
اتفاق الائتلاف الحكومي الجديد في ألمانيا: توزيع للوزارات واهتمام بالأمن الدولي والاقتصاد
بعد اجتماعات استمرت لأكثر من 6 أسابيع، اختتم طرفا الائتلاف الحكومي المستقبلي الذي سيضم الاتحاد المسيحي والاشتراكي الديموقراطي مفاوضاتهما بتسويات بشأن المشاريع التي يريدون على أساسها بناء التحالف الحكومي الجديد، وذلك لإعادة تعزيز الحضور الألماني وإنعاش الاقتصاد الذي يعاني من الركود منذ أكثر من 3 سنوات. كما تم التوصل إلى إرساء قواعد إطارية لملفات الهجرة واللجوء والدفاع والقضايا الاجتماعية وغيرها، فضلاً عن توزيع الحقائب الوزارية. فما تفاصيل الاتفاق ومدى واقعية التنفيذ؟
مع الاتفاق المبدئي بين الشركاء على انتخاب السياسي عن الحزب المسيحي الديموقراطي فريدريش ميرتس، يوم 7 أيار/ مايو المقبل، مستشاراً لألمانيا خلفاً للاشتراكي أولاف شولتس، أظهرت النقاط التي رسمت أسس التفاهمات في وثيقة من 146 صفحة بعنوان "المسؤولية تجاه ألمانيا" أن الحكومة الاتحادية بقيادة ميرتس ستركز على الأمن الدولي والسياسة الخارجية، إذ سيتم الالتزام بشكل صريح بحلف "الناتو" والاتحاد الأوروبي. وفي ما يتعلق بالسياسة التجارية، يريد شركاء الائتلاف التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة والانفتاح الاقتصادي على دول أخرى. ومن ناحية أخرى، تم الالتزام بتقديم الدعم الشامل لأوكرانيا حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها بشكل فعال ضدّ روسيا، مع إبداء استعداد جاد لتسليمها صواريخ "توروس". إلى ذلك، سيكون هناك تكريس لزيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير، على أن يتوافق مع الأهداف والقدرات المتفق عليها داخل حلف شمال الأطلسي.
علاوة على ذلك، سيتمّ العمل لاعتماد نظام للخدمة العسكرية التطوعية في الجيش الألماني من خلال تكوين نظام للتسجيل والمراقبة العسكرية، وسيرسل استبياناً إلى جميع الشباب والشابات في سنّ التجنيد لتقييم دوافعهم وقدراتهم واهتماماتهم. ومن المقرر أن تبدأ عملية إعادة بناء نظام التسجيل والتجنيد العسكري هذا العام.
ومن ضمن ما شمله اتفاق الائتلاف، إنشاء مجلس للأمن الوطني، وتعزيز سلطات الأمن، مع تقديم التزام بحفظ عناوين "آي بي" لمدة 3 أشهر، ما سيساهم في مكافحة الجرائم الخطيرة والتطرف. كما سيساعد ذلك في تجميع المعلومات لحالات الأزمات وتمكين اتخاذ القرارات بشكل أسرع.
ومن ناحية أخرى، سيتم خلق حوافز لتعزيز الاقتصاد، من بينها تخفيض الضريبة على الشركات، وتقليص الضريبة على الدخل لأصحاب المداخيل الصغيرة والمتوسطة خلال عامين تقريباً. وستظل رسوم التضامن سارية بالنسبة إلى المواطنين والشركات من ذوي المداخيل المرتفعة. بالإضافة إلى ذلك، لتخفيف العبء عن الشركات، سيصار إلى تعديل قواعد الاستهلاك الضريبي وتطبيق سعر مخفّض للكهرباء الصناعية. فضلاً عن تطوير قانون العمل بالتشاور مع أصحاب العمل والنقابات العمالية. وبدلاً من العمل المعتاد المكوّن من 8 ساعات، قد يكون هناك إطار أسبوعي لساعات العمل مستقبلاً، على أن يصل الحدّ الأدنى للأجور إلى 15 يورو للساعة عام 2026.
