
تقرير: السجائر المهرّبة تغزو أسواق اليمن
يشهد اليمن انتشاراً واسعاً لأصناف السجائر المهربة التي تشكل تحدياً كبيراً للاقتصاد الوطني المتدهور، إذ تغرق الأسواق المحلية بعشرات الأنواع رخيصة الثمن، وسط ارتفاع ملحوظ في نسبة استهلاك التبغ، وتزايد عدد المدخنين بصورة لافتة خلال سنوات الحرب والصراع منذ عام 2015. وتحتل السجائر المرتبة الأولى في حجم التهريب إلى اليمن، حيث تقدر البيانات الرسمية نسبة التهريب في هذه السلعة بنحو 60% من حجم السوق اليمنية، في حين قد تكون النسبة أكبر من ذلك، وقد تصل إلى أكثر من 70%، بالنظر إلى وضعية الأسواق وتأكيدات ملاك متاجر تجزئة وسوبر ماركت كبيرة، والتي تحتل أصناف السجائر مساحة واسعة في واجهات رفوفها، حيث تظل أكثر السلع المطلوبة من قبل المستهلكين اليمنيين من مختلف الفئات العمرية. تحصي "العربي الجديد"، نحو 50 صنفاً من السجائر المتداولة في الأسواق اليمنية، معظمها، حوالي 45، أصناف مهربة تأتي غالباً عبر ميناء جبل علي في الإمارات، بحسب تأكيدات مصادر في المنافذ الجمركية، إضافة إلى باعة وتجار ومتعاملين في الأسواق. وبحسب البائع محمد النهاري، في حديث لـ "العربي الجديد"، فإن هناك نحو 30 صنفاً من السجائر المعروضة لديه في المتجر، إذ يفضل المستهلكون السجائر المهربة بسبب رخص ثمنها. وقال بائع آخر، أسامة عبيد، لـ"العربي الجديد"، إن السجائر أكثر السلع مبيعاً لديهم في السوبر ماركت، الأمر الذي جعلهم يحرصون على توفيرها باستمرار وبكميات كافية، والاهتمام بجلب أي أنواع جديدة منها وإبرازها في العرض في واجهة المتجر. ولا يفضل المستهلكون اليمنيون الأصناف المحلية مثل سجائر "كمران" الشهيرة التي ينتجها مصنع حكومي مقره الرئيسي في صنعاء ولديه فروع في عدن ومدن أخرى في اليمن، إضافة إلى "روثمان" التي تعتبر الأغلى سعراً في الأسواق، إذ يصل سعر "الباكت" (العلبة الواحدة) منها إلى نحو 2500 ريال يمني.
وتبيع المتاجر المحلية اليمنية معظم أصناف السجائر المهربة بنفس السعر أو بأسعار متقاربة تتراوح بين 250 و300 ريال لـ"الباكت" التي تحتوي على 20 سيجارة، الأمر الذي جعلها متاحة لمختلف المستهلكين، مع زيادة بنسبة 100% في عدن ومناطق إدارة الحكومة المعترف بها دولياً بسبب فوارق سعر الصرف (2555 ريالاً مقابل الدولار الأميركي)، مقارنة مع صنعاء (533 ريالاً للدولار الواحد). في السياق، اعتبر رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك، فضل منصور، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن ظاهرة تهريب السجائر تشكل واحدة من التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني في اليمن، وتلحق أكبر الضرر بالنشاط التجاري المشروع، ومن أكثر العمليات ضرراً باقتصاد وصحة المستهلك، مؤكداً أن هناك مؤشرات مخيفة حول تنامي ظاهرة تهريب السجائر، والتي أصبحت تشكل نسبة عالية من حجم التداول في السوق المحلي. في الغالب يكون المستهلك ضحية مباشرة في صحته، فضلاً عن الخسائر التي تتكبدها اقتصاديات المستهلك بسبب شرائه سجائر مهربة غير خاضعة للرقابة وغير مطابقة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة. وتشهد سجائر "كمران" المنتجة محلياً موجة سعرية جديدة منذ 27 إبريل/نيسان الماضي، مع ارتفاع سعر "الباكت" في صنعاء إلى 700 و800 ريال من 500 ريال، إذ زاد سعر "الكرتون" بحوالي عشرين ألف ريال، ارتفع من 253 إلى 275 ألف ريال، بينما تتداول أسواق عدن سعراً مضاعفاً من هذه السجائر. وفق تاجر