logo
مادلين العربية

مادلين العربية

العربي الجديدمنذ 2 أيام

قد تنجح السفينة مادلين التي انطلقت من صقلية جنوبي إيطاليا في بلوغ شاطئ غزّة، وقد لا تنجح في ذلك بالنظر إلى السلوك الإجرامي الإسرائيلي في التعامل مع كلّ مبادرة دولية لأحرار العالم لكسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، وربما أقدم الاحتلال على إجراء يعرّض حياة 12 ناشطًا عالميّاً للخطر عند اقتراب السفينة من غزّة.
يدرك هذا كله الأحرار النبلاء المُشاركون في رحلة كسر الحصار، غير أنهم أظهروا إصراراً مُدهشاً على توصيل رسالتهم إلى العالم كلّه، حاملين علم فلسطين وهاتفين بالحرية لها والحياة لشعبها، غير عابئين بعواقب واحدة من أبلغ التظاهرات الإنسانية العالمية من أجل إيقاظ ضمير قادة العالم المتواطئين بالسلاح وبالكلام وبالصمت، وكذا إقامة الحجّة على أشقاء الشعب الفلسطيني الذين تمضي حياتهم عادية وهم على بعد خطوات منهم من دون الإقدام على محاولة صادقة وجريئة لإغاثتهم من القتل، جوعاً وناراً وبرداً وقصفاً على مدار اليوم، يستهدف الأطفال والنساء والرجال.
تمضي "مادلين" في رحلتها وعلى ظهرها الناشطون الأوروبيون في ظلّ متابعة كثيفة من الجمهور العربي الذي يتفرّج على هؤلاء الذين امتلكوا حرية المخاطرة بحياتهم تضامنًاً مع شعبٍ يُباد ويُقتل كلّ يوم، وفي الذهن أنّ الزنازين العربية تضم مواطنين كلّ تهمتهم أنهم حاولوا التظاهر في مدنهم تضامناً مع الشعب الفلسطيني. وفي الذاكرة، كذلك، أن ناشطين دوليين حاولوا الذهاب إلى المعبر البرّي الوحيد إلى غزّة فكان مصيرهم الاحتجاز والترحيل، كما جرى في نهاية نوفمير/ تشرين الثاني من العام 2023 في القاهرة، حين احتجزت أجهزة الأمن المصرية أربعة نشطاء أجانب من أعضاء مجموعة "نشطاء دوليون من أجل فلسطين"، ثم رحّلتهم عقب مشاركتهم في وقفة احتجاجية أمام وزارة الخارجية في القاهرة، للمطالبة بالحصول على تصريح من الأمن لقافلة "ضمير العالم" التي دعت إلى تنظيمها نقابة الصحافيين المصريين إلى معبر رفح.
في تفاصيل ما جرى أنّ نشطاء أجانب نظّموا وقفة من أجل فلسطين أمام وزارة الخارجية المصرية في القاهرة، وطلب أربعة منهم، هم الأميركي جون باركر، وآخر فرنسي، وناشطة أسترالية وأخرى أرجنتينية، الدخول إلى مقرّ الوزارة لتسليم رسالة إلى وزير الخارجية، سامح شكري، للحصول على التصريح الأمني اللازم لمرور قافلة "ضمير العالم". لم ينجح النشطاء في مقابلة شكري بالطبع، حيث احتجزهم الأمن داخل وزارة الخارجية 12 ساعة قبل اقتيادهم إلى مطار القاهرة وترحيلهم إلى حيث أتوا.
