
الوعد الصادق 3: إيران تُسقط أسطورة الحصانة الإسرائيلية وتكشف هشاشة العمق الاستراتيجي
يمني برس | تقرير _ يحيى الربيعي
أعلن حرس الثورة الإسلامية في إيران، اليوم الخميس 19 يونيو 2025م، أنّه نفّذ بنجاح الموجة الـ14 من استهداف الأماكن الاستراتيجية في كيان الاحتلال، ضمن عملية 'الوعد الصادق 3'. وقال في بيان له إنّ العملية استهدفت 'مركز قيادة واستخبارات تابعة لجيش الاحتلال، القريب من أحد المستشفيات، بدقةٍ عاليةٍ ودقةٍ مُطلقة'، مضيفاً أنّ 'القدرة الاستخباراتية والقدرة على تحديد الأهداف التي تمتلكها القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الإيرانية أصبحت أمام أعين العالم'. وأشار البيان إلى أنّه جرى إخلاء كافة المراكز العسكرية، ونشر 'جيش' الاحتلال منظوماته الصاروخية والدفاعية غير الفعالة في وسط المراكز الحضرية. وكرر البيان تحذيراته من أنّ 'السماء بأكملها فوق الأراضي المحتلة أصبحت بلا دفاع ولن يكون هناك أي مكان آمن'، مؤكداً أنّ 'الجسد الميت للنظام الصهيوني لن يكون قادراً على الصمود في وجه الضربات الاقتصادية'.
جاءت هذه العملية بعد حرب استنزاف وإنهاك ذكية قادها حرس الثورة الإسلامية، حيث كانت كل بضع ساعات تطلق صواريخ قليلة لكنها نوعية ومنفردة، تستهدف بدقة مواقع عسكرية حساسة، ثم تُفاجأ المنظومة الأمنية للكيان بضربة كبرى غير متوقعة تشل بنيتها. وما شهدناه صباح اليوم هو أحد أعظم ثمار هذه الحرب المركبة. وعلى الرغم من أن العملية تحمل طابعاً استراتيجياً، إلا أنها لا تدل حتى الآن على استخدام الأسلحة الاستراتيجية الكبرى المتوفرة بأعداد هائلة لدى القيادة، مما يعني أن القدرة الصاروخية الإيرانية ما زالت في بدايات استخدامها التصاعدي ولم تدخل مرحلتها القصوى بعد.
تدمير واسع وشلل في غرف العمليات
في الوقت الذي كانت الصواريخ تصيب قاعدة ناطحة سحاب في شارع جابوتنسكي في 'رامات غان'، على بعد حوالى 200 متر من بورصة الماس في 'تل أبيب'، الأمر الذي وصفه الإعلام في كيان الاحتلال بأنه 'بعيد عن الصدفة'، نفذ حرس الثورة الإسلامية الإيراني، اليوم الخميس، عملية نوعية دقيقة استهدفت مركز 'القيادة والمعلومات' للعدو قرب مستشفى 'سوروكا'. هذه الضربة أصابت مربعاً عسكرياً أمنياً متكاملاً يحتوي على منشآت بالغة الحساسية تشمل مراكز القيادة والسيطرة (C4I)، وغرف العمليات المشتركة، ووحدات جمع وتحليل الإشارات (SIGINT)، ومقار ارتباط تنسيقي بين 'الموساد' و'شعبة الاستخبارات' العسكرية 'أمان'، بالإضافة إلى مراكز الاستقبال الفضائي والتوجيه الإلكتروني المتقدمة. هذه البنية المغلقة تمتد بمحاذاة 'مستشفى سوروكا'، بل وتتصل معه عبر أنفاق ومرافق تحتية تؤكد أن المستشفى نفسه يُستخدم كغطاء لقيادة عسكرية استخبارية كبرى. ورغم أن الاستهداف لم يُوجّه مباشرة نحو مستشفى 'سوروكا'، إلا أن آثار الضربة طالته بفعل قوة الانفجار وقربه من الهدف الرئيسي.
