logo
عن الازدراء الفلسفي للوجود بعين الكاميرا السينمائية

عن الازدراء الفلسفي للوجود بعين الكاميرا السينمائية

Independent عربية١٠-٠٥-٢٠٢٥

يأتي فيلم "أفكر في إنهاء الأمور" من جهة الرؤية، متصلاً بأفلام كوفمان السابقة، مثل "أن تكون جون مالكوفيتش" (Being John Malkovich) و"إشراقة أبدية للعقل الطاهر" (Eternal Sunshine of the Spotless Mind) و"مجازاً، نيويورك" (Synecdoche, New York)‏ ومن قبلها فيلمه المبكر "أنوماليزا" (Anomalisa)، وكلها أفلام تنتمي إلى فضاء الأسئلة المثقلة بالحمولات الفلسفية.
يتخذ هذا الفيلم، المقتبس من رواية بالعنوان نفسه للكاتب الكندي إيان ريد، نهجاً سوريالياً في تحليله للحالة الإنسانية، متكئاً على ممثلين مبهرين هما جيس بليمونز، وجيسي باكلي. إن مجرد انتقاء ممثلين، ليسا من نجوم الصف الأول، ومنحهما الفرصة لأداء دورين معقدين إلى حد بعيد، يمثل خياراً لا يمكن عده هامشياً، أو من متطلبات الإنتاج واشتراطاته.
الفيلم يحاول أن يبدو (للوهلة الأولى) كأنه قصة بسيطة عن شابة تذهب لمقابلة والدي حبيبها الجديد في يوم ثلجي يتحول إلى ليلة خطرة بسبب الطقس وتراكم الثلوج، لكن الأمر ليس كذلك أبداً.
الفيلم يغوص عميقاً، من دون أي يقين، في مقولة الأمل، وهي مقولة ملتبسة وغامضة أكثر مما يوحي النطق البسيط لها، أو التكرار المألوف لها في التداول العام. في بداية الفيلم ثمة عبارة مدهشة وملغزة في الآن ذاته: "تعيش الحيوانات الأخرى في الحاضر، لا يستطيع البشر، لذلك ابتكروا الأمل".
مفاهيم فلسفية
بوستر فيلم "أن تكون جون مالكوفيتش" (ملف الفيلم)
ومع الأمل، ثمة مفاهيم فلسفية يعاينها الفيلم مثل السعادة، الواقع، التواصل، الذاكرة، الحياة، الوجود، تقدير الذات. أضف إلى ذلك الانتحار الذي يوحي به اسم الفيلم "أفكر في إنهاء الأشياء"، بينما الوقائع لا تؤدي إلى هذه النتيجة، فهل كانت الممثلة جيسي باكلي، التي تحمل أسماء عدة، تحاول إنهاء علاقتها القصيرة مع حبيبها؟ هل هذا ما يتوخاه كوفمان؟
من الصعب حقاً أن نقول، على وجه الدقة، ماذا يريد أن يقول الفيلم. إنه لا يرغب في حسم أي شيء، هو يعمل بضراوة في منطقة التغير، كأنه يختبر الحقيقة، أو يتساءل عن ماهيتها، بمعنى هو يستدرج الفلسفة إلى السرد، ويذهب إلى الشك في سلطة الحواس، فهل كل مرئي موجود؟ وما معيار الصدق؟ هل المتاهة هي جوهر العالم؟ ومن أين تأتي المعرفة: من عقولنا أم من تجاربنا؟ يقول ميرلو بونتي إن "الجسد هو الموقع الأساس لمعرفة العالم".
المخرج يلعب على هذه التيمة فيعبث بالزمان والمكان وقواعد المعرفة، ويكسر التوقعات باستمرار، كأنه يحطم قواعد اللعبة، حتى من جهة العناصر التقنية، وهذا من يمنح المخرج صفة الفرادة، إنه لا يقلد أحداً، ويطيح فكرة الاسترخاء والتسلية التي أحاطت بمشاهدة الأفلام، خصوصاً في دور السينما، حيث يرافق المشاهدة، غالباً، شرب العصائر والمشروبات الغازية وهرس البوب كورن وتناول الفطائر والعبث بالموبايل، إلى آخر الملهيات التي لا تتوافق مع سينما تشارلي كوفمان الذي درب مشاهديه على الانتباه المطلق، والتركيز التي يتعب العقل ويؤرقه. إنه تمرين على أعمال الذهن وليس فسحة لتزجية الوقت والترويح عن النفس.