ربما رحلة السفينة مادلين التي أبحرت أوّلمن أمس المصير نفسه، فيتعرّض المشاركون فيها للاعتقال من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أو قد تمارس هذه السلطات وحشيتها وإجرامها وتُطلق النار على السفينة إن أصرّت على مواصلة طريقها، لكن ذلك كلّه لا يكفي لمنع أحرار النضال الإنساني من أن يكونوا أحرارًا ثائرين على مفردات واقع كريه يستسلم لفكرة أن كلّ من يحاول سوف يُقصف أو يموت، وهي الفكرة التي يسجن العرب أنفسهم، حكاماً ومحكومين، داخلها، معتبرين ذلك مبرّراً كافياً لالتزام حالة العجز والصمت والفرجة والاكتفاء بتصريحات التعاطف المُجفّف والأسى المكرّر بالعبارات نفسها.
الشاهد أن أحداً من أشقاء فلسطين، أو الذين يزعمون ذلك، لم يحاول تحدّي الحصار الصهيوني المفروض على غزّة، وبالتالي يصبح الاستسلام المُسبق لفرضية أنّ الاحتلال سيضرب كلّ من يمدّ يد المساعدة نوعاً من التهرّب الجبان من استحقاقات العروبة والإنسانية، فضلاً عن أنه لا يليق بدولة عربية كبيرة، مثل مصر، تمثّل حدودُها الرئة الوحيدة لغزّة (معبر رفح البرّي) أن تقول إنها تخشى تسيير الشاحنات المكدّسة فيها المساعدات كي لا تضربها إسرائيل، على نحو ما قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، وهو يردّ على سؤال من قناة "الجزيرة مباشر" عن عدم إدخال المساعدات، في فبراير/ شباط 2024 "من غير الواقعي أن تُقدم مصر على إدخال شاحنات المساعدات إلى قطاع غزّة لأنها ستتعرض للقصف من جيش الاحتلال إذا دخلت بهذه الطريقة". ثم أضاف: "إسرائيل لم تتورّع عن قتل موظفي الأمم المتحدة، ولا العاملين بالإغاثة الطبية ولا قتل الصحافيين، وبالتالي سيكون سهلاً عليها قتل سائقي شاحنات وعاملين عليها".
هذا التسليم بأنّ إسرائيل ستضرب ولن يرد عليها أحد يرقى إلى شكل من التواطؤ مع واقع يفرضه الاحتلال على الجميع، من دون أن يحاول أحد التمرّد على حالة الإذعان أمام هذه الغطرسة. ولذلك لا يذهبن بكم التفاؤل إلى درجة الحلم بأن تكون هناك "مادلين عربية".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جان إيف لو دريان: إسرائيل تعيش انهيارا أخلاقيا وتوشك أن تصبح دولة منبوذة- (فيديو)
جان إيف لو دريان: إسرائيل تعيش انهيارا أخلاقيا وتوشك أن تصبح دولة منبوذة- (فيديو)

