logo
بينالي "أمار" يستعيد "الأغاني الساخرة" في العالم العربي

بينالي "أمار" يستعيد "الأغاني الساخرة" في العالم العربي

Independent عربيةمنذ 3 أيام

معروف أن البينالي يختار في كل دورة، موضوعاً محدداً من الأرشيف الموسيقي العربي من أجل دراسته المعمقة، عبر أنشطة ووسائط عدة بالتعاون مع مجموعة من المتخصصين من مجالات علمية ومهنية مختلفة. وتهدف هذه الأنشطة إلى دراسة الإرث الثقافي في مختلف المناطق العربية وإلى فهم أفضل لخصوصيته ولأطره التاريخية والاجتماعية والسياسية. ويشكل رصيد هذه الأعمال وثائق تاريخية في معرفة التحولات المجتمعية، وهو بالتالي أحد مكونات الذاكرة الجماعية التي يجب حفظها ونشرها في وجه المحاولات الممنهجة لمحوها.
تنوعت أعمال هذه الدورة من إقامة فنية إلى إطلاق إصدارٍ سمعي وبحثي جديد، إضافة إلى ندوات وعروض أفلام وثائقية مختصة وسلسلة من الفيديوهات المنتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي. وتختتم الأنشطة بحفلة من الأغاني الساخرة يقدمها المشاركون في الإقامة الفنية. شارك في الأنشطة 10 باحثين ومخرجين إضافة إلى سبعة موسيقيين. وقد أقيمت الدورة الأولى من البينالي بدعم من الحكومة النرويجية والصندوق العربي للثقافة والفنون "آفاق"، وقدمت الندوات في متحف سرسق.
أعمال البينالي
تكون برنامج البينالي من خمسة أنواع من الأنشطة، هي: إطلاق إصدار موسيقي، وندوات، وعروض أفلام، وعروض سلسلة فيديوهات قصيرة منتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي إضافة إلى الإقامة الفنية والحفلة الختامية. في ما يلي نبذة عنهم: أطلقت مؤسسة "أمار" إصدارها الجديد بعنوان "الأغاني الساخرة: أصوات معارضة من بلاد الشام 1920-1950"
يستعرض هذا الإصدار مجموعة من الأغاني الساخرة والنقدية التي ظهرت في بلاد الشام خلال فترة الانتدابين الفرنسي والبريطاني، وهي مرحلة شهدت تحولات سياسية واجتماعية عميقة. من خلال تسجيلات أرشيفية نادرة، يكشف هذا العمل عن كيفية تجاوز هذه الأغاني الحدود الاستعمارية لتعبّر بأسلوب يجمع بين الفكاهة والنقد الحاد عن قضايا الهوية والمقاومة والحياة اليومية. تشكل هذه التسجيلات اليوم وثائق تاريخية مهمة في معرفة تحديات تلك الحقبة، ولعل دراستها ونشرها ضرورة للحفاظ على هذا التراث ومنعه من الزوال واعتبارها مكوناً من الذاكرة الجماعية للمنطقة، خصوصاً في وجه محاولات الإبادة والمحو الممنهجين لتاريخها وهويتها. يشمل الكتيب ثلاث دراسات باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية إضافة إلى 78 تسجيلاً سمعياً من الأغنيات الساخرة.
ندوات بحثية
شهد البينالي ندوات دراسية شارك فيها متخصصون في علوم الاجتماع والتاريخ واللسانيات وعلم موسيقى الشعوب حول تأثير الأغنية الساخرة وتطورها في القرن الـ20 في المنطقة العربية. ويشمل ذلك إطلاق إصدار مؤسسة "أمار" الجديد بعنوان "الأغاني الساخرة: أصوات معارضة من بلاد الشام 1920-1950" إضافة إلى أربع حلقات نقاشية تركز على الأغنية الساخرة في مصر وفلسطين والجزائر واليمن، إلى جانب حلقة ختامية تقدم خلاصات واقتراحات عما تمت مناقشته خلال البينالي، يدير هذا النشاط أكرم الريس.
عروض أفلام
وتفرد البينالي بتخصيص حيز لعروض أفلام تتناول الشأن الموسيقي. قد تكون في بعض الأحيان روائية، وثائقية أو تسجيلية، وفي أحيان أخرى حفلات موسيقية مصورة. وتتم معالجة هذه الأفلام ليس بالضرورة من الجانب السينمائي البحت، إنما من جانب التحليل الإتنوموسيقي. في هذه الدورة تم التركيز على أفلام تطرقت لدور الأغنية الساخرة في مواجهة التحديات الاجتماعية والسياسية في المنطقة العربية. يرافق هذه العروض، نقاد باحثون أو مخرجون من مختلف أنحاء المنطقة العربية لتقديم آرائهم حول الموضوع والحوار مع الحضور.
