
شيخ العقل: لا مظلَّة تقي مسيرةَ الدولة إلاّ الشراكة الروحية الوطنية
دعا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، اليوم الاحد، إلى مواجهة محاولات تشويه الهوية التاريخية، بالتأكيد على الثوابت الوجودية للمسلمين الموحدين الدروز، عقائدياً واجتماعياً ووطنياً، مهما تبدّلت الأحوال وانتصرت المخطّطات".
واعتبر، خلال رعايته مصالحة عائليّة، في بلدة رويسة البلوط (قضاء بعبدا) قاعة البلدة العامة بدعوة من عائلتي زيدان وخداج وعموم مشايخ وأهالي البلدة، ان "لا مظلَّة تقي مسيرةَ الدولة والعهودِ المتعاقبة والعهد الميمون الجديد إلاّ مظلّة الشراكة الروحية الوطنية التي نادينا بها وسنستمرّ ننادي، تأكيداً منّا بأن لبنانَ قويٌّ ومُصانٌ بتضامن قواه الوطنية وعائلاته الروحية، وتلك الشراكة هي أقوى وأمضى سلاحٍ، وهو ما يجبُ على الشعبِ التمسَّكُ به، لا بسواه".
وقال: "نلتقي وإيَّاكم اليومَ في رويسة البلوط، على نيّة المصالحة وطي صفحة الألم والخلاف، لنُعيدَ إلى نفوسِنا الراحةَ والأمان، ولنمسحَ من عيوننا دمعةَ الأحزان، مترفّعين عنِ طلب الأذى لأيٍّ منّا، راجين عفوَ الله الذي لا يُرجى سواه.
نلتقي اليومَ معاً في رحاب قريةٍ متنيةٍ من أجمل قرى الجبل، تختالُ كجاراتها بصنوبراتها وبما فيها كذلك من السنديان "وشجر البلُّوط"، ليكون الاسمُ على المسمَّى. نلتقي بين أهلٍ وعائلاتٍ هم بالحقيقة عائلةٌ واحدة في بلدةٍ تَختزن في تاريخها أجملَ حكايا الودِّ والنخوة والمروءة، بلدةٍ لم تُوسم مرَّةً بالخلاف والضغينة إلَّا لتُوسَمَ مرَّاتٍ ومرَّات، بالحكمة والمحبة والرحمة، ولتُعرفَ برجالها العقلاء وأبطالها الأشاوس، وقد كانوا وما زالوا يسطعون في سماء الجبل والوطن والعالم نجوماً مضيئةً بالمعرفة والأصالة، وهمماً عالية وقلوباً نقيَّة. هكذا هي حقيقةُ رويسة البلوط، وهذا هو تراثُها وحاضرُها ومستقبلُها، وها نحن نلتقي معاً برعاية الله، فنطوي الصفحةَ الرمادية التي لا تعبِّرُ عن حقيقتها، ونفتحُ الصفحةَ البيضاءَ النقيّة ليَكتُبَ عليها أهالي رويسة البلُّوط عباراتِ الودِّ والتسامح والمغفرة، وأدعيةَ الحمد والشكر والإيمان، وقصائدَ الجَمع والتلاقي، وثوابتَ التوحيد والوطنية".
