
لقاء بري – براك محطة لربط حصرية السلاح بالضمانات
التوقيت السياسي الذي اختاره أمين عام «حزب الله»، نعيم قاسم، بتهديده الحكومة بالنزول إلى الشارع لمنعها من نزع سلاحه، ليس معزولاً عن الأجواء التي سادت اجتماعه بالأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، ويأتي استباقاً للقاءات التي يعقدها الوسيط الأميركي، السفير توم برّاك، الاثنين، مع المسؤولين اللبنانيين، في حضور نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط، مورغن أورتاغوس، لتمرير رسالة عالية النبرة، متوعِّداً بخطوات تصعيدية، وبرد فعل غير مسبوق في حال أصرّ مجلس الوزراء على الجدول الزمني الذي وضعه لتطبيق حصرية السلاح قبل انتهاء العام الحالي.
واضطر قاسم لرفع السقف، دفاعاً عن تمسكه بسلاحه، ما لم يترافق مع انسحاب إسرائيل من الجنوب ووقف خروقاتها واعتداءاتها، كضمانات تتلازم مع تطبيق حصرية السلاح على دفعات، لأن وضع جدول زمني بلا مقابل يشكل نقطة إجماع بداخل الثنائي الشيعي لا عودة عنها، فيما يرصد السفراء الأجانب والعرب في لبنان موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري من تهديدات حليفه، وعدم تعليقه عليها حتى الساعة، وهذا ينسحب على الحلقة الضيقة المحيطة به التي تفضل التريُّث إفساحاً في المجال أمام اجتماعه المرتقَب ببرّاك وأورتاغوس الذي هو موضع اهتمام المجتمع الدولي، ورهانهم عليه، أي بري، كرافعة لإخراج حصرية السلاح من التأزم.
تريث ودعم إيراني
وسألت المصادر السياسية عن الدوافع التي أملت على قاسم تهديده للحكومة وتلويحه باللجوء إلى الشارع، مستخدماً تعابير من العيار الثقيل استحضر فيها لغة الحرب. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه كان الأجدر به التريث بانتظار ما سيؤول إليه لقاء «أخيه الأكبر»، أي بري، مع الوسيط الأميركي، ولم يكن مضطراً لحرق المراحل وإيصال البلد إلى حافة الهاوية؟
كما سألت: هل استند قاسم، في تهديداته التي أطلقها، وقوبلت بردّ فعل جامع عالي النبرة، إلى جرعة دعم زوّده بها لاريجاني بـ«الحفاظ على المقاومة، وعدم التخلي عنها، باعتبارها رأسمال لبنان، لا يجوز التفريط بها، وتوظيفها لتحرير الجنوب»، مع أنه يدرك سلفاً أن إيران لم تعد قادرة على تعويم أذرعها في الإقليم، بعد التحولات التي شهدها؟
ولفتت المصادر إلى أن قاسم لم يكن مضطراً لتكرار تمسكه بسلاحه والتعاطي معه على أنه وحده مصدر وجوده السياسي، وأن تأييده لحصرية السلاح يؤدي حكماً للاستقواء على الحزب وإلغائه من الحياة السياسية، ورأت أن توزيع تهديداته يميناً ويساراً، ليس في محله، وقوبل بمواقف متشددة أظهرته وحيداً في الساحة، ولم يبقَ لديه إلا قلة لا تأثير لها في الداخل.
استعجال «حزب الله»
وقالت إن قاسم استعجل فتح النار دفاعاً عن سلاحه، وتعاطى في حملاته على خصومه؛ بأنه خياره الوحيد للبقاء على قيد الحياة السياسية، وأن استحضاره للغة الحرب لا يدعو بيئته للاطمئنان، بل يقلقها، وكان يُفترض به التريث حتى رؤية ما سيسفر عنه لقاء «أخيه الأكبر» بالوسيط الأميركي، والخطة التي ستضعها قيادة الجيش لتطبيق حصرية السلاح، ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه، خصوصاً أن شمول جميع خصومه بالحملة يتعارض مع دعوته في السابق للانفتاح، ولو من موقع الاختلاف، على شركائه في الوطن، وبالتالي فإن مشكلته لا تتعلق بمطالبته بالضمانات، ولا برفضه للجدول الزمني ، وإلا فما تفسيره للانقضاض، عن سابق تصوُّر وتصميم، على الجميع، بلا استثناء، ما عدا حركة «أمل»، وإن كان لا مصلحة له للاستقواء بالشارع، لأنه سيف ذو حدين، ولن يجد من يصطدم معه؟
وسألت المصادر قاسم: لماذا لا يسحب وزيريه من الحكومة، ما دام يتهمها بتنفيذ أوامر أميركية – إسرائيلية لنزع سلاحه؟ وقالت إن استعجاله رفع سقفه يعزز الاعتقاد السائد بأنه يربط مصير الحزب بإيران استجابةً لرغبتها في الإمساك بالورقة اللبنانية، مع أن الولايات المتحدة ما زالت، برفضها الربط بين الساحتين اللبنانية والإيرانية، توصد الباب أمام طلب إيران معاودة التفاوض.
