logo
الهوية والانتماء في شعر ما بعد الحداثة .. قراءة في "الشعر، الذات والوطن" ل"حميد عقبي"

الهوية والانتماء في شعر ما بعد الحداثة .. قراءة في "الشعر، الذات والوطن" ل"حميد عقبي"

يمرس٣١-٠٣-٢٠٢٥

يمثل كتاب "الشعر، الذات والوطن" للمخرج والناقد اليمني حميد عقبي، المقيم في فرنسا ، نافذة جديدة لفهم الأبعاد المعقدة التي تتناولها القصائد في عصر ما بعد الحداثة. يتناول الكتاب موضوعات الذات والوطن بأسلوب مبتكر يتجاوز الأطر التقليدية، حيث يبرز تعقيدات الإنسان والعلاقة المتشابكة مع الوطن، الذي أصبح مفهومه أكثر تشويشًا في زمن الحروب.
بمناسبة اليوم العالمي للشعر، أصدر عقبي هذا الكتاب عن دار نشر صبري يوسف في ستوكهولم. يحمل الكتاب عنوان "تأملات في تجارب شعرية عربية" ويضم دراسات نقدية تأملية عن عشرين تجربة شعرية عربية، موزعة على 298 صفحة من القطع المتوسط.
أضفى الأديب والناشر صبري يوسف لمسة من الثراء والتكثيف على مقدمة الكتاب، حيث أبرز نماذج متنوعة من الشعراء الذين اشتغل عليهم عقبي، مما منح القارئ فرصة لاستكشاف عوالم شعرية غنية ومتنوعة تعكس تجارب إنسانية عميقة في سياقات مختلفة.
تجارب الشعراء
سأستعرض بعض تجارب عدد من الشعراء الذين أضاءت كتاباتهم على هذه الموضوعات، منهم سعدي يوسف، شاعر عراقي يُعتبر واحدًا من أبرز الأصوات الشعرية في العالم العربي الحديث. وُلد في عام 1934 في مدينة البصرة ، وعاش تجارب عديدة من المنفى والاغتراب، مما أثر بشكل كبير على شعره.
في قصائده، يزاوج يوسف بين الذات والوطن، حيث تنعكس مشاعره تجاه الوطن الذي فقده في ظل الظروف السياسية الصعبة وتجربته الشخصية في الغربة. يمتاز أسلوبه بالشعور العميق واللغة البسيطة التي تحمل دلالات غنية، مما يجعله قريبًا من القارئ العربي.
يقول سعدي يوسف:
ينسج العنكبوت على باب بيتي
أثوابَه العارية،
ليمُرَّ الهواء
وتَمُرَّ الروائح
والصيفُ
والضوءُ
حتى كأن السماء ابتداءً
في هذا النص، يستخدم سعدي يوسف صورة العنكبوت كرمز للتعقيد والتشابك في الحياة.
العنكبوت الذي ينسج على باب البيت يشير إلى تفاصيل الحياة اليومية التي تتداخل مع الذكريات، مما يخلق إحساسًا بالحنين والغربة.
الهواء والروائح والصيف تضفي شعورًا بالانتعاش، لكن هذا الانتعاش يتناقض مع حالة الفقد التي يعيشها الشاعر. النص يعبر عن الصراع الداخلي بين الشوق للوطن والاحتياج للتصالح مع الذات في ظل الغربة، مما يجعله نصًا غنيًا بالدلالات.
أما محمد آدم، الشاعر المصري الذي يُعرف بأسلوبه المتميز في تناول المواضيع الوجودية والإنسانية. وُلد في القاهرة ، وقد تأثر بالعديد من المدارس الشعرية، مما جعله يطور أسلوبه الذي يمزج بين الفلسفة والشعر. تتميز قصائده بتناول الأسئلة الوجودية التي تعكس قلق الإنسان في عصرنا الحديث. من قصيدته "مرثية آدم":
كم مرة صرخت إلى الموت
أيها الموت خذني إليك
لا أريد هذا العالم
ولا أريد هذه الحياة