وكشفت وكالة 'إيرنا' الإيرانية الرسمية، صباح اليوم، تفاصيل جديدة حول الاستهدافات التي نُفذت ضمن الموجة الـ14 من عملية 'الوعد الصادق 3″، مؤكدة أنّ الهجوم ركّز على أهداف عسكرية واستخباراتية دقيقة. وأعلنت وكالة 'إيرنا' أن الهدف الرئيسي للاستهدافات كان مقر القيادة والاستخبارات التابع لـ'جيش' الاحتلال، والموجود ضمن منشآت حيوية بالقرب من مستشفى 'سوروكا' في بئر السبع. ولفتت الوكالة إلى أنّ 'المراكز المستهدفة تضم آلاف العسكريين وأنظمة القيادة الرقمية والعمليات السيبرانية وأنظمة C4ISR لجيش الاحتلال'. كما أشارت إلى أنّ 'المستشفى تعرّض فقط لموجة الانفجار ولم تلحق به أضرار جسيمة لكن البنية التحتية العسكرية كانت هدفاً دقيقاً ومباشراً'.
الرؤوس الحربية المستخدمة كانت رؤوساً انشطارية تحتوي على رؤوس متفجرة أصغر، وهي موجهة بدقة لتضرب أهدافاً متعددة في الوقت ذاته، إذ تنشطر الرؤوس الرئيسية عند بلوغ الهدف لتطلق عدداً كبيراً من الرؤوس الفرعية المتفجرة الموجهة، ما يحقق تدميراً واسعاً في مواقع محددة بدقة. وهذا ما حصل في هذه العملية التي أدت إلى شلل في غرف العمليات، وتدمير لمركز القيادة، وانقطاع في البنية المعلوماتية الميدانية جنوب فلسطين المحتلة. وترجح المؤسسة الأمنية في الاحتلال، وفقاً للمراسل العسكري الإسرائيلي دورون كادوش نقلاً عن مصدرين أمنيين مطلعين، أنّ أحد الصواريخ التي أُطلقت صباح اليوم كان مركباً من عدّة صواريخ صغيرة، انفجرت وتفرّقت إلى مواقع متعددة في منطقة 'غوش دان'. وأوضح المصدران، عبر إذاعة 'الجيش' الإسرائيلي، أنّ الانفجار 'أدّى إلى تناثر الذخائر في مناطق متفرقة، من بينها أور يهودا، يافا، وسافيّون'، وغيرها.
بورصة الألماس ومدينة التكنولوجيا في مرمى النيران
ضمن عملية اليوم الخميس، سقط صاروخ بشكل مباشر في منطقة 'رمات غان' وسط 'تل أبيب الكبرى' وسط فلسطين المحتلة، مخلفاً دماراً واسعاً في الأبنية السكنية والتجارية، ومثيراً القلق من تهديد مباشر لأحد أعمدة الاقتصاد في كيان الاحتلال الحيوية.
بحسب الفيديوهات التي نشرها الصهاينة واستطاعت الإفلات من الرقابة العسكرية، فإن المنطقة التي سقط فيها الصاروخ تبعد حوالي مئة متر فقط عن 'برج موشيه أفيف'، أحد أعلى الأبراج في كيان الاحتلال، ويقع ضمن مجمّع بورصة الماس في 'رمات غان'، أحد أكثر المواقع حساسية اقتصاديًا لدى العدو. يقع 'برج موشيه أفيف' في منطقة 'بورصة الماس' في 'رامات غان'، ويبلغ ارتفاعه 244 متراً بـ69 طابقاً، وكان يُعرف سابقاً باسم 'برج بوابة المدينة' وكان أطول برج حتى عام 2016، قبل أن يتجاوزه برج 'عزرائيلي شارونا'. يحاط البرج بمجموعة من ناطحات السحاب التجارية مثل برج 'شيراتون'، برج 'أيالون'، برج 'نعوم'، وبرج 'الماس' الذي يحوي أكبر مركز لتجارة الألماس في العالم.
