
منصة "هدف": مبادرة تربوية لبنانية تنفتح على العالم العربي وتستثمر في الذكاء الاصطناعي
وفي مقابلة مع "النهار"، تحدّث رئيس المنصة، حسن عسيلي، عن انطلاقة المشروع وانتشاره في العالم العربي، إلى جانب أبرز المحاور التي تعمل عليها المنصة، لا سيما في مجالات الذكاء الاصطناعي والوعي الرقمي وتطوير المهارات التربوية.
ورغم الفترة الزمنية القصيرة منذ انطلاقها، استطاعت المنصة جذب آلاف المتدربين من لبنان وعدد من الدول العربية، من بينها سوريا، الأردن، فلسطين، العراق، مصر، اليمن ودول الخليج، كما وصلت خدماتها إلى الجاليات العربية في أوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية. هذا الانتشار، كما يقول عسيلي، لم يكن فقط بفعل الحاجة المتزايدة، بل نتيجة عمل ممنهج على تقديم محتوى تدريبي متخصّص، يجمع بين الجانب الأكاديمي والبعد التطبيقي.
تركّز المنصة، بحسب ما أوضح عسيلي، على تنظيم محاضرات ومؤتمرات افتراضية تعالج قضايا مستجدة في القطاع التربوي، منها: الذكاء الاصطناعي في التعليم، التكنولوجيا التربوية، الأمن السيبراني، التحول الرقمي في الإدارة، ومهارات المستقبل. كما تسعى إلى عقد شراكات تعاون مع مؤسسات تعليمية وجامعات وجمعيات وبلديات في أكثر من بلد، في محاولة لتوسيع دائرة الاستفادة من برامجها.
أحد الجوانب التي توليها المنصة أهمية خاصة هو الوعي الرقمي، والذي بات، وفق عسيلي، ضرورة مهنية ومجتمعية في آن، وليس مجرد إضافة تدريبية. ويضيف: "نعيش اليوم تحديات غير مسبوقة في الفضاء الرقمي، من انتشار المعلومات المضللة إلى ضعف حماية الخصوصية، وهو ما يفرض تأهيلاً منهجياً للمعلمين والمتعلمين على حد سواء". وتعمل المنصة، في هذا الإطار، على تدريب المنتسبين على مفاهيم مثل المواطنة الرقمية، السلوك المسؤول، حماية البيانات، والتعامل الواعي مع أدوات التكنولوجيا داخل البيئة التعليمية.
أما على صعيد الذكاء الاصطناعي، فتتعامل "هدف" مع هذا المجال باعتباره فرصة يمكن توظيفها في تطوير الممارسة التربوية. وتقدّم المنصة تدريبات تطبيقية على أدوات تعليمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل: ChatGPT، MagicSchool، Canva AI، Diffit، وMicrosoft Copilot، مع الحرص على تعريف المعلمين بكيفية استخدامها لتصميم أنشطة صفية، أو إعداد اختبارات تفاعلية، أو دعم التعليم التفاضلي.
ويؤكّد عسيلي أن هذه الورش تلقى تفاعلاً مرتفعاً، ما يعكس الحاجة الواضحة لدى العاملين في التعليم إلى اكتساب مهارات رقمية متقدمة، خصوصاً في ظل فجوة المعرفة بين الأدوات الرقمية المتوفرة والتدريب الفعلي عليها.
ومن المبادرات التي تميّز المنصة أيضًا ما يُعرف بـ"المقهى التربوي"، وهو لقاء شهري مفتوح ينظَّم بشكل دوري، يجمع المعلمين والتربويين في مساحة حوار غير رسمية، تُناقش فيها قضايا تتصل بالواقع المهني والنفسي للعاملين في التعليم. ويُعقد المقهى مرتين عبر الإنترنت، في حين تُنظم جلسة حضورية ثالثة نهاية كل فصل دراسي، تتنقّل بين المحافظات اللبنانية. وتتنوّع الموضوعات التي تُطرح فيه، من الصحة النفسية في بيئة العمل إلى عرض تجارب تعليمية وأدوات جديدة، في محاولة للخروج من الإطار الأكاديمي التقليدي نحو تفاعل إنساني ومهني أوسع. وتُدير هذا النشاط الدكتورة نادين حيدر، وهي صاحبة الفكرة الأساسية، وتشرف عليه من موقعها كمسؤولة عن المؤتمرات في المنصة.