القدس العربي

timeمنذ ساعة واحدة

  • القدس العربي

جان إيف لو دريان: إسرائيل تعيش انهيارا أخلاقيا وتوشك أن تصبح دولة منبوذة- (فيديو)

باريس- 'القدس العربي': ندّد جان إيف لودريان وزير الخارجية الفرنسي الأسبق (2017-2022)، والمبعوث الشخصي الحالي للرئيس إيمانويل ماكرون إلى لبنان، بالوضع في قطاع غزة والسياسة التي تتبعها إسرائيل في هذا الملف. وقال في مقابلة مع إذاعة 'فرانس إنتر': 'لقد تجاوزنا حدود ما لا يُقبل. استخدام السلاح الإنساني، وسلاح التجويع كأداة للعمل العسكري أمر مأساوي للغاية'. فحالياً، لا يسمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلا بدخول كمية محدودة من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، بعد حصار استمر شهرين. واعتبر الرئيس السابق للدبلوماسية الفرنسية أن 'نتنياهو، من خلال سياساته، يجعل إسرائيل على شفا الهاوية. وهذا معاكس تمامًا للمبادئ التي قامت عليها إسرائيل، لأنها كانت تمثل الديمقراطية، واحترام القانون، والقيم الإنسانية'، وفق لودريان. كما رأى لو دريان أن 'إسرائيل تعيش اليوم انهياراً أخلاقياً، وهي في طريقها، بسبب سياسات نتنياهو، لأن يصبح دولة منبوذة على الساحة الدولية، وهذه وضعية مأساوية للغاية'. وتابع قائلاً: 'عندما ننتقد سياسة حكومة نتنياهو، نتهم فورا بمعاداة السامية. هذا أمر غير مقبول أبدا، وهذا الخلط مدان بشدة. عندما يتدخل رئيس الجمهورية (إيمانويل ماكرون) مطالباً بوصول المساعدات الإنسانية (إلى غزة)، يتم اتهامه بأنه متواطئ مع حماس. هذا لم يعد مقبولا'. كما قال وزير الخارجية الفرنسي الأسبق إنه لا يرى اليوم مخرجا آخر سوى أن يضع الشعب الإسرائيلي نفسه حداً لهذا الانحراف الخطير الذي سيقود إسرائيل خلال السنوات القادمة إلى وضع مأساوي. وعند سؤاله عن ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة، قال جان إيف لو دريان إنه يفضل عدم استخدام هذا المصطلح، معتبرا أن له 'دلالة قانونية وتاريخية'. وأضاف قائلا : 'نحن نسير نحو تطهير عرقي'، مكرراً بذلك كلمات رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت. 'En faillite morale', 'en train de devenir un État paria' : les mots de Jean-Yves Le Drian sur Israël. 'On va vers un nettoyage ethnique' à Gaza pour l'ancien ministre des Affaires étrangères — France Inter (@franceinter) June 6, 2025 وفي إطار الضغوط الدولية المتزايدة التي تواجهها إسرائيل لإنهاء الحرب المدمرة في غزة؛ تم هذا الجمعة في فرنسا تقديم شكوى ضد مجهول بتهمة القتل والإبادة الجماعية من قبل جدة تتهم السلطات الإسرائيلية بالمسؤولية عن مقتل حفيديها الفرنسيين في غزة في شهر أكتوبر عام 2023.

مجزرة في جباليا وكمين للمقاومة شرقي خانيونس
مجزرة في جباليا وكمين للمقاومة شرقي خانيونس

العربي الجديد

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربي الجديد

مجزرة في جباليا وكمين للمقاومة شرقي خانيونس

بينما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف طالبي المساعدات في قطاع غزة المحاصر مرتكباً مجزرة تلو الأخرى بحقهم، أعلنت مؤسسة غزة الإنسانية الخاصة المدعومة أميركياً وإسرائيلياً، الجمعة، أن جميع مواقع توزيع المساعدات مغلقة وسيتم الإعلان عن موعد إعادة فتحها لاحقاً، وذلك بعدما صرحت أمس الخميس، أنها استأنفت توزيع المساعدات الغذائية في القطاع إثر استشهاد العشرات، الثلاثاء الفائت، في مجزرة إسرائيلية قرب أحد مراكزها. ميدانياً، قالت مواقع عبرية إن انفجار عبوة ناسفة داخل مبنى في شرق خانيونس أدى إلى مقتل 5 جنود في جيش الاحتلال وإصابة 5 آخرين، فيما لم يصدر أي إعلان رسمي إسرائيلي بهذا الشأن. وفي غضون ذلك، شن طيران الاحتلال سلسلة غارات عنيفة على مدينتي خانيونس وغزة. وعلى صعيد الجهود الرامية لوقف إطلاق النار في غزة، استعرضت حركتا حماس والجهاد الإسلامي بالعاصمة القطرية الدوحة، أمس الخميس، جهود المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي. جاء ذلك خلال لقاء جمع وفداً من حماس برئاسة محمد درويش رئيس المجلس القيادي للحركة، بوفد من "الجهاد الإسلامي" برئاسة أمينها العام زياد النخالة، في الدوحة، بحسب بيان صادر عن حماس. وأوضح البيان أن الاجتماع تناول "آخر المستجدات السياسية والميدانية في ظل العدوان الصهيوني على غزة وجرائم الإبادة الجماعية المستمرة بحق شعبنا، وجهود المفاوضات عبر الوسطاء لإنهاء الحرب". إلى ذلك، أكد رئيس حركة حماس في غزة خليل الحية، أمس الخميس، جاهزية الحركة لتسليم الحكومة في غزة فوراً لأيّ جهة فلسطينية وطنية مهنية يُتوافق عليها، كما أعلن انفتاح الحركة على أي جولة مفاوضات جديدة وجادة للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار دائم. وأضاف الحية، خلال كلمة له بمناسبة عيد الأضحى المبارك، أنّ حركة حماس لم ترفض المقترح الأخير لستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، "بل قدّمت بعض الملاحظات والتحسينات عليه، من أجل ضمان إنهاء هذه الحرب، وعدم عودة العدو إلى الغدر والقتل والاجتياح وفرض النزوح، وضمان دخول المساعدات والإغاثة لشعبنا بشكل كريم". "العربي الجديد" يرصد أبرز تطورات الحرب على غزة أولاً بأول...

