
ماذا وراء صمت بكركي؟ الخازن لـ"الديار": الراعي ثبّت دور بكركي حين خفتت الأصوات
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
ليست الكنيسة المارونية صرحا "رعويا" او مجرد مرجعية روحية، فبكركي عبر تاريخها لعبت ادوارا سياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية، بحيث ارتبط اسم لبنان وهويته بها. فدور بكركي الوطني يتجاوز الكنيسة المارونية من مرحلة تكوين دولة لبنان الكبير، حين كان للبطاركة الموارنة أدوار أساسية في المحطات المفصلية، وكان الصرح مفتوحا دائما للطوائف الاخرى لاعلان مواقف وطنية كبيرة .
ففي السنوات الأخيرة، كان الصرح في حركة دائمة ومركز استقطاب سياسي، حتى لو لم ينخرط البطريرك الماروني في الشأن السياسي على نحو منهجي، فالبطريرك مار بشارة الراعي كما تقول مصادر مسيحية يستقبل كل طالب لقا،ء ولا قطيعة سياسية مع اي فريق لبناني مهما اختلفت المقاربات السياسية، فالصرح للجميع، ويسعى الكاردينال الراعي منذ إنتخابه للتقرب من الجميع والمساواة في علاقاته بين الاحزاب والقوى السياسية، حتى مع المختلفين في الموضوع السياسي .
وتشير المصادر الى بقاء بكركي على مسافة واحدة من الجميع، فسيد بكركي حريص على عدم الدخول في الانقسامات الحادة، لكن القضايا الساخنة تطرح نفسها وحدها. من هذا المنطلق يطرح الراعي القضايا الوطنية بموضوعية ومقاربة تخدم المصلحة اللبنانية، كما يحصل عندما يطالب بالتزام لبنان الحياد ورفض ربطه بالمحاور الخارجية، وحصر السلاح بيد الدولة وحدها.
مؤخرا يلاحظ المتابعون لمواقف الراعي "هدنة" في مسائل داخلية وما يتعلق بموضوع السلاح، لكن ذلك ليس مرتبطا كما تقول المصادر بالحادث الصحي للراعي، بقدر ما هو تحسس وتعاطف مع وجع طائفة ومصابها بعد الحرب "الاسرائيلية" ، فموقف البطريركية واضح واسلوبها حكيم، وهي تقيم توازنا بين معادلة عدم الدخول في الصراعات من دون الانكفاء عن الساحة، فتطرح بالوقت نفسه القضايا الوطنية من دون ان تحل مكان السياسيين او تقوم بادوارهم.
هل ما تزال بكركي المرجع السياسي والوطني الأول؟ أم أنها محاصرة بالحسابات الحزبية والخطابات المتناقضة؟ يجيب الوزير السابق وعميد المجلس الماروني وديع الخازن إن الصرح البطريركي وعلى رأسه صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "لم يكن يوما طرفا في الصراعات، بل كان وسيبقى فوقها، لأن بكركي لم تُبنَ على حسابات آنية أو شعارات حزبية، بل على ثوابت راسخة في الضمير الوطني اللبناني، وعلى دور تاريخي لا يُمحى في الدفاع عن الكيان والحرية والسيادة والعيش المشترك".
ويضيف "غبطته لم يتخلَّ عن موقعه كمرجع أول، بل ثبّت هذا الدور في أحلك الظروف حين خفتت الأصوات أو ترددت. بكركي ليست محاصرة، بل هي الحارسة لما تبقّى من وجدان وطني جامع صوته حرّ وموقفه عابر للطوائف، ولا يُقاس بزحمة الشعارات بل بثبات المبدأ، ففي زمن التناقضات والصراعات، تبقى بكركي الصوت المتزن، والضمير الذي يُسمع ولو ضجّت المنابر، والمرجعية التي لا تغيب مهما تعاقبت الظروف".
يصف الخازن علاقة بكركي بالشخصيات المسيحية بانها "ليست علاقة سلطة أو اصطفاف، بل علاقة رعاية ومسؤولية أبوية ووطنية. فالصرح البطريركي لم يكن يوما مغلقا على أحد، بل كان ولا يزال مساحة لقاء وحوار، ومرجعا أخلاقيا ووطنيا لكل من يؤمن بلبنان الرسالة، وبدور المسيحيين فيه كمكون مؤسس لا تابع".