لقاء بري – براك
وفي المقابل، تبقى الأنظار مشدودة للقاء بري – برّاك، لعله يفتح الباب أمام تدخله، أي بري، لدى «حزب الله» بتبديد هواجسه، إلا إذا كانت لديه حسابات تتجاوز لبنان إلى إيران لا يستطيع التفلُّت منها.
وفي هذا السياق، كشف مصدر في الثنائي الشيعي لـ«الشرق الأوسط» أن إنجاح مهمة بري يقع على عاتق برّاك، بالتزامه بالضمانات التي وردت في ورقته الأولى للرؤساء الثلاثة، التي خلت منها ورقته الثانية، وهذا ما تناقله زوار بري عنه بقوله إن «الورقة الثانية التي تسلمتُها منه، هي بخلاف ورقته الأولى لشطبه الضمانات الأميركية – الفرنسية التي يُجمع عليها الرؤساء؛ بإلزام إسرائيل بوقف النار، وانسحابها من الجنوب، بالتلازم مع تطبيق حصرية السلاح الذي يتيح للبنان سيطرته على جميع أراضيه».
وسألت: ما الجدوى من خلوّ الثانية من أي إشارة إلى مياه نهر الوزاني والغموض الذي يكتنف هوية مزارع شبعا وترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل بتغييب اتفاقية الهدنة الموقَّعة بين البلدين؛ كونها الناظم الوحيد لترسيمها. فهل يعيد برّاك النظر بورقته هذه؟ خصوصاً أن انسحاب الوزراء الشيعة من الجلسة لم يكن على خلفية اعتراضهم على حصرية السلاح الذي نص عليه البيان الوزاري و«اتفاق الطائف» ومقدمة الدستور اللبناني، وإنما لمطالبتهم بتأجيل البحث، ريثما يتسنى لهم مراجعة مرجعياتهم، وتحديداً فيما يتعلق بوضع جدول زمني للانسحاب، في غياب الضمانات التي استبدلها بالضغط على إسرائيل، إضافة إلى تراجعه عن موافقته على تكليف عون وبري برعايتهما لحوار يراد منه إنضاج الظروف لتطبيق حصرية السلاح مقرونةً بالضمانات المطلوبة من إسرائيل.
وعليه، فإن تجاوب برّاك مع إصرار الرؤساء على توفير الضمانات، من شأنه أن يدعم موقف بري ليتصدر الصفوف الأمامية، بدعوة «حزب الله»، للتجاوب مع إصرار الحكومة على حصرية السلاح، الذي هو مطلب دولي وعربي، من دونه لا يمكن فك الحصار المفروض على لبنان لإخراجه من أزماته؛ كون حصريته تشكل الممر الإلزامي لإنقاذه من جهة، وتسقط ذرائع الحزب أمام بيته التي يبقى همها الأول عودة الجنوبيين إلى بلداتهم، ومنها المدمَّرة، لإنهاء ما يسمى بـ«الحزام الأمني الناري» الذي يمنعهم من العودة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المنار
منذ 29 دقائق
- المنار
مصادر عبرية: عائلة أسير إسرائيلي تنشر تسجيلًا له من غزة حصل عليه جيش الاحتلال خلال الحرب ويظهر فيه وهو يطالب أقاربه وأصدقاءه بالخروج للشوارع وإحداث ضجة
مستوطنون ينظمون مظاهرة حاشدة في تل أبيب للمطالبة بوقف الحرب والتوصل إلى صفقة شاملة لتبادل الأسرى إعلام العدو: سقوط صاروخ على محيط مستوطنة 'علوميم' بغلاف غزة بعد إطلاقه من وسط قطاع غزة مصادر عبرية: عائلة أسير إسرائيلي تنشر تسجيلًا له من غزة حصل عليه جيش الاحتلال خلال الحرب ويظهر فيه وهو يطالب أقاربه وأصدقاءه بالخروج للشوارع وإحداث ضجة قصف مدفعي وغارات جوية في محيط مسجد المجمع الإسلامي جنوبي مدينة غزة القوات المسلحة اليمنية: ما يجري في غزة منذ عامين تأكيد على مدى استهانة العدو بدماء إخواننا في فلسطين وبدماء العرب والمسلمين المزيد