وعلى المستوى المستقبلي، تشير المنصة إلى أنها تعمل على تطوير أدوات تعليمية ذكية خاصة بها، من ضمن رؤية استراتيجية ترتكز على استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة التعلم والتدريب. ويجري حالياً، بحسب عسيلي، التخطيط لمشاريع تشمل تحليل بيانات المتعلمين، إنشاء نظام تقييم ذكي، وتطوير مساعد تربوي تفاعلي يعمل على مدار الساعة لدعم المتدربين. ويتم ذلك بالتعاون مع نقابة تكنولوجيا التربية ومؤسسات تقنية وأكاديمية في لبنان وخارجه.
في الختام، تبدو تجربة "هدف" واحدة من المبادرات التي تعكس دينامية جديدة في قطاع التعليم العربي، تجمع بين الاستفادة من التحول الرقمي والحفاظ على الجوانب التربوية الجوهرية، في وقت تتصاعد فيه الحاجة إلى محتوى تدريبي يواكب المتغيّرات التقنية والاجتماعية والمهنية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


تيار اورغ
منذ 15 ساعات
- تيار اورغ
صحتك أولاً.. تنبيه من ChatGPT يعلمك بوقت الراحة
لم يعد يخفى على أحد الدور المهم الذي يؤديه روبوت المحادثة "تشات جي بي تي"، لكن خبراء يؤكدون أن القادم أكثر. تنبيه لأخذ قسط من الراحة فقد أعلنت OpenAI أن ChatGPT سيذكر المستخدمين الآن بأخذ فترات راحة إذا كانوا في محادثة طويلة جداً معه. وأضافت أن هذه الميزة الجديدة تعدّ جزءاً من محاولات OpenAI المستمرة لتشجيع المستخدمين على بناء علاقة صحية مع مساعد الذكاء الاصطناعي المطيع والمشجع بشكل مفرط. كما تابعت أن "التذكيرات اللطيفة" ستظهر كنوافذ منبثقة في المحادثات، إذ سيتعين على المستخدمين النقر عليها لمواصلة استخدام ChatGPT. وتقول النافذة المنبثقة من OpenAI: "لقد كنت تحادثنا لفترة. هل هذا وقت مناسب لأخذ استراحة؟". كذلك أكدت OpenAI، أن أخذ فترات راحة من ChatGPT سيخفف المشكلات التي فجرها روبوت الدردشة في إغلاق المحادثات غير الصحية، التي قد تسبب انتحاراً أو اكتئاباً، كما أنها ستمنح على الأقل المستخدمين وقتا للتحقق من صحة إجابات الروبوت. 700 مليون مستخدم بأسبوع يذكر أن شركة الذكاء الاصطناعي "OpenAI"، كانت أعلنت، الاثنين، أنه من المتوقع أن يصل عدد المستخدمين النشطين أسبوعياً لروبوتها للدردشة "شات جي بي تي" إلى 700 مليون مستخدم هذا الأسبوع، مسجلة ارتفاعاً من 500 مليون في مارس. وسيمثل هذا العدد زيادة في عدد المستخدمين النشطين أسبوعياً لروبوت الدردشة بأكثر من أربعة أضعاف مقارنة بالعام الماضي.


