
وسط تضارب في تصريحات نتنياهو.. رئيس الأركان يرفض احتلال غزة
ففي الوقت الذي يقول لقناة (سي إن إن 18) الهندية إن إسرائيل لن تضم غزة، يعود مجدداً ويتحدث أن هناك خططاً لنقل حكم القطاع إلى جهة مؤقتة دون أن يحددها.
وقال نتنياهو: «الحرب يمكن أن تنتهي بسرعة (غداً) إذا ألقت حركة حماس سلاحها وأفرجت عن جميع الرهائن الإسرائيليين دون قيد أو شرط».
في الوقت ذاته قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لـ«فوكس نيوز»: «ننوي السيطرة على قطاع غزة بالكامل لكن لا نريد الاحتفاظ به وحكمه»، موضحاً أنه يريد تسليم غزة لقوات مسلحة تحكمها بشكل ملائم.
وفي ذات السياق، أصر رئيس الأركان الإسرائيلي آيال زامير على موقفه الرافض لاحتلال غزة.
وكان زامير قد قال قبيل دخوله الاجتماع مع اللجنة الوزارية أنه سيواصل التعبير عن موقفه دون خوف وبشكل موضوعي، مستقل ومهني.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم: «رئيس الأركان آيال زامير رفض خطة توسيع العمليات العسكرية لتشمل جميع أنحاء غزة»، مبينة أن زامير أعرب عن مخاوفه بشأن إرهاق جنود الاحتياط ومستوى لياقتهم.
وأشار المسؤولون إلى أن هناك مخاوف بشأن مسؤولية الجيش عن حكم ملايين الفلسطينيين، مبينين أن قيادة الجيش تفضل وقفاً جديداً لإطلاق النار في غزة بدلاً من تصعيد القتال.
وأوضح المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون أن نتنياهو لم يتخذ قرارا نهائيا بعد بشأن توسيع الحملة العسكرية في غزة.
وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» قد نقلت عن زعيم حزب الديمقراطيين يائير غولان قوله: «الحكومة الإسرائيلية تتخلى عن المخطوفين لاعتبارات سياسية خصوصاً أن اتخاذ قرار باحتلال غزة يعني التخلي عن إمكانية إعادة المخطوفين».
أخبار ذات صلة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 20 دقائق
- الشرق الأوسط
إسرائيل... بعد قرارات «الكابينت»
لم تُحصِ إسرائيل بدقة خسائرها في حربها ذات الأسماء المتعددة: «السيوف الحديدية»، أو «حرب الجبهات السبع»، أو «حرب ترويض الشرق الأوسط»، أو «حرب تصفية القضية الفلسطينية»... مع أسماء كثيرة كان يؤلفها بنيامين نتنياهو وفق الحاجة. إسرائيل الرسمية ترفض تشكيل لجنة تحقيقٍ فيما حدث يوم «السابع من أكتوبر (تشرين الأول)» 2023، حيث التقصير الفادح، وما تلاه من حربٍ لم يحدث أن خاضت إسرائيل مثلها منذ تأسيسها، من حيث طول أمدها وانعدام إمكانات حسمها وفق الأهداف المعلنة لها. الامتناع عن إحصاء الخسائر بعد 22 شهراً من الحرب، والامتناع عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية، لا ينطويان على حكمةٍ يصدّقها الرأي العام في إسرائيل، بقدر ما هما هروبٌ من الحقائق، التي تضع المجتمع الإسرائيلي أمام فداحة ما حدث؛ مما يؤدي إلى اعتماد خياراتٍ عدة أقلها إطاحة طبقةٍ سياسيةٍ تتحمل مسؤولية الخسارات الفادحة، وضعف الإنجازات السياسية التي لا تتناسب مع ما دُفع في الحرب. في الشهر الـ22 وجدت إسرائيل نفسها كما لو أنها في الشهر الأول من الحرب، مع فارقٍ كارثي، ففي الشهر الأول كان هنالك إجماع شعبي يقف وراء الحكومة والجيش، أمّا في الشهر الـ22 فقد تبدد الإجماع الشعبي، ليحل محله انقسام