يعتبر هذا النص تجسيدًا لمشاعر القلق والاغتراب. يتحدث آدم عن الموت ككائن حي، مما يفتح الباب أمام أسئلة عميقة حول معنى الحياة. تعكس الكلمات رغبة الشاعر في الهروب من عالم مليء بالمعاناة، حيث يصبح الموت خيارًا بديلًا للحياة التي لا يريدها. استخدامه للتكرار في "لا أريد" يُظهر شعورًا قويًا باليأس، مما يجعل القارئ يتأمل في قضية الوجود والأمل في عالم يبدو عبثيًا.
وأمجد ريان، الشاعر المصري المعروف بأسلوبه التجريبي الذي يمزج بين الهذيان والواقع. وُلد في الإسكندرية ، وقد عُرف بقدرته على استكشاف مشاعر الإنسان العميقة من خلال نصوصه غير التقليدية. يتميز شعره بتنوع الأساليب، حيث ينتقل من التأملات الشخصية إلى مشاهد الحياة اليومية، مما يخلق تجربة شعرية غنية ومؤثرة. يقول ريان:
تذكرة سينما قديمة منسية في جيبي
زجاجات مياه بلاستيكية فارغة
ملقاة في الشارع
في هذا النص، يُبرز ريان تفاصيل الحياة اليومية بشكل بسيط، مما يجسد شعور الخواء والفقد. التذكرة القديمة والزجاجات الفارغة تعكسان حالة من النسيان والضياع، حيث تصبح الأشياء العادية رموزًا للفراغ. النص يتناول فكرة الذاكرة وكيف أن الماضي يمكن أن يكون عبئًا، مما يترك القارئ في حالة من التفكير في معاني الحياة والأشياء التي نعتبرها بسيطة.
تأتي زينب الأعوج، شاعرة جزائرية تُعتبر من الأصوات الشعرية في الأدب العربي المعاصر. وُلدت في الجزائر ، لكن تجاربها الحياتية في باريس أثرت بشكل كبير على كتابتها. تتميز قصائدها بالحنين العميق للوطن، حيث تعكس مشاعر الحب والقلق تجاه الوطن الأم، مما يجعلها واحدة من أبرز شعراء الاغتراب. تقول زينب:
أجمع زلاتي
وأندلق امرأة مترعة
بالحنين
تُظهر هذه الكلمات عمق الارتباط العاطفي الذي تحمله الشاعرة. تداخل "زلاتي" مع "امرأة مترعة بالحنين" يعكس شعورها بالحنين والفقد، حيث يصبح الوطن رمزًا للذكريات الحية. النص يعبّر عن تجربة إنسانية شاملة، حيث تستحضر الشاعرة مشاعرها الشخصية لتتناول موضوعًا جماعيًا يتعلق بالوطن والهوية.
الشاعرة اللبنانية مريم جنجلو، واحدة من الأصوات المعروفه في الشعر العربي المعاصر. تتميز كتاباتها بالعمق والقدرة على استكشاف مشاعر الذات والوطن. تعكس قصائدها تجاربها الشخصية وتدخل في تفاصيل الحياة اليومية، مما يجعلها قريبة من القارئ. تقول مريم:
تقول إن أباها قذفها ونهض مسرعًا
لم يقبِّل أمها، فُولِدَت عرجاء.
تُظهر هذه الكلمات كيف تتداخل الهوية الشخصية مع الأسئلة الثقافية والاجتماعية. استخدام مريم للغة البسيطة لكنها معبرة يجعل من النص تجربة شعرية جميلة. "عرجاء" هي رمز للعيوب والاختلافات، مما يعكس تجربة الإنسان في البحث عن هويته في عالم مليء بالتحديات.
الشاعر اليمني عبد الغني المخلافي، ابن مدينة تعز ، وُلِد وعاش في ريفها الجميل. غادرها إلى إحدى دول الجوار بحثًا عن حياة أفضل. وبعد 22 عامًا من الغربة، أُجبر على العودة إلى وطنه الذي مزقته الحرب، ليجد أن كل شيء قد تغير.