واحتفل البينالي بالفنان اللبناني عمر الزعني في تظاهرة بعنوان "رجع عا بيروت" وقدم سلسلة فواصل فيديو قصيرة منتجة باستخدام الذكاء الاصطناعي.
استطاعت التسجيلات السمعية القديمة للفنان عمر الزعني أن تنجو وتعبر من القرن الماضي إلى يومنا هذا، ولكن لم تتوفر مقاطع فيديو توثق نشاطه الفني ويومياته، ونظراً إلى قدرة أعماله على محاكاة التحديات الاجتماعية والسياسية للزمن الحاضر ومن ثم مخاطبة الجيل الجديد، استعانت المؤسسة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مستندة إلى بعض الصور من هنا ومن هناك، وإلى بعض الأبحاث والحكايات التي تدور حوله وحول أغانيه، لإعادة إحياء تراث هذا الفنان الساخر الملتزم بقضايا الشعب.
حفلة موسيقية
قدم الفنانون المقيمون في البينالي، حفلة موسيقية استناداً إلى الأغاني الساخرة في أرشيف مؤسسة "أمار"، بما في ذلك أعمال أقل شهرة لعمر الزعني والشيخ إمام وسيد درويش وسلامة الأغواني وموسيقى "الشعبي" الجزائرية وآخرين. وبدت الحفلة نتيجة لإقامة فنية على مدار أسبوع، في مقر مؤسسة "أمار" في قرية قرنة الحمراء، وشارك فيها سبعة فنانين من لبنان والدول العربية، قاموا بتبادل المعلومات والخبرات والتجارب الموسيقية والبحث في أرشيف "أمار" عن الأغاني الساخرة ودراسة المخزون الموسيقي. من خلال هذا المسار التعاوني، أضاء الموسيقيون على أعمال أقل شهرة لعمر الزعني والشيخ إمام وسيد درويش وسلامة الأغواني ولور دكاش وسهام رفقي وغيرهم من الأعلام.
جرى الافتتاح الرسمي للبينالي في متحف سرسق – بيروت، بحضور حوالى 100 شخص من فنانين وباحثين ومهتمين. استهلت المؤسسة الحدث بكلمة ترحيبية من مديرة المشروع هبة الحاج فيلدر، أعقبتها كلمة من السفيرة النرويجية، ثم مداخلة ممثلة "آفاق". بعدها، تم تقديم عرض بصري متقن صُمم باستخدام الذكاء الاصطناعي، تناول أرشيف الفنان عمر الزعني، أحد رموز الأغنية الساخرة في لبنان. ثم أقيمت ندوة نقاشية ضمت الدكتورة ديانا عباني، الدكتور نادر سراج، والأب الدكتور بديع الحاج، تم خلالها استعراض نماذج الغنائية الساخرة من بلاد الشام بين عامي 1920 و1950، إضافة إلى خصائصها اللغوية والموسيقية مرفقة بعرض سمعي. ركز المتحدثون على أن هذا النوع من الأغاني هو شكل من أشكال المقاومة الثقافية و"كاريكاتير سمعي" يتجاوز الحدود الاستعمارية، ويعكس فضاء ثقافياً مشتركاً.
بلاد الشام ومصر والجزائر
قامت مؤسسة "أمار" بإطلاق إصدارها السمعي-البحثي الجديد حول "الأغنية الساخرة" في بلاد الشام بين 1920 و1950، ويتألف من كتيب يتناول جانباً نادراً من التراث الغنائي الساخر في بلاد الشام خلال فترة الانتدابين الفرنسي والبريطاني. ويضم الإصدار مجموعة مختارة من 78 أغنية نادرة عكست ردود فعل الناس على القضايا الاجتماعية والسياسية في تلك الحقبة، حيث تلتقي الروح الشعبية بالتوثيق التاريخي.أما ندوة "الأغنية الساخرة المصرية"، فجمعت بين البحث الأكاديمي والعرض الموسيقي التفاعلي. افتتحت الندوة بعرض مسجل قدمه الباحث الفرنسي فريدريك لاغرانج، المتخصص في الموسيقى المصرية في عصر النهضة، حيث أضاء من خلاله على تطور الأغنية الساخرة في مصر من منتصف القرن الـ19 حتى الثلاثينيات من القرن الـ20، وسياقاتها الاجتماعية والثقافية. أعقبه عرض تحليلي موسيقي قدمه طارق عبدالله، الباحث المصري المتخصص في آلة العود، تناول فيه مفهوم "التطريز الغنائي" وأنواع الفكاهة في الأغنية الساخرة منذ الأربعينيات حتى ميدان التحرير، مستخدماً أداء مباشراً على آلة العود لتوضيح المفاهيم بصورة غير تقليدية ولافتة.وشملت الندوة عرضاً لأعمال ساخرة لإسماعيل ياسين، الشيخ إمام، محمود عبدالعزيز وعلي الحجار، إلى جانب عرض فيلم وثائقي بعنوان الشيخ المغني لهيني سرور حول حياة الشيخ إمام ودوره في ترسيخ الأغنية الساخرة كأداة فنية مقاومة، وذلك بالتعاون مع نادي لكل الناس.
