logo
خبراء يحرجون الحكومة بحلول جادة وفعالة بعد تعرض مؤسسات عمومية حساسة لأشرس هجوم سيبراني

خبراء يحرجون الحكومة بحلول جادة وفعالة بعد تعرض مؤسسات عمومية حساسة لأشرس هجوم سيبراني

أخبارنا١٧-٠٤-٢٠٢٥

شهد المغرب خلال الأسبوع المنصرم واحدة من أخطر الهجمات السيبرانية في تاريخه، تمثلت في تسريب كميات هائلة من الوثائق الرسمية والمعطيات الشخصية المتعلقة بملايين المواطنين والمؤسسات العمومية. الحادثة التي أثارت موجة استنكار واسعة داخل الأوساط المهنية والإعلامية، كشفت عن هشاشة مثيرة للقلق في منظومة الأمن السيبراني الوطني، وطرحت علامات استفهام كبيرة حول نجاعة البرامج الحكومية في حماية البنية الرقمية للمؤسسات والمواطنين.
المعطيات المسرّبة، التي تشمل وثائق إدارية حساسة وأخرى تتعلق بالحياة الخاصة للأفراد، لم تكن مجرد اختراق إلكتروني عابر، بل اعتُبرت من طرف مختصين بمثابة خرق صريح للسيادة الرقمية، وفضيحة تكشف ضعفًا بنيويًا في أنظمة حماية البيانات داخل عدد من القطاعات العمومية والحيوية.
كما تُعد هذه الحادثة مؤشرًا واضحًا على غياب استراتيجيات وطنية فعالة للوقاية من مثل هذه الهجمات، خاصة مع استمرار اعتماد مؤسسات الدولة على خدمات تخزين خارجية وبرمجيات أجنبية، في ظل غياب رقابة سيادية حقيقية.
في المقابل، وُجّهت انتقادات شديدة للحكومة، خصوصًا لوزارة الانتقال الرقمي، التي وُصفت بالمقصّرة في مواكبة التطورات المتسارعة في مجال الأمن السيبراني. واعتبر العديد من المتابعين أن الخطابات الرسمية حول رقمنة الإدارة وتحديثها لم تترجم إلى خطط واقعية ولا إلى مشاريع بنيوية قادرة على حماية المغرب من التهديدات السيبرانية المتزايدة. كما تساءل الرأي العام عن أسباب تجاهل الحكومة لخطورة الاعتماد على شركات أجنبية في تدبير معطيات حساسة تخص الدولة والمواطن، في وقت يتوفر فيه المغرب على كفاءات رقمية عالية لا تجد بيئة حاضنة أو دعمًا كافيًا.
عدد من المهنيين والخبراء في المجال الرقمي اعتبروا أن ما يحدث هو نتيجة مباشرة لسوء تدبير طويل الأمد، تغذّيه من جهة ثقافة الاعتماد على الخارج، ومن جهة أخرى عقلية الزبونية في إبرام صفقات التكنولوجيا، بدل اعتماد معايير الكفاءة والجاهزية. ويرى هؤلاء أن الحكومة فشلت في خلق منظومة رقمية وطنية حقيقية، بل وأهدرت سنوات من الفرص لبناء أمن رقمي مستقل وفعّال.
وسط هذا الواقع، تتصاعد المطالب بضرورة تحرك فوري وحازم، يتجسد في وضع خطة استراتيجية وطنية متكاملة للأمن السيبراني، ترتكز على إنشاء مراكز بيانات محلية مؤمّنة، وتطوير حلول تشفير وطنية، ودعم الشركات الناشئة المغربية المختصة في المجال، إلى جانب إصدار تشريعات صارمة لحماية المعطيات الشخصية على غرار التجارب الدولية الرائدة، مثل اللائحة الأوروبية لحماية البيانات (GDPR). كما طالب مختصون برفع الميزانية المخصصة للأمن الرقمي داخل المؤسسات العمومية، وتحويله إلى أولوية وطنية في السياسات الحكومية.
ويرى مراقبون أن تجاهل الحكومة لهذا الملف أو تأجيله سيضع المغرب في وضعية أكثر هشاشة أمام موجات جديدة من الهجمات الإلكترونية التي قد تمسّ قطاعات أكثر حيوية، من المالية إلى البنية التحتية إلى الأمن.
كما شدد ذات المراقبين على أن مستقبل السيادة الرقمية للمغرب بات على المحك، مشيرين إلى أن الخروج من هذا النفق يتطلب قرارًا سياسيًا شجاعًا، واستثمارًا وطنيًا واعيًا في الكفاءات، وفي بنية تكنولوجية مغربية مستقلة تضمن للمواطن حقه في الخصوصية، وتحمي الدولة من الابتزاز الرقمي والتبعية التكنولوجية.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل يجب قبول ملفات تعريف الارتباط؟ إليك ما يجب معرفته لحماية خصوصيتك
هل يجب قبول ملفات تعريف الارتباط؟ إليك ما يجب معرفته لحماية خصوصيتك