اضاف: "نلتقي معاً، مشيخة العقل ومشايخ المتن وفاعلياته السياسية والاجتماعية، حاملين معنا التحيّة والمسؤولية من كلِّ من فوّضنا بعقد راية المصالحة، من الزعيم الوطني وليد بك جنبلاط إلى الأمير طلال أرسلان وسماحة الشيخ نصر الدين الغريب والمشايخ الأجلّاء، وكلِّ من واكب مسيرةَ المصالحة من قديمٍ ومن جديد، وكلِّ من حضر إلى جانبنا اليومَ، من الحزب التقدمي الاشتراكي إلى الحزب القومي والحزب الديمقراطي ، إلى كلِّ فردٍ من هذه البلدة والجوار مهما كان انتماؤه السياسي، إلَّا أننا واثقون أن ما يجمعُنا هو أبعدُ من خطٍّ سياسيٍّ وأعمقٌ من انتماءٍ عائلي، إنّما هو الهوية الروحية التوحيدية، والهوية الاجتماعيةُ المعروفية، والهوية الوطنيةُ والقومية، والهويةُ الإنسانية الواحدة. نلتقي وإياكم في مطلع سنة هجرية جديدة لنطلبَ الصَّفحَ منه تعالى عمَّا حصل في ديارنا منذ تسعة عشر عاماً في لحظة انفعالٍ وغضبٍ وتخلٍّ، ولنعقدَ رايةَ المصالحةِ البيضاءَ دلالةً على زوال الحقد وعلى انتصار المحبة بين أبناء العائلة الواحدة، ولنحيّيَ الأحبّاءَ أبناءَ المرحومَين أنيس زيدان وفوزي خداج وأقربائهم على موقفِ القَبول والوعي والتجاوب، فنضمِّدُ معهم الجراحَ بالرضا والإيمان، ونكظِمُ وإيَّاهم الغيظَ، ونَعفُو بعضُنا عن بعض، ونُحسنُ إلى من أحسن وإلى من أساء، واللهُ يُحبُّ المحسنين، "وَالَّذينَ صَبَرُوا ابتِغاءَ وَجهِ رَبِّهِم وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقوا مِمّا رَزَقناهُم سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدرَءونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولـئِكَ لَهُم عُقبَى الدّارِ".
وتابع: "حضرة المشايخ والأخوة الأفاضل، لم تكنْ هذه المصالحةُ لتحصلَ لولا عنايةُ الله سبحانه وتعالى وبركةُ مشايخنا الأطهار ودعاؤُهم، ولولا الشعورُ بالمسؤولية من قبل الجميع، والتصميمُ على الانتقال من ضَفّة الضغائن العقيمة الضيِّقة، إلى ضفَّة المحبةِ الغنيّة الرحيبة، فنزرع فيها بذارِ الإلفة والمودّة لتنموَ غرسةُ الأخوَّة كما ينمو الإيمانُ في القلوب والأرواح، ولتشمخَ شجرةُ المحبة في رويسة البلوط أعلى من شموخ صنوبراتِها الباسقات، فتُثمرَ اجتماعاً لشبابها لا مثيل له، كما تُثمرُ الحروفُ المجموعةُ المتجانسةُ كلماتٍ طيِّبةً وعباراتٍ مفيدةً وكتباً تُغذّي النفوسَ والعقول. وجميعُنا يعلمُ أن هذه المصالحة لم تكن كذلك لتكتملَ لولا مساعدةُ الأقربين، كباراً وشباباً، ولولا تعالي الجميع عن المطالب المعرقلة، ولولا حثُّ القيادة السياسية ودعمُها، ولولا توجيهٌ حازمٌ وحاسمٌ ويدٌ أبويّةٌ سخيَّةٌ لوليد جنبلاط كعادتِه في موقع الزعامة والإنسانية، ولولا استعدادٌ صادقٌ كذلك من أصحاب الجود والغيرة للمساهمة في احتواء تداعيات ما حصل، ولكلّ مَن مدّ يدِ العون إلى من أثّرت عليهم الحادثةُ فضاقت بهم سُبُلُ العيش واحتاجوا إلى تأمين المسكن اللائق، ممَّا يعزِّزُ قناعتَنا وثقتَنا بأننا في مواجهة الأقدار وتحدياتِ الحياة جماعةٌ لا يمكن أن تحيا إلّا بصدق اللسان وحفظ الإخوان، ولا ترتدي إلّا عباءة الأصالة التوحيدية، ولا تنطقُ إلا بكلمة الحقِّ والكرامة. ألا بارك اللهُ ببني معروف، أهلِ الفضل والعقل والمعروف".