عاش تجارب مؤلمة، مما جعله يعبّر عن الأمل واليأس في آن واحد. يتميز شعره بالتفاؤل رغم المعاناة، حيث يسعى من خلال كتاباته إلى رسم صورة واقعية عن بلاده. فيقول:
أحتسي الشاي وأنفث ماضي
الذكريات البعيدة.
أصغي بخشوع متناهٍ
إلى صوت الرعد
ثمّة نجمة وحيدة
تمارس ومضها الخافت ضد قلبي.
هذا النص يعكس حالة من التأمل والحنين. الشاي كعادة يومية يُستخدم كرمز للذكريات التي تتداخل مع الحاضر. يعكس الصوت الداخلي للشاعر الصراع بين الرغبة في نسيان الماضي والتعلق به، مما يُظهر كيف يمكن للذكريات أن تشكل الهوية.
صوت الرعد، الذي يتردد في الخلفية، يرمز إلى القوة والعواطف المتناقضة، مما يُعزز حالة القلق التي يعيشها. النجمة الوحيدة التي تُومض في السماء تُضفي لمسة من الأمل، رغم خفوتها، كأنها تشير إلى وجود شيء جميل حتى في الأوقات الصعبة. هذا التباين بين الرعد والنجمة يعكس الصراع الداخلي، حيث يمكن أن تكون الذكريات مؤلمة لكنها أيضًا تحمل بصيصًا من الأمل.
جميل حاجب، شاعر يمني يُبرز من خلال كتاباته صوتًا يعبر عن الوجود والإنسانية. وُلد في اليمن ، ويعبر في قصائده عن أحلامه وآماله في مواجهة واقع معقد. تتميز نصوصه بالصور الحية والتفاصيل الدقيقة، مما يجعلها قريبة من تجربة القارئ. يقول حاجب:
أصفر بفمي مثل طفل
أحين أكتفي بعناق شجرة
في هذا النص، تُظهر الكلمات بساطة الطفولة وجمال الطبيعة. الشجرة تُستخدم كرمز للحنان والأمان، مما يعكس رغبة الشاعر في العودة إلى البراءة. النص يعبر عن الأمل في الحياة رغم التحديات، مما يجعله نصًا مليئًا بالتفاؤل.
يصعب تلخيص الكتاب أو تقديم عرض شامل، سأكتفي بذكر العناوين الرئيسية لمن تبقى من الشعراء الذين تضمنهم الكتاب: التجربة الشعرية للشاعر عدنان الصائغ: همسات من المنفى إلى الوطن، قصائد نامق سلطان: الرغبات الصغيرة والسعادة البسيطة، التجربة الشعرية للشاعرة الفلسطينية ندى محمد أبو شاويش: فوضى أحلام صغيرة، التجربة الشعرية للشاعر المصري محمد نصر: امتلاء بالحلم وتدفقات بالمشهدية، التجربة الشعرية للشاعرة المصرية عزة رياض: ديوان "آيل للصمت" ومحاولات الهروب من ضجيج الألم، التجربة الشعرية للشاعر الجزائري عبدالله الهامل: عنقات مع متاهات لا متناهية، "كم هذا مرهق أيها البحر": للشاعر التونسي سمير بيّة، نص يحاكي الأثر الدائري للحرب، الشاعرة المصرية أمينة عبدالله: وتقديس الأنوثة، قراءة تأملية في افتتاحية قصيدة (لجفرا مُقلةُ العين) للشاعرة اللبنانية الفلسطينية دوريس خوري، الشاعرة الجزائرية سليمة المسعودي: نصوص تعانق عوالم متعددة، قصيدة "إلى ظلِّكَ الجنوبي/ إلى أخمصِ قدميك" للشاعرة اللبنانية لودي شمس الدين.
أهمية الكتاب في توثيق الاصوات الشعرية المعاصرة
تتجلى أهمية هذا الكتاب في سعيه لتقديم مقاربات متعددة من خلال جمع عشرين صوتًا شعريًا من العراق ومصر واليمن ولبنان والجزائر ، حيث يمثل هؤلاء الشعراء تجارب من أجيال متنوعة. تأتي تأملات حميد عقبي، كما هو معتاد، بنظرة سينمائية ومسرحية تبحث عن التفاصيل المعيشية الصغيرة وتسليط الضوء عليها، خاصة فيما يتعلق بموضوع الذات والوطن.
