logo
عيد الفصح المجيد ... دعوة للتمسك بالمحبة والسلام والعدالة

عيد الفصح المجيد ... دعوة للتمسك بالمحبة والسلام والعدالة

جفرا نيوز٢٠-٠٤-٢٠٢٥

جفرا نيوز -
يحتفل المسيحيون في مختلف أرجاء العالم بعيد الفصح المجيد الذي يحمل معه دعوة حية للتجدد، والتمسك بالمحبة، والعمل من أجل مستقبل يسوده السلام والعدالة.
وفي رسائل ملهمة، وجه رجال الدين المسيحي في الأردن كلماتهم إلى المؤمنين والعالم، مؤكدين أن القيامة ليست حدثا دينيا فحسب، بل مناسبة لها أبعاد روحية وإنسانية عميقة، وتتقاطع فيها القيم الإيمانية مع هموم الواقع، ليصبح العيد فرصة للصلاة من أجل الأوطان، وتجديد الالتزام برسالة الخير في عالم يعاني من الألم والتشظي.
وأكد الأرشمندريت الدكتور بسام شحاتيت، في رسالة بمناسبة عيد الفصح المجيد، أن الفصح ليس مجرد مناسبة دينية بل هو "تنفس الروح وقيام القلب، ورسالة للعالم بأن الموت ليس النهاية، وأن الحزن لا يغلب الفرح"، مضيفا أن الفصح، والذي يعرف "بعيد الأعياد"، يشكل ذروة المواسم الطقسية، حيث "تنحني الأحزان أمام فرح القيامة، ويتراجع الزمن أمام الأبدية".
وأوضح، أن الفصح يعلمنا أن الكلمة الأخيرة ليست لليأس، بل للرجاء، ولا للعنف والخراب، بل للمحبة التي تقوم من جديد، مشيرا إلى أن العالم، رغم ما يعانيه من حروب وآلام، لا يزال يحمل شعلة الأمل، لأن نور القيامة لا يطفأ، ولمسة الرحمة كفيلة بأن تميل كفة العالم نحو الخلاص.
وقال "حتى في تأخر الرجاء، نؤمن أن الله يسير معنا، حتى في أحلك الليالي، ويشرق علينا بفجر جديد محمل ببركاته ونعمته".
وفي ختام رسالته، رفع الأرشمندريت شحاتيت صلاته إلى الله العلي القدير من أجل المملكة سائلا أن يفيض عليها نعمه، ويحفظها في أمن وسلام وازدهار، تحت ظل القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبد الله الثاني، وولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، والأسرة الهاشمية الكريمة.
ودعا أن يحل فرح القيامة في قلوب الجميع، وينير سلام المسيح دروبهم نحو الخير والرجاء.
من جانبه، قال الأب بولص حداد، إن المسيحيين في الأردن والعالم، يحتفلون بعيد الفصح المجيد، المعروف أيضا بعيد القيامة، الذي يحل بعد أسبوع الآلام الذي يعد ذروة الحياة الليتورجية المسيحية، لما يحمله من رمزية دينية عميقة تتمثل في انتصار الحياة على الموت، والنور على الظلمة.
وأضاف إن المؤمنين يستذكرون في هذا العيد الآلام التي مر بها السيد المسيح، وأن رسالة القيامة تحمل في طياتها معاني عميقة من الفرح والرجاء، وهي تتجدد كل عام حاملة للبشرية جمعاء بشرى الانتصار والغلبة على الموت الذي يعد أول أعداء الحياة.
وقال إن هذه المناسبة تمثل دعوة للأمل، ومصدر إلهام لكل من يحمل نية طيبة، بأنه لا يأس بعد اليوم، ولا خيبات أو قنوط، لأن الحياة أقوى من الموت، وأكبر من حدود القبر.
وبين الأب حداد أن عيد الفصح هذا العام، يأتي والأردن يمر بتجربة وطنية حساسة، تفرض على الجميع التكاتف والوعي، في ظل محاولات بعض أعداء الحياة زعزعة أمنه واستقراره.
وأضاف إن الأردنيين، مسيحيين ومسلمين، يستظلون بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، ويستندون إلى إرث طويل من العيش المشترك والتآخي الوطني الذي يشكل نموذجا فريدا يحتذى به إقليميا ودوليا.