عميق وواسع لم يتوقف عند حدود الاجتهادات السياسية والحزبية والاختلاف على الخيارات، وهذا كان يحدث دائماً في الحياة الإسرائيلية العامة، إلا إنه تطور ليصل في تأثيره إلى زعزعة أساسات الدولة ومؤسساتها السيادية وأيقونتها التاريخية «الجيش». هنالك تعبيران صدرا عن رجلين ذَوَيْ مكانةٍ مهمة في الحياة الإسرائيلية: إيهود باراك، رئيس الحكومة السابق والقائد العسكري البارز، فقد ذهب إلى حد الدعوة الصريحة إلى عصيانٍ مدنيٍ شامل، من شأنه شلّ مرافق الحياة في إسرائيل، بوصف ذلك وسيلة ضغط حاسمة على الائتلاف الحاكم؛ لإرغامه على الذهاب إلى انتخابات مبكرة، تُجمع التقديرات واستطلاعات الرأي على أن نتائجها لن تكون في مصلحته. والرجل الآخر زعيم المعارضة يائير لبيد، الذي كان في فترة سابقة رئيس حكومة، فقد وصف حالة إسرائيل بأنَّها تعيش كارثةً شاملة، فهي تحارب على جبهات عدة، بينما الشعب، ولأول مرة، منقسمٌ بشأن هذه الحرب، ويترافق ذلك مع انزياح الشارع عن الائتلاف الحاكم، بحيث تكرّست ظاهرةٌ قلّما حدث مثلها في إسرائيل، هي أقلية الائتلاف الحاكم في الشارع، وأغلبية المعارضة فيه. وبحكم النظام والقانون، فالأقلية في أخطر الأوقات هي التي تتخذ القرارات الأساسية. هذه الحالة التي وصلت إليها إسرائيل؛ الدولة والمجتمع والنظام، غير قادرةٍ على الخروج منها، وتأمين حدٍ أدنى من الاستقرار السياسي. لننظر إلى 3 أيامٍ تصلح لأن تعطي مؤشراً دقيقاً على الوضع العام في إسرائيل، وأزمات الخيارات والقرارات: اليوم الذي سبق اجتماع «الكابينت» الأخير شهد عاصفة تهديداتٍ وتوعدات باحتلال كامل غزة، ولأول مرة في تاريخ إسرائيل تُبحث قرارات عسكرية ذات طابع استراتيجي على الهواء مباشرةً، حتى خُيّل للعالم أن احتلال غزة واستيطانها وحكمها الأبدي من جانب إسرائيل بات حقيقةً واقعة، فقد انتعش الحديث عن الاستيطان والضم، وتهجير الفلسطينيين؛ إمّا إلى الداخل حيث جرى الحديث عن مدنٍ إنسانيةٍ بتكلفة عشرات المليارات، وإما إلى الخارج حيث يجري البحث عن دولٍ تستقبل أفواج المهجّرين. أمّا في اليوم الذي صدرت فيه القرارات ولم تكن بحجم التوقعات التي سبقت، فقد ظهرت بوضوحٍ شديدٍ أزمةُ القرار في إسرائيل، وأثرُ الاختلافات والانقسامات، وأشدها خطورةً تلك التي حدثت بين المستويين السياسي والعسكري؛ إذ انعكس الاختلاف على صيغة ومحتوى القرارات التي اتَّسمت لغوياً بالحسم، بينما تنفيذها اتَّسم بمرونةٍ ولعبٍ على عامل الوقت، مثلما يفضل الجيش. وفي اليوم الذي تلا القرارات والذي نحن فيه الآن، عاد الحديث مجدداً عن صفقة يجري إعدادها من قبل الوسطاء، وظهرت مؤشراتٌ على أن إسرائيل الرسمية مستعدةٌ للنظر فيها، مع احتمال قبولها مخرجاً من الحالة التي انزلقت إليها. إسرائيل، وهذه عادتها، تمارس سياسة الضغط العسكري لإحراز مكاسب سياسية، وتمارس الضغط على «حماس» لقبول صفقة تبادلٍ لا تُنهي الحرب، ولكنها تريح إسرائيل ولو بصورةٍ مؤقتة. إن ما يجري الآن داخل إسرائيل وعلى المستوى الدولي يُظهر بصورةٍ جلية أنها تضغط على نفسها أكثر مما تضغط على خصومها، وحتى مناورتها؛ فتكلفتها عالية ولا تقل عن تكلفة الحرب الفعلية، وهذا ما تقر به وتحذر منه مستويات عدة في إسرائيل وربما تكون الأغلبية.