تعبر هذه الأصوات عن ذاتها المتشظية والمثقلة بتبعات الانتهاك الذي تعاني منه معظم الأوطان العربية، نتيجة الحروب والصراعات التي أفسدت الحياة وسلبت الناس كرامتهم وسعادتهم. تعكس هذه الأصوات الحالة التي تمر بها أوطانهم والعالم، حيث يشعر البعض بالمنفى حتى وإن كانوا يعيشون داخل أوطانهم، في حين يسعون دائمًا للبحث عن القليل من الحياة والأمل.
غالبًا ما تغفل الدراسات النقدية الأكاديمية بعض التجارب التي تفتقر إلى الصوت الإعلامي، مما يؤدي إلى إهمال بعض الأصوات الإبداعية المعزولة، مثل أولئك المبدعين في اليمن. كما قد تفتقر الحماسة تجاه الشعراء الذين لا يحظون بالدعوات إلى المهرجانات والفعاليات. يقدم عقبي مزيجًا من عدة تجارب، بعضها تم تناوله نقديًا بكثرة، بينما يظل البعض الآخر نادرًا ما يُسمع صوته.
يشير الناقد في مقدمة الكتاب إلى أنه دعوة للنقاد من أجل العدالة في النقد، وللتأمل في الكتابات الشعرية الجديدة التي تسعى لصياغة مناخ خاص بها، دون التقيد بالقيود النظرية.
يستحق هذا الكتاب القراءة والنقاش حول تحليلات وتأملات حميد عقبي. فهو لا يقدم مجرد معلومات أو دراسة أكاديمية صارمة، بل يعرض نماذج ونصوص تظل مفتوحة على التأويل. يصعب على أي ناقد تقديم تفسير شامل لها، وهذا هو سحر هذه النصوص، إذ تراوغ وتخفي معانيها، مما يدعو المتلقي للمشاركة في استكشافها. تفتح هذه التأملات آفاق التخيل وتدفع به إلى بعيدة، مما يفيد أي دراماتورج أو معالج مسرحي في معالجة هذه النماذج بشكل مسرحي، إذ تحمل في طياتها دراما وصورًا متحركة وخفية.
إسهامات حميد عقبي في الأدب والفن التشكيلي
يُعتبر كتاب "الشعر، الذات والوطن: تأملات في تجارب شعرية عربية" من بين خمسة كتب صدرت لحميد عقبي بدعم من الناشر والأديب صبري يوسف.
حميد عقبي هو مخرج وكاتب سينمائي ومسرحي، يتميز بتنوع نشاطاته الإبداعية، حيث يشارك في مجالات الفن التشكيلي والشعر، بالإضافة إلى كتابة الروايات والقصص القصيرة. أخرج عقبي عشرة أفلام قصيرة، وله 17 رواية تم نشرها في 15 كتابًا عن دور نشر متعددة في ألمانيا والمغرب العربي ومصر.
خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أصدر ستة أعمال شعرية ومجموعات قصصية ونصوص مسرحية، كما أن له كتبًا باللغة الفرنسية، وقد تُرجمت بعض أعماله إلى الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية.
بالإضافة إلى ذلك، يمتلك عقبي 11 كتابًا في النقد السينمائي وأربعة كتب في النقد الأدبي. أقام 11 معرضًا فنيًا تشكيليًا ومعرضًا فوتوغرافيًا في فرنسا. وهو ناشط ثقافي يدير المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح في باريس ، حيث ينظم ندوات نقدية وأدبية وفنية منذ عام 2018.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا
للاشتراك في قناة موقع يمنات على الواتساب انقر هنا

