
"تيك توك فور أرتيستس".. منصة جديدة لأهل الفن
توفر المنصة الجديدة للفنانين أدوات لترويج أغانيهم وفهم مقاييس الأداء والتواصل مع جمهورهم.
وأشار موقع "تك كرانش" المتخصص في موضوعات التكنولوجيا إلى أن المنصة الجديدة تعمل بشكل تجريبي حاليا في أستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية وإندونيسيا، في حين تستهدف "تيك توك" توفيرها في أسواق إضافية في المستقبل، مع إطلاقها لمجموعات أوسع من المستخدمين.
وبحسب موقع "تيك توك فور أرتيستس"، سيكون بوسع الفنانيين استخدام المنصة لتنظيم حملات للترويج لأعمالهم الفنية المنتظرة والترويج لأنفسهم على منصات التواصل الاجتماعي.
كما يمكن للفنانين إطلاق حملات تواصل مع الجماهير وتحقيق أرباح منها، مثل حملات الألبومات لتحفيز الحجز المسبق للأغاني الجديدة على منصات مثل أبل ميوزيك وسبوتيفاي، أو طرح المنتجات الحصرية.
سيتمكن الفنانون أيضا من الوصول إلى بيانات الأداء لمعرفة مدى نجاح منشوراتهم وأغانيهم. كما سيتمكن الفنانون من معرفة المزيد عن معجبيهم، مثل البلدان التي يوجد فيها أغلبهم.
بوسع الفنانين أيضا تسليط الضوء على فيديوهات المعجبين وبناء مجتمعات لهم من خلال المنصة. وسيتم عرض فيديوهات المعجبين المختارة في قسم "تسليط الضوء على المعجبين" ضمن قسم الموسيقى في ملف الفنان الشخصي.
وتعتزم تيك توك تقديم مزيد من المعلومات حول المنصة الجديدة خلال الأسابيع المقبلة.
يأتي بدء اختبار المنصة الجديدة بعد شهور من قرار شركة التكنولوجيا الصينية "بايت دانس" مالكة منصة "تيك توك" إغلاق خدمة "تيك توك ميوزيك" التي كانت متخصصة في البث المباشر للأغاني بعد اختبارها في عدة دول.
في ذلك الوقت، قالت الشركة إنها قررت إيقاف الخدمة "للتركيز على هدفنا المتمثل في توسيع دور تيك توك في تعزيز استماع الموسيقى وزيادة مردود خدمات بث الموسيقى".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 5 ساعات
- سعورس
تجار البيانات.. الأطفال أول من يدفع الثمن!
وتوضح بيانات محلية أن اعتماد الطفل السعودي على الأجهزة الرقمية يبدأ في سن مبكرة ويرتفع بشكل ملحوظ، فقد أظهرت دراسة صادرة عن جامعة سعودية أن 74% من الأطفال السعوديين (أعمار 5–16 سنة) يمكنهم الوصول إلى حاسوب لوحي، وأن متوسط عمر امتلاك الطفل لأول جهاز متصل بالإنترنت هو 7 أعوام، فيما تشير إحصائيات رسمية إلى أن 32.07% من الأطفال (5–7 سنوات) يستخدمون الأجهزة الرقمية ساعة إلى ساعتين يوميًا، بينما يستخدم 25.78% منهم الأجهزة أقل من ساعة، وتُظهِرُ دراسة حديثة أن الوقت المتوسط الذي يقضيه الطفل السعودي على الأجهزة المحمولة يصل إلى نحو ساعتين و42 دقيقة يوميًا، فيما يستخدم نحو 23.4% من الأطفال (5–9 سنوات) الإنترنت على الأقل بصورة منتظمة. أكثر التطبيقات عند الأطفال وفيما يتعلق بأكثر التطبيقات والألعاب شعبية؛ كشفت بيانات (Kaspersky Safe Kids) أن التطبيقات الأعلى استخدامًا بين الأطفال في السعودية هي (يوتيوب) بنسبة 37.9% تليه لعبة (Roblox) بنسبة 14.2% ثم تطبيق (TikTok ) ب10.5%، وتُعَدّ منصات الفيديو والمراسلة من الأكثر شيوعًا؛ حيث يتصدر يوتيوب قائمة اهتمامات الأطفال، يليه تطبيقات مثل واتساب وسنابشات، كما تحظى ألعاب مثل (Brawl Stars) و (Among Us) و(Minecraft) بشعبية واسعة بينهم، وكل ذلك يشير إلى أن معظم الأطفال السعوديين يمزجون بين متابعة المحتوى المصور والتواصل الاجتماعي مع الألعاب التفاعلية على هواتفهم وأجهزتهم الذكية. أساليب جمع البيانات وتجمع التطبيقات والألعاب الرقمية عن الأطفال كميات كبيرة من المعلومات الحساسة، فمن المحتمل أن تصل إليها بيانات الموقع الجغرافي الدقيق للجهاز، والمعرّفات الفريدة مثل (Google Advertising ID) أو (Android ID)، وسجلات التصفح والبحث، وحتى محتوى الكاميرا والميكروفون ودفتر العناوين، وهذه البيانات تُرسل غالبًا إلى خوادم الشركات المطوِّرة أو أطراف ثالثة (مثل شبكات إعلانات) عن طريق برمجيات تتبع مخفية داخل التطبيقات. وفي دراسة أمريكية على تطبيقات أطفال، وجد الباحثون أن ثلثي التطبيقات المشهورة بين الأطفال تتبادل معرّفات رقمية مستمرة مع قواعد بيانات خارجية مثل (Facebook Graph)، وأوضح الفريق البحثي أن البيانات الأكثر شيوعًا المرسلة شملت معرّفات الإعلانات ومعرّفات الجهاز (Android ID) ورقم تسلسلي للهاتف والموقع الجغرافي. كما قد تستخدم التطبيقات وسائط تفاعلية لجمع معلومات إضافية، كالإعلانات التفاعلية أو مساعدات الصوت، التي تدفع الطفل لمشاركة بياناته أو التفاعل بشكل يزيد من ملفه الشخصي. وحذّرت طبيبة سلوك الأطفال الدكتورة جيني رادسكي من أن الأطفال "لا يفهمون أبدًا نوايا الإعلانات التسويقية" وعليه "لا يحق للشركات مراقبة صغار السن ثم تقديم إعلانات مصمَّمة لهم بهدف الربح". انتهاك الخصوصية وقد حدثت بالفعل حوادث بارزة تظهر خطورة جمع بيانات الأطفال، ففي اختراق شركة (Vtech) عام 2015، سرق القراصنة بيانات وشخصيات مئات الآلاف من الأطفال؛ شملت الأسماء وتواريخ الميلاد والصور الشخصية ورسائل الدردشة وحتى ملفات صوتية لأصوات الأطفال، أما في الوسط الرقمي، فقد واجهت تطبيقات شهيرة اتهامات بانتهاك خصوصية القاصرين، فمثلاً رفع المدعي العام الأمريكي قضية ضد (تيك توك) متّهمًا إياها بالتسبب في وصول ملايين الأطفال دون 13 عامًا إلى خدمة عادية على المنصة وجمع بياناتهم دون موافقة أولياء أمورهم، وهذا مثال على مخالفات (قانون حماية خصوصية الطفل الإلكتروني - COPPA) الأمريكي الذي يمنع جمع معلومات شخصية من دون إذن أولياء الأمور. قوانين وممارسات وعلى الصعيد التشريعي، يسعى النظام في المملكة لإرساء قواعد لحماية البيانات العامة، لكن القوانين المتخصصة بخصوصية الأطفال لا تزال في بداياتها، حيث أُصدر (قانون حماية البيانات الشخصية) عام 2021 وتفعّل فعليًا في 2024 بإشراف (الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي -سدايا)، ويتطلب القانون موافقة صريحة لمعالجة البيانات الشخصية، ويعتبر القاصرين