام.
وعندما عرضتُ هذه المخاوف على والي ولاية الخرطوم، قلّل من شأنها.
وأوضح يقول "هذه مجرد خروقات من قبل أفراد نظاميين، وقد أصدرنا تعليمات صارمة بالقبض ومحاكمة أي عسكري يقوم بالنهب بشكل فوري. وبدأنا فعليًا حملات عسكرية بواسطة قوات مشتركة تستهدف رجال الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى المخالفين".
"متنفس وحيد"
لطالما كان شارع النيل في أم درمان مكتظًا بالناس، باعتباره المتنفس الأول لهم كانوا يذهبون إليه في الأمسيات، ويتحلقون حول بائعات الشاي المنتشرات بكثرة، ويتنفسون الهواء العليل بالقرب من النيل، وينسون همومهم اليومية.
كان المكان موحشًا وكئيبًا، تحيط به سيارات محترقة على جانبي الطريق، وخاليًا من الناس خلال زيارتي السابقة في مارس الماضي.
أما الآن، فقد تغيّرت الصورة. فقد قامت السلطات بتنظيف الشارع، واستأنفت بعض المحال نشاطها، وبدأت العديد من العائلات تأتي بأطفالها في ساعات العصر لتمضية الوقت ونسيان مآسي الحرب.
تقدّر الأمم المتحدة تكلفة إعادة إعمار الخرطوم بمئات المليارات من الدولارات، وقد تستغرق العملية أكثر من خمس سنوات على أقل تقدير.
لكن لا توجد خطة واضحة حتى الآن بشأن كيفية توفير هذه الأموال، خاصة وأن العديد من المانحين الدوليين، ومن بينهم الولايات المتحدة الأمريكية، أعلنوا إيقاف المساعدات.
وحتى تبدأ عملية إعادة الإعمار، تبقى خيارات أهالي الخرطوم محدودة بين البقاء في أماكن النزوح، أو العودة إلى مدينتهم المدمّرة دون خدمات أو وسائل إعاشة كافية مع بعض الأخطار المتعلقة بالسطو.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مقتل فلسطينين في غارات إسرائيلية جديدة على غزة، ومطالبات بتدخل الصليب الأحمر لإنقاذ محتجزين إسرائيليين
مقتل فلسطينين في غارات إسرائيلية جديدة على غزة، ومطالبات بتدخل الصليب الأحمر لإنقاذ محتجزين إسرائيليين

BBC عربية

timeمنذ 18 ساعات

  • BBC عربية

مقتل فلسطينين في غارات إسرائيلية جديدة على غزة، ومطالبات بتدخل الصليب الأحمر لإنقاذ محتجزين إسرائيليين