هذا المجمع الضخم هو قلب اقتصاد كيان الاحتلال، إذ يرتبط تاريخ الحركة الصهيونية وصعود الاقتصاد في الكيان بالألماس منذ ما قبل القرن التاسع عشر، وظلّ حتى اليوم يشكّل أحد أعمدة الدخل القومي والتبادل التجاري. في عام 2022، كان الألماس السلعة الأولى في كيان الاحتلال في كل من الاستيراد والتصدير، وهو ما يعكس حجم تأثير هذه الصناعة في بنية اقتصاد كيان الاحتلال. وقد احتفظ الاحتلال بمكانه كأحد أهم مراكز تصنيع وتجارة الألماس عالميًا، حيث تمر عبره قرابة نصف تجارة الألماس في العالم.
استهداف مدينة التكنولوجيا.. عمق استخباراتي مكشوف
كما كشفت وكالة 'إرنا' الرسمية للأنباء، الخميس، أنّ الهدف الرئيسي للموجة الـ14 من 'الوعد الصادق 3' هو حديقة تكنولوجية عسكرية واقعة بالقرب من مستشفى 'سوروكا' في بئر السبع. ووفق شبكة 'سي أن أن' الأميركية، فإنّ الهدف الرئيس للاستهدافات الإيرانية لبئر السبع كان حديقة 'غاف يام نيغيف' التكنولوجية، التي تقع على بعد أقل من ميل من مستشفى 'سوروكا' الذي تضرر بشكلٍ جزئي. وكشفت الشبكة أنّ حديقة 'غاف يام نيغيف' التكنولوجية تعدّ من أكثر المراكز تقدّماً للبحث والتطوير في كيان الاحتلال، وتضم فرع وحدة C4i التابعة لـ'الجيش' الإسرائيلي، وتقع بمحاذاة حرم جامعة 'بن غوريون'. وتعرف وحدة C4i بأنّها وحدة تكنولوجيا النخبة في 'الجيش' الإسرائيلي، ومتخصصة في مجالات: القيادة والسيطرة والاتصالات، الحوسبة المتقدمة، وإدارة البيانات العسكرية والاستخبارية، وفق 'سي أن أن' الأميركية. كذلك، أشار الموقع إلى أنّ الحديقة التكنولوجية تربط 'قدامى وحدات النخبة التكنولوجية في 'الجيش' الإسرائيلي، وخريجي جامعة بن غوريون، وصناعة التكنولوجيا الفائقة، فضلاً عن المستثمرين والأكاديميين.
خسائر بشرية ومادية فادحة
نقلت قناة 'كان' في كيان الاحتلال وصول نحو 137 إصابة إلى مستشفيات 'وولفسون' و'بلينسون' و'شيتا' و'ايكولوف' من جرّاء الصواريخ الإيرانية، من بينها إصابتان خطرتان، وهناك خشية من وجود عالقين في ساحة سقوط صاروخ في 'غوش دان'. وقالت 'نجمة داوود' (الإسعاف الإسرائيلي) إنّ 'عمليات تمشيط وبحث عن عالقين تجري في 7 مواقع' من جراء الصواريخ التي أطلقت من إيران.
وجراء إطلاق الرشقة الصاروخية دوّت صفارات الإنذار في 'تل أبيب'، والوسط، والشمال وفي النقب جنوباً، نتيجة وصول نحو 20 صاروخاً أطلقت نحو حيفا وبئر السبع، وفق الإعلام في كيان الاحتلال. ووصف الإعلام في كيان الاحتلال الهجوم الصاروخي اليوم بأنه 'أضخم هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل خلال الأيام الأخيرة'. وبالتزامن، نشر الإعلام في كيان الاحتلال فيديوهات لسقوط صاروخ في الوسط. كذلك، تحدّث عن انطلاق صفارات الإنذار بعد رصد طائرات مسيرة في العفولة وجنوب غرب بحيرة طبريا.