وأوضح أن الأردنيين في هذه المناسبة، يستذكرون نعمة الأمن والأمان التي ينعم بها الوطن، والتي تعد الركيزة الأولى لبناء أي مجتمع، في وقت تعاني فيه بعض الدول من فقدان الاستقرار، وما يحمله ذلك من فوضى وظلم، حيث يغدو الضعيف فريسة للقوي، ويغيب النظام، وتنطفئ روح الدولة.
ودعا في ختام حديثه إلى صون هذه النعم، وأن يديمها الله على الوطن وأهله، متمسكين بالوحدة الوطنية، ومتطلعين إلى مستقبل يسوده السلام والاستقرار.
بدوره، أكد الأب سامر عازر أن عيد قيامة السيد المسيح يمثل بارقة أمل متجددة تبعث في النفوس العزم والإصرار على العطاء، وتدعو إلى نبذ الخوف والألم والدمار، وتحقيق قيم الحياة الكريمة والحرية وحقوق الإنسان.
وقال إن فجر القيامة الذي بزغ في أول أيام الأسبوع ومع إشراقة الشمس، سيبقى شعاع نور وأمل في عالم يموج بالصراعات، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، حيث تتواصل مشاهد الدمار والتشريد والجوع ومعاناة الثكالى والمفجوعين.
وأضاف إن رسالة القيامة تدعونا جميعا، أفرادا وقيادات، إلى السعي نحو ترسيخ السلام وتحقيق العدالة والكرامة الإنسانية، وبناء مجتمعات متحضرة تقوم على العلم والمعرفة والقيم الأخلاقية والروحية التي نادى بها السيد المسيح، مؤكدا أن الشهادة لقيمة الحياة تتجلى في العمل من أجل حياة أفضل للجميع، تتسم بالسعادة والرضا والسلام الداخلي.
وأكد أن قيامة السيد المسيح هي دعوة متجددة لتجديد قلوبنا وزرع الحب والإيمان في عالمنا، سائلا الله أن يعم الفرح والسلام والمحبة بين الناس.
من جهتها، أكدت الأخت نادين شعبان من راهبات الوردية أن عيد الفصح المجيد لا يعد مجرد مناسبة دينية، بل هو إعلان للحياة الجديدة، وانتصار الرجاء على الموت والخطيئة.
وقالت إن مظاهر الاحتفال بعيد الفصح تبدأ أولا بالمشاركة في القداس الإلهي، إلى جانب اللقاءات العائلية والزيارات الاجتماعية، والتي يرافقها دائما فرح داخلي نابع من السلام،
ومن يعيش الفصح بعمق، يختبر معاني الغفران والمصالحة والحب غير المحدود، وتنعكس هذه القيم في الحياة اليومية، من خلال الغفران، وإعادة الانطلاق من جديد، واختيار النور في وجه الظلمة.
وتحدثت عن التغيرات التي طرأت على طقوس الاحتفال بالفصح مقارنة مع الماضي، موضحة أن "الاحتفالات سابقا كانت تتمحور حول التحضير الروحي من خلال الصوم والصلوات والقداديس، أما اليوم، ومع تسارع وتيرة الحياة وتطور التكنولوجيا، فقد تغيرت بعض العادات".
وتابعت إن هذه التغيرات أوجدت فرصا جديدة لعيش الإيمان بأساليب معاصرة، وأن الشباب أصبحوا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لنشر محتوى يعكس معاني العيد، عبر مقاطع قصيرة وأسئلة تفاعلية حول زمن الصوم والفصح.
وأكدت أن هذا التوجه "يعكس رغبة الشباب في التواصل مع إيمانهم بلغتهم وأسلوبهم، وهو أمر مفرح جدا، لأنه يبرهن أن القيامة ليست مجرد حدث تاريخي، بل مسيرة مستمرة في حياة كل مؤمن".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحاج جمال محمد القماز الخريسات في ذمة الله
الحاج جمال محمد القماز الخريسات في ذمة الله