السوسنة

timeمنذ 4 أيام

  • السوسنة

هل يجب قبول ملفات تعريف الارتباط؟ إليك ما يجب معرفته لحماية خصوصيتك

السوسنة - أصبحت نوافذ "الكوكيز" المنبثقة جزءاً ثابتاً من تجربة تصفح الإنترنت، إذ لا يكاد موقع إلكتروني يخلو منها. وغالبًا ما تطلب هذه النوافذ منك "قبول الكل" أو "رفض الكل" أو تتيح لك "تخصيص الإعدادات". ورغم أنها تبدو مزعجة، فإن فهم كيفية عمل ملفات تعريف الارتباط (Cookies) وتأثيرها على خصوصيتك أمر مهم. ما هي ملفات تعريف الارتباط؟ملفات الكوكيز هي ملفات صغيرة يخزنها الموقع على جهازك لتذكّر معلومات معينة، مثل بيانات الدخول، تفضيلات اللغة، أو محتوى عربة التسوق. تُستخدم هذه الملفات أيضًا لتوجيه الإعلانات بناءً على سجل التصفح. أنواع الكوكيز:1. كوكيز الجلسة: مؤقتة وتُحذف عند إغلاق المتصفح.2. كوكيز دائمة: تبقى على جهازك لفترة أطول لتذكر تفضيلاتك. ماذا تعني خيارات القبول أو الرفض؟* قبول الكل: يتيح للموقع استخدام جميع أنواع الكوكيز، مما يوفر تجربة أكثر تخصيصاً، لكنه يقلل من خصوصيتك.* رفض الكل: يمنع استخدام الكوكيز غير الضرورية، ما يحمي خصوصيتك، لكنه قد يحد من بعض ميزات الموقع.* تخصيص الإعدادات: يتيح لك التحكم باختيار أنواع الكوكيز التي تريد السماح بها، وغالبًا ما يُفضل هذا الخيار.لماذا هذه النوافذ منتشرة؟هذا الانتشار نتيجة لقوانين مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي، التي تُجبر المواقع على:* الحصول على موافقة المستخدم الصريحة.* شرح ما يتم تتبعه.* منح المستخدمين القدرة على سحب الموافقة لاحقًا.ورغم أن هذه القوانين أوروبية، إلا أن العديد من المواقع العالمية تلتزم بها لتجنب الغرامات. نصيحة لحماية خصوصيتك:* اختر دائمًا "تخصيص الإعدادات" بدلاً من "قبول الكل".* استخدم أدوات خصوصية مثل [Cover Your Tracks]( التي تقدمها منظمة EFF لمساعدتك في الحد من التتبع.* احذف الكوكيز دوريًا من إعدادات المتصفح.* فعّل ميزات الحماية من التتبع المتوفرة في متصفحات مثل Firefox وSafari.في النهاية، اختيارك بين الراحة والخصوصية يعتمد على مدى حرصك على بياناتك الشخصية، لكن الأهم هو أن تكون على دراية بما توافق عليه.