انهار مبنى بالكامل قرب مستشفى 'سوروكا' في بئر السبع التي تعمل على إسعاف الجنود المصابين في قطاع غزة، وفق الإعلام في كيان الاحتلال، بينما نقلت وكالة 'إيرنا' الرسمية الإيرانية أن الاستهداف في بئر السبع كان لمقر القيادة والاستخبارات لـ'جيش' الاحتلال. ونقل مراسل القناة '12' التابعة للكيان، عن المتحدثة باسم مستشفى 'سوروكا' أنّ 'المستشفى تضرر بشكلٍ كبير'، طالبة عدم الحضور إليها كونها خرجت من الخدمة. وأفادت وسائل إعلام تابعة للكيان بقرار إخلاء مستشفى 'سوروكا' بالكامل في إثر تسرب مواد خطيرة.
كما أكدت بلدية 'بات يام' في بيان رسمي مقتل 8 أشخاص، وجُرح نحو 200، وتضرر 75 مبنى نتيجةً للهجوم الصاروخي الإيراني، مضيفة أن 20 من المباني مُقرر هدمها بالكامل. وشُرّد نحو 1500 شخص، وتم إجلاؤهم إلى 600 غرفة فندقية بتمويل من البلدية. ووفقًا للتوقعات، ستُغلق الساحة لأسابيع، ومن المتوقع أن تستغرق عملية ترميم المنطقة 5 سنوات.
ترشيد استنزاف القدرات الدفاعية
كشفت صحيفة 'نيويورك تايمز' الأميركية أنه ومع استمرار الحرب على إيران، تطلق 'تل أبيب' صواريخ اعتراضية أسرع من قدرتها على إنتاجها. ونقلت الصحيفة عن ثمانية مسؤولين حاليين وسابقين تأكيدهم أن هذه الوتيرة أثارت تساؤلات داخل المؤسسة الأمنية في كيان الاحتلال حول ما إذا كانت صواريخ الدفاع الجوي ستستنفد قبل أن تستنفد إيران ترسانتها الباليستية. ووفقاً للمسؤولين، اضطر 'الجيش' الإسرائيلي بالفعل إلى 'ترشيد استخدامه للصواريخ الاعتراضية، ويعطي أولوية أكبر للدفاع عن المناطق المكتظة بالسكان والبنية التحتية الاستراتيجية'.
كما يرى بعض الإسرائيليين أن 'الوقت قد حان لإنهاء الحرب قبل أن تُختبر دفاعات الكيان بشدة'، بحسب الصحيفة. وذكرت 'نيويورك تايمز' رغم أن عدد القتلى مرتفع بالفعل وفقاً للمعايير الإسرائيلية، فقد يرتفع بشكلٍ حاد، إذا اضطر 'الجيش' الإسرائيلي إلى الحد من استخدامه العام للصواريخ الاعتراضية من أجل ضمان الحماية طويلة الأمد لبعض المواقع الاستراتيجية مثل مفاعل ديمونا النووي أو المقر العسكري في 'تل أبيب'. وقال زوهار بالتي، الضابط الكبير السابق في 'الموساد' الإسرائيلي، والذي شارك لسنوات في التخطيط الدفاعي: 'عندما كنا نخطط لكيفية الدفاع عن إسرائيل في الحروب المستقبلية، لم يتصور أحد سيناريو نقاتل فيه على العديد من الجبهات وندافع ضد العديد من جولات الصواريخ الباليستية'.
التداعيات النفسية ورغبات الهجرة العسكرية
كان لوصول الصواريخ الإيرانية إلى عمق الأراضي المحتلة، واستهدافها لمناطق ومرافق حيوية، تأثير نفسي مدمر على المستوطنين. فلطالما اعتمد الكيان على سردية 'القبة الحديدية' وأنظمة الدفاع الجوي 'التي لا تقهر' لتوفير شعور زائف بالأمان. لكن اختراق هذه الدفاعات، ووصول الصواريخ إلى الملاجئ المحصنة، زعزع هذا الشعور بشكل عميق، وكشف عن هشاشة الجبهة الداخلية للكيان.