ويتابع "بكركي تحتضن الجميع، من دون تمييز بين تيار وآخر أو فريق وآخر. قد تختلف مع بعض المواقف، ولكنها لا تقطع الأبواب ولا تُقفل الأذن عن أي رأي، بل تدعو دائمًا إلى الوحدة في التنوع، والتعاون في ظل الثوابت الوطنية، لا الحسابات الفئوية".
ويشير الى ان الكاردينال الراعي "يلعب دورا توفقيا ويسعى لجمع الكلمة وردم الهوات، وترسيخ ثقافة الشراكة والتفاهم بين القيادات المسيحية، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن تشرذم الصف المسيحي يُضعف الموقع الوطني، وأن مسؤولية بكركي أن تكون الضمانة للجميع، لا حليفة أحد ضد أحد".
واكد ان بكركي "ليست في موقع المتفرج، بل في موقع المُبادر والداعي دوما إلى ما يجمع لا ما يُفرق، وهي تُصغي للجميع، وتنصح الجميع، ولكنها لا تُساوم على المبادئ ولا تُساير على حساب الوطن".
وعن سياسة البطريرك الراعي وتعاطيه مع القضايا الوطنية، يؤكد الخازن ان الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "أثبت دائما انه صاحب موقفً وطنيً ثابت في مقاربة القضايا الكبرى، عنوانه الأساس: حماية لبنان الكيان والدولة والرسالة. وسياسة البطريرك الراعي ليست سياسة بالمعنى الحزبي أو الظرفي، بل هي نهج وطني عميق الجذور، قائم على الثوابت التي أرستها بكركي عبر التاريخ. من أبرز معالم هذا النهج، الدعوة الصريحة والواضحة إلى تحييد لبنان عن صراعات المحاور، وتحييده لا يعني حياده عن قضايا الحق والعدالة، بل هو تحييد عن كل ما يُقحم الوطن في نزاعات لا طاقة له بها، ولا مصلحة لشعبه فيها".
ويختم الخازن "أن غبطته لم يتوقف عن التذكير بضرورة احترام الشرعية اللبنانية والاحتكام إلى مؤسسات الدولة، باعتبارها المرجع الوحيد لأي حل أو تسوية. فدولة القانون ليست خيارا بل ضرورة، وهي وحدها القادرة على ضمان كرامة المواطن وصون السلم الأهلي، واستعادة ثقة الداخل والخارج على حدّ سواء.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 37 دقائق
- الديار
سفير غربي يحذر من عمل عسكري «اسرائيلي» في الجنوب حتى الأولي
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب على إيقاع الحرب الاسرائيلية- الايرانية المتصاعدة الوتيرة، والتي انعكست في بيروت مزيدا من الضعضعة والتخبط، والمرشحان بدورهما لارتفاع منسوبهما، خصوصا بعد زيارة الوفد الاميركي الى بيروت في حال تمت، يحاول العالم ومعه لبنان، فكفكة ما بين تغريدات ترامب ، ومعلومة «القناة 14» الاسرائيلية عن مشاركة اميركية في الغارات الاخيرة على المواقع الايرانية، رغم ترجيح المصادر الاميركية ان تكون الساعات القادمة حاسمة، لجهة عودة الجمهورية الاسلامية الى طاولة المفاوضات من عدمه، بعدما بات السؤال هل تتدخل اميركا، مع كل ما لذلك من تداعيات على الصعيد الدولي وتعقيدات، ام تبقى تصفية الحساب بين طهران وتل ابيب، ما يعني استمرار المواجهة الى اجل غير مسمى في لعبة عض اصابع؟ زيارة براك وسط هذه الاجواء المحتدمة، وعشية وصول المبعوث الرئاسي الاميركي الى سوريا توماس برّاك الى بيروت الخميس، ما لم يطرأ من مستجدات تلغيها، للوقوف على حقيقة الاوضاع بوصفه اول تواصل مباشر علني منذ اندلاع المواجهة الاسرائيلية - الايرانية، بعيدا عن تسريبات المصادر، رغم ان كل من وزير الخارجية والمبعوث الخاص الى الشرق الاوسط، تواصل مع غالبية قادة المنطقة، اكدت مصادر اميركية ان زيارة الاخير الى بيروت محددة بوصفه المبعوث الاميركي الخاص الى سوريا، والمكلف رسميا بادارة الملفات اللبنانية – السورية المشتركة، من ضمن الخطة الاوسع التي اقرها فريق الامن القومي حول لبنان، خاتمة بان محاولات البعض في بيروت للتاثير في تحديد هوية من سيتسلم الملف اللبناني، ليست ذي جدوى، وقد لمس ذلك رئيس الجمهورية خلال لقائه بالمستشار الرئاسي للشؤون العربية والافريقية مسعد بولس وهو من اكثر المتحمسين للعهد والداعمين له وتربطه «علاقة» باكثر من مستشار خلال لقائه به، بحضور الرئيس المصري، في القاهرة، والذي اكد فيه على ان مواقف واشنطن معروفة ومحسومة ولا امكانية لتليينها او تبديلها، «فالاخيرة تعمل وفقا لاجندتها فقط». الملف الفلسطيني ومع انقضاء المهلة المحددة لبدء تسليم الملف الفلسطيني، والحديث عن نكسة قد اصابت جهود الحكومة فيما خص هذا الملف الحساس، كشفت مصادر وزارية عن ان جلسة الحكومة ناقشت موضوع السلاح الفلسطيني، الذي ابقي التداول بشانه مفتوحا، مشيرة الى ان الدولة لم تحدد اساسا اي مهل او تواريخ بشكل رسمي، مقرا بان الاحداث الكبيرة التي تشهدها المنطقة تدفع في اتجاه « فرملة» بعض الخطوات لافساح المجال امام مزيد من الاتصالات والمشاورات، غامزة من قناة امكان تغيير الاوليات والاتجاه نحو مخيمات الجنوب الواقعة تحت ولاية القرار 1701 وعددها خمس، اهمها مخيم الرشيدية قرب صور، خصوصا ان ثمة مخاوف من ان يعمد طابور خامس الى اطلاق صواريخ لقيطة، ما قد يؤدي الى تفجير الوضع، وتقديم الذرائع لاسرائيل، وهو ما دفع بالجيش اللبناني الى تعزيز اجراءاته ودورياته ومراقبته لضبط الاوضاع ومنع اي اختراقات بالتعاون والتنسيق مع قوات اليونيفيل. من جهتها اشارت اوساط فلسطينية، الى ان الاتصالات مع رام الله اسفرت عن زيارة لوفد برئاسة المسؤول عن الساحة اللبنانية، عزام الاحمد، المكلف رسميا بادارة هذا الملف الى بيروت نهاية الاسبوع لاستكمال البحث وليس مناقشة الآلية، كاشفة عن اجتماع عقد قبل ايام بين مجموعة اساسية من الفصائل، وضع وثيقة من سبع نقاط، اهمها التركيز على «تنظيم السلاح وليس تسليمه». اجتياح بري؟ على الصعيد الامني، ورغم تراجع الهجمات الاسرائيلية جنوبا، في ظل حشد امكانات وطاقات سلاح الجو الاسرائيلي للمعركة ضد ايران، ابدت مصادر مراقبة خشيتها من ان تعمد تل ابيب الى تنفيذ غارات في الضاحية الجنوبية على غرار المرة الاخيرة، خصوصا ان طائراتها المسيرة تكاد لا تغادر اجواء بيروت وضاحيتها الجنوبية منذ ايام، وسط تحليق مستمر على مدار الساعة تقريبا. ويؤكد سفير دولة اوروبية في بيروت ان اسرائيل حسمت أمرها لجهة تنفيذ عملية برية في لبنان، تتمثل باجتياح بري يصل حتى الاولي، وقد يسبق فترة التجديد للقوات الدولية نهاية آب المقبل، رغم ان الاستعدادات والحشود العسكرية الاسرائيلية قرب الحدود اللبنانية والسورية، لا تزال حتى الساعة ذات طابع دفاعي، ولم تتخذ الوضعية الهجومية. اما على الجبهة جنوبا فسجل حركة ناشطة في محيط النقاط الخمس المحتلة، حيث يقوم الاسرائيليون بتدعيم وتحصين تلك المواقع وتوسيعها، وبعمليات تجريف في محيطها ورفع سواتر ترابية، في حركة توحي على ما يبدو عن نية لاستقدام اعداد اضافية من الجنود اليها. وفي هذا الاطار تؤكد المعلومات ان الاتصالات مستمرة مع حارة