
"تركة ثقيلة" تعرقل جهود التنمية في العراق
شفق نيوز/ تشير البيانات الرسمية إلى وجود المئات من المشاريع المتلكئة في مختلف المحافظات العراقية، وتُعزى أسباب تلكؤ هذه المشاريع إلى الأوضاع غير المستقرة التي مرت بها البلاد، وكذلك عدم إقرار الموازنات بالإضافة إلى الشركات الضعيفة وغير المتمكنة، بحسب مختصين.
ويؤكد المختصون، أن الحكومة العراقية الحالية برئاسة محمد شياع السوداني عملت على معالجة هذا الملف من خلال استئناف العمل بـ555 مشروعاً للوزارات، مما أدى إلى انخفاض عدد المشاريع المتلكئة من 1600 إلى 916 مشروعاً، وفق المختصين.
أسباب التلكؤ
وعزا الباحث الاقتصادي، أحمد عيد، أسباب تلكؤ المشاريع في العراق إلى مجموعة عوامل متراكمة، في مقدمتها سوء التخطيط وغياب الرؤية الاستراتيجية.
وأضاف عيد، لوكالة شفق نيوز، كما أن الكثير من المشاريع تُطلق دون دراسات جدوى، أو تُحال إلى شركات تفتقر للكفاءة والخبرة الفنية والمهنية، أو وفقاً للمحسوبية السياسية والحزبية.
وتابع: "كما أن الفساد المالي والإداري يلعب دوراً مهماً ومحورياً في تعثر تنفيذ المشاريع، إذ استنزفت ميزانيات كبيرة طوال العقدين الماضيين وفق مناقصات وهمية تُمنح لجهات معينة بعقود مبالغ بها مقابل نسب من العمولات".
فضلاً عن ذلك، يُعاني الجهاز الرقابي في العراق من ضعف فاعليته ما يفتح المجال أمام التلاعب والتقصير دون محاسبة حقيقية، بحسب عيد.
وأكمل الباحث الاقتصادي حديثه، قائلاً: "كما لا يمكن إغفال تأثير البيروقراطية الإدارية والتداخل بين صلاحيات المؤسسات إلى جانب غياب البيئة الآمنة في معظم المناطق، مما أثر على قدرة العديد من الشركات على الاستمرار بالعمل".
ومن أسباب تلكؤ المشاريع أيضاً، هو تأخير إطلاق التخصيصات المالية للمشاريع بسبب تجميد الكثير منها أو تأخر إقرار الموازنة أو انقطاعها بمنتصف الطريق، وفق عيد.
تأثيرات التلكؤ
ونبه عيد، إلى أن تلكؤ المشاريع، أثر سلباً على بيئة الاستثمار بشكل مباشر، حيث أدى إلى فقدان ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، بجدية الدولة بتنفيذ الخطط الاقتصادية والمشاريع.
وبين الباحث الاقتصادي، أن تعثر مشاريع البنى التحتية والخدمات لفترات طويلة تؤدي إلى تراجع فرص نمو السوق وتضعف قدرة الدولة على جذب استثمارات جديدة، خاصة في القطاعات الحيوية كالصناعة والطاقة والسياحة.
ولفت إلى أن تراكم المشاريع المتلكئة يبعث رسالة سلبية حول بيئة العمل في العراق، ويعزز من صورة الفساد والبيروقراطية، وعدم الاستقرار التشريعي والتنفيذي، وهو ما يدفع الكثير من المستثمرين إلى نقل رؤوس أموالهم إلى دول أكثر استقراراً.
وأشار عيد، إلى أن العراق بحاجة ماسة إلى متابعة استراتيجية وحيوية تستجيب للتحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتحقق تنمية مستدامة متوازنة، وكذلك إلى مشاريع البنى التحتية الأساسية المتعلقة بشبكات الطرق والجسور والكهرباء والماء والصرف الصحي ومشاريع الإسكان والتخطيط الحضري.
يضاف لذلك، المشاريع الزراعية والأمن الغذائي والعمل على الإصلاح الزراعي واستصلاح الأراضي ودعم الصناعات الغذائية، ومشاريع الصحة والتعليم وبناء مستشفيات ومدارس وجامعات بمواصفات عالمية حديثة.
