
ميثاء الرميثي: أقرأ الملامح وأوثق مشاعر الناس
يقول المصور العالمي الشهير أنسل آدامز: «ليست الكاميرا ما تصنع الصورة، بل الشخص خلف العدسة».. وفي عالم، باتت خلاله الكاميرا في يد الجميع؛ ميّزت ميثاء الرميثي نفسها بنظرة. وقد استخدمت الرميثي الكاميرا؛ كما يستخدم الشاعر كلماته، وحين بدأت تشعر بثِقَل المعدّات، لم تتخلَّ عن شغفها، بل حملته معها إلى الهاتف المحمول، وأعادت تعريف التصوير في عصر السرعة. فهي اليوم لا تلتقط الصور فحسب، بل تصنع هوية بصرية تتجاوز المشهد، وتلامس الإحساس.. في حديثنا معها، نقترب من هذه الروح، التي تمسك بالكاميرا، كما تمسك بالحلم، لنكتشف أسرار رؤيتها، وقصص بداياتها، وتحدياتها، ولحظات فخرها، ولنتعرف أكثر إلى مصوّرة إماراتية، تنسج الضوء بلمسة أنثى تعرف تماماً ما تريد أن تقول.. بالصورة:
البداية من صورة.. ووالد محب
بدأت الحكاية منذ أن كانت ميثاء في الصف السادس، وحينها لم تكن تعرف الكثير عن الكاميرا، لكنها كانت مأخوذة بسحرها، وبشغف ابنة عمتها، التي كانت تلتقط صوراً لكل من حولها. تقول: «شاهدت صورها؛ فسحرتني. بعدها، بدأت أستكشف التصوير بنفسي، فاكتشفت حبي له». لكن الدعم الأكبر جاءها من والدها، الفنان المسرحي عبدالله صالح الرميثي، الذي كان يأخذها إلى «قرية التراث» في الشارقة، ويشجعها على التقاط الصور من زوايا غير تقليدية. «كان يقول لي: لا تصوّري مثل غيرك.. ابحثي عن زاويتك الخاصة»، تتذكر ميثاء، وتضيف أن كلام والدها شكّل الأساس لنظرتها الفنية المختلفة.
التراث رؤية.. والبورتريه شغف
انطلقت ميثاء من بوابة التراث، فوثقت بيوت الطين، والتجاعيد، والحِرف، والضوء الذي يمرّ عبر أبواب خشبية قديمة، بعين طفلة تحمل حساً فنياً أكبر من عمرها. كان همّها أن يرى جيلها التراث، كما تراه هي: حياً، ونابضاً، وأنيقاً. وبمرور الوقت، توسعت اهتماماتها؛ لتدخل إلى عالم البورتريه، الذي وجدت فيه صوتها الخاص.
ميثاء الرميثي: أقرأ الملامح وأوثق مشاعر الناس
الدراسة.. بين إنتاج بصري وإلهام عائلي
درست ميثاء (الإنتاج والإخراج)، ونمت موهبتها الفنية في بيئة عائلية داعمة. والدها، الذي كان يصطحبها إلى كواليس تصوير المسلسلات والمسرحيات، غرس فيها فهماً عميقاً لصناعة الصورة والإخراج كأداة للسرد. هذه الخلفية الفنية الثرية صقلت نظرتها الإبداعية، التي تحولت لاحقًا إلى مشروع بصري متكامل، تُجسد من خلاله بعينيها ما يتجاوز الرؤية المادية.
من المعارض.. إلى «السوشيال ميديا»
بدأت ميثاء مسيرتها الفنية مبكراً، حيث باعت لوحتين في سن الخامسة عشرة. ومن خلال تطوعها في تصوير الفعاليات، بنت لنفسها سمعة قوية وعلاقات واسعة في الوسطين الإعلامي والفني. في عام 2013، احترفت التصوير وأنشأت حسابها الخاص على وسائل التواصل الاجتماعي، الذي فاجأها بتفاعله الكبير. تصف ميثاء هذه المنصات بأنها كانت نافذتها إلى العالم وبيتها، حيث عرضت أعمالها، وعبرت عن ذاتها، وتواصلت مع جمهورها بأسلوبها الخاص. كما قدمت ورش عمل للشباب حول أهمية النظرة الفريدة في التصوير.
