
زيادة ملحوظة في حوادث إطلاق النار على الصحافيين بأميركا خلال عهد ترامب
كانت مراسلة القناة التاسعة في التلفزيون الأسترالي، لورين توماسي، تغطي أحداث التظاهرات في لوس أنجلوس على الهواء مباشرة، يوم الأحد الماضي، عندما رفع شرطي، يقف خلفها سلاحه وأطلق رصاصة مطاطية من مسافة قريبة أصابت ساقها، كما يبدو في تسجيل الفيديو، وصرخت توماسي، التي لا يبدو أنها مرتدية معدات الوقاية الشخصية، من الألم وهي تمسك بساقها، بينما كان المصور يبعد الكاميرا بسرعة ويبتعد عن مكان الشرطة، ووصف رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، في حديثه مع الصحافيين، يوم الثلاثاء الماضي، بعد أن تحدث مع توماسي نفسها، الحادث بأنه «مروع» وغير مقبول.
وكان رجال الشرطة يرتدون ملابس قوات مكافحة الشغب، ويطلقون الرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين الغاضبين من حملة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على المهاجرين غير الشرعيين.
وفي إعادة للحظات التصوير الأخيرة، عندما كانت توماسي تنهي جملتها بوصف ما يحدث، تتحرك الكاميرا في الوقت المناسب تماماً كي تلتقط صورة الشرطي وهو يرفع مسدسه ويطلق رصاصة غير مميتة على ساقها، وقالت بعد يوم إنها تشعر بألم، لكنها بخير.
وعلى الرغم من أن التحقيق الأكثر شمولاً يمكن أن يجد ظروفاً مخففة، فإنه من أدلة الفيديو نجد أنه من الصعب اعتبار الطلقة التي أصابت الصحافية، أنها تمت نتيجة «تبادل إطلاق نار»، إذ كانت المراسلة والمصور على جانب واحد من الشرطة، وتم التعرف إليهما بوضوح وكانا يعملان بشكل قانوني.
ولم يكن إطلاق النار لمرة واحدة، لأنه منذ بداية الاحتجاجات ضد سياسة الترحيل الجماعي للاجئين قبل ثلاثة أيام، تعرّض مراسل من صحيفة «لوس أنجلوس ديلي نيوز» وصحافي مستقل، للضرب بكرات «الفلفل والغاز المسيل للدموع».
وخضع المصور الصحافي البريطاني المستقل، نيك ستيرن، أيضاً لجراحة طارئة لإزالة رصاصة بلاستيكية طولها ثلاث بوصات من ساقه، وبصورة إجمالية تمكن نادي لوس أنجلوس للصحافة من توثيق نحو 30 من حوادث الإعاقة والهجوم على الصحافيين خلال الاحتجاجات الدائرة حتى الآن.
ويبدو أن الهجمات الآن على الصحافة لم تعد مقتصرة على مناطق الحرب أو على الأنظمة الاستبدادية، وإنما تحدث في المدن الأميركية أيضاً، خلال النهار، وفي الأغلب من قبل الأشخاص المنوط بهم حماية القانون والقضاء على العنف.
لكن العنف هو مجرد جانب واحد من الصورة، وخلال الأشهر الخمسة الماضية، ومنذ تسلم ترامب السلطة، عملت إدارته على سحب الأموال من مؤسسات الإعلام التابعة للقطاع العام، وتقييد الوصول إلى المعلومات، وتقويض صدقية وسائل الإعلام المستقلة.
وحتى الخدمات الإعلامية التي كانت في السابق تستخدم لتسليط الضوء على القيم الديمقراطية، والقوة الأميركية الناعمة حول العالم، مثل «صوت أميركا»، و«راديو أوروبا الحرة»، و«راديو آسيا الحرة»، تم قطع التمويل عنها جميعاً، وهي تواجه خطر إغلاقها، ولايزال موقع إذاعة «صوت أميركا» يعمل لكن لم يتم تحديثه منذ منتصف مارس، ولايزال العنوان الرئيس الموجود على صفحته الرئيسة هو عن الوضع الحرج لصحة البابا السابق فرانسيس، الذي يقول: «الفاتيكان: البابا فرانسيس في حالة مستقرة، بعد أن كان في خطر الموت الوشيك».
وتم منع وكالة « أسوشيتد برس» الأميركية، إحدى أهم وأعرق وكالات الأنباء في العالم، كما أنها تحظى بالصدقية الأكبر، من الوصول إلى البيت الأبيض وتغطية أخبار ترامب، والسبب أنها قررت تحدي توجيهات ترامب بتغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أميركا، وعدم الامتثال لهذا التغيير.