وأردف عيد بالقول: "كما يحتاج العراق إلى مشاريع الطاقة المتجددة واستثمار الطاقة الشمسية والرياح، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، بما يتعلق بالطاقة الكهربائية وما إلى ذلك".
ومن الاحتياجات أيضاً، أكد عيد، الحاجة إلى مشاريع تنمية الشباب وتشغيلهم من خلال إنشاء مدن صناعية ومراكز تدريب وتأهيل مهني بتحفيز سوق العمل وامتصاص البطالة، ومشاريع التحول الرقمي والخدمات الإلكترونية لتطوير البنية التحتية الرقمية للحوكمة الإلكترونية، وتحسين الشفافية والخدمات العامة.
وبالمجمل، رأى الباحث الاقتصادي، أن العراق يحتاج إلى مشاريع تعيد بناء الدولة، وتستعيد الثقة بمؤسساتها، وتوفر فرص حقيقية للمواطنين بالعيش الكريم وتحقق التنمية المستدامة.
وتشير البيانات الرسمية إلى وجود أكثر من 1600 مشروع متلكئ في مختلف المحافظات، باستثناء إقليم كوردستان، مع نسب إنجاز تتراوح بين 30% و35%، وتعود بعضها إلى فترات حكومية سابقة، وفق عضو لجنة الاستثمار النيابية، ضياء الهندي.
وأرجع الهندي، أسباب تلكؤ هذه المشاريع خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى عدة عوامل، أبرزها قلّة السيولة المالية، نتيجة تأثر المشاريع بتراجع أسعار النفط وجائحة كورونا، مما أدى إلى نقص التمويل وتوقف العديد منها بقرارات حكومية.
والسبب الآخر، بحسب الهندي، هو الفساد الإداري والمالي، حيث أدى الفساد المستشري في مؤسسات الدولة إلى تأخير تنفيذ المشاريع وتوقفها، نتيجة إحالة العديد من المشاريع إلى شركات غير رصينة.
ويأتي ضعف الرقابة والمتابعة ليشكل سبباً آخر في تلكؤ المشاريع، حيث إن غياب الرقابة الفعّالة على تنفيذ المشاريع ساهم في تفاقم المشكلة، وفق الهندي، لافتاًُإلى أن القرارات الحكومية السابقة، مثل القرار 347 لسنة 2015 الذي أوقف العديد من المشاريع نتيجة الأزمة المالية، تسبب في اندثار عدد كبير منها.
جهود الحكومة
وفي سبيل تخطي هذا الأزمة، أكد أن حكومة محمد شياع السوداني تعمل على معالجة هذا الملف من خلال استئناف العمل بالمشاريع المتلكئة، حيث تم استئناف العمل بـ555 مشروعاً للوزارات، مما أدى إلى انخفاض عدد المشاريع المتلكئة إلى 916 مشروعاً.
وزاد بالقول: "كما تم تشكيل لجان مع وزارة التخطيط ومجلس الوزراء لاستئناف العمل في المشاريع التي لا يمكن إيقافها، وإلغاء المشاريع التي يمكن الاستغناء عنها، وتخصيص مبالغ مالية لاستئناف المشاريع المهمة، مثل مشاريع مداخل بغداد، والصرف الصحي، والمستشفيات".
وكانت الحكومة الحالية، قد وضعت في سُلّم أولوياتها إكمال إنجاز المشاريع المتلكئة، فكان عام 2024 (عام الإنجازات) كما أطلق عليه رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، وفق المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان العراقية، نبيل الصفار.
وشرح الصفار، خلال حديثه للوكالة، أن الوزارة، مثّلت الذراع الفولاذي لحكومة الخدمات الوطنية، فقد حملت أكثر من 22% من مجمل مشاريع البرنامج الحكومي، موضحاً أن في قطاع الطرق والجسور، تم إنجاز العديد من مشاريع فك الاختناقات المرورية في بغداد خلال (عام الإنجازات).