ومضى يقول: "أيُّها الكرام...يمرُّ الإنسانُ بظروفٍ صعبة، لأنّ الحياةَ غيرُ مستقرَّة، ومسؤولياتِها متشعِّبةٌ وضاغطة، والصراعَ قائمٌ في داخل كلِّ واحدٍ منّا، وقائمٌ بيننا وبين مَن نعيشُ معهم، حتى في الأسرةِ الواحدة، وهناك خوفٌ كامنٌ من المجهول يترافقُ غالباً معَ ضغطٍ نفسي وتوتُّرٍ عصبي.
قلتُ ذلك في مصالحة كفرسلوان منذ سنةٍ ونيّف، وفي المصالحة بين أهلنا في عرمون وفي عيتات، وفي أكثرَ من مناسبةٍ مماثلة، بأنَّ علينا مواجهةَ الأمورِ بعقلانيةٍ وإيمانٍ وعدم السماح للنزق والغضب وسوءِ الظَّنِّ والانفعال أن يضعَنا في مهبِّ الريح وينتقلَ بنا من خطأٍ إلى خطيئة ومن سيِّءٍ إلى أسوأ، وإن كانت تلك هي طِباعُ البشر منذ القِدَم، فقابيلُ قتل أخاه هابيل "فأصبح من النادمين"، وإخوةُ يوسُفَ الصدّيقِ (ع) رمَوه في البئر ليتخلّصوا منه، ثمّ عادوا يطلبون الغفران قائلين: "يا أبانا استغفر لنا ذنوبَنا إنَّا كنّا خاطئين"، فالأجدرُ بنا ألَّا نُخطئَ أولاً، وأن نتروَّى في مواجهة الأمور، وأن نستغفرَ ثانياً ونطلبَ العفو إذا كان الخطأُ قد حصل، فالاستغفارُ من شِيَم الكبار، والعفوُ عند المقدرة من شيمِ الكرام ومن شيم الأنبياء والرسل (ع)، فها هو نبيُّ الله يوسفُ يعفو عن إخوته الذين حاولوا قتله وفرّقوا بينه وبين أبيه، فعفا عنهم عندما وصلوا إلى مصرَ وكان قادراً على الانتقام منهم. لكنّه سامحهم وترك أمرَهم لله، فهو العَفوُّ الغفور، "ومَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ" .
وقال: "أيُّها الأخوةُ والأحبّة، إنّنا اليومَ في مدرسة العفو والاستغفار عن كلِّ ما حصل، ورويسة البلُّوط تعفو وتسامحُ، وتُعلنُ أنّها جانبٌ أصيلٌ من طبق النُّحاس المعروفيِّ المُقدّس الذي إذا ما علا صوتُه في المتنِ سُمِعَ في الجانب الآخر من البلاد، وها هي تَصدحُ اليومَ عالياً بصوت الشرفِ والعنفوان، صوتِ الخيرِ والإيمان، صوتِ المحبةِ وحفظ الإخوان... صوتِ التسامحِ والغفران، فيُسمَعُ الصوتُ في كلِّ مكان. رويسة البلوط العائلةُ الواحدة والقلبُ الواحدُ، في رحابِها العامرة نلتقي فنرتقي، على نيَّة رأب الصَّدعِ وجمع الشمل، وعلى بركةِ الله وصوتِ دعاءِ الأجاويد وعلى صدى همّةِ الغيارى ووقعِ كلمات الرضا والتسليم والقَبول، نرفعُ الرايةَ البيضاءَ إلى جانب العمائم البيضاء وجباهِ الخيرِ الشريفة، ونُطلقُ قَسَمَ المصالحةِ من أفواه الطيِّبينَ المُتسامحين ومن أفئدة الأهلِ المتحابِّينَ من آل زيدان ومن آل خداج وجميع أبناءِ عائلات البلدةِ الكريمة مجتمعين، ليباركَه أبناءُ المتن الميامين وأهلُ الخيرِ والمعروفِ والدين".