وفي الندوة المخصصة للأغنية الفلسطينية، أبرز البرنامج تداخل الفن مع قضايا النضال، لا سيما في السياق الفلسطيني. وبينما تعذر حضور الباحث حازم جمجوم نتيجة ظرف طارئ، قامت منسقة البرنامج، هبة الحاج فلدر، بإلقاء محاضرتها نيابة عنه. كانت الكلمة تلخيصاً لندوة كان من المزمع أن يقدمها جمجوم بعنوان "فلسطين: قرن من الموسيقى والنضال"، التي كانت ستستعرض تحولات الأغنية الفلسطينية الساخرة والاحتجاجية في سياقاتها السياسية والتاريخية المختلفة.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقدم البينالي ندوة بعنوان "الأغنية الساخرة في الجزائر – تاريخ وواقع". قدم الندوة الفنان والباحث في التراث الشعبي عبدالقادر بن دعماش، وحاوره الباحث الفرنسي جان لامبير، بدأت الندوة بعرض لتاريخ الثقافي وتنوعها عبر المناطق المختلفة في الجزائر، تخللها حديث عن تنوع الأنماط الموسيقية، من التراث الأندلسي، والموسيقى التقليدية الكلاسيكية، والموسيقى الفلكلورية البدوية، وصولاً إلى الأشواق (الموال) وغيرها من الأنماط التي تعكس غنى المشهد الثقافي الجزائري، مع التأكيد أن الأغنية الساخرة في الجزائر لم تكن مجرد شكل فني، بل أداة نضالية في مواجهة الاستعمار وتثبيت الهوية الوطنية. وتناول المحاضر تطور هذا الفن منذ بدايات القرن الماضي، حيث لعبت الأغنية الساخرة دوراً فاعلاً في معالجة كثير من القضايا والمواضيع، مثل أزمة الإفقار، الأزمات الاقتصادية، الواقع الاجتماعي، النضال ضد المستعمر، الظروف السياسية، وانتقاد السلطات، إضافة إلى دورها في إيقاظ الوعي والروح الوطنية. وقد تخلل الندوة عرض لنماذج سمعية مختارة من الأغاني الشعبية الساخرة التي شكّلت علامات بارزة في هذا السياق.
اختتمت سلسلة الندوات الخاصة بـ"الأغاني الساخرة" ندوة عن اليمن. وقدم الباحث في علوم موسيقى الشعوب جان لامبير مداخلة تمحورت حول تجميع أولي ونادر لأرشيف الأغاني الساخرة الأقل شهرة في اليمن، بالتحديد تلك التي تناولت مواضيع سياسية واجتماعية، وظهرت في وقت مبكر مع بدايات التسجيلات الصوتية الأولى في عدن. حاوره أكرم الريس، العضو المؤسس في الهيئة الإدارية لـ"أمار".
جاءت الجلسة تحت عنوان "من مقبرة الأناضول إلى حصاد الوطن"، في إشارة إلى المراحل التاريخية التي مر بها اليمن من المعارك ضد الإمبراطورية العثمانية إلى نهايات الاستعمار البريطاني. وهذا عبر عرض بصري مدعوم بأمثلة سمعية، سلطت الندوة الضوء على التأثير المباشر للمعارك والتحولات السياسية في الفن والموسيقى. كما أبرزت كيف تحول الغناء إلى وسيلة رمزية للتعبير عن الانتماء القومي، خصوصاً مع تصاعد الحركة القومية في خمسينيات القرن الماضي. وأكدت الندوة أهمية دراسة الأغاني الساخرة في عدن، ودورها بوصفها مرآة للذاكرة الجماعية للنضال السياسي والاجتماعي، مشيرة إلى ندرة الأبحاث في هذا الحقل وضرورة توثيقه أكاديمياً.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بينالي "أمار" يستعيد "الأغاني الساخرة" في العالم العربي
بينالي "أمار" يستعيد "الأغاني الساخرة" في العالم العربي

