
جفاف قياسي لشتاء سوريا يتسبب بأزمة مياه حادة في دمشق
داخل جبل يعلو العاصمة السورية تجوّل حسن باشي في أنفاق كانت تمتلئ سابقاً بمياه عين الفيجة الشهيرة بنقائها.
تنبع العين من داخل أطلال معبد روماني في وادي بردى وتتجه نحو دمشق، مزودة المدينة بمياه الشرب على مدى آلاف السنين. عادة، خلال موسم الفيضان الشتوي، تمتلئ الأنفاق بالمياه وتغمر غالبية المعبد.
والآن، لا يتدفّق سوى خَريرٍ خفيف بعد جفافٍ غير مسبوق خلال الشتاء، حسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».
قال باشي، الذي يعمل حارساً لكنه يعرف أيضاً كيفية تشغيل مضخات ومصافي المياه في غياب المهندس المسؤول: «عملي في عين الفيجة استمر 33 عاماً، وهذه أول مرة تجف فيها (المياه) إلى هذا الحد».
تشكّل العين ونهر بردى الذي تغذيه المصدرَين الرئيسين للمياه لنحو 5 ملايين إنسان، حيث تمد دمشق وريفها بنسبة 70 في المائة من احتياجاتهما المائية.
صورة من نبع عين الفيجة في وادي بردى بسوريا 8 مايو 2025 (أ.ب)
ومع معاناة المدينة بسبب أشدّ نقصٍ في المياه منذ سنوات، بات كثيرون يعتمدون على شراء المياه من صهاريج خاصة تعبّأ من الآبار. ويحذّر المسؤولون من تفاقم الوضع خلال الصيف، ويحثّون السكان على ترشيد استهلاك المياه أثناء الاستحمام والتنظيف وغسل الصحون.
قال أحمد درويش، رئيس مؤسسة مياه دمشق وريفها إن «عين الفيجة تعمل الآن على أدنى مستوى لها»، موضحاً أن السنة الحالية شهدت أقل هطول أمطار منذ عام 1956.
وأضاف أنّ القنوات التي تعود إلى العصر الروماني قبل ألفي عام جرى تحسينها عام 1920، ثم مرة أخرى عام 1980.
وبيّن درويش أنّ مياه العين تعتمد أساساً على الأمطار، وذوبان الثلوج من جبال الحدود مع لبنان، ولكن «نسب الهطول المنخفضة هذا العام وفّرت كميات أقل بكثير من المعدل الطبيعي».
وأوضح أنّ هناك 1.1 مليون منزل يعتمدون على هذه العين، وللمضي قدماً خلال العام سيتعيّن على الناس خفض استهلاكهم من المياه.
كما تغذي العين نهر بردى الذي ينحدر عبر دمشق، وهو بدوره شبه جاف هذا العام.
في منطقة العباسيين شرق دمشق، يشعر بسام جبارة بحدة النقص بالمياه. إذ تنقطع المياه لديهم لنحو 90 دقيقة يومياً، مقارنة بالسنوات الماضية حين كانت المياه تتوفر فور فتح الصنابير.
وقال إن الانقطاعات المتكررة للكهرباء تزيد الطين بلة، إذ قد تتوفر المياه أحياناً من دون قدرة على ضخها إلى صهاريج أسطح المباني. واضطر جبارة مرة لشراء خمسة براميل مياه غير صالحة للشرب من صهريج بتكلفة 15 دولاراً له ولجيرانه، وهو مبلغ كبير في بلد يعيل كثيرون فيه أسراً بأقل من 100 دولار شهرياً.
زوار يشاهدون جفاف الخزان الرئيس للنبع في عين الفيجة بوادي بردى بسوريا 8 مايو 2025 (أ.ب)
وأضاف: «من خلال ما نراه، نتجه نحو ظروف صعبة فيما يتعلق بالمياه»، وتخوّف من أن تقل الإمدادات إلى مرة أو مرتين أسبوعياً خلال الصيف.
وقال جبارة: «أهل دمشق اعتادوا على المياه يومياً وشرب ماء الصنبور الآتي من عين الفيجة، لكن للأسف العين الآن ضعيفة».
خلال الحرب الأهلية السورية التي قاربت على 14 عاماً، تعرّضت عين الفيجة لقصف متكرر، وتناوب على السيطرة عليها قوات حكومة الرئيس حينها بشار الأسد والمعارضة المسلحة خلال السنوات الماضية.
في أوائل 2017 استعادها الجيش من المعارضة المسلحة، واستمر في السيطرة عليها حتى ديسمبر (كانون الأول) الماضي حين شنّت قوات «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (الرئيس الحالي لسوريا) هجوماً مباغتاً أسقط نظام بشار الأسد بعد خمسة عقود من حكم آل الأسد لسوريا.