واستطرد الشيخ ابي المنى: "حضرة المشايخ والأخوة الكرام في رويسة البلوط، ثقوا بأنَّ ما قمتم به اليوم يُثلجُ قلوبَ الموحِّدين، وسيكونُ موضعَ تقديرِ قادة الجبل ومشايخِ البلاد، وموضِعَ اعتزازِ مجتمع الموحدين الدروز وجميع المتنيين واللبنانيين، بل سيكونُ بمثابة كتابٍ تتعلَّمُ فيه الأجيال، ويتغذّى من دروسِه الرجال، ويقتدي بنهجِه الأبطال، وقد كنّا على يقين بأن أيّةَ مصالحة في قرانا تفتح الطريق أمام مصالحاتٍ أوسعَ وأشمل، وهذا ما نتمنّاه، وما نأمل أن يسمعُه ويعرفُ به أهلنا في كلّ بلدة وعائلة، فيسارعوا إلى التشبُّه والامتثال والعفوِ وطلبِ المغفرة، لقوله تعالى: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ".
وتابع:" إخواني، يا أبناء التوحيد والجبل الكرام، يكفينا ما مرّت به البلاد من محن وحروبٍ ومصائب وانهيارات مالية كادت تُطيح بآمال اللبنانيين وتهدمُ آخر ما تبقّى من بناء الدولة، حيثُ لم يعدْ يُفيدُنا إلا التماسكُ ووحدة الكلمة والعملُ معاً لرأب الصدّع أينما وُجد، ولمواجهةِ محاولات تشويه الهوية التاريخية بالتأكيد على الثوابت الوجودية للمسلمين الموحدين الدروز، عقائدياً واجتماعياً ووطنياً، مهما تبدّلت الأحوال وانتصرت المخطّطات، لكن "ما من شيءٍ يدوم إلّا الذاكرة الوطنية"، كما قال بالأمس وليد بك، وإلا الهوية والثوابت التي حافظنا عليها منذ مئات السنين بالرغم من تغيُّر الأمم ومداولة الدول. ميزتُنا في لبنان أننا مرنون وقادرون على التكيُّف مع الواقع ومنفتحون على العالم وعلى المستقبل ، وراسخون في انتمائنا القومي وفي التمسك بعمقنا العربي، ومعتزُّون بميزة التنوُّع والعيش الواحد، ومدركون أن لا مظلَّة تقي مسيرةَ الدولة والعهودِ المتعاقبة والعهدِ الميمونِ الجديد إلاّ مظلّة الشراكة الروحية الوطنية التي نادينا بها وسنستمرّ ننادي، تأكيداً منّا بأن لبنانَ قويٌّ ومُصانٌ بتضامن قواه الوطنية وعائلاته الروحية، وتلك الشراكة هي أقوى وأمضى سلاحٍ، وهو ما يجبُ على الشعبِ التمسَّكُ به، لا بسواه".