الشرق السعودية
منذ 20 دقائق
- الشرق السعودية
روسيا وأوكرانيا على مفترق طرق: هل تثمر قمة بوتين وترمب عن اتفاق سلام؟
مع ارتفاع التوقعات بشأن القمة المرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، تُواصل موسكو وكييف التشبث بمواقفهما التفاوضية، وسط تحذيرات من أن بوتين قد يستغل اللقاء للضغط على أوكرانيا للقبول باتفاق لا يصب في مصلحتها. بحسب وكالة "أسوشيتد برس". وأشارت الوكالة إلى أن بوتين حافظ على مطالب بلاده المتشددة بشأن الحرب في أوكرانيا، رغم التهديدات والضغوط والإنذارات المتكررة، ما أثار مخاوف من إمكانية استغلال القمة المرتقبة مع ترمب لفرض تسوية غير مواتية على كييف. وترى موسكو في القمة المحتملة مع ترمب فرصة للتفاوض على اتفاق شامل لا يقتصر على تعزيز المكاسب الإقليمية التي حققتها روسيا فحسب، بل يضمن أيضاً منع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" واستضافة أي قوات غربية، بما يمهّد الطريق أمامها لإعادة كييف تدريجياً إلى دائرة نفوذها. وبحسب "أسوشيتد برس"، يعتقد بوتين أن عامل الوقت يصب في مصلحته، في ظل معاناة القوات الأوكرانية المنهكة ذات التسليح الأضعف في التصدي للتقدم الروسي على عدة محاور من خط المواجهة الممتد لأكثر من 1000 كيلومتر، بينما تتعرض المدن الأوكرانية لقصف مكثف من أسراب الصواريخ والطائرات المسيّرة الروسية. في المقابل، تمسك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بموقفه، ووافق على وقف إطلاق النار الذي اقترحه ترمب، لكنه شدد في الوقت نفسه على رفض بلاده التخلي عن سعيها للانضمام إلى الناتو، كما رفض الاعتراف بضم روسيا لأي من المناطق الأوكرانية. موقف روسيا بالنسبة لتفاصيل المواقف، أوضحت "أسوشيتد برس" أن روسيا عرضت في مذكرة قُدمت خلال محادثات إسطنبول في يونيو الماضي، خيارين لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً، تمثّل الأول في مطالبة أوكرانيا بسحب قواتها من دونيتسك ولوجانسك وزابوريجيا وخيرسون، وهي المناطق الأربع التي أعلنت موسكو ضمّها بشكل أحادي في سبتمبر 2022، رغم أنها لم تفرض سيطرتها الكاملة عليها. أما الخيار البديل، فتمثّل فيما وصفته موسكو بـ"المقترح الشامل" والذي تضمن وقف كييف لعمليات التعبئة العسكرية، وتجميد تسليم الأسلحة الغربية، ومنع وجود أي قوات أجنبية على أراضيها، كما طالبت بإنهاء الأحكام العرفية في كييف، وإجراء انتخابات تمهيداً لتوقيع معاهدة سلام شاملة. وبحسب الطرح الروسي، فإن أي اتفاق لوقف القتال يجب أن يتضمن "اعترافاً قانونياً دولياً" بضم موسكو لشبه جزيرة القرم عام 2014، والمناطق الأربع الأخرى في 2022. كما تشدد موسكو على أن معاهدة السلام يجب أن تنُص على إعلان أوكرانيا حيادها بين روسيا والغرب، والتخلي عن مساعيها للانضمام إلى الناتو، وتقليص حجم قواتها المسلحة، والاعتراف باللغة الروسية كلغة رسمية على قدم المساواة مع اللغة الأوكرانية، وهي شروط تعكس