من الكاميرا إلى الهاتف
عام 2019، خلال سفرها مع العائلة، أدركت ميثاء أن حمل حقيبة مليئة بالمعدات الثقيلة لم يعد عملياً؛ فقررت إعادة النظر في أدواتها، وأن تجرب التصوير بهاتفها. هذا القرار كان نقطة تحوّل مهنية، إذ وجدت في الهاتف تحدياً جديداً لرؤيتها، واكتشفت أن سرّ الصورة لا يكمن في الأداة، بل في العين التي تلتقطها.. توضح: «كنت في سفر، وحملت معداتي الثقيلة.. وبعد مشقة يوم كامل شعرت بآلام في ظهري، فقلت لنفسي: لقد حان الوقت لأجرب التصوير بالهاتف.. وأدركت أن التحدي الحقيقي ليس في الجهاز، بل في الرؤية. كما اكتشفت أن الهاتف - رغم محدوديته - يمكنه أن يحكي الكثير؛ إن كانت العين مستعدة». واليوم، تلتقط ميثاء معظم صورها بهاتفها المحمول، وتنشرها في حسابها، دون أن تفقد لمستها الخاصة؛ فالنظرة لا تزال هي البوصلة، التي تمنح الصورة فرادتها، وتوقيعها الصامت. وبين كل تلك اللحظات التي تسرقها من الزمن، يسطع عشقها للغروب، ذلك الضوء الأخير الذي تغلّفه بعينها، وتوثّقه كأنها تحفظه من الزوال.
الذكاء الاصطناعي.. ليس بديلاً عن الإنسان
واكبت ميثاء تحولات العصر، فاستخدمت الذكاء الاصطناعي كمكمّل لا كبديل؛ فصممت صوراً خيالية، كلوحة «هطول الثلج في دبي»، واعتمدت على التفاصيل التي تقود الأداة، لا العكس. فهي تدرك أن الذكاء الاصطناعي لا يلغي دور المصوّر، أو إحساسه الفني، بل يمنحه أدوات إضافية؛ لتجسيد أفكاره، وفتح آفاق جديدة أمامه، فتقول: «الذكاء الاصطناعي لا يلغينا، فهو كالفرشاة في يد الرسام، لكن إن لم تعرف كيف تقود الصورة، ستكون مجرد وهم.. البصمة الإنسانية تبقى الأساس».
الصورة التي لا تُعلق على الجدار
لا تكتفي ميثاء بالتقاط الصور، بل تشارك معرفتها. وتقدم ورش عمل، وترد على من يطلب رأيها من زملاء ومتابعين؛ فهي لا تبخل بالمعلومة، بل ترى في مشاركة المعرفة رسالة إنسانية. وتفرح حين يقلّدها الآخرون، لا لأنها تُقلَّد، بل لأنها تُلهم.. تبين: «حين أرى أحداً يتبع أسلوبي، أبتسم؛ فهذا يعني أن لعدستي أثراً، وأنا لا أبخل؛ فأحب أن أساعد.. وأمنح.. وأشارك».
دعم العائلة
مِنْ أبرز ما يسعد ميثاء، ويمنحها القوة، دعم العائلة الدائم لها، وتحديدًا والدها، الذي لم يتوانَ لحظة في تشجيعها. أما من لا يجدون مثل هذا الدعم، فتقول لهم: «شجعوا أنتم أنفسكم، ولا تنتظروا التصفيق، وأطلقوا العنان لشغفكم.. فالله منح كل إنسان موهبة، وما عليكم إلا أن تكتشفوها».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ 36 دقائق
- الاتحاد
فضل التميمي: «مسرح زايد للمواهب» منصة لصقل المهارات الفنية
هزاع أبوالريش (أبوظبي) يعد «مسرح زايد للمواهب والشباب» منصة نموذجية لصقل المواهب الإبداعية الفنية، عبر استراتيجية تركّز على الارتقاء بالمحتوى، وتطوير القدرات الفنية من خلال العروض المسرحية الخاصة بالطفل، والورش الفنية التي تضيء على التجارب المسرحية المُلهمة لمجموعة من رواد المسرح. وأشار فضل صالح التميمي، رئيس مجلس إدارة المسرح، في حديثه لـ«الاتحاد»، إلى أنه خلال انعقاد الاجتماع الثاني لمجلس الإدارة، أكدوا أن المسؤولية أصبحت كبيرة باتجاه أبنائنا، ما يجعل المسرح يتبنى تنمية مهارات المراهقة في المجتمع وغرس مفاهيم الهوية الوطنية من منظور الجانب الإبداعي الذي يعزز طاقاتهم والاستفادة من أوقات فراغهم، بما يخدم ذواتهم ويسهم في صياغة شخصية الأبناء وتطوير مهاراتهم السلوكية بصورة إيجابية. ولفت التميمي إلى أن المسرح