من جهة ثانية، سيصار إلى ترشيد الإنفاق في عدد من القطاعات لتصل إلى 8% على مدى 4 سنوات، باستثناء القوى الأمنية، فضلاً عن توفير في تمويل البرامج والمساهمات للمنظمات الدولية. في المقابل، ستزيد الحكومة من دعمها للبلديات مع التشدّد في شروط الحصول على الإعانة للمواطنين.
الهجرة: تحديات وصراعات جديدة
وفي خصوص الهجرة، بقي حقّ اللجوء سليماً نسبياً، مع السماح بعمليات رفض للاجئين عند الحدود بالتنسيق مع الجيران الأوروبيين. ولن يُسمح للاجئين الذين يتمتعون بالحماية الفرعية من لمّ شمل أفراد عائلاتهم لمدة عامين. هذا وقد تقرر إلغاء حقّ التجنيس خلال 3 سنوات للمهاجرين المندمجين بشكل خاص من أصحاب الكفاءات، وهو القرار الذي أقرّه ائتلاف "إشارات المرور". وستكون فترة الانتظار للحصول على الجنسية الألمانية مدّتها 5 سنوات.
وعن طبيعة التسويات في العديد من المجالات، اعتبر الباحث في الاقتصاد السياسي سيمون فيبر، في حديث مع "النهار"، أن على ألمانيا مخاطبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بلغة أكثر ندية، سيما وأن الأخير مصمم على معاقبة حلفائه الأوروبيين بتعريفات جمركية إضافية، رغم أنه أقدم أخيراً على تعليقها لمدة 90 يوماً، وخلال عرض الاتفاق، وجه ميرتس رسالة إلى ترامب مفادها أن "ألمانيا عادت إلى المسار الصحيح".
وفي خصوص الإنفاق الدفاعي والخدمة الإلزامية، فإن أطرها لا تزال غير واضحة، رغم أن الهدف منها حلّ مشاكل النقص العددي في القوى العاملة في الجيش الألماني. كما شكك فيبر في مخطط الحكومة للحدّ من البيروقراطية لتعزيز الاقتصاد.
غموض لا يعالج التحديات
وفي انتظار الإعلان عن الحكومة الاتحادية بعد تصويت أعضاء الأحزاب على اتفاق الائتلاف، برزت انتقادات من سياسيين. فقد اعتبر كريستيان دوروال، المرشح لتولي زعامة الحزب الليبرالي الحر، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أن اتفاق "الأسود والأحمر" سيؤدّي إلى حكم ضعيف في ألمانيا مستقبلاً، ولن يتحقق التغيير السياسي الموعود، لأنه يفتقد إلى الإصلاحات الحقيقية.
أما تحالف سارة فاغنكنشت، فقد أشار إلى أن التوافقات التي حصلت لا تقدم أي إجابة للأزمة الاقتصادية والحرب التجارية، وبالتالي سنواجه سنتين ثالثة ورابعة من الركود. ودعا النواب العقلاء داخل الاتحاد المسيحي والاشتراكي إلى وقف اتفاق الائتلاف. أما الزعيمة المشاركة لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي أليس فايدل، فقد وصفت الاتفاق بأنه "عمل استسلام"، مؤكدة أن البرنامج الحكومي المتفق عليه لا يعالج التحديات المهمة التي تواجه البلاد.
في المقابل، قال الزعيم المشارك للاشتراكي لارس كلينغبايل إن الاتفاق يهدف لدفع البلاد إلى الأمام، وإن الحكومة تريد العمل لتسهيل حياة المواطنين. بدوره، قال ميرتس خلال المؤتمر الصحافي المشترك: "أمامنا عمل شاق، وألمانيا سيكون لديها ائتلاف حكومي قادر على الإصلاح والاستثمار للحفاظ على استقرار البلاد وجعلها أقوى اقتصادياً مرة أخرى"، مع التسليم بضرورة تعزيز السياسة الخارجية والأمنية.