وتعرّضت ترخيصات بث الشبكات الرئيسة في الولايات المتحدة، مثل «إيه. بي. سي» و«إن. بي. سي» و«سي. بي. إس» للتهديد العلني بإلغائها، وهي إشارة إلى المحررين بأن الولاء السياسي قد يفوق نزاهة الصحافة قريباً.
واعتادت لجنة حماية الصحافيين على إدانة الهجمات على وسائل الإعلام في أماكن تعتبر أنظمة الحكم فيها مستبدة، ولهذا أصدرت، في أبريل الماضي، تقريراً بعنوان: «أجراس إنذار: الأيام الـ100 الأولى لترامب تزيد من المخاوف على الصحافة والديمقراطية».
لكن لماذا يتسم هذا الأمر بالأهمية؟ لم يعتمد نجاح الديمقراطية الأميركية على الوحدة، أو على المدنية والتحضر، وإنما اعتمد على التدقيق، وهو نظام يجري فيه تحدي السلطة، ولا يتم التملق لها.
ودائماً يُعدّ التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة الذي يحمي حرية التعبير، هو المعيار الذهبي لإنشاء مؤسسات الصحافة الحرة وحرية التعبير، ويمكن أن ينجح ذلك عندما تكون الصحافة محمية، ليس بصورة نظرية وإنما بالفعل.
ومن اللافت للنظر، أن اللغة التي كانت تستخدمها الأنظمة المستبدة والدول الفاشلة بدأت تظهر الآن في تقييمات الولايات المتحدة، ووضعت منظمة «سيفيكوس»، التي ترصد الديمقراطيات المتدهورة حول العالم، الولايات المتحدة أخيراً على قائمة مراقبتها، إلى جانب جمهورية الكونغو الديمقراطية وإيطاليا وصربيا وباكستان.
ولا تعد الاعتداءات على الصحافيين في لوس أنجلوس مثيرة للقلق بالنسبة لهم فقط، وإنما لنا أيضاً، ويتعلق ذلك بالمدنية، وهي الإطار الذي يصنع مساحة للخلافات من دون الانحدار نحو القتال والفوضى، ولا تُعدّ حرية الصحافة ترفاً زائداً في زمن السلام، وإنما هي مطلب ضروري للسلام.
عن «كونفرزيشن» و «سي بي إس نيوز»
• الهجمات الآن على الصحافة لم تعد مقتصرة على مناطق الحرب أو الأنظمة الاستبدادية، وإنما تحدث في المدن الأميركية أيضاً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ 19 دقائق
- البوابة
آكسيوس نقلا عن مسئولين: ترامب يستبعد اغتيال إسرائيل لخامنئي
قال مسئولون أمريكيون لموقع (آكسيوس) الأمريكي إنه كان لدى إسرائيل فرصة عملية لاغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي، لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوضح أنه ضد هذه الخطوة. وأكد مسئول أمريكي للموقع "أبلغنا الإسرائيليين أن الرئيس ترامب يعارض ذلك.. الإيرانيون لم يقتلوا أمريكيا، ولا ينبغي أن يكون قتل الزعماء السياسيين مطروحا على الطاولة". وقال مسئولون في البيت الأبيض إن ترامب لا يزال يحاول أن يمنع تصعيد الحرب وأن تستأنف المحادثات مع إيران بشأن التوصل لاتفاق نووي. وذكر (آكسيوس) أن إدارة ترامب نأت بنفسها حتى الآن عن العملية الإسرائيلية، وقالت "إنه سيكون من غير المشروع لإيران أن ترد بضرب أهداف أمريكية".


سكاي نيوز عربية
منذ 34 دقائق
- سكاي نيوز عربية
نتنياهو يلمّح لتغيير النظام في إيران
أبوظبي - سكاي نيوز عربية قالت صحيفة "إسرائيل هيوم"، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نقل بعد محادثته الهاتفية مع نظيره الأميركي دونالد ترامب تحذيرا إلى المرشد الإيراني علي خامنئي.