وختم ابي المنى: "شكراً لكم جميعاً، شكراً لمشايخ رويسة البلوط ووجوهها الخيِّرة، شكراً لأعضاء اللّجنة المواكبة من العائلتين، ولجميع من زارنا من المسؤولين والأهالي للمتابعة والتشاور، شكراً للأحبّاء آل زيدان وآل خداج الذين وقَّعوا بالأمس على ورقة الاتّفاق، والتي سنحفظها في ملفاتنا وقلوبنا، ولتكُن الأفكارُ من هذه اللحظةِ صافيةً نقيَّة، والقلوبُ نابضةً بالأريحية، والأيدي متصافحةً ومتشابكةً وقويّة، والألسنُ ناطقةً بالحقِّ تقولُ سويّا:
إنَّا عَقدنا على التوحيدِ رايتَناوصحوةُ العقلِ فاقت نبرةَ الغضبِ
كفٌّ تُصافحُ، بل قلبٌ يُصارحُ، بالفكرٌ يُصالحُ، بل فَيــضٌ من الأدبِ
ليكُنْ هذا هو قسَمُنا الدائم، ونحن نسجِّلُ في سجلِّنا الذهبيِّ يومَ 28 حزيران 2025 تاريخاً مجيداً يُضافَ إلى تواريخ المتن المشرِّفة، حامدينَ الله تعالى في كلِّ بَدءٍ وخِتام. آجركُم الله، والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
منذ ساعة واحدة
- المدن
عودة يطالب بمعاقبة القتلة.. وقبلان: الدولة معدومة السيادة جنوبًا
تساءل متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس إلياس عوده، خلال ترؤسه قدّاس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس، عن موعد انتهاء التطرّف والحقد وإقصاء الآخَر المختلف، وأعرب عن أسفه لإراقة الدماء، مؤكِّدًا قدسيّة حياة الإنسان وكرامته، وضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم. وقال: "أملُنا ألا تمرَّ جريمة دمشق، كسائر الجرائم الكثيرة، بلا عقاب. حياةُ الإنسان ليست مُباحة، وكرامته من كرامة خالقه، ولا يحقّ لأيّ مخلوقٍ أن يستهين بعمل الخالق، والإنسان أرقى ما خُلِق". ورفع الصلاة "من أجل شهداء كنيسة مار إلياس في دمشق، والمصابين وذويهم، سائلًا الله أن يمنح الجميع الصبر والعزاء، وأن يحفظ الكنيسة من كلّ شرّ، ويثبّت الإيمان في قلوب أبنائها". الراعي: لبنان بحاجة إلى مسيحيّين أحرار من جهته، أكد البطريرك المارونيّ بشارة الراعي، في عظة الأحد من بكركي أن "لبنان بحاجةٍ إلى مسيحيّين ثابتين، مُشرقين، أحرار، متجذّرين في الإيمان؛ لبنان بحاجةٍ إلى علمانيّين قدّيسين فاعلين، مُتغذّين من الأسرار والصلاة. فلنُصلِّ كي يمنح الله لبنان مسيحيّين قدّيسين، هنا والآن، لا ينتظرون ظُروفًا مثاليّة، بل يلتزمون القداسة في العمل والصلاة والخدمة والمحبّة والفرح والرجاء". قبلان: أهل الجنوب ليسوا هدية في سياقٍ متّصل، أكّد المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان أنّ "أهل الجنوب ليسوا هديّةً لأحد، والمقاومة التي استعادت لبنان طيلة عقود لن تقبل ببيع لبنان". وقال في بيانٍ مطوَّل: "لأنّنا في شهر مُحرَّم الحرام، ولأنّ القضيّة لبنان، ولأنّ الدولة دولةٌ بسيادتها وأسباب قوّتها وتاريخيّةِ تضحياتها وما يلزم من ملحمة تحرير لبنان من أخطر احتلالٍ إسرائيلي، فضلًا عن إصرارها على حماية بلدها وناسها، خاصة بعدما بسطت يدَها على جنوب النهر، ليتفاجأ الجميع بإسرائيل تسرح وتمرح دون أيّ ندّيّةٍ نسبيّةٍ من الدولة المعدومة الوجود؛ لذلك المطلوب إثبات قدرة الدولة على حماية ناسها وسيادتها، خصوصاً في جنوب النهر، وهذا ليس بالوارد، إلا إذا كان الجنوب والبقاع والضاحية وناسهم ليسوا من لبنان. والدولة في هذا المجال مُدانة