عمون

timeمنذ 6 ساعات

  • عمون

الحاج جمال محمد القماز الخريسات في ذمة الله

عمون - انتقل إلى رحمة الله تعالى الحاج جمال محمد سالم القماز الخريسات (ابو خالد) والد خالد واحمد والفاضلة سارة وسيشع جثمانه الطاه يوم غد الخميس ٢٢-٥-٢٠٢٥ بعد صلاة الظهر من مسجد العيزرية الى مقربتها وتقبل التعازي في ديوان عشرة الخريسات / سوادا ولمدة ثلاثة ايام للرجال والنساء من الساعة الرابعة عصرا وحتى الساعة العاشرة مساء إنا لله وإنا اليه راجعون..

من كل بستان زهرة – 102- سواليف
من كل بستان زهرة – 102- سواليف

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ 11 ساعات

  • سواليف احمد الزعبي

من كل بستان زهرة – 102- سواليف

من كل #بستان #زهرة – 102- #ماجد_دودين مَثِّلْ وُقُوفَكَ يَوْمَ الْحَشْرِ عِريَانا … مُسْتَعْطِفًا قَلِقَ الأحْشَاءِ حَيْرانَا النَّارُ تَزْفُر مِنْ غَيْظٍ وَمِن حَنَقٍ … عَلَى العُصَاةِ وَتَلْقَ الرَّبَ غَضْبَانَا اقْرَأ كِتَابَكَ يَا عَبْدِي عَلَى مَهَلٍ … وَانْظُرْ إِليه تَرَى هَل كَانَ مَا كَانا لَمَّا قَرَأت كِتابًا لَا يُغَادِر لِي … حَرفًا وَمَا كَانَ فِي سِرٍّ وَإعْلانَا قال الجليل خُذُوْهُ يَا مَلَائِكَتِي … مُرُوا بِعَبْدِي إِلَى النِّيْرَانِ عَطْشَانًا يَا رَبِّ لَا تَخْزِنَا يَوْمَ الْحِسَابِ وَلا … تَجْعَلْ لَنَارِكَ فِيْنَا اليَوْمَ سُلْطَانَا اللهم ارزقنا أنفسًا تقنع بعطائك، وترضى بقضائك، وتصبر على بلائك، وتوقن بلقائك وتشكر لنعمائك وتحب أوليائك وتبغض أعداءك واغفر لنا ولوالدينا وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين. السعداء هم الذين تركوا الدنيا فأصابوا، وسمعوا منادي الله فأجابوا، وحضروا مشاهد التقى فما غابوا، واعتذروا مع التحقيق ثم تابوا وأنابوا، وقصدوا باب مولاهم فما ردوا ولا خابوا. قال ابن القيم في وصف عرائس الجنّة: فَاسْمَعْ صِفَاتِ عَرَائِس الْجَنَّاتِ ثُمَّ … اخْتَر لنَفْسُكَ يَا أَخَا العِرْفَانِ حُوْرٌ حِسَانٌ قَدْ كَمَلْنَ خَلائِقًا … وَمَحَاسِنًا مِنْ أَجْمَلِ النِّسْوَانِ حَتَّى يَحَارُ الطَّرْفِ فِي الْحُسْنِ الَّذِي … قَدْ ألْبِسَتْ فَالطَّرْفُ كَالْحَيْرَانِ وَيَقولُ لَمَّا أَنْ يُشَاهِدَ حُسْنَهَا … سُبْحَان مُعْطِي الْحُسْنِ وَالإِحْسَانِ وَالطَّرْفُ يَشْرَبُ مِن كِئوسِ جَمَالِهَا … فَتَراهُ مِثْلَ الشَّارِب النَّشْوَانِ كملت خلائقها وأكمل حسنها … كالبدر ليل الست بعد ثمان والشمس تجري في محاسن وجهها … والليل تحت ذوائب الأغصان فتراه يعجب وهو موضع ذاك من … ليل وشمس كيف يجتمعان فيقول سبحان الذي ذا صنعه … سبحان متقن صنعة الإنسان وكلاهما مرآة صاحبه إذا … ما شاء يبصر وجهه يريان فيرى محاسن وجهه في وجهها … وترى محاسنها به بعينان حمر الخدود ثغورهن لآليء … سود العيون فواتر الأجفان والبدر يبدو حين يبسم ثغرها … فيضيء سقف القصر بالجدران من كان داؤه المعصية، فشفاؤه الطاعة، ومن كان داؤه الغفلة، فشفاؤه اليقظة، ومن كان داؤه كثرة الأشغال، فشفاؤه في تفريغ المال. فمن تفرغ من هموم الدنيا قلبه، قل تعبه، وتوفر من العبادة نصيبه، واتصل إلى الله مسيره، وارتفع في الجنة مصيره، وتمكن من الذكر والفكر والورع والزهد والاحتراس من وساوس الشيطان، وغوائل النفس. ومن كثر في الدنيا همه، أظلم