في قلب ذلك كله، يريد كوفمان أن يتحدى الجاذبية، بأن يعكس الأفكار وتقلباتها السريعة وهذيان العقل والمزاج من خلال الكاميرا، وهذا أمر صعب، وقلائل جداً من المخرجين نجحوا في ذلك، لذا لم يكن أمام كوفمان إلا أن يحرر السرد السينمائي من أفقيته ومنطقيته، فيتلاعب في كل شيء من خلال اللجوء إلى السوريالية، لذا خلط الأزمنة بالأمكنة والشباب بالشيخوخة والواقع بالتطلعات والأفعال بالرؤى المسجونة في عتمة اللاوعي، كذلك خلط الأمل باليأس من دون اكتراث بالنتائج. إنه طفل يعيد ترتيب العالم وفق تدفقات عقله الصافي الذي لم تلوثه العلائق السببية.
هذا التحدي جعل كثراً من منظري الفلسفة يعتقدون باستحالة فعل ذلك، لأن العقل مضماره الأفكار، والكاميرا مضمارها الصور والحركة، وهما يسيران في خطين متوازيين لا يلتقيان.
يسرد الفيلم الواقع كما جرى، ثم ينتقل إلى تجميله في رواية أخرى ترضي الأنا المتعالية أو المتوارية في لا وعي الحبيبين، فما يهدمه الواقع يعمره الخيال. من هنا تأتي رمزية عامل النظافة الذي حير النقاد، لأن انبثاقه بلا مقدمات في غضون الفيلم يتبدى، للرؤية المتعجلة، كأنه خطأ في المونتاج، أو لقطة منقطعة الصلة بالفيلم، لكن هذا المشهد المتكرر للعامل الوحيد المكتئب الذي يتسلى بمتابعة منصات التواصل الاجتماعية، الذي يشعر بالازدراء، لأن لا أحد يحبه أو يراه أو يشعر بوجوده، هو المعادل الرمزي لهواجس الحبيبين، وإحساسهما بثقل الماضي وعبء الذكريات وخلو الحياة من الرفاق، وفي ذلك إحالات لتداعيات نيتشه: "أحياناً أحدق بعيداً في الحياة، وأتطلع فجأة حولي فلا أرى أحداً برفقتي، وأرى أن رفيقي الوحيد هو الزمن".
استرجاع برغسون
بيد أن القوة العازلة للزمن كما يتمثلها كوفمان تنهل ثقافياً في الأقل من كتابات برغسون: "لا يمكننا التفكير ذاتياً خارج مدركات ما تدركه الذات من أشياء حولنا ومواضيع مجردة تشغل تفكيرنا"، كأن ذلك يرد على شخصيات الفيلم التي تنهمك في مراقبة ردود فعل الآخرين حول ذواتها، أكثر من اهتمامها بذواتها.
خذ مثلاً الزيارة إلى بيت العائلة، حيث أراد الشاب أن يعرف والديه بحبيبته. البيت يحوي مزرعة للخنازير والأغنام. يصر الشاب أن يصحب حبيبته إلى المزرعة قبل الولوج إلى المنزل، يشاهدان الخنازير والأغنام الموبوءة. المشهد قاس ويثير الاشمئزاز، لكنه يمر بلا تعاطف من كليهما، هناك خشونة في المشاعر الداخلية، كأن سماكة الثلج في الخارج قد كستها.
ماذا يعني الثلج، هل يشير إلى الجمود، أم إلى اختفاء المعالم، أم فرصة للتأمل في عتمات النفس وهزائمها الصغيرة؟