حث أكثر من 600 مسؤول أمني إسرائيلي متقاعد، بينهم رؤساء سابقون لأجهزة الاستخبارات، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الضغط على حكومتهم لإنهاء الحرب في غزة. وكتب المسؤولون السابقون في رسالة مفتوحة نُشرت لوسائل الإعلام الاثنين: "بتقديرنا المهني، حماس لم تعد تُشكّل تهديداً استراتيجياً على إسرائيل"، داعين ترامب إلى "توجيه" قرارات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومطالبته بوقف حرب غزة. يأتي ذلك في وقت طلب فيه نتنياهو الأحد، من اللجنة الدولية للصليب الأحمر المساعدة في توفير الطعام والعلاج الطبي للرهائن الإسرائيليين في غزة، بينما طالبت حماس في المقابل بفتح ممرات إنسانية في القطاع. وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة بتسجيل 5 حالات وفاة جديدة "نتيجة المجاعة وسوء التغذية، جميعهم من البالغين"، لافتة الى أن ذلك يرفع عدد من لقوا حتفهم بسبب الجوع إلى "180 بينهم 93 طفلاً". وقُتل 8 فلسطينيين من منتظري المساعدات، وأصيب آخرون، ظهر الاثنين، برصاص إسرائيلي، في أثناء تجمعهم أمام نقطة توزيع المساعدات على شارع صلاح الدين جنوبي منطقة وادي غزة وسط القطاع. جلسة طارئة صرّح السفير الإسرائيلي داني دانون لدى الأمم المتحدة، الأحد، بأن مجلس الأمن الدولي سيعقد جلسة طارئة لبحث وضع الرهائن في غزة، وسط تصاعد القلق إزاء مصيرهم في القطاع الذي يحذّر خبراء من أن يواجهون خطر المجاعة. وأعلن دانون عن الجلسة في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قال إن المجلس "سيجتمع الثلاثاء المقبل في جلسة طارئة خاصة بشأن الوضع الإنساني المتردي للرهائن في غزة". وأثار ظهور اثنين من المحتجزين الإسرائيليين في مقاطع مصوّرة نشرتها فصائل فلسطينية مسلحة في غزة صدمة في إسرائيل، ودفع بمطالبات متجددة للتوصل إلى اتفاق هدنة يُنهي الحرب الدائرة ويُعيد المحتجزين إلى ذويهم، في وقت تحذّر منظمات أممية من خطر المجاعة في قطاع غزة المحاصر منذ نحو 18 عاماً. مطالبات بتدخل الصليب الأحمر أدان قادة غربيون مقاطع فيديو تُظهر رهائن إسرائيليين نحيفين صوّرهم خاطفوهم في غزة، ودعت منظمة الصليب الأحمر إلى إتاحة الوصول إلى جميع الأسرى المتبقين. وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن "صور الرهائن الذين يُعرضون لأغراض دعائية بشعة"، ويجب إطلاق سراحهم "دون قيد أو شرط". تأتي هذه الدعوات بعد أن نشرت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية مقطع فيديو للرهينة روم براسلافسكي، نحيفاً ويبكي، يوم الخميس، ونشرت حماس لقطات للرهينة إفياتار ديفيد النحيل يوم السبت. واتهم القادة الإسرائيليون حماس بتجويع الرهائن. بينما نفت كتائب القسام الجناح العسكري لحماس تعمّد تجويع الأسرى، بالقول إن الرهائن يأكلون ما يأكله مقاتلوهم وشعبهم وسط أزمة الجوع في غزة، بسبب الحصار الإسرائيلي. كما أفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان نُشر مساء السبت، بأن الأخير تحدّث مع عائلتي المحتجزين روم براسلافسكي وإفياتار دافيد، اللذين ظهرا في المقاطع وقد بدت عليهما آثار الهزال الشديد بعد قرابة 22 شهراً من الاحتجاز. وقال نتنياهو إنه تحدث إلى جوليان ليريسون، رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إسرائيل والأراضي المحتلة، وطلب منه المشاركة في تقديم الغذاء والرعاية الطبية للرهائن المحتجزين في قطاع غزة. وخلال محادثاته مع عائلتي المحتجزين، أدان نتنياهو "قسوة حماس"، واتهم الحركة بـ"تجويع المحتجزين بشكل متعمد" وتوثيق معاناتهم "بأسلوب ساخر وشرير"، وفق تعبيره. أعرب الناطق باسم الجناح العسكري لحركة حماس، أبو عبيدة، عن "الاستعداد للتعامل بإيجابية والتجاوب مع أيّ طلب للصليب الأحمر بإدخال أطعمة وأدوية للرهائن"، لكنه اشترط لقبول ذلك فتح الممرات الإنسانية بشكلٍ طبيعي ودائم لمرور الغذاء والدواء للفلسطينيين في كل مناطق قطاع غزة، ووقف الطلعات الجوية الإسرائيلية بكل أشكالها في أوقات استلام