طريقه، ونصب بدنه، وضاع وقته، وتشتت شمله، وطاش عقله، وانعقد لسانه عن الذكر، لكثرة همومه وغمومه، وصار مقيد الجوارح عن الطاعة، من قلبه في كل واد شعبة، ومن عمره لكل شغل حصة. تَبْغِيْ الوُصُولَ بسَيْرَ فيه تَقْصِيْرُ … لاَ شَكَّ أنَّكَ فِيْما رُمْت مغْرُوْرُ قَدْ سَار قَبْلَكَ أَبْطَالٌ فَمَا وَصِلُواْ … هَذا وفي سَيْرهَمْ جِدٌ وَتَشْمِيْرُ يا مُدَّعِي الحُبَّ في شَرْعِ الغَرامِ وَقَدْ … أَقَامَ بَيَّنَةً لَكِنّهَا زُوْرُ أَفْنَيْتَ عُمْرَكَ في لَهْوٍ وفي لَعِبٍ … هَذَا وَأَنْتَ بَعْيدُ الدَّارِ مَهْجُوْرُ لَوْ كَانَ قَلْبُكَ حَيًا ذُبْتَ مِنْ كَمَدٍ … مَا لِلْجرَاح بَجِسْمِ المَيْتِ تَأْثِيْرُ لا تغتم إلا من شيء يضرك في الآخرة، ولا تفرح بشيء لا يسرك غدًا، وأنفع الخوف ما حجزك عن المعاصي، وأطال الحزن منك على ما فاتك من الطاعة، وألزمك الفكر في بقية عمرك. عليك بصحبة من تذكرك الله عز وجل رؤيته، وتقع هيبته على باطنك ويزيد في عملك منطقه. ويزهدك في الدنيا عمله، ولا تعصي الله ما دمت في قربه، يعظك بلسان فعله ولا يعظك بلسان قوله. خُذْ مَا صَفَا لَكَ فَالْحَيَاةُ غُروْرُ … وَالْمَوتُ آَتٍ وَاللَّبِيْبُ خَبِيْرُ لَا تَعْتِبَنَّ عَلَى الزَّمَانِ فَإِنَّهُ … فَلَكٌ عَلَى قُطْبِ الْهِلاكِ يَدورُ تَعْفُو السُّطوْرُ إِذَا تَقَادَمَ عَهْدُهَا … وَالْخَلْقُ فِي رِقِّ الْحَيَاةِ سُطُوْرُ كُلّ يَفرُ مِن الرَّدَى لِيَفُوتَهُ … وَلَه إِلَى مَا فَر مِنْهُ مَصِيْرُ فَانْظُرْ لنَفْسُكَ فَالسَّلَامَة نُهْزَةٌ … وَزَمَانُهَا ضَافِي الْجَنَاحِ يَطِيْرُ مِرْآةُ عَيْشِكَ بِالشَّبَابِ صَقِيْلَةٌ … وَجَناحُ عُمْرَك بِالْمَشِيْبِ كَسِيْرُ بَادِرْ فَإِنَّ الوَقْتَ سَيْفٌ قَاطِعٌ … وَالعُمْرُ جَيْشٌ وَالشَّبَابُ أَسِيْرُ بذكر الله تحيا القلوب من موت غفلتها فالله الله بالمداومة على ذكر الله سرًا وجهارًا ليلاً ونهارًا قيامًا وقعودًا ماشين ومضطجعين. ذاكر الله لا يستطيع الشيطان في ظله مقيلا، ذاكر الله لا يجد الشيطان إلى إغوائه سبيلا، ذاكر الله لا يزال شيطانه مدحورًا ذليلا، ذاكر الله قد تكفل الله بحفظه وكيف يضيع من كان الله به كفيلا، بذكر الله تطمئن القلوب وتحيا، قال الله تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: ٢٨]. وقال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: ١٥٢( وَالذِّكرُ فِيْهِ حَيَاةٌ لِلْقُلُوبِ كَمَا … تَحْيَا البِلَادُ إِذَا مَا جَاءَهَا الْمَطَرُ قال أحد الزهّاد: مَا لِي وَلِهَذَا الْخَلْق كنت فِي صلب أبي وحدي … … ثم صرت في بطن أمي وحدي … …ثم دخلت الدنيا وحدي … …ثم تقبض روحي وحدي … … ثم أدخل في قبري وحدي … …ثم يأتيني منكر ونكير فيسألاني وحدي … …فإن صرت إلى خير صرت وحدي … … ثم يوضع عملي وذنوبي في الميزان وحدي … …وإن بعثت إلى الجنة بعثت وحدي … … فما لي وللناس؟!! … .. قال الحسن البصري ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود. وَمَا الْمَرْءُ إِلَاّ رَاكِبٌ ظَهْرَ عُمْرِه … عَلَى سَفَرٍ يُفِنْيِه بِاليَوْمِ وَالشَّهْرِ يَبِيْتُ وَيُضْحِى كَل يَومٍ وَلَيْلَةٍ … بَعِيْدًا عَنْ الدُّنْيَا قَرَيْبًا إِلَى القَبْرِ فالذي ينبغي للإنسان أن يحافظ على وقته أعظم من محافظته على ماله، وأن يحرص على الاستفادة