صدى البلد
منذ 19 ساعات
- صدى البلد
OpenAI تطلق تغييرات جديدة على ChatGPT لمنع الاعتماد النفسي المفرط عليه
أعلنت شركة OpenAI عن سلسلة من التحديثات الجديدة على تطبيقها الشهير ChatGPT، تهدف إلى الحد من الاستخدام غير الصحي للروبوت، لا سيما من قبل المستخدمين الذين يعاملونه كمعالج نفسي أو صديق دائم. وبدءًا من هذا الأسبوع، سيبدأ التطبيق بتوجيه المستخدمين لأخذ فترات راحة من المحادثات الطويلة، في محاولة واضحة للحد من التعلق المفرط بالمساعد الذكي. التقليل من تقديم نصائح مباشرة حول التحديات الشخصية وإضافة إلى ذلك، ستبتعد ChatGPT تدريجيًا عن إعطاء نصائح مباشرة حول التحديات الشخصية، وستركز بدلاً من ذلك على مساعدة المستخدمين في اتخاذ قراراتهم بأنفسهم من خلال طرح الأسئلة أو عرض الإيجابيات والسلبيات. وقالت الشركة: "في بعض الحالات النادرة، فشل نموذج GPT-4o في التعرف على علامات الهوس أو الاعتماد العاطفي، ونحن نعمل على تطوير أدوات للكشف عن إشارات الضيق النفسي أو العاطفي والتصرف وفقًا لذلك من خلال تقديم موارد تستند إلى الأدلة العلمية". تصحيح مسار ChatGPT بعد سلوكيات مثيرة للجدل تأتي هذه التحديثات بعد انتقادات واسعة في وقت سابق من هذا العام، عندما قدّم ChatGPT ردودًا مفرطة في الموافقة والمديح، بما في ذلك الثناء على أوهام المستخدمين ومحتويات خطيرة. في بعض الحالات، وافق الروبوت على ادعاءات غير منطقية كاعتقاد أحد المستخدمين بأن عائلته ترسل إشارات راديوية من خلال الجدران، وفي حالة أخرى زُعم أنه قدّم تعليمات حول أعمال إرهابية. وقد دفعت هذه الحوادث OpenAI إلى مراجعة تقنيات التدريب لتجنب "المداهنة المفرطة". تعاون مع مختصين لتطوير الاستجابات للحالات الحساسة وأكدت الشركة أنها تعمل حاليًا مع أكثر من 90 طبيبًا من حول العالم لتطوير منهجيات تقييم للمحادثات المعقدة. كما يتم استشارة خبراء في الصحة النفسية، وتطور المراهقين، وتفاعل الإنسان مع الآلة لتشكيل مجموعة استشارية جديدة، بهدف تحسين آليات الاستجابة وحماية المستخدمين من التعلق أو الأذى النفسي. تحذيرات بشأن الخصوصية القانونية للمحادثات الحساسة وفي مقابلة حديثة مع بودكاست "ثيو فون"، أعرب سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، عن قلقه من استخدام ChatGPT كبديل عن المعالج النفسي، محذرًا من أن البيانات التي تتم مشاركتها مع الروبوت لا تحظى بالحماية القانونية نفسها التي توفرها قوانين السرية الطبية أو القانونية. وقال: "قد يُطلب منا تقديم تلك المحادثات في حال وقوع دعوى قضائية، وهذا أمر مقلق للغاية". نجاحات متواصلة رغم التحديثات المقيدة ورغم هذه التحفظات، لا يزال ChatGPT يشهد نموًا كبيرًا. فقد أعلن رئيس المنتج، نيك تورلي، أن عدد المستخدمين النشطين أسبوعيًا يقترب من 700 مليون مستخدم. يأتي ذلك في وقت أطلقت فيه الشركة ميزة "وضع الوكيل" الجديدة، التي تسمح للروبوت بإتمام مهام عبر الإنترنت مثل حجز المواعيد أو تلخيص البريد الإلكتروني. تغيير مقياس النجاح واختتمت OpenAI بيانها بالقول إن النجاح بالنسبة لها لا يُقاس بعدد النقرات أو مدة الاستخدام، بل بمدى قدرة المستخدم على إنهاء ما جاء من أجله. وأضافت: "إذا قضيت وقتًا أقل معنا لأنك وجدت ما تحتاجه بسرعة، فهذا يعني أننا أدينا وظيفتنا بالشكل الصحيح".