من فئة "عديمي الأهلية الكاملة"، مما يعني أن ولي الأمر يجب أن يوافق نيابةً عنهم، في المقابل، يشترط الاتحاد الأوروبي في (اللوائح العامة لحماية البيانات - GDPR) موافقة ولي الأمر إذا كان عمر الطفل أقل من 16 عامًا -ويجوز للدول الأعضاء خفض السن إلى 13- وفي الولايات المتحدة ، يحظر (قانون COPPA) جمع بيانات شخصية من الأطفال دون 13 عامًا دون إذن الوالدين. وأبدت الجهات الرسمية بالمملكة اهتمامًا متزايدًا بحماية الأطفال في البيئة الرقمية، ففي ديسمبر 2023 أطلق مجلس شؤون الأسرة الإطار الوطني الأول لحماية الطفل على الإنترنت، والذي يهدف إلى تنسيق جهود الحكومة والخاصة لوضع استراتيجيات توعوية وتشريعية شاملة، كما أسهمت المملكة دوليًا في تعزيز القضية، حيث قادت مبادرة (حماية الطفل في الفضاء السيبراني) العالمية وحظي مشروع قرار سعودي بالأمم المتحدة لمواجهة مخاطر الإنترنت على الأطفال بإجماع دولي، إلى جانب ذلك توفر هيئة الاتصالات والفضاء منظومة توعوية مبسطة؛ فقد نشرت دليلاً إرشاديًا للأسر يشرح المخاطر التقنية وكيفية إبقاء الأطفال في أمان عند التصفح، وتؤكد هذه المبادرات أن الجهات التنظيمية تعي الحاجة إلى رقابة أقوى وتوعية مستمرة، رغم الفجوات المتبقية في التشريعات المحلية. المناهج ومفاهيم الخصوصية وعبّر أولياء الأمور والمعلمون عن قلق كبير حول هذا الموضوع بلسانٍ مشابه، فتراهم حريصين على حماية أطفالهم بإجراءات متعددة، حيث قال «محمد سعيد» -أب لطفلين- إنه يراجع باستمرار التطبيقات والألعاب التي يريد أطفاله تحميلها على أجهزتهم، ويحد من إعدادات خصوصية الموقع والكاميرا بحيث لا تُلتقط معلومات دون علمه. مضيفًا أنّه يعمد إلى استخدام خاصية رقابة الأهل (parental control)، ويتواصل مع أطفاله حول مخاطر مشاركة أي بيانات شخصية. فيما أشار «علي عبدالله» -مدير مدرسة- إلى ضرورة إدخال مفاهيم الخصوصية ضمن المناهج المدرسية، مبينًا أن توعية الأطفال بشكل مبسط بخصوص معلوماتهم الشخصية وإنترنت الأشياء يمكن أن يقلل من استغلال بياناتهم، ورغم أن العديد من العائلات واعية لأهمية الحماية الرقمية، إلا أن الدراسات العلمية تشير إلى فجوة بين قلق الأهالي وإجراءاتهم؛ فمعظمهم يخشون المحتوى وأمان التطبيقات، لكنهم قد لا ينتبهون دائمًا إلى تراخيص الوصول التي تطلبها التطبيقات مثل الموقع أو جهات الاتصال. التأثيرات النفسية والاجتماعية من جهة أخرى؛ يحذر الخبراء النفسيون من أن مراقبة نشاط الأطفال واستهدافهم بالإعلانات موجه قد تترك آثارًا سلبية على نفسيتهم، حيث ربطت دراسات متخصصة الاستخدام المفرط للإنترنت والإعلانات الموجهة بمشكلات نفسية ومجتمعية؛ فقد وجدت أبحاث أن المراهقين الذين يقضون ساعات طويلة على وسائل التواصل أقلّ عرضة للنوم وتعاني ثقتهم بالنفس وانخفاض تقديرهم لذواتهم. كما حذّر باحثون من أن البيئة الموجهة نحو الربح الرقمي قد تفعّل عند الأطفال "ثغرات أو اضطرابات نفسية قائمة"، مثل القلق والاكتئاب واضطرابات الأكل. ويتفق