يعمل على استراتيجية مدروسة وواضحة لفهم جوانب الطفولة وما يحتاج إليه الأبناء لتفريغ طاقاتهم بشكل إيجابي ينعكس على بناء شخصيتهم ومهاراتهم وتطوير أفكارهم، وهذا ما جعل المسرح منصة مهمة تقدم مجموعة من الورش المسرحية لتنمية المواهب من خلال تعزيز مهاراتهم من عدة زوايا، سواء كانت في التمثيل، أو في الأمور الفنية المتعلقة بالمسرح، أو الكتابات الإبداعية والنصوص السردية، وغيرها من التجارب التي تعتبر إضافة للحراك المسرحي. وتابع التميمي: «نسعى دائماً لاستقطاب الوجوه الجديدة والعمل على تدريبها وتطوير مهاراتها من قبل أكاديميين مختصين بفنون المسرح، لهم تجاربهم المسرحية الكبيرة، التي تجعلهم قادرين على غرس مفاهيم المسرح، وإعطاء الخلاصة التي يستفيد منها المتلقي، بحيث تكون لديه مجموعة من المخرجات، التي تمثل إضافة إليه من خلال الورش الفنية التي نقدمها. ونحن نؤمن بدور المسرح وما يجب أن يقدمه، ولهذا تحتم علينا المسؤولية أن تستمر جهود «مسرح زايد للمواهب والشباب» في صقل المهارات وإثراء المشهد الثقافي والإبداعي بما يخدم الجيل الجديد ويجعلهم على دراية بكل مفردات ومفاهيم المسرح، والرسائل المجتمعية المهمة التي تنتج من خلاله وتكون إضافة حقيقية للمجتمع، وسيبقى المسرح دائماً محتضناً لأفكار الشباب ومكاناً جاذباً لطاقاتهم الإبداعية ولإسهاماتهم، التي تعكس الحضور الوطني والثقافة المستمدة من رواد المسرح والأسماء المسرحية البارزة في فضاءات «أبو الفنون». يذكر أن الاجتماع الثاني لمجلس إدارة المسرح لعام 2025، استعرض مجموعة من الأسس والمحاور التي يتبناها المسرح خلال الأشهر المقبلة من أنشطة وفعاليات ومشاركات محلية ودولية وورش مسرحية، بالإضافة إلى وضع بعض الخطط الاستراتيجية لإشراك الكوادر الشابة الموهوبة، وتقديم ما يحتاجون إليه من دعم لإبراز دورهم، وأن يكون المسرح شريكاً في تنمية مهاراتهم الإبداعية وتعزيز ما لديهم بفاعلية وإيجابية.


الاتحاد
منذ 36 دقائق
- الاتحاد
«كونغرس العربية».. تثبيت الحضور واستشراف المستقبل
د. علي بن تميم * في زمنٍ يتسارع فيه نبض التقنية، وتتداخَل فيه اللغات والثقافات والاقتصادات الإبداعية في نسيجٍ مُعَولَمٍ شديد التعقيد، تبدو الحاجة إلى إعادة تشكيل موقع اللغة العربية في العالم ضرورة ثقافية وتنموية، لا مجرد رفاه لغويٍّ. من هذا الفهم العميق لانزياحات المشهد، ينعقد «كونغرس العربية والصناعات الإبداعية» في دورته لعام 2025، بتنظيم من مركز أبوظبي للغة العربية، تحت شعار: «إعادة تخيّل الإبداع العربي: الابتكار في السرد وتعزيز تفاعُل الجمهور»، ليؤسّس لمرحلة جديدة في التعاطي مع اللغة لا بوصفها تراثاً فقط، بل باعتبارها رأسمالاً حيويّاً، ومَورِداً متجدّداً في سوق الإبداع العالمي. منذ انطلاقه عام 2022، شكّل الكونغرس منصّة فارقةً، جمعت طيفاً واسعاً من الفاعلين في الصناعات الثقافية، من صُنّاع المحتوى، إلى روّاد الأعمال، والأكاديميين، والمبرمجين، والفنانين، في لقاءٍ تتقاطع فيه الرؤى والخبرات، وتُصاغ فيه خريطة طريق جديدة للصناعات الإبداعية باللغة العربية. هذا التعدد في التخصصات لا يعكس فقط ديناميّة الحدث، بل يُجسّد روح التكامل التي تنهض عليها النهضة الثقافية المعاصرة، وتُحفّز الاقتصاد المعرفي المرتبط باللغة والمحتوى. ولا تقتصر أهمية الكونغرس على كونه مساحة للعرض والنقاش، بل إنه يأتي منسجماً مع توجّهات دولة الإمارات في ترسيخ الصناعات الثقافية كأحد