ومع اعتبار الداعمين للائتلاف أن ما حصل يخلق حالة من الاستقرار ويعزز الاستثمارات، سيحصل الحزب المسيحي الديموقراطي إضافة إلى منصب المستشار على 6 وزارات تتصدرها الخارجية والاقتصاد والتعليم والأسرة والنقل والرقمنة والصحة. أما الحزب الاجتماعي المسيحي، الشريك الأصغر في الائتلاف، فسيحصل على 3 وزارات هي: الداخلية والزراعة والأبحاث والفضاء. وستتكون حصة الاشتراكي من 7 وزارات، أهمها: المالية والدفاع والعدل، فضلاً عن العمل والبيئة، والتنمية والبناء والإسكان.
والجدير ذكره أن الاتحاد المسيحي والاشتراكي الديموقراطي يشكلان 328 نائباً من أصل 630 نائباً في البوندستاغ الجديد، لكن بعض نواب الحزب الاشتراكي أعلنوا رفضهم التصويت لصالح ميرتس، فضلاً عن اعتراضات أخرى ضده داخل الاتحاد المسيحي نفسه. ومع ذلك، في جولة ثالثة محتملة من التصويت قد تكون الأغلبية البسيطة كافية لتنصيبه مستشاراً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ ساعة واحدة
- سيدر نيوز
'الكلمات القاسية من بريطانيا لا تكفي، ترامب وحده قادر على كبح جماح إسرائيل'
Reuters نستعرض في جولة عرض الصحف اليوم الخميس، أبرز المقالات التي تناقش العقوبات الكندية الأوروبية على إسرائيل نتيجة سياستها في الحرب على غزة، ونهج الرئيس الأمريكي في المفاوضات النووية الإيرانية، وتطورات مجال محركات البحث في عصر الذكاء الاصطناعي. ونستهل جولتنا بمقال في صحيفة الإندبندنت البريطانية، بعنوان 'الكلمات القاسية من بريطانيا لا تكفي، ترامب وحده قادر على كبح جماح إسرائيل' للكاتب ألون بينكاس. ويبدأ الكاتب مقاله بالإشارة إلى تراجع الدعم الغربي لإسرائيل في حربها على غزة، خصوصاً ما صدر مؤخراً من بيان مشترك بريطاني-كندي-فرنسي بشأن إسرائيل. ويتحدث الكاتب عن 'تعليق بريطانيا لمحادثات توسيع التجارة مع إسرائيل وقرار الاتحاد الأوروبي بمراجعة اتفاقية الشراكة الاقتصادية مع إسرائيل القائمة منذ عام 1995، وعودة نواياه بالاعتراف بدولة فلسطينية'، حيث يرى الاتحاد أن 'إسرائيل قد لا تلتزم بالمادة الثانية من الاتفاق، التي تنص على أن العلاقات بين الطرفين وجميع أحكام الاتفاق يجب أن تقوم على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية.. وتشكل عنصراً أساسياً في هذه الاتفاقية'، وفق الكاتب. ويفنّد الكاتب الرأي الإسرائيلي السائد بشأن الإجراءات المتخذة ضدها والمتمثل بأن 'الأوروبيين وجدوا فرصة سانحة لإدانة إسرائيل عقب تهميش الرئيس الأمريكي لها في زيارته الأخيرة للشرق الأوسط' – ويقول: 'بريطانيا وكندا والاتحاد الأوروبي ليسوا معادين لإسرائيل.. ولم يتلقوا إشارة من واشنطن'. ويوضح الكاتب أن السياسيين المعروفين بدعمهم لإسرائيل أصبحوا هم أيضاً ينتقدون الوضع في غزة، ومنهم كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني ووزير خارجيته ديفيد لامي اللذان وصفا الحرب في غزة بأنها 'تطهير عرقي، ومعاناة لا تطاق'. ينوه إلى أنه حتى ترامب، الذي كان يُعد من أقرب حلفاء بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بات مستاءً من سياساته ويتجاهله، مفضلاً التعامل مع قوى أخرى في الشرق الأوسط. ويرى الكاتب أن 'الرئيس ترامب لم يقلل من شأن إسرائيل، بل نتنياهو فعل ذلك بنفسه عبر سنوات من التحدي والغطرسة والسياسات المتهورة'. ويتساءل الكاتب عمّا إذا كانت التطورات الأخيرة تمثل 'تسونامي دبلوماسياً ضد إسرائيل، والذي سيزيد من عزلتها ونبذها دولياً؟'. ويوضح أن الحل يقع بيد الولايات المتحدة من خلال خيارين؛ إمّا بالضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب، وإمّا بتجاهل الأمر، مؤكداً أن 'كلا الخيارين سيُولّدان المزيد من الانتقادات الأوروبية أو حتى إجراءات ملموسة ضد إسرائيل'. ويبين الكاتب أن حكومة نتنياهو أصبحت عبئاً على إسرائيل، وأن الأخيرة عليها التخلص من هذه الحكومة. ويتوقع أن 'يأتي يوم الحساب' لإسرائيل، التي 'تتجاهل وتسخر وتتحدى أفكار الحلفاء ومقترحاتهم السياسية منذ 1967، والتي تغذّي بدلاً من ذلك شعوراً زائفاً بالضحية لأسباب سياسية'. 