logo
البشير والنذير في القرآن الكريم

البشير والنذير في القرآن الكريم

جريدة الرؤيةمنذ 3 أيام

د. عبدالله الأشعل
أخبرنا القرآن الكريم أن كل الأنبياء والرسل كسيلٍ لم ينقطع، وعبَّر عنها القرآن بأنَّ قافلة الرسل تترى، أي أنها استمرت من آدم إلى رسولنا الكريم. أما الرسل والأنبياء فهم اختيار الله سبحانه، فهو يعلم حيث يضع رسالته. وقد أوضح القرآن أن رسل الله هم الغالبون ويتمتعون بحصانة مطلقة.
أما لماذا بعث الله النبيين والرسل، فقد أخبرنا القرآن الكريم أيضًا أن الله أرسلهم من بين عامة البشر حتى لا تكون رسالتهم فوق مستوى البشر، وبعثهم الله بسببين لمهمة واحدة هي الإنذار والتبشير، وباختصار: البلاغ برسالات الله إلى الأقوام المختلفة. وأكد القرآن أن الله بعثهم لكل الأمم، وما من أمة إلا خلا فيها نذير. وسأل خزنة النار الداخلين إليها: ألم يأتكم نذير؟ فاعترفوا جميعًا بأنهم كذبوا الرسل، وأوضح القرآن الكريم السببين لبعث الرسل.
السبب الأول
هو الإبلاغ والإنذار بأوامر الله ونواهيه، لقوله تعالى: "
ولا تزر وازرة وزر أخرى
"، وقوله: "
وما كنَّا معذبين حتى نبعث رسولا
".
السبب الثاني
بلفظ القرآن: حتى لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل؛ فالله يعلمنا أن نكون ديمقراطيين وصُرحاء وشفافين، فهو سبحانه غني عن العالمين، ومع ذلك، وتحقيقًا لمبدأ: "
ولا يظلم ربك أحدًا
"، و"
ما ربك بظلام للعبيد
".
وهنا نجد أن الله يقسم لبعض خلقه، وخاصة رسولنا الكريم، في قوله تعالى: "
لا أقسم بهذا البلد وأنت حلٌّ بهذا البلد
". وكذلك قوله: "
والضحى والليل إذا سجى، ما ودعك ربك وما قلى
". وأعتقد أن سبب القسم للرسول الخاتم ليس نقصًا في التصديق؛ فالرسول أدرى منَّا بموضوع القسم، ولكنه تكريم للرسول الكريم.
أما الجزاء في القرآن الكريم، فيختلف معناه حسب السياق، فأحيانًا يكون معناه العقوبة، وأحيانًا أخرى يكون معناه الأجر والمثوبة والمكافأة. وقد بحثتُ هذه النقطة في الفصل التمهيدي من رسالة الدكتوراه التي قدمتُها عام 1975، وتمت مناقشتها عام 1976 بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وكان موضوعها "الجزاءات غير العسكرية في الأمم المتحدة".
وعندما نظرتُ في آيات الذكر الحكيم لبيان الفرق بين النذير والبشير، وجدتُ أنهما يُستخدمان حسب السياق. فالبشارة تأتي في الخير، والإنذار في العذاب، ومع ذلك، يستخدم القرآن كلا اللفظين وفق السياق، مثل قوله تعالى: "
بَشِّر المنافقين بأن لهم عذابًا أليمًا
" (النساء: 138)، وقوله: وأرسلنا مبشرين ومنذرين، وأيضًا قوله سبحانه: "يا
أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا
".
وقوله سبحانه: عليك البلاغ وعلينا الحساب. وأوضح القرآن لماذا قصر مهمة الرسل على البلاغ ولم يكلفهم بالهداية؛ حيث اختص الله بها نفسه، فالله سبحانه هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، كما في قوله: "
إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء
".
وهكذا، نجد أن العملية موزعة بين الخالق والرسل، كما هو واضح في القرآن الكريم: يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. وأوضح القرآن الكريم أيضًا: "
ليس عليك هُداهم ولكن الله يهدي من يشاء
".
وبما أن الإيمان محله القلب، ولا يطلع عليه إلّا الخالق، فمن أراد الهداية حقًا هداه الله، ومن أراد الضلال أضله الله حسب استعداد الإنسان؛ بل إن القرآن أشار إلى مرتبة أسمى يُخص بها المستحق من عباده، كما في قوله تعالى: فإنك من تق السيئات فقد رحمته. أي أن العبد إذا جنبه الله السيئات، فهذا فضل من الله بدلًا من ارتكاب المعاصي، ثم يستغفر العاصي ربه، ويطلب التوبة، أي عدم العودة إلى المعاصي.
وقد أوضح القرآن قواعد التوبة، ومع ذلك، فرحمة الله واسعة، كما في قوله: "
إنما التوبة للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب
"، وألا ينتظر ساعة الوفاة.
الخلاصة.. أن البشارة في الخير، والإنذار في الشر، ومع ذلك، يستخدم القرآن الكريم كلا المصطلحين حسب السياق.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مرسوم سلطاني بنقل مديرية الخدمات الطبية من ديوان البلاط السلطاني لوزارة الصحة
مرسوم سلطاني بنقل مديرية الخدمات الطبية من ديوان البلاط السلطاني لوزارة الصحة