ومقصِّرة جدًّا، وتعاقب ناسها عَمْدًا وبإصرارٍ مُبيَّت، بل غارقة بشُبهات مواقفها". وأضاف: "لا عُذرَ للدولة الّتي أخذت على عاتقها إثبات نفسها بجنوب النهر كقوّةٍ سياديّةٍ وضامنٍ أمني، وإذا بالإسرائيلي الذي ذاق مُرَّ الهزائم على يد المقاومة ـ لدرجة أنّه لم يستطع احتلال بلدةٍ مثل الخيام الحدوديّة ـ يتمدّد على طول بلدات الحافة الأمامية إلى ما وراءها، لينسف البيوت والبلدات على مرأى من الدولة المعدومة السيادة وإرادة القرار. اللحظة للبنان وسيادته بعيدًا عن لعبة الكواليس ومشاريع الخرائط، ولبنان وأهل الجنوب ليسوا هديّةً لأحد، والمقاومة التي استعادت لبنان طيلة عقود لن تقبل ببيع لبنان. وحيثيّة الشرعيّة اللبنانية تبدأ من سلاح المقاومة الذي حرّر لبنان، ومن انتفاضة 6 شباط، والقدرة الوطنية التي قادها الرئيس نبيه برّي لإنقاذ الدولة اللبنانيّة من أخطر صَهْينةٍ طالتها في الصميم، وليس ممّن لا يعرف ماذا يجري بالجنوب وسماء لبنان وصولًا إلى الضاحية والبقاع إلا إذا كان يعرف ولا يهمّه الأمر. اللعبة الإعلامية في البلد أشبه بموسادٍ عميقٍ يريد رأس المقاومة وناسها، وعينه على نحر الجنوب والبقاع والضاحية، والتسريبات السياسية والإعلامية أشبه بحربٍ؛ ونصيحة: لا تجرّبوا إطفاء نار الفشل السيادي بالبنزين، فالحرب على طائفةٍ بأكملها تعني خراب لبنان. ولِمَن يهمّه الأمر أقول: لن نُسلِّم رقبة لبنان لأحد، ومن يهمّه أمر الأمن والسيادة لا يضع عُنقه بيد واشنطن ومن خلفها إسرائيل". أبي المنى: لمصالحة وطنية إلى ذلك، رعى شيخ العقل لطائفة الموحّدين الدروز سامي أبي المنى، مراسم مصالحةٍ عائليةٍ في رويسة البلوط، ودعا في كلمة ألقاها إلى "مواجهة محاولات تشويه الهوية التاريخية للمسلمين الموحّدين الدروز بالتشبّث بالثوابت العقائدية والاجتماعية والوطنية، مهما تبدّلت الأحوال". ورأى أن "لا مظلّة تحمي مسيرة الدولة إلّا مظلّة الشراكة الروحية الوطنية التي نادى بها وسيواصل المناداة بها"، مؤكّدًا أنّ "لبنان قويّ بتضامن قواه الوطنية وعائلاته الروحية". وشدّد شيخ العقل على أنّ المصالحة بين العائلتين تمثّل "نموذجًا يحتذى" لطيّ صفحات الخلاف في القرى والبلدات اللبنانية، لافتًا إلى أنّ "كلّ مصالحةٍ في الجبل تفتح الباب أمام مصالحاتٍ أوسع وأشمل". وأثنى على "اليد الأبوية السخيّة" لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وعلى دعم رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الأمير طلال إرسلان، والشيخ نصر الدين الغريب، ومشايخ المتن، لإنجاز الاتفاق. وأضاف أبي المنى أنّ البلاد مرّت بـ"محنٍ ماليةٍ وانهياراتٍ كادت تطيح بآمال اللبنانيين"، داعيًا إلى "التماسك ووحدة الكلمة" في مواجهة الأزمات. واعتبر أنّ "الشراكة الروحية الوطنية" هي "السلاح الأقوى" لحماية الدولة في العهد الرئاسي الجديد. في ختام كلمته، توجّه الشيخ أبي المنى إلى اللبنانيين قائلًا: "يكفينا ما مرّت به البلاد من حروبٍ وانهياراتٍ مالية؛ لم يعد يفيد إلا التماسك ووحدة الكلمة والعمل معًا لرأب الصدوع". ورأى أن "ذاكرتنا الوطنية وثوابتنا التاريخية" هي التي صانت الوجود الدرزي في لبنان عبر القرون، مؤكّدًا استعداد الطائفة لـ"الانفتاح على المستقبل" مع الحفاظ على العمق العربيّ والهوية الوطنية الجامعة.