هل يصوّت "يويفا" على سحب الثقة من رئيسه تشيفرين؟
هل يصوّت "يويفا" على سحب الثقة من رئيسه تشيفرين؟

العربي الجديد

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربي الجديد

هل يصوّت "يويفا" على سحب الثقة من رئيسه تشيفرين؟

بدأ بعض الشخصيات في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" التحرك، خلال الأيام الماضية، عبر الاتصال بعدد من المسؤولين السابقين، لمعرفة إمكانية التصويت على سحب الثقة من الرئيس الحالي، ألكسندر تشيفرين (58 عاماً)، بعدما نال رئيس الاتحاد القاري السابق، الفرنسي ميشيل بلاتيني (69 عاماً)، البراءة من قضية الاحتيال واختلاس الأموال، البالغ حجمها 16 مليون يورو. وذكرت صحيفة موندو ديبورتيفو الإسبانية، الخميس، أن رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم السابق، ميشيل بلاتيني، يريد العودة إلى العمل مرة أخرى، بعدما نال حُكماً بالبراءة من القضية، التي اتُهِم بها قبل عدة سنوات، الأمر الذي جعل بعض الشخصيات الكبرى في "يويفا" تباشر المشاورات والاتصالات، خاصة مع بعض الأعضاء ذوي التأثير على نظرائهم، وهدفهم هو سحب الثقة من تشيفرين. وأوضحت أن مجموعة كبيرة من الاتحادات الأوروبية لكرة القدم، البالغ عددها 55 اتحاداً، والتي تشكل "يويفا"، مستعدة بشكل كامل للقيام بسحب الثقة من ألكسندر تشيفرين، وإعادة الفرنسي ميشيل بلاتيني إلى منصبه، بالإضافة إلى وضع أسطورة الكرة الأوكرانية، أندري شيفتشينكو (48 عاماً)، في أحد المناصب المُهمة، لكن المَهمة لن تكون سهلة، ما جعلهم يطلبون المساعدة من رئيس الاتحاد اليوناني السابق، تاكيس بالتاكوس، الذي يمتلك خبرة قانونية واسعة، ولديه علاقات مهمة، وينال احترام الكثير من النافذين في الهيئة الكروية القارية. بعيدا عن الملاعب التحديثات الحية الحكم ديفيد كوت يظهر في وظيفة غير متوقعة بعد إيقاف مزدوج وختمت أن موافقة رئيس الاتحاد اليوناني لكرة القدم السابق على إعادة ميشيل بلاتيني إلى منصبه في "يويفا"، تعني أن قرار سحب الثقة من ألكسندر تشيفرين قد اتُخذ في الغرف المغلقة، لأنهم لا يريدون استمراره في منصبه، حتى موعد الانتخابات المقبلة، التي ستقام في شهر مارس/ آذار عام 2027، خاصة أن أسطورة منتخب فرنسا السابق يحظى باحترام الجميع، ونيله حكم البراءة في قضيته رفع أسهمه في العودة إلى منصبه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store