الطرود للرهائن. وأكدت كتائب القسام وهي الذراع العسكرية لحركة حماس "عدم تعمدها تجويع الأسرى"، وقالت إنهم يأكلون مما يأكله الفلسطينيون في القطاع في ظل "التجويع والحصار". اختُطف الرهينتان الإسرائيليان براسلافسكي، 21 عاماً، وديفيد، 24 عامً، من مهرجان نوفا الموسيقي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 خلال الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل. وهما من بين 49 رهينة، من أصل 251 رهينة أُخذوا في البداية، وتقول إسرائيل إنهم ما زالوا محتجزين في غزة. ويشمل ذلك 27 رهينة يُعتقد أنهم لقوا حتفهم. وأعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن "صدمتها" من الفيديوهات التي تُقدم "دليلاً صارخاً على الظروف المُهددة للحياة التي يُحتجز فيها الرهائن". وجددت المنظمة دعوتها للسماح لها بالوصول إلى الرهائن لتقييم حالتهم، وتقديم الدعم الطبي لهم، وتسهيل اتصالهم بعائلاتهم. وأكدت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أنها "ستستجيب بإيجابية" لأي طلب من الصليب الأحمر لتوصيل الغذاء والدواء إلى الأسرى، شريطة فتح ممرات إنسانية إلى غزة بشكل منتظم ودائم، ووقف الغارات الجوية خلال فترة وصول المساعدات. وواجه الصليب الأحمر انتقادات شديدة في إسرائيل بسبب دوره في الحرب، مع ادعاءات بتقصيره في مساعدة الرهائن المحتجزين في غزة. وفي وقت سابق من هذا العام، ووسط غضب من مشاهد الفوضى التي سادت أثناء إطلاق سراح الرهائن في إطار اتفاق بين إسرائيل وحماس، أوضحت المنظمة حدود دورها، قائلةً إنها تعتمد على حسن نية الأطراف المتحاربة للعمل في مناطق النزاع. وتعرضت المنظمة لانتقادات من الفلسطينيين أيضاً، إذ لم يُسمح لها بزيارة المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. في نهاية الأسبوع في تل أبيب، تجمعت حشود من المتظاهرين وعائلات الرهائن مجدداً، مطالبين الحكومة الإسرائيلية بتأمين إطلاق سراحهم. وقالت عائلتا ديفيد وبراسلافسكي في تجمع حاشد يوم السبت: "يجب على الجميع الخروج من الجحيم الآن". وفي أحد مقاطع الفيديو، يظهر براسلافسكي وهو يبكي ويقول إنه نفد منه الطعام والماء، ولم يأكل سوى ثلاث قطع من "فتات الفلافل" في ذلك اليوم. ويقول إنه لا يستطيع الوقوف أو المشي، وإنه "على وشك الموت". وأعلنت عائلة براسلافسكي في بيان لها: "تمكنوا من كسر روم" وناشدت القادة الإسرائيليين والأمريكيين إعادة ابنهم. وقالوا: "لقد نُسي هناك". في الفيديو الثاني، قال ديفيد: "لم آكل منذ أيام... بالكاد أحصل على ماء للشرب"، وشُوهد وهو يحفر ما يقول إنه سيكون قبره بيده. وقالت عائلته إنه "يُجوّع عمداً وبقسوة في أنفاق حماس في غزة - هيكل عظمي حيّ، يُدفن حيّاً". وأعرب المستشار الألماني فريدريش ميرز عن "صدمته" من الصور، مضيفاً أن إطلاق سراح جميع الرهائن شرط أساسي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. وأضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي وصف حماس بأنها تعكس "قسوة مفرطة"، أن فرنسا تواصل العمل بلا كلل من أجل إطلاق سراح الرهائن، وإعادة وقف إطلاق النار، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة. وأكد أن هذا الجهد يجب أن يقترن بحل سياسي، يقوم على حل الدولتين "حيث تعيش إسرائيل وفلسطين جنباً إلى جنب في سلام". أعلنت فرنسا مؤخراً عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية، إلى جانب كندا والمملكة المتحدة، بشروط معينة. وأدانت إسرائيل بشدة هذه الخطوات. وتظهر صور الرهائن الهزيلين في الوقت الذي حذرت فيه وكالات الأمم المتحدة من أن "أسوأ سيناريو للمجاعة يلوح في الأفق" في غزة، حيث تُبلغ يومياً عن وفيات بسبب سوء التغذية. وتُلقي الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة وبعض حلفاء إسرائيل باللوم في أزمة الجوع على القيود الإسرائيلية المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية وإيصالها. وتنفي إسرائيل هذا الادعاء وتُلقي باللوم على حماس.