المختصون على أن بيئة التتبع والإعلانات السلوكية تحول طفولة الأطفال إلى منطقة اختبارات لتسويق يكرّس مصلحة الشركات التجارية على حساب سلامة الطفل وصحته النفسية. فرص للحماية وتنصح وكالات أمن الإنترنت بتمكين الرقابة الأبوية والتأكد من إعدادات الخصوصية المشددة على الأجهزة، ثم مراجعة كل لعبة أو تطبيق قبل السماح للطفل باستخدامه، فمثلًا توصي (مصلحة التحقيقات الفيدرالية الأمريكية - FBI) بضرورة مراجعة الألعاب والتطبيقات قبل تحميلها، وضبط الخصوصية بأعلى مستوى للجميع (الأجهزة، وسائل التواصل، أجهزة الألعاب)، وإبقاء أجهزة الأطفال في غرف مشتركة مع العائلة، كما يُستحسن أن يُعلم الوالدان أولادهم أهمية عدم مشاركة معلومات شخصية (اسم، عنوان، مدرسة) عبر الإنترنت، وأن يتواصلوا بصراحة حول مخاطر التفاعل مع الغرباء أو الإعلانات المغرية. أما على صعيد المؤسسات التشريعية والتنظيمية، فيُفترض أن تُؤصّل لحماية الأطفال قانونيًا بما يوازي المعايير العالمية، إذ يوصي الخبراء بوضع سن قانوني واضح للموافقة الرقمية وإلزام مطوري التطبيقات بطلب موافقة صريحة من أولياء الأمور قبل جمع أي بيانات حساسة للأطفال. كما يحتاج الأمر إلى تعزيز قدرة الهيئات الرقابية على اختبار التطبيقات المنتشرة والتأكد من التزامها، مثل تسجيلها لدى "سدايا" واتباع "السياسات الوطنية لحماية البيانات"، إلى جانب الاستثمار في برامج تعليمية للأطفال تحثّ على استخدام آمن للإنترنت ضمن المناهج المدرسية، إضافةً إلى ذلك، يمكن إنشاء شهادات أو تصنيفات أمان للتطبيقات المعتمدة للأطفال، وتشجيع الشركات التقنية المحلية على تطوير تطبيقات صديقة للخصوصية تستهدف الأطفال. ويجمع الخبراء على أن حماية خصوصية الطفل على الإنترنت هي مسؤولية مشتركة: تقنية، تربوية، وقانونية، من خلال اعتماد إجراءات فعلية (ضبط الخصوصية، الرقابة الأبوية، التوعية) مع سنّ تشريعات دقيقة وإصدار لائحة خاصة للأطفال، يمكن تخفيف المخاطر الرقمية وجعل عالم الإنترنت أكثر أمانًا لصغارنا.


صدى الالكترونية
منذ يوم واحد
- صدى الالكترونية
ياسمين الخطيب عن سوزي الأردنية: لن أستضيف من يسئ لمصر أو يحقق شهرة بلا مجهود
أثارت الاعلامية المصرية ياسمين الخطيب تفاعلاً واسعاً بتعليقها على الجدل المثار مؤخراً حول مطالبة مشهورة تيك توك المعروفة باسم 'سوزي الأردنية' بمقابل مادي نظير مشاركتها في إحدى حلقات برنامج 'مساء الياسمين'، وتحديدًا مقابل ظهورها بأزياء خاصة. وقالت الخطيب خلال إحدى حلقات برنامجها المذاع على شاشة قناة 'القاهرة والناس': 'محدش يسألني أنا باخد كام.. أنا باخد كتير، وبشتغل على نفسي كويس جدًا. أنا إعلامية، وفنانة تشكيلية، وكاتبة لي مقالات منشورة في صحف مصرية مرموقة، سواء اختلف الناس أو اتفقوا مع آرائي'. وأضافت: 'أنا مش هضيف لبرنامجي ناس عاطلين وبيسيئوا لمصر، والناس بتاخدهم قدوة لمجرد إنهم بيكسبوا فلوس من غير أي مجهود. اللي متعاطف معاهم يروح يديهم فلوس من جيبه، لكن أنا مش هدّيهم جنيه واحد'.