نقلت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبرية عن 'وزارة الداخلية' في كيان الاحتلال أنه جرى تصنيف 5110 أشخاص كمشردين منذ اندلاع الحرب مع إيران، ومعظم المشردين يأتون من 'رامات جان' (955) و'بيتاح تكفا' (945)، وهما من أكثر المناطق تضررًا في الحرب حتى الآن. و812 من 'بات يام'، التي لحقت بها أيضًا أضرارٌ جسيمةٌ في عدة مبانٍ في منطقتها هذا الأسبوع، بينما بلغ عدد المشردين الجدد في 'تل أبيب' 907 بسبب قصف الصواريخ على منازلهم المتضررة. أما في 'بني براك'، يُصنف 550 شخصًا كمشردين بسبب الهجمات على المدينة، بينما يندرج 368 من سكان 'رحوفوت' ضمن هذه الفئة أيضًا.
كما أظهرت استطلاعات الرأي أن 35% من الجمهور في الكيان يعانون من شعور بالخوف، و13% من اليأس. كما تم الإبلاغ عن إصابة العشرات بالقلق الشديد نتيجة للوابل الصاروخي. هذا يشير إلى تزايد الضغط النفسي على المستوطنين، الذين اعتادوا على بيئة آمنة نسبياً، مما يؤثر على معنوياتهم بشكل كبير. وقد اضطرت وزارة الصحة الصهيونية إلى تعزيز خدمات الدعم النفسي عن بعد لضحايا القلق.
وأدت هذه الضربات إلى تفاقم الرغبة في الهجرة من الأراضي المحتلة. ففي الوقت الذي يسعى فيه 'الآلاف' من المستوطنين العالقين في الخارج للعودة، هناك أيضاً- الآلاف الآخرون داخل الأراضي المحتلة الذين يحتاجون إلى الخروج'. وقد تحولت قبرص إلى نقطة عبور رئيسية للمغادرين من الأراضي المحتلة أو العالقين في الخارج.
كما أن تحذير السفر الأمريكي الذي رفع مستوى الخطورة إلى 'المستوى 4 – لا تسافر' إلى الأراضي المحتلة بسبب 'النزاع المسلح والإرهاب والاضطرابات المدنية' ، وتصريح وزارة الخارجية الأمريكية بالسماح بمغادرة أفراد عائلات موظفي الحكومة الأمريكية غير الضروريين ، يعزز هذا الشعور بعدم الأمان ويدفع نحو الهجرة. حتى برامج مثل 'بيرثرايت إسرائيل'، تأثرت بشكل مباشر، حيث وجد المشاركون أنفسهم في 'الخط الأمامي لصراع مميت'، وشهدوا 'انفجارات… وصواريخ… وسمعوا صفارات الإنذار'، مما جعلها 'فترة مخيفة للغاية'.
أدت الأضرار الجسيمة التي لحقت بمستشفى سوروكا إلى توجيه وزارة الصحة تعليمات للمستشفيات الأخرى بالاستعداد لخفض أقصى لعدد المرضى، بما في ذلك خروج الأمهات بعد 12 ساعة من الولادة. هذه الإجراءات تعكس حجم الضغط على البنية التحتية المدنية والنفسية، وتكشف عن هشاشة الخدمات الأساسية في أوقات الأزمات.
وكشفت صحيفة 'غلوبس' الصهيونية أن 'منذ بدء الهجوم الإيراني، تحولت محطات القطار الخفيف تحت الأرض إلى أماكن للنوم والإقامة الليلية لآلاف السكان'، حيث 'يتم إحصاء أكثر من 2000 شخص كل ليلة داخل هذه المحطات حيث ينصب الناس الخيام ويفرشون الأرض للنوم'. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المحطات 'تقع على عمق بين 30 و50 متراً، ومزودة بأنظمة حماية ضد الأسلحة غير التقليدية'. هذا المشهد يعكس حالة من الذعر وفقدان الشعور بالأمان في الحياة اليومية.
إن هذه التداعيات النفسية تشير إلى أن الضربات الإيرانية لم تستهدف فقط البنية التحتية العسكرية، بل استهدفت بشكل مباشر الشعور بالأمان لدى للمغتصبين، مما يهدد بتآكل الرغبة في البقاء في الأراضي المحتلة، ويبرز ضعف الكيان في حماية جبهته الداخلية. وقد حث وزير الخارجية الإيراني 'الصهاينة على الانصياع لأوامر الإخلاء قبل الضربات وتجنب الاقتراب من المواقع العسكرية والاستخباراتية'، مما يزيد من الضغط النفسي عليهم.