"الكوكيز" وخصوصية التصفح ..  هل يجب "قبول" جميع ملفات تعريف الارتباط أم "رفضها"؟
"الكوكيز" وخصوصية التصفح ..  هل يجب "قبول" جميع ملفات تعريف الارتباط أم "رفضها"؟

روسيا اليوم

timeمنذ 4 أيام

  • روسيا اليوم

"الكوكيز" وخصوصية التصفح .. هل يجب "قبول" جميع ملفات تعريف الارتباط أم "رفضها"؟

وعادة ما تقدم هذه النوافذ المنبثقة خيارين: "قبول الكل" أو "رفض الكل"، مع إمكانية وجود خيار ثالث لإعدادات أكثر تخصيصا. ورغم أن هذه النوافذ قد تكون مزعجة، إلا أن فهم طبيعة ملفات تعريف الارتباط وآثار قبولها أو رفضها ضروري لحماية خصوصيتك الرقمية. ما هي ملفات تعريف الارتباط؟ ملفات تعريف الارتباط، أو "الكوكيز"، هي ملفات صغيرة تحفظها المواقع الإلكترونية على جهازك لتخزين معلومات تهدف إلى تحسين تجربة التصفح، مثل تذكر بيانات تسجيل الدخول أو تفضيلات اللغة وحجم النص. كما تستخدمها مواقع التسوق لعرض منتجات تناسب اهتماماتك بناء على سجل التصفح. وتستفيد منها شركات الإعلان لتتبع نشاطك وتوجيه إعلانات مخصصة. أنواع ملفات تعريف الارتباط 1. "كوكيز الجلسة" (Session Cookies): مؤقتة، تحذف تلقائيا عند إغلاق المتصفح (مثل تلك التي تحتفظ بمحتويات عربة التسوق). 2. "الكوكيز الدائمة" (Persistent Cookies): تبقى لفترات أطول (أيام إلى سنوات) لتذكر تفضيلاتك، مثل بيانات تسجيل الدخول في البريد الإلكتروني. ماذا تعني خيارات ملفات تعريف الارتباط؟ - "قبول الكل": تسمح للموقع باستخدام جميع أنواع ملفات تعريف الارتباط، بما في ذلك تلك الخاصة بالإعلانات والتتبع، ما يعني تجربة أكثر تخصيصا ولكن مع تقليل الخصوصية. - "رفض الكل": يقتصر على ملفات تعريف الارتباط الأساسية فقط (مثل تلك التي تجعل عربة التسوق تعمل)، ما يحمي خصوصيتك لكنه قد يحد من بعض الميزات. - "تخصيص الإعدادات": يتيح لك اختيار أنواع ملفات تعريف الارتباط التي تقبلها، مع رفض ملفات تعريف الارتباط للإعلانات. ملفات تعريف الارتباط والخصوصية: لماذا كل هذه النوافذ؟ يعود سبب انتشار هذه النوافذ إلى لائحة حماية البيانات العامة للاتحاد الأوروبي (GDPR) التي دخلت حيز التنفيذ عام 2018، والتي تفرض على المواقع: - طلب الموافقة الصريحة قبل استخدام أي ملفات تعريف الارتباط غير أساسية. - تقديم معلومات واضحة عما يتم تتبعه. - تمكين المستخدمين من سحب الموافقة أو تعديلها لاحقا عبر إعدادات الخصوصية. ونظرا لأن العديد من المواقع العالمية تلتزم بهذه القوانين لتجنب المشكلات القانونية، أصبحت النوافذ شائعة حتى خارج أوروبا. وإذا كنت قلقا من الموافقة على ملفات تعريف الارتباط غير المرغوب فيها، يمكنك حذفها يدويا من إعدادات إعدادات الخصوصية في الموقع (عادة ما تكون في أسفل الصفحة) وتغيير خياراتك. كما توفر منظمة Electronic Frontier Foundation أداة مجانية تسمى Cover Your Tracks لمساعدتك في تقليل التتبع. المصدر: إندبندنت حذّر خبراء في الأمن السيبراني من موجة جديدة من عمليات الاحتيال الخبيثة عبر "واتس آب"، التي تسببت في خسائر تقارب نصف مليون جنيه إسترليني منذ بداية عام 2025. شهد مستخدمو خدمة البريد الإلكتروني Gmail موجة متصاعدة من هجمات التصيد الاحتيالي في الأشهر الأخيرة، والتي تزداد تعقيدا يوما بعد يوم.