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جمالك أن تكون أنت
جمالك أن تكون أنت

اليوم السابع

timeمنذ 6 أيام

  • اليوم السابع

جمالك أن تكون أنت

في زحام هذا العالم، أصبح الناس يعيشون وكأنهم في سباق تتابع، كلٌّ يلتقط حياة غيره ويركض بها، ثم يُسلمها لآخر فتضيع البداية، وتُنسى النهاية. الحياة، يا عزيزي، لا تُقاس بما تملك، ولا بما يراه الآخرون فيك، بل تُقاس بما تشعره حين تضع رأسك على الوسادة آخر اليوم، هل عشت يومك كما تريد؟ أم كنت نسخة ممسوخة من أحدهم؟ عندما تختار أن تعيش حياتك أنت، بحُلوك ومُرك، بضعفك وقوتك، بقناعاتك لا قوالب الآخرين، تصبح الحياة لوحة رسم حر، لا نسخة مطبوعة من كتالوجٍ عام لا يحمل من الألوان إلا الرمادي. العيش في جلباب غيرك خيانة مزدوجة: خيانة لنفسك التي خُلقت فريدة، وخيانة لمن تقلده، لأنك لا تملك روحه، ولا عثراته، ولا قدره. المظاهر تخدع، والنجاحات المُعلّبة لا تُشبع جوع الروح، فكم من شخص عاش حياة غيره، فخسر حياته وحياة الآخر معًا! كلٌّ منّا يُولد بنسخته الأصلية، فلماذا يُصرّ البعض على الموت كنسخة مُقلّدة؟ الطريق إلى الذات ليس سهلاً، لكنه الطريق الوحيد الذي لا يُوصلك إلى الندم، قد تتأخر، تتعثر، تُخطيء العنوان أحياناً، لكنك على الأقل تسير إلى حيث قلبك يدلك، لا إلى حيث تشير أصابع الناس. في زمن "المقارنات السريعة"، صار الناس يعيشون على شاشات لا على أرض الواقع، يقيسون أعمارهم بعدد المتابعين، وأفراحهم بعدد الإعجابات، ويظنون أن السعادة في تقليد "الترند"، لا في البحث عمّا يُحرّك القلب بصدق. لكن الحقيقة عارية كالشمس: لا أحد يعيش مرتاحًا وهو يرتدي وجهًا ليس له، الحياة جميلة، نعم، لكنها لا تمنحك جمالها إلا حين تمنحها حقيقتك. أن تحب ما تفعل، أن تصادق من يشبهك، أن تسير بخطى غير مرتجفة لأنك لا تسير على حبال غيرك، هذا هو الجمال الحقيقي. قد لا تكون الأغنى، ولا الأنجح وفق معايير الكل، لكنك ستكون الأكثر صدقًا مع نفسك، والأقرب إلى السلام الداخلي، وهذا وحده كفيل بأن يجعل الحياة تزهر في عينيك كل صباح. فلا تجعل حياتك عرضًا مسرحيًا يحكمه تصفيق الغرباء، عشها كما لو كنت المؤلف والمخرج والبطل الوحيد، وعندها، فقط عندها، ستدرك أن الحياة لم تكن يوماً معقدة، بل نحن من عشنا تعقيد الآخرين على حساب بساطتنا.

"جماليات سينما نجيب محفوظ" في لقاءات ثقافية بالإسكندرية
"جماليات سينما نجيب محفوظ" في لقاءات ثقافية بالإسكندرية