أهداف بوتين الأولية منذ بدء الحرب. كذلك تطالب روسيا أوكرانيا بحظر "تمجيد النازية والنازية الجديدة والدعاية لها"، وحل الجماعات القومية، وهي اتهامات دأب بوتين على تكرارها منذ اندلاع الحرب، مدعياً أن الجماعات النازية الجديدة تؤثر في السياسة الأوكرانية خلال عهد زيلينسكي، وهو يهودي الديانة، وقد قوبلت هذه المزاعم برفض واسع من كييف والدول الغربية. وترى موسكو أن معاهدة السلام الشاملة يجب أن تتضمن رفع العقوبات والقيود من كلا الجانبين، والتخلي عن المطالبات بالتعويض عن أضرار الحرب، واستئناف العلاقات التجارية والاتصالات، وإعادة تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ورداً على سؤال صحافي، الخميس، بشأن ما إذا كانت موسكو مستعدة لتقديم تنازلات لتمهيد الطريق لعقد لقاء بين بوتين وترمب، قال مستشار الكرملين للشؤون الخارجية، يوري أوشاكوف، إن الموقف الروسي "لم يتغير". الموقف الأوكراني: لا تنازل عن الأراضي في المقابل، أكدت المذكرة التي قدمها الجانب الأوكراني خلال محادثات اسطنبول على ضرورة وقف إطلاق نار شامل وغير مشروط لمدة 30 يوماً، كخطوة أولى لتهيئة الظروف لمفاوضات السلام. وجدّدت كييف رفضها القاطع للمطالب الروسية بالحياد، ووصفتها بأنها اعتداء مباشر على السيادة الأوكرانية، مشددة على حقها الكامل في اختيار تحالفاتها، ومؤكدة أن عضويتها في "الناتو" ستُحسم وفقاً لتوافق داخل الحلف. كما رفضت أوكرانيا أي قيود على حجم أو تركيبة قواتها المسلحة، أو على الوجود العسكري الأجنبي على أراضيها. وعارضت المذكرة الأوكرانية الاعتراف بأي مكاسب إقليمية حققتها روسيا خلال الحرب، لكنها أشارت إلى أن خط التماس الحالي يمكن أن يُستخدم كنقطة انطلاق للمفاوضات. وشددت المذكرة على ضرورة وجود ضمانات أمنية دولية، لضمان تنفيذ أي اتفاق سلام ومنع تكرار العدوان في المستقبل. وتضمّن المقترح الأوكراني للسلام أيضاً المطالبة بإعادة جميع الأطفال المرحّلين أو النازحين بشكل غير قانوني، إلى جانب تنفيذ تبادل كامل للأسرى، كما أبقت كييف الباب مفتوحاً أمام رفع تدريجي لبعض العقوبات المفروضة على روسيا في حال التزامها ببنود الاتفاق. ترمب يهدد موسكو بالعقوبات وكثيراً ما أعرب الرئيس الأميركي عن إعجابه ببوتين، بل تبنّى في أكثر من مناسبة مواقف قريبة من رواية الكرملين بشأن الحرب، وشهد المكتب البيضاوي في 28 فبراير الماضي مواجهة حادة بين ترمب وزيلينسكي، قبل أن يُخفّف الأول من حدة لهجته لاحقاً. ومع استمرار رفض بوتين وقف إطلاق النار وتصعيده للهجمات الجوية، أبدى ترمب استياءه من الرئيس الروسي، وهدد بفرض عقوبات جديدة على موسكو. ورغم ذلك، فإن موافقة ترمب على لقاء بوتين دون حضور زيلينسكي على طاولة المفاوضات أثارت مخاوف جدية في أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين، خشية أن يؤدي اللقاء إلى انحياز الرئيس الأميركي لموسكو أو إجبار كييف على تقديم تنازلات. وفي تصريحات مقتضبة، قال