شبكة النبأ
منذ 19 ساعات
- شبكة النبأ
الكاتب في زمن الذكاء الاصطناعي: تحوّل الوظيفة وتغيّر الهوية
التحول الذي نعيشه ليس مجرد تطور تقني، بل هو تغيير حضاري في بنية المعرفة نفسها. الكاتب الذي يتقن أدوات الذكاء الاصطناعي لا يفقد دوره، بل يرتقي به: من الصانع إلى المصمّم، ومن الكاتب إلى القائد المعرفي، ومن المنتج إلى المؤطّر، ومَن لم يدرك هذا التحول، سيبقى حبيس أدوات ما قبل الذكاء الاصطناعي... لم يعد الكاتب اليوم كما كان بالأمس. فمع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، وعلى رأسه ChatGPT وأمثاله، أصبح الفعل الكتابي نفسه خاضعًا لتحول جذري، لا على مستوى الوسائل فقط، بل في طبيعة الكتابة، ودور الكاتب، وحدود الإبداع والمعرفة. ما الذي يعنيه أن 'تكتب' في عصر أصبح فيه الذكاء الاصطناعي قادرًا على صياغة الأفكار، وتنظيمها، بل وإعادة إنتاجها بلغة أنيقة؟ وهل تغيّر بذلك جوهر مهنة الكاتب؟ وهل نحن أمام ثورة حضارية تعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والمعرفة؟ أولًا: من الكتابة كصنعة يدوية إلى الكتابة كتنسيق معرفي في الماضي، كانت الكتابة تتطلب جهدًا يدويًا كبيرًا: تنقيب في المصادر، تلخيص، تحليل، ثم صياغة. أما اليوم، فإن الذكاء الاصطناعي وفّر للكاتب أدوات اختصرت الزمن والجهد، لكنه في المقابل نقل مركز الثقل من 'الإنتاج' إلى 'الإشراف'. لم يعد الكاتب وحده الصانع، بل أصبح منسّقًا معرفيًا، وموجّهًا للفكرة، يشرف على سلسلة من العمليات التوليدية. لم تنتهِ وظيفة الكاتب، لكنها تغيّرت: صار أقرب إلى المُخرج السينمائي الذي لا يصوّر كل لقطة، بل يحدد الرؤية ويشرف على تنفيذها. العلاقة الجديدة بين الكاتب والذكاء الاصطناعي ليست علاقة تبعية، بل أقرب إلى الشراكة الحوارية. يقدّم الكاتب الفكرة، أو المسار، أو التحليل، ثم يتلقّى استجابات من النظام الذكي، يصحّحها أو يطوّرها أو يعارضها، قبل أن يصوغ الشكل النهائي. بهذا المعنى، أصبحت الكتابة نشاطًا تفاعليًا لا أحاديًا. هناك طرف ثانٍ في الغرفة، ليس قارئًا، بل محررًا ومقترحًا ومجادلًا أحيانًا. وهذه الديناميكية الجديدة غيّرت طبيعة التأليف، من كونه تأمّلًا فرديًا صامتًا إلى كونه تفاعلًا معرفيًا نشطًا بين العقل البشري والخوارزميات. في عصر الذكاء الاصطناعي، لم يعد الكاتب محصورًا في إنتاج 'نصه' وحده، بل أصبح قادرًا على بناء مشروعات فكرية كاملة تتضمن تنظيمًا محكمًا للمفاهيم، وتصميمًا معرفيًا متعدد المستويات. الذكاء الاصطناعي أتاح للكاتب أن يكون مصممًا حضاريًا إن شاء: يربط بين المعارف، يوجّه الخطاب، ويستشرف المستقبل. وهذا تحوّل جوهري: من الكاتب بوصفه منتج نصوص إلى الكاتب بوصفه منسّق أنساق، ومن المثقف إلى المعماري الفكري. رابعًا: حدود الأصالة والملكية في ظل التوليد الآلي يثير هذا التحول أسئلة فلسفية عميقة: ما الفرق بين الفكرة التي كتبها الإنسان وحده، وتلك التي كتبها بمساعدة الآلة؟ هل الذكاء الاصطناعي مبدع، أم مجرد مرايا تعكس المعرفة البشرية؟ وكيف نعيد تعريف الملكية الفكرية والأصالة الإبداعية في زمن تشارك فيه الخوارزميات في صناعة النص؟ الكاتب في عصر الذكاء الاصطناعي لم يفقد استقلاله، لكنه أصبح بحاجة إلى وعي أخلاقي ومعرفي جديد، يدرك فيه ما هو 'خاص به' وما هو 'معاد توليده'، ويُميّز فيه بين الجوهر الإبداعي وبين أدوات التشكيل. التحول الذي نعيشه ليس مجرد تطور تقني، بل هو تغيير حضاري في بنية المعرفة نفسها. الكاتب الذي يتقن أدوات الذكاء الاصطناعي لا يفقد دوره، بل يرتقي به: من الصانع إلى المصمّم، ومن الكاتب إلى القائد المعرفي، ومن المنتج إلى المؤطّر. ومَن لم يدرك هذا التحول، سيبقى حبيس أدوات ما قبل الذكاء الاصطناعي، في حين أن العالم يتقدم نحو عصر جديد، حيث الإنسان يكتب لا بيده فقط، بل بعقله الفاعل، وبشراكته مع أدوات أذكى منه شكلاً، وأقل منه روحًا.