الدستور

time١٨-٠٤-٢٠٢٥

  • الدستور

"جماليات سينما نجيب محفوظ" في لقاءات ثقافية بالإسكندرية

نظمت الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة اللواء خالد اللبان، عددا من اللقاءات التثقيفية والأدبية بفرع ثقافة الإسكندرية، ضمن فعاليات احتفال وزارة الثقافة بالأديب الكبير نجيب محفوظ، تحت شعار "محفوظ في القلب". نفذت الفعاليات بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، وتضمنت لقاء عقده قصر ثقافة الشاطبي بعنوان "جماليات سينما نجيب محفوظ"، أدار اللقاء الأديب علاء أحمد، وشهد حضور الفنان محمد شحاتة، مدير القصر. واستهله السيناريست والصحفي سمير الجمل، نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية، متناولا الدور الرائد لمحفوظ في تحويل الرواية إلى صورة سينمائية متميزة، موضحا مدى تفرد أعماله الأدبية وتنوعها، كما ألقى الضوء على اهتمام محفوظ بتصوير الحياة داخل الحارة المصرية، وهو ما تجلى بوضوح في أعماله، خاصة في "الثلاثية". من ناحيته، تحدث الفنان التشكيلي الدكتور خالد هنو، عن فن الأفيش السينمائي، وأساليب تصميمه، مع عرض وتحليل فني لمجموعة من أبرز الأفيشات الخاصة بالأفلام المستوحاة من أعمال الأديب الراحل. واختتم اللقاء بحديث عن مدى تأثره بنجيب محفوظ، مستعرضا بعض اللوحات التي رسمها والمستوحاة من كتاباته الأدبية. وفي قصر ثقافة الأنفوشي عقد لقاء بعنوان "نجيب محفوظ في عيون أدباء الإسكندرية"، أداره الشاعر جابر بسيوني، وتناول خلاله أبرز أعمال نجيب محفوظ الروائية، التي تحولت إلى أفلام سينمائية ومسلسلات إذاعية شهيرة، مشيرا إلى تعاون محفوظ مع كبار المخرجين، وعلى رأسهم المخرج صلاح أبو سيف، كما تحدث عن الجوانب الشخصية والإنسانية للأديب الراحل، متوقفا عند اهتمامه بالنقد المسرحي الذي عبّر عنه في مقالاته، بالإضافة إلى نشأته، وحصوله على جائزة نوبل في الأدب عام 1988. وكشف اللقاء بعض الجوانب الخفية في حياة محفوظ، منها حرصه الشديد على الخصوصية، وعشقه الكبير لمدينة الإسكندرية التي شكلت خلفية للكثير من أعماله، كما أشار إلى الشخصيات الأدبية التي تأثر بها محفوظ، وعلاقاته المتميزة بعدد من رموز الأدب، من بينهم توفيق الحكيم ويوسف إدريس. وواصل الأديب محمد عطية، اللقاء بحديث عن الأعمال الروائية التي كتبها نجيب محفوظ عن الإسكندرية، والتي تجلّت فيها المدينة كرمز ومعادل فني في إبداعه، ومن أبرزها روايات "ميرامار"، "يوم من أيام الخريف"، و"الطريق". وأشار عطية إلى الأثر العميق الذي تركه محفوظ في نفوس وكتابات أدباء الإسكندرية، مؤكدا أن أعماله الروائية والقصصية شكّلت مدرسة أدبية متفردة، وأثرت في أجيال متلاحقة من الكتّاب. وأضاف أن محفوظ لم يكن مجرد كاتب، بل ظاهرة أدبية متكاملة، استطاعت أن تفرض حضورها بقوة على المشهد الثقافي العربي والدولي، بفضل أعماله الخالدة التي ما زالت تحظى بقراءة وتأمل واسع. واختُتم اللقاء بحديث حول كتاب "الذات في