المنار
منذ 29 دقائق
- المنار
قصف مدفعي وغارات جوية في محيط مسجد المجمع الإسلامي جنوبي مدينة غزة
مستوطنون ينظمون مظاهرة حاشدة في تل أبيب للمطالبة بوقف الحرب والتوصل إلى صفقة شاملة لتبادل الأسرى إعلام العدو: سقوط صاروخ على محيط مستوطنة 'علوميم' بغلاف غزة بعد إطلاقه من وسط قطاع غزة مصادر عبرية: عائلة أسير إسرائيلي تنشر تسجيلًا له من غزة حصل عليه جيش الاحتلال خلال الحرب ويظهر فيه وهو يطالب أقاربه وأصدقاءه بالخروج للشوارع وإحداث ضجة قصف مدفعي وغارات جوية في محيط مسجد المجمع الإسلامي جنوبي مدينة غزة القوات المسلحة اليمنية: ما يجري في غزة منذ عامين تأكيد على مدى استهانة العدو بدماء إخواننا في فلسطين وبدماء العرب والمسلمين المزيد


المنار
منذ 29 دقائق
- المنار
إضراب واسع في كيان الاحتلال يشل المؤسسات ونتنياهو يتهم المحتجين بالخيانة
شهد كيان الاحتلال، الأحد، حالة من الشلل نتيجة إضراب واسع قاده المعارضون لاستمرار الحرب على قطاع غزة، في تحرك احتجاجي كبير هزّ الحكومة الإسرائيلية ووضع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام تحدٍ كبير. وبعد دعوات أطلقتها عائلات الأسرى في قطاع غزة للإضراب العام ووقف حركة المدن الكبرى، اشتعلت احتجاجات جماهيرية عند الساعة السادسة وتسع وعشرين دقيقة صباحًا، وهو الوقت الذي يرمز إلى هجوم السابع من أكتوبر، حيث شهدت أكثر من 350 تظاهرة متزامنة مع قطع المستوطنين لطرق حيوية، أبرزها الطريق الرئيسي بين تل أبيب والقدس المحتلة، وإشعال الإطارات تعبيرًا عن رفض سياسات نتنياهو بمواصلة الحرب وعدم إبرام صفقة تبادل لإعادة الأسرى من غزة. وأدت المواجهات إلى اعتقال الشرطة عشرات المتظاهرين، خاصة الذين قطعوا الطرقات وتمركزوا أمام منازل وزراء الحكومة والمسؤولين. وفيما دعت بعض الحملات إلى أسبوع كامل من الاحتجاجات، حرّف بعض السياسيين الإسرائيليين، ومن بينهم رئيس الدولة إسحاق هرتسوغ، مطالب المحتجين، محمّلين العالم مسؤولية ما يجري، في محاولة للتغطية على أهداف الحروب الإسرائيلية. كما حرّم بعض الحاخامات المشاركة في التظاهرات، فيما شن نتنياهو ووزراؤه هجومًا لاذعًا على الحركة الاحتجاجية، زاعمين أن الاحتجاجات لا تدعم حماس فحسب، بل تعرقل تحرير الأسرى وتزيد احتمال تكرار أحداث السابع من أكتوبر. واتهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش المتظاهرين بتقديم خدمة لحماس وتعريض أمن إسرائيل للخطر، بينما وصف وزير الأمن ايتمار بن غفير الاحتجاجات بالانقلاب السياسي الساخر. وردّ منظمو التظاهرات بحملة انتقادات واسعة، معتبرين أن أحدًا لم يقوّ حماس أكثر منهم، مؤكدين أن الحرب المستمرة لن تحقق سوى قتل الأسرى جميعًا. ودعم زعيم المعارضة يائير لابيد الإضراب، بينما دعا يائير غولان إلى استمرار الاحتجاجات، مؤكدًا أن نتنياهو يكذب ولا يعرف النصر ولا يسعى لإطلاق سراح الأسرى، فيما عبّر كل من بيني غانتس وأفغدور ليبرمان عن تعاطفهما مع عائلات الأسرى. تقرير: مصطفى حوراني المصدر: موقع المنار