'إيران تتمسك بالتخصيب النووي' وننتقل إلى افتتاحية صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية بعنوان 'إيران تتمسك بالتخصيب النووي'. تعرب الصيحفة في مستهل افتتاحيتها عن دعمها لمسار التفاوض الأمريكي مع إيران، معتبرة أن 'الرئيس الأمريكي يدفع في الاتجاه الصحيح، بدليل أن 'الحكام الإيرانيين غير راضين عن اتجاه المحادثات النووية'. وتقول إن 'إنهاء التخصيب ضروري لقطع الطريق الأسهل لإيران للحصول على القنبلة'، مبينة أن السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم ما هو إلّا خطر كبير، ويجب أن يكون خطاً أحمر لا يمكن التنازل عنه. وتشكك الصحيفة في نوايا إيران غير المعلنة من المحادثات، بقوله إن 'الإيرانيين يُمارسون ألعاباً خادعة، ويدركون جيداً أن المفاوضات تحمي برنامجهم النووي من الهجوم وعملتهم من الانهيار السريع'. وتُبرز الصحيفة الدعم داخل الولايات المتحدة لتحركات إدارة ترامب ضمن أسوار الملف النووي الإيراني، من خلال الاستشهاد بالإجماع شبه التام بين الجمهوريين، وحتى بعض الأصوات المعتدلة، على ضرورة منع إيران من أي شكل من أشكال التخصيب. وتطعن بقدرة إيران على 'ممارسة الضغط بالقوة' على الإدارة الأمريكية، باعتبار أن 'دفاعاتها الجوية معطلة ووكلاءها في حالة من الفوضى، بفضل إسرائيل'. وتختتم الصحيفة افتتاحيتها بالتحذير من أن رفض إيران للمطالب الأمريكية قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، مثل استخدام القوة العسكرية من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل. 'المواقع الإلكترونية تواجه شبحاً تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي' Reuters ونختتم جولتنا مع مقال تكنولوجي بعنوان 'يواجه ناشرو مواقع الويب شبح شبكة تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي ولصالحه' ، في صحيفة لو موند الفرنسية، للكاتب ألكسندر بيكارد. ويسلّط الكاتب الضوء في مقاله على التغيرات التي طرأت على محركات البحث عبر مواقع الإنترنت بسبب انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي. ويقارن الكاتب كيفية الوصول إلى المحتوى على الإنترنت قبل وبعد ظهور الذكاء الاصطناعي، 'ففي الماضي، كان عليك أن تكون في موقع جيد على غوغل، أمّا اليوم، لم يعد ذلك كافياً؛ بل يجب أن يستشهد بك الذكاء الاصطناعي في ردوده'. وينقل بيكارد مخاوف الناشرين بشأن تأثير أدوات الذكاء الاصطناعي على زيارة المستخدمين لمواقعهم الإلكترونية، مبيناً أن هذه الأدوات التي تجيب على أسئلة المستخدمين مباشرة قد تقلل من عدد النقرات على الروابط الخاصة بهم، بما سيؤثر على الظهور الرقمي للمحتوى. ويشير إلى الغموض الذي يلفّ آلية اختيار الروابط التي تظهر في إجابات روبوتات الدردشة، موضحاً أن بعض الشركات تتبنى سياسات غير واضحة في هذا السياق، ما يزيد من القلق حول كيفية تحسين المحتوى ليتناسب مع هذه الأنظمة. ويعرب عن المخاوف المرتبطة بمنافسة المحتوى التقليدي مع المحتوى الذي تم إنتاجه بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي، والتي يشكك الكاتب بجودتها وموضوعيتها. ويؤكد الكاتب على ضرورة تحسين المواقع لتكون أكثر توافقاً مع الذكاء الاصطناعي، سواء من خلال إجراء تغييرات أو تحسينات في واجهات المواقع أو حتى تطوير نسخ أخرى من المواقع مخصصة لتفاعل الذكاء الاصطناعي فقط، وهو ما يشبه مفهوم 'المطابخ الشبحية' التي توفر الطعام عبر منصات توصيل الطعام فقط.