قصة "جمهورية الكويت" التي لم تدم سوى 4 أيام
قصة "جمهورية الكويت" التي لم تدم سوى 4 أيام

BBC عربية

timeمنذ 2 أيام

  • BBC عربية

قصة "جمهورية الكويت" التي لم تدم سوى 4 أيام

في الثاني من أغسطس/آب من عام 1990، اجتاحت القوات العراقية أراضي دولة الكويت في عملية عسكرية مفاجئة أمر بها الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين، معلنةً بداية واحدة من أخطر الأزمات في منطقة الخليج العربي، التي مهدت لاحقاً لحرب الخليج الثانية. وكانت الأزمة بين العراق والكويت قد اندلعت بسبب مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية. إذ بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية في عام 1988، وجد العراق نفسه غارقاً في الديون، خصوصاً من دول الخليج التي دعمته مالياً خلال الحرب، وعلى رأسها الكويت والسعودية. وطالبت الكويت العراق بتسديد ديونه. وتفاقمت الأزمة بسبب اتهامات عراقية للكويت بتجاوز حصصها في إنتاج النفط ضمن منظمة "أوبك" (منظمة الدول المصدرة للنفط)، مما أسهم في انخفاض أسعار النفط، وبالتالي تراجع دخل العراق. اتهم العراق الكويت أيضاً بسرقة النفط من حقل الرميلة المشترك. وفي خضم هذا المناخ المتوتر، اتخذ صدام حسين قراره بغزو الكويت في الثاني من أغسطس/آب 1990، وبعد السيطرة على البلاد، تمّ تعيين علي حسن المجيد (ابن عم صدام) حاكماً عسكرياً للكويت. الحكومة المؤقتة وقد بدأت السلطات العراقية حينها سريعاً اتخاذ خطوات لإضفاء "شرعية شكلية" على وجودها في الكويت. وتمثلت إحدى هذه الخطوات في إنشاء ما أُطلق عليه اسم "جمهورية الكويت"، ككيان سياسي جديد على أنقاض الدولة الكويتية المستقلة. فبعد يومين من السيطرة على البلاد وتحديداً في الرابع من أغسطس/آب من عام 1990، أعلن صدام حسين إنشاء "جمهورية الكويت"، وأعلن أن هذه الجمهورية الجديدة هي كيان مستقل تحكمه "ثورة شعبية"، وذلك بحسب كتاب "الكويت.. الغزو والتحرير" لرجاء حسن ميناوي. ولم يكن هذا الإعلان، بحسب محللين ومؤرخين، منفصلاً عن استراتيجية صدام حسين الهادفة إلى كسب الوقت والتمويه السياسي. فبدلاً من إعلان الضم المباشر منذ اليوم الأول، سعى النظام العراقي إلى تقديم الوضع كأنه "ثورة داخلية" قام بها "الكويتيون أنفسهم" ضد "نظام عميل للاستعمار والإمبريالية"، واستخدم الإعلام العراقي آنذاك هذه التوصيفات لتبرير الغزو أمام الرأي العام العربي والدولي. وكانت البداية، في تعيين حكومة الكويت الحرة المؤقتة التي تألفت من 9 من الضباط الكويتيين السابقين الذين تعاونوا مع النظام العراقي، أو اعتبروا كذلك لاحقاً. وتمّ تعيين العقيد علاء حسين علي الخفاجي الجبر رئيساً لمجلس الوزراء وقائداً عاماً للقوات المسلحة، كما شغل منصبي وزير الدفاع ووزير الداخلية أيضاً. وكذلك تعيين المقدم وليد سعود محمد عبد الله وزيراً للخارجية، والمقدم فؤاد حسين أحمد وزيراً للمالية والنفط، والرائد فاضل حيدر الوافقي وزيراً للإعلام والنقل، والمقدم حسين دهيمان الشمري وزيراً للشؤون الاجتماعية. وورد في كتاب "الكويت.. الغزو والتحرير" لرجاء حسن ميناوي، أنّ علاء حسين وُلد في الكويت عام 1948 وانتمى لحزب البعث في العراق عندما كان يدرس في جامعة بغداد، وهو ضابط سابق في الجيش الكويتي. وقد بث التلفزيون الكويتي الرسمي، الذي سيطرت عليه القوات العراقية، بياناً مصوراً لعلاء حسين وهو يعلن تأسيس الحكومة الجديدة، داعياً الكويتيين إلى التعاون مع القيادة الجديدة. وقد أعلنت الحكومة الجديدة عن سلسلة من "القرارات الثورية"، مثل تأميم الشركات الغربية، ومصادرة ممتلكات الأسرة الحاكمة، وحل مجلس الأمة الكويتي، وتحويل إمارة الكويت إلى جمهورية، ومنحت الجنسية