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لقد اختار المخرج ليلة ثلجية لاختبار هذه الأفكار، فالثلج يثير الشجن، وهو أيضاً يغبش الأزمنة والأمكنة، وما البياض الخارجي الذي من المفترض أن يوحي بالصفاء إلا فخ محكم لاستدراج المشاهد إلى متاهة، ما الدرس من ذلك؟!
ربما التفكير في ثقل العالم، في لزوجة الأيام المتشابهة، في انعدام اليقين، في الشك في الحواس، في إلقاء حجارة دائمة في مستنقع الوقت الآسن، في ابتكار قوة خيال مجنحة تصنع كابحاً للزمن، وربما هذا ما يمكن أن نقرأه في أن إنهاء الأمور لا يتحقق لا في إنهاء العلاقة ولا في إنهاء الحياة، بل في إنهاء هذه السلسلة المنطقية من التوقعات.
إن الخدوش العميقة في هذه السلسلة أمر ضروري في صراع البقاء، والنجاة من طوفان العدمية، ولكن هل أفلام كوفمان تتطلع إلى هذه النهايات السعيدة؟ الإجابة تأتي على الغالب بالنفي، أو بكثير من الشكوك، لأن أفلام هذا المخرج وكتاباته غايتها طرح الأسئلة المتصلة بخواء العالم وفراغه من المعنى والحقيقة والهدف، ولعل هذا مرتبط بمناخات "بعد ما بعد الحداثة" التي مثلت دعوة صريحة إلى التخطي والتجاوز، وهدم التصورات السابقة في الفن. ولعل سينما كوفمان أحد أبرز تعبيرات هذه المرحلة التي صدعت السرديات، من خلال "الألعاب السينمائية" أسوة بالمفهوم الفلسفي الذي طوره فتغنشتاين "ألعاب لغوية"، وهو ما يستحق بياناً خاصاً في المقالات المقبلة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عن الازدراء الفلسفي للوجود بعين الكاميرا السينمائية
عن الازدراء الفلسفي للوجود بعين الكاميرا السينمائية