سكاي نيوز عربية
منذ 35 دقائق
- سكاي نيوز عربية
5 جبهات للتصعيد بين إيران وإسرائيل وسط حديث عن تهدئة
قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، الدكتور حسين رويوران، في مقابلة مع "سكاي نيوز عربية"، إن إيران لم تكن تسعى للحرب، لكنها فُرضت عليها من قبل إسرائيل ، مشيراً إلى أن طهران كانت تسلك طريق الحوار قبل أن تتعرض لهجوم مباشر. وأقر رويوران بأن هناك كلفة بشرية ومادية نتيجة الهجمات، لكنه شدد على أن إيران لن تتوقف عن الدفاع عن نفسها، واصفاً الموقف الأميركي بأنه يقوم على "أضغاث أحلام" لن تتحقق، على حد تعبيره. تصريحات ترامب وتلميحات إلى وساطة في المقابل، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تصريح مفاجئ إن "سلاماً قريباً" بين إسرائيل وإيران ممكن، مشيراً إلى وجود اتصالات ومشاورات نشطة تهدف إلى استعادة التهدئة. وأضاف في منشور عبر منصة "تروث سوشيال" أن على الطرفين التوصل إلى اتفاق يضمن الاستقرار. ورفض رويوران هذا الطرح، مؤكداً أن إيران لا تعترف بإسرائيل، ولن تدخل في مفاوضات مباشرة معها. وأضاف: "الاعتراف بإسرائيل هو اعتراف بنظام استيطاني عنصري، وهذا أمر غير وارد بالنسبة لإيران". ميدانياً ، أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بارتفاع عدد القتلى إثر الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير على تل أبيب وحيفا إلى ثمانية إلى جانب اثنين وتسعين جريحا بالإضافة إلى أربعة مفقودين حتى الآن في في هجمة هي الأوسع، إذ غطت التحذيرات جميع المناطق الإسرائيلية من الجليل شمالا وصولا إلى إيلات جنوبا. وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن هناك إصابات خطيرة وربما قتلى نتيجة انهيار مباني في تل أبيب نتيجة إصابتها بصواريخ إيرانية، فيما قال الحرس الثوري الإيراني إن الهجمة الأخيرة أربكت الدفاعات الإسرائيلية بعد استخدامه لأسلوب جديد. وبذلك يرتفع عدد القتلى الإسرائيليين منذ بداية الهجمات الإيرانية إلى 22 إسرائيليا. من عمان، قال الوزير والدبلوماسي الأردني السابق مهند مبيضين لـ"سكاي نيوز عربية" إن الأردن لن يكون ساحة لحرب إقليمية، ولن يسمح باستخدام مجاله الجوي أو أراضيه لأي نشاط عسكري، مشيراً إلى أن سقوط شظايا ومسيرات على أراضٍ أردنية يُعد انتهاكاً غير مقبول. وأضاف مبيضين أن إيران لطالما سعت للتوسع عبر وكلائها في المنطقة، مشيراً إلى أن الأردن يرفض أن يُزج في أي صراع خارج حدوده. هل تقود إيران جولة تفاوض جديدة؟ وحول فرص العودة إلى المفاوضات النووية، قال مبيضين إن الوضع الحالي يعقد أي إمكانية جدية لاستئناف الحوار بين واشنطن وطهران، مضيفاً أن الضربات الإسرائيلية أفقدت إيران أدواتها التفاوضية، خاصة بعد تراجع دور أذرعها في المنطقة. وأكد أن الواقع الميداني يظهر تفوقا جويا إسرائيليا واضحا، مقابل ضربات إيرانية من مسافات بعيدة لم تحقق أثرا كبيرا، مشدداً على أن الجغرافيا لا تخدم إيران في هذه المواجهة. صواريخ لم تُستخدم بعد.. ومخاوف من اتساع الحرب في حين أشار رويوران ومبيضين إلى أن إيران لم تستخدم بعد قدراتها الصاروخية الأبعد مدى أو الأكثر تدميراً، حذر مراقبون من أن أي تصعيد جديد قد يدفع المنطقة نحو مواجهات أوسع يصعب احتواؤها. وفي الختام، أكد الدكتور حسين رويوران أن إيران "لم تُظهر بعد كل أوراقها"، مشيراً إلى وجود أنواع متقدمة من الصواريخ لم تُستخدم حتى الآن، قد تغير مسار المواجهة إذا استمر العدوان الإسرائيلي. بينما أشار الدكتور مهند المبيضين إلى أن إسرائيل تستخدم الحرب الحالية لتعزيز وحدتها الداخلية، وفرض وقائع سياسية وعسكرية جديدة في الإقليم. في المقابل، يرى مراقبون أن أي تهدئة محتملة تتطلب توافقاً دولياً حقيقياً، وإعادة بناء الثقة بين الأطراف المعنية، في وقت يبدو فيه أن كل طرف يراهن على نفاد صبر الآخر.