منه في كل لحظة فيما ينفعه في دينه وفي دنياه، مما هو وسيلة إلى الدار الآخرة. قال حكيم من أمضى يومًا من عمره في غير حق قضاه، أو فرض أداه، أو مجد أثله، أو حمد حصله، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه، فقد عق يومه وظلم نفسه. قال بعض العلماء أغلق باب التوفيق عن الخلق من ستة أشياء. انشغالهم بالنعمة عن شكرها. ورغبتهم في العلم وتركهم العمل. وإقبال الآخرة وهم معرضون عنها. والاغترار بصحبة الصالحين وترك الاقتداء بفعالهم. وإدبار الدنيا عنهم وهم يتبعونها. والمسارعة إلى المعاصي والذنوب وتأخير التوبة. وَكَمْ ذِيْ مَعَاصٍ نَالَ مِنْهُنَّ لَذَّةً … وَمَاتَ وَخضلَاّهَا وَذَاقَ الدَّوَاهِيَا تَصَرَّمُ لذات المعاصي وتنقضي … وتبقى تباعات المعاصي كما هيا فَيَا سَوْءَتَا وَاللهِ رَاءٍ وَسَامِعٌ … لِعَبْدٍ بِعَيْنِ اللهِ يَغْشَى الْمَعَاصِيَا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال أخذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بمنكبي فقال: «كن في الدنيا كَأَنَّكَ غريب أو عابر سبيل» وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك. رواه البخاري. قالوا في شرح هذا الحديث معناه لا تركن إلى الدنيا ولا تتخذها وطنًا ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها ولا تشتغل فيها إلا بما يشتغل به الغريب فقط الذي يريد الذهاب إلى أهله، وأحوال الإنسان ثلاث: حال لم يكن فيها شيئًا وهي قبل أن يوجد. وحال أخرى وهي من ساعة موته إلى ما لا نهاية له في البقاء السرمدي فإن لنفسك وجود بعد خروج الروح من البدن إما في الجنة وإما في النار وهو الخلود الدائم وبين هاتين الحالتين حالة متوسطة وهي أيام حياته في الدنيا فانظر إلى مقدار ذلك بالنسبة إلى الحالتين يتبين لك أنه أقل من طرفة عين في مقدار عمر الدنيا. يَا غَافِلَ الْقَلْبِ عَنْ ذِكْرِ الْمَنَيَّاتِ … عَمَّا قَلِيْل سَتُلْقَى بَيْنَ أَمْوَاتِ فَاذْكُر مَحَلَّكَ مِن قَبْل الْحُلُولِ بِهِ … وَتُبْ إِلَى الله مِنْ لَهْوٍ وَلَذَّاتِ إِنَّ الْحِمَامَ لَهُ وَقْتٌ إِلَى أَجَلٍ … فَاذْكُرْ مَصَائِبَ أَيَّامٍ وَسَاعَاتِ لَا تَطْمَئِنَّ إِلَى الدُّنْيَا وَزِيْنَتَهَا … قَدْ آنَ لِلمَوْتِ يَا ذَا اللَبِّ أَنْ يِأْتِي ليس العجب من انهماك الكفرة في حب الدنيا والمال فإن الدنيا جنتهم وإنما العجب أن يكون المسلمون يصل حب المال والدنيا في قلوبهم إلى حد أن تذهل عقولهم وأن تكون الدنيا هي شغلهم الشاغل ليلاً ونهارًا وهم يعرفون قدر الدنيا من كتاب ربهم وسنة نبيهم – صلى الله عليه وسلم – أليس كتاب الله هو الذي فيه {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} [الشورى: ٢٠) ويقول: {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً} [الإسراء: ١٩ . قال أحد العلماء رحمه الله تعالى أعلم أن الدنيا رأس كل خطيئة كما قال – صلى الله عليه وسلم – وقد صارت عدوة لله وعدوة لأوليائه وعدوة لأعدائه، أما عداوتها لله تعالى فلأنها قطعت الطريق بينه وبين أوليائه. ولهذا فإنه لم ينظر إليها منذ خلقها، وأما عداوتها لأوليائه فلأنها تزينت لهم بزينتها وغمرتهم بزهرتها وتزهت لهم بنضارتها حتى تجرعوا مرارات الصبر في مقاطعتها وتحملوا المشاق في البعد منها. وأما عداوتها لأعدائه فلأنها استدرجتم