الجملة حاتم الطاهري، الذي تحدث لـ "العربي الجديد"، فإنه كلما ارتفعت أسعار الأصناف المنتجة محلياً زاد الطلب على الأصناف الأخرى التي يعرف الجميع أنها مهربة، وزادت عملية تدفقها إلى الأسواق المحلية. وتؤكد الجمعية اليمنية لحماية المستهلك أن غالبية السجائر المهربة والرخيصة المتداولة في الأسواق المحلية مغشوشة ومقلدة وغير صالحة للاستخدام، لما تحتويه من مكونات مخالفة من حيث نوع التبغ والمواد المضافة من مخلفات ونشارات خشب وغيرها، الأمر الذي يتطلب أن تقوم السلطات المعنية بمحاربة ومكافحة هذه الظاهرة والحد من التهريب. وحذر منصور من التهريب الذي ينتج عنه انخفاض الإنتاج المحلي بشكل خطير جداً، والتأثير على المصانع القائمة، والتي كانت تحقق عوائد كبيرة كضرائب تتجاوز عشرات المليارات، وانحسرت هذه المبالغ وأصبحت المصانع غير قادرة على سداد مرتبات الموظفين. هذا بالإضافة إلى عوائد التصدير من هذه المصانع من العملات الأجنبية، وهذه ظاهرة أخرى خطيرة جداً على اقتصاد البلاد وفق حديث منصور، حيث توقفت عمليات مكافحة التهريب ووضعت حلولاً غير منطقية وغير اقتصادية بالسماح بدخول السجائر المهربة عبر المنافذ الرسمية برسوم رمزية. وفي الوقت الذي تشير فيه بيانات حديثة للجهاز المركزي للإحصاء، إلى أن عدد المدخنين في اليمن بلغ ستة ملايين و265 ألف شخص في عام 2019، مما يسلط الضوء على الانتشار الواسع للتدخين في البلاد؛ تؤكد الجمعية اليمنية لحماية المستهلك أن معظم الأصناف من السجائر التي يتم تدخينها لا تخضع للفحص. كما أن المهربين يضعون عناوينهم على عبوات السجائر، وهذه ظاهرة لا توجد بأي دولة في العالم، والجميع يعرف أن نسبة التهريب المتعارف عليها عالمياً لا تتجاوز 5% من حجم التجارة، وتوضع لها الحملات الرقابية والمداهمة والمصادرة والإتلاف، لكن أن يتجاوز حجم التهريب 60% فالوضع خطير على الاقتصاد الوطني وعلى اقتصاديات وصحة المستهلك.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 2 ساعات
- اليمن الآن
عدن تواجه أزمة في أسعار الثلج وسط موجة حر شديدة
شمسان بوست / خاص: تشهد مدينة عدن أزمة حادة في أسعار الثلج، بعد أن قفز سعر 'اللادي' (قطعة الثلج) إلى 10 آلاف ريال يمني، في زيادة غير مسبوقة أثارت استياء واسعاً بين المواطنين، خاصة مع تزامنها مع ارتفاع شديد في درجات الحرارة وازدياد الحاجة لحفظ الأغذية والمشروبات. وأكد عدد من الأهالي أن الأسعار شهدت في السابق ارتفاعات طفيفة، لكن القفزة الأخيرة فاجأت الجميع، حيث كان سعر 'اللادي' لا يتجاوز 500 ريال، مما جعله متاحاً لشرائح واسعة من السكان. أما اليوم، فأصبح من الصعب على كثيرين تأمين الثلج، في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة. وقال أحد المواطنين: 'الثلج لم يعد من الكماليات، بل بات من الأساسيات في فصل الصيف، خصوصاً مع الانقطاعات المتكررة للكهرباء، ومع ذلك أصبحنا غير قادرين على شرائه بسبب الأسعار الجنونية'. ويحمل المواطنون الجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارة الصناعة والتجارة وهيئة المواصفات والمقاييس، مسؤولية ما يحدث، مطالبينها بالتحرك العاجل لوضع حد لهذا الانفلات في الأسعار، وفرض رقابة صارمة على مصانع إنتاج الثلج التي تتلاعب بالسوق في ظل غياب المحاسبة. وتبقى أزمة الثلج في عدن مثالاً صارخاً على التحديات اليومية التي يواجهها المواطن، والتي تتفاقم مع ارتفاع درجة الحرارة، وضعف البنية التحتية، وغياب الدور الرقابي للحكومة.