الموقف الأمريكي وتداعيات الارتباك العالمي
فيما يصفه قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بـ 'الطرح الأمريكي سخيفا جدا حينما يتحدث عن الاستسلام غير المشروط وهو طرح لا يمكن أن يتحقق إطلاقاً'، مؤكداً أن 'الأعداء يريدون من كل المسلمين أن يكونوا مستسلمين لهم وخانعين لهم وخاضعين لهم'، وأن 'الاستسلام غير المشروط يعني أن تكون الأمة الإسلامية مستباحة بالكامل لهم وألا يكون هناك اعتراض على أي شيء يعملونه بها مهما كان إجرامياً وعدوانياً وغير مشروع'.
جاء الموقف الأمريكي، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، ليمثل أحد أبرز عوامل الارتباك العالمي. فخطاب ترامب اتسم بـ 'الغموض الاستراتيجي' ، حيث صرح بأنه 'قد يفعل ذلك، وقد لا يفعل. لا أحد يعرف ما سأفعله' بشأن ضربة أمريكية محتملة على إيران. هذا الغموض، الذي يهدف إلى إبقاء إيران في حالة تخمين ، يعكس صراعاً داخلياً في الإدارة الأمريكية بين القادة العسكريين الذين يحذرون من صراع مفتوح ، والدائرة السياسية التي ترى في الضربات المحدودة وسيلة لإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات. كما أن ترامب يسعى لترسيخ صورته كقائد موجه نحو السلام في ولايته الثانية، مدركاً أن الناخبين الأمريكيين لا يرغبون في الحروب ، مما يضعف موقفه في اتخاذ قرار بالتدخل المباشر.
ورغم إعادة تموضع الولايات المتحدة لسفنها الحربية وطائراتها العسكرية في المنطقة ، إلا أن الجيش الأمريكي نقل أيضاً بعض الطائرات والسفن من قواعد في الشرق الأوسط لتجنب الانتقام الإيراني المحتمل ، مما يشير إلى نهج حذر ومتناقض يعكس الارتباك في تحديد مسار واضح. وقد حذر مسؤولون إيرانيون واشنطن رسمياً بأنهم سيردون 'بشكل حاسم' إذا ثبت تورط أمريكي مباشر في العمليات العسكرية الصهيونية. كما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقاعي، لقناة الجزيرة الإنجليزية بأن 'أي تدخل أمريكي سيكون سبباً لحرب شاملة في المنطقة، مع عواقب كارثية على المجتمع الدولي بأسره'. وقد أكد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن 'إذا تدخل طرف ثالث في العدوان سنرد فورا وفق خطة محددة'.
وفي تداعيات متسارعة، تتأكد مصداقية رؤية السيد القائد بأن 'الخطر هو في امتلاك العدو للسلاح النووي، وكذلك الأمريكي الذي استخدمه لإبادة الناس في اليابان'. هذا الارتباك العالمي الراهن يدفع المنطقة والعالم نحو حافة تداعيات خطيرة غير مسبوقة. فمع تصاعد الضغوط التي يمارسها اللوبي الصهيوني على الولايات المتحدة للتدخل المباشر، قد يتجاوز الأمر الاعتبارات السياسية الداخلية الأمريكية، ويتغلب على تردد واشنطن في الانخراط بحرب جديدة في الشرق الأوسط. هذا المسار، إن تحقق، يمكن أن يشعل سباق تسلح نووي في المنطقة، ويقوّض الأطر العالمية للأمن النووي برمتها.