الديار
منذ 2 ساعات
- الديار
نتنياهو يهدّد بإزالة الشرق الأوسط
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب لعل الغرب الذي يهتز لموت قطة، ولم يهتز لمقتل عشرات آلاف الفلسطينيين (هل اهتز العرب؟)، بدأ يستفيق من غيبوبة الرجل الأبيض. صرخة في "اسرائيل" خشية التحول في الرؤوس الأوروبية والأميركية، بعدما بدأت الصحف والشاشات تضج بالآراء التي تندد بـ"الابادة النازية" في غزة. ها هي بريطانيا بوعد بلفور، الذي رأى فيه لويد جورج "الصدى المقدس لوعد يهوه"، تستفيق، وكذلك فرنسا، وكذلك كندا والاتحاد الأوروبي. أنين الأطفال القتلى أو الجوعى يدق الآن على الأبواب الأميركية، على كل باب أميركي "بطائراتكم وبقنابلكم قتلتم العالم". من زمان كتبنا عن "موت العالم". حتى الموتى يصرخون من قبورهم أمام ذلك الشبق الجنوني للدم. اذاً نحن الذين رفضنا أن نضع باقة من الزهر على ضريح يعرب بن قحطان، نضع باقة الزهر على ضريح الفوهرر، لأن ما فعله بنيامين نتنياهو بالفلسطينيين (وباللبنانيين) يفوق بأضعاف ما فعله زعيم الرايخ الثالث باليهود. قد يفتح ديفيد غروسمان عينيه، ويصف رئيس حكومته بـ"قاتل اليهود"، مثلما وصف الكاتب النمسوي ستيفن زفايغ أدولف هتلر بـ "قاتل اليهود". لطالما قلنا "العرب قتلة العرب"، والا هل كان لدونالد ترامب أن يدعو، وسط تلك التلال من الجثث، الى التطبيع مع برابرة القرن. هكذا نحن من الغيبوبة العثمانية الى الغيبوبة الأميركية، لتظل أرضنا مسرحاً للعبة الأمبراطوريات وللعبة الآلهة، وحتى للعبة الايديولوجيات الرثة، لكأننا وجدنا في هذا العالم فقط لكي نرقص بين القبور. جو بايدن تجرأ في بدايات الحرب، وخرج من شخصية البطة العرجاء، ليقول لنتنياهو "أنك تضع مصير اليهود على حبل المشنقة". وهكذا قال توماس فريدمان، الذي كان ادوار سعيد يرى فيه "حاخام النيويورك تايمز"، لكن الرجل مضى في سياساته الهيستيرية الى حد قتل مليوني فلسطيني جوعاً. هذه ظاهرة لا مثيل لها في التاريخ، ومن هولاكو الى هتلر، ومن الفايكنغ الى المغول. دونالد ترامب جاءنا بعباءة اله القرن لكي يوقف الحروب. لم يكترث بالأشلاء التي تلف بالأكفان. متى كانت جثثنا، بما فيها جثث الباقين على قيد الحياة، تعني الغزاة؟ فرنسا والسعودية دعتا الى مؤتمر دولي في نيويورك بين 17 و 20 حزيران، من أجل اطلاق خارطة الطريق الخاصة باقامة الدولة الفلسطينية. للتو هدد نتنياهو الذي يرى في الدولة الفلسطينية "القنبلة في ظهر يهوه"، بضم الضفة الغربية الى "اسرائيل". رجل ضد سائر البشر، على ظهره القنابل النووية. هذه المرة لا يعد ويتوعد بتغيير الشرق الأوسط، يعد وبتوعد بازالة الشرق الأوسط، وربما بازالة العالم، اذا عدنا الى النصوص التوراتية والتلمودية، التي ترى أن ظهور "الماشيح" في آخر الأزمنة، يقتضي ازالة أي أثر لكل من لا يعتنق اليهودية. الآن بدأت ترتفع الأصوات في أوروبا. في أميركا وباء آخر هو اللاسامية، على شاكلة