وواصل حديثه بالقول: "مُدت لأول مرة ركائز الجسور بين الكرخ والرصافة، كما شهدت تقاطعات بغداد أنفاقاً جديدة ومجسرات منها بأربعة مسارات، كما تم إنجاز المدخلين الجنوبي والشرقي لبغداد، وأعلنت الوزارة انطلاق مشروع الطريق الحلقي الرابع الذي سيكون أهم شرايين الطرق للعاصمة".
وفي قطاع الإسكان، نبه الصفار، إلى أن الوزارة عملت على تنفيذ مشاريع المدن السكنية الجديدة الواعدة والذكية المستدامة، والتي ستساهم بشكل فعّال في القضاء على أزمة السكن، وتتوافر فيها كل مقومات العيش الرغيد للمواطنين، مستدركاً: "ستضمّ هذه المدن السكنية مراكز تجارية وصحية وتربوية وتعليمية ورياضية وترفيهية ومساحات خضراء".
وخلص الصفار في ختام حديثه إلى أن "الوزارة، عملت على إنجاز جميع مشاريع المجمعات السكنية المتلكئة في الفترات السابقة، فضلاً عن استمرار صندوق الإسكان العراقي في تطوير آليات التقديم على قروضه وإجراءات الاقتراض والجباية، خدمة لكل شرائح المجتمع ودعماً لحل أزمة السكن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 28 دقائق
- شفق نيوز
عروض محلية وأجنبية لتحسين البيئة العراقية وتخفيض انبعاثات الكربون
شفق نيوز/ كشف مستشار وزارة البيئة العراقية، نظير فزع، يوم الخميس، أن شركة اقتصاديات الكربون استقبلت الكثير من المشاريع التي تقدمت بها شركات محلية ودولية لتحسين الواقع البيئي وتخفيض انبعاثات الكربون. وذكر فزع لوكالة شفق نيوز، أن "شركة اقتصاديات الكربون تأسست بقرار من مجلس الوزراء لسنة 2024، وطيلة تلك الفترة كانت هناك تحضيرات للعملية التأسيسية، وتم عقد المؤتمر الأول لاقتصاديات الكربون في العراق والإعلان عن بدء العمل الحقيقي للشركة". وأوضح، أن "الشركة استقبلت الكثير من الشركات المحلية والدولية، والعمل مستمر مع تلك الشركات للاتفاق على المشاريع وتوقيع عقود الشراكة لتحسين الواقع البيئي في العراق". وأشار فزع، إلى أن "هناك 11 شركة أجنبية تقدمت، بينها من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والنرويج والصين والهند ودول أخرى". وأكد مستشار وزارة البيئة، أن "عمل هذه الشركات سيكون على تحسين البيئة وتخفيض انبعاثات الكربون، وتتولى الوزارة تسجيل هذه المشاريع وإصدار سندات الكربون". واقترح محمد صاحب الدراجي مستشار رئيس مجلس الوزراء، أمس الأربعاء، إنشاء سوق إقليمي لتبادل سندات الكربون بقيادة العراق لما له من عوائد مالية للبلاد تصل إلى نحو 100 مليار دولار خلال عقد من الزمن.