لجميع المواطنين العرب المقيمين في الكويت آنذاك. "دُمية" ولم تكن هذه الحكومة تملك أي سلطة حقيقية، ولم تكن أكثر من واجهة شكلية، اعتبر البعض أنّ النظام العراقي أراد بها تبرير ضمّه للكويت أمام الرأي العام المحلي والدولي. ورفض الشعب الكويتي هذه الحكومة، كما رفضت المعارضة الكويتية التعاون معها. ومن الناحية الزمنية، لم تعش هذه الحكومة أكثر من 4 أيام فقط، حيث قرر صدام حسين في 8 أغسطس/ آب من عام 1990 ضمّ الكويت رسمياً إلى العراق، وأعلن أنّ الحكومة المؤقتة قد طلبت منه ذلك، مما جعل وجودها منعدم المعنى قانونياً وعملياً. وصدر في 28 أغسطس/آب من عام 1990، مرسوم بإنشاء محافظة الكويت لتكون المحافظة العراقية الـ 19 التي تتكون من 3 مناطق وهي كاظمة (العاصمة الكويت)، والجهراء، والنداء (الأحمدي) وتم تنصيب العراقي عزيز صالح النومان محافظاً للكويت. وعقب حلّ الحكومة المؤقتة، أصدر صدام حسين قراراً بتعيين علاء حسين علي نائباً لرئيس الوزراء العراقي، وعين الوزراء الباقين كمستشارين في رئاسة الجمهورية بدرجة وزير. وهكذا، أُلحقت الكويت بالعراق كمحافظة عراقية، وبدأ الجيش العراقي في فرض القوانين العراقية على كامل أراضي دولة الكويت، بما في ذلك تغيير المناهج، واستبدال العملة، وحظر الصحف الكويتية. كما أُغلقت السفارات الأجنبية في الكويت، وتم طرد العديد من الدبلوماسيين، وفُرضت قيود شديدة على السكان المحليين، واستُخدم التعذيب والاعتقال والإعدامات كوسائل للترهيب، وأصبح الوجود العسكري هو المسيطر على الحياة اليومية في البلاد، وأعلن صدام حسين أنّ "الكويت عادت للوطن الأم". ويشير الكثير من المؤرخين والمحللين السياسيين، إلى أنّ إعلان "جمهورية الكويت" لم يكن إلا "مسرحية سياسية وخطوة تكتيكية عراقية" تهدف إلى كسب الوقت أمام الضغط الدولي المتزايد. حيث كانت القيادة العراقية تدرك أنّ إعلان الضم المباشر للكويت من اليوم الأول سيستفز المجتمع الدولي، ولذلك فضلت أن تقدم الأمر وكأنه "ثورة شعبية داخلية" تبعها "طلب" بالانضمام إلى العراق. الحرب والتحرير وقد أدانت الأمم المتحدة الغزو، وبدأت بفرض حظر على العراق منذ 6 أغسطس/آب من ذلك العام، قبل أن يصوت مجلس الأمن في 29 نوفمبر/تشرين الثاني على القرار رقم 678 الذي يشرع استخدام القوة ضد العراق، ويحدد مهلة تنتهي في 15 يناير/كانون الثاني من عام 1991 عند منتصف الليل للخروج من الكويت. وقد شهد مطلع شهر يناير/كانون الثاني من عام 1991، جهوداً دبلوماسية مكثفة لمحاولة إنهاء الأزمة دون اللجوء إلى القوة ومع مضي الأيام، ازداد الشعور بحتمية وقوع الحرب. وأخفقت المساعي العربية لحل الأزمة تماماً، والتقى أمين عام الأمم المتحدة، خافير بيريز دي كويار، بالرئيس العراقي، صدام حسين، لكنه لم يستطع إقناعه بالانسحاب أو حتى الدخول في مفاوضات بشأن الانسحاب. وفي 9 يناير/كانون الثاني من عام 1991، انتهت محادثات أجريت بين وزير الخارجية الأمريكي، جيمس بيكر، ونظيره العراقي طارق عزيز بالإخفاق أيضاً. وعندها أعلنت واشنطن أنها استنفدت جميع السبل الدبلوماسية للوصول إلى حل، صوت الكونغرس الأمريكي لصالح قرار شن حرب ضد العراق في 12 يناير/كانون الثاني. وقد استمرت السيطرة العراقية على الكويت لعدة أشهر، حتى قررت الولايات المتحدة بقيادة تحالف دولي يضم 34 دولة، شن حملة عسكرية لتحرير الكويت، بدأت في 16 يناير/كانون الثاني من عام 1991 تحت اسم "عاصفة الصحراء". وفي فبراير/شباط من نفس العام، تم تحرير الكويت بالكامل، وانسحبت القوات العراقية تحت ضغط عسكري كثيف، وسط دمار كبير خلفه الجيش العراقي، شمل حرق آبار النفط وتخريب البنية التحتية. وفي 14 مارس/آذار من عام 1991، عاد أمير الكويت الشيخ، جابر