عاد طارق عبد الواحد إلى منزله قرب العين في ديسمبر، بعد نحو ثماني سنوات من النزوح مع أسرته. وهو الآن يعمل على إعادة بناء المطعم الذي كان يملكه، والذي دمّرته قوات الأسد بعد مغادرته.
وتأمّل عبد الواحد، وهو ينظر إلى المنطقة القاحلة التي كانت تعجّ بالسياح والوافدين صيفاً للاستمتاع بالطقس المعتدل: «عين الفيجة هي الشريان الوحيد إلى دمشق»، بينما لا تزال أعمال الترميم جارية في المطعم الذي كان يوفر فرص عمل لخمس عشرة أسرة إلى جانب الموظفين من أنحاء سوريا.
وأضاف: «الآن باتت تبدو كصحراء. لا أحد فيها. نأمل أن تعود الأيام الجميلة ويعود الناس إلى هنا».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 3 ساعات
- الرياض
عشرات عـمري خـمـس مــرَّن سـريـعـات
عـشـرات عـمـري خـمـس مــرَّن سـريـعـات وأشــوف (لـيـلـي) جـافــلٍ مـن (نـهـاري)! بـكـــيــت عـهـــدٍ فـــات مــــرّة ومـــرّات ولا رجَّــع الـمــاضـي غــزيــر الـعـــبــاري مْـــنــوّلٍ مـا نـلـحِــق الـوقــت حــســرات لاهــيـن في لـعــب الـضـحـى والـعـصــاري والـيــوم يـا دنـيــا الـشـقــا كـلّـك آهـــات والـقــلــب بــدروب الــتــبــاريـح ســـاري لـيـت الـعـمـر يـرجـع لـثـنـتـيـن خمسـات طـفــلٍ يـخــاف مْــن الـخــلا والـغـــداري ولْـيـا اشـرقـت في مبسـم الشـمـس ضحكات تـشـــرق بــراءتـــنــا بــوَجـــه الـحــواري لا هــمّ.. لا حـسـرة.. ولا عـشـت لـوعــات ولا تـطــري فْـ بـالـي هـجــوس وْطـــواري ومـن عـقــبـهـن لا تــمّ ثـنـتــيـن سـبـعـات يـاقــف عـلـيـهـن.. لـلـزمــن مـا يــبــاري وأدري مَـ تـنـفـع «لــيـت» في فـايـتٍ فـات ولا راســي مْـن الـعــقـــل والـفــكـر عــاري مــيـر الـحـنــيـن لْــذيــك الايــام بالــذات عــقّـــب بــخــفّــاقـي رمـــاح وْشـــبــاري ســنّ الـصِّـبا.. حـلـو الـمـسـا والـصباحـات يـشــتـاق لــه مـن فـي حــلاتــه يـمـــاري يــوم الـمـطـر مـا بـيــن ديـمــة وغـشـنـات والـمــا بـهـــونٍ بــالـمـــداهـــيـل جـــاري ناخـذ «مـسـيل الـضَّـمـو» روحات.. جـيّات ونـرعـى الـبَـهَـم مـا بـيــن خـضـر الـبـراري نـصـنـع مـن اصــنـاف الـنــواويــر بـاقــات ونـطــرب لـشـــدو طْــيـورهـا.. والـقــمـاري ولـيـت الـهـواجـس خـلّـت الخـاطـر يْـبـات ولـيـت الـهـوى مـا لـه عـلى الـبـال طــاري


الرياض
منذ 3 ساعات
- الرياض
منشور شاعر
دنيا تخاصمنا وصرنا مخاصيم دنيا تخاصمنا وصرنا مخاصيم طاح الشداد وركّبَتْنا المسامة أيامنا مثل الليالي مجاهيم نشبّها وتزيد فينا قتامة نبلع مرارتها وحنا مكاظيم ولا نلحق الأيام ذم وملامة نركض ونضرب كل الأفجاج ونهيم والحُر ما تكفي عشاه الحمامة على الشرف والعز دايم مهاميم ما نختلف حتى تقوم القيامة ونَشْرَه وشَرهَتْنا تهمّ المحاشيم اللي بحشمَتْهم تهون الجسامة..


عكاظ
منذ 5 ساعات
- عكاظ
«الإعلام المدرسي».. حصانة !