بيروت نيوز
منذ ساعة واحدة
- بيروت نيوز
القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة
أكد رئيس تكتل بعلبك – الهرمل النائب حسين الحاج حسن أن' العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، بدعم أميركي مباشر، يتمثل بالقتل والاغتيال والتدمير والتهديد اليومي'. وتوجه خلال المجلس العاشورائي المشترك الذي يقيمه' حزب الله 'وحركة' امل' في بلدة شعت، برسالة إلى الصديق والعدو، القريب والبعيد، قائلاً: 'أبالموت تهددوننا؟ إن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة'. وشدد على أن 'المقاومة كانت وستبقى صوت الحرية وخط الكرامة في مواجهة الطغيان'، معتبرًا أن من واجب الحكومة والمسؤولين في لبنان أن يدافعوا عن وطنهم، الذي التزم بكل مكوناته بالاتفاق في مواجهة العدو، فيما العدو لم يلتزم يومًا بأي اتفاق. وأضاف: 'على من يصفون أنفسهم برعاة الاتفاق أن يتحملوا مسؤولياتهم'، مشيرًا إلى أن 'الولايات المتحدة الأميركية منخرطة بالكامل في العدوان، تغطيه وتسلحه وتديره، وهي شريك أساسي في الإرهاب الصهيوني'. وختم الحاج حسن بدعوة المسؤولين اللبنانيين إلى' الدفاع عن سيادة البلد وأرواح أبنائه وأرزاقهم، بكل الوسائل المتاحة وكل أشكال الضغط والإمكانات، في مواجهة الغطرسة الصهيونية'. (الوكالة الوطنية للإعلام)


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
في ذكرى 30 يونيو.. الأوقاف: 23 مليار جنيه في إعمار المساجد و3.1 مليار للبر وتنفذ 268 ألف مقرأة قرآنية
في الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو، تبرز وزارة الأوقاف كنموذج يُحتذى به في دعم بناء الدولة الحديثة، وتعزيز الهوية الوطنية، وخدمة المجتمع فكريًّا وتنمويًّا، ضمن رؤية شاملة تبنّاها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ انطلاق الجمهورية الجديدة. فقد نجحت الوزارة في تحقيق إنجازات واسعة شملت مختلف المحاور الدعوية والاجتماعية والاقتصادية والقرآنية، لتقدم تجربة مؤسسية غير مسبوقة في تاريخها. المساجد والدعوة والسيطرة على الخطاب الديني من أبرز إنجازات الوزارة، إحكام السيطرة الكاملة على المساجد وضبط شؤونها، وقطع الطريق على العناصر المتطرفة، مع تكثيف الأنشطة الدعوية، واستحداث برامج جديدة مثل مجالس الإفتاء، مقارئ الجمهور، والبرنامج الصيفي للطفل، كما شهدت أوضاع الأئمة تحسينات مالية ومعيشية غير مسبوقة. وفي مجال عمارة بيوت الله، أنفقت الوزارة أكثر من 18.661 مليار جنيه، شملت إحلال وتجديد وصيانة وتطوير أكثر من 12,081 مسجدًا، وافتتاح 4960 مسجدًا من سبتمبر 2020 حتى نهاية يونيو 2024، منها 446 مسجدًا حصل على شهادة الاعتماد وضمان الجودة. خدمة المجتمع والبر بلغ حجم إنفاق الوزارة في مجال البر وخدمة المجتمع أكثر من 3.165 مليار جنيه، منها 200 مليون جنيه لدعم العملية التعليمية وبناء المدارس، و90 مليون جنيه لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة. كما تم توزيع 9045 طن لحوم أضاحي على 9.045 مليون أسرة، بإجمالي إنفاق بلغ 1.359 مليار جنيه. التأليف والنشر