Independent عربية

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • Independent عربية

عن الازدراء الفلسفي للوجود بعين الكاميرا السينمائية

يأتي فيلم "أفكر في إنهاء الأمور" من جهة الرؤية، متصلاً بأفلام كوفمان السابقة، مثل "أن تكون جون مالكوفيتش" (Being John Malkovich) و"إشراقة أبدية للعقل الطاهر" (Eternal Sunshine of the Spotless Mind) و"مجازاً، نيويورك" (Synecdoche, New York)‏ ومن قبلها فيلمه المبكر "أنوماليزا" (Anomalisa)، وكلها أفلام تنتمي إلى فضاء الأسئلة المثقلة بالحمولات الفلسفية. يتخذ هذا الفيلم، المقتبس من رواية بالعنوان نفسه للكاتب الكندي إيان ريد، نهجاً سوريالياً في تحليله للحالة الإنسانية، متكئاً على ممثلين مبهرين هما جيس بليمونز، وجيسي باكلي. إن مجرد انتقاء ممثلين، ليسا من نجوم الصف الأول، ومنحهما الفرصة لأداء دورين معقدين إلى حد بعيد، يمثل خياراً لا يمكن عده هامشياً، أو من متطلبات الإنتاج واشتراطاته. الفيلم يحاول أن يبدو (للوهلة الأولى) كأنه قصة بسيطة عن شابة تذهب لمقابلة والدي حبيبها الجديد في يوم ثلجي يتحول إلى ليلة خطرة بسبب الطقس وتراكم الثلوج، لكن الأمر ليس كذلك أبداً. الفيلم يغوص عميقاً، من دون أي يقين، في مقولة الأمل، وهي مقولة ملتبسة وغامضة أكثر مما يوحي النطق البسيط لها، أو التكرار المألوف لها في التداول العام. في بداية الفيلم ثمة عبارة مدهشة وملغزة في الآن ذاته: "تعيش الحيوانات الأخرى في الحاضر، لا يستطيع البشر، لذلك ابتكروا الأمل". مفاهيم فلسفية بوستر فيلم "أن تكون جون مالكوفيتش" (ملف الفيلم) ومع الأمل، ثمة مفاهيم فلسفية يعاينها الفيلم مثل السعادة، الواقع، التواصل، الذاكرة، الحياة، الوجود، تقدير الذات. أضف إلى ذلك الانتحار الذي يوحي به اسم الفيلم "أفكر في إنهاء الأشياء"، بينما الوقائع لا تؤدي إلى هذه النتيجة، فهل كانت الممثلة جيسي باكلي، التي تحمل أسماء عدة، تحاول إنهاء علاقتها القصيرة مع حبيبها؟ هل هذا ما يتوخاه كوفمان؟ من الصعب حقاً أن نقول، على وجه الدقة، ماذا يريد أن يقول الفيلم. إنه لا يرغب في حسم أي شيء، هو يعمل بضراوة في منطقة التغير، كأنه يختبر الحقيقة، أو يتساءل عن ماهيتها، بمعنى هو يستدرج الفلسفة إلى السرد، ويذهب إلى الشك في سلطة الحواس، فهل كل مرئي موجود؟ وما معيار الصدق؟ هل المتاهة هي جوهر العالم؟ ومن أين تأتي المعرفة: من عقولنا أم من تجاربنا؟ يقول ميرلو بونتي إن "الجسد هو الموقع الأساس لمعرفة العالم". المخرج يلعب على هذه التيمة فيعبث بالزمان والمكان وقواعد المعرفة، ويكسر التوقعات باستمرار، كأنه يحطم قواعد اللعبة، حتى من جهة العناصر التقنية، وهذا من يمنح المخرج صفة الفرادة، إنه لا يقلد أحداً، ويطيح فكرة الاسترخاء والتسلية التي أحاطت بمشاهدة الأفلام، خصوصاً في دور السينما، حيث يرافق المشاهدة، غالباً، شرب العصائر والمشروبات الغازية وهرس البوب كورن وتناول الفطائر والعبث بالموبايل، إلى آخر الملهيات التي لا تتوافق مع سينما تشارلي كوفمان الذي درب مشاهديه على الانتباه المطلق، والتركيز التي يتعب العقل ويؤرقه. إنه تمرين على أعمال الذهن وليس فسحة لتزجية الوقت والترويح عن النفس. في قلب ذلك كله، يريد كوفمان أن يتحدى الجاذبية، بأن يعكس الأفكار وتقلباتها السريعة وهذيان العقل والمزاج من خلال الكاميرا، وهذا أمر صعب، وقلائل جداً من المخرجين نجحوا في ذلك، لذا لم يكن أمام كوفمان إلا أن يحرر السرد السينمائي من أفقيته ومنطقيته، فيتلاعب في كل شيء من خلال اللجوء إلى السوريالية، لذا خلط الأزمنة بالأمكنة والشباب