روافد الاقتصاد الوطني. ويتجلّى ذلك في تقاطُع أهدافه مع الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية (2021-2031)، والتي تسعى إلى رفع مساهمة هذا القطاع الحيوي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوسيع قاعدته المؤسسية والمهنية. وهي جهود تتكامل مع الرؤية السديدة لقيادة الدولة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي جعل من دعم الثقافة والمبدعين والمحتوى العربي ركيزة في مشروع الإمارات الحضاري. ويقدّم الكونغرس هذا العام نقلةً نوعيّة، بإشراك كبرى شركات التكنولوجيا في جلسات حوارية معمّقة: غوغل، وأمازون، وميتا، وتيك توك، وسناب، في محاولة لقراءة تحوّلات السوق الرقمي، واستشراف موازين القوة والفرص التي تتشكل على وقع خوارزميات التأثير والتوزيع. كما يناقش أدوات جديدة مثل الكتب الصوتية والمنصات التفاعلية، بوصفها وسائط تُمكّن من إعادة الربط مع الجمهور، وتوسيع آفاق التلقي العربي، وتحقيق استدامة اقتصادية للمحتوى. وإذ يفتح الكونغرس نوافذ رحبة على موضوعات التقنية، فإنه يخصص مساحة وازنة لتقنيات الذكاء الاصطناعي والنماذج اللغوية الكبيرة باللغة العربية (LLM)، وتعلم الآلة، واللسانيات الحاسوبية، بما يُعزّز من موقع اللغة العربية ضمن بيئات التطوير التكنولوجي، ويحوّلها من لغة محتوى إلى لغة نظام معرفي متكامل، قابل للتفاعل والابتكار. ولا يمكن الحديث عن صناعة المحتوى دون التوقف عند دور الأكاديميات، بوصفها الحاضنة الأولى للمعرفة النقدية، والمصدر الأوثق للبيانات والتحليل. ومن خلال مشاركتهم في جلسات الكونغرس، يسهم الأكاديميون في تطوير نظريات الاقتصاد الإبداعي، وتحليل سلوكيات الجمهور، وتقديم توصيات تستند إلى البحث العلمي، ما يعمّق من الفهم ويُثري القرارات والسياسات الثقافية. وفي قلب هذا الحراك، ينهض مركز أبوظبي للغة العربية بدورٍ محوري، مستنداً إلى رؤية استراتيجية تجعل من اللغة العربية بوابة للتنمية، ومن المبدع العربي فاعلاً أساسيّاً في سوق الابتكار. وقد انخرط المركز في بناء شبكة واسعة من الشراكات الدولية، مع مؤسسات أكاديمية وثقافية وتقنية، لدعم اللغة والمحتوى والمواهب، وتعزيز الابتكار في مجالات النشر والتقنيات اللغوية والصوتيات والمرئيات. وما من شك أن «كونغرس العربية والصناعات الإبداعية» يتجاوز حدود كونه مناسبة ثقافية، ليتحوّل إلى نقطة ارتكاز في مشروع أكبر، مشروع يؤمن بأن اللغة العربية ليست على هامش المستقبل، بل في صلبه، وأنها قادرة - إذا ما أُحسِن تمكينها - أن تكون حاضنة للمعرفة، وجسراً للابتكار، ومَصدراً للقوة الناعمة، تكتب اسمها في خرائط الاقتصاد والهوية والوجدان الإنساني، بوعيٍ حديث، وروح أصيلة، ونظرة لا تلتفت إلى الوراء. * رئيس مركز أبوظبي للغة العربية


الاتحاد
منذ 36 دقائق
- الاتحاد
«اللوفر أبوظبي» يحتفي بالمبدعين
هزاع أبوالريش يتميّز «استوديو المبدعين الصيفي» في متحف اللوفر أبوظبي بالعديد من الأنشطة الفنية التي تسهم في صياغة المهارات الإبداعية، حيث إنه برنامج مخصص للشباب، وفي المجال الفني تحديداً، ويُقدَّم في موسمين خلال العام: الشتاء والصيف، استغلالاً للإجازات الطلابية. ويوفر البرنامج للمشاركين مجموعة متنوعة من التفاعلات والفعاليات التي تُعزِّز التفكير الإبداعي، والمفاهيمي والنقدي، معززاً المهارات من خلال عمليات فنية متنوعة تمكن المشاركين من التعبير من خلال الفنون والعلوم الإنسانية. ويأتي البرنامج