والتنوير أصدرت الوزارة 500 مؤلف ومترجم لنشر الفكر الوسطي المستنير، بينها 224 إصدارًا ضمن سلسلة "رؤية"، إضافة إلى إصدار أول ترجمة مصرية لمعاني القرآن الكريم بأربع لغات: الأردية، اليونانية، الهوسا، والعبرية. كما أهدت أكثر من 913 ألف كتاب لمختلف دول العالم. هيئة الأوقاف والعوائد الاقتصادية حققت هيئة الأوقاف المصرية صافي إيرادات وأرباح تجاوز 2.656 مليار جنيه لأول مرة في تاريخها، وسجلت أعلى إيراد شهري لها في مارس 2024، كما أصدرت الوزارة أعظم أطلس وقفي في العالم، مكوّن من 92 مجلدًا، لتوثيق أعيان الوقف. الإسكان والخدمات أنشأت الوزارة 17,313 وحدة سكنية وإدارية بتكلفة تجاوزت ملياري جنيه، شملت 15,055 وحدة إسكان اجتماعي، وعددًا من المدن الحرفية والأسواق الحضارية، من أبرزها مدينة الحرفيين بالغردقة وسوق الخميس بالمطرية. الدعوة العالمية والتعاون الدولي أوفدت الوزارة 1930 إمامًا وقارئًا، وساهمت الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية في كازاخستان في احتلال المركز الأول بين جامعات الدراسات الدينية هناك، كما تم تطوير المركز الثقافي المصري التابع للأوقاف في تنزانيا. المؤتمرات والمسابقات الدولية نظمت الوزارة 12 مؤتمرًا دوليًّا و10 مسابقات عالمية لخدمة القرآن وتعزيز دور مصر الريادي، كما قدمت 4854 منحة دراسية للطلاب الوافدين. التدريب والتأهيل والتمكين افتتحت أكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات، وبلغ عدد من التحق بالدراسات العليا أكثر من 6718 إمامًا وإداريًّا، فيما حصل 1727 منهم على رخصة الحاسب الدولية، وتم تنويع مجالات التدريب لتشمل اللغات، الحاسب، علم النفس، العلوم الشرعية، ومواجهة تحديات العصر. التعيينات والتمكين تم تعيين 3011 إمامًا، و4258 عاملًا، و143 فنيًّا وأخصائي تمريض، وتم الإعلان عن 6000 وظيفة إمام وعامل بنظام التعاقد، مع توفير آلاف فرص العمل بمشروعات هيئة الأوقاف، وتم تمكين المرأة في الوعظ والقيادة، والشباب في العمل الدعوي والإداري. الرعاية الصحية أنفقت الوزارة أكثر من 175 مليون جنيه في تطوير مستشفى الدعاة وتقديم الرعاية الصحية. القرآن الكريم وتعليمه شهد عام 2024-2025 نشاطًا غير مسبوق في خدمة القرآن الكريم: عقدت الوزارة 268,265 مقرأة، شملت مقارئ الجمهور (151,996)، السيدات (260)، النموذجية (1404)، الأعضاء (46481)، الأئمة (32292)، كبار القراء (52)، الواعظات (2600)، الفجر (33180). أقيمت 884 مجلسًا للإقراء على كبار القراء، و689 مجلسًا لمراكز تعليم التلاوة. نظمت 247,428 حلقة تحفيظ في مكاتب التحفيظ، منها 35,235 في المكاتب الرسمية، و212,193 في المكاتب بالمكافأة. نفذت 9984 حلقة ضمن برنامج التحفيظ عن بعد. عقدت 630 أمسية ابتهالية. تم تنفيذ 392,335 جلسة ضمن برنامج "صحّح قراءتك". المسابقات القرآنية والثقافية أقيمت مسابقات متنوعة شملت: المسابقة العالمية، المحلية، الثقافية الكبرى، الصوت الندي، مسابقة الأسرة في القرآن، مسابقات الطلاب الوافدين، مسابقة الكتاب المبين، وغيرها من المبادرات بالتعاون مع إذاعة القرآن الكريم.