بالشيخوخة والواقع بالتطلعات والأفعال بالرؤى المسجونة في عتمة اللاوعي، كذلك خلط الأمل باليأس من دون اكتراث بالنتائج. إنه طفل يعيد ترتيب العالم وفق تدفقات عقله الصافي الذي لم تلوثه العلائق السببية. هذا التحدي جعل كثراً من منظري الفلسفة يعتقدون باستحالة فعل ذلك، لأن العقل مضماره الأفكار، والكاميرا مضمارها الصور والحركة، وهما يسيران في خطين متوازيين لا يلتقيان. يسرد الفيلم الواقع كما جرى، ثم ينتقل إلى تجميله في رواية أخرى ترضي الأنا المتعالية أو المتوارية في لا وعي الحبيبين، فما يهدمه الواقع يعمره الخيال. من هنا تأتي رمزية عامل النظافة الذي حير النقاد، لأن انبثاقه بلا مقدمات في غضون الفيلم يتبدى، للرؤية المتعجلة، كأنه خطأ في المونتاج، أو لقطة منقطعة الصلة بالفيلم، لكن هذا المشهد المتكرر للعامل الوحيد المكتئب الذي يتسلى بمتابعة منصات التواصل الاجتماعية، الذي يشعر بالازدراء، لأن لا أحد يحبه أو يراه أو يشعر بوجوده، هو المعادل الرمزي لهواجس الحبيبين، وإحساسهما بثقل الماضي وعبء الذكريات وخلو الحياة من الرفاق، وفي ذلك إحالات لتداعيات نيتشه: "أحياناً أحدق بعيداً في الحياة، وأتطلع فجأة حولي فلا أرى أحداً برفقتي، وأرى أن رفيقي الوحيد هو الزمن". استرجاع برغسون بيد أن القوة العازلة للزمن كما يتمثلها كوفمان تنهل ثقافياً في الأقل من كتابات برغسون: "لا يمكننا التفكير ذاتياً خارج مدركات ما تدركه الذات من أشياء حولنا ومواضيع مجردة تشغل تفكيرنا"، كأن ذلك يرد على شخصيات الفيلم التي تنهمك في مراقبة ردود فعل الآخرين حول ذواتها، أكثر من اهتمامها بذواتها. خذ مثلاً الزيارة إلى بيت العائلة، حيث أراد الشاب أن يعرف والديه بحبيبته. البيت يحوي مزرعة للخنازير والأغنام. يصر الشاب أن يصحب حبيبته إلى المزرعة قبل الولوج إلى المنزل، يشاهدان الخنازير والأغنام الموبوءة. المشهد قاس ويثير الاشمئزاز، لكنه يمر بلا تعاطف من كليهما، هناك خشونة في المشاعر الداخلية، كأن سماكة الثلج في الخارج قد كستها. ماذا يعني الثلج، هل يشير إلى الجمود، أم إلى اختفاء المعالم، أم فرصة للتأمل في عتمات النفس وهزائمها الصغيرة؟ اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لقد اختار المخرج ليلة ثلجية لاختبار هذه الأفكار، فالثلج يثير الشجن، وهو أيضاً يغبش الأزمنة والأمكنة، وما البياض الخارجي الذي من المفترض أن يوحي بالصفاء إلا فخ محكم لاستدراج المشاهد إلى متاهة، ما الدرس من ذلك؟! ربما التفكير في ثقل العالم، في لزوجة الأيام المتشابهة، في انعدام اليقين، في الشك في الحواس، في إلقاء حجارة دائمة في مستنقع الوقت الآسن، في ابتكار قوة خيال مجنحة تصنع كابحاً للزمن، وربما هذا ما يمكن أن نقرأه في أن إنهاء الأمور لا يتحقق لا في إنهاء العلاقة ولا في إنهاء الحياة، بل في إنهاء هذه السلسلة المنطقية من التوقعات. إن الخدوش العميقة في هذه السلسلة أمر ضروري في صراع البقاء، والنجاة من طوفان العدمية، ولكن هل أفلام كوفمان تتطلع إلى هذه النهايات السعيدة؟ الإجابة تأتي على الغالب بالنفي، أو بكثير من الشكوك، لأن أفلام هذا المخرج وكتاباته غايتها طرح الأسئلة المتصلة بخواء العالم وفراغه من المعنى والحقيقة والهدف، ولعل هذا مرتبط بمناخات "بعد ما بعد الحداثة" التي مثلت دعوة صريحة إلى التخطي والتجاوز، وهدم التصورات السابقة في الفن. ولعل سينما كوفمان أحد أبرز تعبيرات هذه المرحلة التي صدعت السرديات، من خلال "الألعاب السينمائية" أسوة بالمفهوم الفلسفي الذي طوره فتغنشتاين "ألعاب لغوية"، وهو ما يستحق بياناً خاصاً في المقالات المقبلة.