في هذا العصر.. ليس بالتكنولوجيا وحدها يعيش الإنسان!
في هذا العصر.. ليس بالتكنولوجيا وحدها يعيش الإنسان!

أخبار الخليج

timeمنذ 4 أيام

  • أخبار الخليج

في هذا العصر.. ليس بالتكنولوجيا وحدها يعيش الإنسان!

الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬من‭ ‬التقنيات‭ ‬المثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬العلمية‭ ‬والسياسية‭ ‬والثقافية‭ ‬والتربوية؛‭ ‬بسبب‭ ‬أن‭ ‬تطبيقاته‭ ‬دخلت‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭. ‬وأصبح‭ ‬واقعا‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬مجتمع‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يجاري‭ ‬التقدم‭ ‬والتطور‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنه‭ ‬ويغض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الاختراع‭ ‬المثير‭ ‬للعجب‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬اليوم‭ ‬ينعت‭ ‬باسمه‭.‬ لكن‭ ‬مع‭ ‬إيماننا‭ ‬الراسخ،‭ ‬بقدرات‭ ‬ومميزات‭ ‬هذا‭ ‬الابتكار‭ ‬العجيب،‭ ‬ودوره‭ ‬الفاعل‭ ‬في‭ ‬تسهيل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬حياتنا،‭ ‬وقناعاتنا‭ ‬بأن‭ ‬تقدم‭ ‬الدول‭ ‬وتطورها‭ ‬يمر‭ ‬عبر‭ ‬بوابته،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعفينا‭ ‬من‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الوجه‭ ‬المعتم‭ ‬لهذه‭ ‬التقنية‭ ‬الساحرة،‭ ‬والتنبيه‭ ‬إلى‭ ‬مخاطرها‭ ‬على‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تحبو‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬ولا‭ ‬داعي‭ ‬للتذكير‭ ‬بأن‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬عدة‭ ‬تعرقل‭ ‬تطور‭ ‬مسيرتها؛‭ ‬فالتعليم‭ ‬في‭ ‬بلداننا‭ ‬العربية‭ ‬لا‭ ‬يلبي‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬طموحاتنا‭ ‬ويسير‭ ‬ببطء‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬اتساع‭ ‬الفجوة‭ ‬العلمية‭ ‬بين‭ ‬دولنا‭ ‬والدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬عميقة‭ ‬وتظهر‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬عديدة،‭ ‬مثل‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والتعليم‭ ‬العالي‭.. ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يقلقنا‭ ‬هو‭: ‬إن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬سيعمق‭ ‬تلك‭ ‬المشكلات؛‭ ‬إذ‭ ‬سيساعد‭ ‬على‭ ‬انخفاض‭ ‬الدافعية‭ ‬نحو‭ ‬التعليم‭ ‬لدى‭ ‬المواطن‭ ‬العربي،‭ ‬ويجعل‭ ‬لسان‭ ‬حاله‭ ‬يقول‭: ‬لماذا‭ ‬أبذل‭ ‬جهدا‭ ‬في‭ ‬القراءة‭ ‬والتعلم‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬‮«‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‮»‬‭ ‬يوفر‭ ‬لي‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أريد‭ ‬من‭ ‬معلومات‭ ‬وبيانات‭ ‬ونصوص،‭ ‬ويقدمها‭ ‬لي‭ ‬على‭ ‬طبق‭ ‬من‭ ‬ذهب‭. ‬ لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬أصحاب‭ ‬هذا‭ (‬التخصص‭) ‬متحمسون‭ ‬لهذا‭ ‬الاختراع،‭ ‬ونحن‭ ‬لا‭ ‬نعترض‭ ‬على‭ ‬حماسهم،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬حقنا‭ ‬أن‭ ‬نذكرهم‭ ‬بأن‭: ‬ليس‭ ‬بالتكنولوجيا‭ ‬وحدها‭ ‬يعيش‭ ‬الإنسان،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬البوابة‭ ‬الوحيدة‭ ‬للدخول‭ ‬إلى‭ ‬التنمية‭ ‬والمستقبل‭. ‬لأننا‭ ‬نعي‭ ‬جيداً‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الاختراعات‭ ‬التي‭ ‬صنعها‭ ‬الإنسان‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬الخير‭ ‬والشر،‭ ‬وأن‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يوجهها‭ ‬إلى‭ ‬الخير،‭ ‬وهو‭ ‬أيضاً‭ ‬الذي‭ ‬يوظفها‭ ‬في‭ ‬الشر‭.