اليمن الآن
منذ 3 ساعات
- اليمن الآن
أسعار الخضروات والفواكه في العاصمة عدن اليوم الجمعة 23 مايو
شهدت أسعار الخضروات والفواكه بأسواق العاصمة عدن، اليوم الجمعة الموافق 23 مايو 2025م استقرارا في الاسعار حيث بلغ سعر كيلو البطاطس 1500 ريال، والكيلو الطماط 1000 ريال. وجاء سعر كيلو البصل 800 ريالًا، وسجل سعر كيلو الليمون 3000 ريال، كما ارتفع سعر كيلو البسباس الى 3000 ريال. وبلغ كيلو الجزر 2000 ريال، فيما ارتفع سعر البامية إلى 4000 ريال للكيلو، وسجل الباذنجان 2000 ريال، أما الكوسة وزن كيلو فجاء سعرها بـ 2000 ريال، وبلغ الخيار 1500 ريال. فيما جاءت أسعار الفاكهة، حيث بلغ سعر كيلو الموز في أسواق العاصمة عدن إلى 1000 ريال، والباباي لـ 1200 ريالًا، أما الحبحب فسجل 1200 ريالًا للكيلو جرام، أما التفاح قفز إلى 5000 ريال وسجل البرتقال لليكلو جرام 5000 ريال والرمان 4000 لليكلو جرام.


اليمن الآن
منذ 4 ساعات
- اليمن الآن
مزارعون في الجوف يشكون من نهب مليشيا الحوثي كميات من محصول القمح
شكا مزارعون في محافظة الجوف (شمال شرقي اليمن) من نهب مليشيا الحوثي كميات كبيرة من محصول القمح لهذا العام، والمماطلة في سداد مستحقات المزارعين المقدّرة بنحو مليار ريال. وأفادت مصادر محلية أن المزارعين سلموا محصولهم من القمح في نهاية شهر مارس الماضي إلى "مؤسسة تنمية وإنتاج الحبوب" التابعة للمليشيات تحت ذريعة شرائه عبر مؤسسة تابعة لها، بعد وعود بتسديد قيمته خلال يومين، غير أن المؤسسة امتنعت عن الوفاء بتعهدها التي تُقدّر بنحو 500 مليون ريال بالعملة القديمة، ما يعادل قرابة مليون دولار أمريكي، رغم مضي نحو شهرين على التسليم. وأوضحت المصادر بأن مؤسسة الحبوب الحوثية تجاهلت مطالبات المزارعين المتكررة بصرف قيمة منتجاتهم، مما فاقم من معاناتهم المعيشية، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد. وتستخدم المليشيا ما تعرف بالمؤسسة وعددا من الشركات الزراعية مثل شركة "تلال اليمن" التي أنشأتها قبل سنوات بالشراكة مع القطاع الخاص ثم استولت عليها بالقوة، لممارسة الجباية وتراخيص واحتكار شراء وتصدير المنتجات الزراعية بشرائها من المزارعين بأسعار تحددها المليشيا في مناطق سيطرتها ومنع أي تاجر أو مزارع من تسويق منتجاته بنفسه إلى السوق بهدف التحكم بالنشاط الزراعي. يذكر ان هذا الانتهاك يأتي ضمن سلسلة من الانتهاكات المستمرة التي تمارسها المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، بحق القطاع الزراعي في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، مما يهدد الأمن الغذائي ويقوّض سبل العيش للمواطنين.