سعورس
منذ يوم واحد
- سعورس
سراج مُترْجِما «مَدخل إلى اللّسانيّات الاجتماعيّة»
غير أنّ هذا العمل، بالرغم من أنواريّته، لا يخلو من ظلال صمته: كصمْتِ اللّغات البعيدة، والفجوات الرقميّة، أو الأصوات التي أَفرزها القَرن الحادي والعشرون. ولكن لكلّ شيء إذا ما تمّ نقصان. الفصل الأوّل: أناقة تربويّة أو فنّ كشْف اللّامرئيّ يَبرز هنري بوييه كصانعِ ساعاتٍ ماهر، يُركِّب تروسَ اللّسانيّات الاجتماعيّة بدقّةٍ تعليميّة، من دون أن يَقع في شَرَكِ التكلُّف؛ فأَتتْ كتابتُه جامعةً للرصانة العلميّة والطرافة الاجتماعيّة، تُذكِّر بأولئك الأساتذة الذين تتحوّل أفكارهم المجرّدة إلى مناظر حيّة. فمفهوم الازدواجيّة اللّغويّة، مثلاً، من أعْقد المفاهيم: لكنّه يَتحوّل لدى «بوييه» إلى مسرحٍ تتقابَل فيه الفرنسيّة والأوكسيتانيّة، كون الواحدة تُهيْمِن على الفضاء العامّ، والأخرى تُقاوم داخل دفء البيوت. فالمؤلِّف «بوييه» يختارها - مثل الكريول المارتينيكي، أو لهجات الألزاس - ليست باعتبارها توضيحاتٍ فحسب، بل لكونها أفعالَ مُقاوَمة ضدّ النسيان اللّغوي. مع ذلك، فإنّ هذا الوضوح له ثَمن، ففي تجنّبه ممرّات النظريّة النقديّة - تلك الغابات التي خَطَّ فيها بورديو وفوكو مَسالِكَهم - يُقدّم «بوييه» خريطةً مبسّطة، شبه مُريحة، فيَجد القارئ المبتدئ فيها ملاذًا. أمّا القارئ المُتعمّق فقد يتنهّد أمام غياب ظلال السلطة أو الاستعمار. فاللّغة ليست ساحةَ معركة، وإنّما حديقة يتمّ جرْدُها. الفصل الثاني: الفرنكوفونيّة بين النور والسراب يَختار «بوييه» أن يرسو في الفضاء الفرنكوفوني، بأدواتِ رسّامٍ يحدّ ألوانَه بالأزرق لتسليط الضوء على تدرّجاتِه. يتناول بالدَّرس والمُقارَنة بلدانًا كفرنسا وكندا والمغرب العربي، فتتحوّل هذه الأراضي إلى شخصيّاتٍ كاملة، لكلٍّ منها تاريخٌ لغوي مضْطرب. فيُصوِّر «بوييه» كندا كبروميثيوس مكبّل، يُقاوِم الذوبان في اللّغة الإنجليزية، ويتأرجَح بَين «التجوال» والفرنسيّة «النقيّة». أمّا المغرب العربي، فيُجسِّد مُعادلةً لغويّة مستحيلة: فالعربيّة الفصحى، مقدَّسة، لكنّها بعيدة؛ فيما تُشكّل الفرنسيّة إرثًا استعماريًّا مُلتبسًا؛ علاوة على اللّهجات الأمازيغيّة ذات الجذور المخنوقة. لكنّ هذا التركيز، بالرّغم من غناه، يُقيِّد الأُفق. فأين هي الملامح الاجتماعيّة في المحيط الهادئ، أنغام السواحليّة، أو الرقصات النحويّة للهنديّة والأوردو؟ حين يَكتب «بوييه» كراوٍ للأسرة الفرنكوفونيّة، يَشعر القارئ وكأنّه في رواية عائليّة، لا ملحمة كونيّة. القارئ، مثله مِثل أوليس المقيَّد، الذي يَحلم بعبور أعمدة هرقل لاستكشافِ بحارٍ لغويّة مجهولة. الفصل الثالث: الصمت والأشباح كلُّ عملٍ أدبيّ يَحمل في داخله ما يَسكت عنه. وكتاب «مقدّمة في اللّسانيّات الاجتماعيّة» ليس استثناءً. فالعقْد الأوّل من الألفيّة، كفترةٍ مفصليّة غيَّرت فيها التكنولوجيا الرقميّةُ علاقةَ الإنسان بلغتِه، حضرَتْ باستحياء في الكتاب. فكيف لا نتذكّر التغريدات التي تُهشِّم المعايير، أو النكات الكريوليّة الراقصة على تيك توك، أو اللّغة الإنجليزية المدجَّجة بالذكاء الاصطناعي؟ فلم يكُن «بوييه» ليتنبّأ بهذه الانقلابات، لكنّ الطبعة المنقّحة من الكِتاب كانت غنيّة في استدراك النقص في الطبعة الأولى. وثمّة ملحظ في كتاب «بوييه» هو الصمت عن موضوعات ملحّة، مثل: أصوات النساء والأقليّات. صحيح أنّ العمل يتناول الصراعات اللّغويّة، لكنّه يَفعل ذلك من منظورٍ مُحايد، فأين هي الإبادة اللّغويّة التي طالَت الشعوب الأصليّة؟ وأين هي اللّهجات المُستحدَثة بأثرٍ من وسائل التواصُل الاجتماعي والانفتاح الرقمي؟ فاللّسانيّات الاجتماعيّة حتّى تكون نقديّة بحقّ، عليها أن تصغي لهذه الهمسات المتمرّدة. الفصل الرّابع: أوديسة غير مُكتملة يَتميّز «بوييه»، مُقارَنةً بعمالقة العالَم الأنغلوساكسوني على غرار «ترودغيل» أو «ووردو»، بإنسانيّته الفرنكوفونيّة. فكتابه بمثابة منارة للّذين يُبحرون قرب الشواطئ المعروفة. ولكنّه أمام مفكّرين مثل «بلومارت» الذي حلَّل التنوُّع الفائق عالَميًّا، أو «بنيكوك» الذي فكَّك المَشاهد اللّغويّة الحَضَريّة، يبدو وكأنّه مخطوطة أقلّ بزوغًا تحت ضوءٍ نيونيّ قاسٍ. مع ذلك، تبقى هذه «المقدّمة» بمثابة مفتاحٍ ذهبيّ، فهي تَفتح أبوابَ حقلٍ يُعَدّ فيه كلّ لفظ عَهدًا بين الفرد والجماعة؛ ف«بوييه»، كونه مُرشدًا ودودًا، يُذكِّر بأنّ اللّغات ليست أنظمة جامدة، بل هي أجساد حيّة، موسومة بجراح التاريخ وآمال الشعوب. نحو لسانيّاتٍ اجتماعيّة متضامنة تَعني قراءة «بوييه» السَّير على حبلٍ مشدود بين العِلم والتضامُن. فعمله يظلّ مُلهِمًا؛ إذ يدعو إلى لسانيّاتٍ اجتماعيّة تَحتضن اللّغات المهاجِرة، والهجن الرقميّة، والحكايات الحميمة للمتكلّمين المَنسيّين. فدراسة اللّغات تَعني الإصغاء إلى روح المُجتمعات.. وهي روح متعدّدة، متشظّية، لكنّها قادرة دومًا على أن تولد من جديد في لهجةٍ أُعيد إحياؤها أو في نحْتٍ لغويّ جريء. وحين نغلق هذا الكتاب، لا يَسعنا إلّا أن نتخيّل ما كان ليكتبه «بوييه» اليوم: اللّسانيّات الاجتماعيّة أقلّ تحفّظًا، وأكثر شغبًا، إذ تتجاور الفرنسيّة الإقليميّة والإنجليزية العالميّة، فيلتقي نَسَقُ «الفرلان» أو «الكتابة المعكوسة» الذي أنبتته ضواحي باريس بالفَيض الكتابيّ الشبابيّ على الشابكة. ويتمّ جَسْرُ الهوّة بين مرحلة لابوف