Independent عربية

timeمنذ 3 أيام

  • Independent عربية

بينالي "أمار" يستعيد "الأغاني الساخرة" في العالم العربي

معروف أن البينالي يختار في كل دورة، موضوعاً محدداً من الأرشيف الموسيقي العربي من أجل دراسته المعمقة، عبر أنشطة ووسائط عدة بالتعاون مع مجموعة من المتخصصين من مجالات علمية ومهنية مختلفة. وتهدف هذه الأنشطة إلى دراسة الإرث الثقافي في مختلف المناطق العربية وإلى فهم أفضل لخصوصيته ولأطره التاريخية والاجتماعية والسياسية. ويشكل رصيد هذه الأعمال وثائق تاريخية في معرفة التحولات المجتمعية، وهو بالتالي أحد مكونات الذاكرة الجماعية التي يجب حفظها ونشرها في وجه المحاولات الممنهجة لمحوها. تنوعت أعمال هذه الدورة من إقامة فنية إلى إطلاق إصدارٍ سمعي وبحثي جديد، إضافة إلى ندوات وعروض أفلام وثائقية مختصة وسلسلة من الفيديوهات المنتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي. وتختتم الأنشطة بحفلة من الأغاني الساخرة يقدمها المشاركون في الإقامة الفنية. شارك في الأنشطة 10 باحثين ومخرجين إضافة إلى سبعة موسيقيين. وقد أقيمت الدورة الأولى من البينالي بدعم من الحكومة النرويجية والصندوق العربي للثقافة والفنون "آفاق"، وقدمت الندوات في متحف سرسق. أعمال البينالي تكون برنامج البينالي من خمسة أنواع من الأنشطة، هي: إطلاق إصدار موسيقي، وندوات، وعروض أفلام، وعروض سلسلة فيديوهات قصيرة منتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي إضافة إلى الإقامة الفنية والحفلة الختامية. في ما يلي نبذة عنهم: أطلقت مؤسسة "أمار" إصدارها الجديد بعنوان "الأغاني الساخرة: أصوات معارضة من بلاد الشام 1920-1950" يستعرض هذا الإصدار مجموعة من الأغاني الساخرة والنقدية التي ظهرت في بلاد الشام خلال فترة الانتدابين الفرنسي والبريطاني، وهي مرحلة شهدت تحولات سياسية واجتماعية عميقة. من خلال تسجيلات أرشيفية نادرة، يكشف هذا العمل عن كيفية تجاوز هذه الأغاني الحدود الاستعمارية لتعبّر بأسلوب يجمع بين الفكاهة والنقد الحاد عن قضايا الهوية والمقاومة والحياة اليومية. تشكل هذه التسجيلات اليوم وثائق تاريخية مهمة في معرفة تحديات تلك الحقبة، ولعل دراستها ونشرها ضرورة للحفاظ على هذا التراث ومنعه من الزوال واعتبارها مكوناً من الذاكرة الجماعية للمنطقة، خصوصاً في وجه محاولات الإبادة والمحو الممنهجين لتاريخها وهويتها. يشمل الكتيب ثلاث دراسات باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية إضافة إلى 78 تسجيلاً سمعياً من الأغنيات الساخرة. ندوات بحثية شهد البينالي ندوات دراسية شارك فيها متخصصون في علوم الاجتماع والتاريخ واللسانيات وعلم موسيقى الشعوب حول تأثير الأغنية الساخرة وتطورها في القرن الـ20 في المنطقة العربية. ويشمل ذلك إطلاق إصدار مؤسسة "أمار" الجديد بعنوان "الأغاني الساخرة: أصوات معارضة من بلاد الشام 1920-1950" إضافة إلى أربع حلقات نقاشية تركز على الأغنية الساخرة في مصر وفلسطين والجزائر واليمن، إلى جانب حلقة ختامية تقدم خلاصات واقتراحات عما تمت مناقشته خلال البينالي، يدير هذا النشاط أكرم الريس. عروض أفلام وتفرد البينالي بتخصيص حيز لعروض أفلام تتناول الشأن الموسيقي. قد تكون في بعض الأحيان روائية، وثائقية أو تسجيلية، وفي أحيان أخرى حفلات موسيقية مصورة. وتتم معالجة هذه الأفلام ليس بالضرورة من الجانب السينمائي البحت، إنما من جانب التحليل الإتنوموسيقي. في هذه الدورة تم التركيز على أفلام تطرقت لدور الأغنية الساخرة في مواجهة التحديات الاجتماعية والسياسية في المنطقة العربية. يرافق هذه العروض، نقاد باحثون أو مخرجون من مختلف أنحاء المنطقة العربية لتقديم آرائهم حول الموضوع والحوار مع الحضور. واحتفل البينالي بالفنان اللبناني عمر الزعني في تظاهرة بعنوان "رجع عا بيروت" وقدم سلسلة فواصل فيديو قصيرة منتجة باستخدام الذكاء الاصطناعي. استطاعت التسجيلات السمعية القديمة للفنان عمر الزعني أن تنجو وتعبر من القرن الماضي إلى يومنا هذا، ولكن لم تتوفر مقاطع فيديو توثق نشاطه الفني ويومياته، ونظراً إلى قدرة أعماله على محاكاة التحديات الاجتماعية والسياسية للزمن الحاضر ومن ثم مخاطبة الجيل الجديد، استعانت المؤسسة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مستندة إلى بعض الصور من هنا ومن هناك، وإلى بعض الأبحاث والحكايات التي تدور حوله وحول أغانيه، لإعادة إحياء تراث هذا الفنان الساخر الملتزم بقضايا الشعب. حفلة موسيقية قدم الفنانون المقيمون في البينالي، حفلة موسيقية استناداً إلى الأغاني الساخرة في أرشيف مؤسسة "أمار"، بما في ذلك أعمال أقل شهرة لعمر الزعني والشيخ إمام وسيد درويش وسلامة الأغواني وموسيقى "الشعبي" الجزائرية وآخرين. وبدت الحفلة نتيجة لإقامة فنية على مدار أسبوع، في مقر مؤسسة "أمار" في قرية قرنة الحمراء، وشارك فيها سبعة فنانين من لبنان والدول العربية، قاموا بتبادل المعلومات والخبرات والتجارب الموسيقية والبحث في أرشيف "أمار" عن الأغاني الساخرة ودراسة المخزون الموسيقي. من خلال هذا المسار التعاوني، أضاء الموسيقيون على أعمال أقل شهرة لعمر الزعني والشيخ إمام وسيد درويش وسلامة الأغواني ولور دكاش وسهام رفقي وغيرهم من الأعلام. جرى