المكارثية التي شاعت في مطلع الخمسينات من القرن الفائت، والتي وضعت في قفص الاتهام كل من يحاول احداث تغيير في البنية الفلسفية للأمبراطورية، حتى إن الفيلسوف اليهودي - الأميركي نورمان فلنكشتاين، يرى في استخدام اللاسامية سلاحًا ضد كل من يعترض على السياسات الوحشية لليمين الاسرائيلي "حلقة سوداء من تلك السلسلة الطويلة التي دأبت على تشويه العقل البشري". تلك الأصوات التي تعتبر أن الهولوكوست اليهودي وضع التراجيديا اليهودية في الضوء، وأدى الى التعجيل بولادة دولة "اسرائيل"، تعتبر أيضاً أن الهولوكوست الفلسطيني الذي وضع التراجيديا الفلسطينية في الضوء، لا بد أن يؤدي الى التعجيل بولادة دولة فلسطين. هل هو انقلاب في الرؤية الأوروبية للعرب، بعدما كان الشائع ثقافيًا وتاريخيًا، الا مساواة بين الجثث، ولا مساواة بين البشر، لكأن الحضارات لم تظهر على هذه الأرض، كذلك الديانات. الفيلسوف الفرنسي اليهودي ادغار موران، وجه رسالة الى الرئيس جورج دبليو بوش، غداة 11 أيلول 2001 "عندما تطلق الرصاص على أي رأس هناك لكأنك تطلقه على رأس آدم"!... مطحنة الدم في غزة لا بد أن تفضي الى "المطحنة الديبلوماسية" في نيويورك. حتى الآن لا كلام للرئيس الأميركي. ما يتردد في الظل أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لم يكونا ليطرحا موضوع المؤتمر الدولي لولا الضوء الأخضر الأميركي، لنسأل اذا كان الرجل الذي حاول القفز فوق القضية الفلسطينية، وفرض دومينو التطبيع على ما تبقى من الدول العربية، قد اقتنع أخيراً بأن وقف الصراع يبدأ من فلسطين، لا من اي مكان آخر. في الثمانينات من القرن الفائت، فكر الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران بالدعوة الى عقد مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط في مدينة البندقية. للتو ظهر مقال في "النيويورك تايمز" استوحي عنوانه من عنوان رواية الألماني توماس مان الشهيرة "موت في البندقية". رجل الاليزيه فهم أن مفاتيح المنطقة في واشنطن لا في باريس بروائع كوكو شانيل، ولا في موسكو بديبلوماسية راقصات البولشوي، ولا في بكين بديبلوماسية الرقص على رؤوس الأصابع. الشرق الأوسط يتغير، ولكن لحساب من؟ ميريام ادلسون، أرملة الملياردير النيويوركي شلدون ادلسون، اقترحت اضافة فصل جديد الى التوراة يحمل اسم "سفر ترامب". الآن يصفه معلقو اليمين بالرجل "الذي ألقى بأمن اسرائيل الى الكلاب". ما علينا الا أن ننتظر...


ليبانون 24
منذ 6 ساعات
- ليبانون 24
المستشار الألماني: روسيا تهدد أمن أوروبا المشترك
قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس إنّ " روسيا تُهدّد أمن أوروبا"، وذلك أثناء زيارة قام بها إلى ليتوانيا للاحتفال بتأسيس أول وحدة عسكرية دائمة ألمانية في الخارج منذ الحرب العالمية الثانية. وأضاف: ""هناك تهديد لنا جميعا من روسيا. نحمي أنفسنا من هذا التهديد، لهذا السبب نحن هنا اليوم".