الأحمد الصباح، إلى بلاده بعد أشهر من أداء حكومته أعمالها مؤقتاً من السعودية. ذكرى مريرة وبعد تحرير الكويت، عاد أعضاء الحكومة المؤقتة الموالية للعراق إليها وتحديداً في 27 أبريل/نيسان من عام 1991، باستثناء علاء حسين، وقاموا بتسليم أنفسهم للسلطات الكويتية فور عودتهم. وتمت إحالتهم إلى جهات التحقيق في جهاز أمن الدولة الكويتي التي انتهت من التحقيق معهم في 15 مايو/أيار من عام 1991، ثمّ حولتهم إلى نيابة أمن الدولة في 22 يوليو/تموز، وقد أكدوا خلال التحقيقات ولائهم للكويت وأميرها وشهدوا ضد علاء حسين. وفي 9 سبتمبر/أيلول من عام 1991، أعلن وزير العدل الكويتي آنذاك، غازي عبيد السمار إغلاق ملف الحكومة الموقتة، مشيراً إلى انتهاء التحقيقات، وأن أعضاء تلك الحكومة "كانوا مسلوبي الإرادة وتعرضوا للضرب وتهديدات وتعذيب مادي ونفسي وأنه جرى الاستناد في التحقيق على التقارير الواردة من الاستخبارات العسكرية ومباحث أمن الدولة". وقد عادوا بعد ذلك للعمل في وزارة الدفاع الكويتية، وتناسى المجتمع الكويتي قضيتهم بهدوء، بحسب ما ورد في كتاب "الكويت.. الغزو والتحرير" لرجاء حسن ميناوي. أمّا علاء حسين علي، الذي ترأس تلك الحكومة، فقد غادر العراق عام 1998 إلى تركيا ومنها إلى النرويج قبل أن يعود ويسلم نفسه إلى الكويت عام 2000 ليبرئ نفسه كما قال من تهمة العمالة للعراق، وقد حوكم بتهمة الخيانة العظمى، وصدر بحقه حكم بالإعدام، إلا أن الحكم خُفف لاحقاً إلى السجن المؤبد. وقد قال علاء حسين علي للقضاة إنه أجبر على رئاسة "الحكومة العميلة" بعد أن هددته السلطات العراقية باحتجاز أسرته وقتله إن لم يؤد الواجب الذي كلف به، وأضاف أنه "لا يدري سبب اختيار العراقيين له من بين مئات من سجناء الحرب لرئاسة حكومة عميلة في الكويت"، مشيراً إلى أن العراقيين أجبروه على البقاء في العراق بعد الحرب حتى عام 1998. وقد أسقطت الكويت الجنسية عن علاء حسين في سبتمبر/أيلول الماضي. ومن الناحية القانونية، فإن "جمهورية الكويت" لم تستوفِ أياً من المعايير القانونية للدولة، حيث إنها كانت فاقدة لأي نوع من السيادة أو الاعتراف، مما جعل وجودها القانوني في حكم العدم. كما أن السرعة التي أُنشئت فيها، ثم أُلغيت بها، تدل على أنها كانت مجرد أداة مؤقتة لتبرير عدوان، لا كياناً سياسياً حقيقياً. كما لم تصدر "حكومة الكويت الحرة المؤقتة" تلك أي قوانين، ولم تمارس أي مهام إدارية أو دبلوماسية، ولم يكن لها أي تواصل مع المجتمع الدولي. وعلى الرغم من قصر عمر هذه الحكومة، إلا أنّ آثارها النفسية والسياسية بقيت حاضرة في وجدان الكويتيين كذكرى مريرة عزّزت من تماسكهم الوطني، وأعادت تأكيد أهمية السيادة والاستقلال.

أفيخاي أدرعي في قرى درزية بجبل الشيخ، فإلى أي مدى اقترب من العاصمة السورية؟
أفيخاي أدرعي في قرى درزية بجبل الشيخ، فإلى أي مدى اقترب من العاصمة السورية؟

BBC عربية

timeمنذ 3 أيام

  • BBC عربية

أفيخاي أدرعي في قرى درزية بجبل الشيخ، فإلى أي مدى اقترب من العاصمة السورية؟

أعاد ظهور جديد للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي السورية الجدل بشأن الدور الذي تلعبه الحكومة الإسرائيلية في هذه المنطقة. وقال أفيخاي أدرعي لترندينغ إن زيارته للجنوب السوري شملت قرى في جبل الشيخ. إلا أنه لم يحدد أسماء تلك القرى. كما نشر أدرعي فيديو يتحدث فيه زيارته إلى قمة جبل الشيخ وعمليات الجيش الإسرائيلي لكشف وإحبالط أي تهديد لإسرائيل. يمكنكم مشاهدة الحلقات اليومية من البرنامج الساعة الثالثة بتوقيت غرينيتش، من الإثنين إلى الجمعة، وبإمكانكم أيضا الاطلاع على قصص ترندينغ بالضغط هنا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store