الافتتاح الرسمي للبينالي في متحف سرسق – بيروت، بحضور حوالى 100 شخص من فنانين وباحثين ومهتمين. استهلت المؤسسة الحدث بكلمة ترحيبية من مديرة المشروع هبة الحاج فيلدر، أعقبتها كلمة من السفيرة النرويجية، ثم مداخلة ممثلة "آفاق". بعدها، تم تقديم عرض بصري متقن صُمم باستخدام الذكاء الاصطناعي، تناول أرشيف الفنان عمر الزعني، أحد رموز الأغنية الساخرة في لبنان. ثم أقيمت ندوة نقاشية ضمت الدكتورة ديانا عباني، الدكتور نادر سراج، والأب الدكتور بديع الحاج، تم خلالها استعراض نماذج الغنائية الساخرة من بلاد الشام بين عامي 1920 و1950، إضافة إلى خصائصها اللغوية والموسيقية مرفقة بعرض سمعي. ركز المتحدثون على أن هذا النوع من الأغاني هو شكل من أشكال المقاومة الثقافية و"كاريكاتير سمعي" يتجاوز الحدود الاستعمارية، ويعكس فضاء ثقافياً مشتركاً. بلاد الشام ومصر والجزائر قامت مؤسسة "أمار" بإطلاق إصدارها السمعي-البحثي الجديد حول "الأغنية الساخرة" في بلاد الشام بين 1920 و1950، ويتألف من كتيب يتناول جانباً نادراً من التراث الغنائي الساخر في بلاد الشام خلال فترة الانتدابين الفرنسي والبريطاني. ويضم الإصدار مجموعة مختارة من 78 أغنية نادرة عكست ردود فعل الناس على القضايا الاجتماعية والسياسية في تلك الحقبة، حيث تلتقي الروح الشعبية بالتوثيق التاريخي.أما ندوة "الأغنية الساخرة المصرية"، فجمعت بين البحث الأكاديمي والعرض الموسيقي التفاعلي. افتتحت الندوة بعرض مسجل قدمه الباحث الفرنسي فريدريك لاغرانج، المتخصص في الموسيقى المصرية في عصر النهضة، حيث أضاء من خلاله على تطور الأغنية الساخرة في مصر من منتصف القرن الـ19 حتى الثلاثينيات من القرن الـ20، وسياقاتها الاجتماعية والثقافية. أعقبه عرض تحليلي موسيقي قدمه طارق عبدالله، الباحث المصري المتخصص في آلة العود، تناول فيه مفهوم "التطريز الغنائي" وأنواع الفكاهة في الأغنية الساخرة منذ الأربعينيات حتى ميدان التحرير، مستخدماً أداء مباشراً على آلة العود لتوضيح المفاهيم بصورة غير تقليدية ولافتة.وشملت الندوة عرضاً لأعمال ساخرة لإسماعيل ياسين، الشيخ إمام، محمود عبدالعزيز وعلي الحجار، إلى جانب عرض فيلم وثائقي بعنوان الشيخ المغني لهيني سرور حول حياة الشيخ إمام ودوره في ترسيخ الأغنية الساخرة كأداة فنية مقاومة، وذلك بالتعاون مع نادي لكل الناس. وفي الندوة المخصصة للأغنية الفلسطينية، أبرز البرنامج تداخل الفن مع قضايا النضال، لا سيما في السياق الفلسطيني. وبينما تعذر حضور الباحث حازم جمجوم نتيجة ظرف طارئ، قامت منسقة البرنامج، هبة الحاج فلدر، بإلقاء محاضرتها نيابة عنه. كانت الكلمة تلخيصاً لندوة كان من المزمع أن يقدمها جمجوم بعنوان "فلسطين: قرن من الموسيقى والنضال"، التي كانت ستستعرض تحولات الأغنية الفلسطينية الساخرة والاحتجاجية في سياقاتها السياسية والتاريخية المختلفة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقدم البينالي ندوة بعنوان "الأغنية الساخرة في الجزائر – تاريخ وواقع". قدم الندوة الفنان والباحث في التراث الشعبي عبدالقادر بن دعماش، وحاوره الباحث الفرنسي جان لامبير، بدأت الندوة بعرض لتاريخ الثقافي وتنوعها عبر المناطق المختلفة في الجزائر، تخللها حديث عن تنوع الأنماط الموسيقية، من التراث الأندلسي، والموسيقى التقليدية الكلاسيكية، والموسيقى الفلكلورية البدوية، وصولاً إلى الأشواق (الموال) وغيرها من الأنماط التي تعكس غنى المشهد الثقافي الجزائري، مع التأكيد أن الأغنية الساخرة في الجزائر لم تكن مجرد شكل فني، بل أداة نضالية في مواجهة الاستعمار وتثبيت الهوية الوطنية. وتناول المحاضر تطور هذا الفن منذ بدايات القرن الماضي، حيث لعبت الأغنية الساخرة دوراً فاعلاً في معالجة كثير من القضايا والمواضيع، مثل أزمة الإفقار، الأزمات الاقتصادية، الواقع الاجتماعي، النضال ضد المستعمر، الظروف السياسية، وانتقاد السلطات، إضافة إلى دورها في إيقاظ الوعي والروح الوطنية. وقد تخلل الندوة عرض لنماذج سمعية مختارة من الأغاني الشعبية الساخرة التي شكّلت علامات بارزة في هذا السياق. اختتمت سلسلة الندوات الخاصة بـ"الأغاني الساخرة" ندوة عن اليمن. وقدم الباحث في علوم موسيقى الشعوب جان لامبير مداخلة تمحورت حول تجميع أولي ونادر لأرشيف الأغاني الساخرة الأقل شهرة في اليمن، بالتحديد تلك التي تناولت مواضيع سياسية واجتماعية، وظهرت في وقت مبكر مع بدايات التسجيلات الصوتية الأولى في عدن. حاوره أكرم الريس، العضو المؤسس في الهيئة الإدارية لـ"أمار". جاءت الجلسة تحت عنوان "من مقبرة الأناضول إلى حصاد الوطن"، في إشارة إلى المراحل التاريخية التي مر بها اليمن من المعارك ضد الإمبراطورية العثمانية إلى نهايات الاستعمار البريطاني. وهذا عبر عرض بصري مدعوم بأمثلة سمعية، سلطت الندوة الضوء على التأثير المباشر للمعارك والتحولات السياسية في الفن والموسيقى. كما أبرزت كيف تحول الغناء إلى وسيلة رمزية للتعبير عن الانتماء القومي، خصوصاً مع تصاعد الحركة القومية في خمسينيات القرن الماضي. وأكدت الندوة أهمية دراسة الأغاني الساخرة في عدن، ودورها بوصفها مرآة للذاكرة الجماعية للنضال السياسي والاجتماعي، مشيرة إلى ندرة الأبحاث في هذا الحقل وضرورة توثيقه أكاديمياً.