وبوييه عَبْرَ وسائل التواصُل الاجتماعي. وحتّى ذلك الحين، تظلّ «المقدّمة» حَجَرًا أساسًا جوهريًّا في مَعبد اللّسانيّات. أمّا النسخة العربيّة التي بين أيدينا، والتي تولّى ترجمتَها الباحثُ اللّسانيّ الاجتماعي د. نادر سراج، ففيها جهدٌ لا يُنكَر، فانساب النصّ.. نصّه بسلاسةٍ علميّة واستيعابٍ مُصطلحيّ عميق، وليس غريبًا على المُترجِم اللّبناني، فقد أنفق نصف قَرنٍ في قاعات الدَّرس اللّساني في الجامعات العربيّة والغربيّة، وأَنجز دراساتٍ تُشكّل علامة فارقة في الدرس اللّساني الاجتماعي العربيّ، ولا سيّما تلك التي تتعقّب نبضَ الشارع وتتبصَّر في «نحوه» المُبتدَع على جدران المُدن، وتَكشف النّقابَ عن أشواق المُهمَّشين وبوحِهم المُضمَر. فقد أَخذ على عاتقه منذ عقودٍ طويلة خَوْضَ تجربةٍ بحثيّة تطبيقيّة عنوانها الانشغال اللّساني بدراسة موضوعات مُهمَّشة، ومُغيَّبة، وغير مألوفة من نمط عيشنا المُتغيّر، ونقْلها من مرتبة «اليومي» إلى رواق الأكاديميا. تمثّلت باكورة إصداراته في كتاب «دراسة فونولوجيّة مقارنة لمحكيّة بيروت المعاصرة» (1997)، بالفرنسيّة، و«حوار اللّغات» بالفرنسيّة (2003)، والمُعرّب لاحقًا (2007). على مدى ثمانية عشر عامًا أوضح طبيعةَ اهتمامه بمسائل تحليل الخطابات غير المألوفة: الالتفافيّة والشبابيّة والإدانيّة والاحتجاجيّة الرائجة مفرداتُها في الكلام اليومي؛ سواء أكان هذا الخطاب فضائحيًّا لا أخلاقيًّا «خطاب الرشوة» (2008)، أم تواصليًّا شبابيًّا مُستجدًّا «الشباب ولغة العصر» الذي حازَ جائزة أفضل كتاب عربي عن العام 2013 من «مؤسّسة الفكر العربي»، أم اعتراضيًّا ينايريًّا مصريَّ الهوى «مصر الثورة في شعارات شبابها» (2014)، أم احتجاجيًّا مدنيّا لبنانيَّ الوسمِ «الخطاب الاحتجاجي» (2018)، أم استشرافيّاً لبلاغةٍ شعبيّة مُعارضة ومبتكرة «صرخة الغضب» (2021). نَشر سنة 2009 ترجمة كتاب أندريه مارتينه «وظيفة الألسن وديناميّتها» الصادرة عن «المنظّمة العربيّة للترجمة»؛ وأَصدر لاحقًا «البيت: السوسيولوجيا واللّغة والعمران.. دراسة لسانيّة تطبيقيّة» (2017)؛ و«أفندي الغلغول شاهد على تحوّلاتِ بيروت خلال قَرن: 1854 - 1940» (2013)؛ و«معجم العربيّة المحكيّة في لبنان: ألفاظ وعبارات من حياة الناس» (2020)؛ و«بيروت جدل الهويّة والحداثة» (2023). ويُضاف هذا المُنجَز الجديد إلى معمار نادر سراج، الآنف الذّكر، الذي تتراصف فيه الأدوات المنهجيّة بمبضع الفنّان النبيه والباحث المُلتزم بقضايا المجتمع وتنهيدات اللّغة وتحوّلات الخطاب بين المركزيّات والهوامش. *أكاديمي من الأردن * ينشرَ بالتزامن مع دورية «أفق» الإلكترونيّة الصادرة عن مؤسسة الفكر العربي