حريك على اكثر من خط عسكري وسياسي، لمتابعة الاوضاع، وسط تاكيدات من حزب الله انه غير معني بالمشاركة في الحرب، وان القيادة الايرانية لم تفاتحه بهذا الامر، فطهران تملك الامكانات والقدرات للدفاع عن نفسها في هذه المرحلة. لبنان تحت المجهر في غضون ذلك رات مصادر سياسية ان اجندة العهد مستمرة ولن تتوقف، اذ سيستمر السير بالخطوات الاصلاحية المقررة، في ظل «العين المفتوحة» على لبنان، وهذا ما برز من مقررات ومداولات الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، وهو ما دفع وفقا لزوار مقر الرئاسة الثانية «الترويكا» الى استعجال فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، تحت ضغط والحاح الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الذي حمل معه الى بيروت طلبا واضحا بضرورة اكمال انجاز اقرار القوانين الاصلاحية ، وتحديدا قانون اعادة هيكلة المصارف وتحديد الفجوة المالية وتوزيع الخسائر. بالعودة الى الملفات الداخلية «الاصلاحية»، فاذا كانت «الولادة القيصرية» للتشكيلات الدبلوماسية قد ابصرت النور، بالحد الادنى من المحاصصة بين اركان الترويكا، وفقا لمصادر قواتية، بعدما وضع وزير الخارجية كل جهده، محاولا تحقيق افضل الممكن، فان مسار وطريق التشكيلات القضائية، والمالية، لا تزال غير سالكة. اخلاء رعايا وليس بعيدا كشفت المعلومات ان كلا من الامارات والكويت وقطر قد عمدت الى اجلاء رعاياها من لبنان خلال الساعات الماضية، فيما تواصلت السفارات الغربية مع مواطنيها من اصول لبنانية والموجودين في لبنان، طالبة اليهم البقاء على اتصال بشركات الطيران التي يتعاملون معها، ومعرفة جداول رحلاتها. وكانت اوساط سياحية، اشارت الى ان نسب الاشغال الفندقي تراجعت الى ما دون الـ 50% مما كانت عليه وهي مرشحة للارتفاع، في ظل الغاء الحجوزات، ما سيرتب خسائر كبيرة على المؤسسات الفندقية والسياحية، في ظل تراجع حركة الطيران من والى بيروت، مع توقف جميع الشركات العالمي، واقتصار الرحلات على طيران الشرق الاوسط، القطرية، التركية، والاتحاد. لبنان بمنأى عن الاشعاعات وكما في دول المنطقة كذلك في لبنان، خوف وهلع من حصول تسرب للاشعاعات النووية في حال استهداف المفاعلات سواء في ايران او اسرائيل، حيث يطمئن الخبراء الى بيروت بعيدة نسبيا آلاف الكيلومترات، كما ان طقس الصيف وغياب السحاب امر مساعد على عدم انتقال الاشعاعات، كاشفين عن وجود 20 محطة رصد اشعاعي موزعة على الاراضي اللبنانية، 6 شمالا، 12 جنوبا وبقاعا، و 2 في بيروت، تعمل على مدار الساعة وهي تنقل «داتا» الرصد إلى الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية والمجلس الوطني للبحوث العلمية، اللذين يعلمان الوكالة الدولية للطاقة الذرية بكل التطورات. تخزين مواد غذائية افق الحل المسدود، انعكس مخاوف لدى اللبنانيين، رغم تطمين المسؤولين، ما دفع بالكثيرين الى شراء وتخزين المواد الغذائية الاولية، ليس خوفا من انقطاعها، بل من ارتفاع اسعارها، في ظل غياب اي رقابة من قبل الدولة واجهزتها، وسط التهديدات بحرب شاملة في المنطقة، ما سيؤدي الى ارتفاع كلفة الشحن والتامين على السفن المتوجهة الى المنطقة، وهو ما قد يؤدي الى كارثة تحديدا على صعيد الطاقة، والذي سيلمسه لبنان، من خلال تراجع تغذية المولدات وارتفاع الفواتير قد يصل الى حدود 25%.