رجل يستغل عرض ال30  ريال  بفوكس سينما ويملئ  قدر كبير بالفشار ..فيديو
رجل يستغل عرض ال30  ريال  بفوكس سينما ويملئ  قدر كبير بالفشار ..فيديو

صدى الالكترونية

time٢٦-٠١-٢٠٢٥

  • صدى الالكترونية

رجل يستغل عرض ال30 ريال بفوكس سينما ويملئ قدر كبير بالفشار ..فيديو

قامت شركة فوكس سينما في يوم البوب كورن العالمي بعرض خاص يسمح لرواد السينما بإحضار أي وعاء لتعبئته مقابل 30 ريال. وقالت الشركة في العرض الذي أعلنت عنه : 'احتفل بيوم البوب كورن العالمي في ڤوكس سينما، أحضر أكبر وعاء وسنملأه بالكامل! اختر بين الملح أو الجبن واستمتع بالقرمشة مقابل 30 ريال .' واستغل الناس هذا العرض المغري، حيث أحضر أحدهم قدر كبير لتعبئته بالفشار حتى نهايتها، مما أثار ضحك الحاضرين في المول .

‪أفلام غازيّة‬
‪أفلام غازيّة‬

الشرق الأوسط

time١٤-١١-٢٠٢٤

  • الشرق الأوسط

‪أفلام غازيّة‬

> لا يزال الجمهور الغالب من مُشاهدي الأفلام يُقبل على صالات السينما باحثاً عن الترفيه أولاً، وهذا طبيعي. ضع فيلم فرنسيس فورد كوبولا الأخير «ميغالوبوليس» لجانب الأميركي «Terrifier 3» أو المصري «آل شنب» أو الهندي «سوارغام» ستجد أن الغالبية ستترك الفيلم الرائع وتدخل ما هو كوميدي وأكشن ورعب لا تساوي، في ميزان القيمة، أي شيء. > هذا ليس جديداً خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، لكن هناك ما يكفي من صالات السينما في الغرب التي تعيش على عرض ما هو قيّم فنيّاً حصد جوائز مهرجانات أو تمتع بهالات النقد. أما عندنا فالأمر مخالف لتلك الصورة النزيهة. الأفلام المختلفة لا تتمتع بالفرص نفسها وليس هناك من صالات متخصّصة في معظم أرجاء العالم العربي لتعرضها. > أين تبدأ المشكلة وأين تنتهي، هو حال كل دائرة مقفلة على نفسها: هناك المنتج الذي يبيع الفيلم كما يبيع آخرون الأرز ومساحيق الغسيل، والموزّع الذي لن يرضَى منح الفيلم المختلف أسبوع عرض واحداً، وصاحب الصالة الذي يعيش على ما يطلبه المشاهدون، ومن ثَمّ هناك الجمهور نفسه الذي لا يرى في الأفلام سوى التّرفيه ومناسبة لتناول «البوب كورن» والمشروبات الغازية. > واجهات صالات السينما، إذا ما تفحّصها المرء، يجدها مليئة بملصقات متشابهة لأفلام رعب دموية أو لفانتازيات سوداوية وأفلام أكشن تُخبرك بأن العنف وحده هو الحل. والهندي والمصري سبّاقان في تأمين جرعة التهريج > صحيح أن الفيلم «التجاري» ساد الصناعة منذ البدايات، إلا أنه سابقاً ما كان الجمهور يطلب التنويع والتميّز والجودة ويجدها في غالبية الأفلام المعروضة. الآن هو نوع مشترك واحد اسمه الرداءة. > ليس صحيحاً أن الجمهور «عاوز كده»... افتح له شاشاتٍ لعرض المختلف وسيؤمها ويملأها كما سواها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store