ترمب إنه "سيكون هناك تبادل للأراضي، بما يصب في مصلحة الطرفين"، في إشارة إلى ما قد يتضمنه أي اتفاق سلام سيناقشه مع بوتين خلال لقائهما المرتقب، الجمعة، من دون الخوض في التفاصيل. مخاوف من "مقايضات إقليمية" ومن جانبه، حذر بوتين مراراً من أن أوكرانيا ستواجه شروطاً أكثر صعوبة إذا لم تقبل مطالب موسكو، في وقتٍ تواصل فيه القوات الروسية التقدم في مناطق جديدة لبناء ما وصفه بـ"المنطقة العازلة". ويشير بعض المراقبين إلى احتمال استخدام روسيا هذه المكاسب الأخيرة كورقة تفاوض لمقايضتها بالأراضي التي أعلنت ضمها لكنها لا تزال تحت سيطرة القوات الأوكرانية. وقال سام جرين، الباحث بكلية "كينجز كوليدج" في لندن لـ"أسوشيتد برس"، إن هذا السيناريو "قد يمنح بوتين هامشاً واسعاً للمناورة، طالما تمكّن من استخدام هذه الأوراق لإجبار أوكرانيا على قبول اتفاق لا يلبي تطلعاتها، وكذلك لتهميش الدور الأوروبي بشكل فعّال". وأضاف جرين: "السؤال المحوري هو: هل سيوافق ترمب على ذلك؟ وهل يمتلك النفوذ الكافي لإجبار الأوكرانيين والأوروبيين على الالتزام به؟". وأشار جرين إلى أن بوتين قد يوافق على هدنة مؤقتة لكسب تعاطف ترمب، في إطار سعيه لتحقيق أهداف استراتيجية أوسع. وتابع: "قد يقبل بوتين بوقف لإطلاق النار طالما أنه سيُبقيه مسيطراً، من دون وجود رادع حقيقي يمنع تجدد العدوان في المستقبل... الرئيس الروسي يُدرك أن طريقه الوحيد لبلوغ هذه الغاية يمر عبر ترمب". وإشارة محتملة إلى اعتقاده بإمكانية التوصل إلى هدنة أو اتفاق سلام قريب، أجرى بوتين اتصالات مع قادة الصين والهند وجنوب إفريقيا، إلى جانب عدد من رؤساء دول الاتحاد السوفيتي السابق، في محاولة لإبلاغهم بالاتفاقيات المحتملة. ونقلت "أسوشيتد برس" عن تاتيانا ستانوفايا، الباحثة في مركز كارنيجي لروسيا وأوراسيا، قولها إن بوتين لن يتراجع عن أهدافه الأساسية. وكتبت ستانوفايا، عبر منصة "إكس": "مهما كانت صياغة الشروط، فإن جوهرها واحد، وهو أن تتوقف أوكرانيا عن المقاومة، وأن يوقف الغرب إمدادات الأسلحة، وأن تقبل كييف بشروط موسكو، التي تُشكل استسلاماً فعلياً". وأضافت: "يمكن للجانب الروسي تقديم هذه المطالب بأكثر من طريقة، ما يعطي انطباعاً زائفاً بأن موسكو منفتحة على تقديم تنازلات والتفاوض بشكل جاد، لكنها في الواقع لم تغير موقفها الجوهري، وهو استسلام أوكرانيا". وتوقعت ستانوفايا أن يوافق بوتين على لقاء زيلينسكي، لكنها أشارت إلى أنه لن يُقدم على ذلك إلا "إذا جرى الاتفاق مسبقاً على جدول أعمال ونتائج محددة سلفاً، وهو أمر قالت إنه "يصعب تصوره". وختمت بالقول: "السيناريو الأرجح هو أن تفشل هذه الجهود الجديدة للسلام، وهو ما سيكون تطوراً سلبياً بالنسبة لأوكرانيا، لكنه أيضاً لن يُحقق لبوتين كل ما يريد، على الأقل ليس بالطريقة التي يطمح إليه، ولذا فيبدو أن الصراع، بين فترات من الحرب المفتوحة وأخرى من التوتر المتصاعد، سيستمر في المستقبل المنظور".