كما أكد السيد القائد أن 'العدوان على إيران يهدف إلى إزاحة العائق الأكبر بهدف السيطرة الإسرائيلية على منطقتنا ولتصفية القضية الفلسطينية'، مشدداً على أن 'إيران هي العائق الأكبر أمام السيطرة الإسرائيلية التامة على الشعوب والأوطان العربية والإسلامية'. وقد كشف السيد القائد بوضوح أن 'الموقف الغربي يتبنى الموقف الإسرائيلي في العدوان على الجمهورية الإسلامية في إيران وبشكل واضح ومفضوح'، وأن 'الغرب يصف الاعتداءات الصهيونية بأنها 'دفاع عن النفس' في ممارسة للدجل والتزييف وتنكر للحقائق الواضحة'، مبيناً أن 'الغرب أراد أن يكون الكيان رأس حربة في العدوان والتسلط والظلم ضد أمتنا'.
ختاماً: هل تدفع غطرسة الاحتلال إلى هجرة جماعية؟
في المشهد الختامي للأحداث المتسارعة، يتجلى النزاع الحالي كتفاعل معقد بين الدوافع الاستراتيجية طويلة الأمد، والحسابات السياسية العالمية، والديناميكيات الإقليمية المتغيرة. ورغم الدعوات الدولية المتواصلة لضبط النفس، فإن تصميم كيان الاحتلال على غطرسته، متحدياً الإرادة الدولية، بالتزامن مع الموقف الأمريكي المتقلب، كلها مؤشرات لا لبس فيها على أن المنطقة ستبقى في حالة من التقلبات العالية. هذا الوضع ينذر باحتمال كبير لمزيد من التصعيد إذا لم يتم ردع كيان الاحتلال عن غطرسته المتزايدة.
لقد حملت الأحداث الأخيرة رسالة واضحة مفادها أن ثمن الاحتلال يتزايد يوماً بعد يوم، وأن عمق كيان الاحتلال لم يعد آمناً. إن استمرار نتنياهو على حال غروره وغطرسته هو الوضع الذي سيدفع المغتصبين إلى هجرة جماعية، نتيجة تآكل الثقة في قدرة سلطات الاحتلال على توفير ما يحتاجونه من رفاه زائف.
وفي هذا السياق، دعا السيد القائد إلى أن 'ينبغي أن تصنع الأحداث بأهميتها وما فيها من المآسي حالة الوعي لدى أمتنا بشكل كبير'، مؤكداً أن 'على الدول العربية والإسلامية ألا تخنع وألا تخضع لأمريكا لأنها تحاول أن تؤثر على موقفها لصالح الموقف الإسرائيلي'. كما شدد على ضرورة أن تسعى الدول العربية التي استُبيحت أجواؤها، مثل العراق والأردن وسوريا، لمنع الاحتلال من استباحة أجوائها، لأن هذا 'اعتداء عليها' و'لا يجوز لأحد أن يبرر هذه الاستباحة'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مصر اليوم
منذ ساعة واحدة
- مصر اليوم
الخارجية النرويجية: انفجار بمقر إقامة السفير النرويجي فى إسرائيل
أفادت وزارة الخارجية النرويجية بوقوع انفجار بمقر إقامة السفير النرويجي في إسرائيل، وفق نبأ عاجل لقناة إكسترا نيوز. فى سياق آخر، أعلنت هيئة البث الإسرائيلية اليوم أن إسرائيل تستعد للرد بقوة على إصابة الصاروخ الإيرانى لمستشفى سوروكا. ونفى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، اليوم الخميس، ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" بشأن منحه الضوء الأخضر لتنفيذ خطط هجومية ضد إيران، مؤكدا أنه لم يتخذ قرارا نهائيا بشأن المسار الذي سيسلكه في التعامل مع طهران. وكانت الصحيفة قد ذكرت، أمس الأربعاء، أن ترامب وافق على خطة عسكرية لاستهداف إيران، لكنه أجّل إصدار الأوامر النهائية في انتظار ما إذا كانت طهران ستتخلى عن برنامجها النووي. وردّ ترامب عبر منصته "تروث سوشيال" قائلا: "صحيفة وول ستريت جورنال لا تعرف شيئا عن أفكاري بشأن إيران"، دون أن ينفي بشكل مباشر جوهر ما ورد في التقرير، في حين أكد مسؤولون بإدارته أنه لا يزال يدرس خياراته. وفي تصريحات للصحفيين، صباح أمس الأربعاء، تهرّب ترامب من الإجابة عن سؤال بشأن مدى اقترابه من اتخاذ قرار بتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، مكتفيا بالقول "قد أفعل، وقد لا أفعل. لا أحد يعرف ما سأفعله. ما يمكنني قوله هو أن إيران تواجه مشاكل كثيرة، وتريد التفاوض. وأقول لهم: لماذا لم تفاوضوني قبل كل هذا الموت والدمار؟". ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة. انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مصر اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مصر اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.


الدستور
منذ 2 ساعات
- الدستور
الرئيس الإسرائيلى: هدفنا القضاء على برامج إيران النووية والصاروخية
نقلت مجلة بوليتيكو عن الرئيس الإسرائيلى إسحاق هرتسوج، قوله " أن تغيير النظام فى إيران ليس هدفا لنا لكن إزاحته ستصب في مصلحة الشعب الإيرانى". وأكد: "هدفنا الرئيسى هو القضاء على برامج إيران النووية والصاروخية"، مشيرا "ما زلنا منفتحين على الدبلوماسية التى يمكن أن تكون جزءا من الحل". وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل تدفع ثمانا بالغا بسبب العمليات ضد إيران وأنه سيتم القضاء على تهديد طهران النووى والباليستى بنهاية العمليات الإسرائيلية. وأوضح نتنياهو فى تصريحات نقلتها قناة "أى 24" الإسرائيلية وهو بجوار مستشفى سوروكا فى بئر السبع والتى طالتها الصواريخ الإيرانية "أصدرت تعليماتى بأن لا أحد لديه حصانة فى إيران، سنقلل الحديث ونترك الأعمال تتحدث". وأضاف نتنياهو: "إسرائيل تدفع ثمنا باهظا، عبر قتل مواطنين وإصابة آخرين، وفقدان العائلات لأحبابها، وأنا أدفع ثمن بدء هذه العملية". وتابع رئيس الوزراء الإسرائيلى: "هناك عدد من الأهداف النووية التى سنتعامل معها ونزيل الخطر النووي، وفى نهاية هذه العملية لن يكون هناك تهديدا نوويا أو باليستيا". وأشار إلى أن "إيران كانت تريد إنتاج 20 ألف صاروخ وهو ما يمثل خطرا وجوديا إضافة للخطر النووي، وسنزيل هذين التهديدين".


يمني برس
منذ 2 ساعات
- يمني برس
شاهد بالفيديو: صواريخ دقيقة تضرب قلب الاستخبارات الصهيونية
نفذت إيران صباح الخميس المرحلة الرابعة عشرة من عملياتها الصاروخية ضد الكيان الصهيوني، مستهدفة مقر القيادة والسيطرة والاستخبارات الكبرى للجيش الإسرائيلي (IDF C4I) داخل مجمع التكنولوجيا 'غاڤ-يام'. وبحسب ما أوردته وكالة 'مهر' للأنباء، فقد طال القصف الصاروخي معسكرا استخباريا حساسا يضم الآلاف من ضباط وعناصر الجيش، إلى جانب أنظمة القيادة الرقمية وعمليات الحرب السيبرانية، وأنظمة القيادة والسيطرة والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (C4ISR). اللافت في هذا الهجوم أن بعض وسائل الإعلام العبرية حاولت الترويج لفكرة أن أحد المواقع المستهدفة هو 'مستشفى'، غير أن تغطيتها كشفت من دون قصد أن الموقع المزعوم عبارة عن مقر عسكري محاط بتجهيزات الجيش ومواقع تمركز الجنود. وتعد هذه الضربة النوعية تطورا مهما في الاستهداف الإيراني لمراكز الثقل الأمني والعسكري للكيان، في وقت يستمر فيه الأخير في استهداف المستشفيات ومقار الهلال الأحمر في غزة ولبنان دون أي اعتبار للقانون الدولي الإنساني. مرفق لكم مشاهد عملية إطلاق الموجة الـ14 من الصواريخ الإيرانية على كيان العدو الصهيوني.