‬،‭ ‬ونذكر‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬مخترع‭ ‬الديناميت‭ ‬‮«‬ألفرد‭ ‬نوبل‮»‬‭ ‬انتابه‭ ‬شعور‭ ‬بالذنب‭ ‬بسبب‭ ‬اختراعه‭ ‬المدمر‭ ‬للبشرية،‭ ‬وأراد‭ ‬أن‭ ‬يكفر‭ ‬عن‭ ‬ذنبه‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬الاختراع؛‭ ‬فأوصى‭ ‬بإنشاء‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للسلام‭ ‬لتمنح‭ ‬للأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يسهمون‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬السلام‭ ‬والوئام‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الاختراع‭ ‬العظيم‭ ‬‮«‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‮»‬‭ ‬لن‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬الاختراعات‭ ‬الأخرى‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬كله‭ ‬خيراً،‭ ‬وإنما‭ ‬يحمل‭ ‬في‭ ‬أحشائه‭ ‬مكامن‭ ‬الشر‭. ‬ المشتغلون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬يقولون‭: ‬إن‭ ‬المسألة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬وتشريعات‭ ‬وقوانين‭ ‬تنظم‭ ‬استخدام‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬ويرى‭ ‬هؤلاء‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬المتقدم‭ ‬قد‭ ‬قطع‭ ‬شوطاً‭ ‬بعيداً‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬وضع‭ ‬المعايير‭ ‬الدولية‭ ‬مثل‭: ‬اللائحة‭ ‬العامة‭ ‬لحماية‭ ‬البيانات‭ (‬ GDPR ‭)‬،‭ ‬وقوانين‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتنمية‭ (‬ OECD ‭)‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التشريعات‭ ‬الوطنية‭ ‬مثل‭ ‬قانون‭ ‬حماية‭ ‬البيانات‭ ‬الشخصية‭ (‬ PDPL ‭) ‬وقوانين‭ ‬مكافحة‭ ‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية‭. ‬ويزعم‭ ‬هؤلاء‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التشريعات‭ ‬كفيلة‭ ‬بالحد‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬سوء‭ ‬استخدام‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭.‬ ‭ ‬السؤال‭ ‬المهم‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬وضع‭ ‬التشريعات‭ ‬والقوانين‭ ‬يكفي‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي؟ الوقائع‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬القوانين‭ ‬لم‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬بدليل‭ ‬تزايد‭ ‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬يعلمنا‭ ‬أن‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية‭ ‬لم‭ ‬توقف‭ ‬الحروب‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وهي‭ ‬أيضاً‭ ‬لم‭ ‬تمنع‭ ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬إلقاء‭ ‬القنبلة‭ ‬الذرية‭ ‬على‭ ‬هيروشيما‭ ‬ونجازاكي‭ ‬اليابانيتين‭ ‬وتدميرهما‭. ‬ إن‭ ‬ما‭ ‬نحتاج‭ ‬له‭ ‬اليوم،‭ ‬هو‭ ‬إعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬إلى‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬ – ‭ ‬كالفلسفة‭ ‬وعلم‭ ‬النفس،‭ ‬وعلم‭ ‬الاجتماع،‭ ‬والعلوم‭ ‬السياسية،‭ ‬والأدب،‭ ‬والفنون‭ ‬وهي‭ ‬مجالات‭ ‬تبحث‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬الإنسان‭ ‬وجوهره‭: ‬كيف‭ ‬يفكر،‭ ‬ويتفاعل،‭ ‬ويعبر،‭ ‬ويحكم،‭ ‬ويتطور‭. ‬فهذه‭ ‬العلوم‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تسمو‭ ‬بالإنسان‭ ‬وتهيئه‭ ‬لفهم‭ ‬المتغيرات‭ ‬التي‭ ‬تنعكس‭ ‬آثارها‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬بدأت‭ ‬فيه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬تتحكم‭ ‬بشدة‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬حياة‭ ‬الفرد‭ ‬والمجتمع‭.