مواجهة العالم... مقاربات في أدب نجيب محفوظ" الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، والذي قدم خلاله دراسة عن أعمال محفوظ، ويتناول خلال فصوله علاقة الأديب الراحل بالفلسفة والتصوف سرديا. وفي سياق متصل أقام بيت ثقافة 26 يوليو محاضرة بعنوان "نجيب محفوظ في القلب"، بمدرسة هدى شعراوي الثانوية للبنات، تناولت خلالها الباحثة زينب محمد طه، السيرة الذاتية لمحفوظ، ومسيرته الأدبية مشيرة إلى أنه أول أديب مصري وعربي يحصل على جائزة نوبل في الأدب. أما عن أعماله فامتازت بخصوصية المكان، حيث دارت جميع رواياته داخل مصر، وكانت "الحارة" رمزا في أغلب كتاباته، ومثلت عالما مصغرا يعكس المجتمع، كما تحدثت عن أعماله موضحة أن الأديب الكبير كتب أكثر من ثلاثين رواية، نالت معظمها شهرة واسعة وتم تحويل العديد منها إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية. وعن مظاهر تكريم الدولة له، بها قالت أُطلق اسمه على ميدان سفنكس الشهير بحي المهندسين في الجيزة عام 2001، وهناك شارع نجيب محفوظ المتفرع من كورنيش النيل بمنطقة العجوزة، وشوارع أخرى في مدينة نصر والمعادي. وفي عام 2010، أصدرت الهيئة القومية للبريد طابعا بريديا يحمل اسمه احتفاءً بالذكرى المئوية لميلاده، كما أطلقت مؤسسة الأهرام اسمه على إحدى أكبر قاعاتها، فضلا عن إطلاق اسمه على عدد من المدارس في أنحاء متفرقة من مصر. هذا ونظم نادي أدب قصر ثقافة برج العرب لقاء أدبيا، أدارته الشاعرة سلمى أبو سريس، واستهلته بتقديم نبذة عن نشأة محفوظ وبداياته الأدبية. من ناحيته تحدث د. فوزي خضر، عن أول لقاء جمعه بالأديب الكبير عام 1972، مشيرا إلى أن هذه المقابلة كان لها أثرا كبيرا في تشكيل وعيه الثقافي ومسيرته الأدبية، وأضاف أنه تقابل معه مرة أخرى عام 1991 في الإسكندرية، حيث منحه نجيب محفوظ شهادة تقدير لبرنامجه "كتابًا علم العالم". وتواصلت فعاليات اللقاء بنقاشات للدكتورة أحلام حسن عباس، حول تجربتها في ترجمة بعض أعمال محفوظ إلى اللغة الألمانية، منها رواية "زقاق المدق"، كما شهد اللقاء نقاشات حول عدد من أعمال محفوظ منها ثرثرة فوق النيل، والثلاثين بمشاركة الأديبة فاطمة علام وأحمد السندباد. واختتم اليوم بقصائد شعرية ألقاها الشعراء علاء الدين، علي شوقي، علي عبد الدايم، إيهاب سلام، ناصر صلاح الدين، وشروق أحمد، بجانب فقرة غنائية لدعاء أحمد، وذلك بحضور لمياء نعينع، مدير قصر ثقافة برج العرب. جاءت الفعاليات ضمن أنشطة فرع ثقافة الإسكندرية بإدارة د. منال بمني، وإقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، بإدارة محمد حمدي، ضمن البرنامج الثقافي المكثف الذي تقدمه الهيئة العامة لقصور الثقافة طوال شهر أبريل الجاري، بمشاركة نخبة من الأدباء والمفكرين، ويشمل أكثر من 100 فعالية ثقافية وفنية موزعة على محافظات الجمهورية، تتنوع ما بين عروض أفلام تسجيلية، معارض فنية، ورش حكي وكتابة، أمسيات شعرية، وندوات تثقيفية.