بينالي: رحلة عبر الزمن والإبداع
بينالي: رحلة عبر الزمن والإبداع

الحدث

timeمنذ 6 أيام

  • الحدث

بينالي: رحلة عبر الزمن والإبداع

بقلم ـ خليل إبراهيم القريبي في شمال شرق مدينة جدة النابضة بالحياة، وعلى امتداد عبق التاريخ الذي تحتضنه، استضافت عروس البحر الأحمر معرض ومتحف بينالي للفنون الإسلامية ٢٠٢٥، مُحوِّلاً إياها إلى محطة إشعاع ثقافي عالمي. كانت زيارتي لهذا الحدث الفني الاستثنائي بمثابة رحلة بصرية وروحية عميقة، حيث تلاقت عراقة الماضي الإسلامي الزاهر بإبداعات الحاضر المتجددة، منذ اللحظة التي وطأت فيها قدماي أرض المعرض، استقبلتني أجواء روحانية هادئة، عزَّزتها التصاميم المعمارية الأنيقة التي استلهمت روح الفن الإسلامي الأصيل مع لمسة عصرية جذابة. كان التنظيم الاحترافي للمعرض الذي استقطب مشاركات واسعة من مؤسسات دولية مرموقة وفنانين من شتى بقاع الأرض، دلالة واضحة على الأهمية الكبيرة التي يحظى بها هذا الحدث في المشهد الثقافي المحلي والعالمي. أثار إعجابي التنوُّع الغني في الأعمال الفنية المعروضة، التي شملت مختلف تجليات الإبداع الإسلامي عبر العصور، فتجلَّى جمال الخط العربي في لوحات آسرة تحمل بين طياتها آيات الذكر الحكيم وأبيات الشعر الرصين، بينما أسرتني دقة الزخارف الهندسية التي عكست براعة الفنان المسلم في التجريد والتنظيم، ولم تغب فنون الحرف اليدوية الأصيلة، التي تحمل عبق التاريخ وحكايات الأجيال، لتضفي على المعرض لمسة من الأصالة والتراث العريق. إلى جانب هذه الروائع التاريخية، كان الحضور اللافت للفنانين المعاصرين الذين استلهموا من التراث الإسلامي لتقديم رؤى فنية مبتكرة ومعاصرة، من أبرز ملامح البينالي. تَجسَّد هذا الإبداع في المعروضات الفنية الجديدة التي قدمها فنانون من مختلف أنحاء العالم، مستخدمين وسائط فنية متنوعة للتعبير عن مفاهيمهم وأفكارهم المستوحاة من جوهر الثقافة الإسلامية. وقد وُحِّدت هذه الأعمال تحت مظلة عنوان البينالي العميق (وَمَا بَيْنَهُمَا)، المُستوحَى من الآية الكريمة ( وَمَا خَلَقْنَا السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاّ بِالْحَقّ ) التي تصف عظمة خلق الله تعالى، ليُضفي على المعرض بُعداً تأمّلياً وروحياً يدعونا للتفكر في العلاقة بين الخالق والمخلوق وبين الماضي والحاضر. تجلَّى هذا المفهوم بوضوح في مختلف صالات العرض والمساحات الخارجية التي ضمَّت تحفاً وأعمالاً فنية متنوعة، كل منها يحمل في طياته محاولة فريدة لفهم روعة الخلق وعظمة الخالق. ولقد أضافت القطع النادرة التي تزيَّنت بالياقوت والزمرُّد والألماس بُعداً فاخراً واستثنائياً للمعرض، ما عكس مدى الاهتمام بالتفاصيل والحرص على تقديم أجود وأندر التحف. كما لفت انتباهي بشكل خاص قسم الأدوات الحربية والمعارك التاريخية، الذي جَسَّد قوة وبراعة الصناعة الإسلامية في هذا المجال، وبلغت الروعة ذروتها في المعروضات ذات العلاقة بالحضارات المتنوعة وهدايا البلاط الملكي في قرون متعددة من الزمن، حيث تضمنت قطعاً ذات فخامة غير مسبوقة؛ تُجسد أُبَّهة تلك الحقبة وذوقها الرفيع. ومع هذا الثراء الفني والمعرفي، أعترف بأسفي بأنه لم يتسنَّ لي استكمال الجولة الكاملة في أرجاء هذا الصرح الفني الشاسع، فكل عمل فني كان يستوقفني بجماله ودقته، ويستدعي مني التأمُّل والتفكُّر مليّاً. شاركني هذه الرحلة الشيقة ابناي الروائيان، مُهنَّا و غِنَى، اللذان أبديا بدورهما انبهاراً كبيراً لما شاهداه من إبداعات فنية، وتشاركنا أطراف الحديث حول المعاني والأفكار التي أثارتها هذه الأعمال، وأدركنا ثلاثتنا أن بينالي ليس مجرد معرض فني عابر، بل هو تجربة ثقافية وفكرية تستحق التوقف والتأمل في كل زاوية من زواياه. وبذلك؛ تبادلنا الوعود بتكرار الزيارة في أقرب فرصة ممكنة لاستكمال استكشاف ما تبقى من صالات العرض، والانغماس بشكل أعمق في هذا العالم الفني الملهم، قبل انتهاء مدته المقررة في ٢٥ الجاري ٢٠٢٥م. بينالي الفنون الإسلامية ليس مجرد معرض فني، بل هو منصة ثقافية مهمة تعزز تقديرنا للإرث الفني الإسلامي العظيم، وتؤكد على قدرته على التجدد والتأثير في مختلف العصور.