الديار
منذ 37 دقائق
- الديار
ما بعد الحرب على إيران: هل يتحوّل العرب الى دافعي جزية؟
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في مقال نُشر في 13 أيار 2025، حذّرنا من أن سقوط المشرق العربي سيشكّل مدخلاً لمشروع إسرائيلي أوسع، يستهدف دول الخليج اقتصاديًا وسياسيًا، عبر فرض شراكات غير متكافئة، واختراق القرار السيادي من بوابة ما يُسمّى بـ«مرحلة ما بعد الحرب». واليوم، مع العدوان الإسرائيلي على إيران، تؤكّد النخب الإسرائيلية ذاتها هذه الرؤية بأسلوب فجّ وصادم. ففي تغريدة علنية كتبها الباحث الإسرائيلي المعروف مئير مصري، جاء ما يلي: «انتهى عصر التطبيع مع إسرائيل بالمجان. بعد الحرب، سوف نطالب المطبعين العرب بدفع الجزية.» وردّ عليه إيدي كوهين، أحد أبرز وجوه الدعاية الإسرائيلية، قائلًا: «الفرق أنه بعد الحرب، العرب سيدفعون الجزية مباشرة لنا، وليس عن طريق الأميركان كما هو الآن. أتفق معك». هذه العبارات، وإن أتت بصيغة إعلامية استفزازية، إلا أنها تعبّر عن تحوّل جذري في الخطاب الإسرائيلي: من الحديث عن «السلام» إلى الحديث عن «الجزية»، أي عن علاقة غير متكافئة قوامها الهيمنة والاستغلال. لم يعد الخطاب الإسرائيلي يتحدث عن «تقاطع مصالح» أو «شراكات إقليمية»، بل عن ترتيبات جديدة تقوم على الإملاء المالي والسياسي. أصبحت الدول العربية، لا سيما الخليجية، مطالبة بدفع ثمن التقارب مع إسرائيل بالأموال، والاستثمارات، والتنازلات السيادية. والخطير في هذه التصريحات ليس فقط ما تحمله من ازدراء ضمني، بل كونها تعبّر عن تصوّر استراتيجي آخذ بالترسخ داخل الأوساط الإسرائيلية، يرى أن نتائج الحرب على غزة وبيروت وتلك الجارية عبر العدوان على إيران، بما حملته وقد تحمله من تغييرات وسقوط رموز من محور المقاومة، فرصة لفرض وقائع جديدة ليس فقط في سوريا ولبنان وفلسطين، بل على امتداد الخارطة العربية. هذا وتبدو إسرائيل واثقة من أن مرحلة ما بعد الحرب سوف تفتح لها الباب نحو الخليج كمجال نفوذ مفتوح. ويتقاطع ذلك مع مشاريع إعادة الإعمار، خصوصًا في سوريا وغزة، حيث تسعى إسرائيل إلى دخول هذه السوق عبر البوابة الدولية، بدعم أميركي مباشر. كذلك تسارع الاتفاقات الاقتصادية ذات الطابع الإلزامي، والتي تتجاوز البروتوكول لتطال ملفات الطاقة، والمياه، والأمن السيبراني، إلى جانب استثمار متزايد في أدوات النفوذ الناعم. ما يجري اليوم ليس سوى امتداد محدث لعقيدة بريجنسكي التي هدفت إلى تفتيت الكتل الجيوسياسية في الشرق الأوسط عبر الحروب بالوكالة، وتفكيك الأنظمة المركزية لتُعاد صياغة المنطقة وفق مصالح واشنطن وحلفائها. كذلك يتقاطع مع مرتكزات «مشروع الشرق الأوسط الجديد» الذي طُرح عقب غزو العراق، حيث كان يُراد تحويل الكيانات العربية إلى كيانات ضعيفة، تحكمها شبكات أمنية واقتصادية تدور في فلك الحلف الأميركي ـ الإسرائيلي. لذا، إن ما تشهده المنطقة من تصعيد إسرائيلي غير مسبوق ضد إيران لا ينبغي أن يُقرأ بمنظار الخلافات العقائدية أو الحسابات، فالحرب على إيران في جوهرها، ليست حربًا على نظام، بل محاولة لإعادة رسم خارطة النفوذ في المنطقة