عمان اليومية

timeمنذ 9 ساعات

  • عمان اليومية

مرسوم سلطاني بنقل مديرية الخدمات الطبية من ديوان البلاط السلطاني لوزارة الصحة

مرسوم سلطاني بنقل مديرية الخدمات الطبية من ديوان البلاط السلطاني لوزارة الصحة العمانية: أصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه- اليوم مرسوما سلطانيا ساميا فيما يأتي نصه: مرسوم سلطاني رقم (51 / 2025) بنقل المديرية العامة للخدمات الطبية من ديوان البلاط السلطاني إلى وزارة الصحة نحن هيثم بن طارق سلطان عمان بعد الاطلاع على النظام الأساسي للدولة، وعلى المرسوم السلطاني رقم ۳۳/ ۲۰۱۳ بشأن الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة بالمؤسسات الطبية الحكومية (المدنية والعسكرية)، وعلى نظام الجهاز الإداري للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 75 / 2020، وعلى المرسوم السلطاني رقم 71 / 2021 باعتماد الهيكل التنظيمي لديوان البلاط السلطاني، وعلى المرسوم السلطاني رقم 10 / 2024 بتحديد اختصاصات وزارة الصحة واعتماد هيكلها التنظيمي، وبناء على ما تقتضيه المصلحة العامة، رسمنا بما هو آت المادة الأولى: تنقل المديرية العامة للخدمات الطبية من ديوان البلاط السلطاني إلى وزارة الصحة. المادة الثانية: تؤول إلى وزارة الصحة كافة المخصصات والأصول والحقوق والالتزامات والموجودات الخاصة بالمديرية العامة للخدمات الطبية. المادة الثالثة: ينقل شاغلو الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة، وغيرهم من الموظفين في المديرية العامة للخدمات الطبية إلى وزارة الصحة، بذات أوضاعهم الوظيفية ودرجاتهم ومخصصاتهم المالية. المادة الرابعة: ينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية، ويعمل به من تاريخ صدوره. صدر في: 7 من ذي الحجة سنة 1446هـ الموافق: 3 من يونيو سنة 2025م

بين العدل الإلهي ومآسي غزة.. ردٌّ على شُبهات المشككين
بين العدل الإلهي ومآسي غزة.. ردٌّ على شُبهات المشككين