التوجهات الإستراتيجية الحالية لدى وزارة التعليم أن تكون المدرسة الركيزة الأساس في رحلة الطالب التعليمية، والبيئة التي يعوّل عليها تحقيق نواتج تعلّم أفضل، ومحور العمل التربوي فكراً وقيماً وسلوكاً، إلى جانب أن تكون المدرسة منطلقاً للحياة والمستقبل، وحاضنة للمواهب، ومصدراً مهماً في تشكيل العلاقات، ومحكاً في معالجة المواقف، واكتساب التجارب والخبرات. ومع تلك التوجهات؛ تعتزم وزارة التعليم رفع ميزانية المدارس، وتحويل جزء من مخصصات ميزانيات المكاتب والإدارات التعليمية التي تم إغلاقها مؤخراً إلى المدارس؛ لتعظيم الأثر التعليمي والتربوي نحو المزيد من الصرف على الأنشطة والفعاليات التي تحقق عنصر الجاذبية للبيئة المدرسية، وتحديداً بعد أن فقدت الكثير من خصائص تلك الجاذبية، ولعل ظاهرة الغياب الجماعي للطلبة أحد أهم الآثار السلبية في ذلك. اليوم مع إيماننا العميق بسلامة توجهات وزارة التعليم نحو البيئة المدرسية، وأهميتها في هذه المرحلة، إلّا أن متطلبات ذلك يحتاج إلى توفير عناصر أساسية من السلامة، والأثاث، والنظافة، والتكييف، والملاعب، والمكاتب، والأنشطة، وغيرها، والهدف هو تقليل التباين الحاصل الآن بين بيئة تعليمية وأخرى، كما تتطلب هذه البيئة أيضاً التطوير المستمر للمعلم، وتقويم نواتجه، والاحتكام إليها في تقارير الأداء، وخصوصاً مع الدور الكبير الذي تؤديه اليوم هيئة تقويم التعليم والتدريب في هذا التوقيت مع وزارة التعليم. وجود تلك المتطلبات مهم في موضوع الجاذبية للبيئة المدرسية، ولكن هناك أيضاً الأفكار التطويرية للأنشطة والفعاليات التي تقام داخل المدرسة، والتي لا تقل أهمية عن غيرها من المتطلبات الأخرى التي تحقق الهدف الإستراتيجي من تلك التوجهات، وهو أن يذهب الطالب إلى المدرسة ولديه الرغبة والحماس للحضور والتفاعل والمشاركة. إحدى هذه الأفكار المهمة هو تأسيس نادٍ إعلامي في كل مدرسة، حيث أثبتت الدراسات والممارسات أن طلبة المدارس يمثلون اليوم في غالبيته جيل (ألفا) الذي نشأ على الإنترنت، وهو أول جيل رقمي ترعرع في بيئة تهيمن عليها الهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، وهذا الجيل لديه القدرة الفائقة على استخدام الألعاب كوسيلة للتعبير عن أنفسهم وتعزيز إبداعهم بشكل أكبر، كما أن لديهم الرغبة في التواصل والمشاركة كوسيلة للتعلّم واكتساب المهارات، إضافة إلى أن هذا الجيل الرقمي مختلف تماماً في أولوياته واهتماماته، ونظرته لمن حوله؛ فضلاً عن الحياة والمستقبل. وجود نادٍ إعلامي في المدرسة لا يقلل من التوجهات الحالية لدى وزارة التعليم بتخصيص أيقونات الألعاب والترفيه ضمن «منصة مدرستي»، ولكن هذا النادي تنبع فكرته في محاكاة التجربة التي يقضيها الطالب في منزله أثناء تعامله مع المواقع والتطبيقات وشبكات التواصل الاجتماعي، حيث يمارس نشاطه الاتصالي، ويصنع المحتوى، ويشارك فيه، والأهم أن يكون هناك توعية وتثقيف داخل النادي في التعامل مع المنصات الرقمية، وتعزيز مصفوفة القيم الوطنية والتربوية من خلال تلك الممارسات، والكشف عن سلبيات تلك المنصات والتحذير منها، وخصوصاً مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، وظاهرة التزييف العميق في المحتوى المنشور، والحد من ظاهرة شغف هذا الجيل في الشهرة، والبحث عن الإثارة. تخيّل تخصيص فصل دراسي في المدرسة ليكون نادياً إعلامياً، ويتكون من شاشة عرض، وأجهزة ذكية، ويحضر الطلبة، ويقدمون محتوى في المنصات، ويحصلون على التوعية والتثقيف والتوجيه من معلميهم، وتزداد ثقتهم بأنفسهم، وتنمية قدراتهم في التعامل مع المحتوى السلبي، وتعزيز واجبهم في الدفاع عن وطنهم والاعتزاز بالانتماء إليه. تخيّل كل ذلك في مشاركة جماعية تواصلية بين الطلبة في المدرسة، ويقف معهم معلموهم؛ فالنتائج الأولية أن يظهر لنا جيل رقمي محصّن بالقيم، والتعبير عن هويته الوطنية، وقادر أن يدرك منذ الصغر كيف يتعامل مع منصات التواصل الرقمي، والأهم أن المدرسة أصبحت جاذبة لممارسة ما يحبه؛ ليجد نفسه شغوفاً بما سيقدمه من إمكانات وتنافسية مع زملائه في هذا النادي. أخبار ذات صلة