‬ ‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالعلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬باتت‭ ‬حاجة‭ ‬مهمة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى؛‭ ‬لأنها‭ ‬هي‭ ‬السلاح‭ ‬الذي‭ ‬ندافع‭ ‬به‭ ‬ضد‭ ‬من‭ ‬تسول‭ ‬له‭ ‬نفسه‭ ‬سوء‭ ‬استخدام‭ ‬تقنيات‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تسعفنا‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬تقنية‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الإنجازات‭ ‬العلمية‭ ‬لخير‭ ‬الإنسانية‭.‬ ‭ ‬إن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬وحدها‭ ‬لا‭ ‬تنتج‭ ‬مجتمعات‭ ‬متوازنة،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬يصبح‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬ضرورياً‭ ‬لفهم‭ ‬المشكلات‭ ‬النفسية‭ ‬للاستخدام‭ ‬المكثف‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬وخصوصاً‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬أصبحوا‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬بالإدمان‭ ‬الرقمي‮»‬‭. ‬كما‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬أمس‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إحياء‭ ‬الفلسفة،‭ ‬وبعثها‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬لأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬ضرورية‭ ‬بحكم‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالأخلاق‭ ‬والضمير‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الثالثة‭.‬ إننا‭ ‬اليوم،‭ ‬أمام‭ ‬ثورة‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬جديد‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬الثورات‭ ‬الصناعية‭ ‬السابقة؛‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬غيرت‭ ‬من‭ ‬طريقة‭ ‬عملنا‭ ‬وحياتنا‭. ‬أما‭ ‬‮«‬ثورة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‮»‬‭ ‬فقد‭ ‬غيرت‭ ‬من‭ ‬طريقة‭ ‬تفكيرنا،‭ ‬ومشاعرنا،‭ ‬وقراراتنا‭. ‬وأصبح‭ ‬هذا‭ ‬الاختراع‭ ‬متغلغلا‭ ‬في‭ ‬كياننا،‭ ‬ولهذا‭ ‬فلن‭ ‬يكفينا‭ ‬إتقان‭ ‬المهارات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬التي‭ ‬تعيننا‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬معه‭ ‬كآلة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬نحتاج‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬‮«‬الأخلاقيات‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭. ‬لذا،‭ ‬لن‭ ‬نستطيع‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬‮«‬ثورة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‮»‬‭ ‬بحكمة‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لدينا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المشتغلين‭ ‬بهذه‭ ‬التقنية‭ ‬ثلة‭ ‬من‭ ‬المفكرين‭ ‬والفلاسفة‭ ‬وعلماء‭ ‬النفس‭ ‬والفنانين‭. ‬فمن‭ ‬دون‭ ‬هؤلاء‭ ‬ربما‭ ‬ننتج‭ ‬نهضة‭ ‬علمية‭ ‬ومجتمعا‭ ‬متقدما‭ ‬لكنه‭ ‬قد‭ ‬تغيب‭ ‬عنه‭ ‬العدالة‭ ‬وتغلب‭ ‬عليه‭ ‬الماديات‭.