بمكرها ومكايدها واقتنصتهم بحبائلها وأقصدتهم بسهامها حتى وثقوا بها وعولوا عليها. فخذلتهم أحوج ما كانوا إليها وغدرت بهم أسكن ما كانوا إليها فاجتنوا منها حسرة تنقطع دونها الأكباد. وحرمتهم السعادة الأخروية على طول الآماد فانتبه يا من اغتر بها قبل أن يصيبك مثل ما أصاب المغترين بها. قال بعض العارفين إذا كان أبونا آدم عليه السلام بعد ما قيل له أسكن أنت وزوجك الجنة صدر منه ذنب واحد فأمر بالخروج من الجنة فكيف نرجو دخولها مع ما نحن مقيمون عليه من الذنوب المتتابعة والخطايا المتواترة. يجب على من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعدًا له ولا يغتر بشبابه وصحبته فإن أقل من يموت الشيوخ الطاعنين في السن. وأكثر من يموت الشبان خصوصًا في زمننا الذي كثرت فيه الحوادث ولهذا يندر من يكبر وقد أنشدوا: يَعَمَّرُ وَاحدٌ فَيَغُرُّ قَوْمًا … وَيُنْسَى مَن يَمُوتُ مِن الشَّبَابِ آخر: لَا تَغْتَرِرْ بِشَبَابٍ نَاعِمٍ خَضِلٍ … فَكَمْ تَقَدَّمَ قَبْلَ الشَّيْبِ شُبَّانُ ومما يعنيك على الجد والاجتهاد في الطاعة تصور قصر عمرك وكثرة الأشغال، وتصور قوة الندم على التفريط والإضاعة عند الموت، وطول الحسرة على البدار بعد الفوت. وتصور عظم ثواب السابقين الكاملين وأنت ناقص، والمجتهدين وأنت متكاسل، واجعل نصب عينيك ما يلي: قوله تعالى: {تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ} [يونس: ٣٠ وقوله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً} [آل عمران: ٣٠ وقوله تعالى: {يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} [النبأ: ٤٠ وقوله تعالى: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ} [الزمر: ٥٦ وقوله تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ [مريم: ٣٩ . فتصور الحسرة والندامة والحزن عندما ترى الفائزين. إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِن التُّقَى … وَأَبْصَرْتَ بَعْدَ الْمَوتِ مَن قَد تَزَودَّا نَدِمْتَ عَلَى أَنْ لَا تَكُونَ كَمِثْلِهِ … وَأَنَّكَ لَمْ تُرْصَدْ كَمَا كَانَ أَرْصَدَا فالبدار البدار والحذر الحذر من الغفلة والتسويف وطول الأمل فإنه لولا طول الأمل ما وقع إهمال أصلاً. وإنما يقدم على المعاصي ويؤخر التوبة لطول الأمل وتبادر الشهوات. وتنسى التوبة والإنابة لطول الأمل وتفقد أوقاتك وما عملت فيها من الذنوب. وتنسى التوبة والإنابة لطول الأمل فيا أيها المهمل وكلنا كذلك انتهز فرصة الإمكان وتفقد أوقاتك وما عملت فيها من الذنوب. فبادر في محوها بالتوبة النصوح وأكثر من الدعاء والاستغفار كل وقت خصوصًا أوقات الإجابة

الحاج رشيد ملحم (ابو رائد) في ذمة الله
الحاج رشيد ملحم (ابو رائد) في ذمة الله

جفرا نيوز

timeمنذ 14 ساعات

  • جفرا نيوز

الحاج رشيد ملحم (ابو رائد) في ذمة الله

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وببالغ الحزن والأسى، ننعى وفاة الحاج رشيد حسين ملحم (أبو رائد)، الذي انتقل إلى جوار ربه، وسيوارى جثمانه الثرى يوم الأربعاء بعد صلاة العصر في بلدة جديتا، نسأل الله عز وجل أن يغفر له، ويرحمه، ويتقبله مع الصالحين، ويجعل مثواه الجنة، وأن يربط على قلوب ابناءه وأهله وأحبّته، ويلهمهم الصبر والسلوان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store