أجندة "الدستور" الثقافية اليوم الأحد 13 أبريل 2025
أجندة "الدستور" الثقافية اليوم الأحد 13 أبريل 2025

الدستور

time١٣-٠٤-٢٠٢٥

  • الدستور

أجندة "الدستور" الثقافية اليوم الأحد 13 أبريل 2025

يشهد اليوم الأحد 13 أبريل 2025، العديد من الفعاليات والأنشطة، ما بين عروض مسرحية وسينمائية، وأمسيات فكرية وثقافية ومعارض تشكيلية، نستعرض أبرزها في أجندة الدستور الثقافية. تفاصيل أجندة الدستور الثقافية ليوم الأحد يقيم مركز إبداع قبة الغورى -بشارع الازهر، في الثامنة مساء، حفلًا للملحن والمطرب وعازف العود، إبراهيم نصير. وفي السابعة مساء، ينظم بيت الشعر العربي، مركز إبداع الست وسيلة خلف جامع الأزهر، أمسية جديدة من أمسيات صالون الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي، والتي تقام هذا الشهر تحت عنوان 'الشعر في مناهج التعليم'. ويشارك في الأمسية كلًا من: د. يوسف نوفل، د. حسام بدراوى، د. أحمد عمار، الشاعر أحمد عايد، ويدير الأمسية الإعلامي د. محمد عبده بدوي. تتناول الأمسية حوار مفتوح عن الشعر فى مناهج التعليم وهو أعلى تمثّلات اللغة العربية دلاليا وجماليا، حيث أن من المهم مناقشة ما يطرح فى هذه المناهج من أشعار حفاظًا على محبة لغتنا القومية وسلامتها وتطورها بين الأجيال المتلاحقة. وضمن فعاليات الدورة السابعة لملتقي القاهرة الأدبي، تستضيف قبة الغوري، في الخامسة والنصف مساء، ندوة بعنوان ""القصة القصيرة وروح المجتمع المعاصر"، بمشاركة كل من الكتاب، إسماعيل يبرير، أليكس فاروجيا، سمير الفيل، ويدير اللقاء الشاعر د. حسام جايل. يليها في السابعة لقاء بعنوان "الأدب والسوشيال ميديا.. تسويق أم توجيه ذوق القراء"، بمشاركة كل من، تقي حسام، عبد الله محمد، إياد أسواني، وتديره تغريد الصبان. وتعقد بمكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك، في الرابعة عصرا، ندوة بعنوان "غذاؤك.. صحتك"، يتحدث فيها الدكتور مجدي نزيه، الأستاذ بالمعهد القومي للتغذية. وضمن عروض وفعاليات الدورة الأولى لمهرجان الفضاءات المسرحية المتعددة، والتي تقام بأكاديمية الفنون بالهرم، يستقبل مسرح مدرسة الفنون، في التاسعة مساء، عرض "المفتاح". وفي السابعة تحتضن خشبة مسرح نهاد صليحة عرض "الشك". وفي العاشرة يشهد المسرح الروماني عرض "جدول الضرب". وفي السادسة تعقد بقاعة ثروت عكاشة أمسية فكرية. وفي الخامسة والنصف مساء، تستضيف دار الأوبرا المصرية، بأرض الجزيرة، معرضًا بعنوان 'زينة وحكاية'، للفنان على محمد نور الشريف ويفتتح في رحاب قاعة زياد بكير للفنون التشكيلية وتستمر فعالياته حتى الإثنين 14 أبريل. ويضم المعرض حوالي 19 عمل فني يبرز دور المرأة فى الفنون الشعبية. ويستقبل المسرح الصغير بدارالأوبرا بأرض الجزيرة، في الثامنة مساء، حفلًا بعنوان 'أصابع البيانو2'، للدكتوره غادة شاكر. يتضمن البرنامج مجموعة من الأعمال العالمية التى كتبها كبار المؤلفين لآلة البيانو. بينما يستقبل المسرح الكبير، في الثامنة مساء، حفل لروائع عبد الحليم حافظ ويقوده المايسترو الدكتور محمد الموجى. يتضمن البرنامج مجموعة مختارة من الأعمال الخالدة للعندليب التى شكلت جانبًا من وجدان الشعب المصرى والعربى. وفي نفس التوقيت ــ الثامنة مساء ــ يشهد مسرح معهد الموسيقي العربية بشارع رمسيس، حفلًا ضمن سلسلة كلثوميات التى تقدمها فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية بقيادة المايسترو صلاح غباشى. ويتضمن البرنامج مختارات من أعمال سيدة الغناء العربى التى تعاونت فيها مع كبار الملحنين والشعراء خلال مشوارها الفنى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store