المعمارية ماجدة الهنائي: جناح سلطنة عمان في بينالي البندقية 2025 يعرض السبلة بلغة فنية معاصرة
المعمارية ماجدة الهنائي: جناح سلطنة عمان في بينالي البندقية 2025 يعرض السبلة بلغة فنية معاصرة

مجلة سيدتي

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • مجلة سيدتي

المعمارية ماجدة الهنائي: جناح سلطنة عمان في بينالي البندقية 2025 يعرض السبلة بلغة فنية معاصرة

التراث المحلي مُلهم لكل المشتغلين في الفنون الجميلة؛ إذ يعدّ نهراً متدفقاً، يسمح في زمن يسيطر فيه كل من الآلة والذكاء الاصطناعي، إعادة تقديمه بصورة معاصرة تقدر الماضي، وتحتفي بالحاضر، بلغة بديعة. سبب استرجاع التراث، هو افتتاح المعرض الدولي التاسع عشر من بينالي البندقية للعمارة، اليوم (10/05/2025) أمام الجمهور، علماً أن المعرض يستمر حتى (23/ 11/ 2025)، ويحتضن أكثر من 750 مشاركاً و66 دولة، حيث هناك جيش إبداعي حقيقي يعرض أكثر من 280 مشروعاً. تشارك سلطنة عُمان للمرة الأولى في "البينالي"، الذي تأسس عام 1895، ويعدّ اليوم أحد أعرق المؤسسات الثقافية في العالم، ويتصدّر طليعة الجهود البحثية والترويجية لاتجاهات الفن المعاصر الجديدة، في قطاعات الفنون والعمارة والسينما والرقص والموسيقى والمسرح، جنباً إلى جنب مع أنشطة البحث والتدريب. في الأرسنالي، بالبندقية، يقف جناح عمان الوطني، وهو "أثر"، الذي تُشرف عليه القيّمة الفنية والمعمارية العُمانية ماجدة الهنائي. في هذا الإطار، تحاور "سيدتي" الهنائي لسؤالها عن تفاصيل التركيب الفني في الجناح. استلهام من السبلة العمانية يستلهم التركيب تصميمه من السبلة، تلك المساحة التقليدية للحوار والتجمّع في سلطنة عُمان؛ ليقدّم تصوراً معمارياً معاصراً لمساحات مدنية تجمع بين الخصوصية الثقافية والانخراط في حوارات عالمية حول التشاركية، وإعادة الاستخدام، والمسؤولية التصميمية. إشارة إلى أن التركيب الذي يدعو زائره إلى التفاعل معه، من دون أن يفرض عليه مساراً عند الزيارة أو تعليمات، قابل للتفكيك وإعادة التركيب، من دون فقدان أي من مواده، مما يتيح نقله وتركيبه الدائم في سلطنة عُمان بعد انتهاء المعرض، مع الحفاظ على حجمه ووظيفته كمساحة مدنية مستدامة. ثراء الثقافة العمانية ما أهمية مشاركة سلطنة عمان في هذا الحدث (بينالي البندقية 2025)؛ هل يقتصر الأمر على تعريف العالم بالثقافة المحلية أم يمتد إلى أبعد من ذلك؟ تعريف العالم بثراء الثقافة العمانية، هو جزء أساسي من مشاركتنا، لكن طموحنا يتجاوز ذلك بكثير. عبر "أثر"، نطمح إلى الدخول في حوار نقدي مع قضايا العمارة العالمية المعاصرة، كإعادة الاستخدام، والتشاركية، والمرونة التصميمية. الجناح ليس مجرد عرض للتراث، بل دعوة لإعادة النظر في كيفية نشوء المساحات المدنية من ممارسات محلية متجذّرة. بهذه الطريقة، نربط بين الخصوصية الثقافية لعمان والانخراط في حوارات معمارية دولية. كما تأتي هذه المشاركة متسقة مع رؤية عُمان 2040، التي تضع الابتكار والاستدامة الثقافية في صميم مستقبلنا. علاقة بالتراث نوستالجية ووظيفية ومتحركة في وقت يرجع فيه المعماريون والمصممون إلى التراث للاستلهام، حدِّثينا عن علاقتك بالتراث العماني؟ علاقتي بالتراث العُماني ليست نوستالجية حصراً، بل وظيفية ومتحركة. أرى التراث كمورد تصميمي حيّ، يمكن تفعيله بطرق تواكب احتياجات الحاضر، بدون أن يفقد جوهره. ما يشدّني في الممارسات المحلية هو ذكاؤها الطبيعي في التعامل مع البيئة والمجتمع. ويتجلى ذلك من خلال استخدام المواد إلى تصميم الفضاءات المفتوحة. من خلال "أثر"، حاولتُ ألا أستعير الرموز التراثية بشكل سطحي، بل أن أستخرج منها مناهج تصميمية تُترجم إلى عمارة معاصرة. العمارة المجتمعية على الصعيد الشخصي، تُعبّر أعمالك عن تأثر بالأشكال المألوفة في الثقافة الشعبية وإعادة تمثيلها؛ حدِّثينا أكثر عمّا تعنيه السبلة العمانية، وعن صورها في ذاكرتك؟ وكيف انعكس ذلك في عملك؟ السبلة ليست مجرد فضاء مادي، بل تجربة اجتماعية متكاملة. أذكرها كمساحة للحوار المفتوح؛ حيث تُناقش القضايا اليومية، وتُبنى القرارات الجماعية. ما يلفتني فيها هو بساطتها الوظيفية، ومرونتها في احتضان جميع أفراد المجتمع. في "أثر"، لم أستحضر السبلة كصورة نمطية، بل كمفهوم قابل للتفعيل؛ بنية مدنية تعتمد على التكيّف، والانفتاح، والضيافة، وتدعونا لإعادة التفكير في معنى "العمارة المجتمعية". تصميم الجناح إلى أي حدّ يمكن اعتبار السبلة عالماً مصغراً يعكس قيماً محددة، وكيف نقل التركيب الفني ذلك؟ تُمثّل السبلة نموذجاً مصغراً لمجتمع يقوم على الحوار، والاحترام المتبادل، وروح الجماعة. في الجناح، حاولنا نقل هذه القيم من خلال تصميم منفتح بلا مداخل مغلقة، ومسار حركة غير محدد، يسمح بالمرور، والتوقف، أو التجمع بحرية. المساحة ليست مرسومة على المستخدم، بل تُتاح له ليعيد تشكيلها وفق تجربته الخاصة. وهكذا، تتحول العمارة من شيء ثابت إلى تجربة حيّة، تشبه تماماً ديناميكية السبلة. حواس المستخدم ما أهمية أن يخرج كل من العمارة والتصميم من القوالب الجامدة أخيراً إلى جعل حواس المُستخدم تشارك في العمل؟ أؤمن أن العمارة لا ينبغي أن تكون ثابتة أو مكتفية بذاتها، بل يجب أن تنبع من العلاقة مع المستخدم. عندما تكون المساحة قابلة للتعديل والتفاعل، فإنها تتحول إلى امتداد لتجارب الناس، وليس مجرد خلفية لها. التفاعل الحسي مع المادة، و الضوء ، والصوت، وحتى حركة الجسد، يعمّق تجربة المكان، ويخلق علاقة شخصية معه. وهذا بالضبط ما سعينا له في جناح "أثر" - مساحة تتغير بتغيّر منْ يستخدمها. إعادة التدوير هل راعيتم الجانب البيئي في التركيب؟ نعم؛ كان البعد البيئي محورياً في عملية التصميم. في هذا الإطار، استخدمنا الألمنيوم الخام كمادة أساسية، لما تتمتع به من خفة وقابلية لـ إعادة التدوير. الجناح مصمم ليُفكك ويُعاد تركيبه بالكامل دون هدر في المواد، ما يسمح بإعادة استخدامه كمساحة مدنية في عُمان بعد المعرض. أضيفي إلى ذلك، الألواح مصممة بطريقة تُراعي التهوية الطبيعية والتحكم في الضوء، دون الاعتماد على أنظمة استهلاكية. شعار بينالي البندقية 2025 كيف يتفق التركيب الفني مع شعار بينالي البندقية لعام 2025: "ذكاء: طبيعي. اصطناعي. جمعي."؟ جناح "أثر" هو تجسيد حيّ لهذا الشعار؛ فالذكاء الطبيعي يتجلّى في استلهام ممارسات بناء محلية، نابعة من معرفة بيئية وجماعية عُمانية. أما الذكاء الاصطناعي، فحاضر من خلال استخدام الألمنيوم ، وعمليات القص والطيّ الدقيقة للألواح. والبعد الجمعي هو جوهر المشروع، سواء في مفهوم السبلة، أو في كيفية استخدام الجناح كمكان للقاء والتفاعل. نحن لا نقابل هذه التصنيفات، بل ننسج بينها لخلق تجربة متكاملة. الألمنيوم المنقوش ماذا عن المواد والألوان والنقوش؟ اختير كل عنصر مادي في الجناح؛ بعناية، ليحمل دلالات حسية وثقافية؛ فقد استخدمنا الألمنيوم كهيكل أساسي، وزيّناه بـ نقوش مستوحاة من مفردات عُمانية مثل نسج سعف النخيل، وزخارف الأبواب، وتفرعات نظام الفلج (نظام ري تقليدي). أما الألوان، فاستلهمناها من طين الفخار والرمال العمانية؛ لتعزيز الحضور الحسي والارتباط بالبيئة الطبيعية. كذلك، المقاعد مصنوعة من خامات منسوجة يدوياً، ما يضفي بعداً حميمياً وعضوياً على المكان. مشاركة جماعية كم فناناً ومصمماً ومعمارياً شارك في العمل؛ وما وظيفة كل منهم؟ شارك في العمل عدد من الفنانين والمصممين والمهنيين من مجالات مختلفة، شكّلوا معاً فريقاً متكاملاً، عمل على تطوير محتوى وتجربة جناح سلطنة عُمان في بينالي البندقية. ضمّ الفريق الفني والمعماري كلاً من: ويليام فيرجيل (مهندس معماري)، وعبدالله الراشدي، وجليلة المعمري (مصممة متعددة التخصصات)، وبن إلمر (مهندس ومصمم)، وإيان فينيمور. بطاقة تعريف ماجدة الهنائي، مهندسة معمارية، ومصممة، وأكاديمية عُمانية، تعمل في مجالات تجمع بين العمارة والفن والتكنولوجيا، وتحمل شهادات أكاديمية من معهد ساوث كاليفورنيا للهندسة المعمارية وجامعة نوتنغهام. هي الشريكة المؤسسة لاستوديو التصميم Brash Collective، الذي يتخذ من لوس أنجليس مقراً له. وتتنقل بين لوس أنجليس ومسقط؛ حيث تواصل تنفيذ مشاريع معمارية مبتكرة تتمحور حول الإنسان، سواء من خلال عملها المستقل أو ضمن تعاونات دولية متعددة التخصصات. كانت الهنائي شاركت في التدريس، وكناقدة زائرة في عدد من المؤسسات التعليمية المرموقة، منها جامعة كينت ستيت، ومعهد مسك للفنون، وجامعة سيراكيوز، وجامعة ولاية أوهايو، وجامعة رينسيلير للفنون التطبيقية. تركز أعمال الهنائي على استكشاف العلاقة بين الناس والمكان، وتسلط الضوء على مفاهيم الهوية الجماعية، وكيفية تأثيرها على البيئة المعمارية؟ وقد عُرضت مشاريعها في العديد من المعارض والمؤسسات الفنية المرموقة، مثل "هاوزر آند ويرث"، ومتحف A+D، ومعرض SCI-Arc، ومعرض ستال؛ حيث فازت بالجائزة الكبرى في معرض "الفنانين الشباب الصاعدين"، إضافة إلى مشاركاتها في متحف الخليج للفن ومعارض أخرى في المنطقة والعالم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store