الشرق الأوسط
منذ 20 دقائق
- الشرق الأوسط
زيت الفصائلِ على نار الخرائط
هل يمكن لخريطةٍ مهما كان حجمها أن تتَّسعَ لجيشين وسلطتين وقاموسين؟ وهلِ التعايشُ الإلزاميُّ مجردُ هدنةٍ بانتظار أن يتمكَّن جيشٌ من ابتلاع الآخر؟ وهل الصدام حتميٌّ بين الجيشين والسلطتين و«الدولتين»، لأنَّ زمن الفصائل يحرم الخرائط من زمن الاستقرار والاستثمار؟ وهل تعبتِ الخرائطُ من زمن الفصائل وقرَّرت الرّجوعَ إلى زمن الدولة الطبيعيةِ بعدما دفعت باهظاً ثمنَ عصر الميليشيات، وبغض النَّظر عن ذرائعِ وجودها؟ زمن الفصائل لم ينجح في ردع وحشيَّة جيش نتنياهو. بدأتِ القصة باجتماع في شقةٍ ببيروت ضمَّ حفنة من الناشطين الإيرانيين واللبنانيين غداة انتصار ثورة الخميني. كان السؤال المطروح هو كيف يمكن تحصين نظامِ الثورة ضد الأخطار التي يمكن أن تحدق به؟ كان رأي المشاركين أنَّ تجربة إطاحة حكومة محمد مصدق في 1953 تقدّم الدليلَ القاطع على عدم جواز الوثوق بالجيوش النظامية. وثمة من قال إنَّ هذه الجيوش ميَّالة بطبيعتها وتركيبتها إلى اغتنام أي فرصةٍ للانقضاض على أي مدٍّ ثوري أو تغييري. اعتُبرتِ الجيوش مصدراً محتملاً للأخطار لأنَّها قابلة للاختراق من قبل الاستخبارات الغربية. أُجمع الرأيُّ على ضرورة إيجاد جدار يمنع أي فريق في الجيش الإيراني من الانقلاب على الثورة. ويقول أنيس النقاش إنَّه كان أولَ من اقترح فكرة إنشاء «الحرس الثوري». ستنتقل التجربة الإيرانية، لكن بتنويعات مختلفة، إلى بلدان أخرى في المنطقة في سياق مشروع «محور الممانعة». بعد الغزو الإسرائيلي للبنان في 1982، وبموافقة من الرئيس حافظ الأسد، تعهَّدت إيران الخميني ولادة «حزب الله» اللبناني في أول ترجمة عملية لشعار «تصدير الثورة» المكرس في دستورها. وذهبت إيران بعيداً في مشروعها، وتحوَّل جنوب لبنان حدوداً إيرانية - إسرائيلية بعدما كان سابقاً حدوداً فلسطينية - إسرائيلية. وخلال حقبة المواجهاتِ مع إسرائيل اكتسب «حزب الله» هالةً ثم صار جيشاً وشبهَ دولة. وعلى رغم التركيبة التعددية للبنان، تحوَّل «حزب الله» صانعَ رؤساء وحكومات، وانتزع من الحكومة اللبنانية أهمَّ أعمدة شرعيتها وهو امتلاك قرار الحرب والسلم. لم يستشر «حزب الله» أحداً حين ذهب لإنقاذ نظام بشار الأسد في مهمة إيرانية دعمتها روسيا. ولم يستشر أحداً حين أعلن «جبهة المساندة» غداة اندلاع «طوفان» السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. الجيش السوري الذي كانَ يبالغ في تقدير قوّته تقلَّص دوره هو الآخر حين فشل في إنقاذ النظام، وجاء الحل على يد الميليشيات المؤيدة لإيران والغارات الروسية. ستحقق إيران نجاحاً آخر. تمكَّن الجنرال قاسم سليماني من تحويل فتوى السيستاني للمشاركة في القتال ضد تنظيم «داعش» إلى فرصة لتأسيس جيش موازٍ في العراق هو «الحشد الشعبي». طبعاً لا يمكن إنكار دور «الحشد» في مواجهة «داعش»، لكن الأيام الأخيرة في العراق عبّرت عن صعوبة أن تتَّسع الخريطة لجيشين وقاموسين. وإذا أضفنا إلى ما تقدم استيلاءَ الحوثيين على السلطة في اليمن، تكتمل ملامح المحور، الذي كان يشكل بالتأكيد نجاحاً غير عادي لإيران. تمكَّنت إيران من تطويق إسرائيل وبعض دول المنطقة. أسَّست مجموعة جيوش يمكن أن تنوب عنها وتبعد نار الحرب عن أراضيها. امتلكت أوراقاً حاسمة في أربع خرائطَ يمكن أن تحركها في أي مفاوضات جدية مع «الشيطان الأكبر». استلزم بناء هذا المحور إنفاق مليارات الدولارات وتدخلات لا تقرّها القوانين الدولية. رافقت البناءَ عملياتُ حفرٍ لشبكات هائلة من الأنفاق، وجهود يومية لتهريب الأسلحة، وضربات وتفجيرات واغتيالات. وبوجود المحور بدت إيران في صورة الأقوى في الشرق الأوسط. لكن هذا المحور سيتصدّع، وتتفكّك حلقاتُه بفعل ثلاثة أحداث هي: تفوق الآلة العسكرية الإسرائيلية على مختلف الجبهات، واغتيال حسن نصر الله زعيمِ «حزب الله»، وفرار بشار الأسد من سوريا. ترفض طهران تصديق الصورة الجديدة في المنطقة على رغم وصول الحرب إلى أجوائها وجنرالاتها وعلمائها. تجد صعوبة في الإقرار بأنَّ «طوفان السنوار» تحوَّل نكبةً للمحور. خسر المحور سوريا وهي حلقته الأبرز. وخسر «حزب الله» قدرتَه على محاربة إسرائيلَ أو ردعها. وخسرت إيران قدرتَها على الإطلال على إسرائيل من أراضٍ عربية مجاورة لها. يُضاف إلى ذلك أنَّ حكومات بغدادَ ودمشقَ وبيروتَ ترفع شعار «حصرية السلاح»، مطالبة بوضع الخرائط في عهدة الدساتير والجيوش، لا في عهدة الفصائل. والحقيقة أنَّ بغداد استنتجت، وفي ضوء التجارب، أنَّها لا تستطيع الحديث عن استقرار وازدهار واستثمار إذا كان باستطاعة مسيّرات يحركها «القطاع الخاص» مهاجمة رادارات أو حقول نفطية، أو باستطاعة عناصر من «الحشد» معاقبة القوى الأمنية الرسمية. وارتباك البرلمان العراقي في موضوع مناقشة إقرار قانون الحشد لا يقتصر على التبرم الأميركي وحده على رغم أهميته. تصريحات علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني، الأخيرة، تعكس رفضَ طهرانَ التعامل بواقعية مع المتغيرات. عارض ولايتي قرارَ الحكومة اللبنانية نزعَ أسلحةِ كلّ الفصائل، بينها «حزب الله»، متناسياً أنَّ لبنان يريد العودة دولة طبيعية تصنع قراراتها في مؤسساتها. قالَ ولايتي أيضاً إنَّ «الحشد الشعبي» يؤدي في العراق دوراً مشابهاً لما يؤديه «حزب الله» في لبنان. وفي دليل جديد على حجم التغييرات، أدانتِ الخارجيةُ اللبنانية تصريحاتِ ولايتي واعتبرتها تدخلاً سافراً في شؤون لبنان الداخلية. يحلم العراقيون بقيام دولة طبيعية. يرتكب السوريون واللبنانيون الحلمَ نفسه. الأكثرية تريد الدولة الطبيعية. الفصائل ليست السبب الوحيدَ لحرائق الخرائط، لكنَّ وجودَها يمنع الخرائطَ من ترسيخ مؤسساتها ومن محاربة الفساد وتنفيذ خطط التنمية. زمن الفصائل يضعف الحصانةَ ويبدّد الثروةَ الأهم التي يمكن أن يمتلكَها أي بلد، وهي ثروة الاستقرار في ظلّ حكم القانون. تشجيع الفصائل على التَّمسك بترساناتِها ينذر بأيامٍ صعبة في أكثرَ من مكان. رفض الدولة الطبيعية يعنِي صبَّ زيتِ الفصائل على نار الخرائط.