‬ إن‭ ‬المجتمعات‭ ‬التي‭ ‬ترنو‭ ‬إلى‭ ‬التقدم،‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تنمية‭ ‬قدرات‭ ‬أبنائها‭ ‬على‭ ‬الفهم‭ ‬والتحليل‭ ‬والربط‭ ‬والتفكير‭ ‬الأخلاقي‭. ‬والعلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬هي‭ ‬البئية‭ ‬الحاضنة‭ ‬التي‭ ‬تصقل‭ ‬فيها‭ ‬هذه‭ ‬القدرات،‭ ‬وتبنى‭ ‬فيها‭ ‬العقول‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬قيادة‭ ‬المستقبل‭. ‬ رب‭ ‬قائل‭ ‬يقول‭: ‬إن‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬متخمة‭ ‬بالمتخصصين‭ ‬بالعلوم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وهذا‭ ‬القول‭ ‬صحيح،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعطينا‭ ‬مبرراً‭ ‬لإلغاء‭ ‬هذه‭ ‬العلوم‭ ‬من‭ ‬جامعاتنا‭ ‬أو‭ ‬مدارسنا‭ ‬أو‭ ‬إهمالها‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بها؛‭ ‬فالدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬لم‭ ‬تلغ‭ ‬هذه‭ ‬العلوم،‭ ‬ولم‭ ‬تهملها،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬محتفظة‭ ‬بمكانتها،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬أساتذتها‭ ‬ومفكروها‭ ‬لديهم‭ ‬حظوة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬ويحتفى‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬أرقى‭ ‬الجامعات‭ ‬العريقة‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬عندنا‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭. ‬ في‭ ‬تقديري،‭ ‬إن‭ ‬مواجهة‭ ‬سوء‭ ‬استخدام‭ ‬تقنية‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطبيق‭ ‬إجراءات‭ ‬السلامة‭ ‬والمعايير‭ ‬الأخلاقية‭ ‬المعترف‭ ‬بها‭ ‬دوليا،‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التشريعات،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الرقابة،‭ ‬وتكثيف‭ ‬برامج‭ ‬التوعية‭ ‬والتدريب‭ ‬لسبب‭ ‬بسيط‭ ‬وهو‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نزال‭ ‬نعتمد‭ ‬على‭ ‬حلول‭ ‬ذكاء‭ ‬اصطناعي‭ ‬مطورة‭ ‬خارجيا،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬المعايير‭ ‬الأخلاقية‭ ‬لهذه‭ ‬الأنظمة‭. ‬ خلاصة‭ ‬القول،‭ ‬إننا‭ ‬لسنا‭ ‬ضد‭ ‬الولوج‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬وبالأخص‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬‮«‬ثورة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‮»‬‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬اليوم،‭ ‬لأن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬متغلغلة‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياتنا،‭ ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ندعو‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬إيجاد‭ ‬بيئة‭ ‬وحاضنة‭ ‬أخلاقية‭ ‬لهذا‭ ‬المولود‭ ‬الجديد‭ ‬حتى‭ ‬يتحصن‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأمراض‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬انحرافه‭ ‬عن‭ ‬مساره‭ ‬الصحيح،‭ ‬فيتحول‭ ‬إلى‭ ‬وحش‭ ‬كاسر،‭ ‬وشيطان‭ ‬يدمر‭ ‬القيم‭ ‬والفضائل‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬مساهمته‭ ‬في‭ ‬الارتقاء‭ ‬والسمو‭ ‬بها‭. ‬ولكي‭ ‬يظل‭ ‬عوناً‭ ‬للإنسان‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬والمشكلات‭ ‬التي‭ ‬تواجهه‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬المختلفة‭.‬

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store