شفق نيوز
منذ ساعة واحدة
- شفق نيوز
وزير الصناعة: صحراء الأنبار تمتلك أكبر احتياطي من الفوسفات بـ10 مليارات طن
شفق نيوز/ وضع وزير الصناعة والمعادن خالد بتّال النجم، اليوم الخميس، حجر الأساس لمشروع "إنشاء وتشغيل معامل جديدة مُتكاملة لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية" في قضاء القائم بمحافظة الأنبار غربي العراق. ويُنفـذ هذا المشروع الحيوي بالشراكة بين الشركة العامة للفوسفات / State Phosphate Company وشركة أساس الهندسة، وشركة شرق الصين لتقنيات وعلوم الهندسة، وبطاقة إنتاجية تبلُغ 500 ألف طن سنويًا من سماد ثلاثي سوبر فوسفات ( TSP )، ومليون طن سنويًا من سماد الـداب ( DAP ). وقال الوزير في كلمة القاها على هامش مراسيم وضع الحجر الاساس، إن "هذا المشـروع لا يُمثل مشروعاً صناعياً، بل هو بارقة أمل وحجر أساس لإنطلاق المشاريع الاستثمارية الكُبرى لاستثمار المعادن من صحراء غرب الأنبار التي حباها الله بأكبر احتياطي من الفوسفات يبلُغ 10 مليارات طن"، مبينا أن قيمة "مشروع إنشاء معامل الأسمدة الفوسفاتية تبلُغ ملياري دولار". وأضاف "وصلنـا لهذه المرحلة المُهمة للبدء بالأعمال الفعلية لمشروع الأسمدة الفوسفاتية"، مردفا بالقول إنه "سيتم الإعلان عن مشاريع أخرى في السليكا ومشاريع أخرى للفوسفات قريبا". وتابع وزير الصناعة أنه "سيتـم الإعلان عن مشاريع السليكا في مؤتمر بغداد للاستثمار الذي سيعُقد للفترة 14 - 15 من شهر حزيران المقبل، ليكون منصة مُهمة لإطلاق المشاريع والإعلان عنها بكل شفافية والتنافُس وفق أسُس ومعايير الإمكانيات الفنية والمالية والخبرات والأعمال المُماثلة". وتعليقا على المشروع قال الخبير الاقتصادي طه الجنابي لوكالة شفق نيوز، إن "أهمية المعمل لا تقتصر فقط على جانب التوظيف أو إحلال الاستيراد، بل تكمن في إعادة تعريف العلاقة مع الموارد الطبيعية في العراق". وأوضح أن "الفوسفات من الثروات التي كان العراق يصدرها كخامة خام لعقود، رغم ما لها من قيمة مضافة عالية عند تصنيعها محلياً، المعمل الجديد، إذا التزم بالمعايير الصناعية الحديثة، يمكن أن يشكّل نواة لصناعة تحويلية حقيقية تعتمد على الموارد المحلية". وحذّر الجنابي من أن "نجاح المشروع لا يتعلق فقط بإنشائه، بل بقدرته على تحقيق إنتاج فعلي مستدام، وتجنّب ما حصل في مشاريع سابقة توقفت بعد مراحل التأسيس لأسباب إدارية أو تمويلية". يُشار إلى أن محافظة الأنبار، الغنية بمواردها الطبيعية، لم تحظَ باستثمارات صناعية كبرى منذ عقود، رغم ما تتمتع به من موقع جغرافي واستراتيجي يؤهلها لتكون مركزاً للنشاط الاقتصادي في غرب العراق. ويُنتظر من هذا المشروع أن يختبر قدرة الأنبار على التحول إلى بيئة صناعية جاذبة، ولا سيما في ظل الاهتمام الحكومي المعلن، والوجود الواضح لرؤوس الأموال المحلية والعربية.


شفق نيوز
منذ 3 ساعات
- شفق نيوز
العراق يوقع عقدا مع "غازبروم" الروسية لرفع معدلات إنتاج النفط والغاز في حقل بدرة
شفق نيوز/ وقعت شركة نفط الوسط، اليوم الخميس، التعديل الأول لعقد الخدمة لحقل "بدرة" النفطي ، مع شركة "غازبروم" الروسية والشركات المؤتلفة معها لزيادة إنتاج النفط والغاز من هذا الحقل. وحضر مراسيم التوقيع وكيل الوزارة لشؤون الاستخراج باسم محمد خضير، والسفير الروسي في بغداد "البروس كوتراشيف"، ومدير عام شركة نفط ذي قار، و مدير عام دائرة العقود والتراخيص البترولية، ومدير عام دائرة المكامن وتطوير الحقول ووكيل مدير عام الدائرة الفنية. وقال خضير في كلمة خلال مراسيم توقيع العقد، ان الوزارة ماضية في اتخاذ الإجراءات التي تساهم في إدامة عمليات الإنتاج في الحقول النفطية، فضلا عن دعم عمل الشركات النفطية الأجنبية العاملة في الحقول النفطية. بدوره قال مدير عام شركة نفط الوسط محمد ياسين، ان الشركة تعمل مع الشركة المقاولة على رفع معدلات الانتاج في الحقل ضمن المدة المتبقية من العقد لتعظيم موارد الدولة.