استناداً إلى قصة برج بابل، حيث ينطلق المشاركون في رحلة لاكتشاف أساليب التواصل المختلفة عبر التاريخ، ومن خلال استخدام الفن كلغة مشتركة، يُفسّر المشاركون اللغات القديمة، ويحاولون فك شفرات النصوص الرمزية، والمشاركة في أنشطة فنية متنوعة تساعدهم على الوصول إلى فهم مشترك، وبناء همزات وصل مع حقب مختلفة من صفحات التاريخ، وكذلك مع بعضهم البعض. وأستوديو المبدعين هذا الموسم مستوحى من فكرة التسامح والتعايش التي كانت موجودة في بابل القديمة، والتي تجسدت من خلال التمارين والممارسات التعاونية. وأكدت مارال بدويان، رئيس قسم التعليم، في متحف اللوفر أبوظبي لـ«الاتحاد»، أن أهم الأسس التعليمية التي يتبناها المتحف هو التركيز على جميع البرامج والفعاليات التي تصب حول المقتنيات والأعمال الفنية التي يحتويها المتحف، وكيفية التعلم وابتكار القصص والأفكار والطرق والأساليب سواء لفهم المواضيع العامة أو المواضيع اليومية من خلال الأعمال الفنية. كما أنه ومن خلال البرامج التعليمية التي يقدمها المتحف يتم استعمال الأعمال الفنية لتعزيز وتشجيع المنتسبين للتفاعل في البرنامج الذي يقدمه المتحف. وتابعت: «من خلال هذه البرامج نحن نطبق أدوات وطرق معينة للتفاعل مع الطلاب، سواء كانوا طلاب مدارس أو جامعات، ولفئات عمرية مختلفة من 13 إلى 17 سنة، وتستمر كل ورشة عمل 4 أيام، لمدة 3 ساعات يومياً، مستغلين الإجازات السنوية لأبنائنا الطلبة من خلال البرامج الصيفية التي يقدمها المتحف، في كل سنة». لافتة إلى أن هذه الدورة من البرنامج الصيفي الذي يقدمه المتحف جاءت تحت شعار «المخيّم الفضائي»، من خلاله تناول كل ما يتعلق بالفضاء في مواكبة لرؤية القيادة الرشيدة والرؤى الوطنية التي تدعم الابتكار عبر الاهتمام بالعلوم الفضائية، وكل ما يحدث في الفضاء من خلفيات علمية دقيقة تجعل الطالب أمام كم هائل من المعلومات التي تثري فكره ومخيّلته. كما أننا عززنا من خلال هذا البرنامج، بالتعاون مع «مركز محمد بن راشد للفضاء»، أن يكون المحتوى أكثر إثراءً وقيمة من حيث المعلومات والمفاهيم التعليمية لمنتسبي البرنامج. وأوضحت مارال بدويان أن البرنامج هذه السنة جاء على مرحلتين، الأولى كانت متخصصة للأطفال من حيث المغامرات عبر الفضاء تحت مسمى «متحف الأطفال»، وبالنسبة للشباب جاءت المرحلة الخاصة بهم تحت عنوان «استوديو المبدعين»، الذي يتناول بعض التساؤلات التي تهم الشباب وتلهمهم مثل: ماذا يعني المجتمع المحلي؟ وكيفية صقل هوية الأفراد من حيث التواصل والانسجام استلهاماً من الأعمال الفنية التي يقتنيها المتحف. مشيرة إلى أن هناك العديد من الأعمال الفنية المعروضة في متحف اللوفر أبوظبي تجعلنا أمام حالة من التساؤلات العميقة التي تصب في مضمون كيفية بدأت فكرة إنشاء المجتمعات من خلال الحوار، ومن هذا المنطلق يكون الفن هو السبيل لهذا التواصل الإنساني العميق منذ بدء المجتمعات. ويسلط البرنامج الذي يقدمه المتحف الضوء على مجموعة من الأساليب القديمة التي بشأنها بدأ التواصل والحوار، بالإضافة إلى اللغات التاريخية مثل المسمارية والكتابات بأنواعها واللغة الولوفية وغيرها من اللغات التي كوّنت المجتمعات والتواصل فيما بينها. كما أن هذه المفاهيم التي جاءت من أشعار ونصوص وكتابات معينة، وإن كانت بعضها غير مفهومة، لكن تم ابتكارها لأهميتها في مسألة التعايش والتواصل والانسجام، ومن هنا تبدأ أهمية الفكرة والرسالة من البرنامج الذي يقدمه المتحف.