جريدة الرؤية

timeمنذ 10 ساعات

  • جريدة الرؤية

بين العدل الإلهي ومآسي غزة.. ردٌّ على شُبهات المشككين

محمد حسين الواسطي ** يقول الله تعالى: " وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ " (الشورى: 30). في خضم المآسي الإنسانية التي تشهدها غزة، ترتفع أصوات التشكيك والتساؤل عن العدل الإلهي ودور الله سبحانه وتعالى فيما يجري. هذه التساؤلات ليست جديدة في تاريخ البشرية، بل هي امتداد لسؤال وجودي واجهه الأنبياء والصالحون عبر العصور. لكنها تزداد حدة مع كل مأساة إنسانية، وخاصة عندما يكون المستهدفون هم الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ. إن قضية «أين الله من غزة؟» ليست مجرد تساؤل عابر؛ بل تعكس أزمة فهم عميقة لطبيعة الحياة الدنيا وسنن الله في الكون. هذه الشبهة، بالرغم من خطورتها على إيمان البعض، تُمثل فرصة للمؤمن الواعي ليزداد إيمانه ويتعمق في فهم دينه، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾. ومفتاح الفهم الصحيح للحياة هو إدراك طبيعتها كدار ابتلاء، لا دار جزاء نهائي. يقول الله تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾. لو كانت الدنيا دار عدل مطلق لانتفت حكمة الآخرة، ولاختفت معها فلسفة الابتلاء بأكملها. فالحياة في جوهرها اختبار، والاختبار يتطلب تركيبًا معقدًا من الخير والشر، من الألم والفرح، من النصر والهزيمة. المؤمن العميق الإيمان يتأمل حكمة الله في قوله: ﴿ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾، فالمصائب تخضع لنظام إلهي دقيق يفوق إدراك البشر. ولهذا فإنَّ من ظنَّ أن غياب النصر الفوري دليل على غياب العناية الإلهية، فقد خالف صريح القرآن الذي يؤكد: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ﴾. هذه الآية الكريمة تلخص جوهر القضية: الله ليس غافلًا، بل محيط بكل شيء، يرى كل دمعة، ويسمع كل أنه، ويُحصي كل جريمة، لكن لحكمته سبحانه، قد يؤخر العقاب دون أن يلغيه. ومن هنا يأتي المفهوم الأعمق للنصر الإلهي، فالنتائج الحقيقية تُحسب في الآخرة، لا في الدنيا وحدها، والانتصارات الدنيوية ليست المقياس النهائي للحق. يؤكد الله هذه الحقيقة بقوله: ﴿ إِنَّا لَننصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾. ولعل في قصة أصحاب الأخدود عبرة بالغة؛ فقد أُحرق المؤمنون ظاهرًا وانتصر الظالمون مؤقتًا، لكن الله خلد ذكر المؤمنين وتوعد الظالمين بقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ... فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ﴾. ولا يقتصر الأمر على وعود الآخرة، بل إن التاريخ الإسلامي نفسه يشهد أن النصر الإلهي يأتي غالبًا بعد اشتداد المحنة، كسنة كونية ثابتة. قال الله تعالى: ﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ﴾. وكذلك النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم الذي صُدَّ وعُذب هو وأصحابه ثلاثة عشر عامًا قبل أن يأتي النصر، فالتمكين يأتي دائمًا بعد الابتلاء، والنور بعد الظلام، والراحة بعد التعب. وفي سيرة الصحابة تجسيد حي لهذه الحقيقة؛ فقد ثبت سمية وبلال وعمار وغيرهم على الحق رغم البلاء، لتكون لهم العاقبة في الدنيا قبل الآخرة. ** كاتب عراقي

القرارات المتعثرة.. إرباك للمواطن وإعاقة للتنمية
القرارات المتعثرة.. إرباك للمواطن وإعاقة للتنمية