بما يخدم المشروع الإسرائيلي، ويُقصي أي قوة إقليمية قادرة على الوقوف في وجهه، سواء كانت عربية أو غير عربية. وعليه، فإن على العواصم العربية، لا سيما الخليجية، أن تتجاوز الخلافات التاريخية والحساسيات المذهبية مع إيران، لأن ما يُراد فرضه بعد هذه الحرب سيطال الجميع دون استثناء. فالمخطط الإسرائيلي كما بيّنا سابقًا، لا يهدف فقط إلى تحجيم إيران، بل إلى إخضاع المنطقة برمّتها لتراتبية أمنية واقتصادية تكون فيه إسرائيل في القمة، والدول العربية في موقع التابع الذي «يدفع الجزية» مقابل البقاء في دائرة الرضى الغربي. إن المسؤولية التاريخية والسيادية تقتضي من الدول العربية التحرك العاجل للضغط على العواصم الغربية، وعلى رأسها واشنطن، من أجل وقف الحرب الإسرائيلية، والتحذير من أن استمرار العدوان لن يخلّ بتوازنات القوة فحسب، بل سيفتح أبواب الفوضى الكبرى التي لن ينجو منها أحد.


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
ترامب يدرس ضرب منشأة فوردو النووية المحصنة تحت الجبال لشلّ النووي الإيراني
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب يدرس الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إمكانية انضمام الولايات المتحدة إلى العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران وشن هجمات على المنشآت النووية الإيرانية، بحسب تقرير نُشر على موقع "أكسيوس". ونقل الموقع عن مصادر قولها إن "مسؤولين أميركيين أفادوا بأن ترامب يدرس بجدية دخول الحرب وشن هجوم أميركي على المنشآت النووية الإيرانية، وخاصة منشأة تخصيب اليورانيوم تحت الأرض في فوردو". ووفقاً للموقع، قد يتخذ ترامب القرارات بشأن إيران عقب اجتماع مع مساعديه المسؤولين عن الأمن القومي، والذي يُعقد في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، وهي غرفة مخصصة للاجتماعات المغلقة. ما شكل بدايةً الخطة باء البديلة تحول إلى صمام أمان لبرنامج إيران النووي. فمنشأة فوردو بنيت أساسا كمحطة طوارئ لمنشأة نطنز القريبة حال تعرضها لأي هجمات. هذه المنشأة المخصصة لتخصيب اليورانيوم شديدة التحصين لا بل مدفونة تحت جبل يبعد حوالي اثنين وثلاثين كيلومترا شمال شرق مدينة قُم وتُحيط بها دفاعات جوية. بالعين المجردة من الخارج ما يمكن رؤيته يقتصر على خمسة أنفاق صخرية تخترق الجبال وهيكل دعم ضخم ومحيط أمني واسع. المنشأة تتألف من قاعتين مخصصتين لتخصيب اليورانيوم تقدر مساحة الواحدة منها بثمانين إلى تسعين مترا وتستوعبان ست عشرة سلسلة من أجهزة الطرد المركزي أي بمعدل ثلاثة آلاف جهاز أعمق المنشآت النووية الإيرانية عصية على أي هجمات جوية تقليدية أو قنابل معروفة تمتلكها إسرائيل.. وهنا الحل تمسكه واشنطن كالعادة أي ضربات متكررة بقنابل GBU-57 الأميركية الخارقة للدروع والتي لا يمكن إطلاقها إلا بواسطة قاذفات الشبح B-2 التابعة لسلاح الجو الأميركي كذلك أما الخيار الآخر المطروح لتدمير منشأة فوردو أو على الأقل تعطيلها لفترة طويلة فيتمثل بضرب الأنفاق الخارجية أو أعمدة التهوية المموهة أو شبكة الكهرباء ما سيستوجب أشهرا لإعادتها للعمل.