جريدة الرؤية

timeمنذ 10 ساعات

  • جريدة الرؤية

القرارات المتعثرة.. إرباك للمواطن وإعاقة للتنمية

سعيد بن محمد الجحفلي القرار هو عملية ذهنية يقوم بها الفرد لاختيار مسار معين من بين عدة مسارات ممكنة، وتنحصر هذه العملية بين صنع القرار، الذي يمثل تحديد المشكلة وتحليلها وطرح البدائل لحلها، وبين اتخاذ القرار عبر اختيار أحد البدائل المناسبة والمتاحة لحل المشكلة. والقرارات الإدارية التي تصدرها الوحدات الخدمية في الدولة ذات أهمية بالغة، كونها تلامس مصالح المواطنين اليومية وتنظم آلية سوق العمل، لذا فمن الأهمية بمكان أن تخضع هذه القرارات للمزيد من المراجعات والنقاشات، والاطلاع على أكبر قدر ممكن من المعلومات الدقيقة والحديثة والشاملة وفق برامج زيارات ميدانية جادة للوقوف على التفاصيل في إجراءات العمل التي تُنفذ على أرض الواقع، قبل أن تصدر ويُعمل بها، لأن المواطن هو من سيتحمل تبعات تلك الأخطاء ويدفع الثمن باهظًا، سواء عبر الغرامات والرسوم أو التأثيرات السلبية على سوق العمل بشكل عام. والقادة الإداريون هم المعنيون باتخاذ القرارات الإدارية التي تخدم أكبر شريحة في أي مجتمع، لذلك فهم مؤتمنون أمام ولي الأمر على مصالح الشعب قبل إصدار أي قرار ينظم منافع الناس. فبقدر فشل قراراتهم في تقديم الخدمة للجمهور وتحقيق توقعاتهم، بقدر ما سوف يعاني متلقي الخدمة من معاناة وزيادة التكلفة إذا كانت القرارات غير مرضية. وهنا نستعرض بعض القرارات القيادية الحاسمة التي اتخذها قادة عظام وغيرت مجرى التاريخ... كانت أولى تلك القرارات ما اتخذه نبي هذه الأمة وقائد البشرية سيدنا محمد ﷺ، حين فاوضته قريش على ترك الدعوة! فكان قرارًا حاسمًا تجلت فيه كل معاني الثقة والتحدي والديمومة، حيث قال: "والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه ما تركته". عندها تجلت الرؤية وحُسم الأمر على الأرض، وانتصر وحي الله الذي لا غالب له. وفي عهد الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ارتدت الكثير من القبائل العربية، ورفض البعض الآخر دفع الزكاة، فاتخذ الخليفة الراشد قرارًا حازمًا أذهل كبار الصحابة، فكان قرارًا مُلهِمًا لتصويب المرحلة ومسار الدعوة، وليؤكد أن تعاليم الدين لا يمكن تجزئتها أو التنازل عن أي ركن مهما بلغت التكاليف، حيث قال: "والله لو منعوني عِناقًا أو عِقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعهما". أما في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكان معروفًا بقراراته الجريئة للنهوض بالدولة الإسلامية في مختلف المجالات، مثل إنشاء الدواوين وإقامة الحدود والتركيز على العدالة، وكان أبرز قراراته تعيين أهل الشورى لاختيار خليفة المسلمين من بعده، وهو قرار ثوري في نظام الحكم الإسلامي لضمان انتقال السلطة بطريقة سلمية ومنظمة واختيار الخليفة الأكفأ. وفي عهد الدولة الأموية، ظهر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، الذي يعتبر أعدل أمير بعد الخلفاء الراشدين؛ حيث أصدر قرار النزاهة وبدأ بنفسه، فرد المظالم واستعاد الأموال المأخوذة ظلمًا، ووزع الثروة بشكل عادل على المجتمع، كما أنشأ نظامًا دقيقًا لجمع أموال الزكاة والصدقات والتأكد من وصولها إلى مستحقيها. وخلال عامين ونصف من حكمه، حقق دولة الرفاه التي لطالما بشر بها كبار خبراء الاقتصاد في العصر الحديث، ولكنهم لم يروها! في عام 1965، قال ذو الفقار علي بوتو رئيس وزراء باكستان آنذاك: "سنأكل العشب من أجل الحصول على القنبلة النووية". كان قرارًا مصيريًا مدفوعًا بتصاعد التوتر مع الهند، العدو اللدود لدولة باكستان، التي كانت تسعى للحصول على السلاح النووي، وفعلاً امتلكت باكستان القنبلة النووية، محققة التوازن العسكري مع جارتها النووية. وعلى المستوى المحلي، جاء السلطان قابوس طيب الله ثراه بعزيمة متقدة وإصرار القائد الملهم لينتشل البلاد من الأزمات والتفرقة، فاتخذ قرارًا وطنيًا حازمًا كان له ما بعده: "عفا الله عما سلف". قرار كتب بماء الذهب، حيث أحيا الإنسان والأرض، وأرسى وحدة البلاد، وحقق دولة التسامح. وفي لحظة تاريخية مهيبة، فُتحت الوصية السلطانية، وسُلمت الأمانة في جلسة أبهرت العالم، حيث تقلد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - مقاليد الحكم، وباشر بتجديد النهضة المباركة بمراسيم نافذة وضعت الأولوية لمعالجة الوضع المالي للدولة عبر خطة التوازن المالي، وهي خطة طموحة تهدف إلى خفض الدين العام ورفع كفاءة الإنفاق، مع إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة. وقد انعكس ذلك إيجابيًا على التصنيف الائتماني للسلطنة، إذ ارتفع إلى BBB- مع نظرة مستقبلية مستقرة، وانخفض مستوى الدين العام إلى مستوى آمن، ومن المتوقع أن يصل إلى 29% من الناتج المحلي بحلول عام 2027. اليوم، يبقى الشاغل الأكبر للمواطن العماني الباحث عن عمل هو إيجاد وظيفة مستدامة في القطاع العام أو الخاص، تؤمّن له مستقبلًا كريمًا. لذا، من الأهمية بمكان اعتماد آلية واضحة ومستدامة لمعالجة هذه المعضلة بعيدًا عن الحلول الآنية قصيرة الأمد، عبر إنشاء صندوق توظيف الأجيال، كما أشرتُ في مقالي السابق، بحيث يتم تمويله وفق آليات مدروسة لضمان استدامته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store